بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي اكرمنا بالاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك تلهو ولا رب سواه واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله وخليله ومصطفاه اللهم فصل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته. ومن استن بسنته واهتدى بهداه. اما بعد يا كرام فصلاتنا على المصطفى صلى الله عليه واله وسلم انس كلها وخير كلها ورحمة وبركة كلها اوليس قد وعد المصطفى عليه الصلاة والسلام بان من صلى عليه صلاة نال من ربه عشر صلوات صلى الله عليه وسلم وصلاة الرب جل جلاله من فوق سبع سماوات على عبد من عباده رحمة تناله. وخير يصل اليه وسعادة تحيط به وكربة تنجلي عنه. وهم يبرح عن ساحته ودين يقضى. وكرب يفرج. صلاة ربنا جل جلاله على العبد رحمته التي تحيط به. فاذا ما نحن استكثرنا من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وجدنا من صلاة ربنا ما تحيط بنا به الرحمات والبركات وتغشانا بها الانس والسعادة. يا كرام نحن ما زلنا في هذه الحياة نتلمس رحمة الله في كل خطوة في كل نفس في كل شأن من شؤون الحياة. دونكم رحمة الله اوفر ما تكون في جوف الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. اما انها ليلة الجمعة ليلة انس كلها وسعادة وبهجة ونحن نتقلب في رحمات الله بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ودونكم يا كرام مجلسا يحملكم حملا على كثرة الصلاة والسلام على رسول الله. صلى الله عليه واله وسلم انت تستمع بين جملة واخرى ذكره عليه الصلاة والسلام واسمه عليه الصلاة والسلام وخلقا من اخلاقه عليه الصلاة والسلام فتى وسمتا وشأنا رفيعا في كل ما حباه الله به. صلوات ربي وسلامه عليه. ما زال مجلسنا هذا المبارك ايها المباركون ينعقد تباعا بفضل الله تعالى وكرمه في رحاب بيته الحرام بجواره بكعبته المعظمة ونحن بين الصلاة الى الصلاة نتقلب والله في وجوه من الرحمات فضلا من ربنا جل في علاه. كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. للامام القاضي رياض بن موسى ليحصو برحمة الله عليه ما زال رفيقنا في هذا المجلس المبارك. ما زال انيسنا في هذا المجلس الذي نقلب فيه صفحات نقرأ فيه شأنه المصطفى شأن المصطفى العظيم عليه الصلاة والسلام. وما حباه الله به وما رفع به قدره في عليين. الباب الثاني الذي ما زلنا في فصوله ننتقل بين فصل وفصل ونحن كانما بين دوحة واخرى وجنة واخرى وبستان من عاطل واخر في اخلاق المصطفى عليه الصلاة والسلام. انقضى مجلسنا البارحة ولا انقضى مجلسنا في الاسبوع الماضي. ولا يزال في فصل تواضعه عليه الصلاة والسلام بقية ناتي عليها لننهيها ثم نشرع في الفصل الاخر الذي جعله يصنف رحمه الله فيما يتعلق بوقاره وصمته عليه الصلاة والسلام ومروءته. واما الفصل الذي وقفنا عليه فهو في عدله وامه وعفته صلوات ربي وسلامه عليه. نعم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. هذا هو المجلس السابع والاربعون من مجالس تدارس كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. وباسانيدكم المتصلة الى الامام القاضي العلامة ابي الفضل عياض ابن موسى ابن عياض ابن عمرون الي رحمه الله تعالى قال رحمه الله تعالى فصل في عدله وامانته وعفته وصدق لهجته وذكر ابو جعفر قال ابو العباس المبرد قال ابو العباس المبرد قسم كسرى ايامه فقال يصلح يوم الريح للنوم ويوم الغيم للصيد ويوم المطر للشرب واللهو ويوم الشمس للحوائج وقال ابن خالويه ما كان اعرفهم بسياسة دنياهم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا عن الاخرة هم غافلون. ولكن نبينا صلى الله عليه وسلم جزأ نهاره ثلاثة اجزاء جزء لله وجزء وجزءا لاهله وجزءا لنفسه. ثم جزى جزءه بينه وبين الناس فكان يستعين بالخاصة على العامة ويقول ابلغوا حاجة من لا يستطيع ابلاغي فان من ابلغ فانه من ابلغ حاجة ما حاجة من لا يستطيع ابلاغها امنه الله يوم الفزع الاكبر. نعم كان هذا هو منتهى حديثنا في مجلس ليلة الجمعة الماضية. وفيه ما ساق المصنف رحمه الله عن بعض لاهل التواريخ ان كسرى قسم ايامه بحسب ما تقتضيه مصالح الدنيا يعني. فقال يصلح يوم الريح النوم ويوم الغيم للصيد ويوم المطر للشرب واللهو ويوم الشمس للحوائج. فقال ابن خالويه معلقا على هذا ما كان اعرفهم بسياسة دنياهم يعني قوم كانوا اعرف ما يكون بما يتعلق بالدنيا واستنفاذ الوسع في التمتع بها لكنه ينطبق عليهم قول الله جل جلاله يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون فعقب القاضي عياض رحمه الله على ما ذكر ابو العباس وما علق به خالويه ابن خالويه قال المصنف ولكن نبينا صلى الله عليه وسلم جزأ نهاره ثلاثة اجزاء. ما مناسبة هذا التعليق؟ عندما كان الحديث عن كسرى بوصفه عظيمة من عظماء البشر وبوصفه رأسا من رؤوس بني ادم في زمانه. وقد اوتيت له الدنيا فالحديث عنه حديث عن حياة عظماء وكيف يعيشون ايامهم وكيف يمارسون حياتهم لما كان الحديث عن العظماء جئنا الى سيد البشر عليه الصلاة والسلام. لتنظر اعظم عظماء البشر كيف كان يعيش حياته اكان تقلبا في وجوه اللهو ما كان انغماسا في متع الحياة ما كان انصرافا الى لذة النفس لكنه كما قال كان يجزئ يومه ثلاثة اجزاء وهو جزء مما ساقه هند بن ابي هالة في وصف النبي عليه الصلاة والسلام في حديث طويل وبنا في كتاب الشمائل وسيمر في منتهى هذا الكتاب ان شاء الله. قال جزأ نهاره ثلاثة اجزاء جزءا لله. وجزءا لاهله وجزءا جزءا لنفسه ثم جزأ جزءه يعني الذي لنفسه بينه وبين الناس فكان يستعين بالخاصة على العامة. هذه العظماء ليس فيها متسع للهو ولا للعبث ولا لقضاء الانغماس في متع الحياة. ايضا هو ليس يعني الانحرام مما اباح الله من الطيبات. اما تراه قال جزءا لاهله؟ فالحديث الى الاهل والجلوس معهم وعشرتهم هي من متع الحياة. لكنه ليس الانغماس الذي يقع فيه بعض العظماء رغم مشاغل الحياة التي تحيط بهم. كما ذكر عن شأن كسرى وكما هو شأن كثير من الكبراء والملوك والرؤساء فانهم يجعلون في حياتهم متسعا لذلك الانصراف الى متع الحياة. لكن امام العظماء وسيد البشر عليه الصلاة والسلام كانت حياته تمتلئ عظمة الى القدر الذي لا يجد فيها متسعا للانغماس بهذا المعنى في متع الحياة فكان وقته كما ترى مستحوذا عليه بالاهتمامات والانشغال للناس لربه لدعوته لاهله قال ويقول ابلغوا حاجة من لا يستطيع ابلاغي فانه من ابلغ حاجة من لا يستطيع ابلاغها امنه الله يوم الفزع الاكبر وهو كما قلت من حديث الحسن ابن علي عن خاله ابن ابي هالة وسيأتي مطولا ان شاء الله تعالى. نعم قال رحمه الله تعالى وعن الحسن رحمه الله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأخذ احدا بقرف احد ولا يصدق احدا على احد. هذا من عدله بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام كان لا يأخذ احدا بقرف احد. يعني بذنب احد او بخطأ احد. وان شئت فقل لا يحمل احدا خطأ اخر ولا تزر وازرة وزر اخرى وان ليس للانسان الا ما سعى. فكل انسان مسؤول عن نفسه. ومن عمل سيئة يتحمل تبعتها قال لا لم يكن يأخذ احدا بطرف احد ولا يصدق احدا على احد. يعني لم يكن ليقبلوا كلام احد في احد ولا تهمة احد على احد الا ببينة وبرهان. وهذه سمة من سمات عدل المصطفى عليه الصلاة والسلام. وان لم تصح بها الرواية ها هنا عن الحسن البصري رحمه الله لانها مرسلة الا ان حياة المصطفى عليه الصلاة والسلام اجمع كانت بهذا المعنى الذي تواترت به النصوص ودلت عليه مواقف سيرته العطرة صلوات الله وسلامه عليه قال رحمه الله وذكر ابو جعفر الطبري عن علي رضي الله عنه عنه صلى الله عليه وسلم قال ما بشيء مما كان اهل الجاهلية يعملون به غير مرتين كل ذلك يحول الله بيني وبين ما اريد من ذلك ثم هممت بسوء حتى اكرمني الله برسالته. قلت ليلة لغلام كان يرعى معي لو ابصرت لي حتى ادخل مكة فاسمر بها كما يسمر الشباب فخرجت كذلك حتى جئت اول دار من مكة سمعت عزفا سمعت عزفا بالدفوف والمزامير لعرس بعضهم فجلست انظر فضرب على اذني فنمت. فما ايقظني الا مس الشمس. فرجعت ولم اقض شيئا ثم عراني مرة اخرى مثل ذلك ثم لم اهم بعد ذلك بسوء نعم الحديث تقدم ذكره قبل وقد اخرجه البزار وغيره من حديث علي. الحديث صححه الحاكم واقره الذهبي واخرجه ابن يحب انا ايضا في صحيحه وحسنه الامام الحافظ ابن حجر رحم الله الجميع وهو جزء مما دل على عصمة الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة. والحديث شاهد من شواهد العفة المحمدية على صاحبها افضل الصلاة والسلام. وموطن الشاهد في العفة هنا انكفافه عن الحرام. وسماع المعازف والقيام والانشغال باللهو الذي ينغمس فيه بعض الناس. وذلك وان كان قبل النبوة الا انه جزء من كماله عليه الصلاة والسلام الذي خصه الله تعالى به وكان من اهراسات النبوة حفظه عليه الصلاة والسلام وتهيئته لهذا الامر العظيم. والرواية كما سمعت يقول ما هممت بشيء مما كان اهل الجاهلية يعملون به غير مرتين كل ذلك يعني في المرتين يحول الله وبيني وبين ما اريد ثم ما هممت بسوء حتى اكرمني الله برسالته. وذكر الشاهد في قصته التي كانت قبل النبوة. قلت لغلام كان يرعى معي لو ابصرت لغنمي. حتى ادخل مكة فاسمر بها كما يسمر الشباب. فخرجت كذلك حتى جئت اول دار من مكة سمعت عزفا بالدفوف والمزامير لعرس بعضهم فجلست انظر فضرب على اذني فنمت يعني اخذ الله سمعه فلم يسمع شيئا من ذلك ثم غشاه النوم فنام. فما ايقظني الا مس الشمس فرجعت ولم اقض شيئا. يعني لم اصب شيء شيئا مما اردت الوصول اليه من مشاركتهم في لهوهم وسماعهم لما قال بالعزف بالدفوف والمزامير قال ثم عراني مرة اخرى مثل ذلك. يعني اصابه ما حصل في المرة الاولى. قال ثم لم اهم بعد ذلك بسوء كل ذلك كان صرفا من الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فكان في ذلك تمام عفته. كل ذلك وهو قبل النبوة فما ظنكم بعد النبوة بشأنه العظيم عليه الصلاة والسلام؟ لقد كان اسمى واكمل واعف واعظم. صلوات ربي سلامه عليه. ها هنا انتهى الفصل الذي ساق فيه المصنف ما يتعلق بعدل المصطفى عليه الصلاة والسلام. بعفته بامانته بصدق لهجته صلوات ربي وسلامه عليه. ثم ها هنا فصل نستأنفه حديثا في مجلس الليلة جعله المصنف للوقار مروءة والتؤدة وحسن هدي المصطفى صلوات الله وسلامه عليه نعم. قال رحمه الله فصل في وقاره وصمته وتؤدته ومروءته وحسن هديه. نعم اما الوقار فالاحترام والهيبة والجلال. وقد كان لنبينا عليه الصلاة والسلام من ذلك المقام الاوفر. والمراتب الاكمل اوتي ووقارا بحيث يراه الناظر فيهابه. واوتي وقعا في القلوب احتراما له واجلالا عليه الصلاة والسلام. ومع فقد امرنا امة الاسلام بجمع قلوبنا على حبه وتوقيره واحترامه ومهابته. او ما قال الله له ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه. وتوقروه. فالتعزير والتوقير الاحترام والهيبة والجلال. فذلك مقصود من بعثته عليه الصلاة والسلام. واما التؤدة فالمقصود بها التأني وعدم الاستعجال ولا شك ان ذلك من صفات الكمال. وهذه خصال الجلال والكمال اجتمعت في رسول الهدى عليه الصلاة والسلام. واما المروءة فالمقصود بها وصف جامع. يتحلى بها الادمي فيكتسب من الجلال والوقار والكمال ما يحمله على ارفع المراتب. واجمل ما قال الامام الماوردي رحمه الله. في تعريف المروءة ان قال هي الاحوال الى ان تكون على افضلها. حتى لا يظهر منها قبيح عن قصد ولا يتوجه اليها ذم باستحقاق مروءته عليه الصلاة والسلام في اي شيء كانت؟ كانت في طعامه وشرابه كانت في هيئته ولباسه كانت في منامه واستيقاظه كانت في كلامه وتبسمه وضحكه كان في في هزله وجده على اعلى مراتب المروءة كما ستأتي الشواهد عليه صلوات ربي وسلامه قال ابو الفضل رحمه الله واما وقاره صلى الله عليه وسلم وصمته وتؤدته ومروءته وحسن هديه فحدثنا ابو علي الجياني الحافظ اجازة وعارظت بكتابته وعارظت بكتابه قال حدثنا ابو العباس الدلائي الدلائي قال اخبرنا ابو ذر الهروي قال اخبرنا ابو عبدالله الوراق قال قال حدثنا اللؤلؤي قال حدثنا ابو داوود قال حدثنا عبدالرحمن بن سلام قال حدثنا حجاج بن محمد عن عبد الرحمن بن عن عبد الرحمن بن ابي الزناد عن عمر عبدالعزيز بن وهب قال سمعت خارجة ابن زيد يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم اوقر الناس في لا يكاد يخرج شيئا يخرج لا يكاد يخرج شيئا من اطرافه خارجة بن زيد راوي هذا الحديث تابعي فليس صحابيا والحديث اذا مرسل وقد ساقه المصنف من طريق الامام ابي داود لكنه ليس في السنن بل في كتابه المراسيل. والمرسل نوع من الضعيف لكنه حكى وصفا جميلا شهدت له مجموع النصوص الثابتة عن وصف مجالس المصطفى عليه الصلاة والسلام. ماذا قال؟ يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم او فقر الناس في مجلسه ما معنى اوقر الناس في مجلسه يعني اذا برز للناس وجلس اليهم واجتمعوا له في بيت او في مسجد او مجمع ونحو ذلك كان عليه الصلاة والسلام ما يكون في العناية بالوقار. يعني كيف؟ يعني في لباسه. في جلسته في تعامله في كلامه. في ضحكه ابتسامته في توزيع النظرات والجلوس اليهم. كان اكمل ما يكون في جانب الوقار. وبالتالي فما حفظ الحافظ عنه عليه الصلاة والسلام في مجلس من مجالسه اي مظهر من مظاهر الطيش او الخفة او العجلة او مما يزدر او ينتقى او يحتقر حاشاه عليه الصلاة والسلام هل كان ذلك لان الصحابة قد ضرب على قلوبهم الخوف من جبروته عليه الصلاة والسلام فاصبحوا بحضرته مذعورين وجيلين خائفين؟ لا والله. لكنها هيبة الحب والاحترام فرق يا احبة بين ان توقر انسانا وتهابه خوفا منه وبين ان توقره وتهابه حبا له واجلالا واحتراما. ونحن بشر ونعيش هذه المشاعر مع الناس من حولنا. كانت هيبة المصطفى عليه الصلاة والسلام. كان وقاره حب واحترام. افاض على قلوب الناس فاصبحوا اذا كانوا في مجلسه لا ترى الا الوقار من مظاهر هذا الوقار ما قاله في الرواية لا يكاد يخرج شيئا من اطرافه المقصود بجلسته اذا جلس فكان من تمام الوقار لا يمد يديه ولا رجليه بحضرة الناس في مجلسه لا يخرج شيئا من اطرافه لان من تمام الوقار الاعتدال في الجلسة الحشمة فيها هذا جزء من وقاره عليه الصلاة والسلام. لاحظ معي يقول كان اذا كان اوقر الناس في مجلسه. والمقصود اذا اجتمع الناس له في مجلس. طيب وما شأنه اذا كان في اهله او في الخاصة من اصحابه كانت حجب الكلفة ترفع من حوله ليس من وقار الرجل ان يعيش الوقار مع اهله واهل بيته والناس من حوله الاقربين. لا هناك من الوقار رفع حجب الوقار. التبسط في المعيشة مع الاهل واصحاب البيت واقرباء الناس من حوله الانبساط والملاطفة والتودد هو تمام الكمال وقد كان ذلك ايضا شأن المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. فقوله لا يكاد يخرج شيئا من اطرافه اكراما لجلسائه. واحتراما لهم. ثم لم يزل يا احبة لم يزل هذا ادب يذكره السادة العلماء في اداب طلاب العلم في مجالسهم. وان احدهم اذا اتى مجلس العلم واقبل على شيخه وجلس في حلقته او اجتمع برفاق درسه فان من الادب ان يتحلى احدهم بمثل هذا قد نص بعضهم كما فعل الحافظ ابن جماعة في تذكرة السامع والمتكلم على ان من ادب الطالب اذا جلس عند شيخه يقرأ عليه او يدرس عنده ان يجمع عليه في واد ثيابه وان يغطي اطراف قدميه بثوبه ادبا واحتراما في مجلسه بحضرة من يجب له الكرام والهيبة والوقار ومهما كان فما زالت فيوض الادب قطرة من ادب المصطفى عليه الصلاة والسلام نتعلمها ونعلمها للاجيال من بعدنا. نعم قال رحمه الله تعالى وروى ابو سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا جلس في المجلس احتبى بيديه وكذلك كان اكثر اكثر جلوسه صلى الله عليه وسلم محتبيا. نعم احتباؤه عليه الصلاة والسلام