بسم الله الرحمن الرحيم احبتنا المستمعين الكرام يطيب للادارة العامة للتوجيه والارشاد بالمسجد الحرام ان تقدم لكم بسم الله الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. كما يحب ربنا ويرضى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى. واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله. صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد. فمن سديد كلام الامام ابن ابن القيم رحمه الله تعالى ان قال سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي صلى الله عليه واله وسلم فيجب على كل من نصح نفسه واحب نجاته وسعادته ان يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهل به. ويدخل به في عداد اتباعه وشيعته وحزبه والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم. والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم انتهى كلامه رحمه الله احبتي الكرام الليلة ليلة الجمعة. والمجلس مجلس مدارسة حقوق النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام. طريق ما زلنا نخطو فيه خطوات نتعلم نتعلم معرفة القدر العظيم لشأنه العظيم عليه الصلاة والسلام نسير بها نحو حب اكمل ووفاء اصدق وايمان اتم برسول الهدى عليه الصلاة والسلام تحقيق المحبة الوافية يا كرام لرسول الله عليه الصلاة والسلام. وتحقيق الايمان الكامل وتحقيق الوفاء التام انما يقوم على اساس عظيم من معرفة صادقة بحق قدره العظيم عليه الصلاة والسلام وهذه المجالس التي ما زلنا نعقدها كل ليلة من ليالي الجمعة. ونحن نتدارس ما صنفه الامام القاظي عياظ رحمه الله على في سفره البديع الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم هي محاولة حثيثة لتأسيس هذا الباب في قلوب المسلمين ومحاولة ايضا لارساء الحب العظيم والوفاء الاكمل لنبي الامة عليه الصلاة والسلام سلام. ما زلنا في الباب الثاني الذي تتتابع فصوله كعقد منتظم فيه جوانب مشرقة بديعة رائعة من هدي المصطفى من خلقه العظيم عليه الصلاة والسلام. مما كمل الله به شأنه ورفع قدره. واعلى منزلته في نبينا عليه الصلاة والسلام تربع على عرش المكارم وتحلى بجميل الصفات وما زالت سيرته واخباره نبراسا للامة ان تحذو حذوه. وان تستكمل بهديه عليه الصلاة والسلام. ولكم قلنا مرارا ان عظمة تتجلى في حياته عليه الصلاة والسلام. وسالك طريق العظماء يقتبس من عظمتهم بقدر ما يكتب له الاقتداء والاهتداء بسيرة النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام. اتاه الله عظمة الاخلاق. فكان عظيما في رحمته في صدقه وامانته كان عظيما في وفائه وحلمه. كان عظيما في بذله وعطائه في تواضعه وعدله وانصافه وجوده وسائر بابواب الاخلاق التي قال الله عنها وانك لعلى خلق عظيم. الفصل الذي نتدارسه الليلة يا كرام في زهد النبي عليه الصلاة والسلام. واعراضه عن الدنيا وتقلله من نعيمها وملذاتها. والاقبال بالكلية على ربه والدار الاخرة. واما دنياه فما عمرها الا بما كلفه الله تعالى به. ولا شغل حياته الا مهمتي التي انيطت به عليه الصلاة والسلام. كان الوحي وكانت الرسالة وكانت النبوة وكان الدين والقرآن هو الهم الاعظم الذي استولى على قول النبي على قلب النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام. كان هما عاش عليه ليلا فاتبعه بنهاره عليه الصلاة والسلام. كان هما عظيما عليه يصحو وعليه ينام. فلا والله ما وجد الدنيا في قلبه مثقال ذرة ولا حظيت الدنيا في قلبه العظيم على سعته عليه الصلاة والسلام ما وجدت الدنيا لها في قلب عليه الصلاة والسلام موضع شبر بل ولا اصبع ولا ظفر. ما كانت الدنيا لتسوى عنده شيئا. والله عز وجل قد صرفه عنها وهو يقول له ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وابقى. فعاش لاخراه عليه الصلاة والسلام. وجعل دنياه جسرا الى ذلك المقام العظيم. اتاه الله رفعة القدر فما كانت الدنيا لبنة في ذلك القدر العظيم. وما اراد الله لنبيه عليه الصلاة والسلام ان يجعل في رفعة شأن شيئا من حظوظ الدنيا فانظر كيف كمل الله له العظمة ولم يجعل للدنيا فيها حظا ولا مثقال شعرة لئلا تفهم ان الدنيا يمكن ان توصل عبدا الى عظمة الحياة. ولا الى علو المكارم. انما تؤتى من غير ابواب الدنيا اطلاقا. عاش عليه الصلاة والسلام في فقر في زهد في تقلل وتقشف في جوع واقتار. لكنه كان اعظم العظماء وما عليه الصلاة والسلام نتعلم في هذا الفصل يا كرام كيف يمكن ان يحقق المرء مجدا من غير طرق الحياة؟ كيف يمكن ان يكون عظيما ان يتربع على عرش السيادة بين بني قومه وفي امته وبين ملته من غير ان يؤتى هذا بمنصب ولا تجاه ولا باموال ولا بثراء كل ذلك مجد زائف والمجد الحقيقي هو درب الانبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام هدي النبي عليه الصلاة والسلام اكمل الهدي. وحياته اعظم حياة انسان. وسيرته اجملها واعطرها واطيبها على الاطلاق يا رجل نحن نستمتع بسيرته ونحن نقرأها. نستلذ بخبره ونحن نسمعه. بالله كيف لو تحول هذا الذي تستمتع بقراءته وسماعه كيف لو تحول الى حياة تعيشها؟ الى نمط تسلك به انت في درب الحياة. حدثني عن متعة لا توصف عندما تجد لذتها وانت تقرأ خبرها. فكيف بك وانت تعيشها؟ الموفق يا كرام من جعل من هدي النبي عليه الصلاة والسلام نمطا لحياته يسير عليها. ومن جعلها مرآة ينظر على الدوام اليها. ثم ابصر في حياته في كل يستطيع ان يجعل له من حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام منهاجا وقدوة واسوة ودليلا فعل ذاك الموفق وكلما استكثر المرء في حياته من تلك المواضع التي يزرعها يقتدي فيها بنبي الامة عليه الصلاة والسلام وجدته اكثر العباد توفيقا واعظمهم بركة واوفرهم سعادة في حياته. هو درب لا يخطئه العقلاء. ونحن ما زلنا نتلمس في هذه المجالس وتكون ليلة الجمعة حافلة بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم ونحن نقرأ شأنه العظيم ونتصفح اخباره البديعة ونكثر من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في زهده صلى الله عليه وسلم في الدنيا واما زهده في الدنيا فقد تقدم من الاخبار اثناء هذه السيرة ما يكفي وحسبك من تقلله منها واعراضه عن زهرتها وقد سيقت اليه بحذافيرها وترادفت عليه فتوحها الى ان توفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في نفقة عياله. وهو يدعو ويقول اللهم اجعل رزق ال محمد قوتا عليه الصلاة والسلام. اللهم اجعل رزق ال محمد قوتا. القوت ادنى ما يكتفى به من الطعام لاقامة الصلب ومواصلة العيش في الحياة. يقول اللهم اجعل رزق ال محمد قوتا. يعني ما يكفي سد الرمق لا اكثر لاحظ هو ليس ليس يحاول ان يألف حياة وجدها امامه لا هو ادعوا الله اياها ويسأله ان يعيشها. شتان يا احبة بين من وجد نفسه في الحياة قليل الحظ منه فقيرا معدما يعيش تقشفا وتقللا فحاول ان يألف هذه الحياة وان يوطن نفسه عليها شتان بين هذا وبين من يسأل الله ان يصرف عنه الحياة بمتاعها الزائف وغرورها المنصرف. ثم يسأل الله ان يجعل رزقه قوتا ويكتفي به عليه الصلاة والسلام. والحديث هذا اخرجه الشيخان واللفظ لمسلم. يقول مات عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهودي. يا احبة دوما ما يتبادر الى الذهن عندما نقرأ زهد النبي عليه الصلاة والسلام وقلة طعامه وشرابه. وسائر ما توصف به الحياة النبوية من تقلل واعراض عن دنيا يتبادر الى الذهن انها حياة فقر عاشها عليه الصلاة والسلام. وهو كذلك لكنه كما قلت لك اياك ان تفهم انه ما وجد امامه الى الفقر فوطن نفسه عليه ابدا وسع له في الحياة عندما يكون الحديث يا احبة عن التقلل من الدنيا يكون الحديث عن زهد النبي عليه الصلاة والسلام اما انه لو اراد ان توسع له الدنيا وتفتح له ابوابها لسأل الله. ولو سأل الله لاعطاه ثم انه عليه الصلاة والسلام قد مرت به في اخريات ايامه بالمدينة. لما فتحت الفتوح ودخل الناس في الاسلام اجتمعت الاموال وسيقت له المغانم واتي بالكنوز والثروات بين يديه عليه الصلاة والسلام فتحت مكة ثم جيء له من موسيقى من النعم وكان يصرفه بالمئات عليه الصلاة والسلام. ويعطي هنا ويعطي هناك. هذه حياة اغنياء لكن انه وطن نفسه على حياة الفقر والتقلل عليه الصلاة والسلام. عاش عيشة الفقراء ورضيها لنفسه خير بين ان يكون ان يكون نبيا ملكا او يكون نبيا عبدا. فاختار ان يكون نبيا عبدا عليه الصلاة والسلام. ثم اعطى لامته رسالة ان التعاظم في الحياة وان الاستكثار من متاعها وملذاتها وان التوسع في زهرتها ليست ديارا قط عند الله على كرامة العبد عند الله هل كل من رأيت في حياته متسعا وثراء ومالا وعطاء ظننت انه لكرامة قدره عند الله وسع له في الحياة ابدا والله ولو كان كذلك امتع الناس في حياته سيد البشر عليه الصلاة والسلام. رفيع القدر عند رب عليه الصلاة والسلام الحظي الكريم الحفي به ربه عليه الصلاة والسلام لكنها ما كانت كذلك. لندرك ان سعة الحياة وضيقها ليست معيرا قط على كرامة المرء عند ربه. ولا على رضاه عنه اطلاقا. رضا الله عن عبده يجده العبد في حياته ليس في الدنيا ولا في الاموال ولا في المتاع ولا في السعة في العيش بل يجده حياة طيبة وسعادة قلب وراحة بال وطمأنينة نفس كما اخبرت النصوص الشرعية. عندما يكون الحديث عن الزهد هذا نبينا عليه الصلاة والسلام. والحديث عن اخريات حياته والاموال قد اجتمعت. والفتوح قد فتحت. وهذه الكنوز قد جلبت وتلك الزكوات ايضا قد اوتيت والمغانم قد جمعت بين يديه. فتعجب انه تدركه الوفاة رغم سعة العيش في اخرياتها حياته والفقر قد بلغ به مبلغه الى ان يموت ودرعه مرهونة عند يهودي. في ماذا؟ في قوت عياله في طعامه واهل بيته في اللازم لعيشهم. في اللقمة التي يسد بها الجوع هو واهل بيته عليه الصلاة والسلام. ما والله يا احبة الى ان نعيد من جديد فتح اعيننا على الحياة لنفهم ما هي وما محل احدنا فيها وما قدر بقائنا فيها والى اي حد يصلح بالواحد منا ان يجتمع هم قلبه على مثل هذه الحياة. اما ان ارزاق مقسومة قسمها الله كما قسم الاجال والاعمار. نحسن الحديث دوما عن محدود الاعمار. وعن عمر احد لا يزيد ساعة ولا ينقص عما كتب الله. ونحسن الحديث ايضا ان الارزاق مقسومة. وان الله عز وجل قدر لكل عبد رزقه ولقمته ومعاشه في الحياة. لكننا نخطئ كثيرا في عيشنا لهذا المعنى في الحياة. فنجد احدنا تتوه به الدنيا وينشغل بها كثيرا غافلا عن ان سعيه هذا لن يزيده على ما كتبه الله عز وجل فوق رزقه مثقال حبة ولن يزيدك ذلك. هذا باب سنقف فيه على معالم من هدي النبي عليه الصلاة والسلام. ان عن الحياء ويسأل ربه الكفاف وان يكون رزقه ورزق ال بيته قوتا