بسم الله الرحمن الرحيم. يسر الادارة العامة للتوجيه والارشاد بالمسجد الحرام. ان تقدم لكم الله انه لا اله الا هو والملائكة واولوا العلم قائما القسط لا اله الا هو العزيز الحكيم. دروس من الحرم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي اكرمنا بالاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن. احمد الله تعالى واشكره تعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان سيدنا ونبينا عيوننا محمدا عبد الله ورسوله. امام الانبياء وخاتم المرسلين وحبيب رب العالمين. اللهم وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد اخوتي فهذا المجلس الذي ما زال يتجدد منعقدا في كل ليلة من ليالي الجمعة. نتذاكر ونتدارس سامعوا فيها طرفا من الحقوق العظيمة لنبي الامة صلوات الله وسلامه عليه. التي اوجبها الله علينا معشر امته وجعلها سبيلا الى نيل محبته. والى الرقي في درجات جنانه والفوز برظوانه. حقوق رسول الله صلى الله عليه سلم اعظم حقوق البشر على البشر اطلاقا. واسمى ما يتوجب لانسان على انسان مطلقا هو حق الله صلى الله عليه وسلم الذي اوجبه الله تعالى له وجعله رفعة لمكانته وسمو لمنزلته وطريقا الى نيل طاعته واتباع سنته عليه الصلاة والسلام. تالله ما بعثه الله الا بشيرا ونذيرا. وجعله منيرا به تستفتح ابواب الجنان يوم القيامة. وخلفه تسلك الامة مسالك الرضوان صلوات الله وسلامه عليه ثم هذه الليلة الشريفة الكريمة ليلة الجمعة. ونحن في رحاب بيت الله الحرام فانما نستكثر بهذا المجلس وامثاله من الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام. بكثرة ما نذكر حقه وفضله وما يتعلق بشأنه. من كتاب الله ومن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. فينصرف احدنا من مجلس كهذا مغمورا برحمات احاطت به فائزا ببركات قد نالته كيف لا ومجلس لك فيه من الصلوات على رسول الله عليه الصلاة والسلام تستمطر بها صلوات ربك كم من فوق سبع سماوات وصلاة الله عز وجل اذا اصابت العبد ناله الشرف في الدنيا والاخرة وحلت به الرحمة وزال عنه والغم وتفرج عنه الكرب وعاش سعادته في هذه الحياة وهو يعيش في هذا الطريق المبارك. هذا المجلس الذي تكثروا فيه من الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام. فوق اننا نصيب فيه علما ونلتمس فيه هديا ونزداد فيه اجرا فانما نمتثل ايضا سنة من سننه عليه الصلاة والسلام. وهو الذي ندبنا الى الاكثار من الصلاة والسلام عليه في ليلة الجمعة ويوم الجمعة لنكون فائزين بالرحمات والبركات ونحن نستكثر من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم صلت عليك جبال مكة كلها. ما بث للرحمن حزنا باكيا. صلى عليك الوحي وانت حملته غظا طريا للبرية صافيا. ثم هذا الكتاب الذي ما زلنا نقلب صفحاته. الشفاء في حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي ابن موسى يحصوا به رحمة الله عليه. وقفنا في اثناء الباب الثاني الذي جعله المصنف رحمه الله مخصوصا لتلك الصفات والخصال والطبائع التي كملها الله تعالى بها. الى الاوصاف الجميلة الجليلة التي حباه الله اياها ما زلنا نتنقل بين فصل وفصل كانما نتنقل في حديقة غناء بين روضة واخرى وظلال فيحاء وانهار جارية نستعذب فيه الحديث عن خلق المصطفى عليه الصلاة والسلام. نتذوق باسماعنا وابصارنا معاني العظمة في الحياة التي يعيشها انسان يتخلق باخلاق المصطفى عليه الصلاة والسلام. عظمة قال الله عنها وانك لعلى خلق عظيم. ان اردت ان ان تعيش عظيما في الحياة فاسلك طريق رسول الله عليه الصلاة والسلام. وتخلق باخلاقه واسلك هديه وتسنن بسنته تعيش والله معنى العظمة وان لم تؤت منصبا ولا جاها ولا مالا ولا منزلة ولا مكانة حسبك ان تكون على طريق رسول الله عليه الصلاة والسلام لتتبوأ معاني العظمة. ولتعرف معنى العيش في ظلال العظماء ونحن نقتفي اثر رسول الله عليه الصلاة والسلام وانك لعلى خلق عظيم. في خلاقه كلها عليه الصلاة والسلام. كان في رحمته عظيمة كان في كرمه عظيما كان في تواضعه عظيما كان في صدقه في امانته في رحمته وشفقته في حزمه وعدله وامانته كل ذلك تمثل فيه عليه الصلاة والسلام معاني العظمة في الاخلاق. ولذلك قال الله له وانك لعلى خلق عظيم. عظمة الاخلاق لن تفيها المجالس بالحديث ولا الكتب ولا المصنفات. عظمة مقام لسنا نحيط به في الخطب ولا المجالس ولا المدارس ولا المصنفات. لكنا نتلمس منها اطرافا. وحسبك من القلادة فيما احاط بالعنق وكل ما يريده المصنف رحمه الله. وغيره من علماء الاسلام فيما يذكرونه من الشواهد والامثلة روايات على اخلاق رسول الله عليه الصلاة والسلام فثق تماما هي قطرة من بحر. كم يحكون صفحات مئات الروايات انت تتحدث عن حياة باسرها عاشها المصطفى عليه الصلاة والسلام بليلها ونهارها بصبحها ومسائها صيفها شتائها حربها وسلمها حظرها وسفرها كانت كل دقيقة في حياته تبث نورا من ضياء الاشراق في الاخلاق وسنى العظمة التي يبحث عنها فضلاء البشر. نحن نتحدث عن اخلاق رسول الله عليه الصلاة والسلام. لا عن كرم ولا عن حلم الاحنف ولا عن ذكاء فلان وكرم فلان. نحن نتحدث عن اخلاق رسول الله عليه الصلاة والسلام. فنحن اولا نملأ قلوبنا حبا وتعظيما لمن اوجب الله له الحب العظيم والتعظيم اللائق عليه الصلاة والسلام. ونحن ثانيا نزرع في مكانته التي توجب اتباعه وطاعته. كلما عظم شأن المصطفى عليه الصلاة والسلام في قلبي وقلبك كانت السنة في قلوبنا اعظم وكان الاهتمام بها اجلى. وكنا اقرب الى اتباع سنته في كل شأن من شئون الحياة. ونحن ثالثا يا كرام نقيم اخلاقنا ونهذب نفوسنا ونعالج كثيرا من خللنا وخطأنا وزللنا ونحن نبصر في مرآة عليه الصلاة والسلام كيف ينبغي ان تكون عليه الاخلاق الفاضلة؟ كيف نعيش سموا في الحياة؟ كيف نرتقي بانفسنا بقيمنا لا بتصرفاتنا وسلوكنا. حياته عليه الصلاة والسلام كتاب مفتوح. بل مرآة نقف امامها. فنبصر احوالنا تتفقد عيوبنا ونعالج اخطاءنا وخللنا. حسبك بهذا بركة لكل انسان اقبل على سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام واستكثر من هديه وتقلب في نبع سيرته عليه الصلاة والسلام. نحن يا كرام وقف بنا الحديث ليلة الجمعة في الحديث عن فصل في تواضعه صلوات الله وسلامه عليه. والمصنف كما جرت العادة يورد طرفا من الروايات والاثار التي بها ثبتت هذه المعاني العظام في شأن المصطفى عليه الصلاة والسلام فنكمل ما ابتدأنا به الحديث في ليلة الجمعة الماضية. نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. هذا هو المجلس الرابع والاربع من مجالس تدارس كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. وباسانيدكم تصل الى القاضي العلامة بالفضل عياض ابن موسى الي رحمه الله تعالى رحمة واسعة قال رحمه الله فصل في تواضعه صلى الله عليه وسلم. واما تواضعه صلى الله عليه وسلم على علو منصبه ورفعة رتبته فكان اشد الناس تواضعا. واقلهم كبرا. وحسبك انه خير بين ان يكون نبيا ملكا او نبيا عبدا. فاختار ان يكون نبيا عبدا. فقال له اسرافيل عليه عند ذلك فان الله قد اعطاك بما تواضعت له انك سيد ولد ادم يوم القيامة. واول اول من تنشق عنه الارض واول شافع. نعم يا احبة شأن العلو التعالي. وعادة الرفعة الترفع بمعنى ان من اتاه الله رفعة في القدر في المجتمع فان هذا في الغالب مظنة ترفعه على الناس. ومن اوتي علوا في المناصب او في الجاه او في كان ايضا مظنة التعالي. اقصد انه ما من انسان يؤتى في الحياة رفعة قدر او منصب او علوا في في المجتمع كان يكون شيخ قبيلة او يكون كبيرا معظما محترما او اميرا او غنيا من الغنياء او صاحب جاه ونحو ذلك من مناصب الرفعة بين البشر فان من شأن ذلك في الغالب ان يكتسي صاحبه شيئا من التعالي لانه عالي القدر ويترفع لانه رفيع المكانة. فيلقي هذا بظلاله على مواقفه تصرفاته سلوكه المس الناس شيئا من انكماشه وابتعاده ونأيه عنهم لانه اعلى منهم درجة. الان اسمع جيدا رعاك الله مهما تعددت مناصب البشر فاعلى منصب يمكن ان يكون مناصب الملوك والعظماء والرؤساء والحكام ونحو ذلك لكن عندما تتكلم عن مناصب النبوة والرسالة فانت تجاوزت مناصب الارض الى مناصب السماء هناك. وصلت الى فئة من البشر ربطهم الوحي بالملكوت الاعلى. فلا والله ابدا ما تقارن بمناصب الدنيا. ورغم ذلك فانه عليه الصلاة والسلام الذي اعلى الله منزلته وخلد في القرآن ذكره واعلى درجته وشرف مكانته عليه الصلاة والسلام وعرج به الى سابع سماء واوحى اليه بالوحي وايده بالمعجزات لم يكن في حياته عليه الصلاة والسلام شيء مما معاني التكبر ولا الترفع ولا التعالي على الناس من حوله. هذا ما يريد المصنف ايراده في هذا الفصل. قال حسبك انه بين ان يكون نبيا ملكا او نبيا عبدا. اوتي النبوة وخير بين ان يعيش عيشة الملوك او يعيش عيشة العبيد فاختار حياة العبودية حياة الفقر والقلة. ما استكثروا ولا توسع ونأى عن الحياة وانزوى عن متعها وعن عاش في ظلالها تقشفا وزهدا وفقرا وقلة. بقيت له مناصب النبوة وشرفها ووحيها ورسالتها وتكاليفها فعاش ثلاث عشرة سنة بمكة وعشر سنوات بالمدينة لقي فيها الصديق والعدو ولقي فيها قريب والبعيد والمسلم واليهودية والنصراني والرجل والمرأة والكبير والصغير. وكل اولئك لا والله ما وجد احد انهم رسول الله عليه الصلاة والسلام مترفع الجناب عنه. ما وجدوه الا متواضعا خفيظ الجناح رؤوفا رحيما متذلل لاصحابه قريبا في التناول بسيطا في التعامل كل ذلك جزء من معاني التواضع العظيم. لما نتكلم عن تواضع انسان مثلي ومثلك فيتمثل هذا التواضع في ان يتخلى عن بعض مظاهر الابهة والفخر والخيلاء. وان يترك شيئا من المواقف التي ربما وصفه الناس فيها بالتكبر والعلو. لكن عندما نتحدث عن نبي يقابل الملائكة ويتحدث اليهم ويوحى اليه في اليقظة والمنام. اتظن انه يبقى لاي انسان من البشر شيء من المكانة الرفيعة في قلب رجل. عاش الملكوت الاعلى ومع ذلك ما وجدوا منه عليه الصلاة والسلام انزواء ولا ترفعا ولا تكبرا بل كان اقرب اليهم عليه الصلاة والسلام مظاهر التواضع في حياة المصطفى عليه الصلاة والسلام كثيرا. تواضع في لباسه. تواضع في هيئته. تواضع في في لباسه ومركوبه تواضع في بيته واثاثه. تواضع في طعامه وشرابه. تواضع في مشيته في تعامله مع اصحابه وضع في حياته كلها عليه الصلاة والسلام هذا طرف من الروايات التي ستأتي في هذا الباب والتي منها ما ذكر عنه وعليه الصلاة والسلام في الكتب السابقة. وقد مر بكم حديث عمرو بن العاص في الصحيحين فيما ذكر عنه من وصفه عليه الصلاة والسلام في التوراة وانه مذكور في الكتب السابقة ليس بفض ولا غليظ ولا سخاب في الاسواق ولا يدفع السيئة سيئة ولكن يعفو ويغفر. هذا التواضع في رفقه ولينه هذا التواضع في رأفته عليه الصلاة والسلام هذا التواضع في لين جانبه ويسر تناوله والتعامل معه كما ستبسطه الروايات الاتية بعد قليل. نعم. قال رحمه الله تعالى حدثنا ابو الوليد ابن العواد الفقيه رضي الله عنه بقراءة عليه في منزله بقرطبة سنة سبع وخمسمائة قال حدثنا ابو علي الحافظ قال حدثنا ابو عمر قال حدثنا ابن عبد المؤمن قال حدثنا حدثنا ابن داس قال حدثنا ابو داوود قال حدثنا ابو بكر ابن ابي شيبة. ابو داوود هذا هو صاحب السنن. والمصنف رحمه الله ساق الحديث بسنده اليه. نعم. قال تحدثنا ابو داوود قال حدثنا ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثنا عبد الله بن نمير قال عن مزعل عن ابي العنبس عن ابي العد عدبس عن ابي مرزوق عن ابي غالب عن ابي امامة رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئا على عصا له فقال لا تقوموا كما تقوم الاعاجم يعظم بعضها بعضا. الحديث في سنن ابي داود وكذلك ابن ماجة والسند عندهما ضعيف. لكن الحديث تشهد له روايات صحيحة. اخرج مسلم معناه واخرج ايضا احمد بسند صحيح عن انس رضي الله عنه قال واسمع الى ما يقول انس يقول ما كان شخص احب اليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا اذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك. انت لما تقف بمرور انسان له المكانة العظيمة في قلبه كان يكون استاذا من اساتذتك. او عما من اعمامك او رجلا صاحبا معروف واحسان في المجتمع يفرض احترامه على الناس. فانك ما ان تراه الا وتقوم لتسلم عليه لتحييه لتستقبله قيامك ها هنا قيام احترام قيام تبجيل واكرام. ولا احد كان يحترم احدا اكثر من الصحابة في احترامهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام وقد قال قائل قريش قبل ان يسلم والله لقد وفدت على الملوك والرؤساء والعظماء وفدت على كسرى وقيصر ما رأيت احدا يعظم احدا كما يعظم اصحاب محمد محمدا صلى الله عليه واله وسلم ومع ذلك تسمع انسا يقول ما كان احد احب اليه من رسول الله عليه الصلاة والسلام. وكانوا اذا رأوه لم يقوموا قال لما يعلمون من كراهيته لذلك. ما الذي كان يكرهه عليه الصلاة والسلام؟ احترامهم له؟ لا ابدا كان يكره تقديرهم وادبهم معه عليه الصلاة والسلام ابدا. لكنه كان يغلق ابواب التعظيم التي اخرجوا عن الحد المشروع فربما كانت سببا الى اظفاء شيء من العظمة التي لا يرضاها لنفسه عليه الصلاة والسلام. والا ان القيام ثابت في سنته له ومنه عليه الصلاة والسلام. كان يقوم في ترحاب المقبل من سفر. وكان يقول للصحابة لما ما اقبل سعد قوموا الى سيدكم فهذا كله مشروع ولا ينكر. قيام الاحترام والتقدير. قيام التبجيل والاكرام. هذا ثابت وصحيح ومشروع لكن رفظه عليه الصلاة والسلام هو قيام التعظيم. ولذلك قال هنا في رواية ابي داود يعظم بعظها بعظا لا تقوموا كما تقوم الاعاجم يعظم بعضها بعضا. فقيام التعظيم لا يجوز. لان القيام في التعظيم انما هو لله في صلاة وانحناء الصلب في التعظيم لا يكون الا لله في الركوع. ووضع الجبهة على الارض في التعظيم لا يكون الا لله في السجود فمعاني التعظيم قياما وانحناء وسجودا لا يكون الا للخالق العظيم سبحانه وتعالى. هذا واحد من مظاهر التواضع يريد ان يعيش بينهم عليه الصلاة والسلام على سجيته. بعيدا عن التكلف بعيدا عن مظاهر يتعمد فيها الناس تعاملا معه عليه الصلاة والسلام وفق نمط محدود واشكال مصورة. التعظيم الحقيقي لرسول الله عليه الصلاة والسلام. ليس في حركات يمكن ان تقوم بها ولا في مظاهر تؤديها. التعظيم الحقيقي تعظيمه في القلب. له عليه الصلاة والسلام. المقام الاعظم المكانة الاسمى الحب الاكمل ثم التعظيم لسنته. التعظيم لهديه بالاتباع والتقديم وعدم مزاحمتها بشيء من العادات والتقاليد والاعراف هذا تعظيم حقيقي نفعله نقتدي فيه برسول الله عليه الصلاة والسلام. نعم. وقال رضي الله عنه وقال وقال رضي الله عنه انما انا قال عليه الصلاة والسلام وقال صلى الله عليه وسلم انما ما انا عبد اكل كما يأكل العبد واجلس كما يجلس العبد. وكان يركب الحمار ويردف خلفه ويعود المساكين ويجالس الفقراء ويجيب دعوة العبد ويجلس بين اصحابه مختلطا بهم. حيث ما انتهى به المجلس جلس. نعم. يا اخوة بصدق كم يدهشنا تواضع الاثرياء والرؤساء؟ لما تلتقط بعض الصور مشهدا او لقطة لاحد التجار الكبار الاثرياء او احد الرؤساء والملوك والامراء اذا ما التقطت له صورة يجلس مع فقير من الفقراء ويركب مع عامة الناس ويجلس وياهم ويأكل الطعام معهم على مائدة واحدة تدهشنا تلك المشاهد ونرى فيها تواضعا جما ونرى فيها كرم نفس ونرى فيها رفعة اقدار. هذا وهم ملوك وامراء جاء واثرياء ونرى انهم اذا جالسوا البسطاء والمساكين والفقراء فان هذا من غاية الخلق الكريم. ونطير ونقيل الثناء لامثال هؤلاء. نعم هذه مواقف لما تصدر من ذوي العظمة والجاه والمنزلة تستحق مدحها وثناء لكن بالله عليك كيف بنبي يكلمه الله وحيا؟ كيف بمن بلغ السماء السابعة يعرج به عليه الصلاة والسلام. كيف بمن يأتيه الوحي في اليقظة والمنام؟ كيف بمن يجالس الملائكة الكرام؟ اتقيس هذا بملوك وعظماء وتجار اسرياء وامراء ورؤساء ووزراء. حاشا. كم ننظر الى تلك المظاهر على انها في غاية اولئك التي توجب الاشادة بهم والحفاوة والكلام. بالله ما عساك ان تقول في تواضع النبي عليه الصلاة والسلام يركب الحمار ويردف خلفه اذا ركب يجعل خلفه من يركب من الصحابة وحدث هذا اكثر من مرة يعود المساكين يجالس الفقراء ويجيب دعوة العبد ويجلس بين اصحابه مختلطا بهم حيث ما انتهى به المجلس جلس لم يجدوا منه يوم من ترفع ولا شعروا انه يستصحب مقام النبوة فينزوي عنهم او يحب ان يظهر في مظاهر العظمة والكبرياء والترفع عن اصحابه رضي الله عنهم جميعا. اسمع الى حديث ابي رمثم. ويحكي موقفا شهده صغيرا مع والده لما قدم على رسول الله عليه الصلاة والسلام والحديث اخرجه احمد في مسنده وهو صحيح. يقول انطلقت مع ابي نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأيته قال لي ابي هل تدري من هذا؟ قلت لا. قال هذا رسول الله. قال فاقشعر حين قال ذلك وكنت اظن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لا يشبه الناس. فاذا هو بشر له وفرة وبها ردع من حناء عليه ثوبان اخضران الى اخر ما ذكر في الحديث. كان يتصور قبل رؤية رسول الله عليه الصلاة والسلام انه يرى مخلوقا لا كالبشر. هذا نبي. وكان يتصور ان يرى فيه على الاقل من اللباس والابهة والتميز وو وشيء من العظمة التي تملأ نظر الناظرين اليه. فاذا هو بشر كما يقول في الرواية له وفرة له شعر وفير بها ردع حناء مخضوب بالحناء عليه الصلاة والسلام. تجلت كل تلك مظاهر العظمة الزائفة في نظر ابي رمثة. وبقي واستقر في قلبه التعظيم الحقيقي لرسول الله عليه الصلاة والسلام لما رآه بشرا كسائر البشر نعم في خلقته في مظهره وهيئته لكنه ابدا هو اسماهم منزلة واعلاهم درجة عند الله وعند الناس. هذا شيء من معنى تواضع المصطفى عليه الصلاة والسلام. القرب من الناس الاختلاط بهم الاحتكاك معهم. الجلوس واياهم عدم التمايز. عنهم في شيء من المظاهر التي تدل على ذلك. يا رجل ربما دخلت داخل مسجدها عليه الصلاة والسلام. من غير اهل المدينة من الاعراب والوافدين ومن لم يسبق له رؤية رسول الله عليه الصلاة والسلام. فيراه جالسا في الحلقة وسط اصحابه فيقول ايكم محمد؟ ما ولا يظهر في المظهر في الحلقة ولا في الجلوس ولا في الناس من حوله انه يمكن ان يكون في منصب اعلى ومكان اسمى او بلباس اللي يميزه. يقول ايكم رسول الله عليه الصلاة والسلام. فيشار اليه او يناديه رسول الله. عليه الصلاة والسلام فيقبلوا اليه. هذا طرف من تواضعه والمعاني الاخرة اتي تباعا ايضا. نعم. قال رحمه الله وفي حديث عمر رضي الله عنه لا كما اطرت النصارى ابن مريم انما انا عبد فقولوا عبد الله ورسوله. نعم. الحديث اخرجه البخاري. لا يعني لا تبالغوا في مدح المبالغة في المدح يا احبة تخرج المادح عن المدح بالحق الى المدح بالباطل ولابد لا يمكن ان يبالغ المادح في المدح الا خرج من الحق الى الباطل. مهما كان من تمدحه ولو كان ابى او استاذك او شخصا ملأ قلبك حبا وتعظيما واحتراما. فجئت تمدحه بقصيدة او بمقالة شعر او نثرا مهما تجاوزت الحد في المدح ولو كنت تمدح والديك رعاك الله. فمن تجاوز الحد وبالغ او فله هذا التجاوز الى الباطل. التجاوز في المدح من الحق الى الباطل يسمى اطراء. فاذا استرسل الشخص في المدح وتجاوز الحد فقد بلغ الاطراء. والنبي عليه الصلاة والسلام يقول لا تطروني كما اطرت النصارى ابن مريم ماذا فعلت النصارى مع عيسى عليه السلام قالت النصارى المسيح ابن الله. هذا التجاوز المذموم. لما بالغوا في المدح خرجوا من الحق الى الباطل فجعلوه ابنا لا تعالى الله او جعلوه ثالث ثلاثة عياذا بالله او جعلوه الها مقدسا تعالى الله عما يقولون. فقال عليه الصلاة والسلام محذرا امته معلما اياها طريق الصواب. وهو طرف من تواضعه عليه الصلاة والسلام. يقول لا تطروني كما النصارى ابن مريم انما انا عبد. فقولوا عبد الله ورسوله. هذه نصيحته عليه الصلاة والسلام. فاذا جئت تمدحه فاعلم ان احب مدح اليه عليه الصلاة والسلام ان تقول هو عبد الله ورسوله. هذا احب المدح اليه. واذا اردت ان تصيبه المكانة اللائقة به والعبارة الاوفى فحسبك بوصفه بالعبودية والرسالة. نهيه عليه الصلاة والسلام ها هنا في الحديث يدل على امرين كبيرين يا احبة. اولهما تواضعه. رغم معرفته بعظيم قدره عند ربه. اليس هو الذي اوحى الله اليه الم نشرح لك صدرك ووظعنا عنك وزرك الذي انقظ ظهرك ورفعنا لك ذكرك؟ بلى. اليس هو الذي قال الله له ما ودعك ربك وما قلى وللاخرة خير لك من الاولى ولسوف يعطيك ربك فترضى؟ بلى اليس هو الذي قال الله له قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها يرضيه ربه عليه الصلاة والسلام حتى في قبلة الصلاة عرفة عرف مكانته عند الله وعرف عظيم قدره عند ربه ومولاه. هذا شيء عجيب يا اخوة رغم معرفته بعظيم قدره عند ربه. ورغم اطلاعه بالوحي الذي يوحى اليه وهو يسمع تلك الايات امثالها كثير. فانما يقف مواقف التواضع وينطلق منها عليه الصلاة والسلام. هذا امر اما الامر الاخر الذي تفيده مثل هذه الرواية فلكل من اراد ان يختط في حياته طريقا صادقا لحب رسول الله عليه الصلاة والسلام يعلم ان اكمل درجات الحب واوفاها ان يقف عند الحدود التي حدها حبيبنا عليه الصلاة والسلام فاذا ما جئت تكتب قصيدة او تترنم ببيت شعرا في مدحه عليه الصلاة والسلام او تكتب وصفا تلقي به او تسبق بها مقالة او تحضر بها عبارة فحذاري ان يطير بك الحب وان يتجاوز بك الوصف الى فما لا يرضاه حبيبك عليه الصلاة والسلام. وهو القائل لا تطروني. فقولوا لكل من انساقت به المشاعر وقادته العبارات والعواطف فتجاوز الحد في مدحه في وصفه في الثناء عليه صلى الله عليه وسلم قولوا له يا هذا ما هكذا تحب الحبيب عليه الصلاة والسلام ولو صدقت في حبه ولو سلكت نصيحته لاقتصرت على ما به علينا هو عليه الصلاة والسلام لما قال لا تطروني. لا تطروني قالها لي ولك. وقالها لعدد من الصحابة ممن وفد عليه واتى اليه. في سنن ابي داوود يا كرام. من رواية عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال انطلقت في وفد بني امر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا انت سيدنا اليست هذه عبارة صدق بلى هو سيد البشر عليه الصلاة والسلام. اليس هو القائل وانا سيد ولد ادم ولا فخر؟ بلى. بلى. ومع ذلك لما قالوا له انت فسيدنا فقال السيد الله تبارك وتعالى. قلنا وافضلنا فضلا واعظمنا طولا فقال عليه الصلاة والسلام قولوا بقولكم او بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان. يعني حسبكم قد تتابعتم في العبارات واسترسلتم في تلك الاوصاف فقولوا بقولكم او بعض قولكم لو اقتصرتم على بعض هذه الاوصاف لكان اما انه والله لو كتب في مدحه العبارات التي تملأ الصفحات والقصائد التي تملأ الدواوين لكانت قليلة في حقه عليه الصلاة والسلام. لكن حسبنا ان نلتزم ما اوصى به امته لما قال قولوا بقولكم او بعض قولكم وانتبه قال ولا يستجرينكم الشيطان. يعني لا يجعلكم تسترسلون وتتابعون في المبالغة في في مدح او وصف والله ما احراها كلمة تقال الى كل شاعر يكتب قصيدة في مدح رسول الله عليه الصلاة والسلام الى كل خطيب يعتدي منبرا الى كل كاتب يحبر مقالة او يكتب مقامة في شأنه العظيم عليه الصلاة والسلام. نحن نعترف انه اعلى من عباراتنا واسمى من اوصافنا واشرف من كل كلماتنا حسبه ان الله عز وجل رفع قدره في ايات تتلى الى يوم القيامة. لكن هذه الوصية النبوية يجب ان تكون معيارا نحتكم اليه يا كرام. الرواية الاخرى ايضا فيما اخرجه احمد في مسنده عن انس رضي الله عنه ان رجلا قال يا محمد يا سيدنا وابن سيدنا وابن خيرنا. فقال ايها الناس عليكم بتقواكم لا يستهوينكم الشيطان. انا محمد بن الله عبد الله ورسوله. والله ما احب ان ترفعوني فوق منزلتي التي انزلني الله عز وجل. فصلى الله وسلم وبارك عليهما تتابع الليل والنهار. وصلى الله وسلم وبارك عليه ما مدحه المادحون. وما تغزل بشعره الشعراء والمادحون ومن اثنى عليه في الاولين والاخرين صلوات الله وسلامه عليه. نعم قال رحمه الله وعن انس رضي الله عنه ان امرأة كان في عقلها شيء. جاءته فقالت ان ليك كحاجة قال لها صلى الله عليه وسلم اجلسي يا ام فلان في اي طرق المدينة شئت اجلس اليك حجم اليك اجلس اليك حتى اقضي حاجتك قال فجلست فجلس النبي صلى الله عليه وسلم اليها حتى فرغت من حاجتها. الحديث اخرجه مسلم في صحيحه هذا تواضعه عليه الصلاة والسلام في التعامل مع البسطاء مع الضعفاء مع المساكين ويلحق بذلك كل من تنزل منازلهم ورتبهم في موازين البشر. الخدم والاجراء والفقراء والضعفاء وانا اقول من تنزل رتبهم في موازين البشر واما عند الله فقد قال الله ان اكرمكم عند الله اتقاكم. ورب اشعث اغبر ذي طمرين مدفوع بالابواب لو اقسم على الله لابره فمن تجري العادة في التعامل معهم على قلة الاكتراث وساتلطف في العبارة. لن اقول احتقارا وازدراء من جرت العادة بقلة الاكتراث بشأنهم. وعدم العناية بامرهم. هم فئة الضعفاء والبسطاء والمساكين والمحاويج ومن يمد يده للسؤال الرواية تذكر امة من اماء المدينة ليست فقيرة وليست مسكينة وليست ضعيفة من الضعفاء بل في عقلها شيء ليست سوية العقل. اذا هي اقل من ذلك كله. يقول انس رضي الله عنه ان امرأة كان في عقلها شيء جاءته. فقالت ان لي اليك حاجة. بالله عليك تصور نفسك في هذا المقام اماما لمسجد حيك وشيخا لقريتك واستاذا محترما في مجتمعك. بينما انت في مسجدك الذي تعلم فيه الناس. او مدرستك التي يلتف فيها الطلاب من حولك اقبل اليك واحد او واحدة من هؤلاء في عقله شيء. يعرفه الناس انه اذا تكلم لا يقصد ما يقول وانه اذا تحدث ما عليك الا ان تهز رأسك وتطيب خاطره فتصرفه وتنصرف جاءت فقالت ان لي اليك حاجة احتاجك في امر والله الذي يسعني ويسعك ما وسع رسول الله عليه الصلاة والسلام. الذي يسعنا عادة يعني حتى اذا بلغ بنا التلطف غايته ان نلين في الكلام ونقول نعم ان شاء الله ابشروا لعله خير انتظروا قليلا واحسننا حالا ذاك الذي يكلف بشأن هؤلاء احدا من حوله. قم يا فلان وانظر ماذا تريد ويصرف احدا مقربين حوله لتولي امرها والعناية بها. هذا الذي يسعني ويسعك ما وسع عظيم البشر ونبي الله عليه الصلاة والسلام ارأيت الذي الذي يكلم الملائكة ويأتيه الوحي ما كان يستكثر ان يتكلم مع في عقلها شيء قال لها اجلسي في اي طرق المدينة شئت اجلس اليك حتى اقضي حاجتك. قال مجاملة وتطييبا لخاطرها لا والله يقول انس فجلست فجلس النبي صلى الله عليه وسلم اليها حتى فرغت من حاجته هل كان يفعل ذلك عليه الصلاة والسلام لتلتقط العدسات صورته فيتحدث عنها الاعلام؟ هل كان يفعل ذلك ليظهر للناس من حوله انه هكذا ينبغي ان تكون الاخلاق ابدا والله هي سجية عاش عليها صلى الله عليه وسلم طبع كريم هو تواضع عجيب بل والله يصعب ان تصفه بعبارة ليست تواضعا بل هي اعظم من ذلك بكثير. ان يرى عليه الصلاة والسلام ان رفيع منزلتي التي تبوأها بل وعظيم الشغل الذي يملأ وقته والمهمات التي تملأ حياته ما كان راها عليه الصلاة والسلام لتكون صارفا تصرفه عن الاهتمام بامثال هؤلاء البسطاء. يا اخي ان كانت هذه امرأة في عقلها شيء. وفي رواية اخرى عن انس ان كانت الامة من اماء المدينة لا تأخذ بيد النبي عليه الصلاة والسلام فتنطلق به حيث شاءت. اذا كان هذا شأنه مع من في عقلهم شيء ومع الاماء والخدم والعبيد والاجراء فكيف هو عليه الصلاة والسلام مع سائر المجتمع؟ كيف هو مع الصحابة كيف هو مع الكبار؟ كيف هو مع ذي الوقار؟ كيف هو مع الناس من حوله عليه الصلاة والسلام؟ انت بالادنى تستدل على الاعظم والاعلى هذه عيشة وخلق وسلوك ونمط نبي الله عليه الصلاة والسلام. والله لو فعلها عالم او امير او امام او خطيب او داعية او رجل من المحترمين في المجتمع لتهافت ناس يكيلون عبارات المدح والثناء وان هذه عظمة النفوس وسموها وان هذه هي الرفعة الحقيقية لقلوب البشر لك الحق ان تمدح من رأيت فيه ما يستحق المدح. لكن ما عساك ان تقول في صنيع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم نعم. قال رحمه الله قال انس رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب الحمار ويجيب دعوة العبد وكان يوم يوم بني قريظة على حمار بحبل من ليف عليه ايكاف. نعم. هذا فيما يركب عليه الصلاة والسلام. تواضع المركوب. نعم كانت الدواب في زمنهم الخيل والابل والبغال فاشرفها الخيل ثم تليها الجمال التي تستخدم في الاسفار عادة. واما التنقل القريب واليسير وداخل المدينة. فكان فيه الفرس والخيل لذوي الشرف والجاه والمكانة. ويستخدم الحمار والبغل لمن كان دون ذلك. ركوبه عليه الصلاة والسلام للحمار واستعماله اياه. وكان له بغل اهدي اليه من المقوقص صاحب مصر. ركوبه لهذه التي تصنف في نظر المجتمع على انها على انها دواب الفقراء والمساكين هو لون من تواضعه. هل لانه لا يملك تخيل بلى هل لانه لا يملك الابل؟ بلى لكن ركوبه لذلك النوع من الدواب الانزل درجة يدل على تواضعه عليه الصلاة والسلام دعني اقرب لك الصورة. السيارات التي نملكها ونركبها وتجوب شوارعنا هي درجات وفئات. اصحاب الجاه اصحاب الثراء والمال اصحاب المناصب يركبون الفاخرة من السيارات. هب انك امير من الامراء. وعظيم من العظماء ورجل محترم وجيم او ثري من الاثرياء لك لك بدل السيارة سيارات. وتخدمك تلك القوافل منها تركب منها ما تشاء. هل تطيب السوق كم؟ اذا ما قربت اليك سيارة قديمة الصنع متهالكة صاحبها فقير يريد اكرامك فقرب اليك سيارته لتركب وترى ما عليها ما لا يليق لا في نظافتها ولا في هيئتها ولا في كذا وكذا. عندما ترى ان يتنازل اولئك الكبراء والعظماء فيركبون السيارات القديمة والبالية والتاليفة والتي لا لا يراها الكبراء شيئا فانت تقول هذا مظهر من مظاهر العظمة. ركوبه عليه الصلاة والسلام للحمار. مع توفر ما هو ارفع منها من المركوب في الدوار هذا من تواضع عليه الصلاة والسلام يقول وكان يوم بني قريظة على حمار مختوم بحبل من ليف هذا ايضا مثل ما تقول في تجهيز واثاثها وهيئتها من الداخل لما تكون بالية او ممزقة او مقطعة الحمار كان مختوما بحبل من ليف عليه ايكاف. الايكاف مثل البردعة التي هي كالسرج للحصان وكالرحل للبعير. يركب فوقها ويجلس فيها على ظهر الحديث اخرجه الترمذي وابن ماجة وفي سنده ضعف لكن ثبت انه عليه الصلاة والسلام ركب البغل وكان يركب الحمار ويردف حوله حول من شاء من الصحابة ممن يماشيه صلوات الله وسلامه عليه. نعم قال رضي الله عنه وكان يدعى الى خبز الشعير والاهالة السنحة فيجيب. والاهانة السلخة والاهانة السنخة فيجيب. نعم. هذا لفظ الترمذي وعند البخاري عن انس انه مشى الى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز عير واهالة سلخة. وهذا مر بكم في كتاب الشمائل سابقا. الاهانة عبارة عن الشحم اذا كان متجمدا وهو نوع مما يوضع فيه الخبز الخبز من الشعير ليرققه ويبلله يكون كالادام. خبز والشعير جاف يابس فاكله يحتاج الى شيء يرطبه ويلينه ان يغمس في ايدام في خل في شيء من مرق او يؤتدم بخبز الشعير هذه الاهالة. فكانوا يجعلون هذا الودك وهو ما يكون من شحم الالية في او الابقار او الابل فتكون كذلك. اما السلخة فوصف لها بتغير رائحتها اصبحت غير صالحة للاكل عما قريب؟ تغير رائحتها يتبعه تغير طعمها ولا شك. ومع ذلك فكان يؤتى للنبي عليه الصلاة والسلام بهذا اللون الزهيد جدا من الطعام فيأكله ولا يتكبر ولا يترفع عن اكله عليه الصلاة والسلام. وهو والله لو طلب من اشهى الطعام والذه واعلاه في اصنافه لاتاه عليه الصلاة والسلام. لو طلبه من اصحابه لتسابقوا اليه. ولو طلب الخبز واللحم والذبائح والشواء لقرب اليه عليه الصلاة والسلام. ولو سأل الله ان يغنيه في موائد الطعام واصناف اللذائذ لا اجاب فهو ربه لكنه ما التفت الى ذلك ولا اعتنى به. ولطالما قلنا ما كانت الحياة بكل ملذاتها وصورها بطعامها وشرابها ولباسها ومساكنها وقصورها ومراكبها ما كانت الحياة في نظره عليه الصلاة والسلام الا قنطرة يعبر عليها الا جسرا الا كراكب تحت ظل شجرة قال تحتها ثم قام وتركها. هكذا قال هكذا فعل عليه الصلاة والسلام في حياته كلها. اليس ربك الذي انزل عليه وحيا من سابع سماء؟ قادر قادر على ان ينزل عليه مع كل اية درهما ودينارا او لقمة وطعاما او شيئا من مشتهيات النفوس؟ بلى والله ربك قادر لكن الله زوى عنه ذلك. اليس ربك الذي رزق مريم الرزق وهي في المحراب؟ ليس عندها احد ولا يأتيها احد فتصيب من اطايب الطعام لصلاحها وتقواها ولزومها بيت الله للعبادة. كلما دخل عليها زكريا وجد عندها رزقا. قال يا مريم انى لك هذا؟ قالت هو من عند الله. ان الله يرزق من يشاء بغير حساب بالله عليكم اليس الذي رزق مريم لصلاحها وكفاها مؤونة طعامها؟ اليس الذي اغناها وساق اليها الرزق؟ حيث لا به احد اليس قادرا على اطعام نبيه عليه الصلاة والسلام؟ اشرف الطعام والذه واسماه واهناه؟ بلى والله. لكن كذلك لم يحصل كان يشق في الحياة دربا يمهده لمن يأتي بعده عليه الصلاة والسلام. الا يكترث احد في دنياه هذه بشيء جاء او ذهب بشيء ان اتى وحصل او انطوى عنه لا تلتفت اليه ولا تكترث ولا تقم عويلا ومأتما حول دنيا في طعام وشراب وغذاء وكساء يأتي ويذهب ثم تندب حظك وكأنك فقدت اعظم شيء عندك في الحياة. كان عليه الصلاة والسلام يكتفي باليسير خبز الشعير والاهانة السلخة التي لو وضعت امامي وامامك على الموائد والله ما استطبنا اكلها ولا انا ما ابغاها ولا تطيبت افواهنا باكلها لكنه عليه الصلاة والسلام طابت له فاكلها. ورضيها فوضعت له بين يديه في المائدة عليه الصلاة والسلام رعاك الله ليس هذا دعوة الى البحث عن رديء الطعام وترك الطيب الحلال مما تشتهيه النفوس لكنها دعوة الى ان لا تبقى قضية الطعام والشراب واللباس القضية رقم واحد في الحياة. التي عليها يصحو احدنا وينام. التي عليها يمكن ان يقيم مع زوجته في البيت من اجل وجبة غداء او عشاء. تأخرت او ما وافقت مذاقه. هذا المقصود يا كرام. تبقى قضية الطعام والشراب حاجة يحتاج اليها البشر هي قوامنا في الحياة. لكنها ليست من مهمات الكبار والعظماء التي يقفون عندها في الحياة يقدم له ما تيسر من الطعام فيأكله. يسأل عن طعام في بيته فيقال ليس لنا الا الخل. يقول هات فنعم الادام الخل وهكذا تجده في شأنه العام صلوات الله وسلامه عليه. نعم. قال رضي الله عنه وحج صلى الله عليه وسلم على رحل الرث وعليه قطيفة ما تساوي اربعة دراهم. وقال صلى الله عليه وسلم اللهم ثم اجعله حجا لا رياء فيه ولا سمعة. حج على رحل رث الرحل ما يوضع على ظهر البعير ليركب عليه ووصفه بالرف للدلالة على انه قديم بال متهالك لا يساوي شيئا. هذا الرحل وضع فوقه قطيفة يجلس عليها ما تساوي اربعة دراهم ويقول اللهم اجعله حجا لا رياء فيه ولا سمعة. سبحان الله رغم عدم بواعث الرياء والسمعة ما في اي شيء في هذا المظهر يبعث على الرياء لا منكوب فاخر ولا ابهة ولا شيء مما يفتخر به الناس. راح البعير رث قديم بالي. والقطيفة التي فوقه تساوي اربعة دراهم ويقول حريصا على صفاء حجه اللهم اجعله حجا لا رياء فيه ولا مع انه ليس هنا شيء يدعو الى الرياء. ما عسانا ان نقول في من يحج وهو يتمتع بالوان الرخاء والرفاه والتيسير. ثم يتساهل بعد ذلك في منطلقات يمكن ان تكون قاتلة لاخلاصه لما يحرصوا على الثراء والتسامح لما يرسل صورته واخباره لما يخبر ماذا فعل بنفسه في كل موضع من مواضعه حجه على كل هذه صفحة اخرى من تواضع سيد البشر عليه الصلاة والسلام قدم الى ربه في حجة الوداع يعلن العظمة في ظاهره وباطنه. في لباسه ومركوبه في قلبه وعلى وجهه وفي لسانه وفي دعائه اعلن شدة افتقاره الى ربه قلبا وقالبا صلوات الله وسلامه عليه قال رحمه الله هذا وقد فتحت عليه الارض واهدى في حجه ذلك مائة بدنة. هذه لفتة لطيفة من رحمه الله. لما حج نبينا عليه الصلاة والسلام على بعير ورحله رث وفوقه قطيفة لا تساوي اربعة دراهم. حتى لا يقول قائل هذه عيشته كان فقيرا فكان هذا هذا الذي وجده ليركبه لا. لما جاء يحج حجة الوداع كانت قد فتحت له الارض حج الوداع سنة عشر. واقبلت الوفود مسلمة سنة تسع. وجاءته الاموال وفتحت له كثير من الممالك وجاءته الهدايا بل الدليل على ذلك اما اهدى مئة بدنة عليه الصلاة والسلام. والواجب في حجه هدي واحد. جاء بمئة بدن يسوقها علي رضي الله عنه من اليمن ذبحت نحر بيديه الشريفتين ثلاثا وستين. واكملها علي رضي الله عنه مائة بدنة اليوم ملايين في حياتهم في تلك في تلك الازمان. اذا لما اهدى ذلك القدر العظيم من الرقاب التي نحرها في كان مقتدرا كان ميسورا عليه الصلاة والسلام. كان بوسعه ان يركب الفاخر. وترك ذلك تواضعا منه صلوات الله وسلامه عليه. نعم قال ولما فتحت عليه مكة ودخلها بجيوش المسلمين طأطأ على طأطأ على رحله رأسه حتى كاد يمس قادمته تواضعا لله تعالى. دخل مكة متواضعا. هذه صفحة اخرى من التواضع. في اليوم الذي اعلن فيه فرحة الانتصار والظفر بدخول مكة التي غادرها منذ عشر سنوات. يدخل مكة ارض مولده ومبعث ومشرق نبوته مكة التي عليها نشأ وترعرع. مكة التي تربى فوق ثراها مكة بيت الله. يدخلها فاتحا مظفرا منتصرا حقه ان يرفع الرأس فخرا بالانتصار. فرحا بما حباه الله. لكن تواضعه عليه الصلاة والسلام حمله على مظهر اخر نقلته الروايات. دخل مكة مطأطئا رأسه على رحله رحل البعير الذي يركب حتى كاد يمس قادمته يعني مقدم الرحل. الرحل عبارة عن شيء يوضع على ظهر البعير. له مستمسك من امامه ومن خلفه. حتى كاد من شدة ما يطأطئ رأسه ان يقع رأسه على مقدم الرحل الذي كان يركبه. لم فعل ذلك؟ فعله تواضعا هو يدخل الان بلد الله الحرام. يأتي الى مكة التي فيها بيت الله. مهما كان الموقف عظيما مهما كانت الفرحة كبيرة فالبلد بلد الله والبيت بيت الله. وحقه التعظيم. هذه تحتاج ان نبثها ها في اذن الاجيال مكة بلد الله الحرام عظمها رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى في اعظم الايام التي عاشها في مكة يوم فتحها دخلها مظفرا منتصرا فاتحا ان قادت له مكة واهلها واذعنت له واستسلمت اسلمت له ودانت له الرقاب وما قالوا الا اخ كريم وابن اخ كريم وما يدخلها الا متواضعا لانه يعلم ان الله انما رفع شأنه بهذا الخلق الكريم وهو تواضعه العظيم صلوات الله وسلامه عليه قال رحمه الله ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم قوله لا تفضلوني على يونس ايونس يونس ابن متى ولا تفضلوا بين الانبياء ولا تخيروني على موسى ونحن احق بالشك من ابراهيم ولو لبثت ما لبث يوسف في السجن ولو لبثت ما لبث يوسف في السجن لاجبت الداعي وقال قال للذي قال له يا خير البرية قال ذلك ابراهيم وسيأتي الكلام عن هذه الاحاديث بعد هذا ان شاء الله. هذه صفحة جديدة من تواضعه. تواضعه عليه الصلاة والسلام مع اخوته الانبياء عليهم السلام. السؤال قبل هذا كله هل التفضيل بين الانبياء جائز او غير جائز هل يجوز التفضيل بين الرسل والانبياء او لا يجوز تلك الرسل فقط. يجوز والله يقول تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض. نعم كلهم في اعلى مراتب البشر. لكن هم في بينهم بعضهم افضل من بعض بنص قول الله تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض. فاذا جئت الى تفضيلهم وجدت بين عليه الصلاة والسلام اعلاهم درجة. وقد امهم في بيت المقدس في قصة الاسراء. وقد سمع من مقولات الانبياء في قصة المعراج ما دل على عظيم قدره. وهو القائل عليه الصلاة والسلام انا سيد ولد ادم. صاحب الشفاعة العظمى عليه الصلاة والسلام ومواقف وادلة اخر تدل على تبوؤه سيادة الانبياء ورتبة الافضلية. هذه واحدة اما ان تأتي بعد ذلك كله الى رفضه عليه الصلاة والسلام لتفضيله على اخوته من الانبياء فليس لك الا ان تقول تواضع عظيم من نبي كريم عليه الصلاة والسلام الروايات لا تفضلوني على يونس بن متى والحديث وان كان ضعيفا فالصحيح الذي اخرجه البخاري وغيره ما لعبد يقول انا خير من يونس ابن متى. والحديث الاخر لا تفضلوا بين الانبياء في الصحيحين. والثالث لا تخيروني على وفي ذلك قصة في الصحيحين ان رجلا من الانصار اختصم مع يهودي في السوق فقال المسلم والذي فضل محمدا صلى الله عليه وسلم واصطفاه على البشر. فقال اليهودي في خصامه معه الذي اصطفى موسى على البشر فلطمه الانصاري وقال تقول ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين اظهرنا رفض الانصاري عبارة اليهود لما قال والذي اصطفى موسى على البشر فلطمه. فذهب اليهودي يشتكي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل به الانصاري وانه استكثر عليه القسم الذي ذكر فيه تفضيل موسى. فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في شكوى اليهودي للرجل الانصاري الذي لطمه قال عليه الصلاة والسلام هذه العبارة لا تفضل بين الانبياء فرفض عليه الصلاة والسلام ان يكون تفضيل بين الانبياء يفضي الى نزاع واختلاف ثم الى عدوان لا يجوز شرعا. وقوله عليه الصلاة والسلام نحن احق بالشك من ابراهيم. ولو لبثت ما لبث يوسف في السجن لاجبت الداعي. هاتان جملتان. اما ابراهيم عليه السلام فيقصد بها قول الله عز وجل واذ قال ابراهيم ربي ارني كيف تحيي الموتى. قال اولم تؤمن؟ قال بلى ولكن يطمئن قلبي. لم يكن سؤال ابراهيم عليه السلام لربه عن شك في قدرة الله على احياء الموتى. يقول عليه الصلاة والسلام نحن احق بالشك من ابراهيم بمعنى ان كنا نشك في قدرة الله على احياء الموتى فسيكون هذا غير مقبول. هل يمكن ان يقع منه عليه الصلاة والسلام؟ الجواب لا. اذا فابراهيم عليه السلام من باب اولى الا يكون صدر هذا منه على وجه الشك في قدرة الله واما قول يوسف عليه السلام فانه لما ارسل الرسول بشأنه وقد اخبر بتأويل الرؤيا وقال له ما قبل تأويل الرؤية اما احدكما فيسقي ربه خمرا واما الاخر فيصل فتأكل الطير من رأسه. فلبث في السجن بضع سنين كما قال الله. لما جاءه داعي يبشره برضى الملك عنه. قال في الجواب ارجع الى ربك فسله ما بال النسوة اللاتي قطعن ايديهن مر عليه السلام على الصبر والبقاء والثبات حتى تلوح لائحة البراءة التي لا يبقى معها شبهة. وقد قال عليه الصلاة والسلام ولو لبثت ما لبث يوسف في السجن لاجبت الداعي. كل ذلك كما ترى. وقال للذي قال له يا خير البرية. قال ذلك ابراهيم عليه السلام والحديث اخرجه مسلم. يا احبة تقرر قبل قليل انه افضل الانبياء. فكيف الجواب عن هذه الاحاديث؟ اتى المصنف رحمه الله بالجواب عن مثل هذا في فصل سيأتينا لاحقا ان شاء الله. والجواب عنه واحد من اربعة اشياء. الاول ان يكون هذا قد خرج مخرجا التواضع منه عليه الصلاة والسلام. الجواب الثاني ان يكون قال هذا الكلام قبل ايحاء الله له انه خير الانبياء وسيد والجواب الثالث انه نهى عن التفضيل الذي يفضي الى نزاع وخصومة واعتداء كما حصل في قصة الانصاري مع يهودي والجواب الرابع انه نهى عن التفضيل في مقام النبوة. النبوة بينهم سواء وانما يتفاوتون في اقدامهم اخرى لكن النبوة في ذاتها والوحي والرسالة شيء واحد يتساوى فيه الانبياء عليهم السلام وعلى كل فهي صفحة من صفحات تواضع المصطفى عليه الصلاة والسلام رغم عظيم قدره وعلو منزلته. عليك صلاة ربي يا حبيبي تأرج من غير طيب بها اشدو بلا سأم لعلي انال القرب في اليوم العصيب. ليلة شريفة املؤوها بالصلاة والسلام على رسول الله ويوم الجمعة يوم عظيم مبارك فاستكثروا من البركات بالصلاة والسلام على رسول الله. فاللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا. نسألك يا رب علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا واهدي ضالنا وتقبل منا انك انت السميع العليم. وتب علينا انك انت التواب الرحيم. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين