بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام الاتمان على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا وحبيبنا وقرة عيوننا محمد بن عبدالله. وعلى اله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهداه ده اما بعد ايها الاخوة الاكارم فلم يزل مجلسنا هذا في كل ليلة من ليالي الجمع منعقدا متواصلا والفضل لله وحده والمنة له سبحانه وتعالى ان هيأ لنا الجلوس في بيته الحرام وقرب كعبته المعظمة ننتظر الصلاة الى صلاة ونحن نغشى مجلسا نستمطر فيه رحماته سبحانه وتعالى من فوق سبع سماوات. كيف لا وقد قدمنا بيته الحرام وجلسنا في افياء كعبته المعظمة ولم لا والليلة شريفة ليلة الجمعة. وكيف يفوتنا هذا الفضل الكبير والاجر العظيم ونحن في مجلس نستكثر فيه من الصلاة والسلام على النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه. النبي صلى الله عليه وسلم بعث لهذه الامة رحمة ونعمة وهداية. فلم يزل بابي وامي هو صلوات الله وسلامه عليه في شأنه كله موئل خير ورحمة وبركة لامته. عليه الصلاة والسلام. الا ترون معاشر الكرام اننا رغم تطاول الزمان وعلى بعد هذه القرون المتعاقبة من بعثته وحياته ومماته عليه الصلاة والسلام. اما رأيتم ان بركاته صلى الله عليه وسلم ما زالت تتفيأ الامة ظلالها الى اليوم والى قيام الساعة هذه رايات سنته ترفرف. وهذه شموس حياته تشرق عليه الصلاة والسلام. وهذه نواحي الخير والهدى والرحمة في سيرته العطرة ما زالت تتنفسها البشرية والمحبون من امته صبح مساء. هذه صلاتنا كلامنا على نبينا صلى الله عليه وسلم تمطرنا بكل صلاة عشر صلوات من ربنا جل في علاه. انها البركات التي التي جعلها الله عز وجل في بعثة نبيه ومصطفاه صلوات ربي وسلامه عليه. وهذا المجلس الذي ما زلنا نغشاه في كل ليلة من ليالي الجمعة ونحن نقلب صفحات من شمائله العطرة وسيرته النضرة وحقوقه العظيمة الوافرة على امته صلى الله عليه وسلم فانا نشق طريقا عظيما اخوتي الكرام. طريقا عظيما نحو القرب من حبه الصادق العظيم عليه الصلاة والسلام وطريقا معبدا نحو الاستنان الكامل بهديه التام عليه الصلاة والسلام. نحن نؤسس لقواعد الايمان في قلوب بنا اخوة الاسلام نحن نغرس قواعد راسخة نريد بها ايمانا اتم وحبا اعظم ووفاء اكمل كما هو لائق بنبي الامة ورسول الهدى والرحمة صلوات الله وسلامه عليه ونحن ها هنا في غنى عن القول انه عليه الصلاة والسلام قد اعلى الله قدره ورفع مكانته وعظم شأنه عليه الصلاة والسلام. والمراد من اتباعه والمحبين من امته ان يكونوا اوفر ما يكونون حظا من التعظيم اللائق له وعليه الصلاة والسلام والحب الحقيقي به عليه الصلاة والسلام والاتباع والطاعة الكاملة والاستنان بهديه طريق المضي صلوات الله وسلامه عليه. الا فاعلموا وفقني الله واياكم ان اقصر طريق لتحقيق هذه المقاصد العظام هي معرفة قدره العظيم عليه الصلاة والسلام. من اجل تأسيس حب اصدق وطاعة اكمل. عليك ان تعرف عبد الله من هو رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ اما انك ما اكتحلت عينك برؤيته ولاستمتعت بصحبته ولا شهدت المعجزات في حياته. لكن سيرته وحياته وشأنه كله محفوظ صلوات الله وسلامه عليه احدنا اليوم وغدا والى يوم القيامة ان يقبل على هذا القدر العظيم وعلى هذا الموروث الكبير من سيرته وشمائله فلكأنه يعيش مع المصطفى عليه الصلاة والسلام فتمتلئ القلوب محبة ومهابة واجلالا وتقديرا وعندئذ ينطلق المحب الصادق في هذا الباب الكبير. ثم ان الليلة ليلة الجمعة ونحن مندوبون الى الاكثار من الصلاة والسلام نبيها عليه الصلاة والسلام ويوم الجمعة كذلك هو بهذه المثابة. وهذه الامة ما زال فيها المحبون يتسابقون نحو حظ اكبر من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. ايها الاحبة الكرام مجلسنا في ليلة الجمعة الماضية كان متواصلا في حديث هند بن ابي هالة رضي الله عنه وارضاه. هذا الحديث الطويل الشائق الرائق في وصفه وعبارته التي وصف بها هند نبينا عليه الصلاة والسلام. من نواح متعددة. وصف الهيئة والمنظر والشكل ثم اتبعوا الحديث في باقي الاوصاف التي اشتملها حديث هند رضي الله عنه وارضاه. وذلك ان السائل له وهو ابن اخته الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهما كان قد توجه بهذا السؤال الى خاله صف لي شيئا اتعلق به عن رسول صلى الله عليه واله وسلم. مضت القطعة الاولى من الحديث التي ابتدأ فيها هند وصفه بقوله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر. ثم سرد جملة من الاوصاف صاف ما ترك فيها العينين ولا الفم والاسنان ولا الشعر ولا الرقبة والصدر والبطن والذراعين والقدمين والشعر وبياض البشرة كل ذلك اتى عليه بوصف جميل رائع. خلاصة ما تقدم في ذلك الوصف الفخامة. واستواء الحسن في جسده الشريف عليه الصلاة والسلام وكمال الخلقة التي حلاه الله عليها. وجعل ذلك من تمام ما كمل الله عز وجل لبه نبينا عليه الصلاة والسلام ملاحة الوجه واشتمال الاوصاف على غاية ما يمدحها الواصفون. كل ذلك جاء في عبارات متعاطفة متعاقبة في نسق بديع حكاه هند بن ابي هالة رضي الله عنه وارضاه. ثم تعقب الحسن رضي الله عنه بسؤال اخر لما قال فصف لي منطقه يعني منطق رسول الله صلى الله عليه وسلم. نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. هذا هو المجلس