اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اشهد ان سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله. صلوات الله وسلامه عليه. وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد ايها الاخوة الكرام فلا يزال مجلسنا هذا متتابعا بفضل الله تعالى ومنته. نجتمع فيه كل ليلة من ليالي الجمعة في رحاب بيت الله الحرام. نتدارس فصولا من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. للامام القاضي عياض بن موسى رحمة الله عليه وكم لله تعالى علينا من نعمة وفضل ومنة جمعنا في بيته الحرام وكتب لنا صلاة بمئة الف صلاة. ثم نحن تغشانا الرحمات في مجلسنا هذا وصلوات تربنا من فوق سبع سماوات بما نشتغل فيه بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ونحن نتدارس شأنه العظيم وقدره الرفيع ومكانته الجليلة التي بوأه الله تعالى اياها معرفة حقه الكامل عليه الصلاة والسلام على امته. وعندئذ نغتبط بما حبانا الله عز وجل به. وكيف وقد اكرمنا الله عز وجل بجملة من الفضائل والخيرات والبركات في رحاب بيته الحرام في ليلة شريفة هي ليلة الجمعة وفي مجلس نتذاكر فيه حقوق النبي المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. القلب يخفق عند احمد والشوق من سقياك كم يتزود في يوم جمعتنا الذي قد ضمن كل الحروف الى اللقاء قد كم مرة ذكر الحبيب فاسدلت دمعاتنا والباب عنا موصد وصفوا لنا اثوابه وعمامة وفراشه ان جاء ليلا يرقد وصباحه والنور في وجناته متوكلا يمضي بولاية يتردد لله طيب حديثه قد اشرقت ارواحنا فبه المعيشة ارغدوا لكاننا مع صحب في بيته طاب الجلوس لنا وطاب الموعد. صلوات ربي وسلامه عليه وحديثنا ما زال موصولا بما ابتدأناه في مجالس سابقة. في فصول الباب الثاني من هذا السفر المبارك الذي جعله المصنف رحمه الله الله تعالى للحديث عن تلك الخصال من الجلال والكمال التي بوأه الله عز وجل بها ورفع قدره العظيم من اجلها صفات وخصال صارت للامة نبراسا ونورا يوظاء وتستهدي به الامة في الظلماء. خصال المصطفى عليه الصلاة والسلام بقدر ما هي ادب عظيم يبهج النفس فهي ايضا مرآة يبصر فيها احدنا حالة ويقوم سلوكه ويرتقي بايمانه واخلاقه على حد سواء. خصال المصطفى عليه الصلاة والسلام طريق ارحب يسع الامة كلها ونور تستظيء به الامة في ظلماتها. هديه عليه الصلاة والسلام هو السراج الذي تحتاجه الامة للخروج من ظلمات التيه. وسيرته العطرة صلوات الله وسلامه عليه. هو طريق الفلاح والنجاح والسعادة امة الاسلام توقف الحديث بنا عند فصل جعله المصنف رحمه الله تعالى عقب فصل زهده عليه الصلاة والسلام في هذه الدنيا ومتاعها الزائف. وهو فصل جعله لعلاقة المصطفى عليه الصلاة والسلام بربه. في خوفه في في شدة عبادته بين صيام النهار وقيام الليل وقراءة القرآن والتدبر والتقلب في لذيذ يعيش بطاعة ربه ومولاه. هذه صفحة اخرى يا كرام من صفحات عظمة المصطفى عليه الصلاة والسلام. كم كان عظيما في بخلقه كم كان عظيما في رحمته ورأفته؟ كم كان عظيما في عدله وانصافه؟ كم كان عظيما عليه الصلاة والسلام في جوده وعطائه. الا فاعلموا وفقني الله واياكم ان من اعظم جوانب عظمة المصطفى عليه الصلاة والسلام عظمته في علاقته بربه سبحانه وتعالى. علاقة التعبد والخشوع والخضوع والتذلل. علاقة تيقار ولزوم اعتاب ربه ومولاه. هذا الباب يا كرام هو الذي ارتقى به النبي عليه الصلاة والسلام اسمى بالعبودية واشرفها. فجمل الله ذكره لما قال سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من اياتنا في معجزة من اكبر معجزاته عليه الصلاة والسلام واعظمها واخرقها للعادة يذكر الله مقام نبيه عليه الصلاة والسلام بهذا الوصف العظيم وصف العبودية لنعلم جميعا ان العبد يتقرب من ربه ويتذلل له حتى يصطفيه الله عز وجل يكتب له من خصال الفضل والكرم والعطاء في ولاية او وجه من وجوه الاصطفاء فيكون منعما مشرفا بهذا المنصب الشريف العبودية الصادقة لله. ونبينا عليه الصلاة والسلام قد اوتي من ذلك اوفر الحظ واسماه. والعبودية في تجلت في حياته عليه الصلاة والسلام ما كانت في بضعة ايام ولا في مواقف محدودة لكنها سيرته اجمع صلوات الله وسلامه عليه. هذا فصل يقرب فيه المصنف رحمه الله طرفا من عظمة النبي عليه الصلاة والسلام في علاقته بربه في لعبادته في خضوعه في بكائه في خشوعه في تذلله وتقربه من مولاه سبحانه وتعالى. نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله واصحابه اجمعين اما بعد. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين هذا هو المجلس التاسع والاربعون من مجالس تدارس كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم وباسانيدكم المتصلة الى الامام القاضي العلامة ابي الفضل عياض. ابن موسى الي حصبي رحمه الله تعالى قال فصل في خوفه صلى الله عليه وسلم من ربه وطاعته له وشدة عبادته واما خوفه ربه وطاعته له وشدة عبادته فعلى قدر علمه بربه. ولذلك قال فيما حدثناه ابو محمد ابن عتاب قراءة مني عليه قال حدثنا ابو القاسم الطرابلسي قال حدثنا ابو الحسن القابسي قال حدثنا ابو زيد المروزي قال حدثنا ابو عبد الله الفرابري قال حدثنا محمد بن اسماعيل. وهذا الامام البخاري رحمه الله محمد بن اسماعيل والمصنف يسوق الحديث بسنده اليه. فالحديث من احاديث الصحيح. نعم. قال حدثنا ابن بكير عن الليث عن عقائيل عن ابن شهاب عن سعيد ابن المسيب ان ابا هريرة رضي الله عنه كان يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تعلمون