بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. ما لك يوم الدين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين. واشهد ان سيدنا ونبينا محمد ان عبد الله ورسوله صادق الوعد الامين صلوات ربي وسلامه عليه. وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين وصحابته في الغر الميامين والتابعين لهم ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد. فاشرقت شمس الخميس لتقبل ليلة الجمعة دهرة وضاءة مشرقة ترفرف معها قلوب المحبين من امة محمد صلى الله عليه وسلم. بالصلاة والسلام على النبي الاكرم نبي الهدى والرحمة امام الامة وقائدها. حبيب القلوب وانسها وبهجة القلوب بعدها محمد صلى الله عليه واله وسلم. تقبل ليلة الجمعة فتقبل معها القلوب المحبة صلاة وسلاما من على النبي القائل اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. وهو القائل بابي وامي عليه الصلاة والسلام. فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. الصلاة على نبينا صلى الله عليه وسلم لون من الوفاء عزيز يا امة الاسلام. وتعبير عن المحبة رقيق ايها الكرام. كلما اشتغل احدنا بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم مستحضرا فظله وجلاله وكماله مستحضرا حقه العظيم على امته عليه الصلاة والسلام كان ذلك ادعى الى الاكثار من هذا الباب. والى الاستزادة من الصلاة والسلام عليه عليه الصلاة والسلام وهي اكد ما تكون في ليلة كهذه امة الاسلام. ليلة الجمعة هي جمعة القلب المنيب وواحة خضراء تنبت زاهي الاشجار. صلوا على خير الانام وسلموا في يومها يا موكب الاخيار. فصلى الله على رسوله وعبده محمد بن عبدالله وسلم تسليما كثيرا ونحن في هذه الليلة نقلب صفحات من كتاب الشفا للقاضي عياض ابن موسى الاحصبي رحمة الله عليه. الشفا بتعريف حقوق المصطفى عليه عليه الصلاة والسلام. هذه الحقوق نتعلمها نزداد بها ايمانا. نقترب بها من رسول الامة عليه الصلاة والسلام حبا ووفاء. نقف على جوانب ما زلنا نقلب صفحاتها في ثاني ابواب الكتاب. التي خصها المصنف رحمه الله تعالى في بيان ما اكمل الله عز وجل لنبيه المحاسن خلقا وخلقا. وما زينه وما حلاه وما جمله وكمله به عليه الصلاة والسلام مضت فصول هذا الباب تباعا. وكل فصل جعل فيه المصنف رحمه الله تعالى معنى من هذه المعاني التي تبوأ بها المصطفى عليه الصلاة والسلام عرش العظمة بين البشر. وتبوأ بها رفيع المكانة بين الانام واحتل بها في كتاب الله من الايات التي تتلى الى يوم القيامة تنويه الذكر ورفعة الشأن وعظمة القدر. صلوات الله وسلامه سلامه عليه وصولا الى هدف عظيم هو صدق الايمان بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم هو صدق الحب لهذا الكريم عليه الصلاة والسلام هو تمام التعظيم والاجلال والاكرام له عليه الصلاة والسلام كل ما تقدم في فصول هذا الباب وما سيأتي وما يمر بنا الليلة وبعدها تباعا كلها تأتي في هذا الطريق تنصب لنا اعلاما نسير على ضوئها. ونحن نهتدي بهداها في ضمن ما جاء في كتاب الله وفي سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. نحن نرتوي بقلوبنا حبا له عليه الصلاة والسلام. ونؤسس في نفوسنا قاعدة راسخة لواحدة من اوجب واجبات الايمان. وقاعدة من قواعده العظام. اما ان الايمان يقوم في القلوب على قواعد ولابد لهذه القواعد ان تكون راسخة. ولابد لبنيانها الذي يقوم عليها ان يكون شامخا. الرسوخ والشموخ من اجل الا تزعزعه الاعاصير ولا تؤثر فيه الرياح العاتية ولان لا تحرفه الاموال ولان لا يؤثر فيه شيء مما عصف اليوم بقلوب المسلمين وايمانهم واسلامهم تؤسس هذه القواعد على ضوء من العلم وبصيرة من الهدى الذي جاء في كتاب الله وفي سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام هذا باب من الايمان اذا نتعلمه نتصفحه نقرأه نروي به القلوب بهذا المعنى الكبير. وفي المقابل انما نؤسس لمعنى اخر ان يكون ايماننا العام بمحمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام اكثر دقة وتفصيلا معرفة بواجباته وحقوقه. من اجل ان يكون حبنا ايضا لرسول الله عليه الصلاة والسلام ليس مجرد عبارة تقال ليس مجرد عبارة تقال ولا شعار يرفع ولا مناسبات تعقد انما هو حب يغرس في القلوب. ومنهج تختطه الافئدة من اجل ان يتحول الحب لنبي الامة عليه الصلاة والسلام منهاج حياة. واسلوب معيشة نقتفي فيها السنن نطبق فيها الهدي النبوي الكريم. لانه كلما كان الحب لرسول الله عليه الصلاة والسلام اتم كانت الطاعة اصدق وكان الاستنان اكبر وكان الكمال في حياة احدنا بالاقتراب من حياة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. مضت فصلان سابقان فيها الحديث عما يمدح به من خصال الفطرة. وصفات البشرية لكن هذه الخصال منها ما يمدح بكثرته. وذكر فيه النكاح والجاه. ومنها ما يمدح بقلته وذكر فيه المنام والطعام ثم عقب المصنف رحمه الله بفصل ثالث بعد هذين ذكر فيه ما تختلف الحالات في التمدح بكثرته وقلته يعني ثمة امور في هذه الحياة ليس يمدح صاحبها بالكثرة مطلقا كما في النكاح والجاه ولا يمدح بقلته مطلقا كما في الطعام والمنام. لكنه تختلف الاحوال بحسب ما يقوم به المرء مع مثل هذا وخص الحديث فيه عن المال. نعم فالمال ليس ممدوحا كثرته في يد ابن ادم كما هو ليس مذموما قلته في يد ابن ادم انما الشأن في طريقة ابن ادم في تعامله مع المال في الحياة فنعم المال المال الصالح للرجل الصالح. وربما كثر المال واتسعت الحياة في يد امرئ فاتخذه قربة ووسيلة الى الله وربما كان العكس فيزداد المال فيحمل صاحبه على الطغيان. كلا ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى وكذلك القلة والفقر فربما كانت تحمل المرء على الزهد في الحياة والاقبال على الله وربما كان الفقر سببا للسخط والبعد عن الله ثم الانجراف وراء الحرام بحثا عن لقمة وطعام وكسوة ولباس ايا كان طريقه لا يفرق بين حلال وحرام الحلال ما حل بيده. هذان منهجان يعيش عليهما البشر. بل ان شئت فقل اعيش انا وانت فاما مقبل على المال من باب سوي صحيح او عكس ذلك والعياذ بالله. يأتي المصنف رحمه الله في هذا الفصل يا كرام ليذكر هذا المعنى ثم يذكر ما الذي هيأ الله لنبيه عليه الصلاة والسلام بشأن المال في الحياة ولو شئت سألتكم اعاش غنيا او فقيرا عليه الصلاة والسلام؟ ان قصدت بالفقر قلة الطعام والشراب واللباس رثاثة الحال وقلة المتاع في الحياة فقد كان كذلك عليه الصلاة والسلام. وان قصدت كثرة ما يأتيه من المال وما اجتمع بين يديه وما حيز اليه وما اجتمع عنده عليه الصلاة والسلام فايضا كان كذلك. اتته الغنائم واجتمعت له الاموال. فمن اي الصنفين ان اذا اجتمع المال اكان غنيا واذا فقده اكان فقيرا عليه الصلاة والسلام السؤال الاهم هذه الحال التي عاش عليها دنياه صلوات الله وسلامه عليه ثق تماما انها اكمل الاحوال. والا ما رظيها الله لنبي كريم عظم شأنه ورفع مكانه. الحال عاشها في دنياه صلوات الله وسلامه عليه كانت ما ارتضاه الله عز وجل له في سعة المال او قلته في فقره اوفى غناه كل ذلك اودعه المصنف رحمه الله في هذا الفصل الذي نتدارس فيه الليلة بعون الله. نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين هذا هو المجلس الحادي والثلاثون من مجالس تدارس كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للقاضي العلامة بالفضل عياض ابن موسى الي رحمه الله تعالى رحمة واسعة قال رحمه الله تعالى في الباب الثاني فصل فيما تختلف الحالات في التمدح به والتفاخر بسببه واما الضرب الثالث فهو ما تختلف الحالات في التمدح به والتفاخر بسببه والتفضيل لاجله ككثرة المال فصاحبه على الجملة معظم عند العامة. لاعتقادها توصله به الى حاجاته. وتمكن راضه بسببه والا فليس فضيلة في نفسي. يريد رحمه الله ان صاحب المال كلما كان اكثر مالا فالذي جرى عليه الناس في نظرهم وتعاملهم هو رفعة قدر صاحب المال. فيحترم الناس صاحب المال ويختلف ويختلف الناس في سبب احترامهم وتقديرهم لارباب الاموال. فتارة تكون طمعا فيما ايدي هؤلاء من اموالهم يعني لعلهم يحظون بشيء من اعطياتهم او هباتهم او صدقاتهم او زكواتهم. وتارة يكون كما قال قال المصنف رحمه الله اعتقادا من العامة ان المال موصل صاحبه الى حاجاته. وانه سبب يمكنه من تحقيق اغراضه. ففي الجملة اذا احترام صاحب المال اذا كثر ما له. هل هو احترام لذاته ام لماله لماله فلم تعد فلم تعد فضيلة المال فضيلة حقيقية تعود على الشخص ومن هنا فاي فضل او جاه او مجد او شرف يناله المرء بسبب ماله فليس مجدا ولا شرفا ولا احتراما حقيقيا لانه منسوب الى المال بحيث اذا زال هذا الذي بيده من المال والثراء او الغنى والجاه زال احترام الناس عنه تقديرهم او حبهم او احتفافهم او التفافهم عليه. وهذا امر بشري معروف. وكلنا يحس ذلك ويشاهده ويراه فالمجد الحقيقي اذا والعزة الحقيقية اذا هي التي لا تتبدل بتبدل الاحوال. والتي لا تفارقك في فقرك وغناك في حظرك وسفرك. في صبحك ومسائك في شبابك وهرمك. ما هو اذا؟ والله ليس الا العز بتقوى الله وليس الا الشرف بالتمثل بهدي وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. هذا مجد حقيقي يا قوم. به ترتفع الاقدام وتسمو المراتب وتشرف النفوس ثم يكون العلم هو الاطار الذي يقود الناس الى هذه المراتب من الشرف والفخار. اما المال فغاد ورائح والدنيا مقبلة ومدبرة ومسكين والله من علق نظرته وقريبه بهذه الدنيا مهما تنوعت لذائذها. لانها زائلة فاتنة ولانها ايضا ليست باقية. ومؤسف ايضا ان يعلق الناس جملا قيمهم ومبادئهم بمثل هذه الامور التي لا لا بقاء لها ولا دوام. مؤسف ان يكون مبدأ وقيمة كالاحترام والتعظيم والاجلال. تناط بهذه الامور التي لا ثبات لها ولا اعتبار بها يعني من الخطأ ان نعلق احترامنا واجلالنا وتعظيمنا لصاحب المال لانه صاحب مال. وللغني لانه غنيم وللوجيه لانه ذو جاه وهكذا. فان كان كذلك ستتبدل كثير من الاحوال في حياة الناس. لكن الاسلام يربط هذه المبادئ والقيم بثوابت لا زوال لها. فعاد اذا فضل المال ان كان فيه فضل فليس لصاحب المال بل للمال ذاته فيبقى الفضل معه طالما بقي المال بيده ويزول عنه اذا فارقه. قال المصنف رحمه الله فصاحبه على الجملة يعني صاحب المال معظم عند العامة لاعتقادها اي العامة. لاعتقادها توصله به الى حاجاته وتمكن اغراضه بسببه والا فليس فضيلة في نفسه. نعم قال رحمه الله تعالى فمتى كان المال بهذه الصورة وصاحبه منفقا لها في وصاحبه منفقا له في مهماته ومهمات من اعتراه وامله