الثالث والخمسون من مجالس تدارس كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. وباسانيه المتصلة الى القاضي العلامة بالفضل عياض ابن موسى ابن عياض الي الاندلس رحمه الله تعالى رحمة واسعة قال رحمه الله تعالى باسناده عن محمد بن علي عن علي بن الحسين قالت قال الحسن ابن علي واللفظ لهذا السند سألت خالي هند بن ابي هالة عن حلية رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان وصافا قال قلت صف لي منطقة. قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الاحزان دائما ما الفكرة ليست له راحة ولا يتكلم في غير حاجة طويل السكوت يفتتح الكلام ويختمه تشتاق ويتكلم بجوامع الكلم فصلا لا فضول فيه ولا تقصير. نعم. هذا مقطع اخر من حوار الحسن رضي الله عنه مع خاله هند بن ابي هالة. لما تم الوصف في هيئته وشكله عليه الصلاة والسلام قال الحسن سائلا صف لي منطقه. يقصد بالمنطق اداب منطق رسول الله عليه الصلاة والسلام وصفة كلامه تجاوز الان الحسن رضي الله عنه الوصف الظاهر ويريد ان يرج الى وصف اكثر دقة فسأل عن الكلام عن حلاوة عن جمال العبارة عن صفة كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام وقبل ان تدخل في تفاصيل هذا الوصف لا يفوتك ان تدرك ان الله لما اعلى شأن نبيه عليه الصلاة والسلام قال له وانك لعلى خلق عظيم. وقال لنا معشر الامة لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه فان مقتضى هذا التعزير والتوقير اي الاحترام والتقدير والاجلال والتعظيم مقتضاه ان تدرك ان الله عز وجل قد جعل لنبينا عليه الصلاة والسلام المكانة العظمى. ان كان في هيئته ومنظره وشكله وصفته عليه الصلاة والسلام هو بالمكانة الاسمى حلاوة وملاحة وجمالا وحسنا. وان كان في الكلام والعبارة واللسان وقد تقدم وصف ذلك مفصلا فقد اوتي من الكلام اجمله. ومن اللفظ اعذبه ومن المعاني اوفرها واعظمها عليه الصلاة والسلام. كان يتكلم كلاما عظيما انه الوحي هي شريعة الله حسبك قول الله له وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى لم يكن كلامه عليه الصلاة والسلام ككلام احدنا. وان كان بشرا. بل كان كلامه وحيا منزلا يوحى من فوق سبع سماوات فكان الكلام في اعلى ما يمتدح به الكلام ان جئت الى العبارة وحلاوة الجملة ورقة العبارة وان جئت الى المعنى وغزارة ما يستنبط منه من الحكم والفوائد والعبر والاسرار. وان جئت الى حشمة اللفظ وصيانة الكلام البعد عن السقطات والهفوات وما يمكن ان يسيء او يساء. كان ذلك بعيدا عنه اتم البعد. عليه الصلاة والسلام فاجتمع له في الكلام يا احبة حلاوة العبارة وجمال واللسان وعذوبة الالفاظ. واجتمع له ايضا غزارة المعاني وتدفقها في العبارات الوجيزة والالفاظ القليلة واجتمع له عفة الكلام وطهارة اللسان بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. ما حفظت عنه سبة ولا شتم ولا احتقار ولا اساءة لعبد من عباد الله. كيف وقد حل الله عز وجل لسانه واعظم قدره ورفع شأنه. يصف الان هند رضي الله عنه ذلك في جمل متعربة فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الاحزان دائم الفكرة ليست له راحة ما علاقة هذا بالمنطق والكلام يريد ان يقول لك ان سمته العام وشأنه الكامل كان ذلك منعكسا على كلامه الذي يتفوه به. فان ما وصفه به ها هنا متواصل الاحزان دائم الفكرة ليست له راحة. كل ذلك سينعكس على كلام تكلمي ولابد اما ترى ان اكثر الناس كلاما هم اكثرهم فراغا؟ وان اكثرهم ثرثرة فيما يعنيهم وما لا يعنيهم هم اقل الناس همة واهتماما والعكس بالعكس. فاصحاب الهمم الذين تمتلئ الافكار والمعاني والاشغال وعظائم الامور في قلوبهم ونفوسهم وعقولهم هم اقل الناس كلاما قد شغل الفهم وقد شغل الفكر والهم ما في قلوبهم والسنتهم وافكارهم. فان كان الكلام تجده يسيرا وان كان عظيما كان عليه الصلاة والسلام متواصل الاحزان. ويريد ان يمهد الى الوصف بقلة الكلام واعلم لان المقصود بمتواصل الاحزان هنا ليس الهم على شيء فات ولا الحزن على شيء يريد ان يأمل حصوله. انما يريد الوصف الذي كان عليه الصلاة والسلام يظهر عليه في شأنه الغالب الاعم وهو انشغال البال ولم يقصد الهم ولا البؤس ولا الشقاء بل حسبك قول جرير رضي الله عنه ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم الا تبسم. فالبسمة التي كانت على محياه بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام لا تتنافى مع هذا الوصف. فقصد بمتواصل الاحزان هنا ان همه العظيم كان باديا عليه. ولما لا؟ لكنه مع ذلك ما كان يرى منه عبوس الوجه ولا تقطيب الجبين ولا تكدر الخاطر. عظم الهمة في نفوس الكبار والعظماء تنعكس على اخلاقهم وعباراتهم في حشمة وتوقير واحترام عظيم. قال ايضا دائم وقال ايضا ليست له راحة والمقصود ما وصف الله عز وجل به شأن نبيه عليه الصلاة والسلام. لما قال له فاذا فرغت فانصب والى ربك فارغب فلم يكن بشأنه العام في حياته كلها فارغا بمعنى قلة العمل او الاشتغال. قال ولا يتكلم في بغير حاجة طويل السكوت يفتتح الكلام ويختمه باشداقه. اما قوله لا يتكلم في غير حاجة فمعلوم طويل السكوت هو اثر لذلك. فقلة الكلام مع كثرة السكوت والصمت. ان كان هذا شأنه في فعله عليه الصلاة والسلام فانه ارشد الامة ايضا الى التأسي بهذا المقام. فقال كما في الصحيحين