بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي اكرمنا بالاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن. احمد ربي تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان نبينا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. نور اطل على الحياة رحيما. وبكفه والسلام عميما لم تعرف الدنيا عظيما مثله. صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم صل وسلم وبارك عليه وبعد فهذه ليلة الجمعة ايها المباركون التي ما زالت تتنافس فيها اشواق المحبين تستبق الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم. ترجو ان تصيب الكثرة التي اوصى بها المصطفى عليه الصلاة والسلام. وهو القائل اكثروا من الصلاة والسلام علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. اما ان بشأنه في اصل اسلامه محب لنبيه عليه الصلاة والسلام. مقبل على الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم على الدوام. لكن المحبين لهم في ليلة الجمعة شأن اعظم. ومبلغ اكبر. انهم يبحثون عن الاستكثار الذي اوصى به حبيبهم عليه الصلاة والسلام. الكثرة التي لن تقف عند عدد محدد ولا مبلغ معين فترى احدهم كلما بلغ مبلغا من صلاته وسلامه على نبيه عليه الصلاة والسلام ينظر فاذا صلاته وسلامه اقل بكثير من حق المصطفى عليه الصلاة والسلام ويرى انه مهما بلغ دون الكثرة التي اوصى بها المصطفى صلى الله عليه وسلم فتندفع نفسه شوقا وحبا ووفاء بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. هي جمعة القلب المنيب. هي جمعة القلب المنيب خضراء تنبت زاهي الاشجار. صلوا على خير الانام وسلموا في يومها. يا موكب الاخيار. صلى الله عليه واله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. ما زال مجلسنا هذا ايها المباركون نقلب فيه صفحات من شفاء القاضي عياض رحمة الله عليه بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. هذا الكتاب الذي ما زلنا نقلب فصول ابوابه التي خصها رحمه الله تعالى للحديث عن عظيم قدر نبينا عليه الصلاة والسلام. وما حباه الله به من الجلال والمهابة والاكرام من اجل ان تؤسس في قلوب امته قواعد الحب الصادق له صلى الله عليه وسلم. من اجل ان ترفع في قلوب امته واتباع ملته. بنيان المحبة المبنية على معرفة بقدره العظيم. عليه الصلاة وافضل التسليم هذا نبينا عليه الصلاة والسلام اعلى الله قدره ورفع شأنه. جاءت الايات تترى في كتاب الله. جاءت البشارات والفضائل المكرمات التي تخصنا امة الاسلام بنبينا عليه الصلاة والسلام. اخر فصول الباب الذي وقفنا عنده في ليلة الجمعة الماضية ذاك الفصل الذي جعله المصنف رحمه الله لبيان قدر الانبياء والرسل عليهم السلام. وصفاتهم من كمال الخلق وحسن الخلق وشرف النسب ليقول لنا ان الله عز وجل مضت سنته ان تكون اصطفاؤه في اولي الرفعة من البشر. الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس. ان اصطفاء الله للانبياء والرسل عليهم السلام جاء ايضا على قدر من الحفاوة والاكرام لهؤلاء الرسل الكرام عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام في ليلة الجمعة الماضية استمتعت الاسماع وتلذذت الارواح بعظيم ثناء الله جل جلاله على انبيائه ورسله عليهم السلام. عبارات في ايات تتلى الى يوم القيامة. يثني الله. يثني الله سبحانه من فوق سبع السماوات على عباد كرام على رسل عظام يثني الله عليهم ويمدحهم ويزكيهم يرفع اقدارهم يعلي شأنهم وذاك دلالة على انهم صفوة البشر. وانهم سادة الدنيا من بني ادم. رفع الله اقدارهم واعلى شأنهم فكانوا مضرب المثل لاممهم. عبارات وايات تثور معها اشواق المسلم. ومحبته لربه عز وجل وهو يدرك ان من بني ادم من بلغ مبلغا احبه الله. فاخبر برضاه ليقول سبحانه وتعالى عن بعض عباده وكان عند ربه مرضيا ويقول الخليل ابراهيم عليه السلام يحكي مكانته عند ربه وما يشعر به من الحفاوة انه كان بي حفيا ويحكي زكريا عليه السلام شوقه وصدق تعلقه بربه وهو يبث الدعوات ويناجي في الاسحار ويبلغ ربه حاجة صدره ولم اكن بدعائك ربي شقيا. ناهيك عن ثناء الله على بعض عباده. نعم العبد انه اواب وانهم عندنا لمن المصطفين الاخيار. انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا. انه كان مخلصا ورفعناه مكانا عليا تلك ايات. ما زلنا نقرأها ونسمعها ترفرف معها والله ارواح العباد. وهي ندرك ان ثناء عظيما تتهاوى عنده كل اوسمة المدح والشرف والنفاق والتمدح والتملق الزائف الذي يبذله بشر لبشر هذا ثناء رب البشر. ما زال في الفصل بقية فيما ساقه المصنف رحمه الله تعالى. وقد مر على جملة وافرة من نصوص القرآن العزيز التي فيها ثناء الله على انبيائه ورسله الكرام عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة واتم السلام. وقف بنا الحديث عن نبي الله داود عليه السلام. واخر ما جاء في ذلك حديثه عليه الصلاة والسلام فيما اخرج البخاري خفف على داوود القرآن فكان يأمر بدوابه فتسرج فيقرأ القرآن قبل ان تسرج ولا يأكل الا من عمل يده. وقول الله عز وجل والمنا له الحديد. ان اعمل سابغات وقدر في السرد وكان سأل ربه ان يرزقه عملا بيده يغنيه عن بيت المال. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في صفات الانبياء والرسل من كمال الخلق وحسن الخلق وشرف النسب الى ان قال وقيل بكى حتى نبت العشب من دموعي. وحتى اتخذت الدموع في خده اخدودا. نعم لعلك تبدأ من قوله وكان يلبس الصوف ويفترش الشعر وكان يلبس الصوف ويفترش الشعر ويأكل خبز الشعير بالملح والرماد. ويمزج شرابه بالدموع ولم يرى ضاحك كم بعد الخطيئة ولا شاخصا ببصره الى السماء حياء من ربه ولم يزل باكيا حياته كلها وقيل بكى حتى نبت العشب من دموعه وحتى اتخذت الدموع في خده اخدودا. وقيل كان يخرج متنكرا يتعرف فيستمع الثناء عليه فيزداد تواضعا. نعم عامة ما يروى عن انبياء الله عليهم السلام في مناقبهم وصفات الخيرية فيهم والمناقب التي تذكر في صفات الشرف الجلال فانها ان لم تكن في كتاب الله او في الصحيح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانها فيما يروى في الاسرائيليات يعني ما يتناقله علماء بني اسرائيل ويروونه عما يجدونه في كتبهم السابقة. فمثل ذلك تحمل على اكمل المحامل وما يذكر فيه عن انبياء الله عليهم السلام فهو ثابت مثله جملة في نصوص القرآن وقد مر مثلها كثير يصف ها هنا داوود عليه السلام بصفات التواضع وقلة التكلف والزهد في هذه الحياة كان يلبس الصوف عليه السلام ويفترش الشعر ويأكل خبز الشعير بالملح والرماد المقصود به ما يلتصق بالخبز حين خبزه وحين طبخه وحين صنعه فيلتصق به بقايا من رماد ومثل هذا لا يقبل اكله ولا يستسيغه الا من كان على قدر من التواضع وقلة التكلف في المعاش اما اولي الهيئة واصحاب المراتب العلا فانهم يأنفون من مثل ذلك. ولا يليق بهم الا النظيف والرقيق واللذيذ والطيب من الطعام وما بلغ اعلى المراتب. لكن ليقول لك ان الانبياء عليهم السلام. مع علو منازلهم التي بها اعلى مناصب البشر علوا ورفعة. فانهم ما كانوا ابدا يظهرون ولا يعملون ولا يقولون ولا يسيرون في حياتهم على نهج العظماء من البني البشر الذين اتخذوا من مظاهر الدنيا صورا لعظمتهم كانوا يرظون بالقليل ويقنعون باليسير ويعيشون على الكفاف ويأكلون ما تيسر وذلك شأن الانبياء جميعا عليهم السلام قال ويمزج شرابه بالدموع ولم يرى ضاحكا بعد الخطيئة ولا شاخصا ببصره الى السماء حياء من ربه ولم يزل باكيا حياته كلها المحمل في ذلك على ما حكى الله عن داود عليه السلام. لما اتاه الخصمان فقال عنده يشتكيان؟ قال احدهما ان يا اخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال اكفلنيها وعزني في الخطاب. فابتدر داود عليه السلام الجواب قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه. وان كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض. الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود انما فتناه. ففطن عليه السلام الى ما كان من العجلة في الحكم فيما لا يرضاه الله عز وجل لمثله. فما كان منه الا سرعة الاوبة والتوبة. فاستغفر ربه وخرر واناب فاثنى الله عليه فغفرنا له ذلك وان له عندنا لزلفى وحسن مآب. ثم جاء التوجيه الهي يا داوود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله الى اخر ما جاء في الايات في سورة صاد. قال رحمه الله وقيل بكى حتى نبت العشب من دموعه. وحتى اتخذت الدموع في خده اخدودا وقيل كان يخرج متنكرا يتعرف سيرته. يعني يستمع ما يقال عنه من خير او شر وشأنه في ذلك ان يعرف فموقعه عند الناس عند ملته عند اتباعه من اجل ان يعرف اي سيرة هو يسيرها في قومه. فيخرج متنكرا لم لئلا يعرف ولان لا لا يجامل في القول والا يداهن في العبارة فيخرج متنكرا فيسمع كلام الناس على سجيتهم وعلى طبعهم في صدق ما يعبرون به عما استقر في ضمائرهم. وكمن في سرائرهم. فكان لا يسمع الا ثناء عاطرا عليه صلاة الله وسلامه. قال فيستمع الثناء عليه فيزداد تواضعا. لتعلم انه ما اراد باستماع الثناء ان يعود متبخترا او ان يهب ان يتباهى بذلك ويزهو به حاشاه عليه السلام لكن ان كان على خطأ ليصوب المسير وان رأى غير ذلك من الثناء حمد الله فازداد تواضعا كما سمعت عليه السلام. نعم وقيل لعيسى عليه السلام لو اتخذت حمارا قال انا اكرم على الله من ان يشغلني بحمار. وكان يلبس الشعر ويأكل الشجر ولم يكن له بيت اينما ادركه النوم نام وكان احب الاسماء اليه ان يقال له مسكين. نعم وهذا شأن عيسى عليه السلام. وهو ايضا يضرب به المثل في الزهد والانصراف عن الدنيا والتقلل في المعاش والرضا بالكفاف والقناعة باليسير يساق هذا يا كرام لاجل ان نقر وندرك ان ما عاشه نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم. انما شارك فيه اخوته الانبياء عليهم السلام. فكانوا نورا يخرج من مشكاة واحدة. وكانوا عليهم السلام اخوة يتشاركون بصفات من العظمة ارادها الله عز وجل لامثالهم. ليست عظمة الزيف لا. ولا التبختر والعلو على لا ولا رفعة القدر واحتقار الاخرين حاشاهم. لكن عظمتهم الحقيقية فيما سمعت في الاخبات الى الله في انكسار بين يديه في التقلل من الدنيا في الرضا باليسير عظمتهم عظمة منازل عند ربهم جل في علاه. عظمتهم ازدياد تواضعهم كلما رفع الله اقدارهم تلك العظمة الباطنة الحقيقية ايها الكرام. يقول عن عيسى عليه السلام وقد سئل لو اتخذت حمارا؟ قال انا اكرم على الله من ان اشغلني بحمار. يذكر هذا بقصة عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما قيل له كان حمار يخدمه ويستعمله في شؤونه. فاعجبه ثم باعه ذات يوم فسئل ما بالك قد بعته وقد وافقك يعني رأيته ممن رظي طبيعتك وتأقلم معك ويفهم عنك ويقوم على الوجه المطلوب خير قيام فقال رضي الله عنه وارضاه انه قد اذهب بشعبة من قلبي. فخشيت ان يتعلق قلبي بحمار يقول ما ارضى ان يكون شيء في حياتي من الدنيا اتعلق به فيشغل بالي ولو كان حمارا. لله در هؤلاء العظام الكبراء الذين ما رأوا قلوبهم الا محلا ينبغي ان يخلص في حبه وتعلقه بالخالق سبحانه وتعالى ليس محرما على العبد ان يحب ملذات الدنيا كيف وقد قال الله زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المس والانعام والحرث. ذلك متاع الحياة الدنيا. كل هذا مباح بل هي فطرة كما سمعت. لكن شأن هؤلاء الاصفياء السادة الكبراء من بني البشر انهم يصفون ما في قلوبهم من ود وتعلق وحب يشغل القلب انشغالا عظيما يجعلونه خالصا لله جل وعلا فيبرئون قلوبهم وينزهونها عن ادنى تعلق. وعلى مثل هذا يحمل صنيع هؤلاء صلى الله على عيسى عليه السلام ورضي الله عن ابن عمر. قال وكان يلبس الشعر ويأكل الشجر ولم يكن له بيت اينما ادركه النوم نام وكان احب الاسماء اليه ان يقال له مسكين تواضعا واخباتا لله سبحانه وتعالى. نعم وقيل ان موسى عليه السلام لما ورد ماء مدينة كانت ترى خضرة البقل في بطنه من الهزال. وقال هذا ما جاء في سياق قصة موسى عليه السلام في سورة القصص ولما توجهت القاء مدينة قال عسى ربي ان يهديني سواء السبيل. في قصة فراره من مصر بعد ان قتل الفرعوني القبطي فخرج عليه السلام فارا من بطش فرعون وجبروته. ولما ورد ماء مدين وجد عليه امة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان. قال ما خطبكما؟ قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء حتى ينصرف الرعاة حياء منهما وابونا شيخ كبير فابتدر بكرامته ومروءته وشهامته عليه السلام فسقى لهما ثم تولى الى الظل فقال قال ربي اني لما انزلت الي من خير فقير تعبير موسى عليه السلام في هذا المقام ولاحظ هذا قبل ان يبعث. وقبل ان يكون نبيا عليه السلام قاله معبرا عما وجده من نفسه من حاجة وافتقار قيل في وصف الفقر الذي رفع به شكواه الى الله فقال ربي اني لما انزلت الي من خير فقير انه منذ خرج من مصر الى مدين ما اكل شيئا فاصابه الجوع والتعب والهرب وطول المسير حتى اواه المقام الى دار الموضع في مدين فقام فاستقى للمرأتين وهو لا يزد لا يزال يجد من الجوع المه الشديد. فاظهر شكواه لله. قال ربي اني لما انزلت الي من خير فقير. حكى بعض المفسرين قيل كان يرى خضرة البقل في بطنه. من شدة الجوع الذي اصابه انه ما اكل شيئا لكن الهزال الشديد الذي اعترى بدنه عليه السلام جعله يظهر شكواه لله وتعفف عن السؤال ورغم خدمته للمرأتين ما سأل مقابل ذلك شيئا. انه معروف العظماء. انه شيم النبلاء والكرماء. الذين لا يرون في بذل معروفهم للناس مقابل شيء ينتظرونه اطلاقا لكنه وجه سؤاله الى الله جل في علاه وهذا جانب من عظمة لنبي الله موسى عليه السلام وقال صلى الله عليه وسلم لقد كان الانبياء قبلي يبتلى احدهم بالفقر والقمل وكان ذلك احب اليهم من العطاء اليكم. وقال عيسى عليه السلام لخنزير لقيه اذهب بسلام. فقيل له في ذلك فقال اكره ان واذا لساني المنطق بسوء. نعم ابتلاء الانبياء عليهم السلام ثابت في عدد من الاحاديث. منها قوله صلى الله عليه وسلم ولما سئل اي الناس اشد بلاء؟ قال الانبياء؟ وفي الحديث الصحيح اشد الناس بلاء الانبياء ثم الامثل فالامثل. السؤال هنا هذا الابتلاء يا قوم الابتلاء فتنة الابتلاء قد يكون في النفس في الصحة والعافية. قد يكون في الولد في الزوجة في الاهل. قد يكون في المال ايا كان الابتلاء تراه شيئا غير ما تريده النفوس. شيء مكروه لا تحبه النفس لانه ابتلاء. ان يضيق على الانسان في صحته ان يبتلى في اهل بيته زوجته وولده ان يذهب ماله وهكذا الحال ابتلي يوسف عليه السلام ففقد الاسرة والوالدين. وابتلي ابوه يعقوب عليه السلام ففقد احب ولده اليه. وابتلي ايوب عليه السلام بالمرض حتى فارقه اهله. وابتلي الانبياء بعضهم بالقتل وبعضهم بالتكذيب والطرد. وبعضهم باذى قومه وتسلطه وابتلي نبينا عليه الصلاة والسلام بالوان من البلاء تعرفونها جيدا. السؤال كيف يجتمع هذا مع كونهم صفوة الله من خلقه ايبتلي الله عبدا يحبه ايعذب الله جل وعلا بشرا يصطفيه ويقربه؟ الجواب ان الابتلاء ليس تعذيبا الابتلاء امارة محبة الابتلاء امارة اصطفاء. وانت ترى ان البشر كلما علا قدرهم اشتد ابتلاؤهم من الله ومصداق ذلك في الحديث اشد الناس بلاء الانبياء. ثم الامثل فالامثل. يعني يلي الانبياء من البشر من هو اعلى وافضل وخير منزلة من غيره من البشر. يشتد البلاء كل انما صدق ايمان العبد كيف يفهم هذا يا كرام يفهم بشيء واحد ان الله اذا احب عبدا ابتلاه ومراد الابتلاء ها هنا تثبيت الاقدام. وتمحيص المواقف ورفعة الدرجات. نعم. يبتلي الله الصفوة من ليرفع اقدارهم وليزيدهم فضلا على فضلي. هكذا هو ابتلاء الكرام عند الله. هكذا ابتلي الانبياء لئلا يحزن مبتلا بعد اليوم. ولان لا ييأس مكروب ولان لا تضيق في نظره الحياة. ولالا تصعب عليه نفسه هو يجد مضائق الحياة والابتلاء يوما بعد يوم في اي درب من دروب الحياة. نحن بشر واذا احسن العبد ظنه بربه رأى في ابتلائه له امارة خير فيصبر نفسه ويحملها على خير المحامل. رضا عن الله وصبرا على مكاره المقدور. والتماسا للفرج عما قريب. هكذا هو شأن الصالحين. هذا ديدنهم هذا الانبياء والمرسلين عليهم السلام وهكذا عاشوا في حياتهم. ونبينا عليه الصلاة والسلام بلغ في ذلك المبلغ الاعظم. والله يا لكأنك ترى انه كلما عظم البلاء عظم من ورائه العطاء. وصدق من قال ويكأن العطاء لا يأتي الا على طبق من البلاء كلما نظرت الى بلاء عظيم كلما اشتدت عظمة البلاء فابشر بعظمة عطاء تتناسب وعظمة البلاء الذي الذي حل بصاحبه لكن ذلك مرهون بموقف العبد من البلاء صبرا ورضا وتسليما ثم ملازمة لاعتاب الكريم. رضا وتملقا ودعاء وتضرعا. ثم حسن ظن وصدق بفرج قريب لا والله ما يعذب الله عبدا احبه ولا يريد به سوءا قط مهما ابصر احدنا بنظره القاصر ان الدنيا قد ضاقت من حوله. وان العافية قد ارتحلت عن داره وان اهله وماله وكل محبوب في دنياه اوشك على الفراق. وانه قد زال ما بيده من محبوب ومطلوب ومستلذ ومستطاب ارفع رأسك وابعد نظرك الى الافق البعيد. لترى كرما الهيا. هناك وراء الغيب في القدر لتدرك ان عظمة العطاء تستكن خلف البلاء اشد الناس بلاء. والله لو لم نعلم ان الانبياء اعظم راتب البشر درجة وافضلهم من الله اعطي لما فهمناه الا على هذا الوجه عظمت اقدارهم فعظم بلاؤهم. اشتد بلاؤهم فنالت اعطياتهم عنان السماء. وبلغت ذلك المبلغ العظيم. فهون عن بك ايها المكروب وابشر بفرج وعطاء قريب ايها المبتلى. ما كل مبتلى يريد الله عز وجل ان يذهب عنه السيئات. بل تكون رفعة للدرجات وتمحيصا وقد تكون تهيئة لمقام اعظم. يريد الله بعبده ان يبلغه فلا يبلغه بعمله ولا بصالح مكتسبه فيبلغه الله بالبلاء ما لا يبلغ بالعمل حسب احدنا احسان برب كريم رحيم هو ارحم بنا من انفسنا ومن امهاتنا اللائي ولدننا ومن ابائنا الذين يرعون في الحياة والله ارحم بالخلق من الخلق. فاحسان الظن يقتضي الا يجد العبد في بلاء في حياته قط الا عطاء الهيا. وقد قال الله ولنبلونكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون. نعم وقال مجاهد كان طعام يحيى عليه السلام العشب. وكان يبكي من خشية الله تعالى حتى اتخذ الدمع مجرا في خده وكان يأكل مع الوحش لئلا يخالط الناس. نعم. هذا ايضا طرف من شأن يحيى عليه السلام. كان طعامه العشب وكان يبكي من خشية الله حتى اتخذ الدمع مجرى في خده وكان يأكل مع الوحش لان لا يخالط الناس. فان قيل هذا ضرب من المبالغة وقد لا يقبل مثله في شأن الانبياء عليهم السلام. فالجواب ان مثل هذا كما اسلفت في مقام الاسرائيليات التي تحكي شأن الانبياء عليهم سلام تقبل من غير تصديق ولا تكذيب لكن يعتبر بما فيها ويحمل ما يتعلق بالانبياء عليهم السلام على اكمل المحامل واشرف المراتب. نعم وحكى الطبري عن وهب ان موسى كان يستظل بعريش ويأكل في نقرة من حجر. ويكرع فيها اذا اراد ان يشرب كما تكره الدابة تواضعا لله بما اكرمه الله به من كلامه. نعم. حكى الطبري عن وهب ووهب احد علماء الاحبار ممن ان موسى عليه السلام كان يستظل بعريش. في صورة من مظاهر التواضع والتقلل في الحياة. العريش ما يتخذ من ان جريد النخل ونحوه اذا يبس ليكون ظلا يستظل به الانسان تحته. اذا ليست هي القصور الفاخرة ولا المباني الفارهة ولا القباب المشيدة كان يستظل بعريش اشارة الى التقشف وقلة المعاش الى الزهد الى الفقر الى التقلل في كل انماط الحياة. قال ويأكل في نقرة من حجر يعني ان طعامه لا يجتمع في طبق ولا يأكله على موائد ممتدة ولا تفرش له السفر الطويلة. نقرة الحجر اذا لكانت صخرة وعلى ظهرها نقرة يعني حفرة في حجر في ظهر حجر فما عساها ان تسع من الطعام شيء قليل لقيمات معدودات. يقول هذا طعام موسى عليه السلام. قال وكان يكرع فيها اذا اراد ان يشرب كما تكرع دابة الا ترى الى الدوام كيف كيف تشرب الماء؟ فانها تدني رأسها فتكرع اي تأخذ الماء فيها من ذلك الموضع الذي يجتمع فيه الماء. يقول كان موسى عليه السلام يكرع الماء في نقرة الحجر. يعني قلة شديدة الطعام والشراب قال تواضعا لله بما اكرمه الله من كلامه. نعم واخبارهم في هذا كله مسطورة وصفاتهم في الكمال وجميل الاخلاق وحسن الصور وحسن الصور وحسن الصور وحسن الصور والشمائل معروفة مشهورة. فلا نطول بها ولا نلتفت الى ما نجده في كتب بعض جهلة المؤرخين والمفسرين مما يخالف هذا. خلاصة الفصل ان شأن الانبياء عليهم السلام كان على التمام والكمال كمال البشر الذي لا يبلغه احد بعدهم عليهم السلام. وانهم في كل ما اتاهم الله جل وعلا. كانوا على اعظم واشرف المناصب بلغوا درجات العلا والكمال. وهم في ذلك متفاوتون كما تقدم في مطلع الفصل تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ونبينا عليه الصلاة والسلام قد بلغ المنزلة الاعظم والمكانة الاشرف والمرتقى اكرم صلى الله عليه واله وسلم. وانهم عليهم السلام بما حكي عنهم في القرآن. وما ثبت في النصوص وما نقلته الاخبار الاسرائيلية كلها تجتمع في انهم كانوا على درجة من الكمال والجلال والجمال. وانهم قد بلغوا مراتب الفخار والشرف التي تجعلهم اسوة في اممهم. وهذا احد الفوائد يا كرام. فوق ان تحمل الصدور توقيع لانبياء الله هو واجب لهم علينا عليهم السلام وانه ايضا باب لان نتأسى بهم في مكارم اذا ما اردنا ان نبحث عن القدوات بين البشر. واذا ما اردنا ان نتأسى باناس نرى فيهم صور القدوة والامتثال ها هم رسل الله عليهم السلام. قصصهم اخبارهم. سيرهم كلها عطرة ومشتملة على جليل الاخبار تجتمع في مجامع قوامها الافتقار التواضع الانكسار الصدق الامانة كريم الاخلاق. النأي عن السفاسف الترفع عن الدنايا. الحشمة عما لا يليق الابتعاد عن كل ما يمكن ان يسيء الى احدهم تلك مجامع للكرم وخصال للشرف اجتمعت في الانبياء جميعا عليهم السلام فصل جعله المصنف رحمه الله ليلج به الى باب بعده ربطا بفصل سابق وفصول مضت للحديث عن عظيم قدرنا نبينا صلى الله عليه واله وسلم. نعم فصل في حديث هند ابن ابي هالة وعلي ابن ابي طالب في شمائله صلى الله عليه وسلم قال المؤلف رحمه الله تعالى قد اتيناك اكرمك الله من ذكر الاخلاق الحميدة والفضائل المجيدة وخصال الكمال العديدة واريناك صحتها له صلى الله عليه وسلم. وجلبنا من الاثار ما فيه مقنع. والامر اوسع هذا الباب في حقه صلى الله عليه وسلم ممتد تنقطع دون نفاذه الادلاء. وبحر علم خصائصه زاخر لا تكدره الدلاء. ولكنا اتينا فيه بالمعروف مما ما اكثره في الصحيح والمشهور من المصنفات واقتصرنا في ذلك بكل من كل وغيض من فيض ورأينا ان نختم هذه بحديث الحسن عن ابن ابي هالة لجمعه من شمائله واوصافه كثيرا وادماجه جملة كافية من من سيره وفضائله ونصله بتنبيه لطيف على غريبه ومشكله. نعم اما وقد امتعت سمعك عبد الله بثناء الاله على رسله الكرام عليهم السلام. ومر بك ذاك الفصل عاطر الزاخر الذي كانت تنبض فيه الايات بعظيم قدر الانبياء عليهم السلام. وهناك خفقت الارواح بعظيم كالمنازل الرفيعة الشريفة لرسل الله الكرام عليهم السلام. وكيف تهفو النفوس في علياء هذا الكمال والجلال البشري الان امتع سمعك بعذب الوصف ولذيذ العبارة التي تصف حال سيد الخلق عليه الصلاة والسلام. في جماله وكماله وجلاله. كل ما مضى من فصول كانت تجمع شتاتا متباعدا متفرقا يا رجل من ذا الذي يسعه ان يجمع في حديث او في كتاب او في مقال او في خطبة او في قصيدة من ذا الذي يسعه ان يجمع اخلاق المصطفى عليه الصلاة والسلام فيزعم انه قد حواها وصفا وعبارة من ذا الذي يسعه ان يجمع ايضا في مقالة وعبارة وقصيدة وخطبة ان يجمع فيها جمال المصطفى صلى الله عليه وسلم انت ماذا تريد ان تجمع؟ تجمع حياة عاشها الناس من حوله على مدى ثلاث وعشرين سنة. كانت بسنواتها وشهورها واسابيعها وايامها وصبحها ومسائها بل وساعاتها ولحظاتها كانت كل عظمة تحكي حياة المصطفى عليه الصلاة والسلام. وقد مرت بك الفصول تلو الفصول التي تحاول ان تقتبس النواحي تلك العظمة ما نقربه اليوم الى بني الاسلام ليقفوا على عظيم قدر المصطفى صلى الله عليه وسلم مرارا كما قلت من اجل احلاله المحل اللائق به في القلوب محبة وايمانا وتصديقا واتباعا وطاعة وتقديما له صلى الله عليه واله وسلم. من اجل ان يكون المحبوب الاول والمتبع الاكمل والرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام القدوة والانموذج لكل مسلم محب صادق في حبه لنبيه عليه الصلاة والسلام تنوعت تلك الفصول وكانت كما قال المصنف رحمه الله الامر اوسع ومجال هذا الباب في حقه صلى الله عليه وسلم ممتد تنقطع دون نفاذه الادلاء. يعني لو جمعت كل دليل يقودك الى ما يمكن ان يستوعب به شأن المصطفى صلى الله عليه وسلم وعظمته كانقطعت دون ذلك الجهود وفنيت الاعمار. وصدق رحمه الله قال وبحر علم خصائصه زاخر لا تكدره الدلاء كان اصحاب المياه سابقا اذا اغترفوا واستقوا من الماء القى احدهم بدلوه في البئر ليخرج من الماء ما شاء فكلما ادخل دلو تلو دلو تكدر الماء ولا يتكدر الماء في الابار والانهار الا عن قلة. فاذا كان الماء غزيرا قيل في مضرب المثل به لا تكدره الدلاء. يعني مهما وقعت فيه الدلاء على عدم نظافتها وما تعلق بها من طين وتربة ووسخ فان الماء لا يتكدر لعظمته لغزارته لشدة تدفقه. فيقال في مضرب المثل لا الدلاء يقول بحر خصائصه عليه الصلاة والسلام لا تكدره الدلاء. فمهما اتى الانسان منذ ذلك الزمان والى اليوم ليجمع ليصف ليحكي لينقل شيئا من بحر خصائص المصطفى عليه الصلاة والسلام لتقريب عظمته لامته فانه لا يزال بحرا متدفقا مهما اغترفت منه الدلاء لم يزل يفيض من العلم الكبير الذي تستقي منه الامة. قال ولكنا اتينا فيه بالمعروف واقتصرنا في ذلك بكل من كل يعني بقليل من من الكل الكثير وغيظ من فيض يعني بنبذة يسيرة من شيء فائض كبير عظيم. ورأينا ان نختم هذه الفصول بحديث الحسن ابن علي ابن ابي طالب رضي الله عنهما عن ابن ابي هالة وهو خاله اخو امه من امها كما سيأتي وصفه لجمعه من شمائله واوصافه كثيرة. وادماجه جملة كافية من سيره وفضائله. يا احبة لم يزل حديث هند بن ابي هالة عند المؤرخين وارباب السير واصحاب الشمائل المحمدية لم يزل حديثا غاية العظمة. ما حديث هند هذا؟ من هند؟ هند بن ابي هالة هو ابن خديجة بنت خويلد ام المؤمنين رضي الله عنها زوج رسول الله عليه الصلاة والسلام. كانت قد انجبته من زوجها ابي هالة قبل زواجها برسول الله صلى الله عليه وسلم فولدت هندا هذا فلما تزوجت بنبينا عليه الصلاة والسلام وانجبت له البنين والبنات اصبح هند هذا اخاهم لامهم هند هذا اخو رقية وام كلثوم وزينب وفاطمة رضي الله عنهن فالحسن والحسين ابناء فاطمة هند هذا خالهم بانه اخو امهم فاطمة من امها خديجة. هند بن ابي هالة اذا باختصار هو ربيب بيت النبوة. هو ابن زوجة رسول لا صلى الله عليه وسلم. اذا هو رجل احد المقربين من بيت النبوة. بل واحد في عداد اهل البيت يعيش بينهم هذه واحدة والثانية التي تتعلق بهند هذا انه كما سيأتي في الرواية كان رجلا وصافا. يعني الوصف والوصافون يا اخوة يمتازون عن غيرهم بميزتين الاولى دقة الملاحظة وشدة التتبع فانه يرى ويدقق فيما لا يدركه بصري وبصره. يمر كلانا بموقف بمكان بمنظر بشخص فانا وانت نحفظ من الملاحظات للمكان وللاشخاص بجملة عامة لكن الوصافين يعتنون بادق التفاصيل فاذا هم يحتفظون في وصفهم بما لا يسع غيرهم ان يدركه. هذه واحدة واما الثانية فان الوصافين ايضا يمتازون بروعة العبارة التي تحكي تفاصيل الوصف الذي يحتفظون به. فتراه يتكلم عن كل لجانب وكل جزء بما قد لا يدركه غيره. وهذا الذي كان حقيقة في حديث هند. فكان احد الاحاديث الطوال في كتب السنة ومرويات السيرة التي تحكي اوصاف النبي عليه الصلاة والسلام. بل هو اطول حديث في الشمائل المحمدية لا يعرف حديث مثله في طوله. حكى اوصاف خلقته عليه الصلاة والسلام. ما ترك العينين ولا الفم ولا الاهداب والرموش ما ترك اليدين والرأس والاطراف ما ترك الصدر والبطن والشعر ولون البشرة. وهو مع ذلك كله حكى ايضا اوصاف الخلق الكريم لنبينا العظيم صلى الله عليه وسلم. حكى ايضا مواضع دقيقة من الحياة في الدخول والخروج في الجلوس والمخرج والمأكل والمشرب. في الجملة حديث هند احتفى به العلماء علماء لاجل ذلك كله فيما اسلفت قبل قليل. وفيه ايضا عبارة جميلة ووصف رائق وبلاغة فصيحة حدت بالائمة الكبار كالامام ابي عبيد القاسم ابن سلام مثلا او ابن قتيبة رحمهما الله الى العناية شرح الفاظ الحديث وبيان معاني الغريب فيها. لان العبارة جزلى والالفاظ فخمة. وكان الوصف بليغا بلفظه ومعناه له معا في ان واحد. حديث هند ايضا كان محل عناية واعتبار لانه جمع في طوله شتات ما تفرق في غيره من الاحاديث التي وصفت نبينا عليه الصلاة والسلام. بقي ان تعلم عبد الله ان حديث هند بن ابي هالة الذي سنقرأه في مجلسنا الليلة ونتابع فيه ربما مجالس عديدة لطوله وعظيم ما اشتمل عليه انه حديث ظعيف السند عند بل ضعيف جدا لجهالة في الرواة وعدم علم ببعض اسمائهم. وهي على شروط المحدثين لا يمكن الحكم بصحة الحديث والحال كذلك فكيف نفهم اهتمام العلماء وعنايتهم بالحديث؟ الجواب هو ما اسلفت لك من الامور التي اجتمعت في حديث هند بالاضافة الى انه ليس فيه من الوصف ما يخالف غيره من الاحاديث الصحاح فهو في سياقها ويشهد له ما جاء في المرويات المتفرقة المتناثرة فيعضد ما تفرق في غيره من الاحاديث. فضلا عن انه تفرد بجوانب من جمال الوصف لم توجد في غيره. فلاجل ذلك احتمله العلماء. وتكلموا عنه وتعلموا به وذكروا من جميل عباراته وجليل اوصافه ما يستحق الا يفوت على مقبل في دراسة الشمائل ان ادرسه ولا على معتن بمعرفة حقوق النبي صلى الله عليه وسلم ايضا ان يمر به وان يقف عليه وان يتعرف لاجل ذلك حرص المصنف رحمه الله في الباب الذي جعله مخصوصا ببيان عظمة قدر نبينا عليه الصلاة السلام ان يختمه بهذا الحديث. فجعله في اخر فصول هذا الباب. واحسن صنعا رحمه الله لم يصدره قبل من الايات والاحاديث الصحاح لئلا يكون فيه مطعم. ولم يفوته لان مثل الحديث هذا لا يفوت. فختمه موضح ان ما اشتمل عليه من معاني العبارات والالفاظ. نعم قال حدثنا القاضي ابو علي الحسين ابن محمد الحافظ رحمه الله بقراءته عليه سنة ثمان وخمسمئة قال حدثنا الامام ابو القاسم عبد الله ابن عبد الله ابن ظاهر التميمي فيما قرأت عليه اخبركم الفقيه الاديب ابو بكر محمد بن عبدالله بن حسن النيسابوري والشيخ الفقيه ابو الله محمد بن احمد بن الحسن المحمدي. والقاضي ابو علي الحسن بن علي بن جعفر الوخشي. قالوا جميعا حدثنا ابو القاسم علي ابن احمد ابن محمد ابن الحسن الخزاعي قال اخبرنا ابو سعيد الهيثم ابن كليب الشاشي قال اخبرنا ابو عيسى محمد بن سورة حافظ هذا ابو عيسى هو الامام الترمذي رحمه الله محمد بن سورة والمصنف ساق الحديث بسنده اليه. لان الامام الترمذي رحمه الله ساق هذا الحديث ايضا في شمائله في كتابه بالشمائل المحمدية فساق المصنف الحديث بسنده الى الامام الترمذي كما ساقه في مصنفه في الشمائل. نعم قال حدثنا سفيان بن وكيع قال حدثنا جميع ابن عمير ابن عبد الرحمن العجلي املاء من كتابه قال حدثني رجل من بني تميم من ولد ابن ابي هالة زوج خديجة ام المؤمنين رضي الله عنها يكنى ابا عبدالله عن ابن لابي هالة هذان موضعان فيهما جهالة في السند كانت احد اسباب تضعيف الحديث. قال حدثني رجل من بني تميم من ولد ابي هالة فلم يسمى وعدم تسمية الراوي سبب يفضي الى الجهالة والجهالة احد اسباب الضعف. قال يكنى ابا عبد الله عن ابن لابي هالة وهذا راو اخر فايضا لم يسمى في الحديث. نعم زوجي خديجة ام المؤمنين رضي الله عنها يكنى ابا عبدالله عن ابن لابي هالة عن الحسن ابن علي ابن ابي طالب رضي الله عنهما قال سألت يا هند بن ابي هالة قال القاضي ابو علي رحمه الله تعالى وقرأت على الشيخ ابي الطاهر احمد بن الحسن بن احمد بن خداده الكرجي الباقلاني. هذا سند اخر يسوقه المصنف رحمه الله لحديث هند بن ابي هالة نعم قال واجاز لنا الشيخ الاجل ابو الفضل احمد بن الحسن بن خيرون. قالا اخبرنا ابو علي الحسن بن احمد بن ابراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان بن وحرب بن مهران الفارسي قراءة عليه فاقر به قال اخبرنا ابو محمد الحسن ابن محمد ابن يحيى ابن الحسن ابن جعفر ابن عبد الله ابن عبيد الله ابن الحسين ابن عبيد الله ابن الحسين ابن علي ابن الحسين ابن علي ابن ابي طالب المعروف بابن اخي طاهر العلوي قال حدثنا اسماعيل ابن محمد ابن اسحاق ابن جعفر ابن محمد ابن علي ابن الحسين ابن علي ابن ابي طالب قال حدثني علي ابن جعفر ابن محمد ابن علي ابن الحسين عن اخيه موسى ابن جعفر عن جعفر ابن عن جعفر ابن محمد عن ابيه محمد ابن علي عن علي ابن الحسين قال قال الحسين قال الحسن بن علي واللفظ لهذا السند سألت خالي هند ساق الان السند الثانية وترى فيه جملة من ال البيت وهم من ائمة كرام واغترف فيه ذكرى جعفر الصادق ومحمدا الباقر وغيرهم لانهم جميعا رضي الله عنهم واعلى منازلهم كانوا في سياق سند حديثي الثاني وهو كما ترى حديث يشترك مع الاول في منتهى الحديث عن هند ابن ابي هالة. نعم عن علي ابن الحسين عن علي بن الحسين قال قال الحسن بن علي واللفظ لهذا السند سألت خالي هند بن هند بن ابي هالة عن حلية رسول الله صلى الله عليه وسلم انا وصافا وانا ارجو ان يصف لي منها شيئا اتعلق به قال نعم. هنا ستبدأ حكاية الفاظ هند بن ابي هالة رضي الله عنه يصف فيها النبي صلى الله عليه واله وسلم. وهند كما قلت لك ربيب بيت النبوة هو ابن خديجة ابن بنت خويلد رضي الله عنها وارضاها من زوجها ابي هالة قبل زواجها بنبينا عليه الصلاة والسلام. هدن بن ابي هالة اخوه فاطمة ورقية وزينب وام كلثوم من امهم. خديجة. فهو خال للحسن والحسين. ابني علي ابن ابي طالب. يقول الحافظ بن عبد البر كان هند بن ابي هالة فصيحا بليغا وصافا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحسن واتقن. توفي قتيلا يوم الجمل مع علي رضي الله عنه عنه وارضاه. هنا في مطلع الحديث وانت تسمع القاضي عياض يقول واللفظ لهذا السند يعني الحديث الذي سيسوقه فاظه فيما سنقرأه في اكثر من مجلس ان شاء الله. يقول هو لهذا السند الثاني لان الروايتين تتفقان في بعظ الالفاظ يختلفان في بعض فاحب ان يقول لك ما تجده من الفاظ في هذا الكتاب فهي لرواية السند الاخر. يقول الحسن رضي الله عنه سألت خالي هند بن ابي هالة ثم انظر كيف جعل في مقدم الحديث وبين يديه جملة تستحق ان نقف عندها مليا يقول الحسن بن علي سألت خالي هند بن ابي هالة عن حلية رسول الله صلى الله عليه وسلم. ما معنى حليته ته زينته وجمال خلقته. من السائل الحسن ابن علي الحسن ابن علي اليس حفيده عليه الصلاة والسلام ادركه او لم يدركه ادركه كم كان عمره لما مات نبينا عليه الصلاة والسلام ثماني سنوات. اذا لم يكن طفلا غير مميز ادركه ورآه. فلماذا يسأل خاله كانه لم يرى جده صلى الله عليه وسلم؟ اسمع هو الذي يقول سألته وكان وصافا وانا ارجو ان يصف لي منها شيئا اتعلق به يريد الحسن ان يتعلق بجده عليه الصلاة والسلام وقد رآه وادرك سنين من حياته معه عليه الصلاة والسلام. السؤال هل وقع في قلبي وقلبك يوما ان كون لنا موضع نتعلق فيه بحب الحبيب عليه الصلاة والسلام حبا يحملنا على البحث بشوق ولهف عن كل لشيء يزيد من حبنا تعلقا في قلوبنا به عليه الصلاة والسلام. صدقا والله يا قوم. هذا حفيده وابن بنته وقد رآه واستمتع بصحبته وقرت عينه برؤيته وتشنفت اذنه بسماع لذيذ خطابه وعبارته لكنه لا يزال يشعر بقلب مفعم يتجه بهذه العبارة. وانا ارجو ان يصف لي شيئا منها اتعلق به نحن والله احوج رغم تباعد الزمان وتطاول القرون وحب عظيم مكنون في الصدور لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان يحملنا هذا الحب هو الشوق الى البحث عن موضع تتعلق به القلوب حبا لرسول الله عليه الصلاة والسلام. يا قوم هذا حفيد المصطفى فصلى الله عليه وسلم يحدوه الشوق والحب الى البحث والسؤال فاين فينا المحب الذي دفعه حبه للبحث بشوق والسؤال بحب والتعلق برفق بنبيه عليه الصلاة والسلام. اين فينا ذاك المحب الذي الكتب وفتش الروايات ونقب في المرويات ليقف على شيء يزيده حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم هذا مأخذ كريم شريف. هذا مسلك عظيم يا قوم. لكم قلنا مرارا هو واحد والله من دعاء الحب الصادق في القلوب لرسول الله عليه الصلاة والسلام. ان تعرف عظيم قدره. ان تعرف جميل وصفه. ان تعرف جميل خلقته كل تلك دعائم تجتمع فتؤسس في القلب حبا متينا صادقا. فاذا جاء الحب ثمرة والله ليست الا طاعة شريفة واتباعا صادقا ورقيا كريما في مدارج السنن. كلما عظم فحب العبد لنبيه عليه الصلاة والسلام. قويت شوكة الطاعة والاستنان في قلبه. ولن يقوى الحب الا كلما قويت المعرفة باخباره والتعرف على سيرته ودراسة سنته وشمائله. هذا باب كريم يا كرام ليس في حديث هند بن ابي هالة فحسب بل في كل كتب السير في كل كتب الشمائل في كل باب يلتمس فيه المحب صادق بابا يرتشف فيه جرعة من حب لرسول الله عليه الصلاة والسلام عبارة الحسن هذه حقها ان تكون موضع تأمل ان تدرس ان تكون ان تكون علامة يتعلم منها الامة الى قيام الساعة كيف يكون الحب دافعا؟ لا راية ترفع ولا مجلسا ينعقد ثم ينصرف الناس كل في طريقه لا هو منهاج حياة عندما يكون الحب دافعا عندما يكون الشوق راية خفاقة عندما يكون الشوق والحنين في القلب خفاقة ان يتدفق يحمل صاحبه على البحث في كل مكان. انى يجد متسعا يتربع فيه حب النبي صلى الله عليه وسلم في بصاحبه قد صدر بهذا السؤال وهو يلتمس جوابا عظيما فكان جواب هند بن ابي هالة هذا الحديث المطول الذي سنقرأ عبارته نعم. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما. يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر اطول من المربوع واقصر من المشذب عظيم الهامة رجل الشعر. ان انفرقت عقيقته فرق والا فلا يجاوز شعره شحمة اذنيه اذا هو وفره. نعم. صدر هند رضي الله عنه وصفه بهذه الجملة التي اصبحت تسري على كثير من الالسنة. كان رسول الله صلى الله عليه سلم فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر وما زلنا قبل البارحة ترتقب الابصار بدر البدور كما اسموه وليلة اربع عشرة وخمس عشرة وكان البدر في ابهى صورة واكبر منظر واحلى شكل هنا يقول هند يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر. كان اعظم يوصف به ضياء الوجه واشراقه تشبيهه بالقمر ليلة البدر. يقول كان فخما مفخما الجمال يا احبة جمال البشر نوعان جمال نعومة ورقة ولطف وهو اللائق بالاناث واما الجمال الاخر جمال الرجال فجمال الفخامة والعظمة والبهاء ما اراد ان يقول كان جميلا لان العبارة يشترك فيها جمال الانوثة ذي ذي ذي الوصف في النعومة واللطف والرقة مع جمال الرجال. لكنه اراد ان يحصر الجمال في صورته اللائقة بالرجال فقال كان فخما فوصف الجمال بالفخامة وقوله مفخما يعني يقع عظمة جماله في رأي الناظر اليه وفي قلب المطلع على منظره وشكله عليه الصلاة والسلام هند هل كان يبالغ في العبارة لان النبي عليه الصلاة والسلام زوج امه وكان يجامل فيصف بعبارات انساقت فيها عاطفة ربما تقول هذا لكنك لا تستطيعه وانت ترى الصحابة واحدا بعد واحد كلهم يتتابع على الوصف مهما تعددت عبارات الا ان جميعهم كان يختم فيقول لم ارى مثله قبله ولا بعده عليه الصلاة والسلام. واخر يقول ما اجمل منه قط صلى الله عليه واله وسلم. هو جمال حقيقي يا اخوة. الجمال الذي يتغزل فيه الشعراء. الجمال الذي يتمدح به المحبون والعشاق هو الجمال. جمال البشر جمال الخلقة جمال العينين والانف والفم والشفتين. نعم جمال الرموش والاهداب ولون البشرة فقول هند رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما يشير كما اسلفت الى جمال الفخامة والعظمة والبهاء. وفخامة الوجه نبله وامتلاؤه مع الجمال والرونق حسن المظهر. كان جمالا يبدو للناظر. فيقع في قلب المبصر اليه جلال المنظر فتقع الهيبة في القلب. ولهذا قال كان فخم من يعني في ذاته عليه الصلاة والسلام في منظره في هيئته مفخما في عين الناظر اليه في قلب المطلع على هيئته وصورة شكله عليه الصلاة والسلام. كانت الفخامة عنوانا لمرأه صلوات ربي وسلامه عليه وكانت الفخامة تسري بعد في كلامه وعبارته في مجلسه مع صحابته في قومه وقعدته في دخوله وخروجه وصبحه ومسائه كانوا يجدون العظمة التي يشعرون فيها بفخامة القدر والمنظر والشكل والهيئة. صدر رضي الله عنه وصف النبي عليه الصلاة والسلام فاحسن استفتاح العبارة. كان فخما مفخما. ولما جاء يصف بوادر هذا الجمال ذي الفخامة قال يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر. قبل ان تكون في الدنيا مصابيح وسرج واضاءة وكهرباء يعم الظلام اذا غابت الشمس. فلا يرى موضع الخطى ولا يبصر احدهم اذا شد الظلام موضع قدمه ولا خطوته فيستعينون بشيء مما يضيء الطريق ويبصرون به. فاذا جاءت ليالي منتصف دهر واكتمل القمر بدرا. كان انسا لهم وضياء. وصدق الله عندما وصف القمر بانه جعله سراجا منيرا اه فكانوا يضربون المثل في الجمال والضياء والاشراق والبهاء بنور القمر ليلة البدر. وكان ولم يزل عند العرب تشبيه الوجه عند الجمال بهذا المثل. يقول هند يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر. وفي جمل متتابعة فيها قدر عظيم من جمال العبارة وروعة الوصف ودقة ما حكاه هند رضي الله عنه نأتي عليه في مجالس متتابعة في ليالي الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى هذه الليلة الشريفة يا كرام يستكثر فيها العبد الصادق الممتثل الباحث عن الاجر من كثرة الصلاة والسلام على النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام يا راغبا في رحمة ربك من فوق سبع سماوات يا متنعما بصلاة ربك عليك بصلاتك على نبيه صلى الله عليه وسلم دونك الاجر العظيم والخير الوفير. لك بكل صلاة على نبيك عليه الصلاة والسلام عشر صلوات ربك تغشاك فهنيئا لمن استكثر فصلاة ربه اكثر. وهنيئا لمن زاد فصلاة ربه عليه اعظم. الفضل لك والشرف لك والفخر لك هو باب يساق لي ولك. لنغتنم فيه شرفا وفخرا. نعبر فيه عن حب ووفاء بصدق لنبي صلى الله عليه واله وسلم بلغ العلا بكماله كشف الدجى بجماله حسنت جميع خصاله صلوا عليه اله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء اله الحق يا سميع الدعاء فرج عنا وعن عبادك المؤمنين كل كرب وبلاء. اللهم اجعل لنا ولامة جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا. ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم كن لاخوتنا في عراقي والشام وفلسطين وفوق كل ارض وتحت كل سماء. الهنا واله العالمين. ان اجرام الظلمة قد طغى وبغى اللهم فانزل عليهم عذابك ورجسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين. رحماك ربنا بعبادك المستضعفين. الذين يعذبون ويضطهدون. اللهم فرج همهم ونفس كربهم. وتولى بعنايتك امرهم يا حي يا قيوم. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل يا ربي وسلم وبارك على النبي المصطفى والرسول المجتبى