بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. الحمد لله اولا واخرا وظاهرا وباطنا الحمد لله الذي تفضل علينا بالصلاة في بيته الحرام. وبالجلوس في ليلة كهذه نتذاكر حقوق وشأن سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والاكرام والفضل والانعام واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله صفوة الانام. صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته صحابته الائمة الاعلام ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد ايها الاخوة الكرام. فما يزال مجلسنا هذا بحمد الله تعالى كل ليلة من ليالي الجمعة. نقضي فيها مجلسا بين العشاءين نستكثر فيها من الصلاة والسلام على سيد الثقلين وامام الله وامام البشر اجمعين ومبعوث الله رحمة للعالمين. وفي هذا المجلس لنا فيه من ذكر حقوقه الصلاة والسلام وكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم ما يزيد الايمان ويوقد فتيل الحب في القلوب ويجعلون هذه الليلة من احضى الامة ببركات الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. نقلب صفحات في ونستنشق عبيرا من عبير ورائع وبديع شأنه وسيرته عليه الصلاة والسلام حقوقه صلى الله عليه وسلم اعظم حقوق البشر على البشر على الاطلاق. رفع الله شأنه واعلى قدره. وعاش اياته عليه الصلاة والسلام بين صحابته في حب ووفاء عظيم. صحبوه وحفظوا كل شأن من حياته ثم ثم نقلوه فرووه وها نحن اليوم جيلا بعد جيل. نتدارس سيرته عليه الصلاة والسلام. ونقلب الصفحات من شمائله صلوات الله وسلامه عليه. ونحن بذلك نخطو خطوات في درب الهدى. ونقف في اثر السنن من شأنه العظيم صلى الله وعليه واله وسلم ما يزيدنا من ربنا قربا وما يجعلنا اكثر حظا بهذا الباب الكبير. وصدق القائل وهو يحكي حال المؤمن المحب لنبيه عليه الصلاة والسلام منكبا على سيرته ومقلب النظر في شمائله ومستمتعا بالعذب من حديثه وقوله وفعله عليه الصلاة والسلام. القلب يخفق عند ذكرك احمد. والشوق من سقياك كم تزودوا في يوم جمعتنا الذي قد ضمن كل الحروف الى اللقاء توقدوا. كم مرة ذكر الحبيب فاسبلت دمعه والباب عنا موصد. كم مرة وصفت لنا قسماته عيناه قامته وشعر اسود وصفوا لنا اثوابه وعمامة وفراشه ان جاء ليلا يرقد وصباحه والنور في وجناته متوكلا يمضي ولا يتردد لله طيب حديثه قد اشرقت ارواحنا فبه المعيشة ارغدوا لكأننا مع صحبه في بيته طاب الجلوس لنا وطاب الموعد. فالجالس في سيرته عليه الصلاة والسلام يستصحب الانفاس ويعيش عيشة الاصحاب. وهم الذين ادركوا ما نقرأ وما نسمع وما نروي في شأنه العظيم عليه الصلاة سلام. وهذا المجلس يا احبة في كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى عليه الصلاة والسلام لم يزل بنا في ابوابه فصلا بعد فصل في الباب الثاني فيما حباه الله عز وجل من عظيم الاخلاق. ورفيع السجايا وجميل الصفات التي كمله الله تعالى بها بين العالمين في مجلس ليلة الجمعة الماضية كان الحديث عن فصل في تواضع المصطفى عليه الصلاة والسلام. بقيت لنا فيه بقية نأتي عليها قبل الشروع في الفصل التالي فيما يتعلق بعدله وعفته وامانته صلوات ربي وسلامه عليه. وربط للسابق باللاحق يا كرام فان مبتدأ الفصل فيما سبق كان حديثا عن تواضع عظيم. جعل الله عز وجل به مقام المصطفى عليه الصلاة والسلام في اعلى الدرجات وارفع المقامات. تواضع الانبياء اعظم من تواضع الكبراء والعظماء. لانه لا بشر اعظم في درجات الكرامة عند الله من نبي يصطفيه الله ويبعثه ويوكله بالرسالة ويجعله امينا على وحيه كان لنبينا عليه الصلاة والسلام في مقامات التواضع الصفحات والمواقف المتعددة بل حياته اجمع عليه الصلاة والسلام كان التواضعا عظيما مشرقا بنور النبوة ما زالت البشرية تتفيأ ظلال العظمة في تواضعه عليه الصلاة والسلام عبد الله كم مرة نقول لك ان تحيا حياة العظماء في كل باب من ابواب الحياة. كن عظيما في طعامك وشرابك كن عظيما في صدقك وامانتك. كن عظيما في تواضعك. كن عظيما في امانتك. كن عظيما في تعاملك مع اهل بيتك من زوجة وولد كن عظيما في طلبك للعلم. كن عظيما في سوقك وبيعك وشرائك. كل تلك العظمة تجدونها اوفر ما يكون في المصطفى عليه الصلاة والسلام. فمن رام حياة العظماء ومن تطلع لشأن الكبراء فليلتمس ذلك في درب النبوة وسيرة الهادي عليه الصلاة والسلام. عظمته عليه الصلاة والسلام في كل باب يخلق منها يدخل منها الخلائق. ويلج منها البشر يلتمسون العظمة في الحياة. وفي كل فصل من فصول هذا الباب. وفي باب تلو باب ما زلنا نتلمس اوجه العظمة في حياتي انسان رفع الله قدره واعلى شأنه ووصفه بالعظمة في خلقه فقال وانك لعلى خلق عظيم فمن اراد ان يتخلق باخلاق العظماء فدونه سيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام. وليقرأ المواقف وليطلع على السير في الروايات كيف كانت كيف كان التواضع والصدق والامانة والرأفة والرحمة وسائر الاخلاق المحمدية كيف تجلت في كيف وصفها الصحابة؟ كيف حفظتها الامة؟ كيف نقلتها الاجيال؟ ويأتي اليوم الذي اجلس فيه انا وانت. في بيت الله الحرام في ليلة من ليالي الجمعة نلتمس استكثارا من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم بين الاسطر التي تروي عظمته عليه الصلاة والسلام. فنرتوي عظمة ونستكثر خيرا وبركة بالصلاة والسلام عليه. صلى الله عليه واله وسلم. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على الحبيب المصطفى واله وصحبه ومن لشرعه دعا اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في تواضعه صلى الله عليه وسلم الى ان قال وعن عائشة رضي الله عنها والحسن وابي سعيد وغيرهم في صفة النبي صلى الله عليه وسلم. وبعضهم يزيد على بعض كان في بيته في مهنة اهله يفلي ثوبه ويحلب شاته ويرقع ثوبه ويرقع ثوبه ويخسف نعله ويخدم نفسه ويعلف ناضحه ويقم البيت ويعقل البعير ويأكل مع قدم ويعجن معها ويحمل بضاعته من السوق صلى الله عليه وسلم. اللهم صلي وسلم وبارك عليه. هذه مرة اخرى تتم لما كان في حديث ليلة الجمعة الماضية. هذه صفحة مشرقة من حياة التواضع في حياة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام هذا تواضع الحياة في مشهد من المشاهد في جملة مجموعة مما نقله الصحابة رضي الله عنهم يحكون التواضع الكامن في ادوار ومواقف في الحياة اعتاد الناس الا يقوم بها الا الخدم والاجراء والعمال. ومن كان فهذا شأنهم عادة ما يوكل احدنا الامور اليسيرة في حياته التي تستهلك وقتا او جهدا ان يكلها الى من يلي خدمته من زوجة او ولد او خادم ونحو ذلك فاذا ما ترفع اوكل امورا اعلى منها درجة ليقف هو على الكبائر في حياته وعظائم الامور فيتولاها بنفسه لكن عندما يأتي العظماء فيتنزلون في تلك المراتب فيأتون في ادوار الحياة ويمارسون شيئا اعتاد الناس ايكالا الى الخدم والاجراء والعمال. ومن هم كذلك في الجملة فان هذا ايضا مظهر من مظاهر التواضع. سمعت قبل قليل كيف كان عليه الصلاة والسلام يحلب الشاة ويرقع الثوب ويخسف النعل ويخدم نفسه ويعلف ناضحه ويقم البيت ويعقل البعير ويأكل مع الخادم ويعجن العجين. هذه قضايا وقد قلت في مجلس ليلة الجمعة الماضية لو فعلها احد من الكبراء اليوم تاجر من كبار التجار الاثرياء او امير من الامراء او رئيس من الرؤساء او امام من الائمة المشاهير او داعية من دعاء او عالم من العلماء اذا فعلها احد الكبراء في المجتمع من ذوي الجاه او المكانة او المنزلة استعظم الناس هذا جدا كيف يكون هذا الكبير اميرا او وزيرا او رئيسا او عالما كيف له ان يجلس مع الخدم وانظر الى عظيم تواضعه وكيف امره بنفسه فيتولى شأن نعله وثوبه وشاته وبعيره. نستكثر جدا ثم نكيل المدح والثناء ونطير واعجابا بمثل تلك المواقف. وهي ان كانت مستحقة فلا اشكال فيها ولا حرج. لكن اقول دعونا نوازن. نستعظم تلك مواقف اذا ما صدرت من الكبراء الذين يرسم الناس عنهم صورة في اذهانهم انهم اعلى درجة من هذه المقامات. فكيف بنبي من الانبياء بل بسيد البشر عليه الصلاة والسلام. انت حينئذ تقف على حقيقة التواضع التي لم يكن يتكلف فيها عليه الصلاة والسلام. ما فعل ذلك من اجل ان ترصده الشاشات او تلتقطه العدسات. او يتحدث عنه الناس. كان يمارس حياته عليه الصلاة والسلام عندما يقول لك يعرف ناضحه والناضح البعير الذي يستقى عليه. ويقول لك ايضا ويخصف نعله فاذا انقطع النعل فانما يتولى اصلاحه بيديه الشريفتين عليه الصلاة والسلام. ويخدم نفسه ويقم البيت يعني يلم القمامة ويكنس البيت بنفسه عليه الصلاة والسلام وقال ايضا يفلي ثوبه وهو ازالة ما قد يعلق بالثوب من اذى او شيء يلصق به فيتولى ازالته بيده شيئا فشيئا هذه القضايا ونحوها يا كرام. احدنا قد ينشغل عنها لما هو اكبر واعظم. بان يكون وقته ممتلئا باعمال اعظم من مثل هذه الادوار فيتركها لاهل بيته او للخدم. وربما تركها بعضنا ترفعا. يعني حتى لو وجد وقتا ليتولى شيئا من هذه المهام يقع في نفسه ان مثله لا يليق لمثل هذه الاعمال واما النبي عليه الصلاة والسلام ان جئت تنظر الى المقام والقدر فلا والله لا احد في مقامه وقدره العظيم صلوات الله وسلامه عليه فما ترفع عن مثل هذه الاعمال ولا استنكف ان يعيش حياة يقوم فيها بعمل يعمله عادة الضعفاء في والخدم والاجراء ما ترفع عليه الصلاة والسلام ولا استنكف. اياك ان تقول فعل هذا لانه ليس له خادم في البيت. نعم ليس له او خادم كان له تسع زوجات عليه الصلاة والسلام. وكان عنده من الاماء بل كانت الامة كلها والله تخدمه بعينيه. وكانت الامة كلها تشرف بان تتولى شأنه وهي تحبه عليه الصلاة والسلام. كم من الصحابة من باشر الخدمة واقترب اسى القرب منه عليه الصلاة والسلام بشريف الخدمة بين يديه. فما كانت القضية افتقارا الى خادم ابدا تريد ان تعلم انه فعل ذلك ولم يكن شيء في فؤاده عليه الصلاة والسلام ان النبوة يمكن ان تترفع به عن هذه المقامات فماذا عني وعنك عبد الله ومن اجل مناصب وصل اليها بعضنا او من اجل مراتب تبوأها بعضنا او من اجل نظرة الناس الينا في المجتمع يظل احدنا تنكفا ان يتولى شيئا من امور الخدمة في بيته او يتولى امام نظر الناس في المجتمع ان يصلح نعله او يحلب او يحلب شاة او او يفلي ثوبه او يرقع ثوبه عليه الصلاة والسلام. لماذا نستنكف عن ادوار نظن ان مكانتنا في المجتمع اعلم ثم نخشى ان يلحقنا العيب او الخجل من نقد الناس ونظرتهم. والنبي عليه الصلاة والسلام ما فعل هذا خفية داخل البيت. نقله الصحابة ورووه ترويه عائشة ويرويه الحسن بن علي ويرويه ابو سعيد وغيرهم. فيروون اشياء كانوا يعرفونها. فما كان يخفيها لانها عيب يستحى من ذكره من اراد العظمة هذه مواطن العظمة يا كرام. هذه المواطن في الحياة هي قمة العظمة لان الذي تولاها اعظم البشر عليه الصلاة والسلام العظمة الزائفة يا كرام التي بدأت تغزو نظرتنا وثقافتنا وادراكنا ما زلنا نلتمسها في حياة البشر وهم دون مقامات العظمة الحقيقية. عندما نظن ان العظمة تكمن في ثوب بهيئة نلبسه. وفي مقام نمارسه وفي ادوار حدد نظهر بها امام المجتمع بصورة معينة وهيئة معينة. وكانت حياة المصطفى عليه الصلاة والسلام كما ترى فيها من البساطة فيها من قلة التكلف وفيها من التواضع وفيها من اعتياد الحياة على الوجه الذي يعتاده الانسان. كن كما انت عبد الله ولا تكن ما يريد ان ينظر الناس اليك عندما تكون اعظم ما يكون فانك تجد نفسك على سجيتك. على طبيعتك الترفع والتكلم ليس من شأن الانبياء ولا من سمت العظماء حقيقة التكلف افة ورثناها. فاصبحنا نحسب حساب نظرة الناس في المجتمع ما يقول عنا الاخرون وكيف تبدو صورنا مظاهرنا اشكالنا هيئاتنا في الشاشات وفي حديث الناس وفي اقلام الصحف هذه افة لكن حياة العظماء كانت ابعد ما يكون عن مثل هذا. وكانت حياة البساطة كما ترى. فعدم الاستنكاف عن عمل العادة في البيت والترفه وعن تعاطي شؤون الحياة مما يوكل عادة الى الخدم والاجراء والضعفاء. هذا كان كما سمعت من شأنه العام صلوات الله وسلامه عليه. اذا هي صفحة من صفحات التواضع في حياة سيد البشر صلى الله عليه واله وسلم وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال ان كانت الامة من اماء اهل المدينة لتأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم. فتنطلق به حيث شاءت حتى يقضي حاجتها نعم الحديث قد تقدم نحو في الدرس الماظي وشأنه عليه الصلاة والسلام في تولي امور الضعفاء في امته مما مما زاد من حب الامة له عليه الصلاة والسلام كان قريبا من الجميع وكان في متناول كل امته عليه الصلاة والسلام الكبار والصغار على حد سواء الرجال والنساء على حد سواء السادة من الصحابة والعبيد والامام على حد سواء. كل اولئك وجدوا منه قربا وحميمية ورأفة وعطفا عظيما منه صلى الله عليه وسلم. فاسر القلوب بعظيم تواظعه وجميل احسانه اليهم صلى الله عليه واله وسلم ومر بك في ليلة الجمعة الماضية ان المرأة ربما كان في عقلها شيء. كما في حديث انس فتأتيه فتقول ان لي اليك حاجة فيقول اجلسي يا ام فلان في اي طرق المدينة شئت اجلس اليك حتى اقضي حاجتك. فينصرف اليها ويقضي حاجتها عليه الصلاة والسلام السلام. مع انه كان بوسعه اذا كانت القضية تتعلق بقضاء حاجة لها كان بوسعه ان ان يرسلها الى احد من اصحابه وان يكل الدور الى بعض اصحابه يتولى شأنها ويقضي حاجتها لكنه كان يعلم عليه الصلاة والسلام ان توليه قضاء حاجة مثل هذا النوع من الناس بنفسه عليه الصلاة والسلام اعظم اثرا. واطيب في نفوسهم رغم كثرة المشاغل رغم عظيم الاعباء التي ينوء بها عليه الصلاة والسلام لكنه كان يعلم ان مثل هذا المقام ينبغي ان تبذل فيه الاوقات لان الغرض اعظم وهو امتلاك هذه القلوب لهدايتها الى صراط الله المستقيم. نعم. ودخل عليه رجل فاصابته من هيبته رعدة فقال له هون عليك فاني لست بملك انما انا ابن امرأة من قريش تأكل القديم قريش انما انا ابن امرأة من قريش تأكل القديد. نعم الحديث قد اخرجه ابن ماجة وصححه الحاكم. والصواب انه مرسل وفيه هذه العبارة التي تقطر تواضعا منه عليه الصلاة والسلام وجد الرجل عندما نظر اليه عليه الصلاة والسلام هيبة فاصابته رعدة. ارتجف بدنه ليس خوفا لا بل اعظاما واحتراما واجلالا لرسول الله عليه الصلاة والسلام. وليس لان مظهره عليه الصلاة والسلام كانت عليه شيء من مظاهر قبها والضخامة والفخامة التي يتولاها الناس في لباسهم وهيئاتهم لا. فقد كان ابعد الناس عن ذلك. لكن وقع في قلبه هيبة النبوة ومقام رسول الله عليه الصلاة والسلام فوقع منه ذلك. فجعل النبي عليه الصلاة والسلام يخفف عنه مصابه هونوا عليه رعدته التي حلت به فقال هون عليك. فاني لست بملك ليس ملكا هو اعظم من الملوك عليه الصلاة والسلام. ومقام النبوة اشرف منها واعظم ولا سواء ولا مقارنة. لكن اراد يقول له الهيبة التي تعتري الناس بسبب الملك ونحوه فلست منها في شيء. ثم زاد في ابانة تواضعه عليه الصلاة لما قال انما انا ابن انما انا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديم. انا ابن امرأة قرشية كانت تأكل القديم وهو اللحم المجفف. ماذا اراد عليه الصلاة والسلام؟ اراد ان يظهر له حياة البساطة التي ينتمي اليها عليه الصلاة والسلام. وانه ليس ليس من اولئك الذين يقضون حياتهم تكلفا وتفاخرا وتباهيا وشيئا من المراءات التي يجلب بها عظام الناس هيبتهم وتوقيرهم. انما انا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديم. طيب وهؤلاء المتكبرون من امهاتهم وما عساهن ان يكن هذه ام رسول الله عليه الصلاة والسلام. فام هؤلاء المتكبرين امهاتهم من اي طينة تكون فعلام التكبر والتعالي والتجبر على البشر؟ اليسوا ابناء اباء وامهات؟ بشر كالبشر هذه تصحيح للنظرات. التعاظم التفاخر التباهي التكبر على الخليقة. لا يستحقه صاحبه لانه ليس شيء يفخر به على الناس خلق مثلهم من طين من ماء مهين. وقضى في بطن امه في رحمها تسعة اشهر حتى من الله عز عز وجل عليه فخرج بشرا سويا واطعمه من جوع والبسه من عري واكسبه من عدم ثم بعد ذلك يأتيه شيء في مراحل الحياة يصيبه تعال وتكبر وتجبر. كان عليه الصلاة والسلام يعيد الينا مقاييس النظر في التعامل مع الناس انما انا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد. وانا وانت كذلك امهاتنا كسائر البشر اكلنا وشربنا ليس شيء يختلفون فيه عن باقي البشر فينبغي ان تكون النظرة في مقام البشر في التعامل مع البشر مثلهم من جنسهم في هذا المقام. اما رفعة الاقدار ومقامات العلو والعظمة الحقيقية فبموازين الاعمال. وتلك لا تجلب تكبرا. لانه كلما علا المرء في الميزان عند الله ازداد تواضعا عند الخلق. وكلما علا شأنه وارتفع قدره واعلى الله منزلته. فتبوأ في مقامات الصالحين والاولياء كرامات عليا عند الله ما زاده ذلك الا تواضعا واخباتا في الحياة. وافتقارا وذلا بين يدي الله وهذا هو المقام الصحيح الذي يعيش عليه العظماء. لكن من تفرغ من داخله وصار اجوف وعاش على تلك المهابة والعظمة الزائفة فانما يترفع على لا شيء ويعلو امام الناس ايضا على لا شيء والنبي عليه الصلاة والسلام ان هذه المقامات يستوي فيها الناس لاستواء الاصل الذي ينتسبون اليه. نعم وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال دخلت السوق مع النبي صلى الله عليه وسلم فاشترى سراويل وقال للوزان زن ارجح وذكر القصة قال فوثب الى يد النبي صلى الله عليه وسلم يقبلها فجذب يده وقال هذا تفعله هذا تفعله الاعاجم بملوكها ولست بملك انما انا رجل منكم. ثم اخذ السراويل فذهبت لاحمله فقال صاحب الشيء احق بشيءه ان يحمله. نعم الحديث فيه القصة التي اختصرها المصنف رحمه الله وتمامها كما يلي. يقول ابو هريرة رضي الله عنه دخلت السوق مع النبي صلى الله عليه وسلم فاشترى سراويل. السراويل هي السراويل المعروفة التي يلبسها الناس وقال للوزان زن وارجح الوزان الذي يتولى الوزن للناس في السوق في بيعهم وشرائهم. وتلك كانت مهنة فيعمل هذا الوزن باجرة فليس بائعا صاحب بضاعة لكنه يحمل الميزان وكلما احتاج المتبايعان الى الوزن في البيع والشراء اتوا عنده فاعطوه اجرة على الوزن. قال له النبي عليه الصلاة والسلام زن وارجح. يعني اعمل لنا الميزان وارجح اراد عليه الصلاة والسلام ان يجعل احدى ارجح من الاخرى صاحب الميزان اذا جاء يزن ينبغي ان يتساوى عنده الكفتان فكفة البائع بما وضع من بضاعته وكفة المشتري بما وضع من ثمنه. فاذا تساوتا كان هذا هو الميزان. فقال له عليه الصلاة والسلام زن وارجح يعني اجعل احدى الكفتين ارجح. والرواية عند ابن حبان اراد به من ما له ليعطي ثمن طويل راجحا عليه الصلاة والسلام. اراد ان يدفع اكثر من حقه في المال الذي وجب عليه ان يدفعه. وهذا ولا شك من جوده عليه الصلاة والسلام ومن سماحته في البيع والشراء. فقال له زن وارجح. والذي حصل ان الوزان في السوق لما قال له النبي عليه الصلاة والسلام زن وارجح اجاب قائلا ان هذه لكلمة ما سمعتها من احد يعني لماذا توصيني؟ لن اطفف في الكيد ولن اغش. فكأنه فهم العبارة نوعا من الاستدراك والنقد قبل ان يعمل قال معاتبا ان هذه لكلمة ما سمعتها من احد. قال ابو هريرة فقلت كفى بك من الوهن والجفا في دينك الا تعرف فنبيك والرجل ما عرف النبي عليه الصلاة والسلام. فقال له ابو هريرة رضي الله عنه منتقدا كفى بك من الوهن والجفا في دينك كأن لا تعرف نبيك. قال فطرح الميزان ووثب الى يد النبي صلى الله عليه وسلم يريد ان يقبلها. يريد الاعتذار اسفه على ما بدا ولم يكن يقصد قط وحاشاه ان يتجرأ احدهم بنصف كلمة على مقام رسول الله عليه الصلاة والسلام. قال فوثب الى يريد ان يقبلها فجذب النبي صلى الله عليه وسلم يده منهم وقال هذا انما تفعله الاعاجم بملوكها ولست بملك انما انا رجل منكم فوزن وارجح واخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السراويل. قال ابو هريرة فذهبت احمله عنه. فقال صاحب الشيء احق بشيءه ان يحمله فاذا هذان موقفان في قصة واحدة كل منهما فيه تواضع جم. اما الاول فموقفه مع الرجل ورفضه عليه الصلاة والسلام تقبيلا بيدي لانه يصدر من مقام التعظيم الذي ما اراده عليه الصلاة والسلام. والموقف الاخر في رفضه لابي هريرة ان يحمل عنه متاعه وابو هريرة ما فعل ذلك الا حبا ورغبة في الخدمة وشرفا بمشاركة النبي عليه الصلاة والسلام شأنه في السوق فرفض وقال صاحب الشيء احق بشيءه ان يحمله. وهذا فعله تواضعا. والا لقد كان قدره العظيم عليه الصلاة والسلام ان يحمل متاعه على ايديهم بل ان يحمل هو عليه الصلاة والسلام فوق الاعناق والرؤوس لجلالة قدره ولعظيم محبتهم له عليه الصلاة والسلام. هل معنى هذا يا كرام انه لا يجوز لاحد اذا صحب احدا يعظمه ويحترمه من والد او عالم او عظيم يلي خدمته فيحمل متاعه؟ الجواب لا. انما نريد ان نثبت ان تواضعه عليه الصلاة والسلام كان يأبى معه في بعض المواقف ان يليأ احد الصحابة شأنه والا فقد كان فيهم من يحمل نعله وسواكه وماء وضوئه عليه الصلاة والسلام وكانوا يشرفون بهذه الخدمة فما كان يرفض ولا يمتنع عليه الصلاة والسلام. لكن نريد ان نقول ما كان هذا ديدنه على الدوام. وما كان يوزع خدمات في نفسه وشؤونه عليه الصلاة والسلام على الصحابة. ويعيش هو مخدوما من الكل. ابدا انما كان يعمل الشيء بنفسه عليه الصلاة والسلام الحديث بهذه الرواية وقد اخرجها بعض اصحاب السنن لا تصح في بطول القصة. انما يصح منها قوله عليه الصلاة والسلام وارجح فقد اخرجها عدد من اصحاب السنن كابي داوود والترمذي وصححه ابن حبان. ها هنا يا اخوة انتهى الفصل المتعلق بتواضعه العظيم صلوات الله وسلامه عليه تعلمنا فيها اشياء كثيرة اعظمها فيما يبدو لي ان العظمة الحقيقية في اقدارنا معشر البشر ليست والله فيما نمتلك من المظاهر الخالية الجوفاء. ليست العظمة في اللباس ولا في المراكب ولا في السيارات ولا في البيوت والقصور ولا في اثاثها ابدا. عظمتنا الحقيقية فيما يكون في قلوب بعضنا. من صدق قربه من الله وعظيم قدره عند خالقه ومولاه. اعظمنا قدرا اكرمنا عند الله. وقد قال الله ان اكرمكم عند الله اتقاكم. وعندئذ يكون التواضع سجية في حياتنا جميعا يقرب بها بعضنا الى بعض. ويكون الين في التناول واقرب في في التعامل الاكناف لين الجانب للناس من حوله. هذه صفحة من عظيم خلق رسول الله عليه الصلاة والسلام. ننتقل منها الى فصل اخر في من ناحية اخرى عظمة العدل عظمة الامانة عظمة العفة وصدق لهجته صلوات الله وسلامه عليه. نعم فصل في عدله صلى الله عليه وسلم وامانته وعفته وصدق لهجته صلى الله عليه وسلم. واما عدله الله عليه وسلم وامانته وعفته وصدق لهجتي. فكان صلى الله عليه وسلم امنوا الناس واعدل الناس واعف الناس واصدقهم لهجة منذ كان. اعترف له بذلك محادوه وعداه. نعم يا احبة عدل النبي عليه الصلاة والسلام اليه المنتهى في عدل البشر. ستأتيك الرواية لما قال له ذو الخويصرة اتق الله واعدل فقال ويحك من يعدل اذا لم اعدل فعدله عليه الصلاة والسلام هو الميزان الذي يوزن به عدل البشر. واذا اردت ان تقيس عدلا من ظلم فاجعله في ميزان رسول الله عليه الصلاة والسلام يتبين لك لقد عدل في حياته مع زوجاته. وعدل مع اولاده عليه الصلاة والسلام. وعدل في القسمة عدل في القضاء والحكم وعدل في تسيير الجيوش وعدل في اقامة دين الله وعدل في سائر التشريع والعبادات وفي حياته كلها لكن اعظم عدل نسب اليه صلى الله عليه وسلم واعظم امانة هي امانته في تبليغ دين الله. وتحمل الوحي والقيام بواجب التي ولاها صلى الله عليه واله وسلم. قال المصنف اعترف له بذلك محادوه وعداه نعم اعترف له العدو قبل الصديق بالعدل والامانة. ولذلك ما وجدوا عليه مدخلا في اتهامه بالظلم ولا في اتهام بالكذب ولا في اتهامه بالغدر وقد مر بك حديث ابي سفيان. لما وفد الهي رقل وكان ذلك بعد صلح الحديبية وقد وضع النبي عليه الصلاة والسلام بالشروط ايقاف القتال بينه وبين قريش. وقد وفد ابو سفيان مقدما على هرقلة فاستدعاه واستجوبه وسأله عن النبي عليه الصلاة والسلام جملة من الاسئلة. كان من بينها ان سأله هرقل ايغدر يعني رسول الله عليه الصلاة والسلام. فقال ابو سفيان نحن واياه في مدة يعني نحن واياه الان على صلح لا ندري ما يفعل؟ قال ابو سفيان ولم تمكني كلمة اقولها اكثر من ذلك. اراد ابو سفيان مع ان الرجل كان كافرا انذاك رضي الله عنه وارضاه وقد اسلم في فتح مكة. كان كافرا وكان محاربا ومع ذلك ما استطاع ان ينسب الى رسول الله عليه الصلاة والسلام في هذا اللقاء الذي عظم الذي جمعه بعظيم الروم ان يقول كلمة فيما يتعلق بالامانة والوفاء. هذا العدو قبل الصديق ما تجرأ ولا استطاع لانه باختصار ما وجد الاعداء في حياته عليه الصلاة والسلام مدخلا صغيرا ولا كبيرا يمكن ان يكون تهمة لخيانة او كذب او غدر حتى لما قالوا كذاب وقالوا ساحر وقالوا شاعر وقالوا مجنون. قال الله قد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبون ولكن الظالمين بايات الله يجحدون. لا والله يعرفون صدقه عليه الصلاة والسلام. ويشهدون له بذلك. وتطيب نفوسهم رضا ووفائه وصدقه وسيأتيكم في الروايات انهم كانوا يعرفون هذا تماما وقد قال لهم النظر ابن الحارث كان محمد فيكم غلاما حدثا ارضاكم فيكم واصدقكم حديثا واعظمكم امانة. حتى اذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم ساحر؟ لا والله ما هو بساحر عرفوا حقيقة مقامه العظيم في الصدق والامانة. كان كذلك قبل النبوة فكيف به الظن بعدها عليه الصلاة سلام. قبل ان يبعث قبل ان يوحى اليه. قبل ان يقول له الله له يا ايها المدثر قم فانذر قبل ان يأمره بالبلاغ والدعوة لم يكن في حياته عليه الصلاة والسلام الا الصدق والوفاء والامانة. عرفه بذلك العدو قبل الصديق. لتعلموا يا كرام ان قامت العظمة في الاخلاق ليست متعلقة بمناصب ولا بادوار في الحياة. شأن الكرامة في حياة الكرماء والنبلاء ان تكون اساسا في حياتهم ومعدنا لا يتغير بتغير الظروف. لسنا نعدل حال الرخاء. لسنا نعدل حال الشدة ونصدق في الشدة ونفي في الشدة ثم في الرخاء يعترينا الكذب والغدر والخيانة بالامانات والوفاء بالعهود. حاشا حياة الكرماء والنبلاء والفضلاء تستتم على نهج واحد في صدق وعدل وامانة ووفاء. هذه ايضا صفحة من صفحات العظمة في الاخلاق يتعلمها البشرية من حياة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. نعم وكان يسمى قبل نبوته الامين قال ابن اسحاق كان يسمى الامين بما جمع الله فيه من الاخلاق الصالحة. وقال تعالى مطاع ثم امين. اكثر ميسرين على انه محمد صلى الله عليه وسلم. وتقدمت الاية وفيها القول الاخر ان المقصود بالاية جبريل عليه السلام في الاوصاف المذكورة انه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين. وطاع ثم امين. فهذا ذان قولان للمفسرين. ان المراد بالاوصاف نبينا عليه الصلاة والسلام او ان يكون المراد به جبريل عليه السلام. نعم. وكلاهما امين. هذا امين اهل الارض نبينا عليه الصلاة والسلام وذاك امين اهل السماء جبريل عليه السلام. نعم. ولما اختلفت قريش وتحازبت عند بناء الكعبة في من يضع الحجر حكموا اول داخل عليهم. فاذا بالنبي صلى الله عليه وسلم داخل. وذلك قبل نبوته. فقالوا هذا محمد هذا الامين قد رضينا به. نعم. وهذا لما بنت قريش الكعبة بعد ان تهدمت بالسيل. فاجتمعت وجمعت مالها ثم تنازعوا عندما بلغوا في البناء موضع الحجر الاسود من يضعه وتنازعوا في ذلك لان من يلي وضع الحجر سيكون له الشرف في تاريخ العرب وسينسب اليه الفخر. فتنازعوا ذلك ليست قبيلة تريد ان تتنازل به لاخرى. ثم تكاتفوا وتواطؤوا على الاتفاق. ان يجعلوا المحكم بينهم في هذا النزاع اول داخل يأتيهم من باب بني شيبة فاذا برسول الله عليه الصلاة والسلام هو الداخل تسخيرا من الله كما قال المصنف قبل النبوة فلما قال زادت نفوسهم رضا وطمأنينة ان يكون محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم الحكم بينهم في هذه الخصومة فكان رأيه السديد العجيب الرشيد لما امرهم ان يأتوا بقطعة من كساء ثم يضع وسطها الحجر الاسود وتتناوله كل قبيلة من طرف فيرفعونه جميعا سواء فلما جاءوا الى موضعه اخذه بيده الشريفة فوضعه في موضعه من بناء الكعبة صلوات الله وسلامه عليه. نعم وعن الربيع بن خثيم كان كان يتحاكم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية قبل الاسلام. الربيع بن خثيم من سادات التابعين ومن كبار اصحاب عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه وارضاه يضرب به المثل في الورع والزهد وحسن السمد صدقي في الديانة رجل من اولياء الله الصالحين. ولهذا كان معروفا بهذه المنزلة الرفيعة وكانت عباراته نبراسا لاهل لغيره وما زالت مروياته رحمة الله عليه في عظيم مقولات السلف التي تجمع بين رصانة العبارة وحكمة المقالة. بل قال له عبدالله بن مسعود ذات يوم يقول له يا ربيع والله لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحبك يقول له وهو يعرف ميزان النبوة لما رأى من جميل حاله وعظيم شأنه. يقول الربيع كان يتحاكم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية قبل الاسلام. وما رضيوا وما رضي العرب بالتحاكم اليه الا ما وثقوا به من عدله عليه الصلاة والسلام. ومن وامانته فلما اصطفاه الله كانت الامانة الاعظم في حياته على الاطلاق امانة الرسالة امانة النبوة امانة البلاغ وانا لشاهدون والله انه ادى الرسالة وبلغ الامانة وجاهد في الله حق الجهاد حتى اتاه اليقين. فصلى الله وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا وقال صلى الله عليه وسلم والله اني لامين في السماء امين في الارض. نعم الحديث ضعفه العراقي وصححه الالباني الالباني رحم الله الجميع والله اني لامين في السماء امين في الارض. يعني مؤتمن عليه الصلاة والسلام في الملكوت الاعلى رضا الله عز وجل واصطفائه اياه واختياره نبيا رسولا. وامين في الارض بما جعل الله عز وجل في قلوب البشر من الثقة بما يحكي ويأمر ويفعل عليه الصلاة والسلام. فتربع على عرش الامانة في الكون في الملكوت الاعلى والاسفل. في السماء والارض فكانت الامانة بمجمع مراتبها حيزت لرسول الله عليه الصلاة والسلام. فاذا جئنا اليوم نربي اجيالنا على القيم على المثل على المبادئ على الاخلاق العظيمة على الامانة فلنربطهم بسيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام. ولنبث في سمع الجيل وفي حياته وفي نبض فؤاده ما الامانة عندما تكون مواقف تحكى في سيرة محمد عليه الصلاة والسلام. سيعلم الجميع كيف تكون الامانة امانة؟ وكيف يعيش صاحبها اعلى درجات الاتصاف بها لما يتخلق فيها بخلق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال القاضي عياض حدثنا ابو علي الصدفي الحافظ بقراءتي عليه قال حدثنا ابو الفضل بن خيرون قال حدثنا ابو يعلى ابن زوجي الحرة قال حدثنا ابو علي السنجي قال حدثنا محمد بن محبوب المروزي قال حدثنا ابو عيسى الحافظ قال حدثنا ابو بو كريب قال حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن ابي اسحاق عن ناجية بن كعب عن علي ان ابا جهل قال للنبي صلى الله عليه وسلم انا لا نكذبك ولكن نكذب بما جئت به. فانزل الله تعالى فانهم لا يكذبونك لكن الظالمين بايات الله يجحدون وروى غيره لا نكذبك وما انت فينا بمكذب. نعم الحديث قد تقدم سابقا في سبب نزول الاية وان قريشا على كفرها بالله وتكذيبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانها والله ما في قرارة نفسها ما كانت في قرارة نفسها تستبطن كذب رسول الله عليه الصلاة والسلام. وهذا من اعظم ما يمكن ان يكون دليلا على استيلائه عليه الصلاة والسلام على قلوب البشر حبا وتعظيما وتصديقا فما تفسير الكذب اذا والمعاندة؟ فما تفسير الكفر والمحاربة؟ كما قال الله ولكن الظالمين بايات الله يجحدون هو العناد والاستكبار ليس الا لما قال ابو جهل انا لا نكذبك ولكن نكذب ما جئت به فانزل الله فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون. الحديث الحديث اخرجه الترمذي. وصححه الحاكم. ولما اورد المصنف رحمه الله هذه الرواية في موضع سابق في اول الكتاب علق هناك قائلا في هذه الاية منزع لطيف المأخذ من تسريته تعالى له عليه السلام والطافه به في القول بان قرر عنده انه صادق عندهم وانهم غير مكذبين له يعترفون بصدقه قولا واعتقادا وقد كانوا يسمونه قبل النبوة الامين. نعم ولكن الظالمين بايات الله يجحدون اذا استوى عنده المصدق والمكذب المؤمن والكافر كان عند الجميع مشهودا له عليه الصلاة والسلام بالصدق والامانة. تدري ما كانت الامانة فيه عليه الصلاة والسلام في اعلى درجاته العظمة لانه كان امينا عند الصديق والعدو عند الموافق والمخالف. فاذا وجدت نفسك عبد الله يوما من الايام قد اتاك الله اقبال القلوب عليك لك وشهادتها لك بالامانة والصدق. واستوى في ذلك عندك الموافق والمخالف والعدو فاعلم انها شهادة صدق. لانه اجتمع عليك الكل وهذا كان بالمقام الاعظم لرسولنا عليه الصلاة سلام في شهادة الامة له بالصدق والامانة والعدل صلى الله عليه واله وسلم. نعم وقيل ان الاخنس بن شرك ان الاخنس ابن شريك وقيل ان ان الاخنس ابن شريق لقي ابا جهل يوم بدر فقال له يا ابا الحكم ليس هنا غيري وغيرك وغيرك يسمع كلامنا تخبرني عن محمد صادق هو ام كاذب؟ فقال ابو جهل والله ان محمدا لصادق وما كذب محمد قط. نعم هذه قصة تروى في اخبار السير. حديث جرى بين اثنين ليس من كفار قريش فحسب لا بل من صناديدها ومن عتاتها ومن اكابر فيها كفرا وتكذيبا وعدوانا. اسلم الاخنس بن شريق مؤخرا فيما فات على ابي جهل الاسلام فكان من حطب جهنم عياذا بالله التقى الاثنان في لحظة من لحظات الكفر في يوم من ايام التكذيب والعناد. فكان الحوار الذي دار بينهم اعلى كتمان ذرية يشهد فيه احدهما للاخر بصدق رسول الله عليه الصلاة والسلام. وقد اخرج ابن حجر رحمه الله في الاباء اصابه ان ابا سفيان وابا جهل والاخنس اجتمعوا ثلاثتهم ليلا يستمعون القرآن والنبي عليه الصلاة والسلام يصلي يقرأ في الليل واجتمعوا خفية لا يعلم احدهم بمقام الاخر. لكن يعجبهم كلام الله ويقر في قلوبهم وقع الايات. فاجتمعوا ليلا وذكر القصة وفيها انه لما انكشف امر بعضهم لبعض وخشي ان تعلموا قريش بما صنعوا من سماعهم للقرآن رغم تكذيبهم في نهاية القصة ان الاخنس اتى ابا سفيان فقال ما تقول؟ يعني فيما سمعت من القرآن؟ فقال ابو سفيان اعرف يعني اقبلوا بعضه ولا اقبلوا بعضه. ثم قال له ابو سفيان فما تقول انت؟ قال الاخنس اراه الحق فهداه الله عز وجل للاسلام فاسلم فيما بعد. هذه شهادات في الخفاء. وهي تسريب كما يقول المعاصرون. في بعض الامور التي تكون خفية ثم تخرج للعالمين ويعرفها الناس اجمعون. ما كانوا يصدقون في قرارة نفسهم الا بصدقه عليه الصلاة والسلام وتلك كما قلت اعلى درجات العظمة في الصدق والامانة والعدل. ان يقر لك بها العدو المخالف المحارب المكذب الذي يجاهرك العداء والذي ينتصب لك بالحرب والقتال. والذي يسير الجيوش من اجل مقاتلتك ومحاربتك. والذي كان سببا في اخراجك من بلدتك وايوائك واضطرارك الى الخروج منها. لكنه رغم ذلك لا يحمل في قلبه الا الشهادة بصدقه صلوات الله وسلامه عليه. نعم. وسأل هرقل عن ابي سفيان وسأل هرقل عنه. وسأل هرقل عنه ابا سفيان فقال هل كنتم بالكذب قبل ان يقول ما قال. قال لا. نعم. وقد اشرت الى ذلك والحديث في الصحيحين. لما قدم هرقل لما قدم ابو سفيان في قافلة قريش جاءت بتجارة الى الشام فاستدعاهم هرقل واتى بهم الى القصر فكان الحوار الذي بينه وبين ابي سفيان والترجمان بينهما ينقل العبارة ويترجمها فالقى جملة من الاسئلة يستثبت بها هرقل من ابي سفيان شأن النبي عليه الصلاة والسلام. وكان تحديدا بعدما بعث النبي عليه الصلاة والسلام خطابات الدعوة الى الملوك والعظماء والرؤساء. فبلغ خطابه هرقلا فاراد ان ان يستفسر ويستقصي عن شأنه عليه الصلاة والسلام. فلما علم ان قافلة من قريش من قبيلته عليه الصلاة والسلام موجودة بارض الشام استدعاهم واحضرهم واراد ان يتثبت فلم يكن الا صفحة صدق اجاب بها ابو سفيان واظهر ما ما عنه هرقا وكان في مساء هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل ان يقول ما قال؟ قال لا. فكان تعليق هرقل على ذلك فكذلك الانبياء في اممهم. نعم. وقال النمر بن الحارث لقريش قد كان محمد فيكم غلاما حدثا ارضاكم فيكم حديثا واعظمكم امانة حتى اذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم ساحر؟ لا والله ما هو بساحر؟ هذا النبر رغم انه يقول ذلك يقول ذلك على كفره بالله وقيل فيه نزل قول الله تعالى سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج. النظر احد رؤوس قريش احد شياطينها احد كبار عتاتها قتل يوم بدر ومع ذلك فاسمع وهو يقول مناقشا ومظهرا للحجة كيف تجتمع عندكم النقائض يا عقلاء طيش يكون محمد فيكم غلاما صبيا حدثا صغير السن ويقصد بذلك ان هذه المرحلة من العمر هي مظنة الطير والسفه وقلة التوفيق وقلة الحكمة وانعدام الخبرة. ومع ذلك فلما كان في هذه المرحلة من العمر كان اعظم امانة واصدقكم حديثا وارضاكم فيكم. يقول حتى اذا رأيت في صدغيه الشيب يعني لما بلغ الرشد وسن الوقار حكمة جئتم تتهمونه بما كنتم لا ترضونه له حال مراحل الطيش والصبا والسفه فما بالكم هذا التناقض ثم قالها مدوية لا والله ما هو بساحر نعم وفي الحديث عنه ما لمست يده يد امرأة قط لا يملك رقها. هذا انتقال الى مظهر اخر من مظاهر العظمة. عفة المصطفى عليه الصلاة والسلام. عفة القلب عفة النظر. عفة اللسان عفة السمع. كل ذلك تبوأ فيه درجات العظمة في العفة عليه الصلاة والسلام ما عرف التاريخ عفيف قلب كرسول الله عليه الصلاة والسلام. ولا عرفت الانسانية عفيف بصر وسمع لسان واذن كرسول الله عليه الصلاة والسلام. عفته تنزهه عن كل ما لا يليق به. ترفعه عليه الصلاة والسلام عن السفاسف عن الدنايا عن المحقرات. كان اعظم الناس عفة. هذا مظهر من مظاهرها والحديث في الصحيحين. لا يلمس بيده يد امرأة لا تحل له. ان لم تكن زوجة او امة فما وضع يده في يد امرأة قط عليه الصلاة والسلام عفة هذا انما يقال بالمقام الاول لكل من يتكلف في مسألة الاستخفاف والاستهانة بمس النساء من غير المحارم. وان ذلك مما جرى عليه العرف او تعارف الناس عليه وان المصافحة لا تعني تهمة ولا تخوينا. هذا مقام رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو اعظم البشرية عفة يتنزه عن ذلك. فقولوا لكل من يلتمس العظمة في التعفف هذا شأن اعظم البشر بعفة صلوات ربي وسلامه عليه وفي حديث علي رضي الله عنه في وصفه صلى الله عليه وسلم اصدق الناس لهجة. وقد كان كذلك عليه الصلاة والسلام بشهادة الامة كلها نعم. وقال في الصحيح ويحك. فمن يعدل ان لم اعدل خبت وخسرت ان لم اعدل. خبت وخسرت ان لم اعدل. نعم. ويصح في الرواية ان يقول خبت وخسرت. الحديث في الصحيحين وفيه قصة ذي الخويصرة لما قسم النبي عليه الصلاة والسلام ما للغنائم بعد فتح مكة وكلكم يعلم انه لما قسم اعطى المؤلفة قلوبهم واعطى الحديث عهد باسلام وما اعطى كثيرا من الصحابة وعلى رأسهم الانصار بقبائلهم. فكانت المقالة التي وجد فيها بعض الناس شيئا في نفوسهم فجاء ذو الخويصرة فقال الكلمات التي اظهرت عدم استقرار الايمان في قلبه. لما قال اتق الله يا محمد وفي رواية قال اعدل وفي لفظ قال هذه قسمة ما اريد بها وجه الله فغضب عليه الصلاة والسلام وتأثر لذلك الكلام الذي يحمل تهمة صريحة لرسول الله عليه الصلاة والسلام. فقال قال له ويحك فمن يعدل ان لم اعدل؟ اي والله. يرتفع العدل عن وجه الارض اذا لم يتحقق على يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا والله لا يعرف العدل ان لم يكن متحققا في شأنه عليه الصلاة والسلام. ان لم يكن ما فعله عدلا فلا عدل تعرفه البشرية على الارض وفي رواية للبخاري قال عليه الصلاة والسلام في جوابه للرجل ايأمنني الله على اهل الارض فلا تأمنوني ايجعل الله امانة الدين والوحي عندي في التبليغ. ثم انتم يقع في قلبكم شك في مال وغنيمة في ابل وبعير واموال ايكون هذا قياسا صحيحا؟ ايكون هذا منطقا سويا؟ وعلى كل فذو الخويصرة استغضب الصحابة فثارت ثائرتهم فاستأذن بعضهم في قتله بحضرة النبي عليه الصلاة والسلام. لان الكلمة عظيمة. ولان التهمة المبطنة لا يمكن ان يقبلها مسلم في به مثقال ذرة من ايمان. قيل ان الذي استأذن عمر وقيل ان الذي استأذن خالد رضي الله عن الجميع. فما كان منه عليه الصلاة والسلام الا ما جرت العادة من شأنه في تركهم وصرفهم واقرار الرجل على ما بدا منه من ظاهر اسلام لكنه اشار في اخر الحديث انه يخرج من ضئضئ اي هذا الرجل اناس تحقرون صلاتكم الى صلاتهم وعملكم الى عملهم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم مفتونة قلوبهم ثم ذكر في شأنهم انهم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية فكانت فرقة الخوارج على يدي هذا الانسان الذي اتهم رسول الله عليه الصلاة والسلام في العبارة المبطنة بعدم العدل فكانت عاقبته شؤما وخسارة وقبحا وكان في من تبعه فرقة ظلت سواء السبيل وخرجت عن مسلك الامة والسلف الصالح. نعم قالت عائشة رضي الله عنها ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرين الا اختار ايسرهما ما لم يكن اثما فان كان اثما كان ابعد الناس منه عفته عليه الصلاة والسلام. تمام عفته تمام عفته ان ينأى ان يتباعد ان يتباعد قدر المستطاع عن كل ما فيه اثم او شبهة او تهمة. هذا التعفف يا كرام يمكن ان يكون في فيتأفف العفيف عن الحرام. ويتعفف عن الشبهات عن الغش الكذب الخيانة. كل ما يخشى ما يخشى معه ان طعامه لقمة من حرام او لوثة من الشبهات هذا من العفة في الاموال. والعفة ايضا في النظر بعدم القائه الى ما لا يحل والعفة في السمع الا يصغي الى ما لا يحل. العفة في اللسان امساكه عن الكذب والغيبة والنميمة. وشهادة الزور وكل ما لا يرضي الله وهكذا تكون العفة في حياة في حياة النبي عليه الصلاة والسلام ومن اقتفى اثره. تقول عائشة رضي الله عنها ما خير بين قريب. الا اختار ايسرهما ما لم يكن اثما فان كان اثما كان ابعد الناس منه. تباعده عليه الصلاة والسلام عن الاثم تعفف. ليست العفة دوما يا حرام يا ليست العفة عن دوما يا كرام هي العفة عن الفاحشة. وليست العفة عفة الفروج فقط هي ذلك واشمل. عفة الفرج عفة عفة البطن وعفة الجوارح اليدان والرجلان والسمع والبصر واللسان. المراد في حياة العفة ان نلتمسها في كل ابواب حياء على الصواب. فمن تعفف عن الحرام في الشهوات فذلك اولى به ان يتعفف عنه ايضا فيما تعلقوا بالسمع والبصر واللسان كما مضى الحديث. والنبي عليه الصلاة والسلام كان في شأنه وحياته وهديه اجمع مضرب المثل الذي يقتدي به السائرون في درب العفة صلوات الله وسلامه عليه قال ابو العباس المبرك المبرد قال ابو العباس المبرد قسم كسرى ايامه فقال يصلح يوم الريح للنوم ويوم الغيم للصيد ويوم المطر للشرب واللهو ويوم الشمس للحوائج قال ابن خالوية ما كان اعرفهم بسياسة دنياهم وكان اعرفهم ما كان اعرفهم بسياسة دنياهم يعلمون ظاهر من الحياة الدنيا وهم عن اخرتهم غافلون. ولكن نبينا صلى الله عليه وسلم جزأ نهاره ثلاثة اجزاء جزءا لله وجزءا لاهله وجزءا لنفسه ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس فكان يستعين بالخاصة على العامة ويقول ابلغوا حاجة من لا يستطيع من لا يستطيع ابلاغ فانه من ابلغ حاجة من لا يستطيع ابلاغه امنه الله يوم الفزع الاكبر. نعم ساق المصنف هنا رحمه الله مقولة تنسب الى كسرى فيما ذكره ابو العباس المؤرخ صاحب كتاب الكامل قال قسم كسرى ايامه فقال يصلح يوم الريح للنوم ويوم الغيم للصيد ويوم المطر الترب واللهو ويوم الشمس للحوائج. فقال ابن خالويه معلقا على الرواية ما كان اعرفهم بسياسة دنياهم. يعني هؤلاء كانوا اعرف الناس بتسييس امور دنياهم لكنهم كما قال الله يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون ثم جاء المصنف رحمه الله بالرواية التي ستأتينا في اخر الكتاب فيما يحكيه الحسن بن علي رضي الله عنه سائلا اه هند بن ابي هالة عن النبي عليه الصلاة والسلام. فكان فيما ذكر من اوصاف شأنه في يومه وليلته ان قال قسم او نهاره ثلاثة اجزاء جزءا لله وجزءا لاهله وجزءا لنفسه. ثم جزأ جزءه الذي بينه وبين ناس فكان يستعين بالخاصة على العامة بالله عليكم اي المقامين في حياة الصنفين اعظم؟ حياة كسرى ام حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام. حياة كسرى الذي كان عظيم قومه. جعل يوما للهو ويوما للصيد ويوما للنوم الله اكبر