من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت. الصمت اولى من الكلام في شؤون كثيرة في الحياة. والمرء اولى به ان يحبس لسانه اذا رام السلام والنجاة. ونبينا عليه الصلاة والسلام كان موصوفا كذلك في مجالسه. خطبه التي يجتمع اليها الناس كانت موجة ازا ولما اجتمعوا واحتشدوا يوم عرفات قال خطبة اسمعت الدنيا فاذا ما كتبتها خرجت لك في نصف صفحة كل ذلك يدلك على ان العبرة ليست بكثرة ما يقوله عليه الصلاة والسلام لكن العبارة الواحدة كانت تتلقفها لا اقول اذان الصحابة بل قلوبهم بكل ادراك ووعي وفهم يحفه الاجلال والتوقير والتعظيم لانه كلام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قول المصنف او قول هند يفتتح الكلام ويختمه باشداقه. الاشداق هم طرف هو هو طرف الفم. وقد مر بك في وصف فمه عليه الصلاة والسلام انه كان ظليع الفم. يعني واسع الفم. وهذا مما تمدح به العرب في اوصافها قوله يفتتح الكلام ويختمه باشداقه اشارة الى جوانب فمه لرحابة شدقه يعني رحابة سعة تم فانه اذا تكلم يظهر اثر الكلام في اتساع فمه اذا تحدث عليه الصلاة والسلام. قوله ويتكلم بجوامع الكلمة فصلا لا فضول فيه ولا تقصير. لم يكن كلامه زائدا عن الحاجة ولا مقصرا عن المعنى الذي يريد اصالة ما زالت عباراته في احاديثه عليه الصلاة والسلام ذات الكلمة والكلمتين وذات السطر والسطرين تشرح اليوم في جالس وتدرس في الجامعات وتؤلف فيها المدونات لبيان عظيم ما اشتملت عليه من المعاني والاحكام. جوامع الكلم هي هي الكلمات اليسيرة والالفاظ المعدودة التي تحوي من المعاني والاحكام والاداب ما يمكن ان يسترسل فيه المرء فهو بحر لا شاطئ له وهذه من خصائصه عليه الصلاة والسلام لما قال اعطيت خمسا لم يعطهن احد من الانبياء قبلي قال واعطيت جوامع الكلم. فلا والله ما جاء في الامة فصيح ولا اديب ولا بليغ ولا شاعر. يروم ان الجمل النبوية الا يعجز عن ادراك عظيم شؤوها. او ان يقاربها فضلا عن ان ينشأ على منوال جمل الاحاديث النبوي التي احتوتها دواوين السنة في الصحاح والمسانيد والجوامع والموطئات كانت عظيمة الفاظها رغم قصر العبارة في جزالة اللفظ وفصاحة العبارة وقوة المبنى واحكام السياق كان مضرب المثل ان جاء الادباء تعلموا منه الادب وان جاء الفصحاء والبلغاء ظربوا به الامثلة كيف تكون العبارة في قمة الفصاحة والبلاغة. وان جاء الشعراء اقتبسوا من الفاظه عباراتي فظمنوها في بيت القصيد. وان جاء الخطباء تعلموا كيف يكون الكلام على قصر لفظه حاويا للمعاني العظيمة. ولم يزل كلامه عليه الصلاة والسلام علما يدرس ولم يزل ادبا وحكما وشريعة ودينا وخلقا تنهل منه الامة فهو مصدر لتشريع ديننا معشر المسلمين. قوله رضي الله عنه لا فضول فيه ولا تقصير لم يكن كلامه بالزائد عن الحاجة ولا بالمقصر عن المعنى المراد. نعم قال رحمه الله تعالى دمسا ليس بالجافي ولا المهين يعظم النعمة وان دقت ولا يذم شيئا ولم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه قال رحمه الله دمسا الدماسة ليونة الاخلاق وسهولة التعامل. وهذا شأنه عليه الصلاة والسلام وقد مر بكم مرارا وتكرارا دماثة الخلق يعني لين الجانب. والتواضع وسهولة التعامل يصل اليه القريب والبعيد. ويغشاه الصغير والكبير. كل كان يجد حظه من نبينا عليه الصلاة والسلام لم تجد عبارة في روايات السنة ان احدا حجب عن رسول الله عليه الصلاة والسلام او ان محبا او قاصدا او مسلما او قريبا او غريبا جاء فاغلق دونه الباب او اعتذر له عن اللقاء او حجب عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. بل الاعجب من ذلك ان كل من لقيه من مسلم ويهودي ومنافق ومناوئ ومخالف وموافق الكل ما حفظت عنه ان احدا منهم لقيه فخرج منزعجا من لقائه عليه الصلاة والسلام او متكدر الخاطر او شعر باساءة او هم او غم على اختلاف القصد الذي كان يأتي احدهم به الى رسول الله عليه الصلاة والسلام. هذا مسلم محب يريد قربا وودا وملاطفة. وذاك عدو مبغظ جاء يلتمس زلة او ويكيد كيدا وذاك حاقد وعدو. الكل الكل على اختلاف المقاصد ما حكى احدهم انه جاء فالتمس اساءة. حتى اليهود الذي قال السام عليك فغضبت عائشة فقال وعليك السام والموت فقال ما هي عائشة؟ ولها ولم يغضب عليه الصلاة والسلام حتى في مقابلته اساءة عبارة اليهودي الحاقد الذي تلفظ بكلام فيه اساءة فيه قصد للكراهية ما رضي عليه الصلاة والسلام الا ان يرتقي اعلى المراقي وان يكون له في شأنه امام العظمة صلوات الله وسلامه عليه. قال هنا ليس بالجافي ولا المهين من الجفاء وهو البعد والترفع والانقطاع. المهين الحقير او ان شئت قلت المهين يعني ليس هو بالذي تتجه منه الاهانة الى غيره ولا هو بالهين قدره صلوات ربي وسلامه عليه يعظم النعمة وان دقت ومعنى تعظيم النعمة عدم احتقارها ومعرفة قدرها ثم حمد الله وشكره عليها اولا وتاليا. النعم من كثيرة لكن النعم وان دقت فهي عظيمة وان صغرت فهي كبيرة وان قلت فهي كثيرة. اما نظرت يوما الى من لك في الحياة فابصرت المحروم والبائس والفقير والمنقطع والمعذب والشريد والطريد والملازم للفراش والمصارعة للمرض والفاقدة للولد والمحروم كل اولئك من حولك بشر يعيشون اصنافا في الحياة. فانك لو بلغت بك الحياة مهما بلغت في قلة وفقر وحاجة وانعدام او هم وغم احاط بك فانك تجد ان ما بك من النعم اعظم مما حل بك من الا وهذا يحملك عبد الله على ان تعظم قدر النعمة وان دقت. وهذا هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام. يعظم النعمة ان دقت لا يذم شيئا ولم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه. حتى اذا ما اعجبه الشيء اعرض عنه وانصرف ساكتا عليه الصلاة والسلام. وحسبه الا يظهر منه اهتمام او حفاوة او عدم رضا وانشراح صدر بما الا يحب فحسبه بذلك. يا اخوة الاقتصاد في المشاعر والتعبير عن الكره والغضب والسخط من شيم عظماء العظماء عادة لا يهتز جناح احدهم ولا تضطرب مشاعره ولا يقفق فؤاده لادنى شيء يسيئه ولا يكترث بكل شيء عابر في الحياة بعض الناس اليوم تظهر عليه مظاهر السخط والانفعال وردود الافعال لكل شيء من حوله صغير او كبير. فيغضب في المواعيد ويغضب في الطعام والشراب ويتضايق وينزعج في كل شيء ويبدأ يظهر عليه اثار تذمره حتى يتسم مع الايام بالعجلة والتذمر والجزع والسخط وهذا ابدا لا يليق الكبار والعظماء واذا ما قلبت صفحات التاريخ وجدت ان الحلم والاناة والترفق والتأني وسعة الصدر وطول البال هذا دوما تجده ملازما لاخلاق الكبار والعظماء والسادة في حياة البشر هذا بغض النظر يا اخوة عن الايمان والكفر هذا يسري على البشر مؤمنهم وكافرهم حتى عند غير المسلمين لن يتصف بالعظمة ولن ينال السؤدد في قومه الا وسيع الا كثير الصبر الا حليم الا كريم هذه اخلاق عظماء. فاذا كنا نتكلم عن عظماء البشر فما ظنك بسيد البشر عليه الصلاة والسلام. كان من ذلك بالمكانة الاسمى والمحل الاعظم. ولهذا ما كانت تشغل باله تلك القضايا لم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه. المقصود بالذواق ما يذاق من الطعام والشراب السؤال الم يكن يوافق مذاقه عليه الصلاة والسلام شيء ويخالفه اشياء؟ الجواب بلى. وكل البشر كذلك اصناف من الطعام والشراب تناسبك واخرى لا تناسبك وهكذا كان عليه الصلاة والسلام بمقتضى البشرية. كان ولا شك يعجبه اصناف من الطعام والشراب ولا يعجبه اصناف لكنه لم يكن يذم ولا يمدح. ما معنى ذلك الصحابة كانوا يصفون كان يحب الحلوى والعسل ويحب الشراب البارد. عليه الصلاة والسلام. عرفوا ذلك من صنيعه ومن ما يستطيبه اذا قدم له طعام او الشراب عليه الصلاة والسلام كان يعجبه الذراع. كل ذلك ذكر. لكنه ما كان يقول يعجبني كذا واحضروا لي كذا وقربوا لي كذا او هذا عني او لا تصنعوا لي كذا. لم يكن يتكلم في مدح وذم بخصوص الطعام والشراب. وهذه والله يا اخوة لفتة تخص شأن العظماء في الحياء اصحاب الهمم اصحاب العزائم اصحاب الاقدار الكبيرة في المجتمعات. اولئك اكبر من ان يصرفوا همهم وتقييمهم ومدحهم وذمهم لطعام وشراب يؤكل ويشرب الهمم الكبيرة تترفع عن ذلك. ولا ترى في اهتماماتها متسعا لشيء من مقتضى فطرة البشر يتعاطونه في الطعام والشراب تدري لم؟ لان هذا القدر من الطعام والشراب ليس هو من سمات الكبار عفوا هو ليس من خصائص البشر هذا قدر تشاركنا فيه حتى البهائم اكرمكم الله افيليق بعظيم من العظماء وسيد من السادة ان يكون انشغاله في قضية يشترك فيها معه غيره من خلق الله سوى البشر ليس ذلك من شأنه عليه الصلاة والسلام بل انك ترى انه عليه الصلاة والسلام كان في حياته كلها على اختلاف انحائها يوما يجد ويوما لا يجد ويأكل احيانا ويعدم الطعام احيانا كثيرة في حياته صلوات الله وسلامه عليه الا انه مع ذلك كله ما كان يتوجه بالاهتمام. فهذا يعود الينا اليوم فيما نمارسه في الحياة بشيء من التأمل والاعتبار وقياس احوالنا في الحياة. في الوقت الذي انصرفت فيه اوقات بعضنا واهتمامات اخرين الى هذا الباب من الحياة. فاصبحت قضية الطعام والشراب. والحديث عن الاصناف ومراتبه واذواقه بل حتى دقائق التفاصيل اين يصنع وما اجوده وكيف يفعل به؟ بلغ الامر بالاهتمام. الى ان اصبح بعضنا يجعل في برامجه واهتماماته وترتيبات حياته الانصراف نحو هذه القضايا لن يحرم احد ما احل الله. والطيبات من الرزق هي من نعيم العباد في الحياة. كل ذلك حلال. الكلام ليس ها هنا الكلام في ان يتحول هذا الى هم في الحياة. وان تصبح قضية كبرى في الحياة. وان تكون قضية الطعام والشراب هي شأن الذي ينزعج عليه احدنا فيغضب او يرضى. وهو القضية التي يصبح عليها او يمسي بل الا تعجبون ان تكون قضية الطعام والشراب تحولت في بعض البيوت الى ان تكون سببا للطلاق والفراق؟ نعم وقد حصل من اجل ومن اجل طبق ومن اجل وجبة حصل هذا فلما ننجرف وراء باب في الحياة هو الطعام والشراب. ما جعل لنا الا بقدر ما يستقيم به البدن. ويقطع به بحر الحياة فان يتحول هذا الى هم وينتصب الى شغل شاغل ثم افراط ثم شيء من الاسترسال من غير انضباط كل ذلك والله يا اخوة لوزناه بميزان الهدي النبوي لابصرنا فيه قدرا كبيرا من الافراط الذي غشي حياة نعم قال رحمه الله تعالى ولا يقام لغضبه اذا تعرض للحق بشيء حتى ينتصر له ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها. هذه ناحية من نواحي هدي النبي عليه الصلاة والسلام في التعامل في المواقف في الحياة متى يغضب وكيف يغضب قال لك اولا انه لا يغضب لنفسه بشيء والمقصود بالغضب لنفسه اذا كان الحظ فيه لشأنه الخاص عليه الصلاة والسلام وكم سمعت وقرأت ما من المواقف ما تجد فيه اساءة الى شخصه الكريم عليه الصلاة والسلام هل احدثك عن مقولات النفاق والمنافقين؟ ليخرجن الاعز منها الاذل ما مثلنا ومثل هؤلاء الا كما قال الاول سم من كلبك يأكلك ونحوها من العبارات ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ارغب بطونا ولا اجبن عند اللقاء. مقولات حكم عليها القرآن بلغت رسول الله عليه الصلاة والسلام. حدثني ماذا صنع باصحابها؟ الجواب لا شيء هو الاعراب والصفح هو احتمال الاذى هو التماس الخير لهم وانتظار النجاة بشأنهم هذه توجهات العظمة وان جئت الى مواقف اليهود في الحقد والمكيدة والاساءة وان جئت الى مواقف الجهال وعامة الناس ومن لا يحسن الادب في السؤال او في الجواب او في التعامل معه عليه الصلاة والسلام. انظر كيف صنع مع الاعراب اذا جاءوا اذا جاء احدهم جفائه فتكلم او اساء في التعامل ما كان الا اللين والصفح والاعراض عليه الصلاة والسلام. هذا يختصر لك لما يقول لم يكن يغضب لنفسه ولا ينتصر لها لكنه بشر يغضب انما يغضب اذا تعدي على حدود الله. اذا انتهكت محارم الله وسر ذلك اخي الكريم ان تعرف ان جمرة الغضب في النفس انما تشتعل في حالة واحدة تدري ما هي؟ اذا نفخ في النار التي فيها لكننا معشر البشر لا تنفخ نيران هذه الجمرات في قلوبنا الا اذا جرح احدنا في مشاعره واحاسيسه اذا فقد حقه الا اذا اعتدي على كرامته. عندئذ تثور جمرة الغضب. وهذه مواقف يجدها الصغار قبل الكبار. اذا ما اسيء الى واحد كانت ردة الفعل هي اشتعال تلك الجمرة في الغضب. لكن نبينا عليه الصلاة والسلام اغلق هذا الباب ووفر غضبه حرمات الله غيرة على دين الله وتعظيما لعظمة الله. فجعل عليه الصلاة والسلام دين الله وشريعة الله وحرمات الله عز وجل بمقام حظ نفسه لها يغضب ولها ينتصر عليه الصلاة والسلام. كان يتكئ فيجلس من الغضب اذا ذكرت شهادة الزور وهو يؤكد على حرمتها وعظيم شأنها. كان يغضب عليه الصلاة والسلام ان يرى شيئا من الافعال التي لا تليق ليصعد المنبر فيقول ما بال اقوام فيحدث ويحذر ويعد كان يغضب عليه الصلاة والسلام اذا ابصر استهانة بشعائر الله وتعديا على حرمات الله فيقوم ناصحا في الامة محذرا متوعدا مبينا حدود شريعة الله. كل ذلك كان رب لم يكن لنفسه في حظه عليه الصلاة والسلام مثقال ذرة. كان غضبه خالصا لله. من اجل ذلك لم يستطع عدو ولا مبغظ ولا حاقد ان يجد مدخلا في الاساءة اليه صلوات الله وسلامه عليه. نعم. قال رحمه الله تعالى اذا اشار اشار بكفه كلها واذا تعجب قلبها واذا تحدث اتصل بها فضرب بابهام اليمين راحته اليسرى. نعم. هذا وصف اخر من منطقه عليه الصلاة والسلام. وهو جزء من الكلام. مع ان الحديث هنا كما ترى عن الاشارة تبني الكف وعن استعمالها اثناء الكلام. هذه ما يسموه اهل اللغة المعاصرون واهل انماط التعامل ما يسمونه بلغة الجسد فانهم يثبتون اليوم وفق احدث ما توصلوا اليه من دراسة واستفتاء وتحليل وتقويم وابحاث ان لغة الجسد ليست باقل اثرا في خطاب من لغة الفم واللسان يخرج المتحدث امام الجماهير فيلقي عليهم قطعة من قصيدة او من كتاب وخطاب فتجد تأثيرا عجيبا وتفاعلا كالسحر الذي القاه على الناس من حوله والخطاب ذاته او القصيدة ذاتها اعطيها لشخص اخر واجعله في نفس المكان ومع الناس انفسهم الذين استمعوا للاول فيلقي بخطابه او بقصيدته فاذا هو عديم الاثر او ضعيف مقارنة بالاول والسبب في ذلك ما يحف الكلام ويصحبه من لغة الجسد. فاذا كان الكلام في جزالة وقوة وفصاحة ان لغة الجسد من اشارة اليد وتعبيرات الوجه واهتزاز البدن. كل ذلك مصحوب بالكلام. ونحن البشر احدنا ليس يتأثر فقط بالعبارة التي تطرق سمعه لكنه لما يبصر فيرى فيرى انفعال المتحدث ويرى انتفاخ الاوداج واحمرار وجهه ويرى تردد النفس في الصدر مصحوبا بالعبارات التي يزفر معها في الحديث. فلذلك اثره في نفس السامع ولابد يقول ها هنا مبينا جزءا من لغة الجسد الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام يتحدث به مع الناس. قال اذا اشار اشار بكفه كلها واذا تعجب قلبها او قلبها. اذا اشار يعني يستخدم اليد والكف في الخطاب والحوار يرفع يشير بالسبابة في التوحيد في الدعاء يرفع اصبعه عليه الصلاة والسلام. اذا اشار باشار بكفه كلها. ولا يشير واصابع. واذا تعجب قلبها يشير بلغة الجسد الى ما يعبر به عن المعنى عليه الصلاة والسلام. يقلبها نحو السماء. قال واذا حدث اتصل بها وهذا من عجيب الوصف في وقت مبكر قبل ان تدرك الدراسات المعاصرة وما توصل اليه الباحثين من سر هذا واثره في الخطاب. لاحظ كيف يقول واذا تحدث اتصل بها اتصل بكفه في الحديث. يستعملها متواصلا في التعبير عن المعنى المراد. قال في مزيد بيان اتصل بها فضرب بابهامه اليمين راحته اليسرى فاذا تحدث وصنع هكذا يضرب بابهامه راحة كفه اليسرى. وفي بعض الالفاظ بالعكس ضرب راحة كفه اليمنى بابهامه كل ذلك يدل على انه يقصد معنى فيه التأكيد فيه الاهتمام فيه لفت انظار السامعين الى ان المعنى الذي عن له دلالة يزيدها في التأكيد اشارة الكف واستعمال ما اشار اليه. قال واذا تحدث اتصل بها فضرب بابهامه اليمين راحته اليسرى. نعم. قال رحمه الله واذا غضب اعرض واشاح واذا فرح غض غض طرفه جل ضحكه التبسم ويفتر ويفتر عن مثل حب الغمام. نعم في تتمة لغة الجسد يقول اذا غضب اعرض واشاء اه يعني مال وانقبض. فكان علامات الغضب واماراته يعرفها الصحابة. نعم كان يغضب لكنهم ما يعرفون غضبهم بانفعال وعبارات تقال وشيء من الاساءة لمن حوله. اذا غضب اعرض واشاح. اعراضه انصرافه عمن غضب عليه عن من رأى منه ما يثير الغضب فيعرظ عنه صلى الله عليه وسلم. قال واذا فرح غض طرفه غض الطرف خفض بصر او غمض العينين مع اطراق الرأس وهو مظهر جليل من مظاهر التواضع عند الفرح. فرح لم يكن يجر الى خيلاء ولا تكبر ولا تجبر. ثم ليت شعري ما الذي كان يفرحه عليه الصلاة والسلام صفقة رابحة في تجارة رصيد انتعش به المبلغ الى رقم كبير ابدا. كان فرحه عليه الصلاة والسلام هو فيما يتحقق من هم بدين الله عز وجل. لما قدم الرهط الفقراء المتمزق ثيابهم البادية عليهم اثار الفقر. رأوا الحزن في عليه الصلاة والسلام يحزن مع انه ما نقص من طعامه ولا من شرابه. لكن حزن لما رأى من حال فئة من امته كان احقها ان تعان. فندب الناس الى الصدقة فذهبوا يجمعون يحضر هذا كفا من شعير. وهذا يحضر كفا من طعام وهذا شيء مما تيسر من المال. حتى قدم احدهم بشيء يحمله في كفيه حتى عجزت او كادت ان تعجز عن حملها. فوضعها بين يديه صلى الله عليه وسلم يقول الرواة وهم يصفون المشهد فسرا وانفرجت اساريره وابتسم عليه الصلاة والسلام والله لكأن المال هذا جاء له يفرح لانها ازمة ستنفرج عن فئة من امته. يا اخي متى يبلغ هم قلبك ان تفرح لغيرك وان تغضب لدين الله هذا قلب رسول الله عليه الصلاة والسلام هذا فرحه وغضبه صلوات الله وسلامه عليه. يقول اذا غضب اعرض واشاح واذا فرح غض طرفه ثم قال جل ضحكه التبسم. يقصد ما لا صوت معه اما القهقهة وارتفاع الصوت بالضحك كل ذلك ما عرف عنه عليه الصلاة والسلام. غاية ما وصفوا به ضحكه صلوات ربي وسلامه عليه ان يقولوا فضحك حتى نواجذه يعني التبسم الشديد الذي يتسع معه الفم الى اقصى ما يصل لكنها ليست فتح الفم ورفع الصوت بالضحك والقهقهة ليس هذا ايضا لانه حرام لكنه لا يليق بالعظماء ليس ملائما لصفات وسمات الهيبة والجلال والاحترام والوقار. اما ترى حتى العظماء الملوك والرؤساء سادة لا يفعلون هذا في مجالسهم حفاظا على المهابة والوقار لكنهم ان كانوا يصنعونه في مجالسهم امام الملأ ثم يفعلون خلاف ذلك في انفسهم وخاصة شأنهم وفي بيوتهم حياتهم الاسرية فنبينا عليه الصلاة والسلام كان هذا شأنه في كل احواله. جل ضحكه التبسم. ثم قال ويفتر عن مثل حب الغمام. هذه من اجمل العبارات في وصف رسول الله عليه الصلاة والسلام. التي تصف فمه الشريف الجميل الجليل اذا ضحك وتبسم. يفتر ان ينفتح وتنبثق شفتاه عن مثل حب الغمام. حب الغمام هو البرد النازل مع المطر والغمام هو السحاب وسمي البرد حب الغمام كانه حب ينزل من السماء فشبهت اسنانه في بياضها ولمعانها التي تبدو حالة تبسم وانفراج الشفتين بحبات البرد قصة اللامعة البراقة الوميظة مع بياض وصفاء. قال يفتر عن مثل حب الغمام في وصف تبسمه الجميل صلوات الله سلامه عليه قال القاضي رحمه الله قال الحسن فكتمتها الحسين بن علي زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبق قد سبق اليه فسأل اباه عن مدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومخرجه ومجلسه وشكله. فلم يدع منه شيئا الان سمعت عبارات واوصاف فيها وصف الهيئة وفيها وصف المنطقي كان الذي يحكيها الحسن وقد علمت انه توجه بالسؤال الى من الى هند بن ابي هالة خالي وكان وصافا وقد سمعت في صدر السؤال قال سألت خالي هند بن ابي هالة عن حلية رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني عن وصف جماله وزينته يقول الحسن هنا فكتمتها الحسين بن علي زمانا. يقصد اخاه الحسين والحسن اكبر. والفرق بينهما في السن كتير قال فكتمتها الحسين الان كانه يشعر انه ظفر بشيء من جميل الوصف وحلاوة العبارة التي تصف جده رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول فكتمتها الحسين زمانا اختبارا ويريد ان يعرف هل وجد الحسين ما وجد؟ قال ثم حدثته فكانت المفاجأة قال فوجدته قد سبقني اليه. يقول وجدت الحسين قد سبقني الى خالي هن. فنبش وبحث ونقب واستخرج بالسؤال ما ظننت اني سبقته به. يا اخي بعيدا عن هذه العبارات انت تقرأ من ورائها شيء عظيم في قلوب هؤلاء الحسن والحسين كانت قلوبا تنبض بالحب لرسول الله عليه الصلاة والسلام بالبحث كان هما شاغلا من هو رسول الله عليه الصلاة والسلام كيف تخزن القلوب حبا عظيما لرسول الله عليه الصلاة والسلام؟ هل يكون هذا يبلغ بصاحبه الى ان يكون دافعا لسؤال وشغلا لقلب محب في بحث عن الصفات والجمال والجلال ليروي بها القلب المحب الظامئ لرسول الله عليه الصلاة والسلام لا تنسى انهما ادركا جدهما عليه الصلاة والسلام ورأياه رأي عين ومع ذلك كانا يسألان مات وهما صغيران رضي الله عنهما وصلى الله عليه وسلم. ومع ذلك شعروا ان الثماني السنوات او السبعة التي ادركوها من اعمارهم بصحبتي ورؤيتي جدهم رسول الله عليه الصلاة والسلام لم تكن لتروي القلوب التي تخفق بالحب الذي لا ينضب فماذا عني وعنك ولم نظفر بصحبته ولا ساعة من الزمان. نحن والله احوج الى ان تكون القلوب اشد بحثا في بامر يروي حبها الصادق لرسول الله عليه الصلاة والسلام لن يعود بنا الزمن ولن ندرك زمان الصحابة. لكن هذه الرواية محفوظة. اقبل عليها بنظر عينيك وسمع اذنيك وخفق القلب والفؤاد. فانك تجد والله لا محالة. شيئا ما يتعلق به القلب. ويأنس به الفؤاد وتسر به العين وتبتهج به الاذن وانت تسمع وتقرأ وترى من وصف رسول الله عليه الصلاة والسلام ما يشبه الارواح الظامئة الى حب رسول الله عليه الصلاة والسلام. يقول الحسن فكتمتها الحسين بن علي زمانا قال ثم حدثته فوجدته قد سبقني اليه فسأل اباه الحسين يسأل اباه عليا وانتقل الان في اجابة السؤال مما وصف به هند النبي عليه الصلاة والسلام الى ما يصف به الان علي رضي الله عنه نبينا صلى الله عليه وسلم. قال فسأل اباه عن مدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومخرجه ومجلسه وشكله فلم يدع منه شيئا. الجمل هي سؤال الحسين لابيه علي. والاجابات الاتية والجمل التي ستسمع هي من وصف علي رضي الله عنه لمدخل ومخرج ومجلسي وشكلي رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. نعم قال رحمه الله قال الحسين رضي الله عنه سألت ابي عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يقول ابي عن دخول رسول الله عليه الصلاة والسلام اي دخول؟ دخول ماذا لفظ عام الان هذا الحسين دفعه السؤال لان يتعرف على شيء اعظم وادق في التفاصيل عن حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام قال الا اباه عن دخوله عليه الصلاة والسلام اي دخول يقصد دخوله بيته يسأل عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته لم؟ لان هذا الجزء من خصوصية الحياة لا يعرفه الا اهل البيت تعرفه الزوجة ويعرفه الاولاد ويعرفه الخدم والخواص المقربون لا غير ثم هو شيء مما ينبغي ان يقود السؤال عنه لاكتشافه. والصحابة رضي الله عنه كثيرا ما كانوا يفعلون ذلك. في ادق الدقائق واخص الخصوصيات يسألون فاذا عدموا الجواب بعثوا الى امهات المؤمنين. سألوا عن غسل رسول الله عليه الصلاة والسلام في الجنابة. وسألوا عن قضايا تتعلق بقيام الليل وكيف يصلي في جوف الليل اذا صلى في حجرته. تدري لما لامور عظيمة لانه نبي عليه الصلاة والسلام وشأنه كله قدوة واسوة. لانه عظيم عند ربه ومن رام العظمة بحث عن مواضعها في الحياة ليقتدي بها. تريد ان تكون عظيما. ليست العظمة في خروجك الى الناس في غشيانك المجالس في حضورك المجامع في ثناء الناس عليك هذا جزء من الحياة. لكن صلب الحياة هو ذلك القدر من خصوصية الحياة في التعامل مع الزوجات والاولاد والخدم والخواص من الاقارب. ولذلك اندفعوا بالسؤال فتجدهم يسألون ام سلمة وعائشة ويسألون حفصة ويسألون امهات المؤمنين رضي الله عنهن اجمعين. وتجدهم يسألون ايضا من كان يكثر الملازمة والصحبة لرسول الله عليه الصلاة والسلام كابن مسعود وانس ومثل اولئك المصاحبين له في الاسفار ويرافقونه في الارتحال. لانهم يجدون عندهم من دقائق اجابة ما لا يجدونه عند عامة الناس. وهذا لون اخر وصفحة مشرقة من الحرص على السنة النبوية بقصد الاتباع والاقتفاء والاستنان. يا اخي لابد ان يكون من وراء ذلك كله هدف ننشده وغاية نسعى للوصول اليها. من قال لك ان حب رسول الله عليه الصلاة والسلام مدائح تنشد او موالد تقام. من قال لك انها رايات وقصائد ومديح ودموع تراق ثم ينصرف كل في شأنه في الحياة ليعود كل الى موقعه كيفما كان لا والله الحب الصادق لرسول الله عليه الصلاة والسلام. عاطفة يفيض بها القلب. نعم. ودمع شوقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم نعم. ورغبة صادقة في الاجتماع معه والحشر في زمرته. نعم. لكن ذلك مشروط بطريق يحمل فيه احدنا نفسه حملا على ما يعلن به حبه الصادق. لا بقصيدة يكتبها ولا بخطبة تين يلقيها لكنه بشأنه في الحياة الذي يقيمه على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن هنا يأتي السؤال والتنقيب تفتيش عن كل خطوة في الحياة السؤال الاكبر كيف كان يفعل سيدي وحبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ يريد ان يفعل مثل ما فعل. يريد ان يصنع كما صنع. يحب في شأنه كله في طعامه في منامه واستيقاظه. وكل شأن من حياته ان يكون مقتديا برسول الله عليه الصلاة والسلام. هذه يا كرام هي امارات الحب الصادق. هذه دلائل تظهر لصاحبها انه فعلا سائر في الطريق السوي. فاذا ما قصر وفرط واهمل وضعف وتردد عن الطريق عاد. يعاتب نفسه يلومها لا يرظى لها الا مقام النبوة اسوة وقدوة. ولا يرظى الا بطريق رسول الله عليه الصلاة والسلام مسلكا ولا يرظى الا بالسنة دربا ترفرف فيه حياته اشراقا يستمتع فيها بحياة العظمة. عندئذ ستجد امثال هؤلاء رعاك الله اناسا يوصفون بالعظمة في مجتمعاتهم عظمة اخلاق عظمة عبادة عظمة سلوك عظمة كل ما يخشون في حياتهم لا لشيء الا لانهم تأسوا بحياة عظيم العظماء رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال رحمه الله كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك فكان اذا اوى الى منزله جزأ دخوله ثلاثة اجزاء جزءا لله تعالى وجزءا لاهله وجزءا لنفسه. نعم. صدر العبارة في تقسيم هيئة دخوله لمنزله الصلاة والسلام فقال كان دخوله لنفسه يعني كان دخوله لبيته لاجل حظ نفسه فيما يتعلق براحة في بدنه ما يتعلق بحق اهله ما يتعلق بالقيام بالاعداد لما يحتاج اليه. اذا كان دخوله البيت جزءا من طيات الانسان لنفسه في حياته. ثم زاد تفصيلا فقال مأذونا له في ذلك. فسر باحد معنيين. الاول ان الله عز وجل قد اذن له واباح له ان يكون في حياته متسع وفي يومه وليلته قدر يخصه لنفسه يتهيأ ويرتاح ويعد العدة ويتفرغ لقضاء حوائج اهله. وقيل مأذونا له ان يستأذنوا عليه الصلاة والسلام فلا يدخل بغير استئذان حتى في بيوتاته وحجراته صلوات الله وسلامه عليه وهو الذي قد بين لنا ان الاستئذان ادب ينبغي ان يعمل به المرء ولو جاء يدخل باب بيته يستأذن ويسلم قال فكان اذا اوى الى منزله جزأ دخوله ثلاثة اجزاء. الوقت الذي يقضيه في بيته يقسمه ثلاثة اجزاء. قال جزءا لله تعالى يعني العبادة بين صلاة وتضرع ودعاء واختلاء بالله جل جلاله. وجزءا لاهله المعاشرة والمصاحبة والانس والمجالسة وقضاء الحوائج والاستماع اليهن. قال وجزءا لنفسه يقصد راحة البدن والاستجمام والطعام والشراب وما يحتاج اليه الانسان مما لا غنى له عنه السؤال هو هل تتصور ان الجزء الذي كان يقضيه في داخل بيته ليقسمه ثلاثة اجزاء؟ هل هو ساعات متواصلة هل هو سحابة نهاره وباقي ليله ابدا كان جزءه الاكبر في قضاء هذا الهم الكبير والقيام بدين الله. فاذا دخل بيته وجدته متوزعا ومقسما ثلاثة اجزاء جزءا لله وجزءا لاهله وجزءا لنفسه. ليس العجب هنا لكن العجب في العبارة التالية. نعم قال رحمه الله ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس فيرد ذلك على العامة بالخاصة ولا يدخر عنهم شيئا. نعم. هي ثلاثة اجزاء وثلث من هذه الثلاثة لحظ نفسه وهي كما قلت قبل قليل لطعامه وشرابه لمنامه لراحة بدنه لاستجمامه لشيء من حظ تعب اليوم ونصب السعي ليستريح فيه كما يدخل احدنا فيضع ثوبه ويمدد ظهره ويبحث عن طعام وشراب العجيب ان هذا الجزء المختص لنفسه لم يكن ايضا فلم يبق الا هذا الثلث الذي خصه لنفسه وهو كما ترى يحتاج فيه الى ما لا غنى له عنه صلى الله عليه وسلم راحة البدن واستجمام النفس واخذها حظها مما تحتاج اليه فطرة من طعام وشراب وتغيير لباس ونحو ذلك لكنه مع ذلك يرى ان هذا الجزء الذي هو الثلث لنفسه خاصة لم يزل يزاحم به عليه الصلاة والسلام الهم الذي كلفه الله تعالى به. هم الدين والاشتغال بنصح الامة فقال هنا ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس اذا حتى اذا دخل بيته لم يزل هم الدين وتبليغ الرسالة مصحوبا معه عليه الصلاة والسلام. لم يكن ليدع ذلك عند عتبة بابه اذا دخل. لان القضية امانة عظمى لا يسعه التخلي عنها. يا رجل كان حتى في منامه يأتيه الوحي فحتى المنام الذي نأوي فيه انا وانت الى الفرش لننقطع تماما عن الحياة. ونأوي الى عالم اخر فيه الارواح اجسادنا ثم نستأنف دورة اخرى من الحياة من جديد بعد الاستيقاظ فنشعر ان نومنا وقت تقطعون من الحياة لكن الانبياء ونبينا ايضا عليه الصلاة والسلام كانت مناماتهم وحيا. فيأتيهم وفي المنام ويأتيهم تبليغ الدين والوحي الذي يبلغونه للامة وهم نيام. ولذلك لم يكن ينام عليه الصلاة السلام بقلبه ولذلك قال لعائشة ان عيني تنامان ولا ينام قلبي صلوات الله وسلامه عليه. فجزؤه الخاص لنفسه كان متوزعا كما ترى. السؤال اذا كان مضطرا ولابد لان يخصص جزءا من الوقت الذي هو لبيته ان يخصص جزءا منه لامته. لاحظ معي كيف انه لم يتصرف الجزء الذي هو لله ولم يتصرف الجزء الذي هو لاهله وترك لكل ذي حق حقه. فلما جاء لحقه عليه الصلاة والسلام اثر به امته فكان الجزء الثالث موزعا بين الناس كما قال بينه وبين الناس. فيجيب السائل ويرد على من طرق الباب فتأتي هذه المرأة التي تشتكي زوجها عنده في بيته. عليه الصلاة والسلام. ويأتي ذاك المحتاج. ويأتي الغريب السائل فيطرق الباب يأتي الباحث فلا يجده عليه الصلاة والسلام فيأتي بيته ويسأل عنه. هكذا هم كانوا ولا تعتب لانه نبي عليه الصلاة والسلام. فلم يكونوا يجدون حاجبا ولا حارسا يصرفهم. ولا مواعيد ينتظرونها كانوا اذا وجدوه اتوا اليه فلا وجدوا الا لن اقول بابا مفتوحا بل قلبا مفتوحا. ووجدوا منه عطاء لا صلوات الله وسلامه عليه. عطى من المال واعطى من الوقت ومن الجهد ما عجز عنه اصحاب الجود والسخاء الى يوم القيامة ياما. بذل من المال ومن الوقت ومن العمر ومن راحة الجسد. هنا فقط تفهم معنى قول عائشة رضي الله عنها انه كان صلي صلاة الليل اخر حياته اكثر صلاته كان يصليها جالسا تقول بعدما حطمه الناس حطموه لما استنفذوا جهده ووقته وراحة بدنه ونوم عينيه فلا والله ما وجدوه الا جوادا معطاء صلوات ربي وسلامه عليه لا يزال في حديثنا بقية نأتي عليها تباعا في وصف ما قاله الحسين رواية عن ابيه علي رضي الله عنهما في مدخل ومخرج رسول الله صلى الله عليه واله وسلم صلوا على الهادي الذي نصح الورى واطال عثرة امة وانا لها من غيره في موقف العرصات لو سئل الشفاعة ان يقول انا لها. فاللهم وصلي وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا. اعمروا ليلتكم بالصلاة والسلام عليه. وعطروا افواهكم بالصلاة والسلام عليه واكتنزوا يوم جمعتكم غدا بكثرة الصلاة والسلام عليه. واستمطروا من رحمات ربكم ما ترغبون بكثرة والسلام عليه. ان احدنا اذا صلى على الجنازة فقرأ الفاتحة فانه قبل ان يسأل الرحمة للميت يجعل بين يديها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لتدركوا ان الصلاة عليه باب من ابواب الرحمة فاطرقوها بكثرة الصلاة والسلام عليه اللهم صلي وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون وصلي يا ربي وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلين اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا واهدنا سواء تهبيل. ربنا اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا. ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا وحبيبنا