ما اعلم فضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا زاد في رواية عن ابي عيسى الترمذي رفعه الى ابي ذر رضي الله عنه اني ارى ما لا ترون اسمع واسمع ما لا تسمعون. اطت السماء وحقوا لها ان تئط. ما فيها موضع اربع اصابع الا وملك واضع جبهته ساجدا لله. والله لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم الى الصعدات تجأرون الى الله لوددت اني شجرة تعضد. روي هذا الكلام وددت اني شجرة تعضد من قول ابي ذر رضي الله عنه نفسي اي وهو اصح نعم صدر المصنف رحمه الله تعالى هذا الفصل الذي جعله مبينا لصفحة من صفحات حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم. وجانب كما اسلفت من جوانب عظمة نبينا الاكرم عليه الصلاة والسلام هو الجانب الصلب في حياته. وهو المقام الاكبر في سيرته العطرة عليه الصلاة والسلام. هو ما يتعلق بصلته بربه به وعلاقته به صلى الله عليه وسلم. وكلنا يعلم دون وقوف على روايات واحاديث واثار. انه ما من باب من ابواب التعبد لله ولا من طريق يسلك للتقرب الى الله الا ولنبينا عليه الصلاة والسلام فيه الامامة والتقدم والسيادة. نعم لم يأت عبد لله في عبادة بقدر عظيم تقرب فيه الى الله الا وهو غيظ من فيظ النبي عليه الصلاة والسلام الا وهو قطرة من بحره الا وهو شعبة من سنا ضيائه عليه الصلاة والسلام. ان تكلمت عن الصلاة او الصيام او القيام او قراءة القرآن او ذكر الله سبحانه او التأمل في ملكوته او تدبر اياته او تحريك القلب بالمواعظ وقل ما شئت من ابواب الخير وسبل العبادة التي يتسابق فيها العباد. ويتنافس فيها الاولياء. ما من باب من ابواب العبادة الا ونبينا عليه الصلاة والسلام امامها وقائدها وهو الذي فتح لنا ابوابها. فكل سائر في باب من تلك الابواب مقتد فيها رسول الله عليه الصلاة والسلام. اذا هذا حديث لا ينتهي. والمجلس لم يجعل لتقصي عظمة النبي عليه الصلاة السلام في عبادته فماذا ستحكي وماذا ستترك؟ ماذا ستذكر وماذا ستسكت عنه؟ اتتكلم عن حياة باكملها عاش فيها النبي عليه الصلاة والسلام عظمة في اتصاله بربه وخالقه ومولاه. يا كرام كان نبينا عليه الصلاة والسلام شديد الصلة بالله عظيم التوجه اليه صادقا في التعلق به سبحانه وتعالى قبل ان يبعث. قبل ان ينبأ قبل قبل ان ينزل عليه الوحي يوم ان كانت البشرية تتيه في جاهلية جهلاء. والظلمات تحيط بها ذات اليمين وذات الشمال يخرج عليه الصلاة والسلام الى غار حراء فيتحنث فيه الليالي ذوءة العدد ينقطع عن الدنيا التي ما طابت لخاطره وهو ترى مظاهر الشرك والوثنية. وهو يرى صور التعلق بغير الله. فما طابت نفسه لهذه الحياة. فيبتعد هناك ويصعد فوق جبل ويصعد هناك لتكون صعودا في درجات الارتقاء والاصطفاء. ويبقى هناك ليالي يسلو فيها حيث يصفو هناك له الظاهر والباطن ويتوجه الى الله ويرتبط بخالقه ومولاه. ان كان هذا شأن نبينا عليه الصلاة والسلام قبل النبوة قبل الدين قبل الوحي وقبل الرسالة. فبالله عليكم اي عظمة يظنها احدنا به عليه الصلاة والسلام بعد ان اصطفاه الله بعد ان فتحت له ابواب الوحي بعد ان اصبح نبيا ينزل اليه الملك ويؤمر الاسلام وتبليغ دين الله انها ولا شك حياة اشد في اتصاله بربه. حياة اعظم في عظمة قربه من خالقه ومولاه. ومن هنا الناس جميعا كيف كان عليه الصلاة والسلام في حياته عبدا يقيم حياته كلها على مبدأ العبودية لله شرفه الله بالنبوة واصطفاه بالرسالة وخصه بالوحي ورفع قدره على العالمين عليه الصلاة والسلام. فطفق صلوات ربي وسلامه عليه يعلم البشرية كيف يسلك احدهم باب العبودية التي وجد لذتها ومتعة حلاوتها صدق اثرها في القلوب والنفوس وحياة البشر. سلك طريقا عليه الصلاة والسلام فتح فيه الابواب لامته. دلنا على تلك المنابع من الخير على تلك المناجم من كنوز صدق اللذة في القرب من الله عز وجل. فكان صيامه وكان قيامه كان ذكره وكان قرآنه عليه الصلاة والسلام. هذا الحديث الذي ابتدأ به المصنف رحمه الله. والحديث في صحيح البخاري كما سمعت ابا هريرة رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم انتم كثيرا ما الذي كان يعلمه عليه الصلاة والسلام؟ وما علمناه ما الذي علمه حتى اخبرنا اننا لو بلغنا في علمنا ما علم عليه الصلاة والسلام لانقلبت حياتنا. ولتحولت الى بكاء كثير وضحك قليل ما هو؟ ما المقصود اي علم اراد الاشارة اليه صلوات الله وسلامه عليه؟ انه العلم بعظيم قدر الله وجلالي تعظيم الله ذاك العلم الذي لو ملأ القلوب لغلب عليها الخشوع لله والخضوع لعظمته والتذلل بين يدي سطوته وجبروته سبحانه وتعالى. يا قوم ليس القرب من الله ضيقا في الصدور ليست حياة الاتصال بالله بكاء وعويلا وحزنا ومأتما كلا. انما يقصد عليه الصلاة والسلام انه لو وقر في القلوب حق تعظيم الله جل وعلا كما يليق بعظمته. والله ما اتسعت قلوب بني ادم لتحمل صدق التعظيم واجبي لله عز وجل على الكمال والتمام. ولو قدر لها ان تمتلئ لضاقت بها الحياة. ولما استمتعت بشيء من متعها ولرأت النموات للضحك بحقها ان تستحيل الى بكاء. الى خضوع وخشوع. لنعلم يا كرام قاعدة عظيمة ارساها الاسلام الا وهي ان قوة الخشوع وشدة الخشية من الله مرتبطة تماما بقوة العلم بالله سبحانه وتعالى اذا فاعلمنا بالله هو اشدنا خشية له سبحانه وتعالى. ولك ان تعكس فتقول اكثرنا خشية لله وخضوعا له هو اصدقنا في علمه بربه سبحانه وتعالى. ومصداق ذلك في كتاب الله انما لا يخشى الله من عباده العلماء العلماء هكذا باطلاق القرآن هم من حصرت عليهم تحقيق خشية الله كما يليق كما ينبغي تحقيق خشية الصادقة انما تستقر في قلوب العلماء. وسبب ذلك يا قوم ان العالم بالله عالم بعظمة الله عالم بعظيم قدر الله عالم بما يجب لله. فتتظاءل امام ذلك نفسه الصغيرة. ويحتقر عمله ومهما كثر ويستعظم زلته مهما صغرت. وعندئذ سيصدق في قربه من الله. فلا تراه الا عبدا صادقا في القرب مسارعا يعني الى الخيرات توابا اوابا منيبا ذاكرا لله يعيش حياته يعيش حلاوة الحياة بصدق القرب من الله سبحانه تعالى. ومادة ذلك ووقوده الذي يشتعل به هذا الفتيل في القلوب هو صدق العلم بالله اكثرنا خشية اعلمنا بالله واعلم الامة بالله رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولذلك كان سيد خاشعين. كان امام العابدين عليه الصلاة والسلام. كان نبراسا وقدوة واسوة لكل عبد سلك طريق العبودية والتقرب والتزلف الى الله. فما سبق عبد في هذا الطريق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكلهم مأموم به يقتدي في هذا الطريق وكلهم تابع يسلك خلفه عليه الصلاة والسلام ويتبع رايته التي اعلاها في امته في التقرب الى الله بصدق جل في علاه هذا الباب الكبير يقول فيه عليه الصلاة والسلام لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم ثيران كلما كان العلم بالله اتم كانت الخشية لله اعظم وفي مقابل ذلك انما تنقص في حياتنا بصدق يا كرام. انما تنقص عندنا خشية الله ويضعف عندنا وازع الخوف من الله بقدر ما يضع بقدر ما يقع في القلب من جهل بالله. اي والله ولهذا الامام الحسن البصري رحمه الله ما عصى الله الا جاهل لا يقصد بالجهل جهل الدراسة او الشهادة او التعلم يقصد رحمه الله جهل المعرفة بقدر الله فما تجرأ العصاة الا بجهلهم بالله وعظمة الله. بل ما اشرك المشركون ولا كفر الكفار الا بالجهل بالله. او ما قال الله وما قدروا الله حق قدري والارض جميعا قبضته يوم القيامة. انظر كيف عقب هذا النقد للبشرية التي تجهل قدر الله كيف يعطف عليها جانب من جوانب عظمة الله. يقول الله وما قدروا الله حق قدره. ثم انظر كيف جاء السياق لاعادة العظمة الواجبة لله في قلوب العباد. قال والارض جميعا قبضته يوم القيامة. والسماوات مطويات يميني كل هذا الكون عبد الله بارضه وسمائه ذرة هباء في ملكوت الله. شيء حقير بازاء الله. هذا الكون الذي يحيط بنا ويشمل حياتنا ويحوي حركاتنا وسكناتنا هو هباء هو شيء حقير بازاء عظمة الله. وتأتي ايات القرآن لتعالج في البشرية هذا الباب العظيم. فصدق التوجه الى الله وارتقاء مدارج العبودية التي يتشرف بها العباد. انما تقوم على اساس صادق من التعظيم العظيم لربنا سبحانه وتعالى هذا اصل كبير يا كرام. ثم جاءت حياة النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام. تعلمنا خطوة بخطوة كيف يسلك احدنا هذا الباب العظيم كيف يزرع في قلبه التعظيم الصادق لله؟ فيفجأك نبي الامة عليه الصلاة والسلام الذي لا ذنب له الذي غفر الله له الذي اعلى الله قدره. الذي خصه بالشفاعة والمقام المحمود. الذي جعل له ما لم يجعل لبشر سواه فاذا هو في مقام العبودية اذا صف قدميه يعبد الله عبد عبد يتمرغ في عبودية يلتمس العظمة في هذا الباب. واذا صام اتبع اليوم بالايام. واذا قام قضى ساعات الليل يبكي يتدبر القرآن حتى ترم قدماه. كان يعلمنا عليه الصلاة والسلام ان عظمة الحياة في حياة العباد انما تلتمس بصدق تعظيم الله جل وعلا. يقول عليه الصلاة والسلام لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا واما رواية الامام الترمذي التي شاركه فيها بعض اصحاب السنن كابن ماجه واحمد وفيها زيادة. يقول عليه الصلاة والسلام اني ارى ما لا ترون واسمع ما لا تسمعون. اطت السماء وحق لها ان تئط. اطت يعني صدر لها صوت كما هو الشأن اذا حمل الراكب فوق القتب او فوق رحل البعير او سرج الدابة فاصدرت صوتا ثقل ما يحمل عليها اذا حملت صندوقا من خشب ثم ملأته بشيء ثقيل فسمعت له من شدة ثقله صوتا يحدثه بسبب الضغط الشديد عليه. هذه السماء التي رفعت بلا عمد. يقول عليه الصلاة والسلام اطت السماء. يعني صوتت وجعل لها صوت لكثرة ما عليها من الملائكة الكرام فكأنهم اثقلوها كثرة وقوة. يقول وحق لها انت اطا. ما فيها موضع اربع اصابع الا وملك واضع جبهته ساجدا لله. بالله عليكم كم مرة رفع احدنا بصره الى السماء منذ ان ولد الى اليوم. كم مرة قلبت النظر في نجومها؟ في غيومها في لونها في صفائها في ليلها ونهارها كم مرة فعلت ذلك؟ كم مرة ذكرت الله؟ كم مرة كان ما يبدو لك من صفحة السماء على عظمة الله. السؤال الان كم مرة بازاء ذلك كله وقع في قلبك ان ما فوق السماء اشد عظمة مما يبدو لنا من ظاهريها وان ما ورائها اشد دلالة على عظمة الله مما يبدو لنا في صفحتها. تلك النجوم والابراج اية وتلك الممسوكة بلا عمد اية وتلك السحاب المسير بين السماء والارض اية وتلك الغيوم والامطار وتقلبات الافلاك اية لكن والله ما فوق السماء من ملائكة الله الكرام التي تزدحم فوق السماء حتى تئط وليس موضع اصابع الا وملك ساجد واضع جبهته. لله الى قيام الساعة لهو والله اشد اية في تعظيم الله جل وعلا تلك تلك شعرة في صفحات العلم التي طواها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله لو تعلمون ما اعلم لقد كان يعلم جانبا عظيما من عظمة ربه سبحانه وتعالى. هذا واحد يا كرام هذا سطر في سفر عظيم من عظمة الله ليس موضع شبر في السماء واربع اصابع الا وملك واضع جبهته ساجد لله. يقول عليه الصلاة والسلام والله لو ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا. وما تلذذتم بالنساء على الفرش. ولخرجتم الى الصعدات الى الطرقات تجأرون الى الله يعني تصيحون وتسألون الله وتستعطفونه وتسترحمونه وتسألونه من فضله ليس هذا تحريما للمتاع وليس يعني كما اسلفت ان طريق التعظيم لله يجلب حياة البؤس والحرمان من المتاعب المباح والحلال الذي اذن الله فيه للعباد. لا. لكن المعنى ان التعظيم لو وقر في القلب كما يجب. لما وجدت متسعا للفرح لما وجدت متسعا للتلذذ بالمتاع. ولوجدت لذتك في تعظيم الله امتع من كل متعة سواه ولوجدت حلاوة القرب من الله والبكاء من خشيته والتلذذ بمناجاته امتع والله مما تجتمع عليه البشر ليلها ونهارها. هذا المقصد الكبير رواه النبي عليه الصلاة والسلام في جملتين اثنتين. قال اخيرا لو وددت اني شجرة هذه الجملة مدرجة في الحديث والصحيح انها من كلام ابي ذر رضي الله عنه كما اشار اليه المصنف لما قال روي هذا الكلام وددت اني شجرة تعظد من قول ابي ذر نفسه وهو اصح. واما نبينا عليه الصلاة والسلام انتهى حديثه في الرواية عند قوله ولخرجتم الى الصعدات تجأرون الى الله. نعم. قال رحمه الله تعالى وفي حديث المغيرة رضي الله عنه صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفخت قدماه. وفي رواية كان يصلي حتى تلم قدماه فقيل له اتكلف هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. قال افلا اكون عبدا شكورا ونحو عن ابي سلمة وابي هريرة رضي الله عنهما. نعم هذه جانب من جوانب شدة عبادته وصدق قربه من ربه سبحانه وتعالى. صلوات ربي وسلامه عليه تقول عائشة وابو هريرة وابو سلمة والمغيرة رضي الله عنهم اجمعين. يصفون يصفون طرفا من صلاته عليه الصلاة والسلام بالليل وقد تقدم هذا معنا مرارا وفي الشمائل خصوصا في اكثر من باب. يقول المغيرة صلى رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفخت قدماه. يقصد بالصلاة هنا صلاة الليل وفي رواية كان يصلي حتى ترم قدماه. يعني تتورم. والتورم هو الانتفاخ الذي يصيب القدم. فقيل له اتكلف هذا يعني اتتكلف القيام الذي الذي يصيبك معه التعب والالم وانتفاخ القدم وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال افلا اكون عبدا شكورا سؤال السائل يا كرام هو الذي يستقر في الاذهان عندي وعندك وعند جل الناس الى اليوم ما هو ان العبد كلما كان اكثر ذنوبا وعصيانا وبعدا عن الله ووقوعا في الحرام وتفريطا في الواجبات انه هو الاولى والاحرى من غيره ان يكون اكثر استغفارا واكثر عبادة واكثر سؤالا للرحمة واكثر اجتهادا لتكفير فيما سلف هذا صدق لكنه ليس باضطراد. من قال لك؟ من قال لك ان التزام عتبة العبودية الاستكثار من سؤال الله الرحمة والمغفرة والعفو. وان التنافس في الطاعات والبحث عن اسباب المغفرة. من قال لك انه محصور على العصاة والاشقياء والفجار والبعداء عياذا بالله. من قال لك هنا يعلمنا عليه الصلاة والسلام شيئا اخر لما كان يجتهد في قيام الليل اجتهادا يخيل فيه الى الناظر ان رجلا ان رجلا اصاب ذنبا عظيما ووزرا ثقيلا ثم جاء يحاول التخفف منه. لم يكن هذا شأنه في صلاة الليل فحسب بل في صيامه المتتابع بل في حجة الوداع وقد وقف يدعو بعرفة من بعد انقضاء صلاة الظهر والعصر جمعا حتى غربت الشمس لا وقف ولا فتر ولا تكلم ولا التفت. هذا الاجتهاد العظيم يا احبة في عبادة النبي عليه الصلاة والسلام. اقول لا زال مستقرا في اذهان الكثيرين انه مقام يليق بالعصاة والفساق ومن اسرفوا على انفسهم كثيرا وابتعدوا عن طريق رحمة الله فكأنما يجاهدون لتعويض ما سلف. فكان الملفت للنظر ان يصدر هذا الصنيع من نبي الامة عليه الصلاة والسلام. فكان هذا السؤال اتكلف هذا اتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ السؤال بطريقة اخرى على اي شيء اجتهد عليه الصلاة والسلام عن اي شيء يبحث في شدة عبادته صلوات ربي وسلامه عليه. الذنوب احاطت به ااوزار قد اثقلت ظهره وكاهله عليه الصلاة والسلام. لا ابدا. وقد قال الله له ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر. وقد قال الله عز وجل له ووضعنا عنك وزرك الذي انقض ظهرك. فما ذلك تفسيره ان العبد كلما اقترب من الله ووجد حلاوة ولذة العبودية التامة لله تعلق قلبه بهذا المقام. فاصبح هذا الشأن زاده. اصبح متعته. اصبح انيس حياته. في شدة الاجتهاد في الطاعة والقرب من الله كان يستلذ عليه الصلاة والسلام واية ذلك لما اجاب افلا اكون عبدا شكورا؟ يعني هب انه لا ذنب لي ولا معصية ولا خطيئة الا يستحق ربنا شكرا على نعمه وافضاله؟ ان افعل كما يفعل العصى. عبدالله انا وانت احد اثنين اما عبد مقصر مذنب مسرف خطا. واما عبد صالح ولي من اولياء الله سابق في الخيرات. رفع الله قدره درجات. صدقني ليس بالاول احوج من الثاني الى رحمة الله ولا هو الاحوج الى الاجتهاد في طاعة الله. لا والله بل ان السابق والصالح والفاضل والعبد التقي والولي تجده في حياته اكثر اجتهادا من غيره. والسبب انه وجد في عبادته وقربه وولاية الله له من لذة عبادة من متعة الصلاة من حلاوة الصوم. من من حرقة الدمع من خشية الله ومن التلذذ بتلاوة ايات الله ما ما جعله واسيرا لهذا الباب في العبودية لله. فينطلق يحث الخطى لا يشبع من قيام. لا يقف عند حد في الصيام. لا تحده نفقة وصدقة لا يقف عند باب من ابواب العبادة الا وحرص ان يكون فيها سابقا بسهم وافر. هذا شأن العباد الاولياء الصادقين في مسيرهم الى الله السالكين درب المصطفى عليه الصلاة والسلام. ولهم في رسول الله اسوة حسنة الصلاة والسلام. يقوم الليل حتى ترم قدماه. ثم يقول افلا اكون عبدا شكورا؟ انك ان عبدت الله فانك عفوا لذنب قد جنيته او رحمة على خطيئة قد كسبتها يداك. فان لم يكن هذا ولا ذاك فوالله انت حري ان تصرف عبادة لله تلتمس فيها شكرا على عظيم فضل احاط بك منذ ان وجدت في هذه الحياة حتى ساعتك هذه. فانك تحتاج الى ان تنشأ من عبادتك ما يدل على صدقك في شكرك لربك وخالقك ومولاك. صدق علمه عليه الصلاة والسلام وتمام معرفته بربه عليه الصلاة والسلام كانت هي السر خلف اجتهاده وكمال عبوديته لربه تبارك وتعالى. هذا باب من ابواب العظمة المحمدية عظمة علمه بقدر ربه جل وعلا. فكان على اثر ذلك عظمة عبادته ربه جل وعلا عظمة تجلي عظمة تعود الى قدر عظيم من التعظيم نحن احوج ما نكون اليه يا قوم في طريقنا في المسير الى الله والدار الاخرة. وتبقى حياة المصطفى عليه الصلاة والسلام وشأنه الاوفر هو الهدي الاتم الذي نتأسى ونقتدي به في مسيرنا الى الله قال رحمه الله تعالى وقالت عائشة رضي الله عنها كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديمة ايكم يطيق ما كان يطيق. هذا نمط من انماط هديه في التعبد صلوات الله وسلامه عليه. ديمومة العمل واستمراره عدم انقطاعه تقول عائشة رضي الله عنه كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديمة ما معنى ديمة دائما مستمرا غير منقطع. تقول رضي الله عنها والحديث في الصحيحين كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم قيمة ثم تقول وايكم يطيق ما كان يطيق. لا والله لن يطيق احد ما كان يطيقه عليه الصلاة السلام والسبب انه لا يحمل قلب بشر من معرفة قدر الله كما يحمل قلب رسول الله عليه الصلاة والسلام. فكان له في مقام التعبد لله ما لم يدركه فيه احد من امته صلوات ربي وسلامه عليه. ديمومة العمل يا كرام صفحة من صفحات هدي التعبد النبوي الذي كان يعبد فيه النبي صلى الله عليه وسلم ربه. هذه الديمومة في العمل هي فرع عن الرفق والقصد في العمل. نعم. ديمومة العمل لن تتحقق في استمرارك على عمل تنشأه في حياتك الا اذا اخذت بمبدأ الرفق والقصد والاعتدال ومعنى ذلك ابحث في حياتك عبد الله منذ ان وجدت نفسك حريصا على التقرب الى الله اي عمل لا يزال في حياتك ثابتا مستمرا. لن اتكلم عن الفرائض الواجبة. ليست الصلوات الخمس ولا صيام رمضان نتكلم عن ابواب التنفل والتقرب وسائر المستحبات والمسنونات حدثني مثلا عن صيام تطوع عن الصلاة تطوع عن صدقة تطوع عن ورد من القرآن عن ذكر تشغل به صبحك ومساك عن ورد لك من الذكر تثبته في يومك وليلتك عن ابواب من ابواب الخير والمعروف والاحسان الى الخلق عن كفالة ايتام عن تعاهد ارامل عن احسان لفقراء عن تفريج كروب وقل ما شئت من ابواب الخير ما تجد في حياتك عملا يمكنك الاستمرار عليه والديمومة الا اذا كنت فيه رفيقا بنفسك في الطريق بمعنى انك متى اجتهدت فقلت لاختمن القرآن كل ثلاثة ايام ثم الزمت نفسك الزاما شديدا فانك ربما تنجح في المرة الاولى والثانية والثالثة لكنك ما تلبث ان يطرأ اعلي كطارئ ويعرض لك عارض. هذا اذا لم تفتر او تتكاسل او تصرفك الصوارف. فاذا بالعمل بعد مدة قد انقطع ثم تحاول في الاستئناف فيعود وينقطع وهكذا وتحدثك نفسك مرة بالحرص على قيام الليل. وتشتاق نفسك لما تقرأ هدي النبي عليه الصلاة والسلام. وسير السلف الصالحين في قيام من الليل فتعزم على ذلك ثم تنشط فتبدأ ليلة واثنتين وثلاثا واربعا ثم تلزم نفسك بساعة او اكثر ونحو وبقدر من القرآن فيه اجزاء ذوات العدد لكنك ما تلبث ايضا ان يصيبك الفتور او انقطاع لاي عارض فينقطع العمل وتعود ثانية وينقطع وهكذا. اذا متى يرزق احدنا يا كرام ديمومة العمل ودوامه والاستمرار عليه يحتاج الى ان يأخذ من العمل ما يطيق. وهذا من الرفق بالنفس ثم الناس في هذا متفاوتون ويكون على على هدي القصد والاعتدال. فاما من شق على نفسه ولو في عمل صالح يوشك ان ينقطع فاذا ما اراد الديمومة والاستمرار فحسبه الرفق بنفسه والقصد فيه والاعتدال. هذا هدي النبي عليه الصلاة والسلام. كان عمله ديما ثم لان لا تغرك نفسك وتقول لافعلن ما فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام هذه عائشة رضي الله عنها امنا هي لنا تقول وايكم يطيق ما كان يطيق؟ يعني اياك ان تظن انك يبلغ بك الجهد والقدر والطاقة ان تحمل نفسك على هدي النبي عليه الصلاة والسلام باكمله. فتعيش حياته من اولها لاخرها فتنزلها على حياتك. هذا ولا شك مطلب وهو شرف يسعى اليه العبد وقصد لا زال المحبون يتسابقون فيه الى الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم لكن تصف لنا ما هو الواقع الذي ينبغي ان نحتكم اليه. ايكم يطيق ما كان يطيقه صلى الله عليه وسلم. اذا هذا نمط من هديه في تعبده لله وصدق علاقته بربه استمرار العمل وديمومته وعدم انقطاعه عليه الصلاة والسلام ولرحمه الله وقالت رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم ونحوه عن ابن عباس وام سلمة وانس رضي الله عنهم. نعم هذا مثال يا اخوة على ديمومة العمل ضربت به ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها وابن عباس وام سلمة وانس رضي الله عن الجميع. ضربوا لنا مثالا لعمل كان يستمر عليه فماذا قالوا؟ كان يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم. يعني لا تشاء ان تراه صائما الا رأيته صائم عليه الصلاة والسلام ولا تشاء ان تراه مفطرا الا رأيته مفطرا. بمعنى انه ربما تتابعت عليه الايام فلا يصوم منها شيئا. وربما قطعت عليه الايام فلا يفطر منها شيئا. ومع ذلك فكان صومه عليه الصلاة والسلام لا يخلو منه ايام حياته ولا شهر من شهور سنته عليه الصلاة والسلام. انما الاشارة ها هنا الى ان الديمومة ربما تأخذ معنا اخر. استمرار والعمل وربما وجد الانسان في حياته ما يصرفه فيعوض ذلك. يعني ارأيت الى صيامه مثلا الاثنين والخميس وصيامه الايام البيض. هل لك ان تقول انه من خرم في حياته كلها اسبوع دون ان يصوم فيه الاثنين والخميس؟ الجواب لا ربما عرظ له ما يفطر بسببه يوم الاثنين او الخميس. وربما ترك شيئا من الايام البيض. هذا وارد بل هذا هو الاقرب الى قواعد اعد هديه وسنته وامارة ذلك امثال هذه الاحاديث كان يصوم حتى نقول لا يفطر. فربما رأى فرصة فيعوض ذلك في في ايام اخر التي افطر فيها وتتابع فيها افطاره فلم يصم. فيكون مقابل ذلك ايام يصومها تباعا حتى يقول الصحابة لا يفطر وهذا الشأن الذي قالوه في الصيام ها هو ايضا وارد في الصلاة كما في الروايات الاتية. نعم قال رحمه الله قال رحمه الله تعالى وقال كنت لا تشاء ان تراه من الليل مصليا الا رأيته مصليا. ولا نائما الا رأيته نائم هذا انس رضي الله عنه يقول كنت لا تشاء ان تراه من الليل مصليا الا رأيته مصليا ولا نائما الا ارأيته نائما والمعنى كما يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في شرح هذا الحديث وهو في البخاري ان انسا رضي الله عنه يقصد ان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ونومه في الليل كان يختلف. ولا يرتب وقتا معينا بل بحسب ما يتيسر له القيام. يعني لو جئت الى الليل باكمله فلا تشاء ان تراه نائما في ساعات الليل الا رأيته نائم ولا تشاء ان تراه مصليا الا رأيته مصليا. فربما كان في ليلة يقضي ساعات في القيام يطول بها اخره وربما اتته ليال فوجدت ساعات قد قضاها في النوم عليه الصلاة والسلام فتأخر فيها قيامه لليل. هذا لا يتنافى مع قولهم كان عمله ديمة. الديمومة هنا اين هي؟ في عدم ترك القيام. لكن ان يقوم ساعة او اثنتين او نصف ساعة او اكثر او تقرأ جزءا او جزئين. اذا ما اردت ان تثبت لك مثلا عملا صالحا في قراءة القرآن. فاجعل لك فيه وردا على الدوام كل يوم. لكن ان يعرض لك عارض فتشغل بشواغل يوما ما ليس من ديمومة العمل الا رأى منه شيئا يوما من الايام بعذر الانشغال. لا اثبت عملك ولو قليلا. كان احب العمل الى رسول الله عليه الصلاة والسلام ما كان ديما احب العمل الى الله ادومه وان قل. ولو كان قليلا لا ينقطع لك العمل. وقل مثل ذلك في كل باب من ابواب الخير والعمل الصالح يقول كنت لا تشاء ان تراه من الليل مصليا الا رأيته مصليا ولا نائما الا رأيته نائما. هذا يقوله انس رضي الله عنه وهو خادم لرسول الله عليه الصلاة والسلام. اذا هو قريب من بيوت النبوة. وهو يعد في عداد اهل البيت الذين يعرفون شأنه داخل الحجرات صلوات ربي وسلامه عليه. نعم قال رحمه الله تعالى وقال عوف بن مالك رضي الله عنه كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ثم توضأ ثم قام يصلي فقمت معه. فبدأ فاستفتح البقرة فلا يمر باية رحمة الا فسأل ولا يمر باية عذاب الا وقف فتعوذ ثم ركع فمكث بقدر قيامه يقول سبحان ذي الجبروت والملكوت والعظمة. ثم سجد وقال مثل ذلك ثم قرأ ال عمران ثم سورة سورة يفعل مثل ذلك. وعن حذيفة رضي الله عنه وقال سجد نحوا من قيامه وجلس بين السجدتين نحوا منه. وقال حتى قرأ البقرة واله عمران والنساء والمائدة نعم هذه يا احبة مواقف يحكيها الصحابة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل. موقف يحكيه عوف بن مالك وثاني عن حذيفة وثالث عن عائشة ورابع عن انس وخامس وسادس وعاشر دعني قبل ان اخوظ في تفاصيل الروايات اقول لك تعدد الرواة في وصف صلاته وقيامه بالليل عليه الصلاة والسلام لاحظ معي ليس الذي يروي احاديث قيام الليل هم زوجاته فقط عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهن ماذا اقصد؟ اقصد انه كان يصلي الليل في حجراته في بيته. وربما خرج فصلى في المسجد وايا كان لاحظ تنوع الرواة هذا عوف هذا حذيفة ذاك انس هذي عائشة وهنا عبد الله بن شخير اتي بعد قليل تعدد الرواة وهم يصفون مشاهد رأتها اعينهم في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يا احبة لما تكون الصلاة معلما في حياة احدنا في حياتنا فتكون عنوانا يراها الناس من حولنا. كان عليه الصلاة والسلام يصلي بهم اماما فروضهم الخمس. لكن كان له من تطوع الليل والنهار ما حكاه الناس. كانوا يرونه يصلي في المسجد وزوجاته يا غيره يصلي في البيت والله ما تعلق قلب عبد بالصلاة الا اذا رأيته في البيت يصلي في المسجد يصلي. كلما وجد فرصة في مكان يتنفل فيه يتعبد لله في غير وقت نهي الا رأيته مسارعا الى الصلاة. عندما تتحول الصلاة كما قلت الى معلم في الحياة فسيراها الناس من حولك وذاك عنوان الفلاح وامارة السعادة والله. هذا تعدد الرواة. لاحظ امرا اخر اختلفت الروايات في الفاظها. هذا يحكي عددا من الركعات والثاني يذكر السور التي قرأها. وثالث يصف الطول في القيام ورابع احكي كيف كان يتدبر القرآن. نعم. تعددت المشاهد. لكن العنوان واحد. هو الصدق تعبده لله وعظمة صلاته بين يدي ربه جل في علاه. صلوات ربي وسلامه عليه. هذا يحكي طولا في القيام. يقول يقرأ البقرة بعمران والنساء والثالث يقول والثاني يقول يقول ركوعه وسجوده بقدر ذاك الطول. والثالث يقول كلما مر باية فيها رحمة وقف وسأل الله واذا اية فيها عذاب وقف وتعوذ تتعدد الروايات كل واحد كان يحكي مشهدا لكن العنوان الذي يجمع ذلك كيف تكون الصلاة لذة كيف تكون حياة عامرة كيف تتحول الصلاة الى متعة يطول فيها القيام يطول فيها الركوع يطول فيها السجود يتقلب فيها العبد بين متعة في القراءة اذا قرأ ومتعة في الركوع اذا ركع ومتعة في السجود اذا سجد. عندما تتحول الصلاة الى هذا المعنى تبصر صلاة كصلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام نعود الى الروايات وقد حكاها الصحابة يقول عوف رضي الله عنه وارضاه والحديث عند ابي داوود والنسائي والترمذي في شمائله. كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فاستاك. يعني استعمل السواك ثم توضأ ثم قام يصلي. قال فقمت معه فبدأ فاستفتح البقرة فلا يمر باية رحمة الا وقف فسأل. ولا يمر باية عذاب الا وقف فتعوذ ثم ركع. قرأ البقرة كلها او بعضها. الرواية محتملة. وان ثبت في رواية غير عوف اكماله عليه الصلاة والسلام ثبت اكماله عليه الصلاة والسلام السور الطوال في ركعة. فكل ذلك ثابت في هديه عليه الصلاة والسلام. هذه القراءة الطويلة يا كرام ما كانت سردا. انما كانت قراءة تدبر وتقريب للقلب في معاني الاية فاذا كانت الايات موطن رحمة وقف وشعر انها موطن يسأل فيها الله من رحمته. والساعة ساعة ليل والموقف موقف عبادة والرب كريم. وهذه الرحمات تتنزل. وان كانت الاية فيها سخط وعذاب ونقمة تعوذ بالله وسأله العصمة والنجاة وسأله الرحمة من العقاب. يقول يفعل هذا مع كل اية. عوف بن مالك وهو يحكي رضي الله عنه هذا كان ملفتا لنظره اما تراه حفظه فرواه؟ اما رأيت انه اعجبه هذا الهدي النبوي الذي ما كان يألفه عن نفسه ولا عن من حوله حتى رأى رسول الله عليه الصلاة والسلام ما انتهت الرواية ولا المشهد. يقول رضي الله عنه ثم ركع فمكث بقدر قيامه من يطيق ان يكون في ركوعه يقضي من الدقائق والمدة ما قضاه حال القيام وهو يقرأ في انتصاب الصلب ركوعا تعظيما لله. والله يا كرام ما يطيق طيلة الركوع الا من استشعر حلاوة التعظيم العظيم لله في الركوع. اما قال عليه الصلاة والسلام اما الركوع فعظموا فيه الرب عندما ينحني العبد راكعا في الصلاة. وهو يستشعر انه في موطن يرفع فيه تعظيمه العظيم لما مقام ربه الكريم والله لو استغرق في الشعور بلذة هذا المعنى العظيم في التعظيم لله لما اطاق رفع من الركوع في لذة هذا المعنى الذي ينغمس فيه القلب. ثم هو يعظم الله في عدد اوصاف العظمة لله. سبحان ربي العظيم سبحان ذي الملك والملكوت سبوح قدوس رب الملائكة والروح ويعدد ما يفتح الله عليه. يقول فعظموا فيه الرب ولما نزلت الاية فسبح باسم ربك العظيم. قال عليه الصلاة والسلام اجعلوها في ركوعكم. ان الركوع موطن تعظيم. فطول ركوعه عليه الصلاة والسلام كان من وراء التلذذ بمعنى التعظيم لله. فعدنا الى اصل المسألة من غابت عنه هذه المعاني؟ واراد الاقتصار على طول في قيام الصلاة. ثم طول في ركوعها ثم طول في سجودها كونوا الصلاة مجرد تطويل مجرد اجوف ليس فيه الا مكابدة تعب ومجاهدة نصب ولن يدفع عن ذلك الا بانها سنة اريد اتباعها يا عزيزي هذه السنة الظاهرة التي فيها طول قيام وطول ركوع وطول قراءة كانت مبطنة بمعنى يتحول مع اهذا الطول الى لذة ومتعة؟ لا يتمنى صاحبها انقطاعها. فلا يحمل احدنا نفسه على هذا التطويل من طلق تطبيق السنة في هيئتها الظاهرة قبل ان يحقق معناها الباطن. القراءة ستكون متعة للقرآن اذا انفتحت لها ابواب القلوب اذا تلذذت بالتدبر والخشوع. عندئذ لن تكفيك الاية ولا الايتان ولا الصفحة ولا السورة ولا السورتان سيسترسل احدنا في القراءة استمتاعا بايات القرآن. فاذا ركع كان تعظيمه لله كذلك. فاذا سجد شعر انها النقطة الاقرب التي تصل بينه وبين ربه. اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. فيه همس في اذن الارض ما يسمعه ربه من فوق سبع سماوات يدلي بحاجاته ويرتمي ويظهر فقره ومسكنته. يسأل الله من خير الدنيا والاخرة. والله لو سجدت مستشعرا هذا المعنى فانقضى بك الليل بطوله ما فترت ولا شعرت ان الوقت قد انقضى وانت تفضي الى ربك وخالقك ومولاك نور ملؤه الحب لله. والتعظيم الصادق لله. وصدق الرغبة وحسن الظن ان الله مجيب لك دعاءك. والله لن تمل وانت تطرق باب الكريم. ولن تتعب وانت تعفر الجبهة بين يدي ربك العظيم. ولن تستعجل في رفع رأسك من السجود وانت تدرك ان كل ما يحمله صدرك من امنيات هي بيد من وضعت جبهته لك الان. وان ظعت جبهتك له بين يديه في سجودك له في الصلاة. ذلكم هو سر الطول في صلاته عليه الصلاة والسلام. ان اطال القيام او اطال الركوع او اطال السجود قال فمكث بقدر قيامه يقول سبحان ذي الجبروت والملكوت والعظمة. الجبروت فعلوت من الجبر وهو القهر وان الله عز وجل كما قال عن نفسه وهو القاهر فوق عباده. وهو الحكيم الخبير. والملكوت ايضا مبالغة من الملك تفرد الله فيه بملك الظاهر والباطن والدنيا والاخرة. وكما قال الله ما لك يوم الدين وملك يوم الدين. قال ثم سجد وقال مثل ذلك يعني في طول سجوده وتظمنه لتلك العبارات التعظيمة لله ثم قرأ ال عمران يعني في الركعة التالية ثم سورة سورة يفعل مثل ذلك يصف في هذا المشهد ما حكاه عوف بن مالك رضي الله عنه وارضاه. وعن حذيفة مثله وحديث حذيفة ايضا اخرجه ابو داوود. وفي سياق عند مسلم يقول حذيفة انه قرأ عليه الصلاة والسلام البقرة والنساء وال عمران وكان يتابع فيها القراءة في قيام واحد عليه الصلاة والسلام. ثم قال وعن عائشة قام رسول الله نعم قال رحمه الله تعالى وعن عائشة رضي الله عنها قالت قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بآية من القرآن ليلة. الحديث اخرجه الترمذي وحسنه وله شواهد وهو ايضا من حديث ابي ذر قام النبي صلى الله عليه وسلم باية حتى اصبح يرددها. والاية هي اية المائدة ان تعذبهم فانهم عبادك. وان تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم مرت بك رواية عوف وانه قرأ البقرة وحديث حذيفة انه قرأ في ركعة البقرة والنساء وال عمران. هذا الان حديث وعائشة تقول قام ليلة باية. اما رأيت كان عليه الصلاة والسلام يديم القيام يديم القرآن لكن الهدي فليس المقصود كثرة قراءة. المقصود يا رجل هو البحث عن تقليب القلب في معنى القرب من الله والتلذذ بين يديه. فان وجدته في اية من الكتاب الكريم فحسبك بها ومن وجد مع اية من القرآن يقرأها في صلاة او خارج الصلاة من وجد فيها انفتاح قلب ووجد فيها نفحات ورحمات وعيشا في معانيها وتدبرا في حكمها واسرارها فالنصيحة الا يبرحها. ويبقى يكررها فانه كلما عاودها استمتع بها اكثر الله اكبر الله اكبر فمن وجد ذلك في نفسه مع اية من كتاب الله فالنصيحة الا يبرحها ولا يزال كلما عاودها وجد فيها متعة وانسا وانفتاحا لباب من ابواب التدبر لكتاب الله كريم. فهذه عائشة تقول رضي الله عنها انه قام صلى الله عليه وسلم باية من القرآن ليلة يعني يرددها حتى اصبح كما حكى ابو ذر رضي الله عنه وارضاه. نعم. قال القاضي عياض رحمه الله تعالى وعن عبدالله بن الشخير رضي الله عنه قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو وهو يصلي ولجوفه ازيز كازيز المرجل. نعم الحديث صحيح اخرجه اصحاب السنن. هذا مشهد عابر يحكيه عبدالله ابن شخير يصف فيه ايضا جانبا من صدق عبودية رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه جل في علاه. يقول اتيته وهو يصلي ولجوفه ازيز عزيزي المرجل المرجل هو القدر الذي يغلي ويثور فوق النار وقد اضطرب ولا يزال في بخار الماء المتصاعد في القدر ما يحركه حتى يضطرب. والازيز هو الخنين. والمقصود به بكاء مع صوت غنة وانتشار وصوت يخرج من الانف. اذا بكى الباقي ثم اظطرب في البكاء واندفع فيه وهو يدافع نفسه ويحبس انفاسه يخرج له هذا الصوت من الازيز. فاذا به كصوت قدر اطبق على ماء يغلي والنار تحته فيضطرب القدر ويتحرى هو هكذا البكاء اذا حبسه صاحبه في قلبه فانه ينتفض ويتحرك ثم يخرج منه صوت يحرص على مدافعته فيشبه الصوت الذي شبهه به في الرواية بازيز المرجل. هذه خشية رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه سبحانه هذا بكاؤه من عظمة الله وتدبر كلام الله في وقوفه بين يدي الله صلوات ربي وسلامه عليه هذا عبد الله بن الشخير حكى موقفا عابرا. يقول اتيته وهو يصلي فحكى مشهدا عابرا. ترى فكيف كانت قناته باكملها عليه الصلاة والسلام. كيف ركع في تلك الركعة؟ كيف سجد؟ ما الذي كان يختلج في فؤاده؟ اي معنى جعله يبكي عليه الصلاة والسلام. اعود فاكرر لك ليس الا الانغماس والتقلب في معاني التعظيم لربنا العظيم. هذا بحر قل لا ساحل له ومن دخله وجد فيه متسعا للاستمتاع والتلذذ بصلاته ان صلى بدعائه ان دعا ان صام بالقرآن ان قرأ بالطواف ان طاف بكل عبادة. اذا توجه فيها الى الله وجعلها منصوبة على ساق تعظيم لله وجدها والله متعة من متع الحياة. لا تنقضي فيقضي فيها الاوقات يصرف فيها الساعات. يتلذذ فيها بحلاوة والقرب من الله هذا هدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال رحمه الله تعالى وقال ابن ابي هالة رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الاحزان دائم الفكرة ليست له راحة. حديث ابن ابي هالة سيأتي قريبا وفيه الرواية بطولها والجملة هنا كان عليه الصلاة والسلام متواصل الاحزان ليس يعني ان حياته تحولت الى حزن وعبوس وبكاء مستمر. يقصد هنا بالحزن حزن الخشية والبكاء وليس حزن العبوس ولا حزن اليأس من الحياة بدليل وصف الصحابة انه كان دائم البشر الصلاة والسلام. واسع الابتسامة لمن يراه صلوات ربي وسلامه عليه. قال دائم الفكرة يعني كثير التفكر في الكون في الخلق في ايات الله في هموم البعثة والرسالة ليست له راحة ولهذا قال الله له فاذا فرغت فانصب والى ربك فارغب نعم قال رحمه الله وقال صلى الله عليه وسلم اني لاستغفر الله في اليوم مائة مرة وروي سبعين مرة. نعم استغفار لربه عليه الصلاة والسلام. ثبت بفعله وثبت بحكاية الصحابة لما يرون من فعله. وثبت بقوله وحث الامة على فضل الاستغفار. سواء كان بلفظ استغفر الله او بزيادة لفظي العظيم استغفر الله العظيم او بلفظي استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم واتوب اليه كل ذلك كثبت كثرة استغفاره هو دوام صلة منه بربه عليه الصلاة والسلام. وختم به المصنف للدلالة على ان جانبا من جوانب عظمة رسولنا عليه الصلاة والسلام في صلته بالله وعبادته بربه هو كثرة استغفاره وتوبته واوبته عليه الصلاة والسلام. ها هنا رواية فيها اثر لا يصح نرجئه للمجلس القادم خشية ادراك اقامة الصلاة. الليلة ليلة شريفة اعمروها بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. والتمسوا فيها البركات والرحمات. يا من يحب محمدا وطريقه بحب بالصلاة مع السلام عليه. فسلامنا يصل الحبيب فيا له شرف لمن اهدى السلام عليه. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صلاة وسلاما دائمين ابدا. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم ارحم ارحم موتانا واشف مرضانا واهدنا سبل السلام ووفقنا لما تحب وترضى واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين وصلى الله