بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي اكرمنا بالاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا رب سواه. واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله رسوله ونبيه ومصطفاه. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته. ومن استن بسنته واهتدى بهداه. اما بعد ايها الاخوة الكرام فها هو ذا مجلس ليلة الجمعة يستأنف بعون الله تعالى. بفضله وكرمه عز وجل بمنته وتوفيقه جل في علاه هذا المجلس المعقود في كل ليلة من ليالي الجمعة. حيث هي ليلة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهو القائل كما في صحيح مسلم من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. فاللهم صل وسلم وبارك عليه هي الليلة التي ندبنا فيها الى الاستكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. وفي هذا المجلس الذي ما زال ينعقد بفضل الله تعالى ورحمته في رحاب بيته الحرام. نقلب صفحات من شمائل المصطفى صلوات الله وسلامه عليه واسطرا وصفحات وابوابا وفصولا من عظيم خلقه وحقه صلى الله عليه وسلم على امته كل ذلك نخص به ليلة الجمعة نستكثر فيها في مجلس كهذا من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم فهي ليلة نعقد فيها مجلسا من مجالس العلم وننتظر الصلاة الى الصلاة ونستكثر فيها من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. كل ذلك في رحاب بيت الله الحرام. وفي اشرف بقعة واعظم مسجد على وجه الارض مسجد كعبة بيت الله الحرام. هذا يا كرام يقف بنا على عظيم فضل الله وخيره وكرمه الذي ينال احدنا في ليلة كهذه في مكان كهذا في مجلس كهذا. احبتي الكرام هذا الفصل وهذا الباب الذي ما زلنا نتدارس وفيه شأن المصطفى عليه الصلاة والسلام وعظيم قدره عند ربه. ما زال يتابع بنا هذا العقد المنتظم من لآلئ انتظمت في عقد اخلاقه عليه الصلاة والسلام زانته وتجمل بها وتكمل بها شأنه ورفع الله عز وجل بها صلى الله عليه واله وسلم. وقبل الشروع فيما نحن بصدده ها هنا امران يحسن الوقوف عليهما يا كرام اما الامر الاول فما نحن فيه ايامنا هذه في اعقاب حج بيت الله الحرام حيث لا تزال بقايا من وفد الله الكريم من والمعتمرين ما زالت في جنبات المسجد الحرام وفي رحاب البلد الامين لم يحن بعد وداعوها. ولم تغادر بعد الى ديارها وكلما حان موسم من مواسم العظمة في الاسلام والاجتماع الكبير ولم الشمل وهذا الالتفاف العظيم كموسم الحج كل عام تبدو لنا صفحة من صفحات العظمة في ديننا معشر المسلمين. وفي طياتها شيء كبير والله لو تأملناه فيما يتعلق بعلم من اعلام نبوته صلى الله عليه وسلم. في مجمع كبير كمجامع الحج بمكة ايام الحج اخوة الاسلام يظهر لك هذا الحشد البشري وهذا اللفيف من بني البشر الذي ترى فيه من كل جنس ومن كل لون. وترى فيه من كل لغة تختلف الثقافات والاجناس والالوان واللغات. ويختلف في شؤونهم في الحياة ويختلفون في قضايا كثيرة. يجتمعون ويفترقون لكنهم جاءوا يلبون في موسم الحج يقصدون بيت الله الحرام هذا الجنيس من بني البشر هذا العدد الكبير وهذا الاجتماع الظخم كله جاء يحمل في قلبه ايمانا تصديقا بالاسلام واذعانا لهذا الدين وانتسابا لهذه الملة كلهم يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ما صلى الله عليه وسلم في مكة تتجلى هذه المفارقة الكبيرة يا قوم في عام الف واربع مئة وسبعة وثلاثين. وقد فصل بينها وبين حادثة الهجرة هذا العدد من السنوات. فاذا ما رجعت الى ما قبله الالف واربعمائة وسبعة وثلاثين وجدت مكة يخرج منها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدته قد قضى فيها ثلاث عشرة سنة. يدعو الناس الى دين الله والى توحيده والى صراطه المستقيم. فيستجيبوا معه نفر قليل وتظل مكة باهلها صامدة على دين ابائها. ويؤمر بالهجرة عليه الصلاة والسلام. وهذا موضع المفارقة العجيبة يخرج في ذلك التاريخ قبل هذه المدة البعيدة من مئات السنين. يخرج عليه الصلاة والسلام بحثا عن موضع اخر يكون اكثر قبولا لدعوته. ويبحث عن من يستجيب له ويؤمن برسالته صلى الله عليه وسلم فما ان تمر الاعقاب والسنين والقرون وتتوالى هذه الاجيال من الامة فاذا بك تلحظ في مواسم الحج ليس هذا العام فحسب لكن في الازمنة المتأخرة فاذا بك ترى الابيض والاسود والاحمر والاصفر والعربي والعجمي هو الذي يأتي الى يشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. بالله عليك لو قدر لي ولك ان نعيش في ذلك الزمان قبل الف مئة وسبعة وثلاثين عاما. وكنا في مكة نشهد قحط الاسلام فيها وجذب ارضها وعدم استجابتهم لدين الله. ثم قيل لنا في ذاك الوقت انه لن تزول الدنيا حتى يقدم الناس الى مكة وليسوا يخرجون من مكة يؤمنون بهذا الدين. وانه لن تقوم الساعة وان الله عز وجل سيجعل لهذا الدين تمكينا. وانه لا يبقى بيت مدر ولا وبر الا ادخله الله هذا الدين. لو قيل لك في ذلك الاوان لوجدت من صعوبة ما تراه في ذلك الحين ما قد تتعجب معه من مثل هذه النبوءة. ولهذا قلت لكم هي علم من اعلام نبوته صلوات الله وسلامه عليه. في الوقت الذي كان يبحث خارج مكة عن من يؤمن بدعوته. اذا بهم من كل انحاء يأتون الى مكة يشهدون برسالته صلوات الله وسلامه عليه هذه احد المعاني العظام التي ما نزلنا نتلمحها في الحج كل عام احبتي الكرام. وهو دين عظيم والله وهذا مشهد حافل املأوا القلوب بهجة وانسا وسرورا. ان دين الله