بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله يسر لعباده اسباب الهدى وجنبهم اسباب التهلكة والردى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبد الله ورسوله المصطفى ونبيه المجتبى. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ائمة الهدى ومن سار على نهجهم واقتفى اثرهم واتبعهم باحسان الى يوم اللقاء. اما بعد هذه ليلة الجمعة. فيا باغي الخير والرحمة والبركة اقبل. ويا طامعا في صلاة الله عليك هلما الى مجلس نصيب فيه من صلاة ربنا ومن رحماته سبحانه ومن بركاته جل جلاله طالما اكثر احدنا في مجلسه ها هنا هذه الليلة من الصلاة والسلام على رسول الامة نبي الهدى والرحمة محمد صلى الله عليه واله وسلم. كيف لا يكون مجلسنا هذا عامرا بصلاة ربنا علينا. وببركاته ورحماته وهباته سبحانه جل في علاه. ومجلسكم امر بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وهو القائل صلوات الله وسلامه عليه. ان من من افضل ايامكم يوم الجمعة فاكثروا من الصلاة علي فيه. وهو القائل ايضا صلوات الله وسلامه عليه. اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. صلوا على نبيكم صلاة ولكم من ربكم بها عشر صلوات فاللهم صل وسلم وبارك عليه. وان صلى ربك عليك فهنيئا لك الرحمة والخير والنجاة من الظلمات الى والله قد قال هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما. صلاة ربنا على احدنا اوفر ما تكون عندما نقبل بالصلاة والسلام على رسوله عليه الصلاة والسلام. سيكون مجلس الليلة مستفتحين ليلة الجمعة بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. ونحن نقرأ في اخبار فضل خلقه وجليل وصفه عليه الصلاة والسلام فيما نقلب فيه الصفحات من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض ابن موسى اليحصو بي رحمة الله عليه وما زالت فصول ابوابه الثاني تتحدث عن جليل ذلك الوصف وعظيم ذلك الخلق الذي اكرمه الله تعالى به. ونحن عندما نقرأ في خلق رسول الله عليه الصلاة والسلام. فاعلموا يا قوم انا نقف على بحر لا ساحل له ونحن نقف على شاطئ هذا البحر المتلاطم في الخلق المحمدي الكريم الذي ما زالت حياة البشر في دنياهم هذه تزين وتتجمل ببقايا من اخباره وصفاته وشأنه واحواله صلوات الله وسلامه عليه الاخلاق في حياة البشر جمال وكمال. وهي في حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام اجمل ما تكون واكمل ما يكون واوفى ما يقف عليه الواقفون في شأن الخلق البشري. اخلاقه عليه الصلاة والسلام اية في الجلال والكمال. وعظيم صفاته التي حباه الله تعالى بها ايضا. كانت دافعا من دوافع محبته صلوات الله وسلامه عليه. احبته قلوب البشر الذين ادركوه فعاشوا معه. ورأوا من جميل اخلاقه وعظيم صفاته ما اسر هم بحبه عليه الصلاة والسلام. ما زالت اخلاقه تأسر قلوب المحبين من امته الى اليوم. والى قيام الساعة. ونحن نقرأ في جمال ذلك الخلق وكمال ذلك الوصف الذي قال الله تعالى عنه وانك لعلى خلق عظيم. مضى معنا ايها الكرام في ليلة الجمعة الماضية. بدء الحديث عما خصه المصنف رحمه الله بفصل فيه ذكر حلم النبي عليه الصلاة والسلام صبره وعفوه وعظيم احتماله على كل ما لقي من اذى صلوات الله وسلامه عليه. مرت بنا مواقف ساقها رحمه الله شواهد. على ذلك الخلق العظيم في الحلم في الصبر في الاحتمال. في العفو عن الاذى. مرت بنا اخبار اليهودية التي سمت له الشاة ولم ولم ينتقم صلوات الله وسلامه عليه وخبر اليهودي الذي سحره لبيد ابن الاعصم وجاء جبريل عليه السلام فقال له ان رجلا من اليهود قد سحرك عقد لك في بئر كذا وكذا فارسل الصلاة والسلام من يجيء بها فبعث عليا فاستخرجها فلما جاء بها وحللها قام عليه الصلاة والسلام كأنما نشط من عقال قال فما ذكر ذلك لليهودي ولا رآه في وجهه حتى مات. صلوات الله وسلامه عليه وختمنا بموقفه صلى الله عليه وسلم من رأس النفاق في المدينة عبدالله ابن ابي ابن سلول. عليه من الله ما يستحق رغم خبثه ومكره وكيده واذاه. المتتابع وعدوانه المستمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فما زاد على ان انصرف عنه بل وامسك صلوات الله وسلامه عليه اصحابه عن الانتقام او المطالبة قتله كل ذلك وهو يقول لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه صلى الله عليه وسلم. هذا باب كبير لن نحيط به حلم نبينا عليه الصلاة والسلام. لكنه يدلك رعاك الله على قلب عظيم عظيم والله من قلوب البشر فيه من السعة ما احتمل الاذى باصنافه. فيه من السعة ما جعله عليه الصلاة والسلام يتجاوز كل ذلك لانه جعل قلبه مستودعا لقضية اعظم. هي دين الله جل جلاله. هي البعثة التي اكرمه الله بها هي الرسالة التي بعث بها ما كان قلبه الشريف العظيم الكبير صلى الله عليه وسلم ليشتغل بشيء اعظم ولا بقضية الا فصدق حفظك الله. لم يكن في قلبه عليه الصلاة والسلام مساحة تتسع لما تتسع لها قلوب البشر من الضغائن والاحقاد من الثأر والانتقام من الاحتفاظ بمواقف تسيء للانسان. كل ذلك لم يكن له في قلبه مكان عليه الصلاة والسلام لان ذلك القلب العظيم شغل بامر اكبر. فترفع عن كل تلك القضايا التي ربما كانت عند بعض الناس هي الهم الاعظم التي عليها يستيقظ وعليها ينام لكن لما يمتلئ القلب بهموم عظيمة ومقاصد اكبر يشتغل القلب بكل احاسيسه ومشاعره بتلك القضية التي شغلته ولم يكن شيء اعظم اشتغالا في قلبه عليه الصلاة والسلام من رضا ربه سبحانه. من التعلق به كيف وقد كلفه الله بمهمة تنوء لها الجبال الرواسي؟ بدين يخرج به الناس من الظلمات الى النور ببعثة فيها البشرية من جاهلية جهلاء الى اسلام في رحمة وعدل وصفاء. هذا الامر العظيم هو الذي استحوذ على قلب النبي الكريم عليه الصلاة والسلام. فحتما لن تجد الا عفوا وصفحا الا حلما. وصبرا لن تجد كرما ووفاء الا امانة وسخاء. كل ذلك نابع مما جعل الله عليه قلب المصطفى. صلوات الله سلامه عليه يعيش هم القضية الاكبر في حياته. لا يزال الحديث موصولا في ذكر المواقف والشواهد والحوادث التي اتى بها المصنف رحمه الله في باب حلمه وصفحه وصبره عليه الصلاة والسلام. نعم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين هذا هو المجلس الخامس والثلاثون من مجالس تدارس كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للقاضي العلامة بالفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو الي رحمه الله تعالى رحمة واسعة وباسانيدكم المتصلة الى المؤلف رحمه الله تعالى قال وعن انس رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه برد غليظ الحاشية فجبذه الاعرابي بردائه جبذة شديدة حتى اثرت حاشية البرد في صفحة عاتقه ثم قال يا محمد احمل لي على بعيري هذين مما لله الذي عندك. فانك لا تحمل لي مالك ولا مما لابيك فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال المال مال الله وانا عبده. ثم قال تقاد منك يا اعرابي ما فعلت بي؟ قال لا. قال لم؟ قال لانك لا تكافئ بالسيئة السيئة فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم امر ان يحمل له على بعيري على بعير شعير وعلى اخر تمر هذه قصة في قصص الحلم المحمدي والصبر النبوي صلى الله عليه واله وسلم. هذا الاعرابي جاء يطلب ما صدقة شيئا يستعين به على شقاء الحياة وجفافها. اتى يطلب شيئا مما يفد الى النبي عليه الصلاة الصلاة والسلام من اموال الصدقات والزكوات. لكن لا يزال في طبع الاعراب شيء من القسوة والغلظة والفظاظة بفطرته دون ان يقصد اساءة جاء يطلب من المال. قال ووصف حال النبي عليه الصلاة والسلام قال وعليه برد غليظ الحاشية والبرد هو الكساء الذي يلبس لكنه غالبا يتخذ من قماش فيه خشونة. وغليظ الحاشية يعني حاشية الثوب من داخله مما يلي الجسد خشن قال فجاء الاعرابي فجبذه جبذة شديدة والحديث كما اخرجه الشيخان البخاري ومسلم عن انس رضي الله عنه قال كنت امشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وعليه نداء نجراني غليظ. نسبة الى نجران. غليظ الحاشية. قال فادركه اعرابي. فجبذه بردائه جبذة شديدة هذا الموقف وحده لا يصدر الا عن شخص يريد اذى لكن الموقف دل فيه ما بعده من السياق على مراد هذا الاعرابي. جبذه جبذة شديدة. قال انس فنظرت الى طفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اثرت بها حاشية الرداء. يعني من شدة الجذب وهو يجذبه قال فاثرا حاشية الرداء في صفحة عنق رسول الله عليه الصلاة والسلام فاثرت ان شئت فقل احمرارا او خدشا فصارت ظاهرة الاثر. هذا الموقف يدل على قسوة بالغة. وعلى اساءة وعلى صنيع لا يمكن ان تقبله مع انسان معتاد. فكيف بمحترم مهاب؟ فكيف بنبي الامة صلى الله عليه وسلم؟ وهو وبين ايدي صحابته الكرام رضي الله عنهم فعل الاعرابي ذلك والنبي عليه الصلاة والسلام يرصد الموقف وينظر ماذا يريد. فقال الاعرابي كما في الصحيحين يا محمد لي من مال الله الذي عندك يعني حتى في طلبه وفي صياغة العبارة كانت تحمل قدرا كبيرا من القسوة والغلظة. الان يريد صدقة فقال مر لي من مال الله باعتبار ان المال كله لله يقول من مال الله الذي عندك يعني ليس لك يا محمد فيه شيء وانما انت كالوكيل في هذا المال اتى اليك وانت توزعه فجئت طالبا لحقي من هذا المال. ولفظ البيهقي كما ساقه المصنف رحمه الله هنا قال احمل لي يا محمد على بعيري هذين من مال الله الذي عندك فانك لا تحملوني من مالك ولا من مال ابيك ايا كان مراد الاعرابي فان العبارة لا تساعد والموقف ايضا لا يمكن ان يتجاوز في مثل هذا. لكنه عليه الصلاة والسلام ما تجاوز ذلك فيما قال المصنف رحمه الله فسكت فقال المال مال الله وانا عبده. وفي الصحيحين قال انس فالتفت اليه عليه الصلاة والسلام فضحك ثم امر له بعطاء فسر لي هذا الضحك النبوي ما مبعثه مبعثه شيء واحد ادرك ان هذا الاعرابي قد بلغ من الشدة والفقر والحاجة ما حمله على ان تضيق نفسه فجاء يطلب بشيء من المبالغة في قسوة عبارة تجاوز عليه الصلاة والسلام هذه المظاهر في الموقف الجذب الشديد والعبارة القاسية واللفظة النابية ونظر الى ماذا نظر الى حاله تجاوز مظهره وهيئته بل تجاوز حتى موقفه الذي صنعه وعبارته التي تكلم بها. ونظر الى ماذا؟ الى شيئين ان هذا اعرابي ومن عادة الاعراب تلك الجفاف في المشاعر وفي العبارات وتلك الغلظة في الاساليب فشيء مما اعتادته حياة الاعراب في قسوة الصحراء وحرارتها وشدتها فشيء من الطبع يورث مثل هذا الصنيع ونظر ثانيا عليه الصلاة والسلام الى حاله فيما هو في شدة وفقر وحاجة. يعني لو ان اعرابيا بحكم حياة الاعراب في الصحراء يعيش في نعيم وترف ويعيش وفي ساعة من العيش لكنت تجد فيه قسوة وغلظة الى حد ما. فكيف اذا اجتمع مع قسوة الحياة في الصحراء وشدة حرارته وجفاف هوائها كيف اذا اجتمع مع ذلك شظف العيش وقسوة الامور فانها تزداد قسوة فما نظر عليه الصلاة والسلام الا الى هذا المعنى. ضحك لانه ادرك ان الرجل لا يريد اعتداء ولا الاساءة كم نتعلم يا احبة في هذا الموقف ان نتجاوز كثيرا مما نرى من صنيع الناس معنا؟ في موقف قد تراه لاول وهلة سوءا واعتداء وتراه سوء ادب وفحشا وقلة توفيق في التعامل اللطيف. كل ذلك نراه. لكن اينا الذي تجاوزوا مظاهر المواقف ليدخل في بواطنها وحقائقها ومقاصدها. ضحك عليه الصلاة والسلام. والله الذي لا اله الا هو. ان ضحكه عليه الصلاة والسلام في هذا الموقف درس عظيم نتعلم فيه المجالس اياما وليالي متتابعة ان تتعلم كيف تضحك اذا ما اساء اليك انسان في موقف وواجهك في ساحة او مجمع امام الناس فتعدى عليك بعبارة واساء اليك فشعرت باهانة بالغة توجهت اليك وشعرت بانحطاط في القدر كان مقصودا ان يوجه اليك. وشعرت ايضا بقدر كبير من المشاعر. فما يجد الشيطان صعوبة ان يؤجج في الغضب ولا ان يشعل في نفسك فتيل الحمية والثأر والانتصار. لن يتعب الشيطان. انت الان جاهز سريع الاشتعال قابل للانفجار في اي لحظة. لكن ان يتحول كل ذلك الى مجرد صبر فهذا شيء عظيم. اما ان يتحول الى وتبسم فهذا اظنه فوق الطاقة عند كثير منا. ان تتغلب على ردة الفعل المنطقية المتوقعة. فلا تقابل هذا بانفعال ولا غضب بل ولا مجرد صبر وسكوت واحتمال بل الى ما هو اعلى من ذلك تقابله بضحك وتبسم لكن تدري ما الذي يفوق ذلك كله؟ قال ثم امر له بعطاء يتجاوز الضحك والصبر والاحتمال ويعطي الاعرابي ما يريد وينصرف وهو راض في سياق سند البيهقي قال فسكت النبي عليه الصلاة والسلام ثم قال المال مال الله وانا عبده كانه يوافق الاعرابي في شيء من كلامه. نعم المال ليس لي. المال مال الله. وانا عبده وانا موكل فيما بعثني به قال ثم قال عليه الصلاة والسلام ويقاد منك يا اعرابي ما فعلت بي. يعني انت الان جبلتني والمتني فانا ساعطيك ما طلبت لكن من حقي ان اطلب الانتقام وان اقتاد منك يعني اقتص منك فيما فعلت وهذا مقتضى العدل والانصاف. فقال الاعرابي لا. ابا الاعرابي ان يكون في موقف القصاص. فقال لم؟ فقال الاعرابي لانك لا تكافئ وبالسيئة السيئة. اذا مستقر عند الاعرابي يا رجل ان هذا الانسان ليس كسائر البشر. وانه يقف امام نبي عظيم الله وسلامه عليه. الاعرابي قبل ان يصدر منه الموقف. وتحدث الحادثة هذا الامر واقع في فؤاده مستقر في نفسه فماذا عني وعنك عبدالله؟ يا امة رسول الله عليه الصلاة والسلام صدقا. هل استقر في قلوبنا عظمة خلق رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ هل انطلقنا في في حياتنا ونحن نحمل في صدورنا شيئا مما حمله هذا الاعرابي رغم انه كما سمعت اساء في الموقف واساء في الصنيع وفي الفعل وفي القول لكن شيئا عظيما واقعا في قلبه فقال عن ثقة لا لانك لا تكافئ بالسيئة السيئة فضحك النبي عليه الصلاة والسلام ثم امر له على بعير ان يحمل له شعير وعلى الاخر تمر. والله ما كان هذا الموقف الاول في حياته عليه الصلاة والسلام وليس الاخرة في حياته عليه الصلاة والسلام وسيرته العطرة ملأى بمواقف من الصبر والاحتمال كم نحتاج نهذب فيها اخلاقنا وان نصفو فيها ان نصفي فيها كثيرا من سماتنا وطبائعنا وان نرتقي يا قوم باخلاقنا بتصرفاتنا باقوالنا بافعالنا نحن نقرأ في سيرته في خلقه الكريم عليه الصلاة والسلام ليكون ذلك عونا لنا على الرقي باخلاقنا على السمو بطبائعنا. لا تقل لكني كذا. والفت كذا ومن طبعي كذا. ما بعث عليه الصلاة والسلام الا معلما الا هاديا الا ليكون نبراسا لنا وقدوة واسوة ودليلا. هذه المواقف حقها ان تعلمنا وحقنا ان نرجع منها باثر في حياتنا فيرجع الغضوب عن غضبه. والاحمق عن حماقته والجاهل عن جهالته عن سفاهته لنعود اكمل خلقا واسمى صفات واحسن تعاملا في الحياة كيف لا ولنا رسول هو محمد عليه الصلاة والسلام. وسيرته ملأى نتعلم منها موقفا بعد موقف. نعم قال رحمه الله تعالى قالت عائشة رضي الله عنها ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصرا من مظلمة ظلمها قط ما لم تكن حرمة من محارم الله وما ضرب بيده شيئا قط الا ان يجاهد في سبيل الله وما ضرب خادما قط ولا امرأة هذه ثلاثة اشياء ذكرتها ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها والثلاثة تحكي حلم النبي عليه الصلاة والسلام وعظيم صبره قالت ما انتصر في مظلمة ظلمها قط يعني ابدا ما يقع عليه ظلم فينتصر. قالت ما لم تكن حرمة من محارم الله. وفي الحديث في صحيحين وما انتقم عليه الصلاة والسلام لنفسه الا ان تنتهك حرمة الله عز وجل. كم اساء اليه الكافرون اساء اليه احيانا المسلم الجاهل. فما وجدنا في السيرة انه انتقم لنفسه. انه رد الاساءة باساءة. وانه دفع العدوان عدوان مع ان هذا شرعا حق متاح وجزاء سيئة سيئة مثلها. وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به لكنه عليه الصلاة والسلام ارتقى الى الاكمل الى الافضل الى الاعظم انه يدفع الاساءة باحسان وانه يتألف القلوب المسيئة لتكون اكثر اقبالا على دعوته. وقبولا لنبوته صلى الله عليه واله وسلم. قالت وما ضرب وما ضرب بيده شيئا قط الا ان يجاهد في سبيل الله. نعم. ما ضرب بيده الا ان يحمل سيفا فيجاهد. لكن يضرب خادما لانه اساء ابدا يضرب امرأة كلا يضرب انسانا لا يفهم في التعامل ويخطئ مرارا بين يديه ما حصل هذا قط ولا حمل السيف الا في سلاح يجاهد في سبيل الله. ولما قاتل عليه الصلاة والسلام قاد في حياته غزوات وعاش في صراع مع قريش وغيرها من العرب وغير العرب. ممن ابى الاسلام واستكبر عن دعوة الله ورفض الا القتال خلال الجهاد في حياته عليه الصلاة والسلام. على مدى عشا على مدى عشر سنوات بالمدينة المنورة. ومع ذلك كله. ورغم تكرر وتعدد المواقف الا انك تعجب انه في كل مجموع غزواته ما اصاب عليه الصلاة والسلام مقتلا انسان بيده الشريفة قط ما حمل ولا قطع رقبة انسان حصل في الغزوات قتل وقتال. واريقت فيها الدماء واستشهد من بين صحابته رجال. ووقع في عدوه ايضا قتل واراقة دماء. لكن العجيب ان الدماء ما كتبت لتسفك على يد النبي عليه الصلاة والسلام. ولا عرف انه قتل الا في رمحه الذي رمى به. عليه الصلاة والسلام يوم بدر يوم احد وهو يرد على معتد مقبل واقبل ينشد رسول الله عليه الصلاة والسلام قائلا بعزة وانفة واستكبار افيكم محمد وهو ينتظر ان يسمع خبر الوفاة. فقال اجيبوه فرد عمر ورد الصحابة رضي الله عنه فما زال يتمارى في كفره. لما اقبل وهو يريد الاساءة طلب عليه الصلاة والسلام حربته فرماه بها فوقعت في ترقوته فوجد فيها موته في عودته. لكنك لا تجد على تكرر الحوادث والغزوات شيئا يثبت انه عليه الصلاة والسلام كان يحرص على قتل انسان. يا رجل هو يريد اخراج من الظلمات الى النور هو بعث ليسوقهم من جهنم التي وقفوا على شفيرها في جاهليتهم وكفرهم وظلام قائدهم ليقودهم الى جنة عرضها السماوات والارض. ابدا والله لم يكن متعطشا للدماء. ولا حريصا على اراقتها بل عليه الصلاة والسلام كما قال الله وما ارسلناك الا رحمة للعالمين. كانت رسالته رحمة ونبوته سلامة وهداية هذا الموقف وغيره من المواقف يدلك وفيها قول عائشة رضي الله عنها وما ضرب بيده شيئا قط الا ان يجاهد في سبيل الله ثم اكدت انه حتى في تعاملاته داخل البيت والاسرة وما ضرب خادما قط ولا امرأة صلوات الله وسلامه عليه قال رحمه الله تعالى وجيء اليه برجل فقيل هذا اراد ان يقتلك. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لن تراعى لن تراعى ولو اردت ذلك لم تسلط عليه. لن تراعى يعني لن يصيبك تخاف منه ولن يصيبك شيء من الخوف والقلق يمكن ان تخاف فيه على نفسك والرجل جيء اليه مقيدا مقبوضا عليه جاء يريد الغدر والقتل والخيانة برسول الله عليه الصلاة والسلام. فلما مكن منه به الى النبي عليه الصلاة والسلام قال لن تراعى لن تراعى يعني لن تخاف ولن يصيبك وجل ولا فزع ولو اردت ذلك يعني القتلى لم تسلط علي. يعني لانه يثق عليه الصلاة والسلام بقول ربه والله يعصمك من الناس. وبقول الله له اليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه. انطلق في حياته عليه الصلاة والسلام ممتلئا ثقة بربه الذي تكفل له. وممتلئا توكلا صادقا على ربه الذي بعثه وارسله فما عاش في حياته الا موثوق الصلة بالله. شديد الايواء الى ركن شديد في حسن ظنه بالله واتكاله عليه جل في علاه هذا الرجل هذا الموقف الشنيع الذي ربما كان موقفا يحتفظ احدنا بذاكرته هذا الموقف ولن ينساه ابدا امرت قتل ثم كشفت اوراقها وتجلت مؤامراتها وامر الله عز وجل واذن بحفظ وسلامة. ربما كان هذا من اعظم مواقف حياتك. لكنه في حياته عليه الصلاة والسلام موقف عابر لا يزيد على قوله لن تراعى لن تراعى لا تخف. واما انا فلا سبيل لك الي ولن يصيبني شيء مما كتب الله عز وجل وهو يحميني وينصرني فامر عليه الصلاة والسلام بالانصراف عن الموقف. لا زلت اقول مثل هذا انما يصدر عن قلوب كبيرة عظيمة امتلأت بهموم اعظم وبقضايا اكبر شغلت عليها احاسيسها ومشاعرها. فصلى الله على ذلك القلب الكبير تسليما. نعم. قال رحمه الله تعالى وجاءه زيد بن سعنة قبل اسلامه يتقاضاه دينا عليه فجبذ ثوبه على منكبه واخذ فجبذ ثوب ثوبه عن منكبه واخذ بمجامع ثيابه واغلظ له ثم قال انكم يا بني عبد طالب مطل فانتهره عمر وشدد له في القول والنبي صلى الله عليه وسلم يتبسم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انا وهو كنا الى غير هذا منك احوج يا عمر. تأمرني بحسن القضاء وتأمره بحسن التقاضي ثم قال لقد بقي من اجله ثلاث وامر عمر وامر عمر يقضيه وامر عمر وامر عمر ويقضيه ماله ويزيده عشرين صاعا لما روعه. فكان سبب اسلامه. وذلك انه كان يقول ما بقي من علامات النبوة شيء الا وقد عرفتها في محمد الا اثنتين لم اخبرهما يسبق حلمه جهله ولا يزيده شدة الجهل الا حلما. فاختبرته بهذا جده كما وصف. هذا زيد ابن سعنة يهودي اسلم ولاسلامه قصة لا يصححها كثير من اهل العلم منها بعض ما جاء في الرواية هنا فقد حكم عليه بعض اهل العلم بالضعف وآآ قال عليه الذهبي ما انكره وقال كثير من العلماء انه لا يصح اسناده وهو من الاحاديث المطولة التي اخرجها الطبراني غيره. اما زيد فاسلم. وحسن اسلامه. وشارك مع النبي عليه الصلاة والسلام في غزوة تبوك. وقتل وهو عائد رضي الله عنه توفي وهو عائد من تبوك مقبلا الى المدينة رضي الله عنه وارضاه. رجل من كبار رجالات اليهود بل وحبر من احبارها وكان لا ينادى بينهم في المدينة الا بالحبر لامامته وعلو شأنه عندهم في العلم والدين. لكن الله اراد له والهداية فاسلم رضي الله عنه وارضاه. قصة اسلامه رغم ضعف سندها فيها شاهد من شواهد الصبر المحمدي والحلم ابوية صلى الله عليه وسلم. وذلك انه اقترظ دينا قبل ان يسلم وجاء يتقاضاه يعني يطلب قضاء دينه ثم تصنع موقفا اظهر في اخر الرواية انه كان يقصد ذلك الصنيع اختبر ردة فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام وها هنا وقفة لاقول احيانا تمر بنا المواقف نختبر فيها ونحن لا نشعر. ليس بالضرورة ان يكون الذي يعاملك في موقف يختبر خلقك ومكانتك ليعرف ماذا انت عليه. لكن الحياة في الجملة كلها اختبار. وحياتنا كلها ابتلاء اشعرت رعاك الله انك في الموقف الذي يصيبك فيه الغضب ويستفزك فيه الشيطان انك في موقف امتحان فاثبت رعاك الله اه كريمة معدنك واثبت جليل خلقك. ترفع عن مجاراة الشيطان وترقى حفظك الله باخلاقك وتربيتك ليقول الناس رحم الله ابا رباك واما انجبتك. عندما يرى الناس في صبرك وحلمك في جلالة عقلك وكبير قدرك انك تترفع عن مجاراة السفهاء وعن مجاراة تلك المواقف التي يراد بها الاستفزاز هذا موقف صنعه زيد يريد ان يختبر رسول الله عليه الصلاة والسلام. وكم مر بعظنا بمواقف كان فيها يختبر. اما من بشر ارادوا اظهار موقف ليروا ماذا يفعل؟ وان لم يكن ذلك فاعلم ان حياتنا كلها اختبار. قال زيد فجاء فجبذ النبي عليه الصلاة والسلام بثوبه عن منكبه. يعني حتى اسقطه عن كتفه. وقال وهو يغلظ في القول يا محمد انكم يا بني عبد المطلب قوم مطل. مطل جمع مطول. والمطول الشخص الذي يماطل باستمرار. فيقول انتم يا اهل قريش يا بني عبد المطلب فيكم هذه الصفة الذميمة تماطلون في اداء الديون والتعامل مع اصحاب الحقوق ورد حقوق هذه صفة ذميمة فيكم معشر العرب يا بني عبد المطلب فيكم المماطلة معروفة عنكم وهو ذمامة وسوء خلق وشدد في القول والنبي عليه الصلاة والسلام يتبسم لا تظن ان وحيا نزل ساعتها واخبره بان الرجل كان يريد الاختبار فاعلم يا محمد انه ينبغي عليك الا ترد بغضب لكن ان الطبع المحمدي كان هكذا على الدوام. ومر بك موقف الاعرابي ولا يزال هذا الموقف غيره على التكرار يثبت لك صفاء القلب محمدي عليه الصلاة والسلام وسعة الحلم الذي اعطاه الله عز وجل اياه. قال وهو يتبسم وعمر رضي الله عنه غضب لان الموقف فيه اساءة لا يرضاها احدنا لابيه اذا اتجه له في الموقف ولا يرضاها لانسان عزيز عليه فكيف برسول الله عليه الصلاة والسلام غضب عمر وانتهر اليهودي واغلظ له في العبارة فتبسم. عليه الصلاة والسلام وقال انا وهو كنا الى غير هذا منك احوج يا عمر يعني ما كنا بحاجة الى غضبك. انا كنت احتاج منك شيئا وهو يحتاج منك شيئا. ما هو؟ قال تأمرني بحسن القضاء وتأمره بحسن التقاظي يعني ان كنت ولابد متصرفا في الموقف يا عمر فعليك ان تنصحه باللطف في التقاضي يعني في طلب حقه وتأمرني ايضا باللطف والاحسان في القضاء ورد الديون فقال يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام انا وهو كنا الى غير هذا منك احوج يا عمر تأمرني بحسن القضاء وتأمره بحسن تقاضي ثم قال لقد بقي من اجله ثلاث يعني جاء الرجل وفعل كل ذلك ولم يحن بعد موعد سداد الدين. بقي من تليه ثلاث باقي ثلاثة ايام والموعد ما حل. اذا لم يكن لموقفه هذا اي مسوغ وليس له حق فيما قال ثم امر عمران يقضيه ما له. لا. قال ويزيده عشرين صاعا لما روعه بسبب انتهاء عمر وغضب عمر وربما روع اليهودي. فامر بجبر خاطر لليهودي هذا فيما حصل من موقف كان ترويعا له وزاده عشرين صاعا؟ قال فكان سبب اسلامه. وذلك انه كان يقول ما بقي من علامات النبوة شيء الا وقد عرفتها في محمد عليه الصلاة والسلام الا اثنتين لم اخبرهما. يعني ما اختبرتها ولا ثبتت عندي صفتان. اراد بهذا الموقف ان يكتشفهما. قال يسبق حلمه جهله الجهل الغضب. سرعة الانفعال مقابلة الاساءة باساء التمادي. الجريان مع السفهاء كل من التجاهل يسبق حلمه جهله. الحلم عنده اسبق. قال ولا يزيده شدة الجهل الا حلما. فاختبره بهذا فوجده كما وصف صلوات الله وسلامه عليه. اختبره اليهودي فثبت عنده الموقف. ونحن نقرأ سيرته العطرة عليه الصلاة والسلام فتواتر عندنا والذي بعثه بالحق ان قلبه عليه الصلاة والسلام ملئ رحمة وحلما. وان صدره الشريف عليه الصلاة والسلام كان مملوءا حبا للخير لامته وارادة لها بالنجاة ودخول الجنة فصلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا نعم قال رحمه الله تعالى والحديث عن حلمه عليه السلام وصبره السلام والحديث عن حلمه عليه السلام وصبره وعفوه عند المقدرة. اكثر من ان نأتي عليه. وحسبك كما ذكرناه مما في الصحيح والمصنفات الثابتة الى ما بلغ متواترا مبلغ اليقين. من صبره على مقاساة قريش واذى الجاهلية ومصابرته الشدائد الصعبة معهم الى ان الى ان اظفره الله الله عليهم وحكمه فيهم وهم لا يشكون في استئصال شفأتهم شأفتهم وهم لا يشكون هنا في استئصال شأفتهم وابادة خضرائهم فما زاد على ان عفا وصفح وقال ما تقولون اني فاعل بكم؟ قالوا خيرا. اخ كريم وابن اخ كريم فقال اقول كما قال قيوسف لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين. اذهبوا فانتم الطلقاء. صلى الله عليه واله وسلم هذا اعظم موقف في العفو والصفح شهده التاريخ يا بني الاسلام ما عرف التاريخ موقفا فيه صفح عظيم. وفيه حلم كبير كمثل هذا الموقف يوم فتح مكة. قدم عليه الصلاة والسلام ففتح الله له مكة ارضها واهلها ودخلوا في الاسلام وقد امنهم عليه الصلاة والسلام دخل مكة بعد احدى وعشرين سنة عشرة سنة منها بمكة وثماني سنوات منها بالمدينة قضاها في نزاع مع قريش. قضى قضاها في معاداة وعدوان. بل اشتد العدوان بعدما هاجر الى المدينة عليه الصلاة والسلام عاش ثلاث عشرة سنة بمكة فيها الاساءة والاعتداء فيها التسفه فيها السب والشتم قالوا كذاب ساحر شاعر مجنون وضعوا سلا الجزور على ظهره الشريف اذوه فتنوا اصحابه قتلوا بعضهم اضطروهم الخروج بالهجرة في المرة الاولى الى الحبشة في الثانية الى المدينة. ساموهم سوء العذاب. فتنوا الناس عن دينهم. والنبي عليه الصلاة والسلام صابر محتمل بلغ بهم الامر الى المؤامرة على قتله عليه الصلاة والسلام. فلما خرج ما خرج من مكة مهاجرا يريد جات من الموت ليثأر ولينتقم كلا والله. انما اراد الخروج ليعيش جولة اخرى من المحاولة عل الله يهديهم الى الاسلام كان يبحث في الحياة عن فرص اخرى فيها مجال متسع ليعود باكبر قدر منهم الى حظيرة الاسلام ليخرجهم من ظلام الشرك والجاهلية. كانت رأفته في قلبه اعظم مما يقع في قلب احدنا من رغبة الانتقام في الاعتداء عندما يقع والثأر عندما يساء الى احد منا عاش عليه الصلاة والسلام بهذا المعنى الكبير. قدم مكة سنة ثمان والثماني السنوات من الهجرة الى المدينة كانت ملأى بغزوات سيقت فيها جحافل الجيوش الى مشارف المدينة في بدر في احد في ماذا يعني لك عدو يأتي بجيشه يجمع الناس ويجمع الاحزاب ويؤلب عليك القبائل ويسوق الالوه فتلو الالوف مرة بعد مرة يريد غزوك في دارك في مدينتك. يريد قتلك وقتل اصحابك. يريد ابادتك يريد ازالتك من ثم تدور الايام في كتب الله لك التمكين. ويأتي عليه الصلاة والسلام ويدخل مكة فاتحا. مظفرا منتصرا يحمل عليه الصلاة والسلام في ذاكرته رصيد احدى وعشرين سنة من العدوان والصد عن سبيل الله. من الاذى الذي وجده في بمكة وفي مستقره بالمدينة من القتل الذي اصاب اصحابه من الحزن والهم مما اصابه عليه الصلاة والسلام في مواقف تبلغ العشرات والمئات اتى يوم ظفر وانتصر عليه الصلاة والسلام. هذا الرصيد المتراكم على مدى احدى وعشرين سنة ولما مكنه الله منهم وهم ينظرون ويرقبون وقد تجمعوا حول الكعبة. فيسألهم هذا السؤال ما تظنون اني فاعل بكم ولا يشك احد ساعتها انه ظفر عليه الصلاة والسلام برقاب قوم طالما سخروا له قذاء وجيشوا له الجيوش والبوا عليه القلوب والقبائل وساقوا كل مستطاع بايديهم مالا وعتادا وسلاحا امرا ونهيا الى قتله الى التخلص منه. ما استطاعوا قتله بمكة. فلحقوه بالمدينة في غزوة تلو غزوة. ما يريدون الا الفكاك من ما مكنوا منه ولما مكن منهم عليه الصلاة والسلام يسألهم ما تظنون اني فاعل بكم وهم حوله عند الكعبة لا يشكون لحظة انها الساعة التي يأمر فيها بقطع الرقاب واراقة الدماء وابراد الصدور لكن الصدر لم يكن محتقنا كيف لا وهو صدر محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام فقالوا متلطفين في الجواب خيرا اخ كريم وابن اخ كريم الان كريم بعد احدى وعشرين سنة والله ما قالوها مجاملة ولا تصنعا. لكن قالوا الحقيقة التي كانوا يكابرونها على مدى احدى وعشرين سنة كانوا يعلمون صدقه وكرمه. لكن كانوا يكابرون والشيطان من ورائهم. كانوا يعادون والكفر قائدهم فلما حانت ساعة الصدق ما تزيفوا عبارة يلتمسون بها رضا قلب المصطفى عليه الصلاة والسلام لكن نطقوا الحق الذي عليه قلوبهم ما عرفوا منه الا الكرم. كرم الخلق كرم العطاء كرم المن كرم السماحة والوفاء. قالوا اخ كريم وابن اخي كريم قال اقول كما قال اخي يوسف لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين اذهبوا فانتم الطلقاء اليوم نحتاج ان يتنازل الاخ عن اخيه ان يتنازل الجار عن جاره. الزوج عن زوجته. الزوجة عن زوجها. الاب عن اولاده. ملئت صدور بعظنا اليوم شيئا من محامل الحقد والاساءة والاذى هلم نتعلم من خلق رسول الله عليه الصلاة تعالوا نغسل القلوب نغسل القلوب ونحن نقرأ في سيرته عليه الصلاة والسلام لنعلم حقيقة معنى القلوب الصافية لنعلم حقيقة معنى نقاء الصدور وسلامتها لم يحدثها احد ولن تجد في سيرة احد شيئا من معنى سلامة الصدر ونقاء القلب كمثل ما تجده في سيرة رسول الله. عليه الصلاة والسلام. املأ قلبك اولا حبا متناميا لهذا النبي الكريم. عليه الصلاة والسلام. والله عفا عنهم يوم فتح بمكة لسلامة رقابهم ولبقاء الدين مستمرا في ذرياتهم واجيالهم. لادرك زمني وتدرك زمنك اليوم مسلم لمن تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم املأ قلبك ثانيا وانت تقف على مثل هذه المواقف لتتعلم من مواقف القدوة والاسوة في حياة المصطفى عليه الصلاة والسلام. ما نترفع به عن الحقائب عن الاحقاد عن موغيرات الصدور عن سواد القلوب. دعونا نغسل القلوب ونبيض الصدور في ماء السيرة. دعونا ننقعها في في اخباره عليه الصلاة والسلام في سيرته العطرة في شمائله النضرة فانا والله لنجد فيها خيرا عظيما. وصدق من قال يا من له الاخلاق ما تهوى العلا منها. وما يتعشق الكبراء زانتك في الخلق العظيم شمائل يغرى بهن ويولع الكرماء فاذا سخوت بلغت بالجود المدى. وفعلت ما لا تفعل الانواء واذا عفوت فقادرا ومقدرا لا استهينوا بعفوك الجهلاء صلى الله عليه واله وسلم نعم اللهم صلي على محمد وقال انس رضي الله عنه هبط ثمانون رجلا من التنعيم صلاة الفجر اقتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخذوا فاعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فانزل الله تعالى وهو الذي كف ايديهم عنكم وايديكم عنهم ببطن مكة من بعد ان اظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا. كان هذا يوم فتح مكة ايضا. وقد دخل عليه الصلاة والسلام مكة منتصرا مبجلا عليه الصلاة والسلام. قال انس رضي الله عنه كما في صحيح مسلم هبط ثمانون رجلا بالسلاح من التنعيم. يعني اقبلوا من خلف الجبل وهبطوا يعني اصابوا النبي عليه الصلاة والسلام يريدون المخادعة والاصابة فجأة على غرة بصلاة صبحي ليقتلوا رسول الله عليه الصلاة والسلام قال فدعا عليهم فاخذوا يعني ما استطاعوا الوصول الى مرادهم ولا تنفيذ مؤامرتهم وقبض عليهم وقيدوا فاعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فانزل الله قوله في سورة الفتح وهو الذي كف ايديهم عنكم وايديكم عنهم ببطن مكة من بعد ان اظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا. ما زلت اقول في مثل هذه المواقف نحتاج ان نتعلم حقيقة كيف يتصبر احدنا؟ كيف يملأ صدره حلما وصبرا؟ كيف يستطيعوا ان يتشرب معنى العفو والصفح. هذا انما يؤتى بالممارسة. يؤتى بالتعلم واعظم ما نتعلمه وما نمارسه ادمان النظر في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام. والله ساعود فاقول لسنا بحاجة لان نتعلم كيف نعفو عن عدو عاد انا ولا عن شخص ترصد لنا العداء سنين عددا كما حصل مع كفار قريش في موقف الفتح يوم مكة لكن نحتاج اليوم الى ما هو اقل من بكثير يعفو الاخ عن اخيه وابن العم عن ابن عمه والجار عن جاره والشريك عن شريكه. هذه الحياة لا تخلو من مواقف الاذى ولسنا بمعصومين ولو صفت الحياة لاحد لصفت لرسول الله عليه الصلاة والسلام لكننا بشر وحتما سنجد في الحياة من يسيء الينا ومن يعتدي ومن ومن يخطئ في حقنا ومن يعتدي ايضا على حقوقنا ونحن نتردد في هذه المواقف في الحياة بين تصرفات شتى اجعل حظك في مواقف الحياة اسوتك برسول الله عليه الصلاة والسلام وقد عرفت وقرأت وسمعت من عظيم خبره ما ترفع به عن الانتقام والثأر مع عدو ترصد له بالعداء وتربص به سنوات متتابعة من عدو اراد قتله فلما تمكن منه عفا عنه عليه الصلاة والسلام. صدقوني اختلافنا ومعاداتنا وسوء مع من حولنا من الناس لن تبلغ والله ابدا عداوة قريش لرسول الله عليه الصلاة والسلام. فتعلم كيف صنع مع عدوك وان بلغ به المعاداة في التعامل معه ارادة القتل. وتجييش الجيوش والتتبع والتربص سنوات متتابعة لن يبلغ عدوك وهو اخ لك وجار من جيرانك او ذو قرابة ورحم من ارحامك او ابن من ابنائك او مسلم اخ لك كفي الاسلام سواء كانت بينك وبينه شراكة في تجارة او مال او بينك وبينه اختلاف على عقار او مال او تجارة او اختلفت واياه على موقف ما في الحياة في بيئة عمل او دراسة ايا كانت المواقف رعاك الله لن تبلغ في سوءها وعدوانها واساءتها لك ما بلغت قريش في اساءتها وعدوانها لرسول الله عليه الصلاة والسلام. ومع ذلك فانظر ماذا فعل عليه الصلاة والسلام علنا ان نتعلم في تلك المواقف شيئا يعيننا على ان نسمو باخلاقنا وان نترفع بنفوسنا وان نطهر قلوبنا فتعيش حقيقة معنى النقاء معنى الصفاء معنى بياض القلوب وانشراح الصدور عندما نملأ القلوب بامر اعظم من مجرد الاشتغال بملاحقة الناس وتتبع العثرات او التقريب في صفحات الماضي للوقوف على العثرات ومواقف الاساءة فتبنى عليها مواقف متراكمة نحن في غنى عنها. لو امتلأت القلوب بما هو انفع واعظم بركة لها. ولن تجد شيئا اعظم ا بركة لمداواة القلوب في هذه الامور في مواقف الحياة كمثل معالجتها بالاسوة برسول الله عليه الصلاة والسلام قال رحمه الله تعالى وقال لابي سفيان وقد سيق اليه بعد ان جلب اليه الاحزاب قتل عمه واصحابه ومثل بهم فعفا عنه ولاطفه في القول وقال له ويحك يا با سفيان الم يأن لك ان تعلم ان لا اله الا الله. فقال بابي انت وامي ما احلمك واوصلك واكرمك صلى الله عليه واله وسلم هذا ابو سفيان سيد من سادات قريش واسلم يوم فتح مكة رضي الله عنه وارضاه. لكنه قبل اسلامه كان قائدا للكفر في عدوانه لرسول الله عليه الصلاة والسلام ابو سفيان قائد قريش يوم بدر ابو سفيان احد العقول المفكرة التي جيشت يوم احد. ابو سفيان قائد الاحزاب جمع عشرة الاف من الاحابيش واحلاف قريش يقودهم الى المدينة في اكبر جيش تجمع لقتال رسول الله عليه الصلاة والسلام في تاريخ السيرة النبوية. ابو سفيان هو الذي فعل وترصد وقاد ودبر وخطط ومكر لكن ابا سفيان رضي الله عنه كانت له سابقة خير واراد الله به الهداية الى الاسلام وعاش رضي الله عنه حتى ادرك يوم فتح مكة. ابو سفيان سيد من السادات قائد من القواد ورأس من رؤوس قريش من العظماء لا ينازع في هذا فخرا وسيادة ورياسة اليه ترجع قريش وعن امره تصدر. ومع ذلك ما صدر منه ما صدر في خلال سنوات السيرة النبوية وجاء يوم فتح مكة. قال المصنف بعد ان جلب اليه الاحزاب وقتل عمه هو واصحابه ومثل بهم يريد ما حصل يوم احد. فان ابا سفيان كان من قواد قريش انذاك. قال فعفا عنه ولاطفه في قول وقال ويحك يا ابا سفيان الم يأن لك ان تعلم ان لا اله الا الله هذه العبارة بكل لطافتها انما تتلطف بها قلب انسان قريب ودود ليس قلب انسان انشأ بينك وبينه من العداوات على مدى احدى وعشرين سنة ومن بينك وبينه في سجل حافل من الثأر والانتقام وتاريخ القتل واراقة الدماء مثل ما كان لابي سفيان لكنه عليه الصلاة والسلام نظر الى امر اعظم ابو سفيان رأس من رؤوس قريش. اسلامه عند رسول الله عليه الصلاة والسلام والله احب اليه من قتله. لان قتله ان كان قد قتل فلن يكون الا انتقاما شهداء اختارهم الله جل وعلا. لكنه ان اسلم فسيصيب باسلامه نجاته اولا من النار ويصيب ثانيا اثره العظيم في قريش وهو رأس من رؤوسها وكذلك كان ماذا قصد عليه الصلاة والسلام يوم فتح مكة؟ لما اقبل وجيشه الفاتح داخل مكة بين جبالها وفي وديانها وهو يعلن لاهل مكة جميعا ذلك اليوم. فيقول من اغلق بابه دونه فهو امن ومن دخل المسجد الحرام فهو امن ومن دخل دار ابي سفيان فهو امن يريد عليه الصلاة والسلام الا يبقى احد في الطرقات والا يواجه الجيش لانه بمثابة اعلان القتال اراد عليه الصلاة والسلام ايقاف المواجهة وان يأمن الناس جميعا حقن دمائهم احب اليه عليه الصلاة والسلام. فتح ابواب التأمين لهم. فقال من دخل داره امن ومن اتى المسجد الحرام امن ولا يبقى احد اما ان يدخل داره واما ان يدخل المسجد الحرام فما الذي يحوجهه عليه الصلاة والسلام لان يقول ومن دخل دار ابي سفيان فهو امن وماذا ستتسع لها دار ابي سفيان لقريش كلها؟ لا ولا لنصفها ولا لربعها ولا لعشرها. فماذا قصد عليه الصلاة والسلام قصد الحفاوة بابي سفيان قصد الاشادة بشأنه وثبت في بعض طرق الحديث قال ان ابا سفيان رجل يحب الفخر فله حظه من ذلك فاعطاه عليه الصلاة والسلام دخلت الناس دورها ودخلت المسجد الحرام وامن الجميع الا من استثنى واريقت دماؤهم اما لقتالهم او من كانت له سوابق كما حصل فالمقصود لما قال عليه الصلاة والسلام ومن دخل دار ابي سفيان فهو امن. اعلم رعاك الله ان ابا سفيان رغم كفره الممتد الى فتح مكة ورفضه الاسلام تماما كما حصل مع امية بن خلف وابي بن خلف ومع كبار صناديد قريش كعقبة بن ابي معيط هو واياهم في هذا الكفر كانوا سواء فلماذا حظي ابو سفيان رضي الله عنه بما لم يحظى به اولئك الاشقياء اولئك ماتوا على كفرهم وهم من حطب نار جهنم وفيهم فرعون هذه الامة ما الذي يفرق بينه وبينهم؟ لو تأملت لوجدت ان ابا سفيان على مدار التاريخ وعلى عداوته وكفره برسول الله عليه الصلاة والسلام الا انه لم تحفظ له اساءة مقصودة منه لشخص الله عليه الصلاة والسلام كان في امية بن خلف وابي بن خلف وفي ابي جهل وفي ابي لهب وفي عقبة وغيرهم من صناديد قريش عدوان واحتقار استهزاء لشخص رسول الله عليه الصلاة والسلام. لكن شيئا من ذلك ما صدر عن ابي سفيان. فرجل كانت له كرامته في اخلاقه رغم فكتب الله له الهداية للاسلام فاسلم. فحظي بهذه السيادة اراد الله الهداية لابي سفيان فاسلم رضي الله عنه وارضاه. وهذه الملاطفة منه عليه الصلاة والسلام تحمل وراءها حلما عظيما جميلا وعفوا عظيما منه صلى الله عليه وسلم لرجل كابي سفيان. فقال له ملاطفا ويحك يا ابا سفيان الم يأن لك ان تعلم ان لا اله الا الله قالها له لما خرج اليه عليه الصلاة والسلام قبل دخوله مكة فانه لما اقبل عليه الصلاة والسلام واتى مكة ونزل بجيشه العظيم على مشارف مكة فعلمت قريش ان لا سبيل لها الى المقاومة ولا قتال وقبل ان يدخل مكة عليه الصلاة والسلام. خرج العباس بابي سفيان ليريه شيئا من عظمة شأن النبي عليه الصلاة والسلام فطوفه فاراه بعينيه ما ال اليه امر النبي عليه الصلاة والسلام من عزة ومنعة وانتشار وقبول عظيم حتى انقادت له تلك الجموع التي بلغت عشرة الاف يوم فتح مكة. وفي تلك الجولة لقي النبي عليه الصلاة والسلام ابا سفيان وهو في صحبة العباس يريد اطلاعه في جولة على ما حصل. فقال له وعليه الصلاة والسلام يرصد اسلامه وتليين قلبه قال فيا ابا سفيان الم يأن لك ان تعلم ان لا اله الا الله فقال ابو سفيان بابي انت وامي ما احلمك واوصلك واكرمك عليه الصلاة والسلام. عرف بعد هذا التاريخ حلمه ووصله وكرمه عليه الصلاة والسلام الحديث صححه الحافظ ابن حجر والسيوطي والالباني وغيرهم مجموع طرقه نعم قال ابو الفضل رحمه الله تعالى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ابعد الناس غضبا واسرعهم رضا. صلى الله عليه وسلم. هذه الجملة هي خاتمة الفصل الذي قضيناه الليلة وليلة الجمعة الماضية في الحلم والصبر والعفو منه عليه الصلاة والسلام. كان ابعد الناس غضبا واسرعهم رضا يعني لا يغضب بسرعة فان غضب فانه اسرع ما يكون رضا. وهذي اكمل المراتب وفي حديث اخرجه الترمذي واحمد وحسنه الترمذي رغم ان مدار اسانيده على علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف وفيه قوله عليه الصلاة والسلام يصف اصناف البشر تروى مراتبهم من ناحية الغضب والرضا. قال الا ان بني ادم خلقوا على طبقات شتى. وقال في الحديث الا وان منهم بطيء غضبي سريع الفيء ان منهم يعني من البشر من هو بطيء الغضب سريع الفيء. يعني لا يغضب بسرعة حليم. واذا وقع له الغضب فانه سرعان ما ايفيقوا يعني يرجع عن غضبه وهذا ولا شك اعلى المراتب. قال ومنهم سريع الغضب سريع الفيء. يعني يغضب بسرعة ويرضى سرعان. قال عليه الصلاة والسلام فتلك بتلك. يعني حسنته تذهب بسيئته. يعني ان كانت سيئته سرعة الغضب فان سرعة الفيء. الاوان منهم سريع الغضب بطيء الفيء عكسه. يسرع يغضب بسرعة لكنه بالكاد يرضى ولا يصبر ولا يتحمل الا لماما. وهذا اسوأهم. قال الا وخيرهم بطيء الغضب سريع الفيء وشرهم سريع الغضب بطيء الفيء وقد كان عليه الصلاة والسلام في اكمل هذه المراتب واسماها واعلاها هذه ليلة شريفة عطروا فيها افواهكم وامتعوا بها ارواحكم بالصلاة والسلام على نبي الامة صلوات الله وسلامه عليه فانه بعث رحمة وهداية ونورا كالشمس اشرق فاستفاق الكون في حلل بهية هو رحمة ما زال صيبا يصح على البرية يا رب صل عليه ما لاح لنا سحب ندية. فصلى الله وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما. دائمين ابدا. نسألك اللهم علما نافعا. وعملا صالحا رزقا واسعا وشفاء من كل داء. ارحم يا رب موتانا واشف مرضانا واهد ضالنا يا ذا الجلال والاكرام. هيئ لنا امة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم اهدنا لاحسن الاخلاق مال لا يهدي لاحسنها الا انت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها الا انت. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة قنا عذاب النار