بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. حمدا كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والاكرام. ذو الفضل والمن والعطاء والانعام واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين وحبيب رب العالمين وقرة عيون المحبين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد. فهذه ليلة شريفة مباركة معشر المؤمنين. تتجدد كل اسبوع ندرك فيها من رحمة الله بنا وخيراته ونعمائه ونفحاته. بل صلوات الله جل جلاله بنا معشر امة الاسلام بالصلاة والسلام على نبي الاسلام صلى الله عليه واله وسلم. وانما كانت هذه الليلة الشريفة ليلة الجمعة بهذه المثابة دون غيرها من الليالي لما يحف بها من عظيم فضل الصلاة والسلام على رسول الله. صلوات الله وسلامه عليه وهو القائل اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. والا فانه كلما صلى عبد على نبيه صلى الله عليه وسلم نالته من ربه عشر صلوات. فضلا من الله ورحمة. بل وحثا واغراء للعباد بالصلاة والسلام على نبيه الاكرم صلوات الله وسلامه عليه. ربنا عز وجل يغرينا امة الاسلام. ويحبونا بصلواته الكرام سبحانه وتعالى. ويحثنا على اقبالي على طلب الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. مع ان الله عز وجل اخبرنا بانه تولى الصلاة على نبيه عليه الصلاة والسلام. لكن ما اجر لنا وفخر لنا وذخر لنا ان نصلي ونسلم على نبينا صلى الله عليه وسلم تأتي ليلة الجمعة فتحفنا بالبركات بالصلوات بالهبات والنفحات وعظيم المكرمات كلما اكثرنا من الصلاة والسلام على ابي الامة صلوات الله وسلامه عليه. فرحم الله عبدا نال حظه الاوفر هذه الليلة بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وطوبى لعبد اشتغل ليلته وغده الجمعة بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام. فملأ صحيفته نورا وصلاة من ربه وحضورا وسعادة وانشراحا في الصدور هي فرحة يا كرام وسعادة وصلاة من ربنا جل في علاه علاه ليلة الجمعة هذه في رحاب بيت الله الحرام؟ ما زلنا نقضيها في مجلس يحملنا على كثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ونحن نعطر الاسماع ونشنف الاذان ونبهج القلوب بالعطر من سيرته بالذين من اخباره بمتعة القلب من شأنه وشمائله وكريم صفاته عليه الصلاة والسلام. هي والله سعادة القلوب وانس وانس النفوس وراحة الارواح تقليب الاسماع وترتيب الافواه بالصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام ونحن مع ذلك نكتسب ادبا وعلما. وحبا ووفاء وحسن اقتداء واتباع للنبي الاكرم صلوات الله وسلامه عليه. مجلسنا هذا يتتابع في كتاب الشفاء. بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم للامام عياض ابن موسى ليحصوا بي رحمة الله عليه وما زلنا في فصول الباب الثاني من الكتاب الذي خصه المصنف رحمه الله ذكر صفات وشمائل وخصائصي وطباع نبينا عليه الصلاة والسلام. تلك الصفات والخصائص التي نال بها الكمال البشري التي رفعه الله تعالى بها فوق البشر منزلة حتى سمى عليه الصلاة والسلام بهذه المرتبة فكان قدوة واسوة ودليلا لقد حفظ على القلوب حبها له عليه الصلاة والسلام. واسرها طاعة واقتداء واتباعا. لما اودع الله عز الا في كريم اخلاقه من كمال وجلال وعظمة. هذه الصفات التي تتابعت بين فصل واخر نقلب فيها الصفحات حتى جاء مجلس الليل في فصل نقلب فيه طرفا من الكرم المحمدي والجود النبوي عن البحر الزاخر والنبع المتدفي عن العطاء الذي اصبح مظربا للامثال عن كرم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كرم لا ككرم وجود لا كجود الاسخياء انه جود رسول الله. عليه الصلاة والسلام. عندما يتحدث عن الكرم يتحدث الناس عن بذل المال والطعام. يتحدث الناس عن انفاق الدرهم والدينار. اما كرم رسول الله عليه الصلاة والسلام يا كرام فهو انفاق مهجة فؤاده عليه الصلاة والسلام. وراحة بدنه ونوم عينيه. لقد جاد بها عليه الصلاة والسلام حتى استنقذ الله به امة الاسلام من الظلمات الى النور. واخرجنا الله تعالى به وقد كانت الامة على شفا حفرة من نار فاخرجنا الله تعالى به الى جنة عرضها السماوات والارض. فاي كرم عرفته البشرية اعظم من هذا الكرم؟ واي عطاء وانا له انسان على يد انسان اعظم من عطاء رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي ارسله الله تعالى به للامة جمعاء نحن اليوم نقف على لون من العطاء والكرم من البذل والجود من السخاء الذي لا يعرف البشر مثله في التاريخ لكنا نقف على طرف منه لنعرف عندما يقال الكرم ويضرب المثل بالجود والعطاء فانه يبلغ المنتهى عند ابواب بالكرم المحمدي وجود رسول الله عليه الصلاة والسلام. نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. اللهم اغفر لنا قنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. هذا هو المجلس السادس والثلاثون من مجالس تدارس كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. للقاضي العلامة ابي الفضل عياض ابن موسى ابن عياض الي اندلسي رحمه الله تعالى رحمة واسعة قال رحمه الله تعالى وباسانيدكم المتصلة الى المؤلف رحمه الله تعالى قال فصل في جوده وكرمه وسخائه وسماحته صلى الله عليه وسلم واما الجود والكرم والسخاء والسماحة ومعانيها متقاربة وقد فرق بعضهم بينها بفروق فجعلوا فجعلوا الكرم الانفاق بطيب النفس فيما اعظم خطره ونفعه وسموه ايضا حرية فيما يعظم خطره ونفعه وسموه وسموه ايضا حرية. وسموه ايضا حرية وهو ضد النذالة. نعم يقال للكريم حر ابي ويوصف الكرماء بانهم احرار والمقصود بالحرية هنا انعتاق النفس عن الشح فيوصف الرجل بالكرم فيقال هو حر النفس ابي وحوى والحرية هنا كما قلت يراد بها انعتاق النفس من بخلها. من شحها فان النفس محبة للمال جامعة له بل محبة للخير كما قال الله عز وجل ان الانسان لربه لكنود وانه على ذلك لشهيد. وانه لحب الخير لشديد. وقد فسر الحب ها هنا بالمال والمتاع فالمقصود ان الانسان محب للمال فطرة. ويريد الخير لذاته بحكم الجبلة والطبيعة التي خلق عليها. فاذا تحرر من ذلك انعتق فهو حر. فالكرم ها هنا حرية. والسخي ها هنا يوصف بهذا الوصف الذي اشار اليه المصنف رحمه الله تعالى. نعم قال رحمه الله والسماحة التجافي عما يستحقه المرء عند غيره بطيب نفس. وهو ضد الشكاسة فيتسامح المرء مثلا في حقه الذي له عند غيره. فيقال سمح له يعني عفاه وتنازل. او ارجأ حقه الى اجله اخر وهو من السماحة وقد قال عليه الصلاة والسلام رحم الله امرءا سمحا اذا باع سمحا اذا اشترى. سمحا اذا قضى سمحا اذا اقتضى. فالسماحة خلق كريم والمراد بها كما قال المصنف التجافي عما يستحقه المرء عند غيره. التجافي عن الابتعاد وتركه والتنازل عن اما بالكلية واما بالتراخي والتواني والتساهل في طلبه. صاحب الحق له حق فاذا جاء حقه وحضر وقته فله المطالبة به. لكن السماحة تعني ان تتنازل عن بعض حقك. وان ترضى بتأجيله او بالعفو عنه بالكلية هذا من سماحة النفس هو خلق يحمل صاحبه على التنازل عن حقوقه لا عن ضعف لكن عن جود وكرم نفس كما قال بطيب نفس وضد ذلك الشكاسة. المشاكسة الاصرار على الحق بل والمطالبة بما فوق قال حقي. فاذا رأيت رجلا اصبح فيه لجج في الخصومة وفيه مفتعال لكثير من الاشكال لادنى سبب فانه خلق يجافي السماحة ويضادها كما قال المصنف رحمه الله. نعم. قال رحمه الله والسخاء الانفاق وتجنب اكتساب ما لا يحمد وهو الجود وهو ضد التقدير. اذا كرم وسخاء وجود هذه الفاظ متقاربة تدل في جملتها على العطاء. على البذل ضده التقتيل البخل الشح فهي الفاظ متقاربة يضادها ايضا الفاظ متقاربة وكان صلى الله عليه وسلم لا يوازى في هذه الاخلاق الكريمة ولا يبارى بهذا وصفه وكل من عرفه كل بهذا وصفه كل من عرفه. اي اخلاق نقصد يقول كان عليه الصلاة والسلام لا يوازى في هذه الاخلاق الكريمة ما هي الكرم السخاء الجود البذل العطاء. وصدق رحمه الله. يا قوم عن اي جود في رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ نتكلم عن اي كرم تريد ان ان تتحدث او تصف عن اي عطاء وبذل وجدته الامة في نبيها عليه الصلاة والسلام هل تتحدث عن البحر المتلاطمة امواجه؟ ام عن الغيث المنهمر؟ ام تشبه بالريح المرسلة؟ ام بالنفع المتدفق لا يقف ولا ينضب ام عن النهر الجاري الذي انتفع به كل من مر به واتى على خيره ومائه وقد صدق من قال كريم به لفظ الكريم مقصر اذا قيل عن قوم كرام توسعا. لفظة الكرم قليلة في حق المصطفى عليه الصلاة سلام يا احبة ليس هذا مبالغة ولا انجرافا في عاطفة تجاه رسول الله عليه الصلاة والسلام وحق والله ان تجري له عواطف القلوب. لكنه الكلام بان عما حبى الله به نبينا عليه الصلاة والسلام من كرم وجود وبذل وعطاء سنقرأ في درس الليلة طرفا من تلك المواقف التي شهدها الصحابة رضي الله عنهم فحفظوها ورووها. لكني ما زلت اقول اذا كان كرم الكرماء ببذل المال والسخاء وانفاق الطعام وكسوة الثياب. فقد بلغ من كرمه عليه الصلاة والسلام شيء فوق ذلك بكثير هو كما قلت بذل العمر وكرم الوقت والجود بالنفس منه عليه الصلاة والسلام. لقد بذل ما يستطيع. لا تتحدث عن بذل مال فكثير يبذله. لا تكلم عن انفاق واعطاء لمال وطعام وثياب فكثير في الامة يفعله. وقد فعله كثير من الكرماء في العرب العرب لكن حدثني عن انسان بذل نوم عينيه وراحة بدنه وعمره باكمله لامته عليه الصلاة والسلام. يأتيه الرجل في داره وفي مسجده وتأتيه الامة فتأخذ بيده ما قال لانسان ابحث عن غيري ولا اعتذر ولا انصرف هذا وهو متصل بالملكوت الاعلى يجالس الملائكة ويأتيه الوحي ويقوم بهم الامة ويشتغل بتبليغ الدين فما اعتذر لزوجة ولا لخادم ولا لصاحب ولا لضيف ولا لوافد وما اتاه انسان فقال له عد الي غدا او انصرف الى غيري ان اي كرم تريد ان تتكلم في كرم حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام. اما قالت عائشة رضي الله عنها تصف ما ال اليه امره في اخر حياته عليه الصلاة والسلام. تقول كان اكثر صلاته بالليل اخر حياته جالسا عليه الصلاة والسلام تقول بعدما حطمه الناس اتدري كيف حطمه الناس لما استنفذوا كل شيء في حياته عليه الصلاة والسلام اما انه مات ولم يبلغ من الكبر عتيا. ثلاث وستون سنة فيها شدة الصلابة في الحياة والقوة والنشاط. فما الذي احوجهه الى الصلاة جالسا عليه الصلاة والسلام؟ تقول بعد ان حطمه الناس اي والله حطموه لما استنفذوا راحة عينيه ونومه وراحة جسده ووقته وكل شيء في حياته فلا والله ما وجدوه بخيلا ولا شحيحا عليه الصلاة والسلام انه والله لاحرى الناس بقول الشاعر عندما يصف كرم الكريم تراه اذا ما جئته متهللا كانك تعطيه الذي انت سائله هو البحر من اي النواحي اتيته؟ فلجته المعروف والبر ساحله. تعود بسط الكف حتى لو انها بسط الكف حتى لو انه ثناها بقبض لم تجبه انامله. فلو لم يكن في كفه غير روحه لجاد فليتق الله سائله صلوات الله وسلامه عليه. سيسوق المصنف رحمه الله طرفا من المواقف هي قطرة من بحر الله هي غيظ من فيض هي شيء لا يذكر في مواقف حياته عليه الصلاة والسلام لكنها تقرب لنا صورة من العطاء الكريم نبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه نعم. قال رحمه الله تعالى حدثنا القاضي الشهيد ابو علي الصدفي رحمه الله. قال حدثنا القاضي ابو الوليد قال حدثنا ابو ذر الهروي قال حدثنا ابو الهيثم الكشمي هني وابو محمد الصرخسي وابو اسحاق البلخي كلهم قالوا حدثنا ابو عبد الله الفرابري قال حدثنا البخاري قال حدثنا محمد ابن كثير قال حدثنا سفيان عن ابن المنكدب قال سمعت جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يقول ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء ان فقال لا وعن انس وسهل بن سعد رضي الله عنهما مثله. نعم انس وسهل وجابر كلهم يرون كما اخرج البخاري من سنده ساق المصنف رحمه الله الحديث ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فقال لا. ولفظ رواية انس في الصحيح ما سئل عن الاسلام شيئا الا اعطاه عليه الصلاة والسلام. ما سئل عن شيء بصيغة العموم هذه يحكي الصحابة كرما عاشوه هي جملة قصيرة اختصروا فيها مواقف جما. ادركوا فيها قول النبي عليه الصلاة والسلام وفعلا مع السائل مع الصاحب مع الاعراب مع القادم مع الصديق مع العدو وجدوه كريم النفس والخلق عليه الصلاة والسلام هذا التعميم ما سئل عن شيء فقال لا ما سئل عن شيء فقال لا. هذا الكرم الذي تشعر ان صاحبه قد توطنت نفسه على البذل والعطاء. فلا يطيق ان يقول لا هو ايضا اصدق من يوصف بقول القائل ما قال لا قط الا في تشهده. لولا التشهد كانت لاءه نعم لو يعرف في قولتي لا تجري على لسانه ردا لسؤال سائل وطلب طالب وحاجة محتاج. لقد كان اصدق الناس في امتثال قول ربه جل وعلا. واما السائل فلا تنهر. ما عليه الصلاة والسلام سائلا قط. السؤال الكبير الان كرمه العظيم عليه الصلاة والسلام. واجابته الدائمة وعدم رفظه طلب انسان قط ولم يقل ابدا لشيء لا. اكان ذلك من وراء ثراء عريض؟ وغنى واسع ومال لا اخر له؟ كلا والله لقد كان افقر الامة عليه الصلاة والسلام. فاي كرم هذه اخرى اصعب من التي قبلها ان تكون كريما على الدوام باذلا على الدوام معطاء على الدوام لا تعرف كلمة لا. طريقا الى فمك ولا يمكن ان تجري على لسانك هذا اية في الكرم والسخاء وسمو الخلق. لكن ماذا عن من الذي لا يملك شيئا في الحياة ولم يوسع له في ثرائها ولا متاع فمن اين يبذل؟ ومن اين تنصرف كلمة لا عن طريق حياته ولسانه عليه الصلاة والسلام؟ لتعرف ان الكرم اعظم عند الذي لا يملك شيئا كثيرا. ومع ذلك فهو يبذل متى وجد. واي شيء كان عنده فعل عليه الصلاة والسلام الفقيرة المحتاجة ومعها صغيرتاها الى بيت النبوة. الى بيت اعظم بشر على وجه الارض قط. بيته عليه الصلاة والسلام. فتسأل محتاجة فتعطيها ام المؤمنين رضي الله عنها تمرات ثلاثة. فتعطي كل طفلة من طفلتيها تمرة تمرة فتأكلها الطفلتان جائعتين محتاجتين. وتمسك الام بالتمرة الثالثة فلما همت برفعها الى فمها لتأكلها تناولتاها طفلتاها فقسمت التمرة بينهما بالله عليكم لو كان في بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام فوق التمرات الثلاث شيء اكان يدخر دون هؤلاء عن اي فقر وقلة وحاجة نتكلم اليوم في بيوتنا يا قوم ثم عن اي كرم تريد ان تصف عطاء رسول الله عليه الصلاة والسلام وال بيته الكرام رضي الله عنهم اجمعين. هذا طرف ستأتي الشواهد وايضا في مجلس الليلة نعم قال رحمه الله تعالى وقال ابن عباس رضي الله عنهما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ودى الناس بالخير واجود ما يكون في شهر رمضان وكان اذا لقيه جبريل عليه السلام اجود ما اجود بالخير من الريح المرسلة يقول ابن عباس رضي الله عنهما واصفا كرم رسول الله عليه الصلاة والسلام كان اجود الناس بالخير هذه العبارة ايضا على عمومها يحكي فيها ابن عباس رضي الله عنهما كرم رسول الله عليه الصلاة والسلام فلا يقدم عليه احدا كان اجود الناس بالخير لا يدخر شيئا ولا يرد سائلا عليه الصلاة والسلام. يقول وكان اجود ما يكون في شهر رمضان. وكان اذا لقيه جبريل عليه السلام اجود بالخير من الريح المرسلة. جميل هو وصف الصحابة. وعجيب لفظهم في وصف خلق رسول الله عليه الصلاة والسلام انظر كيف شبه الكرم والعطاء بالريح المرسلة. اتدري ما الريح المرسلة؟ الريح التي تهب فتسوق السحاب وتذروها الرياح فتحمل الخيرات. تسوق الغيم والسحاب فتمطر الارض. وينبت الزرع الريح المرسلة التي تحمل خيرا للزرع وخيرا للنبات وخيرا للارض. يقول كان كرم رسول الله عليه الصلاة والسلام اجود من الريح المرسلة. اذا كانت ريحا تسوق السحاب. فيعم النفع وتنبت الارض ويحل الخير. فاي اثر كرمه عليه الصلاة والسلام هو اعظم من ذلك اطلاقا. كان اجود بالخير من الريح المرسلة. ويشير ابن عباس رضي الله عنهما في هذا اشارة لطيفة الى ان هذا الكرم المحمدي كان يتضاعف في رمضان على وجه الخصوص وسر ذلك كما يقول وكان اذا لقيه جبريل عليه السلام اجود بالخير من الريح المرسلة. وفي لفظ اخر في الصحيح حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن وذلك كل ليلة في رمضان. رمضان يا قوم ونحن على مشارفه وعلى على عتبات ابوابه نسأل الله ان يبلغنا واياكم ايامه على خير وبركة ويعيننا واياكم فيه على حسن الطاعة والصيام والقيام. يقول الصحابة وقد عرفوا خلق رسول الله عليه الصلاة والسلام انه كان في رمظان شيئا مختلفا ما كان يتغير من سيء الى حسن وحاشاه عليه الصلاة والسلام. لكن الحسن في خلقه يزداد حسنا. والكمال في طبعه زيادة في رمضان وسر ذلك ما في رمضان من النفحات والهبات والمكرمات. رمضان حيث الصيام وسمو نفس رمضان حيث القرآن وانتعاش الارواح. رمضان حيث القيام والقرب من الرحمن. رمضان قال حين يلقاه جبريل يمارسه القرآن. لهذا تحب قلوب المؤمنين ايام رمضان. وتتعلق بها نفوسهم وتشتاق اليه ارواحهم تأنس نفوس المؤمنين بايام رمضان ولياليه. لما فيه من روعة في عباداته في مناجاته في صيامه وقيامه. كذلكم لما لرمضان من الاثر العظيم العجيب في نفوس اهل الايمان. ونحن نأتسي فيه بذلك في رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي كان اجوده في رمضان اعظم وكان خيره اعظم واكثر كما يقول ابن عباس رضي الله عنهما. اذا هذه دعوة لكل اهل الايمان ان نتخلق بخلق رسول الله عليه الصلاة والسلام في امرين اثنين. اولهما هذا الكرم والجود والعطاء. وان نحمل انفسنا عليه حملة واما الاخر فما في رمضان من خير ينبغي ان يكون اثره علينا عظيما يا اهل الايمان. وان يكون اكثر جودا وعطاء في قال لتشعر الامة كل الامة اننا جميعا بعضنا الى بعض اكثر عطاء لبعضنا في رمضان اكثر احسانا هدى للخير تفقدا للمحاويج احسانا للقربى للارحام للمساكين للايتام من حولنا. لتشعر الامة ان لنا في رسول الله عليه الصلاة والسلام اسوة ليشعر فقراء الامة ومحتاجوها واراملها وايتامها ان من حولهم في الامة محب مقتد برسول الله عليه الصلاة والسلام. فيجدون في رمضان من البذل والعطاء الذي يسد حاجتهم ويرفع فاقتهم اشد من ازرهم ما يجعلهم عنوانا للكرم المحمدي في الاقتداء والاتباع برسول الله عليه الصلاة والسلام. ابن عباس واحد من الصحابة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اجود الناس بالخير واجود ما يكون في شهر رمضان نسأل الله الكريم من لطفه وفضله وعطائه قال رحمه الله تعالى وعن انس وعن انس رضي الله عنه ان رجلا سأله فاعطاه غنما بين جبلين فرجع الى بلده وقال اسلموا فان محمدا يعطي عطاء من لا يخشى واعطى غير واحد مائة من الابل واعطى صفوان مائة ثم مائة ثم مائة. نعم هذه احاديث متقاربة وسياقها واحد وغالبها يكون فيه المعطى ها هنا صفوان ابن امية رضي الله عنه بعد فتح مكة يقول انس رضي الله عنه واللفظ عند مسلم ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاسلام شيئا الا اعطاه. فجاءه رجل فاعطاه غنما بين جبلين فرجع الى قومه فقال اسلموا فان محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة. يعني الفقر. تدري ما معنى ان يعطي غنما بين جبلين يعني ان يملأ الوادي غنما فحتى تبصر ما بين الجبلين والغنم بينهما كثير لا يكاد يعد. فيعطيه لانسان سواء كان هذا فقيرا محتاجا فيغنيه به او كان غير محتاج لكنه يتألف قلبه على الاسلام كما كان في حديث صفوان. فان صفوان من مسلمة الفتح تأخر اسلامه ولم يكن ذا حاجة ولا فقر لكنه عليه الصلاة والسلام يشتري قلوب البشر لادخالها الجنة ولو كلفه الدنيا وما فيها فيها همه عليه الصلاة والسلام انقاذ الامة من النار وادخالها الجنة وقد كان يبذل في ذلك ما يستطيع بابي وامه عليه الصلاة والسلام. ان تذهب الدنيا كلها هباء ويظفر باسلام امته وايمانه واخراجها من النار الى الجنة ومن الظلمات الى النور. احب اليه عليه الصلاة والسلام. عندما يعيش احدنا يا كرام دينه والحرقة عليه سيرى كيف يتحول ذلك الى بذل عظيم في حياته سيبذل وقته سيبذل علمه سيبذل ما له جاهه كل ما يملك اذا اصبح الدين همه الاول. واذا غدت الدعوة الى دين الله وصراطه المستقيم وكتابه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام معظم مقصود الدعاء وطلاب العلم واهل الخير والاحسان. سيتحول كل ذلك الى بذل عطاء الاسوة لنا في ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام. ما سئل عن الاسلام شيئا الا اعطاه. ان يعطي صفوان غنما بين وقال بعد ذلك واعطى صفوان مائة ثم مائة ثم مائة من الابل والابل من انفس اموال العرب والمئة منها تعدل ثروة هائلة ومالا عظيما اعطى غير واحد يوم الفتح مائة من الابل. عامتهم حديث عهد باسلام. ما اسلموا الا يوم فتح مكة او بعدها. من اعراب لكنهم كانوا من رؤساء القبائل ومن وجهاء المجتمع اعطاهم عليه الصلاة والسلام لعلمه ان بكسب قلوبهم كسب وقلوب اقوامهم وان باسلامهم اسلام من ورائهم. لقد اشترى عليه الصلاة والسلام بالغنم والابل والبعير والشاة اشترى اسلام فئة من امته فادخلها الجنة عليه الصلاة والسلام. يا عزيزي عندما يتحول رصيدك من المال الى رأس مال تتاجر به لا في صفقة ولا في عقار ولا في ارباح وتنمية تجارات لكن الى رصيد تحوله في تبذله في دين الله دعوة وبذلا وعطاء. وهداية للناس واخراجا لهم من الظلمات الى النور فانت تسلك طريق رسول الله عليه الصلاة والسلام. عندما يصبح مال احدنا وتجارته وحظه من الدنيا بين يديه مفتاحا يفتح به ابواب الجنان من قصر الى قصر ومن باب الى باب يبذل هنا وهناك في بناء بيوت الله وتعليم العلم وكفالة الايتام هداية الناس وبذل الخير هذه ابواب يا كرام يؤتاها اصحاب الاموال. اما نبينا عليه الصلاة والسلام فليس غنيا بمعنى عيشة الاغنياء والثراء والترف التي وسع فيها على ارباب الاموال لكنه متى اتاه المال كان اول همه فيه عليه الصلاة السلام كيف يجعله طريقا وجسرا يعبر عليه فئام من امته ليدخل الاسلام صلوات الله وسلامه عليه قال صفوان فان محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة الذي لا يخشى الفاقة يعطي وكأن رصيده غير منتهي. ارأيت الى اصحاب الارصدة الضخمة التي لا تقرأ اصفارها فان اذا انفق واعطى يعطي بلا حساب. لانه اصلا لا يعرف كم يملك حتى يعرف كم ينصرف. فاذا اعطى اعطى بلا حساب فيستكثر الناس هذا العطاء لكنه عطاء مطرد مع سعة ما يملك. فاصحاب الارصدة الظخمة اذا تبرع بالملايين وانفق فانها قطرة في بحر فلا يبالي بها ليس هذا عجيبا في حال الاغنياء لكنه عجيب جدا في حال الفقراء كرسول الله عليه الصلاة والسلام. يقول صفوان يعطي من لا يخشى الفاقة يعطيك ان ما عنده اضعاف اضعاف ما يملك. والحق انه ليس كذلك. لكنه يبذل ولم يتعلق قلبه عليه الصلاة بشيء من حطام الدنيا والله قليل ولا كثير. يعطي وليس يفكر في شيء يدخره لنفسه ولا لاهل بيته. الم يمت ودرعه رهونة في في في طعام في شعير عند يهودي لقد كان يبحث عن قوته وقوت اهل بيته يا رجل. فكيف يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة تتكلم عن كرم ما كان يبنى على ثراء ولا على سعة مال لكنه على كرم نفس وجود تخا لا يقوى صاحبه على الفكاك عنه ويأبى عليه ذلك حاله. فيعطي عطاء من لا يخشى الفاقة. وصدق في هذا الوصف العظيم فانه كان ينفق وينفق صلوات ربي وسلامه عليه فاشترى كما قلت القلوب والابدان والارواح حبا وطاعة وانقيادا اخذ صفوان المال انتفع بها وحده لا تقل نعم اخذ صفوان الغنم بين الجبلين واخذ الاقرع وعيينة وعكرمة وغيرهم اخذوا مئة مئة من الابل يوم فتح مكة. اتظن ان الابل ذهبت لاحادهم؟ لافراد هؤلاء؟ لا والله لقد ذهبت الى الامة كلها. وها نحن اليوم نقرأها فنتعلمها فتأسر قلوبنا لعظمة هذا الخلق الكريم من رسول الله عليه الصلاة والسلام حفظ التاريخ ذلك وسجلت البشرية هذه المواقف المحمدية حتى اذا جئنا نتحدث عن كرم وعطائي تاجر غني ثري فحق لنا ان ترخى الرؤوس استحياء وتنكسر الابصار. اي كرم بعد كرم رسول الله عليه الصلاة اي انفاق وعطاء يمكن ان يعلن ويشاع ويذاع في الافاق عن كرم كريم وعطاء عظيم بعد عطائي وكرم وبذل رسول الله عليه الصلاة والسلام. نعم قال رحمه الله تعالى وهذه كانت حاله صلى الله عليه وسلم قبل ان يبعث وقد قال له ورقة ابن نوفل رضي الله عنه انك تحمل الكل وتكسب المعدوم. هذه كانت حاله عليه الصلاة والسلام قبل ان يبعث قبل ان يكون نبيا ودليل ذلك ما قاله المصنف لما قال له ورقة ابن نوفل انك تحمل الكل وتكسب المعدوم. لما اتاه الوحي اول مرة ففزع عليه الصلاة والسلام. فاتى الى امنا خديجة رضي الله عنها فهدأت من روعه و سكنت عليه فزع قلبه عليه الصلاة والسلام. ثم اخذته الى ورقة ابن نوفل. وقد كان راهبا عنده من علم الكتاب فيما سبق الرجل قد كبر وله من العلم والتجربة والخبرة ما تمنت ان تجد عنده الجواب وقد كان كذلك. بشره ورقة بالنبوة واخبره انها علامات على الاصطفاء الالهي. وعلى الاختيار الرباني ليكون نبي اخر الزمان عليه الصلاة والسلام علمه بما يكون فكان فيما استشهد به ورقة وتأمل ورقة ليس يعلم الغيب ولا نبيا يوحى اليه لكنه يعرف شأن محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام قبل ان يكون رسول صلى الله عليه وسلم يعرفه في مكة يعرفه في قريش يعرفه بالكرم والبذل والعطاء يعرفه بالحشمة والعفاء يعرفه بالصدق والامانة والوفاء. هو وغيره كل قريش كانت تعرف محمدا عليه الصلاة والسلام. فقد قال له هو مستشهدا ان ما رآه من الوحي وما رآه من العلامات وما ملأ قلبه فزعا وخوفا وهلاعا انه لا يمكن حال ان يكون سوءا يحل به. كيف؟ قال والله لا يخزيك الله ابدا انك تقري الضيف وتفك العالي وتحمل الكل وتكسب المعدوم. الكل الارهاق والتعب الشديد. ويحمل الكلب معنى ان احمل الهم العظيم وذلك لا يكون الا فيمن تصدى لحاجات الناس. فقضى دين هذا وسعى في حاجتي هذا وفك ازمة ذاك ووقف مع ذاك في مصيبته اعطى الفقير والمحتاج وتعاهد المسكين والارملة واليتيم هذا هو معنى انك تحمل الكل وتكسب المعدوم الفقير الذي لا يكاد يجد في دنياه شيئا يكسبه فيعطيه ويتعاهده وينفق عليه لقد عرفت العرب هذه الصفات في محمد بن عبدالله قبل ان يبعث ويكون نبيا رسولا من الله صلى الله عليه وسلم. هذا ماذا يعني لنا يعني لنا ان الكرم والبذل والعطاء خلق متجذر في نفس محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى اذا اصطفاه الله كمله حتى اذا بعثه الله عز وجل واجتباه وهداه علت به المنازل في الكرم والبذل والعطاء واستشهد ورقة بذلك ان ذا الكرم لا يمكن ان تكون عاقبته شؤما وسوءا قط. وهذا متقرر يا قوم متقرر فطرة وشريعة متقرر عند الناس ان صاحب المعروف لا يمكن ان يلقى في حياته الا معروفا. وان صاحب الاحسان لا يمكن ان تسوء عاقبته في الدنيا ولا يصاب بخزي ولا ولا عار. وهكذا تقرر شرعا فان صنائع المعروف تقي مصارع السوء وان من كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته. ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة. من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة. تقرر هذا شرعا كما تقرر فطرا. يا قوم الكرة الكرم خلق كريم. الكرم طبع ساحر وخلق اسر يحمل القلوب على حب صاحبه. ويأسر النفوس من حوله. هذا الكرم مفتاح كل خير. الكرم سدوا العيب ويكمل النقص ويستر الفضيحة. هكذا يفعل الكرم مع الكرماء في اخلاقهم. والنبي عليه الصلاة والسلام عرف قومه قبل ان يبعث فلما بعث ما ظنك بالوحي والنبوة والقرآن كيف تفعل في نفس الكريم فتزيده كرما؟ وكيف فتفعل في النفس العظيمة فتزيدها عظمة. هذا نبينا عليه الصلاة والسلام. والله ما نريد بمثل هذا التقرير. الذي نستعرض فيه النفوس الا ان نملأ القلوب اولا معرفة بحق رسول الله عليه الصلاة والسلام. ودلالة على قدره العظيم ورقيا بالقلوب الى الحب اللائق به عليه الصلاة والسلام. ثم التأسي به في هذا الباب العظيم من ابواب الحياة وفي كل باب في ابواب الشريعة ان ننصبه لنا اسوة ان تكون حياته لنا معلمة. ان تكون شمعة تضيء طريقنا. ان يكون سراجا ينصب في طريق الامة فيقال هذا سراج رسول الله عليه الصلاة والسلام. وهذا نور نبوته وهذا ضياء بعثته الاعين كلها تتجه الى سيرته عليه الصلاة والسلام. فتأنس الحياة وتسعد الامة باقتفائها طريق رسول الله عليه الصلاة الصلاة والسلام. هذا كما قلت قطرة من بحر. وغيض من فيض وفي سيرته عليه الصلاة والسلام اشياء عظيمة يعجز المقام عن حصرها نعم قال رحمه الله تعالى ورد على هوازن سباياها وكانوا ستة الاف. هوازن بعد غزوة ثقيف لما فتح الله مكة لنبيه عليه الصلاة والسلام سنة ثمان من الهجرة علت همته عليه الصلاة والسلام ان يظفر بثقيف وهواز وما حولهما من الطائف. في حنين واوطاس فاتجه اليهم عليه الصلاة والسلام حصرها حصر الطائف مدة فاستعصى عليه الحصار ثم نزل الى مكة عليه الصلاة والسلام وغلب هوازنا في تلك المعركة فسبى منهم سبيا عظيما. والمقصود بالسبي اسر النساء والاطفال والرجال فوقعوا في الاسر مبلغا عظيما. قالوا وكانوا ستة الاف ووقوع المغانم في الاسر يقسم على قسمة الله في كتابه. واعلموا ان ما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول. ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. فخمس المغانم يخرج لله ولرسوله في بيت المال واربعة اخماس تقسم على المجاهدين الغزاة. يعطون حسب حظهم ومشاركتهم في الغزو والجهاد يعطى الفارس سهمين يعطى الفارس ثلاثة اسهم والراجل سهما. فتقسم الغنائم على قسمة كتاب الله. لكن النبي عليه الصلاة والسلام بعد ان غلب هوازنا وسبى منهم نحو من ستة الاف تأنى بهم وصبر في قسمة الغنائم لما هبط الى مكة وما كان تأخره الا من اجل واملي ان يعودوا مسلمين فيعود اليهم اموالهم وسباياهم ما كان ما كان متطلعا عليه الصلاة والسلام الى الاموال ولا الى الغنائم ولا الى السبي لكنها سنة ماضية غلب قوما كفارا فسبى منهم وغلبهم وانتصر عليهم فكسب الاموال والغنائم والسلاح ومع ذلك ما كانت نفسه الشريفة صلى الله عليه وسلم تتطلع الى الى مطمع في شيء من حطام الدنيا سبأ والحكم شرعا امتلاكه وقسمته. والحديث كما في صحيح البخاري. يقول حين جاء وفد هوازن مسلمين اسلموا بعد ذلك فاتوا يسألون اموالهم لكنهم ابطأوا في العودة والرجوع اليه فقسم الغنائم بين اصحابه عليه الصلاة والسلام ثم جاءوا مسلمين يقول حين جاء وفد هوازن مسلمين سألوه عليه الصلاة والسلام ان يرد اموالهم وسبيهم ان يرد الاموال السلاح والخيول وما غنم وان يرد اليهم سبيهم من رجالهم ونسائهم. فقال لهم عليه الصلاة والسلام احب الحديث الي اصدقه فاختاروا احدى الطائفتين اما السبي واما المال وشرعا ليس لهم حق في الاثنتين ولا في احداهما. لانه مال كسب شرعا فقسم شرعا. وقد اصبح في ملك من تملكه ووقع في قسمته. لكنه مع ذلك اراد عليه الصلاة والسلام ان يكسبه في اسلامهم ولكنه لا يستطيع استعادة حق من يد صاحبه. فقال اختاروا احدى الطائفتين. اما السبي واما المال. يعني اما الرقاب التي وقعت في الاسر رقيقا فتعاد اليكم واما المال قال وقد كنت استنيت بهم. يقول في رواية البخاري كان انتظرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف عليه الصلاة والسلام وما تأخر بضع عشرة ليلة الا وهو يرجو اسلامهم عليه الصلاة والسلام. ويتمنى دخوله في الاسلام. وكم كان يتمنى ان لو قدم في تلك الليالي فاعاد اليهم الاموال والغنائم والسبي قبل قسمتها. لكن الله ما اراد لهم ذلك. ابطأوا في الاسلام وبقوا وعلى الكفر فلما طال انتظارهم قسم الغنائم عليه الصلاة والسلام. فلما قسم الغنائم جاءوا مسلمين. فارادوا استعادة اموالهم وسبيهم لم يقفل الباب عليه الصلاة والسلام فماذا قال؟ قال لهم اختاروا احدى الطائفتين اما السبي واما المال فاختاروا السبي ولما تبين لهم انه غير راد لهم الا احدى الطائفتين اختاروا سبيهم وتنازلوا عن المال. فقال عليه الصلاة والسلام خطيبا في اصحابه وقال لهم ان اخوانكم هؤلاء قد جاؤوا تائبين يعني اسلموا واني قد رأيت ان ارد اليهم سبيهم فمن اراد منكم ان يرد اليهم سبيهم ان يحثهم عليه الصلاة والسلام على التنازل فليرده اليهم. ومن ابى فليعطهم سبيهم وله حظه من المال اذا افاء الله علينا. يعني اما ان يتنازل واما ان يتنازل فنعطيه عوضا عنه شيئا من المال اذا غنم عليه الصلاة والسلام في شيء اخر. فقالوا طابت نفوسنا لما تريد يا رسول الله فتنازلوا جميعهم فقال عليه الصلاة والسلام اما اني لا اتبين ها هنا من طابت نفسه من لم تطب اراد عليه الصلاة والسلام الا ينتزع بسيف الحياة شيئا من المال في يد صاحبه. فقال قوموا حتى يرفع الي الامر عرفاؤكم فلما جاءه العرفاء اكدوا لهم ان النفوس طابت لما امر ووجه به عليه الصلاة والسلام. اما هو عليه الصلاة والسلام فقال لوفد هواز نصيبي لكم اما ما وقع في نصيبي فقد اعطاهم اياه. والشاهد من ذلك كله انه رد على هوازنا سباياها وكانوا ستة الاف. ما جرى هذا في عرف العرب قديما ولا حديثا. وان الغنيمة اذا غنمها الجيش المنتصر فانه ملك يستأنسون به وينتفعون به لكنه عليه الصلاة والسلام على القاعدة التي حكاها الصحابة ما سئل عن الاسلام شيئا الا اعطاه صلوات ربي وسلامه عليه قال رحمه الله تعالى واعطى العباس رضي الله عنه من الذهب ما لم يطق حمله. عطاء الكرام عليه الصلاة والسلام الحديث علقه البخاري ووصله غيره نعم قال رحمه الله وحمل اليه تسعون الف درهم فوضعت على حصير. ثم قام اليها يقسمها فما ما رد سائلا حتى فرغ منها. الحديث مرسل بالرواية الحسن البصري رحمه الله فلا تصح سندا لكن الشواهد في ذلك اما المال الذي جاءه واجتمع عنده من الغنائم فما كان يدخر منه عليه الصلاة والسلام شيئا قط. بل هو القائل بلسانه لو ان عندي مثل احد ذهبا ما احببت ان يبيت عندي منه دينار الا دينارا ارصده لدين. هو القائل عليه الصلاة والسلام وهذا ثابت منه قولا وفعلا صلوات الله وسلامه عليه قال رحمه الله وجاءه رجل فسأله فقال صلى الله عليه وسلم ما عندي شيء ولكن ابتع علي فان اذا جاءنا شيء قضيناه فقال له عمر عمر رضي الله عنه ما كلفك الله ما لا تقدر عليه. فكره النبي صلى الله عليه ذلك فقال رجل من الانصار يا رسول الله انفق ولا تخف من ذي العرش اقلالا. فتبسم صلى الله عليه وسلم وعرف البشر في وجهه وقال بهذا امرت. ذكره الترمذي. نعم واخرجه الترمذي وايضا في شمائله عن المصطفى عليه الصلاة والسلام. والحديث ظعفه غير واحد من اهل العلم وحسنه بعظهم ووثق ابن حبان بعظ رواته قال جاءه رجل فسأله يعني طلبه عليه الصلاة والسلام ان يعطيه شيئا. فقال ما عندي شيء هذا الجواب الى هنا كاف تماما. فاذا اتاك فقير ليس في جيبك شيء فغاية الكرم ان تقول ما عندي شيء وليس هذا رفظا ولا ردا لسؤال السائل. لكنه عجز والعاجز عن الشيء مع حرصه ونيته على فعله مأجور لكن ذا الكرم لا تطيق نفسه ان ينصرف السائل من حضرته ولم يعطه سؤله فقال ما عندي شيء ولكن ابدع علي. معنى ابدع علي يعني اشتري على حسابي. اذهب السوق لما تريد الحساب علي ولكن ابدأ علي فاذا جاءنا شيء قضيناه. يعني متى اتى المال سددنا عنك ما تريد ان تشتري به قال له عمر ما كلفك الله ما لا تقدر عليه يا رسول الله وهذا منطق سديد وصواب تماما. ان كنت تستطيع ان تنفق فانفق. فاذا لم تجد فحقك ان تعتذر ولا يلزمك شيء فكره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك يعني ما اعجبه مثل هذا المنطق من الجواب. هل لانه خلاف الصواب؟ لا لكنه خلاف طبع الكرماء فان نفوسهم لا تطيق مثل ذلك ان تقف مع عجزك ما تريد ان تفعل. يا اخي حكى الله عز وجل عن فئة من الصحابة يوم تبوك انهم ذرفت اعينهم الدمع ليس لتخلفهم عن الغزو. لكن كما قال الله واعينهم تفيض من الدمع حزنا لا يجدوا ما ينفقون يا اخي هذه غاية في سمو النفوس في البذل لهذا الدين. ان تبلغ درجة الحزن الذي يحملك على البكاء اسفا فرقة وندما انك عاجز عن فعل شيء تخدم به دينك وامتك. عندما يبلغ بك ها الامر هذا المبلغ فوالله لا فرق بين ان تكون فقيرا او غنيا. اذا حملت نفسك هذا الهم العظيم حسبك النية الصادقة. والبذل ولو كان قليلا فقد سبق درهم الف درهم كما قال عليه الصلاة والسلام فقال وقد كره النبي عليه الصلاة والسلام جواب عمر في هذا الموقف كما قلت ليس لانه مخطئ شرعا ولا خلاف المنطق لكنه خلاف طبع الكرماء. وعظماء النفوس ان يبذل فاذا لم يجد بذل واذا لم يجد فعل لكن ليس للاعتذار سبيل في حياتهم. وليس الى الوقوف عن الانفاق شيء يصدهم. فتكلم انصاري فقال يا رسول الله انفق ولا تخف من ذي العرش اقلالا ذو العرش سبحانه وتعالى فمهما انفقت ربك يعطيك ومهما بذلت يخلف عليك وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين وصدق اكرم الاكرمين ورب العزة والجلال. لكن المسألة تحتاج الى يقين ان تنفق وملء صدرك اليقين ان ربك يخلف لك ما انفقت. وان الكريم يعوضك ما بذلت. وان الحسنات تجري بامثالها. وان بركات الدنيا تتضاعف في مالك واهلك وعطائك طالما انفقت في سبيل الله ولوجه الله هو يقين. يقين تحمل النفس فيه جزما على ان الله معطي لعباده ما وعد لا يخلف وعده سبحانه. فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وعرف البشر في وجهه وقال بهذا امرت قد لا يصح هذا الحديث. لكن المعنى في حياته عليه الصلاة والسلام صحيح متواتر ثابت. يأتيه فيسأل فيبحث له عليه الصلاة والسلام عن عطاء فان وجد اعطاه واما وجد وعده الى موعد اخر فيعطيه قال اذا جاءت الصدقة فاتنا ويدخر ويحمل لي هذا ويخبئ لذاك. واذا جاءه مسافر لا سبيل الى انتظاره صرفه عليه الصلاة والسلام باحسن المحامل. جاءه رجل فقال يا رسول الله اني اريد سفرا فزودني يريد زادا يريد طعاما يريد مالا ليقطع به مسافة الطريق. فقير يسأل فقيرا صحابي يسأل نبيا كريما عليه الصلاة والسلام ما قال ما هو ما عندي شيء. قال زودك الله التقوى. هذا الذي يملكه عليه الصلاة والسلام. ان يدعو له الرجل ما قال لا اسألك الدعاء انا اسأل المال. وهو حقيقة جاء يسأل المال. قال اني اريد سفرا فزودني. قال زودك الله التقوى فلما سمعت دعوة من فم رسول الله عليه الصلاة والسلام اعجبته فطمع فقال زدني يا رسول الله فقال له عليه الصلاة والسلام وغفر ذنبك فطمع الرجل قال زدني يا رسول الله. قال ويسر لك الخير حيثما كنت فانصرف الرجل بهذه الدعوات فلا والله لو اعطاه الف دينار ما كانت تسوى دعوة رسول الله عليه الصلاة والسلام. اينا كرام ذاك الكريم الذي اذا وقف المحتاج ببابه تقول فاينا الكريم ذاك الذي اذا اتاه السائل ووقف ببابه اعطاه فان لم يجد سعى في ان يحمل نفسه على المكارم والجود. فان لم نطق ذلك فليكن لنا في اخباره عليه الصلاة والسلام ما يحمل النفوس على والبذر والعطاء. نعم. قال رحمه الله وذكر عن معوذ بن عفراء رضي الله عنه قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم بقناع من رطب يريد طبق واجر زغب يريد قثاء. فاعطاني ملء كفه حليا وذهبا. الحديث من رواية الربيع بنت معوذ بن عفراء وقد بعثها ابوها معوذ قالت بعثني بصاع من رطب وعليه اجر من قثاء زغب يعني بعثها الى النبي عليه الصلاة والسلام وقد كانت صبية صغيرة بطبق فيه رطب وعلى رأسه قطع من القثاء الصغيرة وزغب معناها صغيرة عليها شيء من منابت الشعر اليسير الذي يكون على القفاء عادة فاتت به الى النبي عليه الصلاة والسلام وهي صبية ترفل في ثوبها فكافأها النبي عليه الصلاة والسلام قالت فاعطاني ملء كفه حليا وذهب وفي رواية وقد اوتي عليه الصلاة والسلام بشيء من الذهب والحلي من بعض ما اوتي اليه من اموال الغنائم ونحوها الحديث اورده الترمذي ايضا في شمائله وضعفه الالباني وحسد الهيثمي اسناده. نعم قال رحمه الله وعن انس رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئا لغد. لا يدخر شيئا لغد هذه صفة الكرماء ارباب البذل والعطاء عدم البحث عن الاقتيات والادخار وتجميع الاموال لا يدخر شيئا لغد. والحديث جود اسناده الالباني رحمه الله لم يدخر عليه الصلاة والسلام شيئا للغد. فاذا جاءت اموال الغنائم قسمها. اموال الفتوحات وزعها ولم يحتفظ عليه الصلاة والسلام لنفسه بشيء. بل حتى اذا اهديت له الهدايا كان يبعثها عليه الصلاة والسلام فيفرقها في اصحابه. فاذا نظرت الى لباسه الى ثيابه الى فراشه الى اثاث بيته ما وجدت شيئا من اثر اهداءات الملوك والرؤساء والعظماء وقد بلغت بيته عليه الصلاة والسلام ولوجدت اثرا للاموال التي جاءت في الغنائم وهي كثيرة. هذا شأن الانفاق على الدوام لم يدخر شيئا لغد صلوات الله وسلامه عليه بل قد ثبت لديكم انه مات عليه الصلاة والسلام وعليه دين في في اصعب من طعام امن من شعير كان قد ابتاعها من رجل يهودي فرهن من اجل ذلك درعه عليه الصلاة والسلام. نعم. قال رحمه الله والخبر بجوده وكرمه صلى الله عليه وسلم كثير. كثير واكثر من ان يحصر في مجلس كهذا. لكنه يرسم لك صورة مشرقة عن كرم سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام وعظيم بذله وعطائه. حسبك من مجلس كهذا عبد الله ان تنصرف وملئ صدرك شيئان احدهما انه لا احد اكرم في عداد البشر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتهي الكرم وبه فيه يضرب المثل. ويكون للكرماء مثالا يحتذى. ولارباب البذر والعطاء اسوة تكون دافعا لكل ذي كرم وبذل وعطاء ان يقتدي في هذا الباب برسول الله عليه الصلاة والسلام. ان الكريم لكالربيع تحبه للحسن فيه. وتهش عند لقائه ويغيب عنك فتشتهيه. واما ثاني الامور فان يكون هذا بابا عظيما يزيدنا في هذا العقد المتلألئ من خلق رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي نظم فيه الكرم الى الوفاء الى الحلم الى الرحمة الى الشفقة والاحسان الى الصدق والامانة وسائر خلق رسول الله عليه الصلاة والسلام فتنظيم عقدا متلألئا عنوانه كرم خلق رسول الله عليه الصلاة والسلام ومختصره كلمتان قوله الله سبحانه وانك لعلى خلق عظيم. فنعظم بحق هذا النبي الكريم كما اراد ربنا العظيم سبحانه وتعالى. قال رحم الله عن ابي هريرة رضي الله عنه قال اتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فاستسلف له رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف وسق فجاء الرجل يتقاضى فاعطاه وسقا وقال نصفه قضاء ونصف طه ونائل. استسلف نصف وصف والوسوسة ستون صاع. يعني اخذ قرضا ثلاثين صاعا. فلما جاء الرجل يتقاضى حقه امر له بضعف ذلك وقال له نصفه قضى للدين والنصف الزائد نائل يعني عطاء وهبة. والحديث صححه الشيخ الالباني رحمه الله ووثق رجاله. هذا هو شأن رسول الله عليه الصلاة والسلام. وهذا خلقه الكريم فاكتسبوا اجرا ليلتكم هذه بكثرة الصلاة والسلام عليه. ان الصلاة على المختار لو كتبت باحرف النور في سفر من الدر لشعشع الدر فاق مبتهجا وغرد السفر بالاسفار في فخري. فصلوا على الهادي البشير والسراج المنير ليلتكم هذه. ويوم غد الجمعة تكتسب من ربكم اجرا عظيما ونورا وصلاة وبركة ورحمة. فصل يا رب وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وصلوا وسلموا وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون. وارزقنا يا رب علما نافعا وعملا صالحا. وعاقبة حميدة وخاتمة حسنة. اللهم بلغنا رمضان بفضلك وعفوك وغفرانك يا ذا الجلال والاكرام. ارحم يا ربي موتانا واشفي مرضانا واهدي ضالنا. وتقبل منا انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم. واخر دعوانا ان الحمد لله