يقتات به. ما بحث عن الادخار ولا بحث عن تكوين الارصدة ولا الاستثمار علمنا كيف نعيش الحياة ها هنا نؤكد في مطلع الحديث ليس هذا دعوة الى تحريم المباح ولا تضيق المتسع من رزق الله ابدا ولا لا يقول بهذا قائل لكنا نحاول ان نجعل لهذا المعنى وزنه اللائق به في قلوب العباد. وما الذي ينبغي ان انشغل به العقول والافكار والالباب تجاه قضية عاشها النبي عليه الصلاة والسلام على نحو نحتاج من جديد ان ننظر والى الحياة من خلاله ثم نقيس مقام احدنا فيها بميزان الهدي النبوي. نعم قال القاضي عياض حدثنا سفيان بن العاصي والحسين بن محمد الحافظ والقاضي ابو عبدالله التميمي كلهم قالوا حدثنا ابو وحدثنا احمد بن عمر قال حدثنا ابو العباس الرازي قال حدثنا ابو ابو احمد الجنودي قال حدثنا ابن سفيان قال حدثنا ابو الحسين مسلم ابن الحجاج. هذا الامام مسلم رحمه الله صاحب الصحيح. والمصنف يسوق الحديث باسناده اليه والحديث عند مسلم قالوا قال حدثنا ابو بكر ابن ابي شيبة قال حدثنا ابو معاوية عن الاعمش عن ابراهيم عن الاسود عن عائشة رضي الله عنها قالت ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة ايام تباعا من خبز بر حتى مضى لسبيله. وفي رواية اخرى من خبز شعير يومين متواليين ولو شاء لاعطاه الله ما لا يخطر ببال. وفي رواية اخرى ما شبع ال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز بر حتى لقي الله تعالى. وقالت عائشة رضي الله عنها ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا. وفي حديث عمرو بن الحارث قال لا تراك الا سلاحه وبغلته وارضا جعلها صدقة صلى الله عليه وسلم قالت عائشة رضي الله عنها ولقد مات وما في بيته شيء يأكله ذو كبد الا شطر شعير في رف لي هذه يا كرام حياة نبي الامة عليه الصلاة والسلام. تقول عائشة فيما سمعتم من الروايات ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة ايام تباعا من خبز بر حتى مضى لسبيله وتقول في رواية اخرى ما شبع ال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز بر حتى لقي الله قولوا لكل من ضاقت به الحياة لقد ضاقت قبلك بسيد البشر صلى الله عليه وسلم فما ضاق صدره للحياة التي ضاقت به ولا اهتم فؤاده للحياة التي انزوت عنه. كانت الدنيا والله اقل من ان ينشغل لاجلها او يحزن لفواتها عليه الصلاة والسلام يا قوم عن اي فقر نتحدث؟ عن ايام متتابعة لا يشبع فيها نبينا عليه الصلاة والسلام. ليس من لذيذ وفاخر الطعام بل من خبز الشعير. اليابس الجاف الذي لا يستوي للمرء ان يأكله من غير ان يلينه بشيء يموت عليه الصلاة والسلام تقول عائشة وما في بيتي شيء يأكله ذو كبد الا شطر شعير في رف لي يترك احب اهله اليه وليس عندها في حجرتها الا شطر رغيف من شعير. قد وضعته في الرف ترفعه عن الارض قولوا لكل من انشغل فؤاده وقلبه وجعل همه في رزقه يقل ويكثر والمال يغدو ويروح. ما بال احدنا اصبح ينزعج ويضيق صدره ليس الانصراف الدنيا بل لو تأخر الطعام عنه اصبحنا نتقلب في الوان من النعيم. فاذا تأخر الطعام انظر الى حال بعضنا اذا صار. ويصوم تعبدا لله لكنه اذا احس بحرقة الجوع والعطش ظاقت اخلاقه وانزعجت نفسه فاصبح لا يحتمل جدالا ولا كلاما ولا معاملة مع احد ويضيق بعضنا اذا تأخرت وجبة غداءه ثم جاع او تأخر عما كان يريد اين نذهب يا احبة بمثل هذه تصرفات والمواقف في الحياة وبين يدينا حياة اكرم الخلق على الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يقيم الدنيا مثقال ذرة من اهتمام او يعيرها شيئا من انشغال البال. هو كما قلت لك كان يعطي الحياة قدرها اللائق بها عليه الصلاة والسلام هي عبد الله لقمة وشربة ولباس جسد يستوي فيه الغني والفقير والله لن يأكل الغني في اكثر من حجم معدته ولن يلبس باكثر مما يغطي جسده. ولن يشرب باكثر ما يرتوي به. فما زاد الغني في غناه عن الفقير الا شيئا اسودا مدخرا مجتمعا يتثاقل ويجتمع حتى يثقل على قلبه فتحل ثقيلة الدنيا في قلبه. واما حظه من الطعام والشراب واللباس في القدر الذي يستهلك ويستعمل هو القدر الذي يستوي فيه معه الفقير يأكل في معدة واحدة ويشرب بفم واحد. وليس يغطي من اللباس الا جسدا واحدا. فاين تذهب سعة الحياة وجه الاستمتاع بها الا الادخار الا الركون اليها فاذا كثرت اضرت واذا اجتمعت على العبد شغلت قلبه وباله يدخل في صلاة وماله في دنياه. ينصرف الى العبادة وباله في دنياه. لست احرم ما اباح الله. لكنها دعوة الى اقتصاد والاتزان في التعامل مع قضية جعلها الله عز وجل بيده سبحانه وتكفل لخلقه برزقهم وما على ارزاقهم اليهم يحصلونها لا بجدهم ولا بكدهم ولا بعرق جباههم. هي اسباب تبذل نعم لكنها في النهاية محسومة مقسومة عند الرزاق سبحانه وتعالى. واحدنا اذ يسعى فانما كالذي يمد يديه ليأخذ ما كتب له وما ووضع له في قسمته واما ما دون ذلك فليس ينال العبد بسعيه ولا باجتهاده شيء فوق ما كتب الله له. تقول عائشة رضي الله عنها ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة ايام تباعا من خبز بر حتى مضى ان شبع يوما ما شبع اليوم الثاني. واذا شبع يومين فلا تظن ان الثالث متحقق ابحث عبد الله عما يحتويه مطبخك وقدور بيتك. وما الذي تجده في طعامك وشرابك؟ اي فقر نتحدث عنه ثم لا يزال احدنا مهموم البال ضيقا خاطر منزعج النفس ان ماله قد اصابه شيء وان رزقه قد نقص منه شيء وان ان وظيفته وعمله وكسب معاشه لم يكن كالمعتاد. كل ذلك امر يسعى له العبد. نعم لسنا ننكر اننا بشر نفرح بالدنيا اذا اقبلت ونحزن عنها اذا ادبرت ويتسع فرحة احدنا باتساع المال في يديه هي فطرة زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام عام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا. هذا غير مستنكر. انما الذي نتحدث عنه ان تتحول هذه الفطرة الى اعي هم للقلب والى انصراف الذهن اليه والى استحواذ حياة العبد على هذه القضايا فاليها ينصرف ثم يكون ذلك على حساب دينه وحق ربه عليه. فيقصر في عبادته. او يتوانى عنها من اجل كسب عاش ربما ترك الواجب واستهان بالحرام وتهاون في الفرائض وقصر في الواجبات لم؟ سعيا فيما يزعم في الانشغال بتحصيل المعاش وتكثير المال وكسب الرزق الذي قد جعله الله عز وجل بيده سبحانه فنعرض عن الرزاق ونزعم اننا نستكثر الرزق من باب غيره سبحانه وتعالى. ليس مسلم يقول ذلك لكنه في التصرف قد يقع في مثل ذلك. ومن هنا قلت هي دعوة الى ان نفتح الاعين من جديد على الحياة بمنظار الهدي النبوي وكيف عاشه عليه الصلاة والسلام. في رواية تقول عائشة ما شبع من خبز شعير يومي من خبز اليومين متواليين وتقول ما ترك دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا. وفي حديث عمرو بن الحارث عند البخاري اترك الا سلاحه وبغلته وارضا جعلها صدقة. هذا هو غاية ميراث اعظم البشر قدرا عند الله الله ويتحدث الناس اليوم عن عظماء الحياة وفيما يترك احدهم من مواريث تعجز الارقام عن القراءة وتعجز التركة عن الحصر وتعجز الارصدة ايضا عن التوزيع بين الورثة من ضخامتها وكثرتها وما بلغت في تعدادها تلك هي مقياس العظمة الزائفة عند عظماء البشر. لما تتحدث عن عظمة عظمة تجدها في ارصدة ضخمة واموال وهذا اعظم العظماء عليه الصلاة والسلام يموت وليس يترك لاهل بيته شيئا يترك السلاح وبغلة وارضا جعلها صدقة فما ترك لهم شيئا عليه الصلاة والسلام وهو الذي لو اراد لجعلت له الدنيا بين يديه صلوات ربي وسلامه عليه ولو اراد الله لانزل له مع كل اية توحى اليه درهما او دينارا فيعيش عليه الصلاة والسلام في سعة وعيش طيب وفي رغد من الطعام والشراب والسعة يخرج عليه الصلاة والسلام فيلقى اصحابه ابا بكر وعمر خير ثلاثة على وجه الارض انذاك يخرجون فيجتمعون اخرجهم من بيوتهم ثلاثتهم جوع لا يجدون في بيوتهم شيئا يأكلونه. صلى الله عليه وسلم رضي الله عن صاحبيه فيستضيفهم ابو التيهان من الانصار رضي الله عنه وارضاه. هذه حياة ما كانت عابرة عاشوا فيها فقرا ليوم او يومين عاشوا حياتهم حتى انقضت على هذا النحو. ومرة اخرى ساقول لك اياك ان تظن انها عيشة فقر وجدوا انفسهم يعيشون فوطنوا احوالهم عليها. هذا نبينا عليه الصلاة والسلام وقد سمعت شأنه. وهذا ابو بكر رضي الله عنه لتولى الخلافة بعده فيكون الامر الناهي على بيت المال وخزانة المسلمين. فما استأثر لنفسه منها بشيء. وهذا امير المؤمنين عمر رضي الله عنه الفتوح وتجبى له الكنوز اتت بين يديه كنوز كسرى مصداقا لوعد النبي عليه الصلاة والسلام. ثم حكم في الامة واستخلف رضي الله عنه نحوا من عشر سنين. فما الذي تغير في في حياة الخليفة عمر؟ وما الذي تبدل به الحال؟ هل وجدته في اخر حياته يعيش على السندس والاستبرق. ويرفل في اثواب الحرير ويستمتع في الاموال التي تطيش عن يمينه لا والله هو كما قلت لك مع اجتماع المال بين ايديهم. الا ان المبدأ الذي علمهم اياه رسول الله عليه الصلاة والسلام وتعلموه في مدة صحبتهم اياه عليه الصلاة والسلام ان الدنيا هذه ولو اقبلت لا تستحق من العبد ان يقبل عليها فكيف بقلب ركظه خلفها وهي مدبرة؟ هي ان اقبلت لا تستحق اقبالا. وان اجتمعت لا تستحق اهتماما. فكيف بها اذا كانت معرضة كيف بها اذا كانت عنك مدبرة هي من باب اولى الا تستحق منك سعيا ولا اهتماما ولا لهثا ولا اجتماعا هم وغم قلب على حصولها او فواتها. ما زلت اقول نحن بشر وفي فطرة الواحد منا حب المال وحب وهي زينة الحياة الدنيا كما سماها الله عز وجل. لكن ان تكون زينة تأنس بها وتستمتع بالحلال الطيب منها شيء وبين ان تكون همك وشغلك الشاغل الذي يكون على حساب حق ربك عليك. ثم تنصرف عن الرزاق الى الرزق ينصرف عن الخالق الى الخلق تلك المعادلة الخاطئة التي يعيش عليها فئامه من البشر. عندما تتحول الحياة عندنا في كل شؤونها الى سعي مادي بحت. وان تتحول نظرتنا الى الحياة الى المال وان نقيم كل شيء وزنا في الحياة بالمال فتصبح الصحبة والعلاقة مرتبطة بالمال. ويصبح تقديرنا للاشخاص والمناصب مرتبطا بالمال. وتصبح نظرتنا لكل شيء من حولنا مرتبطا بالمال. رويدا رويدا يا قوم. ما هكذا هي عيشة الحياة ولا هكذا هو هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام الدنيا لها قدرها وهي لا تسوى جناح بعوضة. والعاقل من علم انها بكل ما فيها لا سوى شربة ماء فان اقبلت عليه عرف كيف يعمل بها وان ادبرت عنه عرف كيف يسعى للكفاف وان تكون في قناعة وطيب عيش واستكفاف من الحياة هذا جزء مما نتعلمه من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام وقالت رضي الله عنها وقال لي اني عرض علي ان تجعل لي بطحاء مكة ذهبا. فقلت لا يا رب. اجوع يوما واشبع يوما. فاما اليوم الذي اجوع فيه فاتضرع اليك وادعوك. واما اليوم الذي اشبع فيه فاحمدك واثني عليك. الحديث على ضعفه وقد اخرجه الترمذي واحمد الا ان معناه صحيح فانه عليه الصلاة والسلام ما اختار في حياته قط ان يعيش عيشة الغنى والثراء ولا ارتضى لنفسه عليه الصلاة والسلام ان يبحث عن سعة في الرزق ولا استمتاع واسع بالحياة اكتفى بالكفاف عليه الصلاة والسلام هي القناعة عبد الله اذا ملأت قلب العبد استكفى بالقليل. هي القناعة ان رزقها العبد شكر الله على القليل. هي ان وجدها فهي الغنى الذي يملأ القلب رضا هي القناعة التي عاشها نبينا عليه الصلاة والسلام وعلمنا مهى صحابته الكرام رضي الله عنهم اجمعين. وها نحن نستلهمها من خبره وشأنه العظيم صلى الله عليه واله وسلم وفي حديث اخر ان جبريل عليه السلام نزل عليه فقال له ان الله تعالى يقرئك السلام. ويقول لك اتحب ان اجعل هذه الجبال ذهبا وتكون معك حيثما كنت فاطرق ساعة ثم قال يا جبريل ان الدنيا ادار من لا دار له ومال من ومال من لا مال له قد يجمعها من لا عقل له فقال له جبريل ثبتك الله يا محمد بالقول الثابت. الحديث هذا كما يقول الامام العراقي رحمه الله هو ملفق من حديثين جمعت في سياقة متنه هنا جزئان مركبان من حديثين. واما قوله عليه الصلاة والسلام ان الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له واجمعها من لا عقل له فهي جملة اثبت صحتها بعض المحدثين وجعلوا ذلك مما يجود اسناده وظعفها اخرون. والقصد من ذلك ان النبي عليه الصلاة والسلام في المعنى العظيم الذي تقرر ولو لم اثبت هذه الرواية انه لم يرظى لنفسه باختيار الدنيا مسلكا لحياته. ولو اختارها لوجدت في ملك يجتمع بين يديه ما لا يجتمع لذي القرنين. ولو اختارها عليه الصلاة والسلام لوجدت القصور الشاهقة ولوجدت الاموال التي تجتمع بين يديه ثم لوجدت ذلك في حياة اصحابه غنا وترفا ونعيما وتقلبا في لذائذ العيش. لكنها ما كانت كذلك. يقرأ القارئ في سيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام. ويتصفح المتصفح في اخبار اكرم جيل على الله وافضله عند الله. وهو خير القرون في امة الاسلام. فلا يجد الا الفقر الا الفقر هو السائد بينهم. وهو السمت الذي شاع في حياتهم. ويجد الاغنياء منهم اقل من قليل ويجد الاغنياء بينهم الواحد بعد الواحد واذا بالغني من اغنيائهم رضي الله عنهم قد تعلم هدي النبي عليه الصلاة والسلام فكانت الدنيا في يديه ولم تكن في قلبه قط. سخروا الدنيا ولما اجتمعت اليهم كعثمان بن عفان رضي الله عنه وعبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه وغيرهم من اثرياء الصحابة وتجارهم. مع اجتماع الدنيا واستكثار المال بين يدي الواحد منهم. الا انه سخرها في سبيل الله. عثمان رضي الله عنه يجهز جيش العسرة من حر ما له وينفق رضي الله عنه نفقة الاجواد الاسخياء. يتعلم من خلق النبي الكريم عليه الصلاة والسلام. وما يزال يعطي ويبذل وينفق بسخاء حتى يقول النبي عليه الصلاة والسلام ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم. وينفق ابن عوف وينفق اثرياء الصحابة وتكون لهم مواطن البذل والعطاء في نصرة الاسلام. وفي تجييش الجيوش وفي رفع راية الجهاد في سبيل الله الله بالمال فلما اجتمع بين ايديهم حولوه الى ارصدتهم في الاخرة. وكان ذلك مكسبا فوق مكسب وربحا فوق ربح وبذلا اوتوا من ورائه نعيما اخرويا سرمديا ابدا. هذا العقل يا كرام. الحديث عن حياة الاغنياء هي كما ترى لم يكن في حياة الصحابة من اعرض عن التجارة. ولا من حرم المال ولا من ترك الغنى وجعله من سمات غير عباد الله الصالحين. بلى عاش بعضهم واتسعت له الحياة لكنها كما رأيت. حياة كانت موظفة في خدمة دين الله جل وعلى وفي استكفاء احدهم من هذه الحياة بقدر ما تبلغه المنية حتى يغادرها الى الدار الاخرة وعن عائشة رضي الله عنها قالت ان كنا ال محمد لنمكث شهرا ما نستوقد نارا ان هو الا التمر والماء واليوم والله لا يكاد يمر ببيت الواحد منا ليس اليوم بل نصف يوم الا واوقد نارا. ولو نظرت الى حياة الفقراء اقلهم حظا في الحياة فانه على الاقل سيوقد النار ان لم يطبخ بها طعاما ولحما ودجاجا وشيئا مما يسد في المعدة فاقله ما يسخن به الماء ليشرب القهوة او الشاي. هذه النار ما كانت توقد في بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام الشهر ويمر الهلال تلو الهلال فينقضي الشهر ويدخل الاخر وعائشة رضي الله عنها تقول ان كنا ال محمد ان ما كانت تحكي عن نفسها عن بيتها وحجرتها كانت تحكي عن الحجرات النبوية. هذه تسع بيوت او اكثر النبي عليه الصلاة والسلام ما يجد في واحد من التسعة ما يستحق ان توقد له النار ليطبخ فيأكل. عن اي بزهد تتحدث عبد الله عن اي قلة عيش تتكلم عبد الله؟ هي والله صيحة ونداء لي ولكل مسلم في الحياة افتح عينيك لتعلم كيف تؤتى الحياة كيف ينبغي ان تسلك مسالكها اليوم يتحدث الكثيرون عن تقلب في نعم الله. واذ اقول التقلب في نعم الله فلست اقصد بالضرورة حياة الترف والثراء والارصدة الكبيرة لا احدنا يا احبة ان وجد طعاما يأكله ولباسا نظيفا يستره ثم يبيت ليلته ليس ولا عاريا فذاك نعيم. ذاك ثراء ذاك غنى بازاء حياة المصطفى عليه الصلاة والسلام. ان اكلت اليوم لقمة وان استددت جوعك ثم لم يمض عليك في حياتك منذ ان عقلت والى اليوم ان مضى عليك يومان متتاليان تطوي بطنك كجائعا تبيت انت واهل بيتك فقد عاشها عليه الصلاة والسلام. يبيت الليالي المتتابعة كما يقول ابن عباس هو واهل بيته طاويا ما يجدون عشاء. والله ان كثيرا منا ما وجد هذا يوما في حياته. وان وجده ما اجتمع له يومان ولو لن تبلغ الثلاثة لكنها حصلت لرسول الله عليه الصلاة والسلام. قولوا لكل من ينزعج من تأخر طعام ومن جوع الم به اين انت عن حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ قولوا لتلك الافواه الفاغرة التي ما زالت تطمع في الدنيا فتأكل وتنهش يمنة ويسرة. قولوا لكل من توغل في المال العام واكل حقوق الناس هان بالحرام قولوا لكل من ظن ان استكثاره من الحياة يعني مزيد استمتاع. قولوا لكل من اقبل على الحياة فجعل يقبض ومنها عن يمينه وعن شماله وهو يظن انه كلما استكثر وجد حظه فاكثر. هي قسمة للارزاق ما يتعداها العبد عباد الله هي دعوة الى ان تبصر في حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام هذا التقلل هذا الزهد هذا التقشف ان كنا محمد لنمكث شهرا ما نستوقد نارا ان هو الا التمر والماء. هذا التمر والماء يسد الجوع ويقيموا الصلب فيكون رزقا مقنعا برسول الله عليه الصلاة والسلام ولال بيته. ساسأل نفسي سؤالا لعلك تسأله لنفسك ماذا انحل بك يوم فوجدت نفسك في بيتك لا تجد طعاما ثم لما فتشت وجدت شيئا يسد الرمق قطعة خبز ولقمة فاكلتها تسد جوعتك وقد فعلت وليس امامك الا هذا ولن تحمل الملامة على احد لان هذا الذي وجدته امامك. السؤال هو بعد هذا الجوع الذي قرص معدتك واللقمة التي فدفعت بها شيئا من جوعتك اتجد بعد ذلك رضا يسري في جسدك وشكرا ينطلق على لسانك وحمدا تملأ به سماءك وارضك ان الله عز وجل رزقك. الحديث يا كرام ليس عن صبر على مضض. ليس عن حياة فقر يتحملها صاحبها ثم هو لا يفتأ يتبرم وينزعج ويتذمر ثم كلما وجد فرصة تحدث وكلما وجد متسعا مد يده كلا الحديث عن رضا وطيب نفس وقناعة ثم يجد نفسه على رأس الشاكرين يقوم عليه الصلاة والسلام حتى تتفطر قدماه. فيسأل فيقول افلا اكون عبدا شكورا يريد ان يعيش الشكر باوسع معانيه. على اي شيء يشكر ربه ترى. على المال الكثير على الارصدة الظخمة على البنايات الشاهقة على العقارات التي اجتمعت على السعة والغنى والمال الوفير والطعام الكثير على ماذا؟ يشكر ربه جل وعلا على ان اتاه حياة كريمة عاش فيها عليه الصلاة والسلام قمة العظمة. يا كرام عد مرة اخرى انا وانت لننظر الى الحياة ينظر احدنا الى حياته ثم يبصر نعم الله المحيطة به. ثم ينظر موقعه منها ثم يبصر حاله فيها ثم يقيس نفسه في مواقف الصعوبة والضيق والشدة. ربما مرت بك ازمة او حل بك دين او ضاقت بك الحياة او التأم قلبك على شيء من الكرب والمصائب والهموم. ما حالك تلك الساعة عبدالله؟ لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم اسوة حسنة ابصر املأ في حياتك مواقف تشرف فيها باقتدائك بنبي الامة عليه الصلاة والسلام. حتى اولئك الذين ضاقت بهم الحياة فرق بين ان تضيق بك الحياة فتدفع عجلتها صابرا على مضض منزعجا متبرما ربما شكوت شيئا كم من ضيق حياتك الى مخلوق ضعيف مثلك؟ تستعطفه رجاء ان يمد لك درهما او دينارا او يساعدك في سداد ايجار او يتكفل لك بشيء من مصاريف الحياة نستعطف قلوب الخلق فنحكي لهم ظيق الحياة. والله كان الاحرى ان نستدر عفو اكرم الاكرمين في سجدة في دمعة في دعوة يبذل فيها احدنا انكسار فؤاده وافتقار حاله يسأل ربه وحده يا رب يمد يده لربه فحسب يسأله الكفاف يسأله القناعة يسأله الرزق الحلال الطيب المبارك. ثم ان استمر به الحال فليعلم ان ضيق الحياة الذي يتتابع عليه. والفقر الذي ما يزال مرابطا امام عتبة بابه ليعلم انه ليس عقابا من الله وليس ابتلاء بل يفرح لان في حياته من الفقر والضيق وقلة العيش ما يجد لها شبها في حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام فيتبدل الحال عنده فرحا بعد حزن ورضا بعد هم وسرورا بعد ان كان غما ليس هذا ايضا دعوة الى التماس الفقر في مواطن الحياة لكنه الى توطين النفس كيف نعيش الحياة؟ حياة الفقر لنا في رسول الله عليه الصلاة والسلام فيها اسوة وحياة الغنى ايضا لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها اسوة عنوانها زهده عليه الصلاة والسلام في الحياة. عاش حياة تقلبت به امواجها بين مال وفير يجتمع. وبين فقر مدقع حوله يتتابع ال بيته عليه الصلاة والسلام فلا يجدون ما يسد جوعهم. عاش حياته في الحالين على نهج واحد على السواء ما ابتسم لها ولا هش لها قلبه اذ اقبلت ولا حزن او ذرف لها دمعة لما ادبرت ابدا وحاشاه الصلاة والسلام والله ما تستحق الحياة بكل ما فيها ان تبيت ليلة تذرف دمعة على فوات شيء من حظها ما الذي يستحق ذلك ان تبصر قربك او بعدك عن الله ورضاه عنك سبحانه او سخط او سخطه جل في علاه. ذاك الذي يستحق ان يكون هم القلب المجتمع. ذاك الذي يستحق ان نعيش عليه الحياة. والا فالدنيا تغدو وتروح. ورزق الله عز وجل يصيبك العباد والله ما يخطئ احدا من العباد. وكل ينال من رزقه ما قسم له منذ ان كان جنينا في بطن امه قبل ان يخرج الى الحياة كتب رزقه كما كتب اجله كما كتب مصيره وشقي او سعيد. نعم وعن عبدالرحمن بن عوف قال هلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع هو واهل بيته من خبز الشعير. نعم هلك بمعنى مات كما في قول الله تعالى ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات حتى اذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا. نعم عن عائشة وابي امامة وابن عباس نحوه قال ابن عباس رضي الله عنه كان صلى الله عليه وسلم يبيت هو واهله الليالي المتتابعة. طاويا لا يجدون عشاء وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال ما اكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيوان ولا في سكرجة ولا خبث له مرقق ولا رأى شاة سميطا قط. نعم. هذه ايضا صفحة من تقلله عليه الصلاة والسلام في الحياة وصفحة ايضا من مظاهر الترف والنعيم الذي ما عرفته حياة النبوة على مدى ثلاث وعشرين سنة صلوات ربي وسلامه عليه. يقول انس رضي الله عنه ما اكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيوان والخيوان شبه المائدة القصيرة المرتفعة عن الارض. ليست الموائد التي يجلس حولها بالكراسي هي مائدة قصيرة يوضع فوقها الطعام. يجلس الجالس امامها على الارض. وبدل ان تكون السفرة على الارض تكون على هذا الخيوان فهي سفرة مرتفعة قليلا عن الارض. يوضع عليها الطعام. يقول انس ما اكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خوان ليس هذا دليلا على عدم مشروعيته بل يخبر انه عليه الصلاة والسلام ما بلغ به الاستمتاع الطعام ان يأكل على الخيوان ما وجده في حياته. وعادة انما تمد السفر. وتجعل الموائد ويقرب الخوان اذا وجد من اصناف الطعام واطباقه ما يجتمع عليه. طيب واما الذي لا يجد شيئا فعلى اي شيء يقرب له الخيوان. وعلى ماذا تمد السفر؟ ما اكل على خيوان قط. قال ولا في سكون رجة. السكر جاء الانية او الصحون الصغيرة التي توضع فيها مثل السلطات يعني هذه الصحون الصغيرة كانت ايضا من من النعيم من الترف في الموائد ما رآها عليه الصلاة والسلام ولا استعملها. يقول انس رضي الله عنه والحديث ها هنا في البخاري ايضا يقول ولا خبز له مرقق اكل الخبز عليه الصلاة والسلام نعم لكنه خبز الشعير كما مر بك ثم يأكله يوما ولا يجده اياما ويبيت الليالي المتتابعة طاويا لا يجد عشاء ولم يشبع هو ولا ال بيته من خبز الشعير هذا الجاف الخشن ما شبع منه يومين متتاليين قط عليه الصلاة والسلام سلام. اما الخبز المرقق وهو من الخبز المعجون والمخبوز من الدقيق الناعم فهذا ما رآه في حياته عليه الصلاة والسلام. ما عرف الدقيق الناعم الذي يؤكل به الخبز الذي نأكله اليوم. لاحظ معي اليوم حتى اذا وجد الخبز ثم ما وجد ما يأكل به الخبز رآها شظفا في العيش. وهو خبز مرقق والنبي عليه الصلاة والسلام تأكل خبز الشعير الجاف اليابس الايام ويفتقده اضعافا. اما الخبز المرقق فما رآه عليه الصلاة والسلام يقول ولا رأى شاة سميطا قط. الشاة السميط المقصود بها المشوية. الشواء سواء كانت تشوى الشاة باكملها او يشوى اجزاؤها وقطع منها. ما رآه عليه الصلاة والسلام. نعم اكل الشاة وقدمت له واكل من لحمها عليه الصلاة والسلام وكان يأكل اللحم المشوي لكن ان تكون الشاة مجموعة على على جذع او على شيء يجعلها على فوق النار فتشوى باكملها وهي الشاة السميق فما رآها ولا اكل منها عليه الصلاة والسلام. ليس هذا تحريما في حديث انس لماذا ذكر فلا الخوان ولا السكرجة ولا الخبز المرقق ولا الشاة السمير ليست من المحرمات. هذه مباحات لكن انس رضي الله عنه يصف لنا صفحة من حياة بيت النبوة. وان هذه الاصناف وهي من النعيم الذي يستمتع به الناس وفي الطعام والشراب ما ادركه رسول الله صلى الله عليه وسلم. واليوم ونحن نبصر في موائد احدنا احكي عن موائد الولائم لا لا. موائد بيتي وبيتك السفرة التي تتغدى عليها وتفطر فوقها وتتعشى عليها ايضا نبصر احيانا اصنافا فنستقل الطعام. ونأكل طعاما. يا رجل اصبحنا اذا سخن لنا طعام الغداء لنأكله في العشاء وجدنا بعضا في النفس احيانا ويجد احدنا ان طعامه لو تكرر اليوم وغدا انه شيء تمله النفس ولا تستطيبه. اي طعام عن الاستمتاع في حياتنا اليوم تجاوز بنا حدودا وهذه حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام كما ترى. ساؤكد مرارا ليس هذا تحريما للمباح لكنها محاولة للاتزان في التعامل مع هذه القضايا في الحياة. طعامك هو قوتك وزادك الذي يبلغك ليس الى القبر لا. غداؤك هو الذي يبلغك من نهارك الى المساء. وقوت هو الذي يبلغك الى عشي اليوم التالي وهكذا. فكل لقمة تبلغك مدة بعدها حتى يقضي الله الاجل فلا تبلغ اللقمة احيانا ان تبلغ فاك. واذا بلغته فلن تهظب واذا هظمت فلن ينتفع بها الجسد. هي حياة محدودة تماما ونبينا عليه الصلاة والسلام لما كتب الله له من التقلل في الحياة ما وجد متسعا في هذه الاصناف وكان يعيشها على تقلد وانزواء وقد سواها الله عنه. فاعلم عبد الله ان الحياة التي زويت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام رويت عنه في متاعها ولذائذها ما طواها الله عنه ليفتحها لي ولك اكراما لنا ابدا والله. ما فتحت الحياة لعبد لتكون دليلا على رضا الله تعالى عنه. او اكرامه له. الدنيا هذه يؤتيها الله عز وجل المؤمن والكافر والبر والفاجر والطائع والعاصي. كل هؤلاء ينالون حظهم من الحياة. لكن الذي يختص الله تعالى به الاصفياء من عباده والخلص من اوليائه هي تلك اللذة في خشوع تجده في صلاتك. ودمعة تذرفها في هذا والله النعيم الذي لا يؤتاه كل العباد. الذي لا يستوي فيه الغني والفقير الا من هذا الباب الذي يكتب الله الله عز وجل به الرضا لعبد من عباده. نعم. وعن عائشة بنت ابي بكر رضي الله عنها قالت انما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينام عليه ادما حشوه ليف. وعن حفصة رضي الله عنها قالت كان فراش رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي مصحا نثنيه ثنيتين. نثنيه ثنيتين. نثنيه ثنيتين فينام فتنيناه ليلة باربع فلما اصبح قال ما فرشتم لي الليل؟ فذكرنا ذلك له فقال ردوه بحاله فان وطاءته منعتني الليلة صلاتي وكان صلى الله عليه وسلم ينام احيانا على سرير مرمول بشريط حتى يؤثر في جنبه. نعم. ذاك طعام رسول لا صلى الله عليه وسلم قد سمعت طرفا منه فهك الان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانظر الى سريرك وفراشك كالذي تنام عليه في دارك ولحافك فتفرش فراشا تحتك وفراشا فوقك ثم انت تتلحف بالوفير والناعم من انواع تلك الفرش تقول عائشة رضي الله عنها انما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينام ادما حشوه ريف. المقصود بالادم جمع اديم الجلد. جلد الشاة. كان الفراش عبارة عن جلد ومحشو وليف النخل كما تعرفون هو الذي يجتمع من سعفه. هذا هو ليس قطنا ولا صوفا ولا ريش نعام رسول الله عليه الصلاة والسلام جلد محشو بريف النخل. تظن بالله عليك ان فيه ان فيه من ما يغوص فيه الجسد اذا حل به؟ اتظن ان فيه فعلا ما يرفع الجسد عن الارض؟ فلم يكن فراشه عليه الصلاة السلام شيئا من ذلك لا الوفير ولا العريظ ولا الفاخر من الفرش التي يتقلب فيها النائم نعيما في نومه. لكنه كما سمعت فكان فراشا من ادم حشوه من ليف. اذا هو ليس الا ما يرفع الجسد عن خشونة الارض. والارض التي كانت ذاك حصن وترابا وليس شيئا من الفرش التي ترفع اذى الارض ايضا فلم يكن شيء اكثر من ذلك. وفي حديث حفصة رضي الله عنها الذي اخرج الترمذي ووفي سنده انقطاع تقول كان عليه الصلاة والسلام او كان فراشه مسحا نثنيه ثنيتين والمسح ايضا الكساء الخشن الذي يعد من صوف فتثنيه ثنيتين والغرض من الثنية الثانية ان يزيد الفراش ارتفاعا عن الارض ويكتسب طراوة اذا نام عليه الجسد. تقول فثنيناه ليلة باربع يعني طبقته مرتين. فاصبح اربع طبقات فلما اصبح قال ما فرشتموا لي الليل؟ فذكرنا ذلك له فقال ردوه بحاله فان وطاءته منعتني الليلة صلاتي يقصد ان استرخاء الجسد في النوم والاستغراق فيه سيثقل الجسد عن القيام بصلاة الليل ونحوه. وقالت ايضا وكان عليه الصلاة والسلام ينام على سرير مرمول بشريط. السرير المرمول هو الذي نسج وجهه بالسعف ليس سريرا الواحه من خشب ولا من حديد. هي قوائم اربعة ثم يشد عليها سعف النخل فيصنع به ارض سرير فاذا نام نام على سعف مشدود يقال له السرير المرمول. ولذلك قالت بشريط حتى يؤثر في فاذا نام على سرير السعف هذا او المصنوع من القصب فانه لا يفرش فوقه فراش ليحمل عنه خشونته واثره ينام حتى يؤثر في جسده عليه الصلاة والسلام والحديث في الصحيحين. يبقى هنا رواية ختم بها المصنف الفصل عن عائشة رضي الله عنها لا يثبت بها اسناد صحيح لكن جمعت فيها جمل بعضها ثابت في الروايات السابقة. نعم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت لم امتلئ جوف النبي صلى الله عليه وسلم شبعا قط ولم يبث شكوى الى احد. وكانت الفاقة احب اليه من الغنى قالتلو يعني الفقر وان كان ليظل جائعا يلتوي طول ليلته من الجوع فلا يمنعه صيام يومه وكل ذلك صحيح وان لم تثبت به الرواية هنا سندا نعم ولو شاء سأل ربه جميع كنوز الارض وثمارها ورغد عيشها. ولقد كنت ابكي رحمة له مما ارى به وامسح بيدي على بطنه مما به من الجوع. واقول نفسي لك الفدا لو تبلغت من الدنيا ما يقاوم ما ما يقوتك ايقوتك ما يقوتك؟ فيقول يا عائشة ما لي وللدنيا؟ اخواني اولي العز اخواني من اولي العزم من الرسل صبروا على ما هو اشد من هذا. فمضوا على حالهم فقدموا على ربهم فاكرم مآبهم. واجزل ثوابهم استحي ان ترفهت في عيشي ان يقصر بي غدا دونهم. وما من شيء. وما من شيء هو احب الي من اللحوق باخواني واخلائي قالت فما اقام بعد الا شهرا حتى توفي صلى الله عليه وسلم وفي لفظ عند الغزالي في احياء علوم الدين قالت فوالله ما استمكن بعد ذلك جمعة حتى قبضه الله اليه. والرواية كما اسلفت لا تصح سندا وان كان كثير من جمرها صحيح ثابت في روايات متعددة. ما لي ونفسي ومن احببت كلهم فداء لك انت ودمع فاض من مقلي صلى عليك الهي ما جرى نهر يا خاتم الانبياء يا سيد الرسل. هذه ليلة عطروها بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام. واجعلوا جمعتكم ايضا عامرة بالصلاة والسلام عليه. فهي وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. فيا رب صلي وسلم وبارك عليه صلاة كلاما دائمين ابدا وبلغنا يا ربي اعلى المقامات واسنى الدرجات واكتب لنا عيشة هنية وميتة سوية ومردا غير مخز فاضح يا رب العالمين. اللهم انا نسألك عيشة السعداء وميتة الشهداء ومرافقة الانبياء يا ذا الجلال والاكرام. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. اللهم تقبل منا انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم. وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك حبيبنا ونبينا محمد على اله