اخرج ابو سعيد هنا روى ابو سعيد هنا فيما اخرج ابو داوود وغيرهم كان عليه الصلاة والسلام اذا جلس في المجلس احتبى بيديه. زاد البزار ونصب ركبتيه صفة الاحتباء باليد ان يجلس الجالس على اليتيه. ثم ينصب فخذيه وساقيه. ويدير ذراعيه ويديه على ساقيه ورجليه يضمها الى صدره. نعم هذا الاحتباء يقول ابو سعيد كان اذا جلس في المجلس احتبى بيديه وكان اكثر جلوسه صلى الله عليه وسلم محتبيا الحديث ها هنا اخرجه ابو داوود والترمذي وفي الشمائل وفيه ضعف. لكن اخرج البخاري شاهدا لذلك من حديث ابن عمر. قال رأيت رسول صلى الله عليه وسلم بفناء الكعبة محتبيا بيده هكذا فاذا ثبت جلوسه جلسة الاحتباء. وهي جلسة يتمكن فيها الجالس من الجلوس فيشد ظهره بضم يديه الى ذراعين وساقيه فتكون اكثر مكنة في الجلوس. هكذا كان يجلس عليه الصلاة والسلام. الجلسة هذه مشروعة لا بأس بها استثنى يا احبة من الاحتباء باليدين فيما ورد النهي فيه فلا بأس ان يجلس الجالس في المسجد اذا جلس او في البيت او في مجلس العلم ان يحتبي بيديه. كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام. وساقه المصنف ها هنا اثبات ان جلسة كهذه لا تنافي الوقار. واعظم الناس وقارا رسول الله عليه الصلاة والسلام كان يجلس هذه الجلسة واما ما ورد النهي فيه من الاحتباء باليدين فهي ما اذا كان في المسجد مثلا ينتظر الصلاة فاحتبى بيديه فينبغي اذا احتبى بيديه ان يمسك احدى يديه بالاخرى من مفصل الكف ولا يشبك بين اصابعه ليخرج من النهي عن تشبيك الاصابع اذا كان في المسجد ينتظر الصلاة فتزول الكراهة وينتفي الحرج كما ذكر اهل العلم. نعم. قال رحمه الله الله تعالى وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه انه صلى الله عليه وسلم تربع. ما التربع هو ما نسميه جلسة التربع نحن الى اليوم. التربع ثني القدمين تحت الفخذين. ما نسميه جلسة التربع. كان يجلس عليه الصلاة والسلام. يقول جابر كان عليه الصلاة والسلام يتربع والحديث عند ابي داوود وهو صحيح. يقول ايضا في رواية اخرى كان اذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناء. والحديث صحيح عند ابي داود. يقول جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس. والحديث صحيح. فاذا التربع في جلسة الانتظار بعد صلاة الفجر يذكر الله حتى تطلع الشمس. نعم قال رحمه الله وربما جلس القرفصاء وهو في حديث وهو في حديث قيلة هذه جلسة ثالثة ذكر الاحتباء وذكر التربع وذكر ها هنا القرفصاء فمن اهل العلم من فسر القرفصاء بالاحتباء المذكور قبل قليل. بوب البخاري رحمه الله في صحيحه فقال باب الاحتباء باليد وهو القرفصاء. فسوى بين النوعين في الجلوس يقول الحافظ ابن حجر اخذ البخاري ذلك من كلام ابي عبيدة فانه قال القرفص جلسة المحتبي ويدير يراعيه ويديه على ساقيه وقد يكون الاحتباء بالثوب فلا يضم ساقيه وفخذيه الى بطنه بيديه بل يضمها اليه بثوبه فيجعل ثوبا او قماشا يلفه على رجليه وذراعيه ويشدها من خلف ظهره. كما يفعل كثير من الناس في هذه الجلسة فهي ايضا احتباء. فالاحتباء واما ان يكون باليد واما ان ليكون بقطعة ثوب يشد بها الجالس رجله فخذيه وساقيه الى الى بطنه وتكون مشدودة خلف ظهره وقيل في تفسير القرفصاء معنى اخر ليس هو الاحتباء قيل هي جلسة الرجل المستوفز يعني الجالس على اليتيه ناصبا رجليه ناصبا ساقيه وفخذيه المتهيأ للحركة والانطلاق يقال لها جلسة المستوفز فهي معنى اخر من معاني القرفصاء. في حديث قيل الذي اشار اليه المصنف ومر سابقا يمر لاحقا في اكثر من موضع انها قالت وقد اقبلت فرأت النبي عليه الصلاة والسلام جالسا القرفصاء وبيده عسيب نخل. فاثبتت جلسته على هذا النحو هذه الجلسة يا كرام هي مظهر من مظاهر التواضع لانها جلسة البسطاء. يجلس القرفصاء او يجلس جلسة الاحتباء. فاراد المصنف ان يقول ان هذا جزء من وقار المصطفى. عليه الصلاة والسلام في التبسط في جلسته التي مهما تعددت قرفصاء او احتباء او تربع ليس فيها شيء من هيئات الجلوس التي تدل على طيش او خفة او قلة حلم او استعجال لكن جلسة الوقار في شأنه العظيم صلوات ربي وسلامه عليه. نعم. قال رحمه الله وكان كثير السكوت لا تكلموا في غير حاجة يعرض عن من تكلم بغير جميل. وكان ضحكه تبسما وكلامه فصلا لا فضول ولا تقصير. وكان ضحك اصحابه عنده التبسم توقيرا له واقتداء به مجلسه مجلس حلم وحياء وخير وامانة. لا ترفع فيه الاصوات. ولا تؤذن فيه اذا تكلم اطرق جلسائه كأنما على رؤوسهم الطير. نعم كثيرا ما تقرأ رعاك الله في الكتب في الدراسات وما تسمعوا في كلام العلماء والفضلاء لما يتحدثون عن صفات الوقار وكيف يكون الرجل عظيما؟ وكيف يتصف حلمي كيف يكتسب الوقار؟ كيف يكون متواضعا؟ كيف الطريق الى الامانة والصدق والاخلاص؟ كل ما يقال في كلام البشر في وصف هذه المعاني العظيمة والاخلاق السامية فانك تقرأها في سيرته عليه الصلاة والسلام واقعا ملموسا وحياة عاشها عليه الصلاة والسلام. ولهذا من درس الاخلاق في سيرته عليه الصلاة والسلام اختصر المسافات والله لانها لا تحكي لك كيف تفعل وكيف تقول. انت لا تتصنع المواقف. في سيرته عليه الصلاة والسلام ترى الاخلاق تمثلت في حياته في اقواله وافعاله. لما تتحول الاخلاق الى سلوك عملي في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام فانها تقرب لك كالمنال تيسر لك الاقتداء. تنظر كيف فعل فتفعل مثله. باختصار هذه الجمل التي ساقها في بيان وقار المصطفى فعليه الصلاة والسلام كان وقارا افاض على الناس من حوله فتحلى به الجلساء. يعني اكسبهم وقارا من وقاره عليه الصلاة والسلام اكسبهم عظمة من ظل عظمته عليه الصلاة والسلام. كانوا يغشون مجلسه فيقومون بحلم. يقومون بادب ينصرفون بوقار وسكينة اكتسبوها من مجالسته عليه الصلاة والسلام. هكذا هي عظمة الانبياء. ليست عظمة قاصرة لست تنظرها صورة مجردة لست ترجع تحكي بها تفاخر تمدح تثني لا انت مع ذلك قل لي تعود وقد اقتبست منها طرفا انت تنصرف من مجلسه وقد افدت منها وقد وجدت في قلبك في جوارحك في سكونك في خشوعك اثرا من مجالسة عظماء هكذا هم الانبياء عليهم صلاة ربي وسلامه. هكذا ايضا من اقتدى بهديهم وسلك سبيلهم. فانه ما زال من العلماء والصالحين واولو الفضل والخير في الامة هم على هذا المنهج السوي. يكتسب الجليس من مجالستهم قدر عظيما من هذه المعاني يصف مجلس النبي عليه الصلاة والسلام قائلا وهو جزء من جمل جاءت متفرقة في حديث هند بن ابي هالة وسيأتي مطولا لاحقا ان شاء الله. كان كثير السكوت لا يتكلم في غير حاجة يعرض عمن تكلم بغير جميل. والاعراض هنا مجانبة للاحراج. بالنقد الصريح او على رؤوس الاشهاد ومع ذلك لا يقر على خطأ او منكر عليه الصلاة والسلام. كان ضحكه تبسما وكلامه فصلا الكلام والفصل الواضح المفصل المفهوم. الذي لا يغيب معناه ولا تلتبس احرفه. ولا يضيع السامع مقصودة من الكلام لا فضول ولا تقصير. لم يكن كلامه زائدا عن الحاجة ولا مقصرا عن ايفاء المعنى وبيان المراد كان وسطا اذا تكلم افهم عليه الصلاة والسلام. واذا خطب اوجز واذا بين افصح واذا تكلم امتع السامع بكلامه صلوات ربي وسلامه عليه. يقول وكان ضحك اصحابه عنده التبسم توقيرا له حتى ما اذا اراد احدهم ان يضحك كان يقتدي به في ضحكه فيقتصر على التبسم ما كانت تسمع قهقهات في مجلسه ولا رفعوا الاصوات لا باللغط ولا بالضحك ولا باي شيء مشين. اما قلت لك ان العظمة النبوية افاضت على جلسائه عليه الصلاة والسلام فاكتسوا بكساء العظمة وهم جلوس بحضرته صلوات ربي وسلامه عليه ما قلت لك قبل قليل لم يكن توقيرهم توقير خوف وهيبة ورعب من جبروت وبطش وشدة كما يحصل للجبابرة اذا ما جلس حولهم الناس اطرقوا وصمتوا وسكتوا وخفضوا رؤوسهم والقلوب ترتعد ترتعش هذا خوف الهيبة. خوف هذا هذا وقار الهيبة والخوف. والذعر. لكن وقار الصحابة كان وقار اجلال وقار محبة كان احدهم اذا جلس في مجلسه اطرق سكت صمت تدري لم؟ يحاول ان يستمتع بكل جوارحه بالنظر اليه عليه الصلاة والسلام بالاستماع الى حديثه بما يجد في مشاعر القلب والفؤاد والرحمة تتنزل والسكينة تغشى المجلس وهو يشعر انه جليس امين وحي الله ورسول الله عليه الصلاة والسلام فينصرف من مجلسه وقد تقلبت روحه في تلك المعاني العظام. قال رحم الله مجلسه مجلس حلم وحياء. ليس منه فقط عليه الصلاة والسلام. بل حتى في مجلسه لا ترى للسفيه في مجلس موضع ولا للوقاحة في في مجلسه عليه الصلاة والسلام لا تجد لها مظهرا هي الهيبة في المجالس التي بها الصحابة في صحبتهم لنبي الامة عليه الصلاة والسلام. مجلس حلم وحياء وخير وامانة. لا ترفع فيه اصوات وقار وهيبة ولا تؤذن فيه الحرم لا تتعدى ولا تنتهك. رعايتها حفظها صيانتها هي سمات مجلس الانبياء اذا تكلم اطرق جلسائه كأنما على رؤوسهم الطير. وهذا مثل تضربه العرب لشدة السكون وعدم الحرج لان الطير لا يقف الا على ساكن. على جدار وخشبة وحجر ونحوه. وادنى حركة اذا كان على طرف غصن يتحرك له الغصن يطير الطائر فلا يثبت الا على ساكن. فاذا قيل في المثل كان على رأسه الطير المقصود به شدة السكون والخشوع. وعدم الحركة كذا كان الصحابة في مجلس نبي الامة عليه الصلاة والسلام. والان ساسألك سؤالا مهما. الصحابة ما جلسوا معه يوما ولا يومين ولم يغشوا مجلسه مرة او مرتين فقط اقصد ان بعضنا حتى اذا حمل نفسه على الاحترام والتعظيم في مجلس بعض العلماء والفضلاء فان هذا الشعور تدريجيا يتلاشى بحكم الالف. فاذا ما استمرأ المجلس مرات وكرات وتردد عليه اياما وشهورا وسنوات شعور الالف والعادة. خصوصا اذا كان التعامل على نحو من التبسط ورفع التكلف. فتجد الاعتياد يحمله على تجاوز بعض تلك المظاهر في الوقار الا ان الصحبة الكرام رغم تواضع وحلم المصطفى عليه الصلاة والسلام. رغم خفض الجناح ولين جانب رغم التبسط والتودد ما كانوا يتجاوزون بالف الاعتياد في مجالسته ما كانوا يتجاوزون حد الوقار والهيبة ما رأيت ولا سمعت ان احدهم تصرف بتصرف طائش في حضرته عليه الصلاة والسلام بحكم العادة وارتفاع بحواجز الكلفة ابدا هذا ان دل فانما يدل على قدر عظيم اولا جعله الله جل جلاله لهذا النبي العظيم صلوات ربي وسلامه عليه ثم يدل ثانيا على ادب كبير تربى عليه الصحب الكرام رضي الله عنهم في معرفة هذا المقام بحق رسول الله عليه الصلاة والسلام. يبقى الذي يتعلق بي وبك الان لسنا ممن شرف بالصحبة لرسول الله عليه الصلاة والسلام. ولم نظفر بادراك هذا الزمن النبوي الممتع الرائع فما حظنا من توقير مجلسه عليه الصلاة والسلام لم نشهد مجلسا يتحدث فيه ولن نجتمع حوله ونتحلق حوله وقد لحق بالرفيق الاعلى. لكن يبقى حظنا من التوقير والاجلال مجالس رسول الله عليه الصلاة والسلام. حيث يذكر حديثه وتروى سنته حيث ينتشر في المجالس والمساجد عبق اسمه الشريف عليه الصلاة والسلام فتتحرك الافواه وتنبض القلوب بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. وحيث شأنه وادبه وتوجيهه وامره ونهيه التعظيم الوقار الاجلال لكل ما ينسب اليه عليه الصلاة والسلام كان السلف لم يزالون وسيمر بك في الكتاب مواضع لذلك وشواهد. كانوا يحترمون مجالس الحديث. ورواية السنة وكتبها لانها تحكي شأن الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام. كان علماؤنا وساداتنا من المحدثين واصحاب الاسناد. اذا ما جلسوا في المجالس لرواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام فكأنما هم صحابة في مجلسه عليه الصلاة والسلام. الادب الوقار سكون الاطراق كأن على رؤوسهم الطير سواء بسواء ما يفعله الصحابة في مجلسه عليه الصلاة والسلام. نعم قال رحمه الله قال رحمه الله تعالى وفي صفاته صلى الله عليه وسلم يخطو تكفؤا ويمشي هونا كأنما ينحط من صبب وفي الحديث الاخر اذا مشى مشى مجتمعا يعرف في مشيه انه غير غرض ولا غير غرض غير غرض ولا وكل اي غير ضجر ولا كسلان. نعم. هذا جانب اخر من وقاره عليه الصلاة والسلام جانب اخر من مروءته المتكاملة الشاملة. الحديث عن صفة مشيه وهل تصدق ان مشية الرجل جزء من شخصيته؟ هل تعلم رعاك الله انه ربما ما عرفك احد ما تكلم اليك كاحد ما جالسك ولا عرف من انت. لكن مشيتك التي تمشيها في الطرقات والشوارع بين المساجد والبيت والسوق انت داخل وانت خارج هي جزء من شخصية المرء التي يعرف بها طرف من وقاره او من خفته من حلمه او سفاهته من عقله ورجحانه او طيشه. كل ذلك في المشية. وقد جاءت الاداب في كتاب الله في الانسان وكيف يكون؟ قال لقمان لابنه واقصد في مشيك. القصد في المشي ولا تمش في الارض مرحا. انك لن تخلق الارض ولن تبلغ الجبال طولا. مشية المرح مشية التبختر والفخر والكبر والخيلاء مشية الضعف والميتة والتهاون مشية الاستخفاف كل تلك انماط تعكس شخصيات اصحابها مشية المصطفى عليه الصلاة والسلام كانت تحكي ايضا نمطا من وقاره وعظيم شأنه عليه الصلاة والسلام. ما تكلم بها ولا قال لاصحابه انما امشي كذا وكذا لكن الصحابة وهم يرقبون شأنه الاكمل عليه الصلاة والسلام. وسائر مناحي لفت نظرهم صفة مشيته فنقلوها. ورووها لنا رضي الله عنهم فكان فيما رووا وما حفظوا وما نقلوا هذا الكمال قال حتى في المشية كان يخطو تكفؤا ويمشي هونا كأنما ينحط من صبب. وفي رواية اذا مشى مشى مجتمعا. يعرف في مشيته انه غير غرض ولا وكل. يخطو تكفؤا كانما ينحط من صبر مشية التكفؤ ارتفاع القدم باكملها. فلن يكن يسحب رجليه سحبا في الطرقات اذا مشى. وخطواته لم تكن تنساب فيها ساقه عليه الصلاة والسلام بل مشية الحزم والعزم يرفع القدم يرفعها هذا التكافؤ كانما يقلعها ثم يضع خطوة وتنتقل الاخرى. قال يمشي الهون. يعني لم يكن يستعجل. لم يكن يسرع لم يكن يجري. بل ما عرف في حياته كلها عليه الصلاة والسلام انه اذا مشى يجري بغرض الاسراع واللحاب والادراك. لان الوقار يأبى ذلك النمط في المشية. ولو كان مستعجلا قال كانما ينحط من صبب الصبب المكان المرتفع. ارأيت اذا نزلت من جبل وكنت متجه الى اسفله فانك مهما اجمعت نفسك واردت التباطؤ في المشية الا ان الانحدار يحملك على الاسراع وانت تمسك نفسك. كانت مشيته عليه الصلاة والسلام على الارض المستوية كانما ينحط من صبب. يعني مع الهون في مشيته الا انها سريعة يخطو بها عليه الصلاة والسلام كما جاء في حديث انس انا لنجهد انفسنا وانه لغير مكترث. يحاولون اللحاق به يجهدون انفسهم. يسرعون في مشيتهم. قال وانه لغير مكترث. ما يجتهد كما يجتهدون لكن الله اتاه تقارب الخطى والاسراع في المشي على غير قصد منه في الاسراع ولا العجلة ولا الجري صلوات الله وسلامه عليه. في الحديث الاخر قال اذا مشى مشى مجتمعا الاجتماع في المشية التوجه ببدنه باكمله. فلم يكن يمشي ملتفتا لتكون قدمه في اتجاه ورأسه في اتجاه ينفي بذلك الالتفات الكثير اثناء المشي الذي يدل ان كثر من صاحبه لحاجة ولغير حاجة يدل على ما فها انتم تعرفون وكلنا يجد ذلك الماشي اذا تلفت كثيرا في مشيته لحاجة ولغير حاجة دلت على خفة في العقل وعلى تشتت في الذهن وبدء لمتابعة وملاحظة كل ما يستحق وما لا يستحق وذو الوقار يبدو الوقار عليه في مشيته تراه حتى اذا غشي المجامع وما يشد الانتباه وما يعزم على صاحبه بالالتفات اليه فانه انما يلتفت لغرض وقصد وحاجة. هذا ليس تصنعا بل جعله الله عز وجل فيه صلى الله عليه وسلم سجية بل يا رجل لقد تجاوز حدود الارض الى السماء. فصعد في الملكوت الاعلى وهناك ما تهول له الابصار وتنخلع له القلوب وتندهش له الافئدة. عالم لا كعالم الارض ملكوت مختلف علوي سماوي. هناك يقول الله ما زاغ البصر وما طغى. لقد رأى من ايات ربه الكبرى. اذا كان في الملكوت الاعلى هذا شأنه عليه الصلاة والسلام. واذا كان فوق السبع السماوات هذا شأنه عليه الصلاة والسلام فمن باب اولى لما كان ها هنا على الارض بشرا كسائر البشر يعيش حياتهم فان اجتماع الوقار ايضا في مشيته اذا مشى مشى مجتمعا قال يعرف في مشيته انه غير غرض ولا وكل. غير وغرض معناه غير ضجر ولا كسلان ولا متماوت. وهذه مشية تدل على على انهيار العزائم على ضعف الهمم. مشية الموت مشية الفتور مشية انحطاط الهمم وقال ولا وكل ايضا ليس بالذي يوصف بالجبن ولا بالبلادة ولا بالذي يكل امره الى غيره حتى اعتاد على على الاخرين. فاذا كانت الهمة التي تقرأ في مشيته عليه الصلاة والسلام. كانت العزيمة التي يقرأ اصحابها يقرأ اصحابها صوتها في وقع خطاه عليه الصلاة والسلام. لقد كان عظيما حتى في مشيته عليه الصلاة والسلام وهذا كمال العظمة التي جعلها الله لمقامه صلوات ربي وسلامه عليه قال رحمه الله وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ان احسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه وارضاه وهي جملة مانعة جامعة. وعبارة وافية كافية. احسن الهدي هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام. ما معنى الهدي ما معنى الهدي الطريقة اي طريقة طريقة الحياة في اي باب في الحياة في كل ابوابها في السوق في البيع والشراء في البيت معاملة الزوجة وتربية الاولاد في الخارج العلاقة بالجيران وصلة الارحام في المسجد والعبادة مع الله في الخلوة وما يعتني به الانسان بصيانة نفسه في امر الباطن وقلب احدنا وعلاقته بربه احسن الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نحول هذه الجملة يا احبة الى واقع في حياتنا؟ انا اخبرك اي طريق تتجه اليه في الحياة تريد ان تظفر فيه باعلى المراتب في وظيفتك في البحث عن عمل في اكتساب سمعة حسنة في المجتمع في اثبات كفاءتك في وظيفتك في حيازة اعلى مناصب التفوق والرقي في دراستك في وظيفتك في ابتعاثك في كل شأن من شؤون الحياة باختصار هذه جملة تلملم لك اطراف الحياة. احسن الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبقى الشأن كله بعد اقرار هذه الجملة العظيمة ان تنطلق في مسارب الحياة تبحث في كل طريق كيف كان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يعجزك ان تقف على باب من ابواب الحياة لا تجد فيه هديا لرسول الله عليه الصلاة والسلام؟ فتعود حزينا فتعود عاجزا فتعود حائرا؟ لا والله ما احوجنا الله بعد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ان نتسول شيئا من الهدي وعظمة الحياة عند غيره عليه الصلاة والسلام. والله لسنا بحاجة لقد اغنانا الله بهدي رسول الله عليه الصلاة والسلام. قولوا لكل من يبحث عن التميز عن النجاح عن الابداع. عن ان يظفر بمتعة الحياة في اعلى درجاتها واوج مناصبها احسن الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. اياك ان في زاوية ظيقة اياك ان تظن ان المراد بها جانب العبادة. لا. لقد بعثه الله بشرا رسولا. كان له زوجة واولاد وله اصدقاء واعداء. عاش سلما وحربا. تعامل مع اليهودي ومع المنافق ومع النصراني ومع المسلم. تعامل مع المخطئ وصاحب الكبيرة وتعامل مع النبي والصديق والفاروق وكبار الصحابة تعامل مع كل الاصناف. ومرت به كل طروف الحياة حزن وفرح. ضحك وبكى انزعج وسر كل ذلك مر به وابتلي وبكى وتأثر. كل ذلك مر به صدقني لن يمر بك ظرف كن في الحياة الا وانت واجد فيه في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصلح لك ان تقتدي به فيه اي والله ولذلك جاء القانون الكبير في كتاب الله لقد كان لكم في رسول الله ما حد جانبا دون جانب. في رسول الله اسوة حسنة وانت باحث عنها فتجد لا محالة والله. انما القصور عندي وعندك اذا ما اعرظنا عن هذا الباب. اذا ما انشغلنا بغيره اذا ما ابهرنا بعض الاشياء المعاصرة بدأنا نبحث هنا وهناك كيف تدع القلق؟ كيف تعالج مشاكل الحياة كيف تكون ناجحة في علاقاتك؟ كيف تكون متميزا؟ كيف تكون مشهورا؟ كيف تصنع ثروتك؟ وبدأنا نقرأ تجارب الاخرين وقراءة كتبهم لسنا نمنع ذلك والحكمة ضالة المؤمن. لكن ليبقى شعارك ها احسنوا الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. نعم قال رحمه الله وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما انه قال كان في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ترتيلا او ترسيل كان كلامه عليه الصلاة والسلام كما اخرج ابو داوود وفي سنده ضعف كان في كلامه عليه الصلاة والسلام ترتيل او ترسيل ما قصد الترتيل ما قصد بالترتيل ترتيل التلاوة في القرآن والتغني والترنم لا قصد التأني وقصد التباطؤ وقصد الترسل في الكلام الى درجة يفهم معه السامع كلماته عليه الصلاة والسلام كان في كلامه ترسيل يعني تباطؤ وتؤدة للافهام. كان اذا تكلم اعاد الكلام ثلاثا. كان اذا اتكلم فهم عنه ما يقول. وسيأتيك حديث عائشة كان يحدث حديثا لو عده العاد احصاه يعني لو اردت ان تحصي في جلسته وكلمته كم كلمة نطق لاستطعت ان تعد من اي شيء من وضوح الكلام من بطئه من تفصيله وتستطيع ان تعد الكلمات. اذا ما كان اسراعا ولا هذرمة لم يكن ادخالا كلام بعضه في بعض لم يكن ايضا شيء من الاعجاب وعدم البيان لما يقول يفهمه القريب والبعيد وشدة وضوح تساعد على فهم مقصود كلامه عليه الصلاة والسلام فكان اية اذا تكلم اية اذا سكت كان عليه الصلاة والسلام موضع حب الصحابة ومن جاء