قائم. وان امة الاسلام محفوظة. وان الله عز وجل مقدر لهذا الدين ولاهله ولدينه ولكتابه ما شهدت به النصوص وما بشر به المصطفى صلى الله عليه وسلم لما قال بشر هذه الامة بالثناء والتمكين والنصر. هذه نبوءة صادقة نؤمن بها. قد لا يشهدها احدنا في عمره القصير في الحياة على مدى اربعين او ستين او حتى مئة سنة لكن والله نؤمن انها واقعة. وما الذي نراه في مواسم الحج وتوافد المسلمين من كل وقعت عليها مسلم يوحد الله ويشهد لنبيه عليه الصلاة والسلام بالرسالة فيأتون في مواسم الحج ويجتمعون ها هنا في رحاب البيت الحرام يجتمعون حول الكعبة التي ظل فيها صناديد قريش يؤذون النبي عليه الصلاة والسلام وينهونه عن دعوته ويكابرون بل يتعدون بالاذى ويتوعدون في المكان ذاته تأتي هذه الجموع وهي تقول ملء افواهها ونبض صدورها اشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا دين الله العظيم. وما علينا الا ان نزداد له اذعانا وتصديقا وايمانا. ثم امساكا به واداء بواجب رسالته. اما الامر الاخر يا كرام بين يدي شروعنا في درس الليلة فهو الفصل الذي كنا قد وقفنا عنده في وفاء النبي عليه الصلاة والسلام كما عنون له محقق الكتاب فيما ضم له المصنف رحمه الله. خلق النبي عليه الصلاة والسلام متعدد الاوجه في كل وجه منها هو عظيم صلوات الله وسلامه عليه. وقد قال له ربه وانك لعلى خلق عظيم مهما تعددت وجوه الاخلاق في الكرم والوفاء في الصدق والامانة في الحلم والتواضع في كل الوجوه تلك وغيرها مما عرفت البشرية من الاخلاق الحميدة والخصال الحسنة كان نبينا عليه الصلاة والسلام حظيا بالمرتبة العظمى في كل وجه من وجوهها. تربع على عظمة الاخلاق عليه الصلاة والسلام. ولا زلنا امة الاسلام عبر الاجيال نتصفح في خلقه وهديه الكريم عليه الصلاة والسلام نبحث عن هدفين كبيرين الاول منهما الاقتداء به عليه الصلاة والسلام فيما كمله الله به. وفيما جمله به وفيما رفع به قدره وهو قائل سبحانه لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة. نعم نتعلم من صدقه وامانته من تواضعه وحلمه من كرم وبذله وعطائه من صبره من جهاده من تواضعه من عظيم امانته من وفائه من حسن عشرته ومن كل وجه من وجوه الاخلاق. هذا هدف عظيم. وينبغي ان ينصبه المسلم راية في الحياة ترفرف فوق رأسه ان نتجه. ان يبحث عن الاقتداء بنبي الامة عليه الصلاة والسلام وان يكون له من رسول الله عليه الصلاة والسلام الحظ الاوفر في في التشبه في الاقتداء في محاكاة في ان يكون شبيها به مهما استطاع في كل شأن من شؤون الحياة. هذا هو هدفنا الاول. واما الهدف الاخر فهو انه كلما وقفنا على جانب اعظم من جوانب ما كمل الله به نبيه عليه الصلاة والسلام ورفع به قدره واعلى به مكانته ازددنا له حبا وتعظيما. وهذا واجب من اعمال القلوب التي ينبغي ان تؤسس داخل الصدور للمسلمة عباد الله. ينبغي ان نعرف عظيم التعظيم لهذا النبي الكريم. وان نقيم له مقامه من التعزير والتوقير كما قال الله انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه فتوقيره عليه الصلاة والسلام مطلب واحترامه وملء الصدور بتعظيمه اللائق به عليه الصلاة والسلام واجب بل هو قصد من مقاصد لبعثته وهدف من اهداف رسالته. علينا ان نصل الى تحقيقها. فاعلموا اذا رعاكم الله انه لا شيء يقيم التعظيم الصادق الكامل في القلوب له عليه الصلاة والسلام كمثل المعرفة التامة بعظيم شأنه وخلقه وما حباه الله عز وجل به. هذا التعظيم هو فتيل المحبة الصادقة له عليه الصلاة والسلام. اذا ما اراد احدنا ان في صدره في فؤاده مبنا عظيما وصرحا كبيرا لحب المصطفى عليه الصلاة والسلام. فينبغي ان يعلم ان اعد هذه المحبة واساس بنيانها هو التعظيم الصادق. له عليه الصلاة والسلام. فهذا هدف كبير. ما زلنا نقلب صفحات الباب الثاني من كتاب الشفاء في حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم للامام القاضي عياض ابن موسى الحصبي رحمه الله تعالى. وهذا الباب الذي خصه لهذا الجانب من عظمة القدر والمكانة من شريف المرتبة مما خص الله به نبيه عليه الصلاة والسلام. مما جاءت به الايات في كتاب الله ونطقت به الشواهد في سيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام. نتعلمها نقرأها ندرسها. بل ننقشها وفي افئدتنا ونبذرها في الاجيال الناشئة فينا ونجعلها علما يتوارث وادبا يتعلم ودرسا يقال في المساجد والمنابر والحلقات بل حتى في البيوت وعلى الموائد وبين الاطفال وفي الاسر. هذا واجب وهذا علم جليل نحتفي به نهتم نبثه ننشره رعاكم الله هذا الباب الذي ما زلنا نقلب فصوله وقفنا في اخر مجالسنا قبل الحج عند هذا الفصل في خلقه عليه الصلاة والسلام في الوفاء وحسن العهد وصلة الرحم وربطا للسابق باللاحق. فانما قد تقدم معنا في اول هذا الفصل اورد فيه رحمه الله شأن النبي عليه الصلاة والسلام العظيم في الوفاء. وان الله عز وجل قد اتاه من هذا الخلق الكريم كسائر الاخلاق اسمى مراتبها واعلى درجاتها. اورد وفاءه عليه الصلاة والسلام لامنا خديجة رضي الله عنها وحسن عهده بها وتذكرها وتذكرها عليه له عليه الصلاة والسلام بالمعروف والاحسان. وانه ما زال يتعاهد انها وصويحباتها وذكراها الطيبة بكل ذكر حسن ثم شيئا من ابواب واحاديث صلة الرحم والحث على ان صلة الرحم تقوم على خلق كريم في النفوس. ووقفنا عند حديث ابي قتادة في وفد النجاشي لنكمل ما سيأتي ربطا بما سبق. وهذا يجعلنا ان نختصر الكلام السابق فنقول الوفاء المنسوب الى رسول الله عليه الصلاة والسلام. عظيم القدر. وقد تقدم انه وفاء كان يجده المصاحب له عليه الصلاة والسلام ومن يعيش معه بل من ادرك زمنه ونبوته مسلما كان او كافرا وفى بالعهد مع المسلم وغير وكان وفائه عليه الصلاة والسلام على نوعين اثنين. الاول منهما وفاء كرم ومعروف. والثاني وفاء دين وعهد فاذا ما كان بينك وبين مخلوق دين وحق من مال فان الاعتراف به والاحتفاظ واداءه هو لون من الوفاء وقل مثل ذلك في العهود وابرام العقود فالمحافظة عليها والالتزام بما جاء فيها هو لون من الوفاء. وهذا واجب ومن تركه وتساهل فيه اثم. وبهذا جاءت النصوص واستقرت قواعد الشريعة. اما الوفاء الاخر فوفاء معروف واحسان. ان طل عبد الله محتفظا باحسان صنعه اليك انسان وان تعترف بالجميل وان تحرص مدى حياتك ان ترد احسانا بذل اليه. وان تشعر انك ما زلت اسيرا لكل من اسدى اليك معروفا واحسن اليك احسانا. هذا من الوفاء. وان كان صاحبك لا يبحث عن رد للجميل ولا مقابلة للاحسان. لكن الوفاء في نفوس الاوفياء يحملهم على هذا اللون من الخلق الكريم. فهذا النوع الثاني من الوفاء خلق مستحب نبيل. يتفاوت فيه الفضلاء ويتنافس فيه النبلاء. كلا الوفائين واعظم وجدناهما في حياة المصطفى عليه الصلاة والسلام. فما اخل بحق ولا اسقط ذمة ولا اخفر عهدا عليه الصلاة والسلام. وكان مع ذلك حريصا على الملاطفة والود والبر والاحسان يبتدأ به الناس ويحتفظ بالمعروف لمن اسدى اليه معروفا. يقبل الهدية ويثيب عليها صلى الله عليه وسلم يحتفظ بالمعروف لصاحبه ويذكر اصحابه كلهم بخير. عليه الصلاة والسلام. ويعلي منازلهم. ويذكر مناقبهم. ليس الا من الوفاء من نفس شريفة اعلى الله شأنها صلى الله عليه واله وسلم. فالوفاء الذي نتعلمه في سيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام يأتي على كل الانحاء وسائر الوجوه. ما زال وفيا عليه الصلاة والسلام لاصحابه على الدوام. في الحياة وبعد الممات وقد كان في اخر حياته عليه الصلاة والسلام حريصا على تأسيس هذا المعنى. وعلى اقرار هذا المبدأ الكبير في نفوس في زمنه والامة من بعدهم الاحتفاظ بالمعروف واداء الاحسان ورد الجميل. كل ذلك يا كرام ينبع عن ان شريفة طاهرة فلا يقوم الوفاء الا في نفوس الاوفياء وهي نفوس صادقة. فيها من الخير وفيها من كرم النفس وطيب الفؤاد وسخاء الصدور ما يحملها على ان تكون محلا لهذا الوفاء. لا محل في الوفاء في قلوب تحمل شيئا من الحقد او وغينة ابدا والحسد لا يذر لصاحبه في قلبه موضعا لمعروف او وفاء. وكذلك ستقول في افات القلوب وامراظ الصدور فان لا تحرق في قلوب اصحابها اول ما تحرق هذه الاخلاق النفيسة. وهذا الكرم الشريف في كرم الاخلاق الذي به الكبار في الامة اسوة بنبي الامة صلوات الله وسلامه عليه وما زال عليه الصلاة والسلام بمواقفه باقواله بافعاله يبث هذا المعنى في نفوس اصحابه فيقتبسون من هديه ويتعلمون من صلوات الله وسلامه عليه. وقفنا عند ما ذكره المصنف رحمه الله في اخر هذا الفصل من الحديث عن وفائه عليه الصلاة والسلام مع من كان لهم معه تعامل في صباه وطفولته اه مرضعاته واخواته بالرضاعة. ومن كان له صلة بهم في حياته الاولى عليه الصلاة والسلام. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين قال المصنف رحمه الله في فصل في خلقه في الوفاء وحسن العهد وصلة الرحم. قال رحمه الله ولما جيء باخته من الرضاعة الشيماء في سبايا هوازن وتعرفت له بسط لها رداءه قال لها ان احببت اقمت عندي مكرمة ان احببت اقمت عندي مكرمة محبة او متعتك رجعت الى قومك فاختارت قومها فمتعها. وقال ابو الطفيل رأيت النبي صلى الله عليه وسلم انا غلام اذ اقبلت امرأة حتى دنت منه. فبسط لها رداءه. فجلست عليه فقلت من هذه قالوا امه التي ارضعته نعم. كلكم يعلم شأن نبينا عليه الصلاة والسلام في طفولته. وانه كان مسترضعا في ديار في بني سعد وان امه ماتت ولم يزل حديث عهد صلى الله عليه واله وسلم بالطفولة والصبى. فكان له امهات مرظعات سوى امه امنة بنت وهب ولما استرضع في بني سعد كانت حليمة السعدية من مرضعاته وارضعته نسوة اخريات بمكة سوى حليما قال في الرواية الاولى ولما جيء باخته من الرضاعة الشيماء. والشيماء اخته من الرضاعة من حليمة السعدية. في سبايا وذلك بعد فتح مكة لما قصد الطائف عليه الصلاة والسلام وحاصرها ثم ظفر منهم بغنائم جيء بسبايا هوازن ومن بينهم اخته الشيماء. وتعرفت له بسط لها رداءه عليه الصلاة والسلام. وقال لها ان احببت اقمت عندي مكرمة محبة مكرمة يعني تنالين من وجوه الاكرام ما انت اهل له وقوله محبة يعني احملك على بساط الحب لما بينه وبينها من اخوة الرضاع قال او وهذا الخيار الاخر. قال ان شئت ان احببت اقمتي عندي مكرمة محبة. او متعتك رجعت الى قومك يعني صرفت لك شيئا من المال والمتاع ما تتزودين به وترجعين به الى قالت فاختارت قومها فمتعها يعني فزودها من المتاع الحسن من المال والثياب واللباس ونحوه مما تنتفع به الحديث ليس له سند يصح به مثل هذه الرواية لكن ما يتعلق بشأن اخوته من الرضاع بعد فتح مكة او لديه من الرضاع بعد فتح مكة لا تثبت به اسانيد صحاح. في الرواية هنا انه قابل اخته الشيماء. وفي الرواية الثانية يقول ابو الطفيل رضي الله عنه وارضاه وابو الطفيل اخر الصحابة موتا من صحابة المصطفى عليه الصلاة والسلام واسمه عامر بن واثلة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وانا غلام ابو الطفيل من صغار الصحابة ولد سنة احد في السنة الثالثة من الهجرة. فلما مات النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن له من العمر الا نحو من سبع او ثمان سنوات. قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وانا غلام. اذ اقبلت امرأة حتى دنت منه فبسط ولها رداءه فجلست عليه فقلت من هذه؟ قالوا امه التي ارضعته من المقصودة الرواية لم تسمي من المقصودة ها هنا من امهاته المرظعات لانهن خمس قيل في بعض شروح هذا الحديث انها حليمة السعدية. وقيل بل ثويبة مولاة ابي لهب الاتي ذكرها في رواية اتية بعد قليل قال الامام الحافظ الدمياطي رحمه الله لا يعرف لحليمة السعدية صحبة ولا اسلام يعني لم يثبت لها صحبة وانها اسلمت او قدمت واعلنت اسلامها بين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام. ولذلك رأى ان المرأة ها هنا في الرواية هي اخته الشيماء الواردة في الرواية السابقة. فقال والمرأة التي بسط لها رداءه اخته الشيماء اما الحافظ ابن عبدالبر في في الاستيعاب في ذكر الاصحاب ذكر عن عطاء ان حليمة السعدية جاءت يوم حنين فقام لها وبسط لها رداءه وفي صحيح ابن حبان ما يدل على اسلام حليمة. فانت كما ترى يتفاوت اهل العلم في اثبات اسلام حليمة السعدية مرضعة الله صلى الله عليه واله وسلم. وايا كان فوفاؤه عليه الصلاة والسلام الذي نال البعداء والغرباء لقد كان ينال الاقربين منه من باب اولى عليه الصلاة والسلام واولى الناس به من عاش معهم عيشة الابن بالرضاع مع امهاته واخواته بالرضاع نعم وعن عمر ابن السائب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا يوما. فاقبل ابوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه ثم اقبلت امه فوضع لها شق ثوبه من جانبه الاخر فجلست عليه. ثم اقبل اخوه من من الرضاعة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسه بين يديه عن عمر ابن السائب وعمر ابن السائب ليس صحابيا. فالرواية اذا ها هنا مرسلة والمرسل من قبيل الضعيف عند المحدثين. عن عمر بن السائب انه بلغه. لانه ما ادرك زمن النبوة فلا يمكن ان احكي شيئا رآه بلغه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا يوما. فاقبل ابوه من الرضاعة فوظع له بعظ ثوبه وابوه من الرضاعة هو الحارث ابن عبد العزى زوج حليمة السعدية وهو مختلف في اسلامه كما اختلف في اسلام حليمة السعدية. اقبل ابوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه والمقصود بقوله وضع له بعض ثوبه يعني بسط له بعض ثيابه ليجلس عليه. وهذا من باب الاكرام والحفاوة الا يجعل الضيف يجلس على الارض ولم تكن البيوت انذاك مفرشة لا بالسرر ولا بالارائك ولا بالنمارق ونحوها انهم كانوا يجلسون خفافا ويتخففون في مظاهر الهيئة واللباس وسائر انماط الحياة فوضع له بعض ثوبه وهذا يدل على اكرام ورفعة. فوضع له بعض ثوبه قال فقعد عليه. ثم اقبلت امه والمقصود بها هنا حليما ثم اقبلت امه فوظع لها شق ثوبه من جانبه الاخر. والمقصود بثوب الرجل ما يكون عليه من ازار ورداء فالرداء يمكن ان يكون واسعا يتلحف به فاذا ما اقبل الضيف وبسط له بعض ثوبه ليجلس عليه. فلما بسط بعض ثوبه لابيه من الرضاعة فاقبلت امه بسط لها الشق الاخر من الثوب. وبذلك استوعب ثوبه في الجلوس عليه صلوات صلوات الله وسلامه عليه. ولهذا قال ثم اقبلت امه فوظع لها شق ثوبه من جانبه الاخر فجلست عليه ثم اقبل اخوه من الرضاعة واخوه من الرضاعة هو عبدالله ابن الحارث ابن عبد العزى. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسه بين يديه لديه يعني امامه بحضرته للدلالة ايضا على اكرام. ولم يبقى من الثوب بقية يوضع ويفرش له ليجلس عليه عوضه عليه الصلاة والسلام في الاكرام من هذا الباب في هذا المنحى لاجلاسه بين يديه وبحضرته اكراما ووفاء وحفاوة باخيه وبوالديه من الرضاعة الرواية لو كانت صحيحة مسندة لثبت بها اسلام حليمة وصحبتها واسلام الحارث ابن عبد العزى واسلامه ايضا وصحبته لكنها كما رأيت مرسلا. ولهذا يقول ابن كثير رحمه الله تعالى الله اعلم بصحته. نعم وكان يبعث الى وكان يبعث الى ثويبة مولاة ابي لهب مرضعته بصلة وكسوة. فلما ماتت سأل من بقي من قرابتها؟ فقيل لا احد. هذا ايضا من الاثار المرسلة وثويبة جارية مولاة لابي لهب. كانت ايضا ممن ارضعت نبينا عليه الصلاة والسلام في طفولته صغيرا. ولا تقول كيف استرضع في ديار بني سعد وارضعته ثويبة بمكة؟ هذا لا اشكال فيه لان الاطفال المسترضعين في ديار بني تعدل كانوا يعودون بهم الى مكة الى اهليهم بين الحين والحين. ويبقون عند امهاتهم وقراباتهم فقد يحصل في بعض ذلك شيء من الرضاع وثويبة ممن ثبت ارظاعها لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم وكان له من الاخوة من معها او مع غيرها حمزة بن عبدالمطلب عمه رضي الله عنه وارضاه وهو ايضا اخوه من الرضاعة قال كان يبعث الى ثويبة مولاة ابي لهب مرضعته. يبعث اليها بصلة وكسوة الصلة ما يصل به الانسان اقرباءه وارحامه وجيرانه. يقال لها صلة اذا بعث لهم بطعام او بمال او بشيء من المعروف والاحسان وكسوة يعني بعض الثياب التي يكتسي بها المرء ويلبسها. وهذا نوع من التهادي الذي يبعث على ابقاء حبال مودتي والوصال قائما. وهذا ايضا من صلة الرحم اذا كانت مع الارحام. ومن الاحسان الى الجيران اذا كانت مع الجيران الى الوفاء والمعروف اذا كانت مع اولي المعروف الذين يحتفظ الوفي بمعروفهم ليفي لهم به يوما من الايام فقال هنا في الرواية يبعث الى ثويبة مولاة ابي لهب مرضعته بصلة وكسوة. فلما ماتت سأل من بقي من قرابتها فقيل لا احد السؤال يشعرك انه كان يبحث عليه الصلاة والسلام عن استمرار وفاء لا ينقطع بموت ثويبة. ويستمر بمعروفه وفائه الى من يمت لها بقرابة او صلة من نسب او ولادة. هل بقي من قرابتها احد؟ يعني لو كان الجواب نعم ماذا كان يفعل عليه الصلاة والسلام؟ كان يستمر في وفائه وكان يبعث بما يبعث به اليها فيبعثه الى قرابتها ان بقي منهم احد كما فعل تماما عليه الصلاة والسلام بخديجة. وفي مجلسنا الاخير قبل الحج مرت بكم الروايات. كان يبعث الى صويحبات وربما اوتي باللحم فقطعه فبعث بها الى صاحبات خديجة رضي الله عنها ماتت خديجة لكن حبها ها لم يمت في قلبه عليه الصلاة والسلام والوفاء ما زال ممتدا به عليه الصلاة والسلام رغم موت صاحبته وصديقته وزوجته خديجة خديجة رضي الله عنها وهكذا هو الوفاء. فسؤاله عن قريبات ثويبة يستمر وفاءه عليه الصلاة والسلام الذي لم يكن ينقطع ويوما بموت من يكون وفيا معه صلوات الله وسلامه عليه. نعم وفي حديث خديجة رضي الله عنها انها قالت له صلى الله عليه وسلم ابشر فوالله لا يخزيك الله ابدا انك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الظيف وتعين على نوائب الحق. نعم في الصحيحين وقد تقدم مرارا وهو جزء من موقف ام المؤمنين خديجة رضي الله عنها في تثبيت النبي عليه الصلاة والسلام في مبادئ نبوته وبعثته. وكلكم يعلم انه اول ما نزل عليه الوحي ونبئ عليه الصلاة والسلام وداخله من الفزع والهلع والخوف ما جعله يرجع الى زوجه خديجة رضي الله عنها باحثا عن تسكين وتثبيت الفؤاد استقبلته رضي الله عنها. فكان من عظيم ما من الله عليها بتثبيت فؤاد زوجها رسول صلى الله عليه واله وسلم هذه الكلمات العظيمات. قالت له ابشر فوالله لا يخزيك الله ابدا. هل كانت خديجة رضي الله عنها تعلم الغيب؟ هل كانت تدري بشأن الوحي؟ هل كانت تعلم الامر الذي خفي عنه لما رأى جبريل عليه السلام؟ ابدا ما الذي جعلها توقن؟ وما الذي اوصلها وبلغ بها الى الجزم بان المسألة ليست الا خيرا وانها بشارة وانها تحمل عظيما من الجزاء والاكرام له عليه الصلاة والسلام. هي تتكلم مع زوجها الذي لم تعهده نبيا حتى الساعة الا تعلم ان لها وحيا ينزل من رب السماء ولا تتكلم عن حسن ظن تتكلم عن شيء تقرر في حياتها. هو ما نطقت به في العبارات الاتية لما اسمعت النبي عليه الصلاة والسلام لم تكن تسترضي خاطر زوجها فقط كما تفعل الزوجات الصالحات في شؤون الحياة بل ذهبت الى ابعد من ذلك انها وجدت في شأنه في حياته معها عليه الصلاة والسلام. وما لاحظته وما عن شأنه معها ومع غيرها من وجوه في الحياة لا يمكن ان يصل بصاحبها الى سوء او خذلان او حرمان او شقاء استقر هذا عندها قبل الاسلام يا قوم فنطقت به اول ما جاء الاسلام. فكان منطقا صحيحا ينبع من حكمة وعقل ودراية. فقالت ابشر فوالله لا يخزيك الله ابدا. هذه نتيجة بلغتها خديجة رضي الله عنها. وصدرت به حديثها لانه هو المقصود في تثبيت فؤاد النبي عليه الصلاة والسلام دخل فزعا. والذي رآه شيء من الهول ملك يحدثه بل يضمه ويقبضه ويقول له اقرأ فيقول ما انا بقارئ مرة وثنتين وثلاثا ثم يسمع كلاما عجيبا اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم. شيء يطير له اللب ويندهش له العقل ويتفطر له القلب فرجع فزعا عليه الصلاة والسلام. صاحب القصة ومن عايشها داخله الفزع لكن خديجة رضي الله عنها ادركت بمقدمات ونتيجة ما الذي ينبغي عليها ان تفعله ما بدأت بالمقدمات ما قالت انت وانت فاذا لن يخزيك الله بدأت بالنتيجة. تدري لما؟ لانه هو الذي يحتاجه الان على عليه الصلاة والسلام. تسكين الفؤاد وتثبيت الخاطر وتبريد هذا الفزع وازالة هذا الهم والقلق والخوف والهلع. فهذا من رضي الله عنها ومن حسن صنيعها اعلى الله قدرها. فبادرت بتثبيت فؤاد المصطفى عليه الصلاة والسلام. ابشر ليست هي صاحبة البشارة فهي لا تملكها. لكنها بادرت بذلك لعلمها ان ما وراء ذلك امر سيسر به عليه الصلاة والسلام. وعجيب والله لكأنها تعلم الغيب او لكأنها تدري سلفا بما الذي يخبأ له عليه الصلاة والسلام من نبوة ووحي وبعثة ورسالة. ابشر فوالله لا يخزيك الله ابدا. هي جملة قالتها ولم تطلقها عنان السماء ثم ولت لكنها اسست هذا المعنى الكبير بما اردفته من الجبل. انك لتصل الرحم وتحمل الكل تكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق. هذه خصال. الواحدة منها لو وجدت في انسان لكان من كرامة الله له ان يحفظه في نفسه. وان يبدله بالمعروف معروفا وبالاحسان احسانا. فكيف اذا اجتمعت منها خصلة فكيف بثلاث فكيف بمجموعها ان تجتمع في امرئ ما عرف في مكة قبل النبوة الا بالصدق والامانة الا بالعفة والطهر والصيانة الا بكل تقدير واحترام وحفاوة. خديجة ها هنا ما انطلقت من عاطفة مجردة لانه زوجها او حبيب قلبها وابو اولادها فقط. بل كانت مع ذلك وفوق ذلك تنطلق من مبدأ يقوم على دراية وبنت وبنت نتيجة صحيحة تماما على مقدمات سليمة. فلما اجتمعت في في المصطفى عليه الصلاة سلام. هذه الخصال كانت نتيجتها في محلها. فوالله لا يخزيك الله ابدا من كان في حياته ساعيا في صلة الرحم وفي حمل الكل والكل هو التعب والجهد والعناء. يحمله عن الاخرين. من المعروف الذي يبذله فكأنه يشارك مهموم همه والمغموم غمه ويشارك الضعيف ضعفه فيحمل اعباء الحياة عن ظهور المتعبين بها في الحياة وهذا لا يقوى عليه يا كرام الا الفضلاء النبلاء سادات البشر. من الذي من الذي يحملك على ان تشارك فوق بك الذي تحمل هم الاخرين؟ وما الذي يدفع انسانا لان يكون في حياته مادا يديه حاملا فوق ظهره اعباء غيره الا اصحاب الهمم العالية والنفوس الشريفة. قالت وتحمل الكلب. واما الثالثة قالت وتكسب المعدوم. المعدوم الفقير الذي لا يكاد يجد شيئا في الحياة وليس له الا العدم. فهو اسم مفعول من العدم معدوم. ما يجد طعاما ولا قوتا ولا لباسا لا زوجة ولا دارا ولا فراشا يكسبه عليه الصلاة والسلام بما يصله من معروف. فيمد له طعاما وكسوة ولباسا وغذاء وقوتا سعى في قضاء حاجته بقدر ما يستطيع. واما الرابعة قالت وتقري الضيف. قر الضيف اكرامه افادته استقباله الحفاوة به تقديم الطعام بين يديه. واما الاخيرة فقالت وتعين على نوائب الحق. يعني ما يصيب الانسان في الحياة من المصائب والملمات والكربات مما يستدعي احيانا بذل مال او وقفة اعانة او نجدة او شفاعة تبذل هنا وهناك. هذه من الاعانة على نوائب الحق. لاحظوا يا كرام والحديث في الصحيحين. خديجة امنا رضي الله عنها نطقت بهذه الكلمات في اول يوم نزل فيه الوحي على رسول الله عليه الصلاة والسلام. وكان عمره انذاك فكما تعلمون اربعين سنة وعاشت رضي الله عنها في صحبته وعشرته زوجة معه عليه الصلاة والسلام منذ ان كان عمره خمس وعشرين سنة منذ ان كان عمره خمسا وعشرين سنة فادركت من الاربعين سنة في صحبته معه عليه الصلاة والسلام زوجة خمس عشرة سنة فعرفت من خلال هذه السنوات في عقد ونصف من الزمان هذه الخصال العظيمة وغيرها. اما انها ما كانت تجهله قبل ذلك فما تزوجته الا عن معرفة ولا طلبت ان يكون زوجا لها وهي التي خطبته الا لما صبرت وصبرت وعرفت شأنه وعظيم خلقه عليه الصلاة والسلام وقد كان يتاجر بمالها. على كل حال. فما استفاض في اربعين سنة من حياته اوجزته رضي الله عنها في سطرين اثنين هنا في الرواية وجعلتها عبارات تلقي بثقلها في فؤاده عليه الصلاة والسلام الفزع ذلك اليوم القلق في تلك الساعة. فكانت كلمات القى الله بها السكينة والتثبيت في فؤاده عليه الصلاة والسلام. فكانت في تمام عقلها وحكمتها رضي الله عنها وارضاها. والشاهد منها الان في هذا الفصل بين ايدينا. ما قررته رضي الله عنها ليس ليس في شأن حياتها الاسرية معه عليه الصلاة والسلام. فما تطرقت الى شيء من ذلك. ذكرت خصالا له في الحياة اجمع. قرد ضيف وحمل الكل والاعانة على نوائب الحق. وصلة الرحم واكساب المعدوم. كل ذلك لا يتعلق بشيء انه حياتها معه عليه الصلاة والسلام. ولا عشرته الزوجية التي تشاركه فيها في الحياة. كانت تتكلم عن حياته في الدنيا في في الدائرة الاوسع في المقام الارحب في الحياة. فاقرت بهذه الجمل ما يريد المصنف رحمه الله ان يثبته في هذا الفصل ما هو الوفاء وحسن العهد وصلة الرحم وقد تقررت في جمل وعبارات ام المؤمنين خديجة رضي الله عنها كما هذه خصال كما قلت ما اجتمعن في امرئ الا حفظه الله من مصارع السوء وصرف الله عنه المكاره ووقاه شر ما يخاف منه في الحياة وبعد الممات. يا قوم ان الكافر وهو كافر لو اتصف بشيء من خصال المعروف هذه لكان يجد في حياته شيئا لكان يجد في حياته من سعة العيش وحسن تدبير الله له ما هو اهل لذلك. وان لم يكن يجدي عنه في اخرته شيئا اذا ما لقي الله بتوحيد وايمان وافراد لكن هذه خصال تفعل فعلها في حياة العباد اذا كانوا كفارا فكيف بهم بالاسلام؟ فكيف بنبي الله عليه الصلاة والسلام وقد حباه الله عز وجل اعلى الدرجات واسنى المقامات. هذه الجملة التي ختم بها المصنف رحمه الله هذا الفصل واحسن فيما صنع رحمة الله عليه يثبت بها ما تقرر في روايات هذا الفصل من جمل ام المؤمنين خديجة رضي الله عنها وارضاها في ختام هذا الفصل ينبغي ان نقرر جملا لا بد منها احبتي الكرام. اولها عظمة شأن نبينا عليه الصلاة والسلام امر تقرر دائما وابدا. وهو ما ينبغي ان نؤسسه في النفوس تقرير ووعيا وادراكا وينبغي ان تمتلئ الصدور بانه مهما مر بنا في الحياة من عظماء البشر من فرحنا بخبره واستحسنا سيرته واعجبتنا سيرته واخبار حياته فلا ينبغي ان يفوق احد في باي باب من ابواب المكارم والخصال الحميدة لا ينبغي ان يفوق احد في نفوس المؤمنين رسول الله صلى الله عليه وسلم. مهما كان وجه البر والفضل والفضيلة. فلا والله ما يعدو احد قدر المصطفى عليه الصلاة والسلام بل كلنا ثمرة من شجرته عليه الصلاة والسلام وكلنا ورقة في هذه الدوحة الكبيرة التي سقاها الصلاة والسلام في امته والتي تعاهدها حتى اورقت واينعت واثمرت ونضجت. عندئذ ينبغي ان تعلم انه اذا عاصرنا في حياتنا كريما من الكرماء مثلا او عظيما من العظماء او حليما من الحلماء او امينا من الامناء وعدد ما شئت من صفات البشر الرفيعة والاخلاق النبيلة. فاذا ما اسرك انسان بعظيم سيرته واخباره وحميد ما يتحدث الناس به عنه فاجعل كل ذلك فرعا عما تقرر قبل وبعد في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام من عظمة الاخلاق. الامر الثاني يا كرام هذا وفاء النبي عليه الصلاة والسلام وهو لن اقول صفحة من اخلاقي بل هو سطر سطر في سيرته عليه الصلاة والسلام العطرة التي فاح عبقها والتي ما زالت حديقة اخلاقه يفوح زهرها وتتعلم منه البشرية وما زال رحيقها ترجع وراء الحياة الانسانية اليوم بكثير مما يهذب الاخلاق ويسمو بالنفوس. هذه اخلاقه عليه الصلاة والسلام هي ابواب مشرعة ندخلها فنتعلم منها. ماذا نتعلم في الوفاء؟ نتعلم الامرين كليهما فيما صدرت به المجلس الوفاء الواجب اولا. اداء الحقوق ورعاية العهود والوعود. هذا وفاء اوجبته الشريعة. وهو وفاء يجب بذله لكل بشر مسلما كان او كافرا فليس المسلم بالذي يأكل مال غيره. وينكر حقا او يغفر عهدا او يخلف وعدا. بل عده عليه الصلاة والسلام من صفات اهل النفاق اجاركم الله. ولا يليق بمسلم مهما ضعف اسلامه في قلبه. ان يتخلى عن صفات اهل الايمان ليكتسي بلبوس اهل النفاق عياذا بالله. واما الوفاء الاخر العزيز فهو وفاء المعروف والبر والاحسان المحمدة وفاء الاحتفاظ بالجميل وردي الجميل. ووفاء عدم نسيان المعروف. ودوام تذكره لمن اسدى اليه وفاء وفاء الاسرى. تدري اي اسر اقصد؟ ان تكون اسيرا لانسان احسن اليك يوما من الدهر. سعى لك بمعروف واعانك وشفع لك وفرج عنك كربة ومشى لك في حاجة مهما كانت صغيرة او كبيرة. فلا تزال اسيرا له بالاسر لمعروف اسدى اليك فيه انسان احسانا يوما من الدهر هذا والله من وفائك حفظك الله. اذا شعرت انه مهما تمادت بك الحياة وتقلبت بك انحاؤها وابتعدت عن كثير ممن عرفت في مرحلة من مراحل حياتك لكنك ما زلت تذكره معروفا قدمه لك امام مسجد لما كنت صبيا واستاذ في مدرسة لما تعلمت عنده في حلقته ثالث ورابع وخامس فتحتفظ بالمعروف فقد تلقاه يوما فترد له المعروف بكلمة طيبة او بهدية معبرة او بمعروف مقابل ذلك المعروف. فان لم يكن لقاء بينكما في الحياة فاقل ذلك مددك له بالدعاء ان تذكره بخير وان تدعو له بجزاء حسن فانت صاحب وفاء نبيل عزيز في مثل هذا المقام نحتاج يا كرام الى التأكيد على هذا المعنى ونحن ندرس وفاء المصطفى عليه الصلاة والسلام. ولا ينبغي والله ان يكون محطة عابرة نقرأ فيها رواية واثنتين وثلاثا وعشرا ونكتفي بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. ونقول ما اعظمه من نبي وما اكرمه من رسول وما اسماه من بشر وما ازكاه من انسان صلى الله عليه وسلم. كل ذلك عظيم ومطلوب وينبغي ان يقرر. لكن ليس المطلوب الوقوف عند هذا الحد بل المطلوب رعاكم الله ان نلتفت الى حياتنا. وليعد من كل منا الى سجل حياته. وصفحات ذكرياته سيجد فيها مواضع جديرة بالوفاء. فرحم الله مسلما تأسى بالنبي عليه الصلاة والسلام. فرأى ان تلك المواضع في الحياة جديرة ان يتخلق فيها بخلق المصطفى عليه الصلاة والسلام. فيتعهدها بالوفاء. عن ماذا احدثكم؟ عن وفاء يقوم بين الاباء والابناء عن وفاء الاولاد لابائهم وامهاتهم في الحياة وبعد الممات هذا لون من الوفاء عظيم والله ان يظل الابن مهما كبر وامتدت به الحياة او فقد والديه او احدهما لا يزال يذكر ان الوفاء المناطة بعنقه لوالديه يحمله على دوام البر والاحسان والصلة والمعروف ما بقي فيه عرق ينبض وقلب يخفق هذا من الوفاء يا كرام. صحيح تسميه الشريعة برا بالوالدين. لكن اساسه الوفاء. فمن لم يحمل وفاء ما يعينه على بر مطلوب مشروع في هذا المقام. من الوفاء يا كرام وفاء الاباء والامهات لاولادهم. في تعاهدهم تربيتهم والاحسان اليهم واقامتهم وتقوية عود اصلابهم على على ما يمكن ان يكون فاضلا في كل باب في العقائد في الاخلاق في الاداب. كل ذلك من الوفاء الذي يفي فيه الاباء امهات بالامانة التي وكلهم الله عز وجل عليها. من الوفاء الذي نتحدث عنه يا كرام وفاء الاخوة والاخوات الاشقاء وغير الاشقاء. من جمع الله عز وجل بينهم في بيوت بابوين او باحدهما هذه الاخوة التي تربط اخوة النسب التي تربط بين اخوة واخوات ذكور واناث. بينهم من الوفاء ما يجب ان يقوم قائما فلا يعكر صفوه خلاف ولا يقطع حبله شقاق ولا يمكن ان يصل الوفاء باخوة واخوات الى قطعان وهجير والى والى تنازع مدى الحياة. يختلف الاشقاء ويتنازعون وتكون بينهم من مواقف الحياة ما يشتد معها حبل الصلة ويرتخي لكنه ابدا لن يعدم الوفاء. الوفاء بين الاخوة والاخوات لا يمكن والله ان يبلغ بهم في شقاق ونزاع وخصام ابواب المحاكم وعتبات القضاء. الوفاء جعلهم يستشعرون ان من برهم بابائهم وامهاتهم ولو بعد الممات ان يظلوا محافظين على اخوتهم كما لو كان الوالدان احياء فيشعرون ان من البر دوام المعروف والاحسان بينهم. فتطوى صفحات الخلاف ويتجاوز كثير من الحقوق ويتنازل عن كثير من المطالب في مقابل الحفاظ على حبل الوفاء وفيا قد تتنازع الاطراف فيبادر الوفي فيكون هو الرابح والكسبان في مثل هذا الموقف عندما يتنازل وعندما يكبر به مقامه عند الوقوف على قضايا تكون من التوافه والسفاسف. الحديث يا كرام في الوفاء يمتد الى معقل من معاقل الوفاء في الحياة واعني به معاقل العلم والتربية. العلاقات التي تقوم بين المعلمين والمتعلمين بين شيوخ واساتذتنا ومربينا ومن تعلمنا على ايديهم ومن تفقهنا في حلقاتهم ومن مدوا جسور المعرفة في عقولنا واسسوا فيها قواعد العلم والفهم والادراك وبين اجيالهم واولادهم الذين ليسوا من اصلابهم ممن وتعبوا معهم وضحوا واياهم. هذا لون من الوفاء عظيم. وقد عنيت الشريعة واصبحت مظربا في في سمو هذه الصفحة من صفحات الوفاء في الحلقات وفي المجالس وفي المدارس وفي المعاهد ان يظل طالب العلم محتفل في ظن بالوفاء لكل من افاد منه وتعلم منه ولقيه وافاد عنه وفاء يحمل على وجوه شتى في المواقف اقلها الصلة بالمعروف ودوام الدعاء. وقد كان لسلفنا في ذلك صفحات مشرقة وعبارات مضيئة لما يقول الامام احمد رحمه الله انه ما زال يدعو للشافعي في كل صلاة من صلواته فيسأله ابنه وهو يسمعه يدعو له في ثلث الليل الاخير يقول اراك لا تترك دعائك للشافعي فيقول يا ولدي لقد كان الشافعي كالعافية للبدن وكالشمس للدنيا فهل لهذين من خلف؟ من اجل انه وجد في شيخه واستاذه صفحة من المعروف لا يمكن ان تنسى ولونا من الحق من الوفاء ان يظل محتفظا به وفيا. هذا الدعاء فاما حسن الخلق والادب فما سطرته كتب ادب لطالب العلم في تراثنا العلمي وتريكتنا الزاخرة تنبيك عن انا امة اسست علمها وحضارتها على قواعد جليلة عظيمة القدر قوامها الاخلاق النبيلة وسقاعها هذه الصفات الحميدة. الوفاء هو الشجرة التي ما زالت تمتد وتورق وتثمر وتزهر في حلق العلم وفي المدارس ومعاقل العلم ايا كان بابها. الوفاء يا كرام بين والجيران نحتاجه مليا والله. وان نتصفحه لندرك ان قدرا كبيرا من الخلاف والنزاع والشقاق والعلاقات المتقطعة والله لا يداويها الا الوفاء عندما تتحدث عن خصومة اودت بصلة رحم فاعادت بها الى القطعان والهجير. وعندما تتحدث عن جوار فرض حصارا متينا بين جار وجاره من اجل موقف يمتد تاريخه الى سنوات او الى عقود من الزمان. لا يطوي مثل ذلك الخلاف. ولا يساعد على تجسيد تلك الفجوات ولا على تجاوز تلك الاختناقات التي ما زلنا نمر بها في الحياة الا حبل من الوفاء. وبغير الوفاء فستظل النفوس مشحونة بقدر كبير من الاصرار على الحقوق. والمطالبة بعزة النفس وكرامتها بين قوسين مزعومة التي ما زال الشيطان ينفخ فيها في داخل احدنا ليتصلب على موقف فلا يقبل التزحزح عنه شعرة ولا التنازل عنه قدرا انملة الوفاء الوفاء يا كرام. ان كان لنا في رسولنا عليه الصلاة والسلام اسوة حسنة. فعودا حميما الى الوفاء في كل مسارات الحياة في بيوتنا في اسرنا في صلتنا بارحامنا في علاقاتنا بجيراننا بين والاباء والامهات بين الاخوة والاخوات بين الاصدقاء والارحام والجيران بين كل المسلمين بعضهم مع بعض ليس الا الوفاء ان كان لنا في رسول الله عليه الصلاة والسلام اسوة حسنة. هذا هذا التفات يا كرام الى توظيف جليل عظيم لخلق كريم من اخلاق المصطفى عليه الصلاة والسلام. لا ينبغي صدقا والله ان نقتصر في تدارسنا على اخلاق عليه الصلاة والسلام على الاعجاب. وعلى ضرب المثال وعلى تحفيز النفوس بل ربما دمعت العيون واحدنا يقرأ موقفا من موقفه العظيمة في الوفاء عليه الصلاة والسلام. حول دمعتك تلك رحمك الله وحول اثر ذلك في فؤادك الى موقف عملي في الحياة تعود به وفيا رعاك الله مع والديه. فقولوا لكل ابن ما زال مبتعدا ولو قدر شبر عن والديه. الوفاء يعود بك اليه وقولوا لكل زوجين ولكل اخوين ولكل جارين ولكل قريبين ولكل مسلم في الحياة الوفاء هو الكفيل بان يعيد صفاء العلائق وان يعيد تهذيب الاخلاق وان يعيد المودة والمحبة وان يجري هذه المياه الصافية في مساربها في قنواتها فتعود تنبض مرة اخرى سموا ورفعة وشرف قدر نحن اليوم بحاجة اليه نؤكد على هذا المعنى في زمن تخشى تخشى ان تمتد فيه عروق الجفاف فتصيب كثيرا من انماط الحياة ما ترى عقوقا بين الاباء واولادهم. ولا ترى كثيرا من صور الطلاق والفراق والهجران. ولا ترى كثيرا من قطيعة الرحم كما اسلفت الا لما جف عنها ماء الوفاء في الحياة. اخبروني ما الذي يجعل زوجين تصاحب في الحياة مدة من الزمن يوما او يومين او شهرا او سنة او سنتين. ثم يعود بينهما عدم الوفاق الى الافتراق. والله عز وجل قل فامساك بمعروف او تسريح باحسان. هذا الوفاء فانظروا كيف ذكر الله عز وجل شأن الطلاق والفراق لما قال سبحانه وان طلقتموهن من قبل ان تمسوهن. وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم الا ان يعفون او يعفو الذي بيده عقدة النكاح. وان تعفو اقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم قل الله ولا تنسوا الفضل بينكم في طلاق حصل قبل الجماع قبل الدخول قبل التقاء الرجل بزوجته. فما عساك ان تقول في طلاق يقع بعد عشرة دامت ولو يوما بين زوجين. فعلام ينقلب ذلك الى حرب شعواء؟ والى نكران والى هجاء وسب وشتام الله عز وجل يقول ولا تنسوا الفضل بينكم انه المعروف يا كرام والوفاء العزيز الذي ما زلنا نتحدث عنه في مجلس الليلة. فالوفاء حق يبذل لكل صاحب حق ومعروف واحسان. الا وان من اعظم الوفاء واسماه واشرفه وفاء امة المصطفى عليه الصلاة والسلام لنبيه الكريم. ووفاؤنا له عليه الصلاة والسلام ايمان به. وتصديق برسالته وحب عظيم لشخصه عليه الصلاة والسلام ومن الوان الوفاء ما نحن فيه الليلة كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم هو لون من فيحمل المحب على الاستكثار من الصلاة والسلام عليه. لا يكتفي بمرة بل بمرات. ولا يزال يستكثر ويشعر انه يتقلب في بحر من الخير والرحمات والبركات وفاؤنا في ليلة الجمعة لانها ليلة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم وفي يوم الجمعة ذلك اليوم العظيم. يا رب صلي عليه ما وطئ الثرى. انس وما طير على نحو السماء. يا رب صل عليهما نهر جرى او سح غيث فارتوى ظمئ بماء حديثنا متواصل في مجلس الليلة ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. اسأل الله لي ولكم علما نافعا وعملا صالحا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا. وزدنا علما يا رب العالمين. اعمروا ليلتكم وجمعتكم غدا بكثرة الصلاة والسلام عليه