وتصريفه في مواضعه مشتريا به المعالي والثناء الحسن والمنزلة من القلوب كان فضيلة في صاحبه عند اهل الدنيا. نعم وان صرفه في وجوه البر وانفقه في سبيل الخير وقصد بذلك الله والدار الاخرة كان فضيلة عند كل لي بكل حال. نعم هذا مسلك اول لارباب الاموال ان يجعلوا من المال مطية ومركبا يعبرون به بحر الحياة يا اخوة نحن في حياتنا هذه نعبر هذا البحر بخضمه وامواجه وتلاطمه وبين موجة تصعد باحدنا واخرى تهبط به. نحن يوما ما سنقطع رحلة الحياة على متن هذا المركب هذا المركب فيه مسائل يتخذها الانسان يقطع بها بحر الحياة. فحتى تعبر من ضفة الدنيا الى ضفة الاخرة وحتى تبلغ شطان الجنة هناك وتحل برحلك ومتاعك وعملك الصالح يلزمك ان تنظر بعقل وحصافة اي مركب تركبه انت تعبر بحر الحياة فان كان المركب مما اتاك الله عز وجل من الدنيا بمالها ومتاعها وجاهها ومناصبها ولذائذها كل ذلك مركب كنت اركبه قل او كثر فاذا نظرت الى المركب الذي تركبه في بحر الحياة انه وسيلة تعدو بها هذا المهمة وتعدو بها ذلك القطعة من البحر حتى تصل الى الضفة الاخرى فافتح عينيك الى انه لا ينبغي الركون الى هذا المركب لانه ربما يكسر. وربما يغرق وربما تصيبه الافات فلا تعول عليه. وعول على امر اكبر واعظم يبلغ بك شاطئ الجنة في الضفة الاخرى هناك. وعندئذ سيكون هذا المال اما مصروفا في وجوه الخير. وان تبلغ به كما قال المصنف تشتري به المعالي والثناء الحسن. وهل المعالي تشترى وهل الثناء الحسن يشترى؟ الجواب نعم يشترى المجد بالمال. صاحب المال اذا انفق ما له في مساعدة الناس وتفريج الكربات وقضاء الحوائج وسد الحاجات واعانة المعسرين. اشترى مجدا. فاذا دفع به الملمات وفرج به الكربات. اكتسب عند الناس وثناء حسنا يشترى يشترى القصد الحسن والذمة الحسنة والسمعة الحسنة بالمال يشتريه الانسان فيبذله حتى يكون محببة في يديه وثناء عاطرا يبلغ اذنيه. ومن زاد على ذلك جعل ما له انفاقا في وجوه القربات والخيرات فيتفقد المحاويج الارامل والايتام والمساكين واصحاب الفاقات فيتعاهدوا هذا وينجدوا ويقف بالصف الثالث والرابع والخامس يواسي ويقف ويعين كل ذلك من اجل ان يبلغ محمدة عند الله في الدار الاخرة. فهذا احد المسلكين للمال في الحياة ونحن كلنا قد نختاره مسلكا. وقد يختار الاخر والشح بالايثار بان يكون شيئا كنزا عظيما في النفوس. وتبرق له الابصار وتخضع له القلوب. فذاك مسلك اخر صدقني انا وانت في الحياة احد هذين الصنفين لا محالة. فمن نظر الى المال على انه بطية تركب وانه حذاء ينتعل وانه طريق ودرب توضع فيه الخطوات والاقدام. عامله بما يستحق ومن نظر الى المال على انه تاج يلبس فوق الرؤوس وانه مجد يجعل داخل الصدور وحب تغلق دونه القلوب ايضا وضعه في موضع بتلك المنزلة. وعندئذ ستختلف انماط الحياة. فمن نظر الى المال نظرة التقديس والاجلال والاحترام بلغ به الحد الى ان يعبده. نعم المال لا تظن ان العبادة المقصودة عبادة ركوع وسجود. فانه لم يضع احد يوما دينارا ولا درهما ولا ريالا ولا دولارا ما وضعه وعلى طاولة امامه فركع له وسجد. فكيف تفهم اذا قوله عليه الصلاة والسلام تعس عبد الدينار. تعس عبد كيف تفهم ذلك؟ اي عبودية قصدها عليه الصلاة والسلام؟ صدقني ما طاف احد حول الدينار والدرهم ولا سجد له لا ذبح له ولا نذر ما الذي فعله اولئك؟ حتى اصبحوا عبيدا للدنانير والدراهم والريالات والمناصب. كل ما فعلوه انهم الهوه جعلوه شيئا عظيما يبذل من اجله كل شيء. يرتكب من اجله الصعب والذلول. تتخطى الحرمات تبذل والايمان والغموس يظلم الناس. تؤكد الاموال بالباطل ويكذب على الله وعلى خلق الله وصولا الى هذا المال اذا بلغ المال في قلب صاحبه هذه المنزلة فقد اصبح عبدا له. ومن كان عبدا للمال فعياذا بالله بؤسا وسحقا مصيرا واما من جعل المال مطية فوالله مهما كثر المال بيديه فانه يصبح مطية ذلولا. يسخره ابدا يقود المال ولن يقوده المال. سيكون هو المتصرف القائد الذي يصرفه يمنة ويسرة ويعرف ما الذي يقف عنده وما الذي يبادر به بخلاف من جعل المال قصدا عظيما وامرا كبيرا. ما زلت اقول انا وانت بازاء المال نحن نسلك كهذين الطريقين فابصر طريقك رعاك الله بشأن المال الذي اتاك الله عز وجل. وهذا الكلام اذ نتحدث فيه عن المال فليس بالظرورة ان يكون ثراء وسعة وغنى لا. حتى الفقير صاحب الكسرة والكسرتين. وصاحب الدرهم والدرهمين حتى اذا حل الدرهم اليتيم بيده ايضا هو سيتعامل معه باحد هذين المسلكين. والغني الذي تأتيه القناطير المقنطرة هو ايضا سيسلك مع ماله احد هذين المسلكين. فكان هذا كريما كلاما لطيفا. ساقه المصنف رحمه الله بين يدي حديثه عن المنهج والهدي والحياة التي اختارها الله لرسوله عليه الصلاة والسلام. نعم. قال رحمه الله تعالى واذا صرفه في وجوه والى واذا صرفه في وجوه البر وانفقه في سبيل الخير وقصد بذلك وقصد بذلك الله والدار الاخرة كان فضيلة عند الكل بكل حال ومتى كان صاحبه ممسكا له غير موجهه وجوهه حريصا على جمعه عاد كثره كالعدم. وكان من في صاحبه ولم يقف به على جدد السلامة. ولم يقف به ولم يقف به على جدد السلامة. بل اوقعه في هو قوة رذيلة البخل ومذمة النذالة. ولم يقف به المال يعني على جدد السلامة. جدد السلامة طريقها المستقيم ويمكن ان تقول جدد جمع جدة وهي الطرق مهما كانت. فاذا يبقى المال يوصلك الى السلامة اذا بذلته بذل خير واحسان ويسلك بك سبيل المذمة كما قال ويوقع في هوة رذيلة البخل ومذمة النذالة عندما يعود امساكا في اليد غير منفق في وجوهه. ويصبح الحرص على جمعه اكثر من انفاقه. نعم قال رحمه الله تعالى فاذا التمدح بالمال وفضيلته عند مفضليه ليست لنفسه. وانما هو للتوصل به الى غيره وتصريفه في متصرفاته فجامعه اذا لم يضعه مواضعه ولا وجهه ولا وجهه وجوهه غير ملي بالحقيقة ولا غني بالمعنى ولا متمدح عند احد من العقلاء ولا ممتدح ولا ممتدح عند احد من العقلاء هل هو فقير ابدا؟ غير واصل الى غرض من اغراضه. اذ ما بيده من المال الموصل لها لم يسلط عليه فاشبه خازن ما ما لغيره ولا مال له. فكأنه ليس في يده منه شيء. وهذا حق فما حال البخلاء الذين يكنزون الذهب والفضة ما حظه؟ حتى المال الذي يتعبون في جمعه ويسهرون ليلهم ويواصلون نهارهم في تحصيله حتى هم في اما استمتعوا به فعاد هم احدهم مضاعفة الرصيد. وكثرة الارباح وازدياد الاموال وكلما حل ربح ومال وزيادة بيده طمع في وصدق الله وصدق الله وهو يحكي حال ابن ادم في الحديث القدسي لو كان لابن ادم واديان من ذهب لابتغى اليهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن ادم الا التراب ويتوب الله على من تاب. هذا امر فطري حب المال. قال الله سبحانه زين للناس حب الشهوات من النساء حب زوين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا. هذا امر فطري. لكن فرق بين من ينجرف خلف هذه الفطرة بلا قيود فيصبح عبدا كما قلنا منقادا لهذه الشهوة العارمة تجاه حب المال. جاء الاسلام فهذب النفوس المسلمة. ووجه الحال التي تكون عليها اهل الايمان في التعامل مع المال. لا يصح ابدا ولا يرضى الاسلام لاهله. ان يكونوا عبيدا للاموال دنيا توسع وتضيق بامر الله وبقدره سبحانه. قسمت الارزاق ووسع فيها لبعض الناس وضيق على اخرين. بحكمة بالغة من خالق الخلق ومدبر الكون سبحانه الخالق الرازق ذي القوة المتين فماذا بعد انظر الى قسمتك ونصيبك ورزقك من هذه الدنيا في اموالها. ثم انظر ما حظك منها قليلا كان او كثيرة فان ابصرت وعقلت علمت انك انما تبذله لطاعة الله. فمساكين هؤلاء البخلاء الذين مالت بهم الدنيا فجمعوها وحازوها. طيب اتاهم الله اموالا وقصورا ومراكب ومتاعب. فهلا استمتعوا به؟ هلا تصرفوا به في وجوهه عاد هذا الى عقدة في نفوسهم لا تلوي على شيء مثل الحرص والجمع والازدياد والاكتناز فله مستمتعوا بحياتهم ولا بالمال الى تحصيل الغرض من الشرف والجاه والذكر والثناء الحسن. فما عادوا الا مذمة على السنة الناس. وما عادوا الا ينتقصون بالبخل والشح والهلع وحب المال. قال المصنف رحمه الله فمن فعل ذلك فهو غير مليء بالحقيقة. ولا غني بالمعنى ولا تدح عند احد من العقلاء بل هو فقير ابدا. فقير نعم. ولو جمع مال قارون اذا كان حظه من الطعام قليل لا يليق بمثله. ولباس لا يليق بمثله. ومتعة في الحياة لا تليق بمثله. قال واصل الى غرظ من اغراضه. صدق من قال الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له وجمع من لا عقل له من كانت الدنيا هي حاصلة جمعه فغير عاقل من ظن ان جمعه سيكون في الدنيا هو نصيبه من هذه الحياة الجمع والاكتناز حتى يغادر مثل هؤلاء والله لا يحرص قراباتهم ولا ورثتهم على شيء اكثر من موتهم والعياذ بالله. وصولا الى بايديهم مما اكتنزوه وحبسوه فمنعوا منه انفسهم ومن حولهم. فاي بؤس لصاحب المال بماله ان بلغ به هذا ان يكون اقرب الناس اليه حريصا على زواله. على ثنائه على موته على مفارقته والعياذ بالله. ما الذي جناه اذا بماله لا في نفسه ولا في شعور الناس من حوله. نعم قال رحمه الله تعالى والمنفق ملي غني بتحصيل بتحصيله فوائد المال. وان لم يبقى في يده من المال شيء نعم فانظر سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم وخلقه في المال تجده قد اوتي خزائن الارض ومفاتن البلاد واحلت له الغنائم ولم تحل لنبي قبله. وفتح عليه في حياته صلى الله عليه وسلم بلاد الحجاز واليمن وجميع جزيرة العلب وجميع جزيرة العرب وما دان ذلك من الشام والعراق وجبلت اليه من اخماسها وجزيتها وصدقاتها ما لا يجبى للملوك الا بعضه. وهادته جماعة من ملوك الاقاليم فما استأثر بشيء منه ولا امسك منه درهما بل صرفه مصارفه واغنى به غيرة وقوى به المسلمين. اذا افقيرا كان ام غنيا صلوات الله وسلامه عليه نعم ان نظرت الى ما اجتمع بين يديه من المال فغنى والله واي غنى وان نظرت الى التقلل في الحياة والاعراض عن وانه ولاها ظهره واقبل على شيء كبير عظيم جليل هو الله والدار الاخرة نظرت الى حياة الفقر في حياته عليه الصلاة والسلام ودنياه التي خرج منها وليس بيده منها شيء صلوات الله وسلامه عليه. يقول رحمه الله تجد انه قد اوتي خزائن الارض ومفاتيح البلاد احلت له الغنائم. وفتح عليه بلاد الحجاز واليمن وجميع جزيرة العرب جلبت اليه الاخماس والجزية والصدقات اخماس الغنائم يعني. فان لله خمسه وللرسول. خمس الغنائم وجزية اهل الكتاب من اليهود والنصارى وصدقات اغنياء المسلمين ما لا يجبى للملوك الا بعظه بل ووصلته هدايا الملوك بعث اليه الملوك بهداياهم اهدى اليه النجاشي واهدى اليه المقوقص وغيرهم من الملوك والعظماء والرؤساء قال فما استأثر بشيء منه الان انا وانت وصدقا اذا بلغتنا هدية من كبير او عظيم فان اول ما نحتفي به المهدي وتعتبر حرصك على هذه الهدية وان لم تكن بحاجة اليها نوعا من الاحتفاظ بشيء يربطك بمن اهداك. خصوصا ان كان ذا قدر ومكانة فتصور ان هدية تبلغك من ملك وامير كبير مبجل وعظيم من عظماء الدنيا ووجيه من وجهائها الكبار. اهداك هدية لك لشخصك باسمك بلغتك انت فاتيت فاتتك مغلفة مبعوثة في يد من يحملها اليك وهو يحمل معها عاطر التحية ووافر السلام وجزيل الثناء والاحترام بالله اي وقع لها في نفسك فاذا كانت شديدة الوقع في النفس مغروزة في القلب فهيهات ان تخرج فتتصرف فتبذل. لكن نبينا عليه الصلاة والسلام. بلغته هدايا الملوك فما كان يحتفظ بها لنفسه. بل كان يوزعها على اصحابه. وكان يبلغ بها الناس ويتعاهد بها الصحابة ستأتيكم بعض الاثار. ما امسك المال حتى الغنائم والصدقات والزكوات التي اجتمعت مع حاجته عليه الصلاة والسلام كان يصرفها في مصارفها. كان يقوي بها المسلمين. كان يتعهد بها الفقراء. كان يزرع في اصحابه. وفي الامة من بعده. وفي في وفيك كيف ننظر الى المال اما نتعلم منه عليه الصلاة والسلام كيف توضأ وكيف صلى؟ وكيف كان يدعو؟ وكيف حج؟ وكيف طاف؟ وكيف سعى؟ بلى نحرص على ان نتعلم هذه العبادات من تطبيقه عليه الصلاة والسلام. اذا لنحرص رعاكم الله ان نتعلم كيف نعيش الحياة وكيف نتعامل مع المال نتعلم من هديه عليه الصلاة والسلام؟ انظروا الى حاله. لا تقل ان الفقر الذي عاشه لان الحياة التي ادركته حياة فقر وقلة. لا بل عاش اياما من الغنى والثراء الواسع. فان كنت غنيا فلك فيه اسوة. وان كنت فقيرا فلك فيه اسوة والله. صلوات الله وسلامه عليه. والجامع لذلك كله ما الموقف الذي تعيش به مع المال؟ ما النمط الذي تتخذه لنفسك مع المال غني ايا كنت او فقيرا. وعلى كل حال فلك فيه عليه الصلاة والسلام اسوة حسنة بما مرت عليه من احوال الدنيا. في سعتها تارة تارة في اجتماع المال تارة وافتقاره تارة. افتقر الى الحد الذي كان يقترض فيه من اجل طعام له ولاهل بيته فيقترض عليه الصلاة والسلام ويرهن درعه عند يهودي كما سيأتيك بعد قليل. الى هذا الحد يأتيه الضيف فيلتمس الضيافة في بيوتات ازواجه فما يجد تمرة في بيت من بيوت زوجاته عليه الصلاة والسلام. اي فقر ابعد من هذا يا قوم ومع ذلك المهم هو ان تنظر الى الحال التي عاشها. ما وجدته يوما متسخطا ولا متذمرا. فلما جاءه المال مات طغى ولما فقد المال ما شكى يا قوم اي قلب عظيم هذا؟ لرسول الله عليه الصلاة والسلام اي نفس شريفة علية رفع الله بها هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام. فقط لتعلم ان المال متى فارق القلب هانت الحياة. يفارق القلب ولو اجتمع من حوله واحاط به. فان كان غنيا سخره في مسالكه. وان كان فقيرا ما التفت اليه لانه ما عشعش في قلبه. ولا تربع في فؤاده. القضية الاساس ان يكون المال في يد احدنا لا في قلبه. وان يكون نعالا يحتذى اكرمكم الله ولا يكون تاجا يلبس او وقيدا تغل به الايدي والاقدام. نعم قال رحمه الله تعالى وقال صلى الله عليه وسلم ما يسرني ان لي احدا ذهبا يبيت عندي منه دينار الا دينارا ارصده لديني واتته دنانير مرة فقسمها وبقيت منها ستة. فدفعها لبعض نسائه فلم يأخذ نومه فلم يأخذه حتى قام وقسمها وقال الان استرحت. اما الحديث الثاني الاخير هذا فليس في تخريجه شيء يشهد له بصحته واما الاول فاصح واعظم واقوى في الدلالة. وقد اخرجه الشيخان يقول عليه الصلاة تلى ما يسرني يعني والله لم يداخله سرور انه لو اوتي مثل جبل احد ذهبا. يقول ما يسرني ان لي احدا ذهبا يبيت عندي منه دينار. لو كان احد مثل احد ذهبا كم يكون من الدنانير شيء عظيم الوف مؤلفة لكنه عليه الصلاة والسلام يقول لو ان لي مثل جبل احد ذهبا وكان بيدي فانه لن يأتي علي المساء ويدركني المبيت وقد بقي منه دينار كن عندي قال الا دينارا ارصده لدين يعني يسد به دينا ان كان عليه. السؤال ماذا سيفعل به؟ اين سيصرفه؟ الجواب في كل بمصاريف الحياة التي تقرب الى الله. سيكون شيئا من القربات في الصدقات في المساكين في في اصحاب الحاجات. سيكون شيئا من المسلمين واعداد العدة وتجهيز الجيوش وتقوية البلاد الاسلام. سيكون مصرفا في النهاية ليس حظا يكتنزه لنفسه يقول عليه الصلاة والسلام ما يسرني يعني حقيقة هو ما حصل له ذلك لكنه يتحدث عن مشاعر القلب الذي اتخذ موقفا حقيقيا تجاه المال فالان اسأل نفسك لو كان مجرد خيال تتخيله وحلما تحلم به صدقا ايسرك ان يجتمع لك المال الوفير اما هديه عليه الصلاة والسلام فكان لا لن يسره وبالتالي فلن يفكر فيه ادرك معي الان ان كثيرا من الاحلام التي نحلمها ونحن فقراء وان كثيرا من الامال التي نأملها ونحن لسنا من ارباب الغنى والجاه. ما كانت امالا ولا احلاما الا لان خواطر القلوب تعلقت بها. فلما تعلقت بها الخواطر اصبحت محل سرور يسر بها المرء بمجرد التفكير والحلم فكيف اذا اصبحت حقيقة في يده سيجن بها سيركن لها سيتعلق قلبه بها وصدقا هذا حال الناس واما من نزعها من قلبه فلن يسره مجرد التفكير والخاطرة والحلم والخيال فاذا كان التفكير والخيال والحلم والخواطر لن تكون ابدا مبعث سرور. اتظن انها انحلت بيده سيشتغل بها القلب ويتعلق بها الفؤاد ابدا والله وهذا شاهد من حياته عليه الصلاة والسلام. يقول ما يسرني ان لي احدا ذهبا يبيت عندي منه دينار. قال الا نارا ارصده لدين. نعم ولرحمه الله تعالى ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة في نفقة عياله واقتصر على نفقته وملبسه من نفقته واقتصر من نفقته وملبسه ومسكنه على ما تدعوه ضرورة اليه مات ودرعه مرهونة في نفقة عياله كما اخرج الشيخان فقر يبلغ بنبي الامة يا قوم ان يقترض دينا ويرهن درعه سلاحه يرهنه عند يهودي يقال له ابو الشحم او ابو الشحمة رهن درعه عليه الصلاة والسلام الى سنة يعني جعل مدة الدين في السداد سنة وجعل هذا مقابل ماذا؟ مقابل ثلاثين صاعا من طعام وعند البزار اربعين صاعا وعند البيهقي وعند ابن ابي شيبة وعبد الرزاق في المصنف انه وسق يعني ستون صاعه. يعني هذا اكثر شيء وانما رهن من اجل لقمة عيش طعام وقوت له ولاهل بيته. وهنا جملة من الاسئلة تتناثر. لما احتاج الى الطعام لما لا يسأل بعض اصحابه ولما احتاج الى الدين لماذا تعامل مع يهودي ولما كان دينا يرهن الدرع السؤال لم هذا؟ والله معان كبيرة يا اخوة اقربها انه تكفف. وانه نأي بالنفس عن اصحابه الذين يعرف تماما كم يجلونه. وكم يحبونه وانه في الغالب لا يقبلون دينا عليه الصلاة والسلام ولا يقبلون رهنا لدينه عليه الصلاة والسلام. ويعرف حال اصحابه في العموم الاغلب. من الفقر والحاجة. فلم يرظى ان يحملهم حاجته عليه الصلاة والسلام بينما يحملونه هموم دنياهم واخراهم صلوات ربي وسلامه عليه وما يرظى لنفسه ان يحمل واحدا منهم شأنه الخاص في حياته الدنيا. اعلمتم رفعة قلب وشرف نفس اعظم من ذلك عندما ترمي الناس بحوائجها عليه وعندما تركنوا بظهورها اليه. وعندما تأوي بهموم دنياها واخراها اليه. عليه الصلاة والسلام. الرجل يطلق زوجته فيأتي اليه والرجل يظاهر زوجته فيأتي اليه. والثالث يشتكي فقرا فيشتكي اليه. والرابع يجد مشكلة فيأتيه خامس صاحب مرض فيتداوى عنده عليه الصلاة والسلام. والمريض والميت وكل شئون الحياة تقضى عنده عليه الصلاة والسلام فكانت الامة ترمي بهمومها عليه. ومع ذلك ما وجدت هذه النفس العظيمة مندوحة ان ترمي بهمها على احد من اصحابه هذه رفعة النفوس ان اردتم ان تتصوروا ما معنى الشرف ورفعة القدر؟ هذه المكانة العلية هذه مكانة النفوس السامية هذه فعلا منتهى مراتب الشرف اذا اردنا ان نتحدث عنها. فلما احتاج عليه الصلاة والسلام اقترب ووالله لو سأل اصحابه لوجد من الطعام ما يكفيه مدة حياته ولا عاش عيشة الاغنياء. لكنه ما يلوي على ذلك ولا اليه وليس هذا هما له عليه الصلاة والسلام. فنأى بذلك عن نفسه واصحابه. واخذ القرض بسبيله المشروع وتعامل مع اليهودي بدلالة الجواز في التعامل مع اهل الكتاب بيعا وشراء اقترب ورهن الدرع واخذ المال يعني الطعام من اجل ان يسد حاجته عليه الصلاة والسلام ثم مات قبل ان يحل الاجل ولا زالت الدرع مرهونة عند اليهودي فسعى الصحابة في فكاك هذا وحده يا قوم في حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام. والله مشهد كامل يختصر لك معنى الحياة ومعنى العظمة في النفوس التي تتعامل مع المال من هذا المنطلق فلا يهمها اي شيء تعوله وتنفقه وتدخره وتصرفه في حياتها مات ودرعه مرهونة في نفقة عياله. واقتصر من نفقته وملبسه ومسكنه على ما تدعو اليه القدر الذي يحتاج من طعام وشراب ومسكن وملبس ولم يزد على ذلك شيئا صلوات الله وسلامه عليه. نعم واقتصر قال رحمه الله تعالى واقتصر من نفقته وملبسه ومسكنه على ما تدعوه ضرورته اليه وزهد فيما سواه فكان يلبس ما وجده فيلبس في الغالب الشمل الشملة والكساء الخشن برد الغليظ ويقسم على من حضره اقبية الديباج المخصوص المخوف ويقسم على من حضره اقبية الديباج المخوفة بالذهب. ويرفع لمن لم يحضره اذ المباهاة في الملابس والتزين بها ليست من خصال الشرف والجلالة. وهي من سمات النساء. اقتصر عليه الصلاة والسلام في النفقة والملبس والمسكن على ما تدعو الضرورة اليه. ما الذي تدعو الضرورة اليه؟ قطعة قماش تستر الجسد ولقمة عيش تملأ المعدة وما زاد على ذلك فما حاجتك اليه لو جلست امام مائدة ليس لها اول ولا اخر. وفيها من الاطباق واصناف الطعام ما لا يعد ولا يحصى. فاشتهته نفسك واقبل عليه لتأكل السؤال كم ستأكل ابدا لن تأكل شيء اعظم من سعة معدتك والباقي ستكف عنه وتنصرف لو اجتمعت اليك الوان الثياب اشكالا والوانا ولها انواع متعددة. ثم فرضت امامك. فالسؤال كم ستلبس؟ في النهاية لن تلبس الا ثوبا واحدا يستر جسدا والباقي ستدخره ستتركه ستبتعد عنه. في النهاية يكفي الجسد ما يلفه من قدر الثوب ويكفي البطن ما يسد جوعة المعدة. ويكفي في قدر المنام حجم جسدك الذي تنام فيه على الفراش. فلو هيأ لك في مساحات واسعة وسرير يسبح فيه السابح. كم سيستغرق منه الجسد في النوم؟ هو بقدر حجم الجسد لا غير كانت حياته عليه الصلاة والسلام مبنية على هذه النظرة. اما الطعام فبقدر الحاجة. واما اللباس فكما ذكر المصنف واما الفراش فقيمات فشيء من الفراش الخشن الذي ينام عليه وربما نام على الحصير فاثر في جنبه صدقني من ينام على حرير وفراش وثير ليس امتع نوما ممن ينام على الحصير. لكن يستمتع بنومه ذاك الذي قظى نهارا في نفس صافية ما حمل ظلما ولا اذى مسلما ولا ضيع حقا لله. ذاك والله ولو نام على التراب يأوي بنفس مطمئنة الى وسادته التي اتخذها ولو من حجارة. لكن الذي طغى وبغى وتعدى وظلم واساء واعتدى. فاذا اوى الى الفراش هددت امامه الهموم والغموم. اتظن ان من ينام على الفراش والحرير والسرير سيستمتع بنومه وسيرى من احلام امتع ممن نام على الحصير والتراب ابدا والله. العبرة ليست بما تنام عليه. العبرة بالجسد هذا الذي يأوي الى جنبه فينام ويطرح على الارض ليأوي بهم يوم وتعبه ونصبه ليستقبل يوما جديدا يقول زهد فيما سواه فكان يلبس عليه الصلاة والسلام ما وجد. فيلبس في الغالب الشملة والكساء الخشن والبرد الغلي عامة لباس العرب كان الازار والرداء مثل لبس الحجاج الازار هو الرداء الازار ما يلبس في نصف الجسد الاسفل ويلف عليه في الوسط وربما تتخذ له السراويل او لا حسب القدرة والحاجة. ويلبس فوقه في الجسد الاعلى الكساء. الكساء تختلف اسميته في العرب بنوع لبسه وشكله. قال هنا لبس الشملة. هذا الكساء قطعة القماش الذي يلف على الجسد يسمى الشملة اذا كان من ثوب له خمائل له اطراف واذيال فيلف على الجسد ويلتحف به. تماما كما يصنع المحرم في احرامه. فيسمى شمل اذا اشتمل عليها ويسمى كساء خشنا اذا كان القماش الذي يلبسه من صوف ولبس الكساء الخشن عليه الصلاة والسلام ويسمى البرد اذا كان مخططا مقلما وكان غالبا ثيابا من اليمن تأتي فيستعملها الناس في الحجاز. فيسمى البرد او البردة في مفردها اذا استعمل من هذا القماش المخطط والمقلم بالوان. كان اذا كساء ربما سمي شملة او كساء صوف خشن او لبس البردة كل ذلك حصل له عليه الصلاة والسلام. سؤال اما وجد ثيابا انعم اما وجد قماشا الطف اما رأى الحرير في حياته؟ الجواب بلى لكن لما يأتيه الثوب الفاخر والناعم ما كان يدخره لنفسه بل يقسمه بين اصحابه. قال رحمه الله ويقسم على من حضره اقبية الديباج المخوصة بالذهب ويرفع لمن لم يحضره. الاقبية تؤجم عقباء مثل اكسيا جمع كساء والقباء هو ايضا نوع من الثياب كساء يرتدى من اعلى الجسد. قال الديباج يعني من الحرير والقماش الناعم عمل فاخر. المخوصة بالذهب يعني المنسوجة بذهب او لون مذهب وقيل المبطنة بالذهب وقيل المزررة بالذهب. اذا هو لباس في غاية الجودة والصفاء وغلاوة الثمن اتي عليه الصلاة والسلام فما استعمل منها شيئا وقسمها في اصحابه. قال ويرفع لمن لم يحضره. والقصة في الصحيحين فاسمع رعاك الله الله حدث المسور ابن مخرمة رضي الله عنه قال قال لي ابي وهو مخرمة ابن نوفل. قال لي ابي يا بني بلغني ان النبي صلى الله عليه وسلم قدمت عليه يعني مجموعة من الاكسية الفاخرة والملابس الرفيعة. قال بلغني يا بني ان النبي صلى الله عليه وسلم قد قدمت عليه اقبيا فاذهب بنا اليه ماذا يريد يريد حظه يريد واحدة منها. قال فاذهب بنا اليه. قال فذهبنا فوجدناه في منزله. يعني انتهى المجلس الذي وزع فيه في ودخل داره عليه الصلاة والسلام فقال لي ابي ادعه لي يعني اطرق الباب وناده. قال المسور فاعظمت ذلك يعني هبت ان اطرق الباب لانادي رسول الله عليه الصلاة والسلام. فقال يا بني انه ليس بجبار يعني ابدا هو رحيم رقيق قريب. لين الجانب خفيظ الجناح عليه الصلاة والسلام. قال يا بني انه ليس بجبار. قال فدعوته فخرج ومعه قباء من ديباج مزرور بالذهب خرج وهو يعرف ما المطلوب. وخرج وكأنه ينتظر مخرمة ابن نوفل. وقد رفع له واحدة. قال فخرج ومعه قباء من ديباج مزرور بالذهب. فقال يا مخرمة خبأت لك هذا قال وجعل يريه محاسنه. يقول انظر كذا وانظر كذا ثم اعطاه اياه ولمسلم قال فنظر اليه فقال رظي مخرما. زاد البخاري وكان في خلقي مخرمة شدة محبة هذا علم انه يحبه. فلما قسم ما نسيه صلى الله عليه وسلم. يا رجل اي انسان هذا عليه الصلاة والسلام اي نبي كريم هذا عليه الصلاة والسلام؟ اخبرني الان صدقا املأت قلبك حبا يليق به صلوات الله وسلامه عليه احللته في قلبك من المنزلة عظاما وتوقيرا واحتراما واجلالا لائقا به عليه الصلاة والسلام. والله لو كنت صحابيا من صحابته لا تجد نفسك الا مأسورا له بالحب والتعظيم والاجلال. طيب فاتنا شرف الصحبة. هذه مآثره هذه سيرته هذه ما له مبثوثة منثورة مروية محفوظة فكأننا نعيش هذا المشهد لكأنك الان مع مع مخمرمة نوفل وعاينت هذا الموقف ولو كنت معه لربما اعطاك انت الاخر قباء من ديباج صلوات الله وسلامه عليه عليك ان تحبه عليك ان تملأ صدرك تعظيما واجلالا واحتراما له صلوات الله وسلامه عليه. في هذا المشهد جملة من عجائب هذا موقف انه خبأه له انه ما نسيه انه منذ ان طرق الباب خرج وفي يده يحمله يتوقع مجيئه عليه الصلاة والسلام انه لما اتاه اياه؟ قال له متلطفا متوددا يا مخرمة خبأت لك هذا. يا رجل سبحان الله من الذي يتلطف اطلبوا ود الاخر من الذي يتلطف بالعبارة يقترب من قلب الاخر من الذي يبحث عن حب وتعظيم واجلال؟ ادركت من الذي نتحدث عنه من عظمة القلوب الشريفة هذه والنفوس الكبيرة هذه. ماذا كان ينتظر عند مخرمة؟ والله لا شيء. الا تثبيتا ايمانه واثباتا لما بنى عليه القلوب عليه الصلاة والسلام حبا له. عرفت لماذا احبوه لشيء والله تعجز العبارة عن وصفه قال يا مخرمة خبأت لك هذا. واما من عجائب هذا الموقف قال وجعل يريه محاسنه انا لا زلت اتصور المشهد يأخذ القبال فيقول انظر كذا وانظر كذا كبائع يزين سلعته لمشتري اما البائع فلا يريد الا الوصول الى حظ نفسه. يريد بيعا يريد ربحا. يريد ان يروج بضاعته. فماذا يريد عليه الصلاة والسلام هي هدية وسيعطيها اياه فما الغرض ان يريه المحاسن؟ يثبت له صدق ما حمله له في قلبه عليه الصلاة والسلام من الملاطفة. من الود من الاحسان بالله عليكم كم مرة نفعل هذا في حياتنا؟ كم مرة نحرص على التودد الى من هو احوج الى ودنا من حاجتنا الى وده كم مرة نفعل؟ كم مرة فعلا حملتنا المواقف على ان نكون عظماء؟ على ان نكون شرفاء كبراء. هذه اقف يا قوم لا زلت اقول نتعلم فيها من هديه عليه الصلاة والسلام والله كما نتعلم من وضوئه وصلاته وطوافه وعبادته هذا باب كبير. والله لما قال لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة ما قال في العبادات. ما قال في الصلوات والحج والزكاة. ما قال في البيع والشراء في رسول الله في شخصه وهديه وحياته كلها. صلوات الله وسلامه عليه. قال المصنف رحمه الله تعالى اذ المباهاة في الملابس والتزين بها ليست من خصال الشرف والجلالة وهي من سمات يقصد اذا ان العناية بالملابس والمبالغة في التزين بها ليست محمدة يسعى اليها اولو الشرف. فلا فمن هذا ان المقصود به شيء من سوء المظهر وعدم العناية بالهيئة ابدا. فكان عليه الصلاة والسلام حسن الثوب حسن المظهر حسن العناية بهيئته صلوات الله وسلامه عليه. لكن ليست الى الحد الذي يبلغ به المباهاة ولا المفاخرة ولا التزين في ذلك كله. نعم. قال رحمه الله والمحمود منها نقاوة الثوب المحمود منها يعني في الملابس في الهدي النبوي ما الذي كان عليه شأنه صلوات الله وسلامه عليه. والمحمود منها نقاوة الثوب نقاوة نقاوة الثوب والتوسط في جنسه وكونه لبسا لبس مثله غير مسقط لمروءة جنسه مما لا يؤدي الى الشهرة في الطرفين. نعم. ثوب نقي متوسط في القدر والقيمة كونه لباس المثل يعني لباس مثل اهل بلد غير متميز عنهم ولا شاذ عنهم قال غير مسقط للمروءة. لا يعد بلباسه الذي يلبسه مرتكبا شيء مما تخرم به المروءة مما يذمه الناس او يعيبونه. قال ايضا مما لا يؤدي الى الشهرة في الطرفين. طرف الافراط وطرف ضيق قال سفيان الثوري رحمه الله كانوا يكرهون الشهرتين الثياب الجيدة والثياب الرديئة. قال اذ الابصار تمتد اليهما جميعا اما الافراط فالمبالغة في الثوب والعناية بالمظهر واما التفريط ايضا فالمبالغة في الاهمال فلا الثوب النفيس الجيد الغالي الثمين ولا الثوب الحقير الذميم السيء الرديء التوسط مطلوب. نعم. قال رحمه الله وقد ذم الشر ذلك وغاية الفخر فيه في العادة عند الناس. انما يعود الى الفخر بكثرة الموجود ووفور الحال وكذلك التباهي بجودة المسكن وسعة المنزل وتكثير آلاته وخدمه ومركوباته. لا شك ان سعة المنزل من سعادة المرء كما قال عليه الصلاة والسلام ثلاث من سعادة المرء. وذكر منها المسكن الواسع هذا المسكن الواسع لا شك ان المرء يرتاح فيه. وان من سعادة المرء كما قال عليه الصلاة والسلام. لكن هذا شيء وكونه يغلب على صاحبه التفاخر بالمراكب بالمساكن بالسعة في الاثاث بالمفاخرة بالمباهاة ايضا يتجاوز به الحد المشروع الى الذميم في الاستكثار مما لا حاجة له مما يحمله على التجبر التجبر الطغيان المباهاة في مسالك الشرع الذميمة. نعم. قال رحمه الله ومن ملك الارض وجبي اليها اليه ما فيها فترك ذلك زهدا وتنزها فهو حائز لفضيلة المالية ومالك للفخر بهذه الخصلة ان كانت فضيلة. زائد عليها في الفخر ومعرق في المدح ومعرق في المدح باضرابه عنها وزهده في فانيها وبذله في مظانها ملك الارض عليه الصلاة والسلام وجبي اليه ما فيها. فترك ذلك زهدا وتنزها فهو حائز لفضيلة المال ان كان فيه فضيلة. والسبب ان المال لما اجتمع وكثر واوى اليه ما تعلق به قلبه. فاصبحت نفسه اشرف من المال الذي تعبده بعض النفوس. من هنا حاز الشرف عليه الصلاة والسلام. قال ومالك للفخر زائد في الفخر ومعرق في المدح يعني يضرب في اعماق الاصل والشرف باظرابه عنها يعني عن الاموال واللذائذ وزهده في فانيها وبذلها في مظانها. هذا ايجاز لما سبق في الفصل باجمعه من هديه عليه الصلاة والسلام والالتفات الى الدنيا عدم الركون اليها ولا التطلع الى متعها ولا تعلق القلب والبصر بما وسع الله منها ما في ايدي الناس كيف والله عز وجل يقول له ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتن هم فيه ورزق ربك خير وابقى. اتريده بعد هذا يكون عليه الصلاة والسلام متطلعا بعينيه وبصره الى ما مد الله به من متاع الناس في الحياة ابدا والله وحاشاه عليه الصلاة والسلام. لكن مع ذلك فلما اجتمعت له الاموال تنزه عنها. ترفع فوقها زهد في فانيها فرحم الله عبدا وعى وادرك هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام. يا قوم المال غاد ورائح والدنيا مقبلة ومدبرة. فرحم الله عبدا اتاه الله هذا المال. فاستعمله في الحياة وركبه مطية يبلغ بها حاجته ومناه فان فاض المال بيده حوله الى رصيده في الاخرة وان قصر عنه اكتفى بما اتاه الله. وقنع بالقليل ورضي به هذا هو هدي سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه ليه املؤوا ليلتكم وغدكم الجمعة بكثرة الصلاة والسلام عليه. صلوات ربي وسلامه عليه. عطروا بها الافواه وزينوا بها المجالس اعمروا بها