بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى. واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المصطفى ونبيه المجتبى صلوات ربي وسلامه عليه. وعلى ال بيته وصحابته ائمة الهدى ونجوم ومن تبعهم باحسان واقتفى اثرهم واقتدى. اما بعد احبتي الكرام. ففي كل ليلة من ليالي الجمعة نجلس مجلسا كهذا في رحاب بيت الله الحرام. فكم جمع الله لنا بين الفضائل والمكارم في مجلس كهذا ايها المباركون في بيت الله الحرام وقرب كعبته المعظمة. منتظرين الصلاة الى الصلاة. جالسين مجلسا في ليلة هي من اشرف الليالي واعظمها بركة نستكثر من الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى. رسول الامة ونبي الهدى والرحمة صلوات ربي وسلامه عليه عليه في مجلس كهذا نحن نغترف من الخيرات والبركات. فمن اسعد منا الليلة يا كرام؟ ونحن نغتبط بكل الخيرات والبركات يزداد سعدنا وانسنا واحدنا يستمطر بالصلاة الواحدة على نبيه صلى الله عليه وسلم عشر صلوات من رب العزة والجلال. وصلاة واحدة والصلاة الواحدة من الله. كفيلة بان تملأ حياتك عبد الله فرحة ورظا وسرورا. صلاة واحدة من الله ان غشيت الواحدة منا زال همه. وتفرج كرب واشرقت نفسه وسعدت روحه كيف لا وهي صلاة ربنا الكبير المتعال. الرحمة والبركة والخير والهدى هذه الصلاة الواحدة فكيف بالصلوات تلو الصلوات التي تمطرك في مجلس لا يزال لسانك يلهج بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. الا وان مما يزيد انسنا ايضا في مجلس كهذا اننا نتدارس ابا فيه ذكر شمائل ومناقب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكم هو محبب الى القلوب الحديث عن المحبوب عليه الصلاة والسلام. كم هو لذيذ الى النفوس المحبة ان تسمع وتقرأ وترتوي في ذكر رفعة شأن المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي تعلقت القلوب بحبه واشرقت الافئدة ايضا باتباع سنته وسيرته والايمان برسالته صلوات ربي وسلامه عليه. ما زال حديثنا موصولا احبتي الكرام في باب ما ساق فيه المصنف رحمه الله فضيلة رسول الله صلى الله عليه وسلم المتعلقة بمعجزة الاسراء. حيث رفع الله قدره واعلى شأنه مكانه سبحانه وتعالى. وبعد ذكر روايات قصة الاسراء شرع المصنف في مسألتين مضى ذكرهما في المجلسين السابقين متعلقتين بقصة الاسراء وحادثتها. والاولى منهما كانت فيما يتعلق برؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الاسراء والمعراج والاخرى كانت هل كان الاسراء بجسده ام بروحه عليه الصلاة والسلام وقد تقدم ان الراجح هو الاسراء بجسده حقيقة عليه الصلاة والسلام وتلكم اية المعجزة بخلاف ما لو كان مجرد من ام واسراء بالروح فقط. واما ما مضى فيه الحديث في فصل ليلة الجمعة الماضية في رؤية النبي عليه الصلاة والسلام لربه فالذي مر بكم ان الذي عليه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ان ذلك لم يثبت بدليل صحيح صريح وذلك غير منتقص في قدره عليه الصلاة والسلام اذ كان هذا من الخصوصية التي جعلها الله من نعيم اهل الاطلاع والنظر الى جمال الله وذاته وجلاله جل في علاه. الا ما كان رواية عن ابن عباس مضى نقاشها والحديث عنها وفي ذلك يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله واما الرؤية فالذي ثبت في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه بفؤاده مرتين. وعائشة انكرت الرؤيا. فمن الناس من جمع بينهما فقال عائشة انكرت الرؤية وابن عباس عائشة انكرت رؤية العين وابن عباس اثبت رؤية الفؤاد والالفاظ الثابتة عن ابن عباس اما مطلقة او مقيدة بالفؤاد وتارة يقول رأى محمد ربه وتارة يقول رآه محمد صلى الله عليه وسلم ولم يثبت عن ابن عباس لفظ صريح بانه رآه بعينه وكذلك الامام احمد تارة يطلق الرأي الرؤية وتارة يقول رآه بفؤاده ولم يقل احد انه سمع احمد يقول رآه بعينه لكن طائفة من اصحابه سمعوا بعض كلامه المطلق ففهموا منه رؤية العين كما سمع بعض الناس مطلق ابن كلام ابن عباس ففهم منه رؤية العين. واذ انتهينا من هذا المتعلق برؤيته عليه الصلاة والسلام لربه. وما مضى من تعليق على ان مثل هذا الخلاف في مسألة جزئية لا توجب فرقة ولا توجب ايضا اختلافا يوجب انقساما لكنه خلاف محترم. ويحفظ فيه لصاحبه قوله ومكانته وهو من التأويل السائغ الذي وقع فيه الخلاف قديما بين الصحابة والتابعين رضي الله عن الجميع. واما ما جاء به المصنف بعد ذلك. فاتباع لما سبق ملتحق بقصة الاسراء والمعراج وما فيها من الفضائل والمناقب التي اشارت اليها الايات في سورة النجم وجعل ذلك في فصلين متعاقبين نمر عليهما في مجلس الليلة ان شاء الله احدهما في مناجاة الله عز وجل او في مناجاته صلى الله عليه وسلم لربه سبحانه وتعالى والاخر في الدنو والقرب ليلة الاسراء. نعم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا للحاضرين ولجميع المسلمين. هذا هو المجلس الرابع والستون من مجالس تدارس كتاب الشفاء بتعريف بحقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم في المسجد الحرام. وباسانيدكم المتصلة الى القاضي العلامة ابي الفضل عياض ابن موسى اليحص رحمه الله تعالى رحمة واسعة قال فصل فيما ورد في قصة الاسراء من مناجاته لله تعالى معه. قال واما ما ورد في هذه القصة من مناجاته لله تعالى وكلامه معه بقوله فاوحى الى عبده ما اوحى الى ما تضمنته الاحاديث فاكثر المفسرين على ان الموحي الله عز وجل الى جبريل وجبريل الى محمد صلى الله عليه وسلم الا شذوذا منهم. فذكر عن جعفر بن محمد الصادق رحمه الله تعالى فقال اوحي اليه بلا واسطة ونحوه عن الواسطي. والى هذا ذهب بعض المتكلمين ان محمدا صلى الله عليه كلم ربه في الاسراء وحكي عن الاشعري وحكوه عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وانكره اخر نعم الحديث في هذا الفصل احبتي الكرام يتعلق بقول الله سبحانه وتعالى في سورة النجم في سياق الكرامات والفظائل والمناقب التي جعلها الله لرسوله عليه الصلاة والسلام. اذ يقول ربنا سبحانه فاوحى الى عبده ما اوحى بعد قوله سبحانه وتعالى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. علمه شديد القوى. وهو جبريل عليه السلام. ذو فاستوى وهو بالافق الاعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى فاوحى الى عبده ما اوحى من الذي اوحى الله جل جلاله اوحى الى من الى عبده من عبده المقصود؟ هل هو جبريل عليه السلام ام محمد صلى الله عليه وسلم الخلاف في الظمير ايها الاخوة هو الذي اوجب اختلاف اقوال العلماء في تفسير الاية. فاوحى الى عبده ما اوى وهذا يحتمل وجهين اثنين اما ان تقول اوحى الى محمد ما اوحاه الى جبريل فاوحى الى عبده محمد ما اوحى يعني الى جبريل والوجه الاخر ان تقول اوحى الى جبريل اوحى الى عبده جبريل ما اوحى الى محمد صلى الله عليه وسلم فان قلت ما الفرق الفرق ان المتوجه اليه الوحي ابتداء هل هو جبريل عليه السلام ومنه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فان كان كذلك فهو كسائر صور الوحي التي كان فيها جبريل عليه السلام يأتيه بالقرآن والشرائع والاحكام يأتيه بالوحي من الله فيكون الوحي متوجها الى جبريل عليه السلام ويأتي به جبريل عليه السلام الى فؤاد المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وان كان المعنى الاخر اوحى الله الى عبده محمد ما اوحى الى جبريل فليس ببعيد عن الاول هذين الغاذان القولان يكون الوحي فيهما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام الامام البخاري رحمه الله بوب في صحيحه بابا بالاية فقال باب قول الله تعالى فاوحى الى عبده ما اوحى وساق فيه بسنده عن زر ابن حبيش انه سأل عبدالله بن مسعود او انه سئل عن اية فاوحى الى عبده ما اوحى فذكر انه روى عن ابن مسعود رضي الله عنهما رضي الله عنه دلالة المعنى ان الله عز وجل اوحى الى عبده محمد صلى الله عليه وسلم. قال الحافظ ابن حجر فمعنى كلام ابن ابن مسعود فاوحى جبريل الى عبده فاوحى ليس الله بل جبريل. فاوحى جبريل الى عبده الى عبد الله يعني محمد صلى الله عليه وسلم. لان انه يرى يعني ابن مسعود ان الذي دنا فتدلى هو جبريل عليه السلام. فجعل ذلك متصلا بالسياق ثم دنا فتدلى. من هو ابن مسعود يرى انه جبريل وسيأتيك الخلاف في الفصل بعد هذا ايضا في معنى ثم دنا من هو. هل هو جبريل ام رسول الله صلى الله عليه وسلم. فابن مسعود رضي الله عنه كان يفسر ان الذي دنه جبريل وبالتالي فسيكون المعنى ثم دنا اي جبريل دنا ممن من رسول الله صلى الله عليه وسلم لانه رآه في الافق على صورته التي خلق الله بست مئة جناح فتدلى فاقترب فكان قاب قوسين او ادنى فاوحى من هو الى يعني جبريل لان الكلام في السياق متصل به عليه السلام. فيرى ابن مسعود رضي الله عنهما ان الاية معناها فاوحى جبريل الى عبده يعني الى عبد الله محمد صلى الله عليه وسلم. وكلام اكثر المفسرين كما يقول الحافظ ابن حجر يدل على ان الذي اوحى هو الله وانه اوحى الى عبده محمد صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال الى جبريل. وهذا الذي في كتب المفسرين عامة عند شيخ مفسرين الامام الطبري وعند غيره يذكر ان ابن عباس رضي الله عنهما والكلبي والحسن والربيع وابن جيد وعامة المفسرين فسروا الاية بانها اوحى الله الى عبده محمد صلى الله عليه وسلم ما اوحى الى جبريل عليه السلام والمعنى عندئذ في صورتها الاخرى ايضا عند بعض اهل العلم اوحى جبريل كما هو تفسير ابن مسعود او جبريل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اوحى اليه ربه عز وجل وهذا الذي رجحه الطبري ان الله اوحى الى عبده محمد صلى الله عليه وسلم وحيه. اردت ان اقول يا كرام هذا الخلاف الذي في ضمير الاية جعلهم يترددون بين قولين ان الذي اوحى هو الله الى عبده محمد صلى الله عليه وسلم او ان الذي اوحى هو جبريل عليه السلام ذكر المصنف رحمه الله خلاصة ذلك فقال اكثر المفسرين على ان الموحي الله عز وجل الى جبريل وجبريل والى محمد صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال بل اوحى الى محمد صلى الله عليه وسلم ما اوحى الى جبريل. قال الا شذوذا منهم. فذكر عن جعفر بن محمد قال اوحى اليه بلا واسطة. وهذا الفصل معقود لذلك. هل كان الوحي ليلة الاسراء كلاما بين محمد صلى الله عليه وسلم وربه عز وجل كفاحا من غير واسطة كلم الله وكلمه الله هل ثبتت فضيلة الكلام لمحمد صلى الله عليه وسلم كما ثبتت لموسى عليه سلام نصا في قوله وكلم الله موسى تكليما. من يثبت تلك الفضيلة اصلح ما لديه من الادلة فاوحى الى عبده ما اوحى. لكن الاية محتملة لاكثر من معنى فلا يصح الاستقلال بها في الاستدلال لاثبات هذا المعنى والمصنف رحمه الله ذكر هذا وساق موقف العلماء سلفا خلفا من الاية وتفسيرها. نعم قال رحمه الله تعالى وذكر النقاش عن ابن عباس رضي الله عنهما في قصة الاسراء عنه صلى الله عليه عليه وسلم في قوله دنا فتدلى. قال فارقني جبريل عليه السلام وان قاطعت الاصوات عني كلام ربي وهو يقول ليهدأ روعك يا محمد. ادن ادن. وفي حديث انس رضي الله عنه في الاسراء نحو منه. نعم. اما هذه الرواية وحديث ابن عباس في قصة الاسراء ومثلها حديث انس من رواية شريك انه في تفسير ثم دنى فتدلى فسيأتي في الفصل القادم بعد تمام هذا الفصل وفيه خلاف ستقف عليه ان شاء الله. نعم قال رحمه الله وقد احتجوا في هذا بقوله تعالى وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء. فقالوا هي ثلاثة اقسام من وراء بحجاب كتكليم كتكليم موسى عليه السلام وبارسال الملائكة كحال جميع الانبياء واكثر احوال نبينا صلى الله عليه وسلم الثالث قوله وحيا ولم يبق من تقسيم سور الكلام الا المشافهة مع المشاهدة وقد قيل الوحي هنا هو ما يلقيه في قلب النبي صلى الله عليه وسلم دون واسطة. وقد ذكر ابو ابو بكر البزار عن علي رضي الله عنه في حديث الاسراء ما هو اوضح في سماع النبي صلى الله عليه وسلم؟ لكلام الله من فذكر فيه فقال الملك الله اكبر الله اكبر فقيل لي من وراء الحجاب صدق عبدي انا اكبر انا اكبر وقال في سائر كلمات الاذان مثل ذلك. نعم هذه الرواية المذكورة هنا عن الامام البزاري في حديث علي رضي الله عنه في قصة الاسراء وفيها قول الملك الله اكبر في قصة مشروعية الاذان قيل لي من وراء الحجاب صدق عبدي انا اكبر فيكون المتكلم هنا هو الله جل جلاله واذا صحت الرواية صح اثبات سماع النبي صلى الله عليه وسلم كلام الله عز وجل من غير واسع ومن غير ملك يوحي به الى اليه الكلام. لكن الرواية وقد تقدمت في مجلس سابق اخرجها البزار وفي سندها زياد بن المنذر مجمع على ضعفه ولذلك ضعف ابن كثير الحافظ رحمه الله هذه الرواية عن علي في قصة الاسراء وقد اشتملت بعض الفاظ على ما لم يثبت في باقي طرق روايات قصة الاسراء. نعم قال رحمه الله ويجيء الكلام في مشكلة هذين الحديثين في الفصل بعد هذا مع ما يشبهه. وفي اول فصل من الباب منه وكلام الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم. ومن اختصه من انبيائه جائز غير ممتنع عقلا ولا ورد في الشرع قاطع يمنعه. فان صح في ذلك خبر احتمل عليه وكلامه تعالى لموسى كائن حق مقتول صح في ذلك خبر احتمل عليه فان صح في ذلك خبر دل احتمل عليه واحتمل عليه وكلامه تعالى لموسى عليه السلام كائن حق قم مقطوع به نص نص ذلك في الكتاب. نص ذلك نص ذلك في الكتاب واكده بالمصدر دلالة على الحقيقة. نعم. اذا خلاصة الفصل ان كلام الله لنبينا صلى الله عليه وسلم ثابت بما دلت عليه اية الشورى وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما اشاء اما ان يكون الوحي كلاما بلا واسطة فهذا الذي وقع فيه النزاع ودلالة اية النجم فاوحى الى عبده ما اوحى في قصة الاسراء ليست صريحة فيه. قال رحمه الله انه ثبت لموسى عليه السلام هذه المنقبة والشرف بتكريم الله له حتى سمي بكليم الله عليه السلام. وكلم الله موسى تكليما. فنسب الفعل اليه واكده بالمصدر فاما اذا لم نجد نصا صحيحا صريحا في اثبات هذا الكلام لرسولنا عليه الصلاة والسلام. فلا يظن في ذلك شيء يمكن ان يعتقد منقصة في حق رسول الله عليه الصلاة والسلام. هؤلاء الانبياء يا اخوة اريد كل منهم من معجزات واوتي من الكرامات وخص بعضهم بالمناقب دون بعض. وذلك من جزء من قول الله تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض فكون بعض الانبياء يفضله الله في باب وفي مسألة وفي قضية على غيره من الانبياء ليس هذا منقصة في حق غيره. وبالجملة فدوما باب المناق والكرامات وجوانب الشرف ليس فيها مفهوم مخالفة لا يثبت ان ثبت لاحد فضيلة لا يدل بمفهومه المخالف على منصة في حق غيره. لعدم توفر تلك الفضيلة فيه او تحققها فيه. وهكذا قال المصنف رحمه الله فان صح ذلك في ذلك خبر احتمل عليه. واما الثابت في حق موسى عليه السلام فلدلالة الاية صريحة كما اشار المصنف رحمه الله. نعم. قال رحمه الله ورفع مكانه على ما ورد في الحديث في السابعة بسبب كلامه ورفع محمدا فوق هذا كله حتى بلغ مستوى وسمع صريف الاقلام. وسمع وسمع مصاريف الاقلام فكيف يستحيل في حق هذا او يبعد سماع الكلام؟ فسبحان من خص من شاء بما شاء وجعل بعضهم فوق بعض درجات. نعم. قال رحمه الله تعالى فصل فيما ورد من الدنو والقرب ليلة الاسراء ما ورد في حديث او في حديث الاسراء وظاهر الاية من الدنو والقرب من قوله تعالى دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى فاكثر المفسرين رحمهم الله ان الدنو والتدلي منقسم ما بين محمد صلى الله عليه وسلم وجبريل عليهما السلام او مختص باحدهما من الاخر او من سدرة المنتهى. نعم. عدنا مرة اخرى الى اية اخرى في ايات سورة النجم التي فيها دلالة على ما وقع ليلة الاسراء قال الله سبحانه وتعالى وما ينطق عن الهوى يعني محمد عليه الصلاة والسلام. ان هو الا وحي يوحى علمه يعني علم محمدا صلى الله عليه وسلم شديد القوى وهو جبريل عليه السلام ذو مرة ذو هيئة حسنة منظر كريم فاستوى جبريل عليه السلام وهو بالافق الاعلى ثم دنا فتدلى اما ان تقول فاستوى يعني جبريل عليه السلام ثم دنا جبريل فتدلى جبريل فيكون القرب والدنو والتدلي منسوبا الى جبريل عليه السلام السؤال هو هذا الدنو والقرب من جبريل عليه السلام الى من الى رسولنا صلى الله عليه وسلم ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى ومن العلماء من فسر ان الدنو والتدلي منسوب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فثم دنا اي محمد عليه الصلاة سلام. فتدلى محمد صلى الله عليه وسلم السؤال دنا محمد عليه الصلاة والسلام واقترب وتدلى الى من الى ربه سبحانه وتعالى فان فسر بهذا المعنى ففيها دلالة لطيفة غاية في الكرامة والشرف ورفعة القدر لرسول الله عليه الصلاة والسلام وسياق الاية محتمل والضمير فيها ايضا يحتمل مثل هذا. ومن هنا وقع فهم السلف رضي الله عنهم على هذين المعنيين اوجز المصنف رحمه الله هذا ثم اتاك فيما بعد بتفصيل الكلام ومحتمل الروايات فيه المأثورة عن السلف قال اكثر المفسرين ان الدنو والتدلي منقسم ما بين محمد وجبريل عليهما السلام. او مختص باحدهما من الاخر او من سدرة المنتهى يعني دنا فتدلى اقترب من سدرة المنتهى عليه الصلاة والسلام. اخرج البخاري في صحيحه بسنده عن مسروق رحمه الله قال قلت لعائشة فاين قوله تعالى ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى وهذا الاجتزاء في صحيح البخاري من رواية مسروق عن عائشة يظهر والله اعلم انه في سياق السؤال الذي مر بكم ليلة الجمعة الماضية في سؤاله اياها هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه فقالت لقد قف شعري مما قلت من زعم ان محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب او قالت ثلاث من حدثك بهن فقد كذب فالظاهر انه اورد هذا السؤال تبعا للجواب الذي سمع. قال لها فاين قوله تعالى ثم دنى فتدلى. فكان قاب قوسين او ادنى. اذا مسروق رحمه الله وهو يدلي بهذا السؤال الذي تبادر الى فهمه ما هو؟ ان الذي دنا فتدلى من ان النهو النبي عليه الصلاة والسلام فهو يريد ان يفهم اذا كان هذا صحيحا الا نفهم منه انه اقترب حتى رأى الله قال سألتها فاين قوله ثم دنى؟ فتدلى؟ قالت ذلك جبريل هذا جواب من هذه عائشة رضي الله عنها والحديث عند البخاري قالت ذلك جبريل كان يأتيه في صورة الرجل يعني عادة في الوحي الذي كان به وانه اتاه هذه المرة في صورته التي هي صورته فسد الافق وعن ابن مسعود ايضا عند البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل له ست مئة جناح فمعنى الاية اذا ثم دنى يعني من جبريل على تفسير عائشة رضي الله عنها ثم دنا جبريل بعد استوائه بالافق لما استوى على الافق ففرد جناحيه فسد الافق ثم دنا يعني دنا جبريل بعد استوائه بالافق الاعلى من الارض فتدلى فنزل الى محمد صلى الله عليه سلم فكان قاب قوسين او ادنى فاوحى جبريل عليه السلام الى محمد صلى الله عليه وسلم كما هو مذهب ابن مسعود الذي تقدم قبل قليل في الفصل السابق. وهذا محكي ايضا عن ابن عباس والحسن وقتادة فيما ذكر الطبري وغيره هذا كله محمول على ان الدنو هنا حاصل من جبريل عليه السلام وعليه دلت الروايتان اللتان اللتان اخرجهما الامام البخاري رحمه الله في صحيحه عن كل من عائشة وابن مسعود. اذا اما ان تقول دنا جبريل عليه السلام كتفسير ابن مسعود وعائشة ونسبه المفسرون ايضا الى ابن عباس والحسن وقتادة وغيرهم. واما ان تقول دنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيأتي هنا ايضا بمزيد معنى في ذلك مع معنى ثالث ايضا مذكور في الاية وهو ان قوله سبحانه وتعالى ثم دنى فتدلى ليس المقصود به جبريل عليه السلام ولا محمد صلى الله عليه وسلم بل المقصود به هو الرب عز وجل انه دنى من عبده صلى الله عليه وسلم واقترب اليه دلالة على عظيم الكرامة ورفعة الشرف والمقدار وسيسوق ايضا هذا القول وله عليه تعليق. نعم قال رحمه الله قال الرازي رحمه الله تعالى وقال ابن عباس رضي الله عنهما هو محمد صلى الله عليه وسلم دنا فتدلى من ربه وقيل معنا دنا قرب وتدلى زاد في القرب وقيل هما بمعنى واحد اي قرب. نعم. اذا ثم دنى يعني اقترب لا يعني زاد قربا. هذا ايضا من تفسير الشيء بما هو اولى منه واوضح. وقيل هما بمعنى واحد ثم دنا فتدلى يعني اقترب فاقترب دلالة على تتابع الاقتراب شيئا فشيئا حتى كان قاب قوسين او ادنى وهو مثل يظرب في لغة العرب لشدة قربه الشيء من الشيء في في بين امرين بين شيئين في مسافة ما. نعم قال رحمه الله وحكى مكي والماوردي رحمهم الله تعالى عن ابن عباس رضي الله عنهما هو الرب دنا من محمد صلى الله عليه وسلم فتدلى اليه. اي امره وحكمه. نعم. هذا القول الاخر ايضا اخرجه الطبري رحمه الله وغيره من المفسرين. قال وقال اخرون دنا الرب من محمد صلى الله عليه وسلم فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى ويشهد لذلك ما سيذكره المصنف ان في بعض طرق رواية حديث الاسراء عن انس رضي الله عنه التي اخرجها الامام مسلم في صحيحه في بعض الفاظها قال ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين او ادنى. وسيأتي التعليق على الرواية وموقف العلماء من هذه اللفظة الواردة في حديث انس من رواية شريك عنهم. نعم. قال رحمه الله وحكى النقاش عن رحمه الله قال دنا من عبده محمد صلى الله عليه وسلم فتدلى فقرب منه فاراه ما شاء ان يريه من قدرته وعظمته. قال وقال ابن عباس رضي الله عنهما هو مقدم ومؤخر. تدل الرفرف لمحمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج. فجلس عليه ثم رفع فدنى من ربه. نعم هذا قول يذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما ان قوله ثم دنى فتدلى على التقديم والتأخير والمعنى تدلى فدنى والذي تدلى هو البساط الذي وضع له صلى الله عليه وسلم في مثل قوله تعالى متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان وانه البساط الاخضر الذي هو من نعيم اهل الجنان. قال تدلى الرفرف لمحمد صلى الله عليه وسلم. يعني ارخي له فلما جلس عليه رفع فدنى من ربه سبحانه وتعالى فيكون معنى الاية تدلى فدنى تدلى الرفرف فدنا به محمد صلى الله عليه وسلم لما رفع الى ربه سبحانه وتعالى. نعم. قال صلى الله عليه وسلم فارقني جبريل عليه السلام وانقطعت عني الاصوات وسمعت كلام ربي عز وجل. نعم. وتقدم قبل قليل هذه الرواية والتعليق عليها. وعن انس رضي الله عنه في الصحيح عرج بي جبريل عليه السلام الى سدرة المنتهى ودنى الجبار رب العزة. فتدلى حتى ما كان منه قاب قوسين او ادنى فاوحى اليه بما شاء واوحى اليه خمسين صلاة. وذكر حديث الاسراء هذا الجزء من رواية حديث انس يا احبة وقد تقدم في اول ما ساق المصنف رحمه الله مرويات طرق قصة الاسراء التي ساقها من روايات عدد من الصحابة. ومن ربكم ان اكثر هذه الروايات لاحداث قصة الاسراء هي رواية انس رضي الله عنه. وقد صحت عنه من طرق احدها طريق شريك ابن عبدالله ورواية شريك عليها مآخذ لبعض المحدثين. وان اخرج مسلم كثيرا من الفاظها وطرقها. وذلك انها اشتملت على بعض الالفاظ المنكرة ومن هنا من لم يجوز تفسير الاية ثم دنى يعني ربنا وجعل التفسير في الحديث ثم دنى رب العزة او الجبار سبحانه وتعالى جعل هذا من جملة الاخطاء الواقعة في رواية شريك عن انس رضي الله عنه كما يذكر المصنف بعد قليل لكن الرواية تصلح ان تكون معضدا لقول من قال ان الدنو في الاية هو دنو الله سبحانه وتعالى. وهنا ينبغي ان تنتبه الى امرين الاول انه حيث صح التفسير او قال به بعض السلف من الصحابة والتابعين فانه وقد يعتضد بالحديث المذكور هنا عن انس فيزيده قوة. وقد لا يعتضد فليس مستلزما بطلان القول لانه لا يلزم من تفسير الدنو من الله سبحانه وتعالى معنى باطل في ذاته وانه ينسب الى الله جل جلاله بما يليق به سبحانه. وان الله يوصف بقربه من عباده اوليس في قوله سبحانه واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان. فالله سبحانه تعالى قريب في علوه. عظيم في دنوه سبحانه وتعالى. فلا تتوهم ان الدنو يستلزم نقصا في شيء من صفات الباري جل في علاه. هذا ينبغي ان يلتفت اليه. واما الثاني فان الدنو ها هنا لا ينبغي تفسيره على تأويل يصرف اللفظة عن ظاهره ولا حاجة الى ذلك. اذا فهمنا ان الدنو هو القرب. وقد صح في ايات ونصوص اخر. فاذا صح ان الله عز وجل رحمة منه وفضلا وكرما يخبر بقربه من عباده لاجابة دعاهم وتحقيق مناهم واكرام عباده السائلين فما بالنا نصرف هذا المعنى في كرامة تختص بسيد البشر وامام الانبياء صلوات ربي وسلامه عليه. فاذا ربنا يتقرب الى عباده لطفا منه ورحمة واكراما بالعباد. وفتحا لهم لابواب الرجاء وحسن الظن اقبال والانقطاع الى الله والافتقار اليه ولزوم اعتابه بالدعاء والسؤال والملحفة. فمال الذي يصرف هذا المعنى عن قرب مخصوص لعبد مخصوص لكرامة ذات شرف تبلغ المنتهى بين العباد. كرامة الله عز وجل لرسوله عليه الصلاة السلام متحققة بجملة من المعاني. فاذا جاء هذا المعنى من بينها وكان السياق في الاية لا يتناقض معه. وكان تفسير الاية محتملا فان صحت الرواية في حديث انس من طريق شريك كانت مؤازرة وان لم تصح فلا يستلزم ذلك بطلان الرواية كما اسلفت. نعم قال رحمه الله تعالى وعن محمد بن كعب رحمه الله هو محمد صلى الله عليه وسلم دنا من ربه فكان ان قاب قوسين قال وقال جعفر بن محمد رحمه الله ادناه ربه منه حتى كان منه كقاب قوسين. وقال قال جعفر بن محمد والدنو من الله لا حد له. ومن العباد بالحدود. ما معنى هذا؟ الدنو من الله لا حد له ومن العباد بالحدود يعني عندما نتحدث عن دنو بين مخلوق ومخلوق بينك وبين اي عبد من العباد كائنا من كان. فانك تتكلم عن حد من الحدود بمعنى ان الدنو ها هنا محسوس. يوصف بالحدود والمسافات. فتدنو منه بمقدار شبر او ذراع او تدنو منه حتى تلتصق او تدنو منه بمقدار مسافة تحد بالحدود. اما الدنو من الله فلا له وذلك لانه لا يوصف الله عز وجل بما يوصف به المخلوق الضعيف العاجز الذي تخصه الاوصاف بما يليق به. هذا معنى محتمل لقوله الدنو من الله لا حد له. ومن العباد بالحدود. وثمة معنى يلوح ايضا في العبارة على معنى اخر الطف وابعد قليلا. الدنو من الله لا حد له بمعنى انك مهما اقتربت من ربك ودنوت منه بالايمان الصادق. والعمل الصالح فليس ها هنا حد تقف في قربك من ربك سبحانه وتعالى بل كلما اقتربت قربك الله ولا يزال العبد يقترب ويقترب من ربه حتى يبلغ الولاية. فاذا ولاه الله صدق فيه الموعود الكريم في الحديث القدسي. فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به. وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وان سألني لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه واما القرب من العباد والدنوء فمهما كان قريبا لصيقا فانه يقف عند حد ما تقترب مهما تقترب مع من شئت من صديق او رفيق او حميم او قريب. لكنك لا بد وان تبلغ حدا يقف عنده والقرب بينك وبينه لان العباد لا يمكن ان يصل القرب باحدهما من الاخر الى ما لا حد له. فهذا معنى يلوح ايضا في العبارة وان كان الظاهر المعنى الاول لانه يريد التفريق في الصفة التي تنسب الى الخالق سبحانه وتعالى والصفة التي تنسب الى المخلوق فيما يشتركان فيه باللفظ ولا يتفقان في حقيقة المعنى اطلاقا. وذلك كما يوصف الخالق سبحانه بالكرم ويوصف المخلوق ايضا بالكرم فلك ان تقول كرم الخالق لا حدود لها لا حدود له وكرم المخلوق له حد فهذا ايضا معنى محتمل والعلم عند الله. نعم قال رحمه الله تعالى وقال ايضا انقطعت الكيفية انقطعت الكيفية عن الدنوب. الكيفية انقطعت الكيفية عن الدنو الا ترى الا ترى كيف حجب جبريل عليه السلام حجب جبريل الا ترى كيف حجب جبريل عليه السلام عن ودنا محمد صلى الله عليه وسلم الى ما اودع قلبه من المعرفة والايمان. فتدلى بسكون قلبه الى ما ادناه وزال عن قلبه الشك والارتياب. نعم هذا ايضا معنى لطيف في كلام الامام جعفر ابن محمد رحمه الله قال انقطعت الكيفية عن الدنو. يعني ان اردت ان تفسر دنو النبي صلى الله عليه وسلم من ربه فانك ستقول هذه الكيفية لم يحكها النص. وهي من علم الغيب. فلا يتصور حقيقة كيفيتها كيف فادناه الله منه. الا ترى كيف حجب جبريل عليه السلام عن دنوه وادنى محمدا صلى الله عليه وسلم الى ما اودع قلبه من المعرفة والايمان. هذا المعنى سليم صحيح تماما مستقيم على طريقة الصحابة والتابعين ومن بعدهم في تفسير نصوص صفات الله سبحانه وتعالى ايضا. فلك ان تقول وان نسبنا هذا الدنو الى ربنا الكبير المتعالي العظيم ذي الجلال والاكرام. فان الكيفية ايضا تنقطع عن هذه الصفة الجليلة المنسوبة الى الله. وذلك في مثل قول صلى الله عليه وسلم ينزل ربنا الى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الاخر. فالنزول هناك ايضا في كلام امة السلف نزول تنقطع دونه الكيفية في الوصف. لا يمكن ان يوصف ها هنا معنى النزول. ومن عدل عن معنى النزول حقيقة فرارا من هذا المعنى الملتبس الموهم فقد فارق طريقة الصحابة والتابعين وجعل معنى النزول منسوبا لا الى الله بل الى شيء من المعاني كالفضل والرحمة والكرم وهو مسلك جرى عليه بعض علماء الاسلام سابقا ولاحقا. وسيأتي في كلام المصنف ايضا الاشارة الى هذا. نعم. قال المؤلف رحمه الله تعالى اعلم ان ما وقع من اضافة الدنو والقرب هنا من الله او الى الله. فليس بدنو مكان ولا قرب ولا قرب قرب مدى. لماذا ليس دنو مكان ولا قرب مدى؟ يقول سواء فسرنا دنو النبي عليه الصلاة والسلام وقربه من ربي او فسرناه بقرب الرب ودنوه سبحانه من عبده محمد صلى الله عليه وسلم. يقول سواء فسرنا الدنو والقربى من الله او الى الله فلن يكون دنو مكان ولا قرب مدى. وذلك لان الله سبحانه منزه عن الحدود. فلا يمكن ان يفسر هذا مسافة ولا بحد والله عز وجل اعظم من ذلك في مثل هذا الوصف. فكيف نفسر اللفظ؟ يعني حتى لو ما نسبنا هذا الدنو والى الله ثم دنى محمد صلى الله عليه وسلم دنى ممن من الله ايضا ستسأل كيف هذا الدنو؟ وما الذي بلغه به؟ قال اياك ان تظن انه دنو مكان وقرب بدن او مسافة. فذلك بك لا يوصف به شيء ينسب الى الله سبحانه وتعالى منه ولا اليه. ولن تفسره الا كما قال انقطعت كيفية عن الدنو وقد قال مر بك قول جعفر الصادق ادناه ربه والدنو من الله لا حد له. يعني لن يوصف بحدود لان الله عز وجل اعظم من ذلك واجل وانما دون قال المؤلف قال المؤلف رحمه الله اعلم ان ما وقع من اضافة الدنو والقرب هنا من الله او الى الله فليست بدنو مكان ولا قرب ولا قرب مدى بل كما ذكرناه عن جعفر الصادق رحمه الله ليس بنو حد وانما دنو النبي صلى وانما دنو النبي صلى الله عليه وسلم من ربه وقربه منه وقربه منه ابانة منزلته وتشريفه وتشريف رتبته واشراق انوار معرفته اشراق انوار واشراق انوار معرفته مشاهدة اسرار غيبه وقدرته. ومن الله تعالى له مضرة وتأسيس وتأنيس وبسط واكرام. نعم. قال يصنف رحمه الله ان احتجنا الى تفسير الدنو وهذا القرب من النبي صلى الله عليه وسلم الى الله فلا اتفهمنه بدنو مكان ولا قرب مدى. بل هو الرفعة وتشريف القدر. ما الذي تفهمه من ان ادنى منه نبيه عليه الصلاة والسلام. وقربه اليه الا انه رفعة القدر وشريف المنزلة التي رفعه الله وبها قال اذا هو ابانة عظيم منزلته وتشريف رتبته واشراق انوار معرفته ومشاهدة اسرار غيبه وقدرته وان فسرت الدنو انه قرب من الله الى عبده محمد صلى الله عليه وسلم. فما المعنى المراد هنا؟ قال ومن الله تعالى له مبرة وتأنيس وبسق واكرام هذا معنى متجه ولك ان تقول ان ابقاء اللفظ على ظاهره في سياق النص اسلم واولى واقرب الى طريقة السلف وان تقول انه دنو حقيقي لا يعلم كيفيته. اذ ما كان من الصفات المنسوبة الى الله سبحانه وتعالى هي اعظم واجل من ان تحيط بها العقول او تكيفها او تدرك حقيقتها. يعرم المعنى ويفهم اللفظ ويدرك دلالة السياق وتبقى الكيفية باب غيب حجب الله عنه عقول عباده فلا تدركها ولا يبقى معها الا الايمان والتسليم. وامرارها كما جاءت في ظاهر النص والعلم عند الله. نعم. قال رحمه الله ويتأول فيه ما يتأول في قوله صلى الله عليه وسلم ينزل ربنا الى سماء الدنيا على احد الوجوه نزول نزول افضال واجمال وقبول واحسان. وعلى الوجه الاخر الذي درج عليه ايضا متقدموا هذه الامة من علمائها من الصحب والتابعين فمن بعدهم ابقاء اللفظ على ظاهر معناه دون الخوظ في الكيفية سوى ان النزول حقيقي طالما نسب في ظاهر اللفظ ونصه الى الرب جل جلاله. واما الكيفية فلا يتخوض في ذكرها طالما حجب فيه النص هذا الباب من العلم عن عقول الخلق فيبقى يبقى من الغيب الذي يؤمن به البشر وان لم تدركه طولهم على حقيقة الكنه كما تدركه الحواس. نعم. قال رحمه الله قال الواسطي رحمه الله من توهم انه نفسه دنا جعل ثم مسافة. بل بل كلما دنى بنفسه من الحق تدلى بعدا. يعني عن ترك حقيقته اذ لا دنو للحق ولا بعد. وقوله قاب قوسين او ادنى فمن جعل الضمير عائدا الى الله تعالى لا الى جبريل على هذا كان عبارة عن نهاية القرب. ولطف المحل واتضاح المعرفة والاشراف على على الحقيقة من محمد صلى الله عليه وسلم. وعبارة عن اجابة الرغبة وقضاء المطالب واظهار التحفي وانافة المنزل والمرتبة من الله له صلى الله عليه وسلم. ويتأول فيه ما يتأول في قوله من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراع ومن اتاني يمشي اتيته هرولة. قرب بالاجابة والقبول واتيان بالاحسان وتعجيل المأمول. نعم. اما قوله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي الذي اخرجه الشيخان البخاري ومسلم في قوله سبحانه وتعالى من تقرب مني شبرا تقرب منه ذراعا ومن اتاني يمشي اتيته هرولة. فالقرب والاتيان ها هنا المنسوبان الى الله عز وجل. انما حمل على معنى الاجابة والقبول والاتيان بالاحسان وتعجيل المأمول كما قال المصنف رحمه الله ليس من باب العدول عن اللفظ بل هو ما دل عليه السياق لانه جعل قربا في مقابلة قرب. وجعل اتيانا في مقابلة اتيان. اما تراه قال من تقرب تقربت ومن اتاني اتيته فاذا كان تقرب العبد من ربه ليس القرب الحسي وليس هو المشي على الاقدام وليس هو القرب المحسوس بالمنازل والمكان فان المقابل ايضا يكون كذلك فليس في شيء منه تأويل بل هو ابقاء لللفظ على ظاهره. ان التقرب من العبد بالعمل الصالح والايمان الصادق والتذلل والافتقار والانقطاع وصدق التوكل وملء القلب بكل اعمال القلوب المناطة بين العبد وخالقه فاذا كان هذا المعنى في تقرب العبد من ربه كان ايضا قرب الرب سبحانه من عبده في باب الموافقة لمثل هذا اللفظ في السياق الواحد ان يكون على معنى ما يقابل قرب العبد من ربه. فمن تقرب من ربه ذلا وعبودية وافتقارا اغناه الله عز وجل عطاء وهبة واكراما. من تقرب من الله عز وجل بالسؤال والطلب والالحاح تقرب الله له بالاجابة والقبول واعطاء المأمول فليس في هذا شيء من صرف في اللفظ عن ظاهره او حمله على معنى يقال فيه ينبغي ان تصرف سائر النصوص على مثل هذا المساق. فما دل عليه اللفظ بسياق وبتمامه في اوله واخره هو هو جري على نهج العرب في كلامها. وعلى طريقة السلف ايضا في تفسير مثل هذه الالفاظ من النصوص التي لا توجب بحمد الله اشكالا ولا لبسا. قال المصنف رحمه الله من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا ومن اتاني يمشي اتيته هرولة قرب بالاجابة والقبول واتيان بالاحسان وتعجيل المأمول فاذا فهمت ذلك انتهينا رعاكم الله الى ان قوله سبحانه ثم دنا فتدلى تحتمل معاني ثلاثة في كل منها كرامة لرسول الله عليه الصلاة والسلام. على اي وجه حملتها؟ لانك اما ان تقول ثم دنا جبريل على ما فسره ابن مسعود وعائشة ومروي عن ابن عباس رضي الله عن الجميع. فان دنو جبريل اكرام ان يرسل الله امين الوحي وسيد الملائكة وامام اهل السماء من الملائكة الكرام يرسله الى نبيه عليه الصلاة والسلام ثم يدنيه ويقربه منه. ولا شك ان في ذلك من الشرف والكرامة ما لا يخفى وان فسرتها ان الذي دنا هو محمد صلى الله عليه وسلم. ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى اما اقترب ودنا من سدرة المنتهى فيكون ايضا بلوغا لموضع ما بلغه قبله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا خلق من خلق الله قط الا الا ترى الى اسمها سدرة المنتهى واليها ينتهى علم الخلائق فلا يعرف ما وراءه فان يبلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا القرب والتدني والتدلي فان هذا ايضا معنى عظيم من الكرامة المخصوصة برسول الله عليه الصلاة والسلام. وان فسرت على الثالثة التي ربما ناقشها بعض اهل العلم ولم يروا ما يصح من ظاهر حديث انس من رواية شريك ما يؤيدها ان تنوا من رب العزة والجلال. وان القرب منه سبحانه فذاك اعظم المعاني الثلاثة اكراما لرسول الله عليه الصلاة والسلام واجلاها والله شرفا وارفعها قدرا ان يكون هذا شيء من الكرامة يذكر في كتاب الله ان الله جعله من حفاوة بعبده ورسوله نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم فايا كان وجه الاية ومعناها المحتمل ففي كل منها دلالة على عظيم قدر رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي اكرمه الله به في قصة الاسراء وعظيم رفعة ومنزلة يقال فيها ما يقال في كل مواطن الاكرام ورفعة في القدر برسول الله عليه الصلاة والسلام انها شيء يزيد حبنا في القلوب لقدره عليه الصلاة والسلام ويجعل ايماننا اعظم رسوخا بتعظيم نبي عظم الله قدره. ورفعته في القلوب الى حيث يليق به عليه الصلاة والسلام رفع الله قدره واعلى شأنه فلا والله لا يليق به في المكانة في القلوب الا اعلى اماكنها ذروة وسموا وعزا واشرافا وهذا جزء من معنى قوله سبحانه وتعالى لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه فتوقيره واحترامه واعزازه عليه الصلاة والسلام جزء من مقاصد بعثته التي بعثه الله بها. ونحن اذ نتدارس وذلك نزيد هذا المعنى ترسيخا في القلوب المؤمنة. نزيد الحب حبا والايمان ايمانا. والاتباع اتباعا والاستمساك بسنته تمساكا كلما عظم قدره في القلوب عليه الصلاة والسلام زادة الله محبته. وزاد الايمان به وزادت النفوس حرصا على بسنته والحيلولة بينما يصرف العبد عن هذا المعنى الكبير. فانك تتمسك بعرى وثيقة تجعل في القلوب في موضع عظيما لائقا برسول الله صلى الله عليه وسلم. ناهيكم عن الشرف الذي يغمر القلوب المؤمنة. السنا من امة هذا النبي الذي بلغ به من رفعة القدر وعظيم المنزلة عليه الصلاة والسلام ما سطره القرآن ونقرأه الى يوم الدين فارفع رأسك عبد الله انك من امة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله ان لنا من الشرف والفخر والكرامة بانتسابنا الى امته ما يجعلنا اعلى البشر هامة وارفعها رأسا واكثرها شرفا وفخرا فلا والله ما نرضى بضيم ولا نسام بمذلة ولا هوان ونحن من امة محمد عليه الصلاة والسلام الله اكبر وبعد ايها الكرام فلا يزال في الحديث بقية في فصول هذا الباب العظيم الذي ساق فيه الامام القاضي عياض رحمه الله مما تضمنه حادثة الاسراء من الكرامة والفضائل والمناقب لرسول الله عليه الصلاة والسلام لينتقل بعده الى جوانب اخرى من الكرامة جعلها الله للنبي المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. فيما جاء من المعاني كالكرامة والشفاعة والخلة والمحبة وسائر المعاني التي سنأتي عليها تباعا ان شاء الله مما لا تزيد القلوب الا حبا لرسول الله عليه الصلاة والسلام ولا تزيد القلوب المؤمنة الا صدق ايمان به عليه الصلاة والسلام. ولا تزيد القلوب المحبة الا كثرة اشتغال بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. ومهما وقف العبد على عظيم هذه المعاني كانت صلاته على نبي الله صلى الله عليه وسلم لما على نحو اكمل واتم. لانها لن تكون صلاة وسلاما تتردد على اللسان بمعزل عن المعنى الكبير. لك ان تدرك الفرق بين ان تقول صلى الله عليه وسلم. عبارة ترجو بها اجرا وحسنة وصلاة من ربك وهي حاصلة ان شاء الله. وبين ان تقولها عبد الله وانت تقول صلى الله عليه وسلم مستشعرا ان الله يمطرك بكل واحدة عشر صلوات مستشعرا انك كلما قلتها اكرمك الله فرد عليك النبي صلى الله عليه وسلم السلام مستشعرا انك تصلي على عبد احبه الله ورفع قدره فلا تزيد بصلاتك عليه من ربك الا قربا. وانت تمتثل الامر الكريم يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. صلى الله عليه وسلم وانت تمتثل ايضا ذلك التوجيه النبوي كريم اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة فانك والله ما ان تذكرها الا وانت لا تقنع بصلوات مع ليلة الجمعة يا كرام ساعات وتنقضي. وستطوى بخيرها وشرها وبعملها الصالح وبغيره. فكم هو يسعد القلب ان ترى في صحيفتك يوم تلقى الله في ليالي الجمع صلاة وفيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانك والله تكون اسعد ما يكون العباد. لك المدائح تسمو في مقاصدها. لك المحبة في اسمى معانيها صلى عليك الهي كلما دمعت عين المحب وبات الشوق يبكيها. فاللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صلاة وسلاما دائمين ابدا. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء يا رب ارحم موتانا واشف مرضانا واهتضان لنا. اللهم ربنا نسألك امنا وايمانا. وسلامة واسلاما. اللهم وفقنا لما تحب وخذ بنواصينا الى البر والتقوى. اللهم امنا في الاوطان والدور. واصلح وارشد وسدد الائمة وولاة الامور يا حي يا قيوم اللهم بعزتك وقدرتك نسألك يا ربي فرجا عاجلا ونصرا قريبا لامة الاسلام في كل مكان. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار يا عزيز يا غفار. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم. وتب علينا انك انت التواب الرحيم. اللهم صل وسلم وبارك على نبيك المصطفى طولك المجتبى محمد بن عبدالله قرة العيون وبهجة القلوب. وصل يا رب وسلم وبارك عليه وعلى اله