بعدهم واجلالهم وتوقيرهم في كل شأنه صلوات الله وسلامه عليه قال رحمه الله قال ابن ابي هالة كان سكوته على اربع عن الحلم والحذر والتقدير والتفكر هذا ايضا جزء من حديث ابن ابي هالة الاتي قريبا ان شاء الله وفي جزء من روايته قال كان سكوته عليه الصلاة والسلام على اربع يعني على اربعة انحاء اذا سكت عليه الصلاة والسلام فان محمل سكوته واحد من اربعة اشياء. على حلم وحذر وتقدير وتفكر هذه محاولة لتفسير سكوته عليه الصلاة والسلام في مجلسه اذا سكت مع اصحابه. وانها تكون محتملة على واحدة من اربع تقديرات الاول الحلم فان الحلم يحمل صاحبه على السكوت والتؤدة. فحتى اذا شهد من المواقف ما يستدعي ردة الفعل. لكن الحلم يحمله على التأني والسكوت فهذا واحد. والثاني الحذر فان الحذر كثيرا ما يكون ساكتا لان استدعاء ونشاط العقل عنده لا يزال يفكر في ترتيب فعل اكثر من الكلام. ومن كثر كلامه ضعف تركيزه واصحاب العقول المتميزة والعباقرة كما يقولون من اكثر الناس صمتا واقلهم كلاما. فتجد ان ما يشغل ذهنهم وافكارهم وعقولهم هي تدبيرات وتفكيرات فيما يحتاجون اليه. قال والتقدير وهو تابع لما قبل. ان يقدر الكلام كيف يكون وماذا يقول؟ ومتى يقول؟ وعن اي شيء يتكلم؟ تقدير الكلام يستدعي صمتا. يستدعي استجماعا للفكرة. ترتيبا بخلاف من يسبق لسانه عقله. فانه يتكلم قبل ان يزن الكلام. ويرمي بالعبارة قبل ان يحسب حسابها قولوا الكلمة ولا يدري ما الذي سيحصل. يريد ان يضحك ويضحك. فاذا به يسيء لاخرين. فاذا به يكون سببا في مشكلة. فاذا به يفجر والسبب كلمة صاحبها ما قدرها وكلما كان المرء يجعل لسانه خلف عقله فانه يقود نفسه الى المهالك. وبالعكس اذا جعل القلب سابقا والعقل ثم كان اللسان تابعا كان ادعى الى تقدير الكلام واتيان ما يحسن اتيانه وترك ما يحذر من الكلام به واما الرابعة فالتفكر وكان هذا كثيرا في شأنه عليه الصلاة والسلام. اما تفكر في خلق الله واما تفكر في الاء الله ونعمه واما تفكر في عظيم الامانة التي شغلت قلبه وفؤاده عليه الصلاة والسلام هذا هم كبير وهذه امانة عظمى فتستحوذ عليه الوقت في التفكير كيف يؤدي رسالة الله ويبلغ امانته والى العالمين. قالت عائشة في تتمة وصف الكلام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث حديثا لو عده العاد احصاه يعني من التؤدة من عدم العجلة. ثم هو من الافصاح والبيان. اذا تكلم استطعت ان تفهم ما يقول. واحصيت الكلام ولو قيل لك قال رحمه الله تعالى وكان صلى الله عليه وسلم يحب الطيب والرائحة الحسنة ويستعملها ويحض عليهما ويقول حبب الي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة. نعم وقد تقدم هذا مفصلا وهو جزء من المروءة وحسن الهدي جمال المظهر حسن الهيئة جمال الرائحة وقد تقدم بكم ان طيبه عليه الصلاة والسلام طيبان طيب في ذاته وبدنه وعرقه عليه الصلاة والسلام وطيب يستعمله فيزداد طيبا على طيب صلوات ربي وسلامه عليه قال رحمه الله ومن مروءته صلى الله عليه وسلم نهيه عن النفخ في الطعام والشراب والامر بالاكل مما يلي و الامر بالسواك وانقاء البراجم والرواجب واستعمال خصال الفطرة. نعم. ختم المصنف رحمه الله بهذا الجانب من المروءات وهو العناية بالنظافة وصفة الطعام والشراب. نهى عن النفخ في الطعام والشراب عليه الصلاة والسلام والحديث نهى عن النفخ في الشراب. وذلك مما لا يسوغ. واثبت الطب اليوم ان ذلك مما يسوء به الطعام ويفسد الشراب امر بالاكل مما يلي ان يأكل الاكل من امامه ولا تعبث يده في السفرة والا يأكل من امام الاخرين. قائلا لعمر ابن ابي في سلمة وكل مما يليك. امره بالسواك وهو جزء من المروءة تنظيم الفم. وتنظيف السن واخراج الرائحة الطيبة وازالة ما تكره انقاء البراجم والرواجب. والمقصود بها العقد التي في ظهر الاصابع. هذه البراجم والتثني داخل الاصابع من داخلها يسمى الرواجب الوضوء وغسلها وجاء في حديث خصال الفطرة كما قال المصنف قص الشارب واعفاء اللحية سواك واستنشاق الماء وقص الاظافر وغسل البراجم ونتف الابط وحلق العانة وانتقاص الماء. وقال في العاشرة ان تكون المضمضة هذه جزء من خصال الفطرة حث عليها الاسلام. وجه اليها المصطفى عليه الصلاة والسلام وهي من كمال المروءات. احبتي الكرام انقضى الفصل وحديثنا متتابع في ليالي الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى فاستكثروا من الصلاة والسلام على من علمنا الله به المروءة وحسن الخلق وجمال الهدي ومما يزيد القلب انسا وبهجة. صلاتي وتسليمي على خير مرسلي. فصل يا الهي على الذي جرى حبه في كل عرق ومفصل. استكثروا من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ليلتكم هذه. وعطروا وبها افواهكم واثقلوا بها موازينكم وزينوا بها صحائف اعمالكم ويوم الجمعة غدا تتقلبون في وافر الرحمات بقدر ما تستكثرون من الصلاة والسلام على خير البريات صلى الله عليه واله وسلم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الهي فرج الهم عن المهمومين ونفس الكرب عن المكروبين. واجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا من كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. سبحانك ربنا وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك