بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وكفى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له يجزي اهل الوفاء بالتمام والوفاء واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المصطفى ونبيه المجتبى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ائمة الهدى ومن سار على نهجهم واتبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد فهلموا معشر المحبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم الى مجلس من مجالس وصف المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه نتفيأ فيها ظلال العظمة البشرية ونقف فيها على معالم السيادة ورفعة القدر التي حبى الله عز وجل بها نبينا صلى الله عليه واله وسلم ولنحلق في سماء هذا السمو المحمدي على صاحبه افضل الصلاة واتم التسليم انها اوصاف ذكر فيها مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدخله ومخرجه صلى الله عليه وسلم. وصفة هيئته وخلقته عليه الصلاة والسلام ونحن في هذا نقف على هدي ومنهاج لحياته اجمع التي اروى بها ظمأ البشرية التائهة ودل بها ايضا الانسانية الحائرة وشرف الله عز وجل به امته المباركة. الا فما اسعدنا وما احظانا نبينا صلوات الله وسلامه عليه. وما اسعدنا والله بالانتساب الى امته. والتشرف بالانتساب الى ملته وتمام سعادتنا في الاستنان بسنته واتباع هديه وشريعته صلوات الله وسلامه عليه ثم انها ليلة مباركة شريفة غراء اخوتي الكرام. هذه ليلة الجمعة. ليلة الاستكثار من الصلاة والسلام على الله صلى الله عليه وسلم امتثالا لامره القائل اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة. ان الصلاة عليه صلوات ربي وسلامه عليه خير كلها وبركة. وهي جالبة لصلاة ربنا سبحانه وتعالى على الواحد فينا لكل صلاة منا على نبينا صلى الله عليه وسلم عشر صلوات من ربنا جل في علاه. ما زال مجلسنا موصولا الكرام في سياق ما ما جاء في حديث هند بن ابي هالة رضي الله عنه. والحديث على طوله ساقه الامام القاضي عياض رحمه الله في كتابه للشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم وقد تقدم صدر الحديث اولا في ذكر وصفه عليه الصلاة والسلام ابتداء من قوله في الرواية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخما مفخما يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر. الى ان قال في السؤال صف لي منطقه. فذكر وصف النبي عليه عليه الصلاة والسلام في الفاظه وجميل عباراته وبديع كلامه. ثم انتقل رضي الله عنه الى ان قال عن الحسين رضي الله عنه سألت ابي عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فوصف شأنه في بيته ثم انتقل الى مقطع قال فسألته عن مجلسه ما كان يصنع فيه وسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه؟ ووقف بنا الحديث عند سؤاله عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم والمقصود به مجالسه العامرة بجلوس اصحابه معه وحديثه اليهم عليه الصلاة والسلام. فافتحوا اذانكم رعاكم الله واسمعوا كيف كان المصطفى صلى الله عليه وسلم نبي الامة ومعلمها وقائدها وامامها صلوات ربي وسلامه عليه كيف كان يجالس الناس ويتعامل معهم ويتحدث اليهم؟ هذه اعظم مجالس انسان عرفها التاريخ لانها مجالس محمد ابن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه. يصف في الرواية الان علي ابن ابي طالب رضي الله عنه. في جواب لسؤال ابنه الحسين عن مجلس النبي صلى الله عليه وسلم وماذا كان يصنع فيه؟ نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا والديه والسامعين. قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في حديث هند بن ابي هالة وعلي بن ابي طالب في شمائله صلى الله عليه وسلم الى ان قال فسألته عن مجلسه عما كان يصنع فيه. فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم الا على ذكر. ولا يوطن الاماكن وينهى عن ايطانها. واذا انتهى الى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك نعم. هذه ثلاثة اداب يا كرام في مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم. اولها قال رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم الا على ذكر. يعني ذكر الله اه ولك ان تتخيل ان قيام وقعودا ودخولا وخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان مرتبطا تماما ارتباط بذكر الله جل وعلا. لا لشيء الا لان قلبه العامر بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. انما عمر بكثرة ذكر الله وقد دل الامة على هذا الطريق وهو يتأول قول الله جل وعلا في كثير من الايات في وصف اهل الايمان والصلاح والتقى بكثرة وشدة ذكرهم لله. بل تلك قلوب يا كرام لا يحييها الا ذكر الله. ولا تأنس الا كثرة ذكر الله ولا تطيب حياتها ولا يأنس لها العيش الا في ظلال ذكر الله جل وعلا. اوما قال ربنا سبحانه الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله اما وصف اولي الالباب فقال الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم تلك الاوصاف احرى من تصف بها نبي الامة عليه الصلاة والسلام. نعم وقد حفظت الرواية ونقلت السنن انه عليه الصلاة والسلام اذا اوى الى فراشه ذكر الله. واذا تعار من النوم اثناء الليل ذكر الله. واذا فتح عينيه واستيقظ ذكر الله. اذا استقبل صباح او المساء ذكر الله اذا دخل المسجد او خرج ذكر الله ان دخل البيت او خرج ذكر الله اذا رأى الهلال ذكر الله اذا سمع الديك ذكر الله اذا وجد الريح ذكر الله اذا رأى الثمر ذكر الله اذا اتى اهله في الفراش ذكر الله في كل شأن من شؤون حياته كان عليه الصلاة والسلام يلزم ذكر الله. فاختصر لك الراوي كل تلك الاحوال فقال كان يجلس ولا يقوم الا على ذكر. بل انه ربما اجتمع باصحابه. فتحلقوا حوله وانتظروا بديع كلامه. والايمان في حديثه والادب وما يدلهم به على زيادة الايمان وما يصلح به شأن حياتهم ويجدون به سعادة دنياهم واخراهم يجدونه عليه الصلاة والسلام يكثر ذكر الله في المجلس الذي يجتمعون فيه اليه. حتى ان الراوي منهم ليقول ان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر في المجلس اكثر من سبعين مرة. كانوا يجدون هذا ويسمعون ذكره ويحصونه في المجلس فاذا خلاصة امره عليه الصلاة والسلام في حياته كلها ان اقامها على ذكر الله. فقولوا لكل من بحث عن السعادة في الحياة اختصار طريقها ان تلزم ذكر الله. ذكر الله بسعة الابواب التي جاء بها الذكر لله. سواء كان ذلك تسبيحا او تكبيرا او استغفارا او كان ذلك تهليلا او كان حوقلة او كان ذلك قراءة للقرآن او كان تعدادا واحصاء لاسماء الله الحسنى وصفاته العلى الباب في هذا كبير ايها الكرام. والمؤمن المحب لله الذي لا يأنس الا بذكر الله يلهج لسانه وعلى الدوام بكثرة الذكر لله. يجد نفسه في كل الاحوال متقلبا في نعم. تستحق شكر الله. يجد نفسه في كل حال واقعا في ذنوب وتقصير وعصيان يستحق معها ان يستغفر الله. يجد في الكون من حوله والملكوت في السماء والارض ما يدعوه الى تعظيم الله فينطلق مهللا ومكبرا ذاكرا ومسبحا ناطقا بتعظيم الله وهكذا هو شأن الذاكرين لله كثيرا والذاكرات ليس الحديث ها هنا عن فضلة عن فضل الذكر لله. ولا عن شرف الاكثار منه ولا عن ما اعد الله لاصحابه. لكن حسبك يا رجل انت تعرف ان من فضائل الذكر ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يلزمه كثيرا. وكان يدمن عليه صلوات ربي كلامه عليه ومن اراد الاقتداء والتشرف بالائتساء برسول الله عليه الصلاة والسلام في شيء عظيم من معاني الحياة فهذا هو الباب الاكثار من ذكر الله. انت تمتثل امر الله وتقترب من الله وتتشبه فيه برسول الله صلى الله عليه وسلم كثرة الذكر لله. هذا اذا اول الاداب التي كان يجدها الداخل الى مجلس رسول الله عليه الصلاة والسلام لا يقوم ولا يجلس الا على ذكر. اما الادب الثاني في الجملة السابقة فقال رضي الله عنه ولا يوطن الاماكن وينهى عن ايطانها المقصود بايطان الاماكن لزوم مكان محدد على الدوام لا يغيره. ولا يفارقه ما الاشكال في هذا؟ يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي اخرج الحاكم انه عليه الصلاة والسلام نهى ان يوطن الرجل المكانة يصلي فيه وفي رواية قال ان يوطن الرجل في المكان بالمسجد كما يوطن البعير. فنهى عن كايطان البعير البعير اذا بركة في موضع لزمه فما قام عنه ولا تغير ولا تحول. نهى النبي عليه الصلاة والسلام ان يتشبه المسلم في صلاته وحضوره لبيوت الله بايطان الاماكن علل شراح الحديث ذلك بجملة من الامور. منها اولا الا يكون باعث ذلك الرياء. بمعنى ان يعتاد رجل الصلاة خلف الامام في الصف الاول دوما او تحت المنبر او قريبا من المحراب او في موضع ما فيفرش له سجادة يحجز بها المكان ولا يسمح لاحد ان يصلي فيه الا هو. هذا سبب وهو محمل قد يقع عند بعض الناس فلذلك نهت عنه الشريعة وقيل في معنى اخر من معاني النهي عن هذه الملازمة الدائمة لمكان ما في المسجد انه ربما حمله وذلك على استحقاقه للمكان دون غيره. فربما اعتاد خلال يوم ويومين واسبوع واثنين وشهر وستة اشهر وسنة انه دائما يصلي في هذا الموضع. فاذا جاء يوما وسبقه اليه انسان وقع في قلبه انه احق بهذا المكان. ولا وجه لهذا في الشريعة فمن اجل الا يتقرر ذلك في النفوس نهى الاسلام عن ايطان الاماكن. ومعنى ثالث ذكره بعض العلماء الا يقع في قلب الرجل عدم جواز صلاته في غير هذا المكان الذي لزمه. ومع ذلك يا كرام فانه مما جرت العادة به وهو مستثنى من هذا النهي العام ان يكون المكان المخصص لمن يأتي اليه الناس كعالم يدرس في المسجد او مفت يأتي اليه الناس للفتوى او حاكم يأتون اليه فيجلسون بين يديه للقضاء. ونحو ذلك مما يختص بمكان لذوي اكانة او الفضل او العلم فان ذلك مما ييسر له وللناس الاجتماع في مثل هذا المكان. كشيخ يقرأ الناس القرآن في المسجد ومعلمي الصبيان في الحلقات في الجوامع كذلك. فان له مكانا يختص به عند سارية وعمود وفي موضع او ركن او زاوية ذلك مستثنى وعامة هدي النبي عليه الصلاة والسلام انه ما كان يعتاد مكانا بعينه في مسجده. هذا مسجده الله وسلامه عليه. محددة فيه الروضة والمنبر والمحراب والحجرات. لكنك لا تجد موضعا يذكر في التاريخ ويروى وفي الاثار ان هذا موضع كان يلزمه عليه الصلاة والسلام للصلاة. فنهى عن ايطان الاماكن كما قال هنا. ثم قال في الادب الثالث واذا انتهى الى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك يعني الا يتخطى الداخل الصفوف ويبحث عن مكان في صلب المجلس وقد جاء متأخرا هذا مع ما فيه من التواضع وان يجلس الانسان حيث انتهى به المجلس يعني دخل فاذا في المجلس نصفه ثلثه ثلاثة ارباعه ثلثاه وبقي مكان قرب الباب. فلماذا يألف من الجلوس عند الباب؟ وقد جاء في ذاك الوقت او وجد مكانا في زاوية المجلس او في ركنه. السنة مضت يا احبة جلوس الداخل حيث ينتهي به المجلس. كان هكذا يفعل الصلاة والسلام. اقول مع ما في هذا من التواضع فان فيه احتراما وتقديرا للمجلس واهل المجلس. الا يقيم احدا مما مكانه بل ان لا يحوج الاخرين الى التضايق والتزاحم من اجل الافساح له اذا قدم. هذه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام فهذه ثلاثة اداب مرت بكم في الجملة الاتية وسيذكر شيئا اخر بعده ايضا. نعم ويعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه ان احدا اكرم عليه منه من جالسه او قاومه او لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه صلى الله عليه وسلم. نعم يا كرام من السهل ان يكثر اصدقاؤك وتتسع دائرة علاقاتك ويكون لك من الاصدقاء العشرات والمئات والالوف. هذا سهل لكن الصعب والعسير جدا ان علاقتك معهم على منهاج بسط الود واشباع القلوب نحوك حبا واحتراما. اقصد انه مهما تعدد من حولك الاصدقاء والاصحاب والمحبين والخلان والاقران لكنك في النهاية بوصفك البشري انت غير قادر على استيفاء حقوق الجميع في قلوبهم نحوك. ولا ملأها من الود الكافي. ولذلك يشعر الناس من حولك ان فلانا قريب منك وفلان ابعد وفلان لا تكاد تذكره الا اذا ذكرت به. واذا اتاك الناس وقصدوك او قابلتهم فانه يصدر منك من التعامل وفق هذا الذي حظي به الناس في قلبك من المكانة والود. هل تجد اخي الكريم اذا اتسعت العلاقات وكثر معرفتك الناس انك تستطيع استيعاب الكل على درجة سواء اقصد من الود واشباع القلوب كما قلت من الاحترام والتقدير وان يشعر الجميع انهم عندك في الود وانشراح الصدر وبسط القلب على السواء هذا محال لكن النبي عليه الصلاة والسلام جعل الله عز وجل في شأنه العظيم ان يستوي عنده القاصدون لمجلسه الاصدقاء اه القرباء البعداء الذي لزمه كثيرا والذي اوى اليه حديثا والذي لقيه مرة واثنتين والذي اسلم اخيرا يجد احدهم اذا جلس انه صاحب الحظوة عنده عليه الصلاة والسلام. ولا تسأل كيف وجد هذا الشعور لانه كان ينظر الى الجميع فيبتسم ويتكلم ويبصرون حقا تمام العناية والشعور الصادق بانه صلوات تربي وسلامه عليه كما يحرص على استنقاذهم من النار واحدا واحدا كان يبذل لهم محبة القلب كذلك كواحدا واحدا هذا المعنى العظيم الذي جعله الله لنبيه الكريم صلوات الله وسلامه عليه كان يجده الصحابة من حوله. فيجد احدهم لو تأخر اسلامه انه قريب منه عليه الصلاة والسلام. كجرير ابن عبدالله الذي يقول ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم الا تبسم ولا حجبني منذ اسلمت. ويقول عمرو بن العاص وهو المسلم ايضا بعد الفتح. وهو يحكي حالا النبي عليه الصلاة والسلام وما وجد من شعور المودة والقرب والمحبة تجاهه حتى جاء يسأل عن احب الناس الى رسول الله عليه الصلاة والسلام وما قاده نحو السؤال الا شعور بالطمع ان يكون هو صاحب هذه المنزلة. هذا يا كرام يختصر جملة كبيرة من التعاملات. يقول ها هنا رضي الله عنه كان يعطي كل جلسائه نصيبه. حتى لا يحسب جليسه وان احدا اكرم عليه منه. هذه يا كرام كما قلت لكم غاية العظمة. ان تتسع العلاقة وتكبر دائرة العلاقات مع الاحتفاظ الكامل بالاحترام والتقدير والود والحب لكل احد. نعم تبقى هناك مساحة للتفاضل لا ينكرها بشر وقد تقدم بكم في ليلة الجمعة الماضية لما قال افظلهم عنده اعمهم نصيحة واعظم هم عنده منزلة احسنهم مواساة ومؤازرة. كان عليه الصلاة والسلام يقدم بعضا من اصحابه نعم. ولهم المحبة الاكمل في قلبه نعم كابي بكر رضي الله عنه على سبيل المثال. فانه لشدة قربه وطول صحبته بذله ونصرته لرسول الله صلى الله عليه وسلم حظي من الود والمكانة بقدر زائد. لكن لا يعني هذا ان يدخل بذلك النقص على غيره رضي الله عنهم اجمعين. ثم قال رضي الله عنه من جالسه عليه الصلاة والسلام او قاومه لحاجة وفي بعض الالفاظ اقامه لحاجة قال صابره حتى يكون هو المنصرف فعنه ما يستعجل عليه الصلاة والسلام بمفارقة جليسه ولا يستعجل بالانصراف عمن جاءه يتكلم اليه في حاجة او يطلب اليه قضاء امر يقول حتى يكون هو المنصرف عنه صلوات ربي وسلامه عليه. نعم من سأله حاجة لم يرده الا بها او بميسور من القول قد وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم ابا وصاروا عنده في الحق سواء متقاربين متفاضلين فيه بالتقوى. نعم هذه جملة اخرى في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من سأله حاجة لم يرده الا بها او بميسور من القول. كل من سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد من سؤاله احد شيئين اما ان يعطيه حاجته عليه الصلاة والسلام. كالسائل للصدقة والسائل للفتوى والعلم. والسائل ايضا لمجلس يجد فيه القرب منه عليه الصلاة والسلام. كل اولئك يجدون حاجتهم. فان لم يجد صلى الله عليه وسلم حاجة سائل ليعطيها اياه اعطاه ميسور القول وحسن الكلام والدعوة الصادقة. وقد مر بكم مرارا انه سأله رجل ثوبه الذي كان يلبسه والبردة التي اهدته اياها المرأة الانصارية. قال نعم فدخل فطواها ثم بعث بها اليه وجاءه اخر فقال يا رسول الله اني اريد سفرا فزودني. يريد زادا يتقوى به على السفر اما نفقة واما طعام واما دابة يركبها وليس عنده بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام شيء. فقال زودك الله التقوى اعطاه ميسورا من القول طافه بدعوة صالحة طمع الرجل ففرح قال زدني يا رسول الله قال وغفر لك ذنبك ازداد فرح الرجل فسأل ثالثا قال زدني قال ويسر لك الخير حيثما كنت. وقد يقف بي وبك سائل ومحتاج وامرأة مكروبة او ارملة او ام ايتام. فمن كان معه شيء فاعطاه فقد اقتدى برسول الله. صلى الله عليه وسلم ومن لم يكن عنده شيء لكنه احسن وامتثل امر الله واما السائل فلا تنهر وتوسم فيه صدق مسألته ثم صرفه بميسور من القول. اما وعد حسن الى حين حتى يعطيه ان وجد. واما سعي في حاجته بالشفاعة له عند من يجد. واما بدعوة صادقة يصرفها يسر بها خاطره. فمن فعل ذلك فقد اقتدى ايضا برسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال رضي الله عنه من سأله حاجة لم يرده الا بها او بميسور من القول. هل تظن اخي الكريم ان ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سببه السعة في المال والغنى وكثرة الثروات التي كانت تحيط به صلوات الله وسلامه عليه. لا والله لقد عيشة الفقراء وحياته على القلة. وكان يبيت الليالي المتتابعة طاويا هو واهل بيته لا يجد عشاء. عليه الصلاة سلام ولم يشبع ال محمد صلى الله عليه وسلم من خبز الشعير يومين متتابعين قط. اذا كيف كان يسع الناس بكل هذا فكيف ان كيف يكون لكل من اتاه ويسأله ان يجد حاجته؟ اسمع يقول رضي الله عنه قد وسع الناس وخلقه ليست القضية ان تسع الناس بالمال وبالعطاء. ان كان هذا بيديك وسخرك الله لذلك هنيئا لك ان يكون لك مال توسع به على خلق الله. وان تصرفه تبتغي بذلك مرضاة الله. فتكون مغتبطا بذاتك وتكون مغبونا بما انت فيه من الخير. فان لم تجد يقول عليه الصلاة والسلام وهو يتحدث كيف يصف المؤمن كيف يعيش المؤمن هذا المعنى. يقول انكم لن تسعوا الناس باموالكم ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق. الحديث وان كان فيه ضعف فقد حسنه بعض العلماء كالمنذر والحافظ بن حجر والالباني رحم الله الجميع. نعم لن تسع الناس بمالك. وانت في النهاية بحاجة الى ان تسعهم كما وسعهم رسول الله عليه الصلاة والسلام. فدونك كما قال قال هنا بسطه وخلقه. نعم انت بالخلق تسع الجميع. والبشرية كلها. اخبرني ماذا تكلف الكلمة الطيبة وما هو ثمن الابتسامة والخلق الجميل والامانة والصدق والوفاء هذه قيم واخلاق ومبادئ ليست تكلف جهد ولا مالا ولا عطاء لكنها تتطلب شيئا واحدا. نفسا صادقة تقتدي برسول الله صلوات الله وسلامه عليه وتعرف ان مكارم المرء في مثل هذه الاخلاق التي تسع الجميع من حوله. حتى قال فصار لهم ابى عنده في الحق سواء متقاربين. متفاضلين فيه بالتقوى. هل كان ابا عليه الصلاة والسلام حقيقة دعا هو القائل صلى الله عليه واله وسلم في الحديث الحسن الذي اخرجه احمد وابو داوود والنسائي يقول انما انا لكم منزلة الوالد اعلمكم. كان والدا عليه الصلاة والسلام بمنزلة الوالد بما يحمل الاب في قلبه تجاه اولاده من الرأفة والعطف والشفقة. من الحرص والعناية من الرغبة في ايصال الخير. من الحرص على عدم وقوعهم في الاذى او ان يمسهم سوء. تماما كل مشاعر الاب التي يجدها في قلبه تجاه اولاده. كان النبي صلى الله عليه وسلم يحملها لي ولك وللامة جمعاء. فصلى الله عليه واله وسلم تسليما كثيرا. قال فصار لهم ابى وهذا جزء من دلالة قول الله سبحانه النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم. وقد تقدم هذا في مطلع الكتاب وما ذكر الله عز وجل الا في هذا المعنى عن نبيه عليه الصلاة والسلام. قال وصاروا عنده في الحق سواء متقاربين لا يتفاضلون الا بامر واحد هو التقوى وهو الامر الذي ذكر الله في قوله ان اكرمكم عند الله اتقاكم. نعم وفي الرواية الاخرى صاروا عنده في الحق سواء. مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وامانة. لا ترفع فيه ولا تؤبن فيه الحرم ولا تنثى فلتاته. وهذه الكلمة من غير الروايتين. ما زاد الحديث عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن اللطيف ها هنا في العبارة ان هذه الاوصاف بدأت توصف بها مجالسه عامة فانظر كيف ان عظمته عليه الصلاة والسلام القت بظلالها على المجلس فاصبح المجلس عظيما. اسمع رعاك الله. يقول مجلسه مجلس حلم وحياء. الجالسون فيه حلماء ذوي حياء احدهم لا يمكن ان تجد منه كلمة خادشة او عبارة ساقطة. المجلس مجلس حياء. لا ترفع فيه الابصار ولا تهتك فيه العورات. ولا يلقى فيه القول ولا ببذيء الكلام. تدري لما؟ لان صاحب المجلس محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله يا كرام عند عندما نحمل العظمة في اسمى معانيها. فانا نجدها خلف كل جملة في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشأنه العظيم ونحن بذلك نقود النفوس نحو الاقتداء بعد هذا التبجيل والاحترام والتقدير لمجلس وسنن واوصاف رسولنا عليه الصلاة والسلام. يقول مجلسه ومجلس حلم وحياء وصبر وامانة. ثم اسمع التفصيل. لا ترفع فيه الاصوات هل هذا الا ادب وحياء؟ حتى اذا تكلم المتكلم تكلم بقدر الاسماع لكن اللغط ورفع الاصوات والتشاجر والخصومات. حاشا مجلس رسول الله عليه الصلاة والسلام. ان يقع فيه مثل ذلك. قال ولا فيه الحرم الحرم كل شيء محترم قال لا تؤذن فيه يعني لا تذكر فيه الامور المحترمة المقدرة. لا تذكر بسوء ولا تعاب. بمعنى انه لم يكن لاحد ان يجد سعة لشيء من الجرأة او الوقاحة او قلة الحياء او السفاهة في مجلس رسول الله عليه الصلاة والسلام. ترى هل لانه كان يفرض العقوبات؟ هل لانه كان غليظا شديدا صلوات الله وسلامه عليه يزجر ويضرب ويعاقب ويوبخ لا لكنه اعظم من ذلك. لقد كان بعظمته عليه الصلاة والسلام. وبعظيم لتربيته لهؤلاء الكرام قد زرع فيهم اداب هذه المجالس الكريمة التي تكون بحضرته صلوات ربي وسلامه عليه قال لا ترفع فيه الاصوات ولا تؤبن فيه الحرم ولا تنثى فلتاته. فلتاته جمع فلتة يعني زلة من الكلام. السقطة من العبارة. الكلام الذي لا يليق ربما كان سبق لسان فكشفت به عورة او هتكت به حرمة او اسيء بها الى شخص. يقول هنا لا تنثى فلتاته والمعنى لا يتحدث بهذه فلتات في مجلسه ولهذه الجملة معنيان المعنى الاول انه وان وقعت الزلة في المجلس عن غير قصد منه او من غيره عليه الصلاة والسلام انما كانت تطوى ولا تروى. وتدفن في حينها ولا تنقل. تدري لم ادبا واحتراما لهذه المجالس. لانها ليست مجالس زلل ولا خلل ولا ساقط القول. هذه مجالس النبوة والدين والايمان والعلم فهب ان فلتة وقعت من احد جلساء هذا المجلس ما حق هذا المجلس وهو علم وادب وايمان. حقه ان تنسى الا تنسى فيه الفلتات. الا تروى الا تذاع الا تشاع ان تدفن والمعنى الاخر انه لم يكن اصلا في مجلسه شيء من الفلتات حتى يستحق ان يشاع او يذاع. فكان المجلس طاهرا بطهارة جلسائه. كان صافيا نقيا بنقاوة صدور وقلوب الجالسين فيه. من الصحب الكرام وعلى رأسهم رسولنا صلوات الله وسلامه عليه قال القاضي عياض وهذه الكلمة من غير الروايتين يقصد انه ذكر هذه الجملة الاخيرة في غير الروايتين التي ساق بها حديث هند على طوله رضي الله عنه نعم يتعاطفون فيه بالتقوى متواضعين. يوقرون فيه الكبير ويرحمون الصغير ويرفدون ذا الحاجة ويرحمون الغريب. نعم هذه جزء من اخلاق العظمة في المجلس التي اكتسبت العظمة عظمة رسول الله عليه الصلاة والسلام. فاصبح الجلساء في المجلس بهذه الاوصاف. يتعاطفون فيه بالتقوى. متواضعين فيه الكبير يعني يحترمونه يقدرونه يقدمونه لكبره. وهذه واحدة من اداب الاسلام. توقير الكبير وتقديمه لسنه ومكانته. قال ويرحمون الصغير عطفا وشفقة ورأفة عليه. قال ويرفضون ذا يعني يمدونه بما يحتاج. ان كان محتاجا الى طعام او الى مال او الى لباس فانه يجد حاجته في مجلس رسول الله عليه الصلاة والسلام قال اخرها ويرحمون الغريب. من رحمة بالغريب الرفق به. ومن الرحمة بالغريب اسداء الاحسان اليه. الغريب يا كرام رجل يجد في قلبه شيئا من الوحشة لغربته وشيئا من الكربة لبعده عن اهله. وشيئا من ما يختلج في الصدور من مختلف المشاعر. فحقه ان يعتنى به فلا يفزع ولا يهان ولا يمكن ان يحرم حاجته. احترام الغريب او رحمته اداء الحق اليه واحتواؤه وعطف الاخوة الصادقة بالمشاعر من حوله. وفي بعض الفاظ رواية حديث هند رضي الله عنه كما اخرج الترمذي في الشمائل قال ويحظون الغريب وفي لفظ ويحفظون الغريب. سواء قلت يرحمون الغريب او يحفظون الغريب او يحظون الغريب يعني يعطونه حظوته وما يجد به حاجته من الاكرام وسد الحاجة فان المعنى ها هنا سواء. ان الغريب ليس مهينا في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم. لا ولا بعيدا ولا ناقص القدر لانه غريب وعادة ما يجد الغريب شيئا من هذا الشعور لانه غريب. فلا احد يعرفه ولا احد يحفظ له مكانته. لكن الادب النبوي في المجلس المحمدي حفظ مكانة الغريب رحمة واحترام وحفظا. نعم قال فسألته عن سيرته صلى الله عليه وسلم في جلسائه. المقصود بالجلساء اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الجالسين في مجلسه. الان هذا الكلام هو اقرب ما يكون لي ولك. ان نتصف باوصاف جلساء رسول الله عليه الصلاة والسلام ولكم قلنا مرارا طويت الازمان وتباعدت القرون وانطوت صفحة الصحبة الشريفة لرسول الله عليه الصلاة والسلام فلن يظفر بها احدنا قط لكن الذي تظفر به شرف الاوصاف والعناية بان تعيش تلك الانفاس فدونها دونها مثل هذه الروايات. خذها تأمل فيها. يقول سألته عن جلسائه الحديث الان عن مرآة لكل مسلم يبصر فيها حاله وتعامله مع الناس من حوله وميزانه في ذلك هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وينظر ايضا في معيار ذلك بالنظر الى حال الصحب الكرام رضي الله عنهم وهم جلساء رسول الله صلى الله عليه وسلم. اسمع الكلام الاوصاف الان لحال النبي عليه الصلاة والسلام مع الجلساء. سيرته في التعامل مع الصحابة الذين يغشون مجلسه. كيف التعامل ما الاسلوب؟ ما المنهج؟ ما هو الهدي؟ هذا ادب لي ولك. هذه كما قلت مرآة ونحن لا نقطع المجالس ونغشها بين الحين والحين نجلس الى الناس او يجلسون الينا. في المناسبات وفي الاجتماعات وفي الاعياد وفي المساجد والجوامع وفي مكان العمل وفي بيوتنا احيانا نحن لا تخلو حياتنا من مجالس كما قلت نجلس فيها الى الناس او يجلسون فيها الينا. فدونك الان صفحة من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام كيف كان يتعامل مع جلسائه. نعم. فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر سهل الخلق لين ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مداح يتغافل هذه جمل فيها عدة عبارات والفاظ مظى كثير منها فيما سبق لما ابتدأ الوصف قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر ما ديمومة البشر فالابتسامة التي لا تفارق محياه انبساط الوجه الذي لا يتكدر مهما كانت الظروف. سؤالي هو احياة رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ كانت بساطا من الاريحية والرخاء وسعة العيش والانبساط؟ ام كانت حياة جهاد ومعترك حياة وامانة عظيمة ناء بها كاهله فاستعان بالله وهو يبلغ دين الله ليجد عداوة المنافقين وخبث اليهود وصد مشركين ويجدوا مع ذلك حاجة اصحابه الذين فيهم الفقير وذو الحاجة وصاحب الاشكال والخصومة وفيهم حديث العهد بالاسلام وفيهم الصاحب الوفي. اي حياة كان يعيشها صلوات ربي وسلامه عليه. حتى يمكن ان متاح له ان يعيشها بديمومة البشر والانبساط والابتسامة التي يراها على وجهه كل احد عمومة البشر لا تعني بالضرورة انس الحياة الذي يطرب معه القلب فرحا. وانه لا شيء يكدر الخاطر. وانه لا شيء ايعكر المزاج احيانا تمر بي وبك ساعات وظروف وقضايا واحوال. تغشانا بهمها وغمها تحيط بنا من شدة وقعها فلا حرج ان يصيب احدنا حال يحزن فيه او يبكي فيه لمصاب والم كل ذلك مشروع ولا ينكره الاسلام. لكن ان يغلب على شأنك فاذا سئلت او سئل الناس عنك انما ذكروا عنك هذا الوصف الذي يبدو لاول وهلة انه دائم البشر تلك عبارة تختصر فيها سيرة حياة لرسول الله عليه الصلاة والسلام وهذا يا كرام لا يتعارض مع ما مر في هذا الحديث في جملة سابقة منه لما قال هناك كان متواصل احزان وقد تقدم ان الوصف هناك بالحزن ليس المنافاة للبشر ولا للانبساط والسرور لكن المقصود هو حمل الهم والتفكر في امر الشريعة وتبليغ دين الله. قال ايضا رضي الله عنه كان سهل الخلق لين الجانب والعبارتان قريبتان من السواء. سهولة اخلاقه قرب تعامله مع الناس اجمعين بمختلف الفئات واللين الجانبي ايضا انه لم يكن يحتاج احد من جلسائه الى ان يصل اليه بتكلف في مخاطبة او تعامل او مجالسة كان قريب التناول كان خفيظ الجناح عليه الصلاة والسلام كان لينا سهلا الى درجة ان الصبيان وهم صبيان اطفال يجدون متسعا فيحفظون روايات ومواقف فيها تعامل من رسول الله عليه الصلاة والسلام معهم وحتى ان الاماء والخدم ومن لا يؤبه بهم في المجتمع واصحاب الاقدار المنخفضة بين الناس في المجتمعات حتى تلك الفئة كانت تجد حاجتها في تعاملها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومر بكم حديث مسلم كانوا يأتونه بانية الماء يضع فيها يده تبركا صلوات الله وسلامه عليه. وان كانت الامة ايضا لتأتي الى النبي عليه الصلاة والسلام فتأخذ بيده فتنطلق به حيث شاءت يقضي حاجتها. وربما اتته المرأة وفي عقلها شيء كما قال انس رضي الله عنه فتقول له ان لي اليك حاجة فيقول لها اذهبي فاجلسي في اي طرق المدينة اجلس اليك. فتنصرف فيلحقها صلوات الله وسلامه عليه. تدري ما معنى ان يكون نبيا عظيما كريما هو امام ومعلم وخطيب الجمعة وقائد الجيش وقاضي الخصومات ومؤدي للناس شريعة الله ومبلغهم وحي الله. ومع ذلك كله يقول كان سهل الخلق لين الجانب. لم يكن له حرس ولا خدم ولا حشم ولم يحجب احدا عن باب بيته ولا مسجده ولا الاتيان اليه في التعامل والاخذ عنه مباشرة الصلاة والسلام. عرف الكل قربه فاقتربوا. عرف الكل وده فاحبوه. صلوات الله وسلامه عليه. بل دعني اقول لك اسر قلوب الصحابة جميعا والله بهذا اللون من التعامل بالقرب بخفض الجناح بلين الجانب. فما وجدوه الا قريبا عظيما عليه الصلاة والسلام ووجدوه الا كريما ذي عطاء ذا عطاء يفضل على الجميع صلوات الله وسلامه عليه. قال في الرواية ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب يعني ليس بالذي يرفع صوته في الاسواق وفي الطرقات قال ولا فحاش ابدا فليس الفحش في طريقه ولا دربه. عليه الصلاة والسلام قولا ولا فعل. لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولم يرظى بالفحش في مجلسه ان يقال عليه الصلاة والسلام ما عرف الا عفيف الكلام طاهرا اللسان جميل عبارة صلوات الله وسلامه عليه ما حفظت عنه سقطة في كلمة ولا غمزة عين ولا اشارة يد ما كان ذلك لنبي من انبياء الله فكيف برسولنا صلوات الله وسلامه عليه. والجملة جاءت في رواية كما اخرج البخاري. يرويها عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه ان هذه هي صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ايضا. قال ولا عياد ولا ليس بالذي يكيل المدح للناس تزلفا ونفاقا. وليس بالذي يؤذي المشاعر ويخدشها عيبا وقدحا احفظوا للناس مشاعرهم حتى صاحب العيب ما كان يذكر عنده بعيب. ولا صاحب الخطأ انما ينصح ويوجه ويعلم بنعل الاحتفاظ بمشاعره ولا المدح الذي يمكن ان يدخل صاحبه في التزلف والاطراء المنهي عنه. فعل ذلك واوصى به عليه الصلاة والسلام يتغافل عما لا يشتهي ولا يؤيس منه قد ترك نفسه من ثلاث الرياء والاكثار وما لا يعنيه. قال تغافلوا عما لا يشتهي لا يعطي له بالا ولا اهتماما لانه ليس في طريق انتباهه عليه الصلاة والسلام. ولا يؤيس منه. والرواية عند الترمذي في الشمائل ولا يؤيس منه راجيه. يعني لم يكن شخص يترجى شيئا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن ييأس ان يجد حاجته لعلمهم بكرمه وحلمه عليه الصلاة والسلام. قال ولا يؤيس منه ثم قال قد ترك نفسه من ثلاث الرياء والاكثار وما لا يعنيه ثلاثة امور كان النبي عليه الصلاة والسلام تاركا لها على الدوام اولها الرياء. وقد نبه وحذر ونصح للامة في خطر الرياء وشدة عظيم شأنه في اهلاك العبد واتلاف العمل. قال ولا الاكثار المقصود من الاكثار تار اما من الاستكثار في المال او الاستكثار من الكلام. فلم يكن مكثرا من ذلك عليه الصلاة والسلام. وفي نسخة اخرى قال ولا اكبار المقصود به التكبر والتعالي. واما الثالثة التي ترك نفسه منها على الدوام قال ما لا يعنيه لم يكن يشتغل بشيء ليس له به عناية. وهو القائل عليه الصلاة والسلام ان من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه. نعم الناس من ثلاث كان لا يذم احدا ولا يعيره ولا يطلب عورته. نعم. ايضا ترك الناس من ثلاث يعني ان ان الناس سلمت منه في ثلاثة اشياء لا يذم احدا الذم المقصود به ذكر القدح والتوجه باللوم والاساءة الى الاخرين. ولا يعيره يعني لا يمكن ان يلحقه بعيب يقدح فيه يكون عيبا في الشخص. ولا يطلب عورته لا يطلب مسائته ولا كشف زلته وخطأه. يا كرام هذا طرف من سمو الاخلاق وشرف المجالس وطهر الحياة ان يشتغل الانسان بخاصة نفسه. وان يسلم الناس من اذاه. اما تتبع العورات واقتناص الزلات والفرح والتشنيع على اصحاب العيب بعيبهم فلا والله ليس من خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم اين من هذا اقوام اصبحت حياتهم تقتات على الزلل والخطأ والفرح بكل زلة وهفوة فتشاع وتذاع ليذم اصحابها ويشوه في الناس خبرهم ويسقط شأنهم وليس لاحدهم غرض الا قاط الناس من حوله قد شغل نفسه بالاشتغال بهؤلاء يمنة ويسرة. والنبي عليه الصلاة والسلام مع كونه نبي ومع كونه اولى الناس بان يصف البشر من خلقه بما يوحي الله اليه من علم الغيب. الا انه ترك الناس من ذلك سلم الناس منه فاين من يقتدي برسول الله عليه الصلاة والسلام ليسلم هو لدينه ويسلم الناس منه في اعراضهم وانفسهم وشأن حياتهم نعم. ولا يتكلم الا فيما يرجو ثوابه. اذا تكلم اطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير واذا سكت تكلم ولا يتنازعون عنده الحديث. نعم. هذا طرف من مجلسه في حديثه مع جلسائه عليه الصلاة والسلام اذا تكلم اطرق جلسائه كانما على رؤوسهم الطير. هذا الادب هذا الوقار في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم من ساداتنا صحبي الكرام رضي الله عنهم. اذا بدأ يتكلم سكت الجميع وانصتوا واطرقوا قال كانما على رؤوسهم الطير وهذا مثل تضربه العرب لشدة السكون وقلة الحركة وعدم الالتفات. لان الطير لا يمكن ان يقف الا على ثابت صلب ولادنى حركة يطير الطائر. فيقال في المثل كأن على رأسه الطير. من شدة سكونه وخشوعه وعدم حركته كان الصحابة اذا تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتوا كأنما على رؤوسهم الطير. واذا سكت تكلموا فلا يتكلم احدهم حال كلامه عليه الصلاة والسلام. ادبا وتوقيرا في مجلسه صلوات ربي وسلامه عليه. قال ولا يتنازعون عنده الحديث بمعنى انه اذا سكت وحانت الفرصة لحديثهم وبدأ المتكلم ليتكلم واراد الثاني كذلك فرصة والثالث والرابع اما لسؤال او لاستفسار او لذكر حادثة يخبرون بها نبي الله عليه الصلاة والسلام لا يمكن من الادب ان يتنازعوا الحديث في مجلسه. ولا ان تداخل الاصوات في حضرته. لانك كما ترى المجلس عظيم ورأسه وحاضره رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. نعم. من تكلم عنده انصتوا له حتى يفرغ حديثهم حديث اوله عن الحديث لاولهم حديثا. فاذا ابتدأ الكلام فالحديث له حتى يفرغا قال من تكلم عنده انصتوا انصتوا ولا يمكن لاحد ان يداخل في الكلام حتى يفرغ الاول. قال حديثهم حديث اولهم. نعم يضحك مما يضحكون منه ويعجب مما يعجبون منه. هذا التوافق والالف بينه وبين جلسائه عليه الصلاة والسلام اذا كانوا يتحدثون في امر يبعث على الضحك شاركهم في الضحك عليه الصلاة والسلام. واذا تحدثوا في امر يبعث على العجب شاركهم بالتعجب عليه الصلاة والسلام الا ترى انه يسعى الى مد جسور الالفة مع جلسائه بمشاركتهم حتى اعر الحديث اذ ضحكوا وان تعجبوا. هذا مما يزيد الالفة. ويبعد النفرة ويجعل جلساء المجلس في صحبتهم وصداقتهم اقرب ما يكونون على قلب رجل واحد. وصاحب المجلس وامام المجلس ومن تحلقوا الناس حوله هو اولى من يتصف بذلك لانه قطب الرحى في المجلس. وهم حوله يتحلقون فلما كان كذلك شعروا انهم اقرب ما يكونون الى قلبه عليه الصلاة والسلام. اترى بعد هذا اذا القى بالكلمة او وجه امري او حذر بالنهي والله الا يقع منهم موقع القبول والاحترام والاخذ فور الامتثال لانهم عرفوا ان صاحب المجلس واحد في عظمته ونبوته ورسالته التي اصطفاه الله تعالى بها لكنه جليس من افراد المجلس قربا وودا والفة ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق. ويقول اذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فارفدوه. يصبر على صاحب الجفوة يصبر على الغريب في الجفوة في المنطق وقد تقدم غير ما مرة يا كرام انه عليه الصلاة والسلام ربما تلفظ القادم والاعراب خاصة بشيء من غليظ العبارة وما لا يليق قوله لنبي الله عليه الصلاة والسلام لكنه يراعي انه غريب وان مثله لم يحظى من ادب المجلس واحترام النبوة بما حظي به اصحابه. فيتجاوز عليه الصلاة والسلام. مر بكم يا كرام حديث انس يقول كنت مع النبي عليه الصلاة والسلام. وعليه برد غليظ الحاشية. فجبذه اعرابي بردائه جبذة شديدة حتى اثرت حاشية البرد في صفحة عاتقه عليه الصلاة والسلام. ثم قال يا محمد احملني على بعيري هذين من مال الله الذي عندك فانك لا تحمل لي من مالك ولا من مال ابيك بك هل جفوة اشد من هذه العبارة؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال المال مال الله وانا عبده ثم قال يعني سامر لك بالعطاء ثم قال ويقاد منك يا اعرابي ما فعلت بي يعني اسأت وتعديت وتجاوزت في الكلام وجذبتني هكذا. انا ساعطيك فاذا اعطيتك حقك يبقى حقي. قال ويقاد منك يا اعرابي ما فعلت بي. قال الاعرابي لا قال لم؟ قال لانك لا تكافئ بالسيئة السيئة. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم امر ان يحمل له على بعير عير وعلى الاخر تمر والحديث بروايته في الصحيحين عن انس يقول كنت امشي مع رسول الله عليه الصلاة والسلام وعليه دداء نجراني غليظ الحاشية اعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة. فنظرت الى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اثرت بها الرداء فقال يا محمد مر من مال الله مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت اليه فضحك ثم امر له لم يكن موقفا ولا اثنين ولا ثلاثة. تحصل المواقف لانهم بشر. وتتفاوت بينهم الرتب. لكن المهم في ذلك كله ان النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ذي الخلق العظيم ما كانت حاله لتختلف مهما اختلفت احوال البشر من حولك كانت عظمته على درجة سواء. وكان كريم خلقه على اتم الاحوال. يتفاوت الناس من حوله ولا يتفاوت ادبه كريم خلقه مع الناس من حوله صلوات الله وسلامه عليه. هذا جزء من معنى العبارة ويصبر للغريب على الجفوة في منطقي كل ذلك بحاجة الى نفس كبيرة عظيمة يغرق فيها المسيء باساءته حلما ويتجاوز فيها عن المخطئ بخطئه ادبا وعلما. هذا الشأن العظيم كان لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم. نعم ولا يطلب الثناء الا من مكافئ. ولا يقطع على احد حديثه حتى يتجوزه. فيقطعه بانتهاء او يقول رضي الله عنه ولا يطلب الثناء الا من مكافئ ما كان نبينا عليه الصلاة والسلام يبحث عن ثناء المثنين عليه ولا يتطلب مدح المادحين له. لكنه يؤتى اليهم عليه الصلاة والسلام فيمدحه المادح ويثني عليه المثني. فما كان يقبله الا من مكافئ يعني مقتصد في المدح معتدل غير متجاوز فيه الحد. فانه يكافئ بمدحه مقام رسول الله عليه الصلاة والسلام. قال ولا يقطع على احد حديثه حتى يتجوزه ما كان يقطع كلام المتكلم حتى ينتهي المتحدث وهذا معنى يتجوز اي يتجاوز في حديثه ويفرغ. قال فيقطعه بانتهاء او قيام يقول المصنف القاضي عياض هنا انتهى حديث سفيان بن وكيع الذي من طريقه ساق المصنف حديث هند بن ابي هالة رضي الله عنه. نعم وزاد الاخ وزاد الاخر قلت كيف كان سكوته صلى الله عليه وسلم؟ قال كان سكوته على اربع على الحلم والحذر والتقدير والتفكر. نعم يعني محامل سكوت النبي عليه الصلاة والسلام. محمولة على اربعة اشياء على الحلم فان الحليم كثير السكوت والمحمل الثاني الحذر فان الحذر تراه كثير السكوت لشدة الحذر. واما الثالث فالتقدير والمراد به محاولة تسوية النظر والاستماع وتقدير الكلام. واما التفكر فالمقصود النظر في ملكوت الله وعظمته جل جلاله فان المتفكرين ايضا اكثر الناس صمتا. نعم. فاما فاما فاما تقديره ففي تسوية النظر والاستماع من الناس. نعم واما تفكره ففيما يبقى ويفنى؟ نعم. وجمع له الحلم صلى الله عليه وسلم في الصبر. فكان لا يغضبه شيء جمع له الحلم في الصبر الحلم الحلف بطء الغضب وعدم الاستفزاز قال مع انه حليم فالشأن الا يغضب عليه الصلاة والسلام. لكنه رزق مع الحلم صبرا عظيما. فانى فانى ان يجد له الشخص غضبة او شططا في الكلام وحاشاه عليه الصلاة والسلام. قال فكان لا يغضبه شيء يستفزه. نعم وجمع له وجمع له في الحذر اربع اخذه بالحسن ليقتدى به. وتركه القبيح لينتهى عنه. واجتهاده واجتهاد الرأي بما اصلح امته والقيام لهم بما جمع لهم من امر الدنيا والاخرة. انتهى الوصف بحمد الله وعونه تعالى. نعم. ختم المصنف بهذه الجملة قال وجمع له في الحذر اربع اجتمع للنبي عليه الصلاة والسلام اربع خصال في الحذر. اخذه بالحسن ليقتدى به فما صدر عنه من قول او فعل فالشأن الاكمل في هديه بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. على هذا انعقدت قلوب اهل السنة دون اختلاف. قال وتركه القبيح لينتهى عنه. ما كان ليغشى القبيح او يفعله. او يقترب منه او تحفظه الرواية عنه. وحاشى صلوات ربي وسلامه عليه. قال واجتهاد الرأي بما اصلح امته كان يحمله في ذلك الحذر. واختيار الاصلح لهم ثم قال في الرابعة والقيام لهم بما جمع لهم من امر الدنيا والاخرة. يعني ان يختار لامته الاكمل لهم. ويحتاط لهم بالايسر في شأن حياتهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم فجمع له من الخصال ما كان في المؤدى الخير لامته صلوات ربي وسلامه عليه انتهت الرواية التي ساقها المصنف وقد امضينا فيها بضعة مجالس بعون الله تعالى وتوفيقه. الفصل التالي هو الالفاظ الطيبة التي تضمنتها الرواية جعلها المصنف في ختام هذا الباب نأتي عليها في ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. ايها المباركون هذه الليلة الشريفة من الله عليكم فاستفتحتموها بكثرة الصلاة والسلام عليه في مجلسكم هذا بين العشائين. فاكملوها رعاكم الله بالاستكثار من الصلاة والسلام عليه وانتم تشعرون فضل الصلاة وبركتها ونورها وهداها. ولكم بكل صلاة عشر صلوات من ربكم جل في علاه. وما منح الله الخليقة بهجة باجمل من رح الحبيب وارحم. نبي تهادى النور من هنيئا لمن صلى عليه وسلم. فصلوات الله وسلامه عليه دائما ابدا. نسألك اللهم علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم انا نسألك باسمائك الحسنى وصفاتك العلى. ان تجعل لنا وللمسلمين من كل هم فرجا. ومن كل كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية. نسألك يا حي يا قيوم في بيتك الحرام. في ليلة شريفة كهذه. نتوسل اليك بجاهك وقدرتك وعظمتك ان تفرج عن اخواننا في حلب. اللهم فرج همهم ونفس كربهم. وتولى بعنايتك امرهم يا رحمن يا رحيم اللهم انهم مغلوبون فانتصر لهم. اللهم يا قوي يا قاهر يا عظيم يا قادر عليك باعدائهم الذين تواطؤوا ولا حرب دينك وعبادك كالمؤمنين. اللهم خذهم اخذ عزيز مقتدر. رباه قد علمت انه لا حول لنا ولا قوة الا بك. فانت المستعان وعليك التكلان ولا حول ولا قوة الا بالله. اللهم انت مولانا ومولاهم فنعم المولى ونعم النصير. ربنا اتنا في الدنيا حسنة الله اكبر اشهد ان لا اله الا الله