بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه السماوات وملئ الارض وملء ما بينهما وملء ما شاء ربنا من شيء بعد. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين وحبيب رب العالمين صلى الله عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد اخوتي الكرام فهذا المجلس الكريم المبارك في بيت الله الحرام في هذه الليلة الشريفة المباركة ليلة الجمعة. انما نجلس مجلسا ننتظر فيه الصلاة بعد الصلاة. ونحن في مجلس نطلب فيه علما ونغترف فيه خيرا وهدى ورحمة وبركة وهو فوق كل ذلك جلوس في مجلس نقلب فيه صفحات من شأن وسيرة وشمائل حقوق النبي المصطفى محمد بن عبدالله صلى الله عليه واله وسلم. ونحن بذلك نستكثر من الصلوات عليه في هذه الليلة الشريفة نصيب اجرا عظيما وسنة نبوية كريمة قال فيها النبي عليه الصلاة والسلام اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. فان المصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يصيب بكل صلاة عشر صلوات من ربه جل وعلا. والمصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يشرف بكنز ذلك الخير والحسنات في صحيفته وهو يكثر من الصلاة والسلام عليه. صلى الله عليه وسلم وينال بذلك الاولوية والحفاوة بقربه من النبي عليه الصلاة والسلام. بكثرة صلاته وسلامه عليه. ثم نحن فوق ذلك كله ايضا بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم انما نمتثل امرا الاهيا كريما قال فيه ربكم عز ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. فاللهم صل وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا. ما زال بنا الحديث ايها الكرام في هذا السفر المبارك الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض ابن موسى الي رحمة الله عليه وما زلنا في فصول بابه الثالث الذي خص لتلك المكارم والخصائص والمناقب. والاعطيات والهبات التي اكرم الله بها نبينا عليه الصلاة والسلام انتهى الحديث في ليلة الجمعة الماضية عن امر الشفاعة والمقام المحمود وذلك المعنى الكبير العظيم الذي خص الله به بين الكريم صلى الله عليه واله وسلم. اعقب المصنف رحمه الله تعالى ذلك الفصل بفصل قريب منه في ذكر بالوسيلة والفضيلة والكوثر الذي جعله الله عز وجل من خصائص نبينا ايضا صلى الله عليه واله وسلم نعم بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في تفضيله في الجنة بالوسيلة والدرجة الرفيعة والكوثر والفضيلة. قال حدثنا القاضي ابو عبد الله محمد بن عيسى التميمي والفقيه ابو الوليد. هشام بن احمد بقراءتي عليه قال حدثنا ابو علي الغساني قال حدثنا النمري قال حدثنا ابن عبد المؤمن قال حدثنا ابو بكر التمار قال حدثنا ابو داوود قال حدثنا محمد بن سلمة ابو داوود هذا صاحب السنن الامام السجستاني والمصنف يسوق الحديث بسنده اليه نعم قال حدثنا ابن وهب عن ابن لهيعة وحيوة وسعيد ابن ابي ايوب عن كعب عن كعب ابن علقمة عن عبدالرحمن ابن جبير عن عبدالله بن عمرو بن العاص انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم اذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول. ثم صلوا علي فانه من صلى علي مرة صلى الله الله عليه عشرا ثم سلوا الله تعالى لي الوسيلة فانها منزلة في الجنة لا تنبغي الا لعبد من عباد الله وارجو ان اكون انا هو. فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة. وفي حديث اخر عن ابي هريرة رضي الله عنه قال الوسيلة اعلى درجة في الجنة. نعم هذا الحديث كما سمعتم وقد ساقه المصنف من طريق الامام ابي داود رحمه الله تعالى. والحديث ايضا عند الامام مسلم في صحيحه. فالحديث صحيح قولوا فيه نبينا صلى الله عليه وسلم اذا سمعتم المؤذن الخطاب لمن؟ للسامعين لي ولك ولكل مسلم الى يوم القيامة. اذا اسمع ماذا يريد منا رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول اذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول. ومن هنا شرع لنا ان نردد خلف المؤذن جمل الاذان جملة جملة الا في الحيعلتين فانا نقول لا حول ولا قوة الا بالله. يقول اذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا علي. صلى الله عليه وسلم. فالسنة الثانية اذا في الاذان يا كرام السنة الاولى ان تقول خلف المؤذن جمل الاذان جملة جملة. فاذا فرغ فالسنة الثانية ان شرع في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب فراغ المؤذن من الاذان. هاته سنتان. يقول عليه الصلاة والسلام ثم صلوا علي فانه من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا. ثم سلوا الله تعالى لي الوسيلة. هذه السنة الثالثة. ما الوسيلة؟ قال فانها منزلة في الجنة لا تنبغي الا لعبد من عباد الله وارجو ان اكون انا هو. فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشهادة ساعة او حلت له الشفاعة كما في لفظ مسلم. حلت له الشفاعة بهذه الامور الثلاثة. ان تقول خلف المؤذن مثلما يقول ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراغ الاذان ثم تسأل الله له الوسيلة عليه الصلاة والسلام كيف اسأل الله له الوسيلة كما جاء في حديث البخاري وغيره من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ات محمدا الوسيلة والفضيلة. وابعثه مقاما الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة. وليس في الدعاء كما سمعت الجملة السائرة على الالسن بزيادة والدرجة العالية الرفيعة. انما تقول اتي محمدا الوسيلة والفضيلة. وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته هكذا هو في لفظ البخاري. اذا هذه سنن ثلاث لكل مسلم يسمع الاذان. التكرار خلف المؤذن ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم سؤال الله تعالى له الوسيلة. والوسيلة كما سمعت هنا في الحديث منزلة رفيعة في الجنة وبها فسرت الفظيلة الوسيلة والفظيلة الفظيلة الدرجة العالية الزائدة على درجات العباد في الجنة قد فهمت انها درجة واحدة ولا يستحقها الا عبد واحد فقط من عباد الله. ونبينا صلى الله عليه وسلم يطمع ان يكون صاحبها. افلا يحق لي ولك ان نكون اكثر حرصا على ان يفوز بها نبينا صلى الله عليه وسلم من بين الخلائق اذا فلا تفوت سنة كلما سمعت الاذان. انت هكذا تحقق ندبه عليه الصلاة والسلام ثم سلوا الله لي الوسيلة. وانت هكذا ايضا تضرب لونا من الوفاء لنبي عظيم صلى الله عليه وسلم. وانت اتذكره مع كل اذان وتدعو الله سائلا ان يؤتيه الله جل وعلا هذه المنزلة الرفيعة العظيمة في الجنة له صلوات الله وسلامه عليه هي المرتبة الزائدة على الخلائق. فالفظيلة والوسيلة بمعنى واحد. وقد جاء معك هنا في الحديث الاخر الذي اخرج الترمذي واسناده ليس بالقوي الوسيلة اعلى درجة في الجنة. هذه الوسيلة التي ذكرت هنا في الحديث توجب لمن فعل هذا الدعاء وطبق السنة ان يفوز بشفاعة النبي المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وقد تقدم بكم يا كرام في ختام ليلة الجمعة الماضية. الحديث عن الشفاعة العظيمة بل وشفاعات رسول الله صلى الله عليه وسلم وطمع اهل الاسلام في الفوز بشفاعة نبي الاسلام عليه الصلاة والسلام. وكلنا والله ذاك المسلم الذي يطمع ويأمل وكل مناه ان يفوز بشفاعة رسول الله سيدي الانام عليه الصلاة والسلام. في ذلك العظيم شفاعة يصيبها كل من سلك طريقها ويطمع فيها كل مسلم شفاعة ليست خاصة باهل الكبائر ومن دخل النار اجارنا واجاركم الله. تلك فئة تبحث عن الشفاعة يوم القيامة ولا شك. لكن ايضا من يبحث عن الشفاعة اقوام من اهل الجنة يطمعون في زيادة الدرجات وعلو المقامات. هي ايضا تنال بشفاعة رسول الله عليه الصلاة والسلام. فيكون مسلم ويا كل من يرجو الشفاعة ويبحث عنها دونكم هذا الباب. الحفاظ على هذه السنن. ثم انت تلمح فيها امرين عظيمين تلمح ها هنا امرين عظيمين في هذه السنة بالدعاء له صلى الله عليه وسلم عقب كل اذان ان الله عز وجل الوسيلة. وان تنال انت بها الشفاعة. اما الامر الاول فانت ترى ان هذا ارتباط عظيم بين المسلم وبين نبيه صلى الله عليه وسلم في كل اذان مع كل صلاة. كم اذانا في اليوم؟ خمسة وانت في كل مرة لا تفتأ تذكر هذا الدعاء فتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم اولا. ثم تسأل الله له الوسيلة بالله عليكم اي لون من رفعة الذكر في الشريعة فرضها الاسلام لنبينا صلى الله عليه وسلم ثم حفظ له هذا المقام العظيم. فيقال لكل مسلم باحث مشتاق الى الشفاعة راج لنيلها يوم القيامة عليك بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عقب كل اذان وعليك بهذا الدعاء لتفوز بشفاعته عليه الصلاة والسلام. اما الامر الثاني الذي نتلمحه هنا فهو ان الله عز وجل قد وعده بالشفاعة. واتاه المقام المحمود او لم يقره ربه عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا. والمقام المحمود هو الشفاعة. وعسى هذه التي تأتي في السياق القرآني منسوبة الى الله عسى ان يبعثك ربك ليست تفيد الاحتمال ولا الترجي بل تفيد تحقيق الوقوع كما يقول المفسرون اذا فالشفاعة حاصلة له عليه الصلاة والسلام. والمقام المحمود مخصوص به عليه الصلاة والسلام فالسؤال فلماذا ندعو الله؟ ولماذا نسأله؟ ان يخصه الله بالمقام المحمود وقد وعده الله به. يقول العلامة البهوت الحنبلي رحمه الله في بيان الحكمة في سؤال ذلك والدعاء به مع كونه متحقق الوقوع وعدا من الله اظهارا لكرامته وعظيم منزلته بين امته صلى الله عليه واله وسلم. قد اتاه الله ووعده به لكن الشأن يتعلق بي وبك ان ندعو ونسأل ونطلب امرا مع وعد الله جل وعلا به لنبيه عليه الصلاة والسلام فانت بذلك تحوز الاجر والثواب والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وتحجز لك مقعدا في الشفعاء الذين يظفرون بشفاعته صلى الله عليه واله وسلم. يقول هنا في الحديث فانها منزلة في الجنة لا تنبغي الا لعبد من عباد الله وارجو ان اكون انا هو. فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة صلى الله عليه واله وسلم. نعم وعن انس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بين انا اسير في الجنة اذ عرض لي نهر حافتاه باب اللؤلؤ قلت لجبريل عليه السلام ما هذا؟ قال هذا الكوثر الذي اعطاكه الله. قال ثم ضرب بيده الى طينه فاستخرج مسكا وعن عائشة وعبدالله بن عمر مثله. قال ومجراه على الدر والياقوت. وماؤه احلى من العسل وابيض من من الثلج وفي رواية عنه فاذا هو يجري ولم يشق شقا عليه حوض ترد عليه امتي وذكر حديث الحوض ونحوه عن ابن عباس وعن ابن عباس ايضا قال الكوثر الخير الذي اعطاه الله اياه قال سعيد بن جبير والنهر الذي في الجنة والنهر الذي في الجنة من الخير الذي اعطاه الله. وعن حذيفة الله عنه فيما ذكره عن ربه عليه السلام واعطاني الكوثر وهو نهر من الجنة يسيل وفي حوضي نعم هذه الكرامة والمنقبة والفضيلة الاخرى المذكورة في هذا الفصل لنبينا صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام انا اعطيناك الكوثر. الكوثر فسر هنا كما سمعتم في الحديث بهذا النهر العظيم في الجنة. سمعت الحديث الذي ساقه المصنف رحمه الله وهو عند البخاري في صحيحه بينما بين انا اسير في الجنة اذ عرض لي نهر حافتاه قباب اللؤلؤي قلت لجبريل ما هذا؟ قال هذا الكوثر الذي اعطاكه الله. قال ثم ضرب بيده الى طينه الى طين هذا النهر وهو الذي في اسفله. قال فاستخرج مسكا. فطينوا هذا النهر مسك. وفي حديث ابن عمر قال ومجراه على الدر والياقوت وماؤه احلى من العسل وابيض من الثلج. وفي رواية اخرى ايضا اخرجها احمد فاذا هو يجري ولم يشق شق عليه حوض تلد عليه امتي. الكوثر في اللغة مأخوذة من الخير الكثير فهذا المعنى وصف يدل على المبالغة في الكثرة. فما الشيء العظيم الكثير الذي اعطاه الله لنبينا عليه الصلاة والسلام فسر هنا في الحديث بنهر الجنة لكنه يرى بعض السلف كابن عباس فيما صح عنه ان المعنى من هذا النهر واوسع ولهذا ساق المصنف عن ابن عباس في في تفسير الكوثر قال هو الخير الذي اعطاه الله اياه ياه ومن جملة هذا الخير نهر الجنة. المسمى بنهر الكوثر. ثم وصف هذا النهر بما سمعتم. قيله النهر الذي يصب في حوضه صلى الله عليه وسلم او منه يسيل الماء المجتمع وقد مر بكم في احاديث انه يصب فيه ميزابان يشخبان فيه من الجنة. وان النهر نهر الكوثر متصل بهذا الحوض الذي ترد عليه امة محمد عليه الصلاة والسلام. وايا كان فتفسيره عليه الصلاة والسلام للكوثر هذا النهر الذي رآه ثم وصفه لنا في الجنة هو المقدم على ما سواه. اخرج مسلم في صحيحه ايضا عن انس رضي الله عنه قال بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم اذ غفا اغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما اضحكك يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام نزلت علي سورة فقرأ انا الكوثر فصل لربك وانحر ان شانئك هو الابتر. اذا ضحك لما نزلت عليه السورة وتبسم سرور وفرحا عليه الصلاة والسلام ثم استمر في حديثه قائلا للصحابة اتدرون ما الكوثر قالوا الله ورسوله اعلم. فقال صلوات ربي وسلامه عليه فانه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير وهو حوض ترد عليه امتي يوم القيامة. ففرح بهذه البشارة عليه الصلاة والسلام. اتظن انه فرح لشيء يناله لنفسه؟ لا والله فرح لاجلي واجلك. يقول فانه نهر وعدنيه ربي. نهر ربي عليه خير كثير وهو حوض ترد عليه امتي يوم القيامة. سر عليه الصلاة والسلام لانه اوتي خيرا ينال امته ووجد عطاء من الله هو خير لامته ونوال لها يوم يلقون الله. فكان هذا مبعث عليه الصلاة والسلام ولكم قلنا مرارا كم من العطاء وكم من الفضل والمناقب والخيرات والخصائص على المقامات التي يؤتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي في الحقيقة شرف وعطاء ونيل لامته له شرف للامة والعطاء له عليه الصلاة والسلام عطاء للامة. فكم نحن امة حفية بهذا الكرم والعطاء كم نحن امة حظية بنبي الاسلام صلى الله عليه واله وسلم. تفسيره صلى الله عليه وسلم للكوثر ووصفه بهذا الوصف الذي تشتاق له النفوس هو تحريك لقلوب المسلمين نحو العمل بسنته والبحث عن هديه وطريقته ولزومها واتباعها لانه انما ينال هذا الخير من سلك درب المصطفى عليه الصلاة والسلام. ويفوز بهذه الكرامة ويشربوا من هذا النهر من رزقه الله عز وجل حب السنة وحب صاحبها عليه الصلاة والسلام. قال اذا هو يجري ولم يشق شقا عليه حوض ترد عليه امتي. قال في حديث حذيفة في الحديث القدسي فيما ذكر عن ربه اعطاني الكوثر وهو نهر من الجنة يسير في حوضي عليه الصلاة والسلام وعن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى ولسوف يعطيك ربك فترضى. قال الف قصر من لؤلؤ تراب المسك وفيه ما يصلحهن. وفي رواية اخرى وفيه ما ينبغي له من الازواج والخدم. نعم. هذا موقوف عن ابن عباس يعني من قوله رضي الله عنه في تفسير الاية في سورة الضحى ولسوف يعطيك ربك فترضى هذا وعد من الله ان يعطي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم عطاء متتابعا ولا يزال يعطيه حتى يرضيه عليه الصلاة والسلام في الاية كرم الكريم جل جلاله. في الاية عطاء المنان سبحانه. في الاية خزائن الرحمة التي بيد رب الارباب جل في علاه في الاية خير عظيم وعده لنبينا عليه الصلاة والسلام. في الاية ايضا شرف وكرامة ومنقبة قام رفيع لنبينا عليه الصلاة والسلام ان الله يعطيه فيرضيه. وان الله يعده فيكرمه. وان الله عز وجل يخبر ذلك في اية تتلوها الامة الى يوم القيامة. ان النبي عليه الصلاة والسلام موعود من الله عز وجل الى حد الرضا ولسوف يعطيك ربك فترضى. فسر ابن عباس رضي الله عنهما فيما صحح الرواية عن ابن كثير في تفسيره بانه الف قصر من لؤلؤ ترابها المسك وفيها ما يصبح تلك القصور. يعني ما ينبغي من الازواج والخدم ونحوها لن يكون هذا يقوله ابن عباس رضي الله عنهما اجتهادا فهذه من امور الغيب. وقد جرى اهل العلم فيما يقوله الصحابة رضي الله عنهم من الغيبيات التي لا مجال للاجتهاد فيها بحملها على معنى المرفوع في نسبته الى النبي عليه الصلاة والسلام لانهم لن يجرؤ احدهم ان يقول في علم الغيب بافتراء من تلقاء نفسه ولا ان يتقول شيئا لما لم ينزل الله به سلطانا واحدهم ليس وحي ينزل عليه لكنه ربما اختصر الرواية وقد سمع شيئا منسوبا الى النبي عليه الصلاة والسلام فقاله جملة مرتجلة والاصل فيها انها في حكم المرفوع عن النبي عليه الصلاة والسلام ان كان هذا تفسيرا ينسب الى ابن عباس رضي الله عنهما في العطاء الذي يعطيه الله لنبينا عليه الصلاة والسلام ثق تماما انه ليس العطاء المحدود بهذه الجملة. الامر اوسع. والاية انما تركت ذلك. من اجل ان يبقى عطاء الله سبحانه ممتدا ولسوف يعطيك ربك فترضى. اراد المصنف رحمه الله في هذا الفصل مع الفصول التي تقدمت فيما سبق من اوائل هذا الباب الثالث ان يذكر من الاحاديث والروايات في صحيحها ومشهورها ما خص الله به عليه الصلاة والسلام من الكرامة والفظيلة والخير والعطاء فصلا بعد فصل. وقد جمع لك فيما تقدم من تلك الفصول ما يستقر في النفوس فيثمر ايمانا راسخا. ويقينا لا يتردد فيه مسلم ان النبي عليه الصلاة والسلام محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب قد تربع على عرش الكرامة التي خصه الله تعالى بها وانه اوتي ما لم يؤت احد قبله من الانبياء والرسل عليهم السلام. وانه حاز الامامة والشرف وانه صلوات ربي وسلامه عليه رزق من الفضل والخير والكرامة في الدنيا والاخرة ما لم يعطى احد من الانبياء قبله عليه السلام. ومع ذلك لم يزل متواضعا بابي وامي صلى الله عليه واله وسلم. ثم بث في احاديث لاصحابه يعلمهم ويرشدهم والامة من ورائهم. الى ان الله عز وجل اعطاه واعطاه. وخصه يريد ان يعلم الامة عليه الصلاة والسلام مقامه العظيم. وحقه الواجب ان تقوم به الامة له احتراما تقديرا وايمانا وتصديقا واتباعا واستنانا. هذا ينبغي ان يكون في الحسبان واضحا للعيان ان يعلم المسلم ان تعظيم النبي عليه الصلاة والسلام يمر بامور ثلاثة. اولها الوقوف على تلك المعالم التي جعلت له من العظمة صلوات الله وسلامه عليه ما ليس لاحد من البشر. ثانيها بعدما يعلم المسلم جوانب العظمة التي خصه الله بها يملأ قلبه بما يستوجبه ذلك التعظيم من حمل القلوب على تمام الايمان. واكمل المحبة وصدق الوفاء وتمام الطاعة والاقتداء له عليه الصلاة والسلام. وثالث تلك الخطوات ان يحمل احدنا نفسه حملا. على ان يكون احظى الناس بهذا النبي العظيم عليه الصلاة والسلام. وذلك والله لن يكون الا بارتسام خطاه واستنان سنته واقتداء هديه خطوة بخطوة وشبرا بشبر حذو القذة بالقذة فيصبح يسلم ويمسي ليس شيء احب على قلبه من سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. وليس شخص احب الى قلبه من رسول لا عليه الصلاة والسلام وليس سنة ولا طريقة ولا عادة ولا الف ولا شيء في هذا الوجود احب اليه من ان وقال له هذا طريق رسول الله عليه الصلاة والسلام. فيعيش على ذلك. وملء جوانحه الفرح بسنة يقف عليه وفرح اكبر بسنة يوفق للقيام بها. ثم لا يزال فرحا مغتبطا ان يؤتيه الله سنة في حياته يطبقها ويعيش عليها. ثم يعيش بين الانام معروفا بالسنة رافعا لرايتها. داعيا الناس الى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. والله لكم هو مبارك ذلك المسلم الذي يجعل الله على يديه تعريف الامة بنبي الامة عليه الصلاة والسلام وتعريف العالمين بهذا النبي المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه واله وسلم. عقب هذا الفصل سيورد المصنف فصلا في غاية المتانة من العلم والدقة فيما يتعلق بالتفضيل بين الانبياء وقفت على تلك الجوانب المتعددة التي تقتضي تفضيله صلى الله عليه وسلم على سائر الانبياء عليهم السلام كيف تجمع بين هذا وبين النهي عن التفضيل بين الانبياء عليهم السلام. نعم. فصل في معنى الواردة بنهيه صلى الله عليه وسلم عن تفضيله على الانبياء. فان قلت اذا تقرر من دليل القرآن الاثر واجماع الامة كونه اكرم البشر وافضل الانبياء. فما معنى الاحاديث الواردة بنهيه عن الاحاديث فما معنى الاحاديث الواردة بنهيه عن التفضيل؟ كقوله فيما حدثنا الاسدي قال حدثنا السمرقندي قال حدثنا الفارسي قال حدثنا الجنودي قال حدثنا ابن سفيان قال حدثنا مسلم مسلم صاحب الصحيح رحمه الله وهكذا يسوق المصنف الحديث بسنده الى مسلم فيخرجه من طريقه. نعم. قال حدثنا مثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا ابن مثنى قال حدثنا ابن مثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن قتادة سمعت ابا العالية يقول حدثني ابن عم نبيكم صلى الله عليه وسلم يعني ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما ينبغي لعبد ان يقول انا خير من يونس ابن متى. وفي غير هذا الطريق عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يعني يعني الله يعني الله يعني الله ما ينبغي لعبد يرى الحديث يعني الحديث القدسي في الطريق الثاني عن ابي هريرة ذكر الحديث ذاته في النهي عن التفضيل بين الانبياء وانه حديث قدسي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل ما ينبغي لعبد كالحديث الذي سبق ان يقول انا خير من انس ابن متى نعم وفي حديث ابي هريرة رضي الله عنه في اليهودي الذي قال والذي اصطفى موسى على البشر فلطمه رجل من الانصار وقال تقول ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين اظهرنا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا تفضلوا بين الانبياء وفي رواية لا تخيروني على موسى فذكر الحديث وفيه ولا اقول ان احدا افضل من يونس ابن متى وعن ابي هريرة رضي الله عنه من قال انا خير من يونس ابن متى فقد كذب. وعن ابن مسعود لا يقولن احدكم انا خير من يونس ابن متى. وفي حديثه الاخر فجاءه صلى الله عليه وسلم رجل فقال له يا خير البرية فقال ذاك ابراهيم. نعم. سمعتم الاحاديث يا كرام؟ متعددة الالفاظ صحيحة اخرج البخاري بعضها مسلم بعضها واصحاب السنن سواهم ايضا. في احد الاحاديث يقول ما ينبغي لعبد ان يقول انا خير من يونس ابن متى ولما اختصم اليهودي مع رجل من الانصار فقال اليهودي في مقام المخاصمة والمجادلة حالفا بالله قال اذ اصطفى موسى على البشر. اجرى هذا القسم على لسانه فلطمه الانصاري. قال تقول ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين اظهره يعني تزعم او تحلف بيمين تشير فيه الى تفضيل موسى تقول والذي اصطفى موسى على البشر غضب الانصاري حمية فلطم اليهودي فجاء اليهودي يشتكي الى النبي عليه الصلاة والسلام. فقال عليه الصلاة والسلام لا تفضلوا بين الانبياء وفي رواية لا تخيروني على موسى. وجاء في الحديث ايضا ولا اقول ان احدا افضل من يونس ابن متى. وفي حديث ابي هريرة من قال انا خير من يونس ابن متى فقد كذب. وفي حديث ابن مسعود لا يقولن احدكم انا خير من يوم ابن متى ولما قال له الرجل يا خير البرية قال ذاك ابراهيم كما في حديث مسلم. هذه جمل ينهى عن على يونس عليه السلام وعلى موسى عليه السلام ولما قيل له يا خير البرية قال ذاك ابراهيم. هنا مسألتان الاولى هل هذا نهي عام يريد به صلى الله عليه وسلم ان لا نفضل بين الانبياء وانهم جميعا على رتبة واحدة على السواء؟ الجواب قطعا لا لم لا؟ لان الله يقول في القرآن تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض. فهذا نص صريح ان الرسل يجري بينهم التفضيل. نعم هم في البداية صفوة البشر وهم فيما اختارهم الله للنبوة والرسالة في عداد قوله سبحانه الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس فاصطفاهم الله على كل البشر هذا الاصطفاء من بين البشر لاختيار اولئك الانبياء والرسل عليهم السلام يستوي فيه الانبياء جميعا انهم خير من غيرهم من البشر ثم اذا جئت للمرتبة الثانية بعد هذا الاصطفاء وجدتهم يتفاضلون بنص قول الله تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض. يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره ولا خلاف ان الرسل افضل من بقية الانبياء. ان الرسل افضل من بقية الانبياء الانبياء كثيرون مئة وعشرون الفا وزيادة. يقول ان الرسل افضل من الانبياء من بقية الانبياء. ثم قال وان اولي العزم منهم افضلهم وهم الخمسة المذكورون نصا في قوله تعالى واذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم واخذنا منهم ميثاقا غليظا. ثم قال ولا خلاف ان محمدا صلى الله عليه وسلم افضلهم. ثم بعده ها؟ ابراهيم ثم قال ثم موسى على المشهور. ويأتي خلاف العلماء في باقي التفضيل الحافظ ابن كثير يقول ولا خلاف يحكي ذلك اتفاقا. فيبقى السؤال القائم في صدر هذا الفصل كيف تجمع كما قال المصنف رحمه الله اذا تقرر من دليل القرآن وصحيح الاثر واجماع الامة كونه اكرم البشر عليه الصلاة والسلام وافضل الانبياء صلى الله عليه وسلم. فما معنى الاحاديث الواردة بنهيه عن التفظيل؟ وساق لك جملة من الاحاديث. تلاحظ في بعضها يقول من قال انا خير من يونس ابن متى فقد كذب كيف يكذب ونحن نعتقد يقينا جازما انه عليه الصلاة والسلام خير من كل الانبياء. وانه افضلهم درجة اقوم نحن والله ما نعتقد ذلك حمية لنبينا لانه نبينا عليه الصلاة والسلام. ولئن فعلنا فلسنا بملومين هذا نبينا وكل امة بنبيها تحتفي وتفرح واليه تنتسب. لكن مع ذلك نحن ننطلق من نصوص في كتاب الله وفي سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. وما زلنا في مجلسنا هذا منذ شهور عددا. نسوق من الروايات في الاحاديث الصحيحة ومن ايات القرآن الكريم التي تدل على تفضيله عليه الصلاة والسلام. فالامر قطع فكيف تجمع بين هذا وبين قوله من قال انا خير من يونس ابن متى فقد كذب. ويقول لا تخيروني على موسى وقول ولا اقول ان احدا افضل من يونس لما قال له الرجل يا خير البرية قال ذاك ابراهيم. يسوق المصنف لك الان رحمه الله اجوبة متعددة على هذا السؤال فيها من التحقيق العلمي الذي افاد منه العلماء ونقلوه عن المصنف القاضي عياض رحمه الله في اجوبة متينة يسوقها لك واحدا بعد واحد وهي تتفاوت قوة وظعفا. نعم فاعلم ان للعلماء في هذه الاحاديث تأويلات احدها ان نهيه عن التفضيل كان قبل ان يعلم انه سيد ولد ادم. فنهى عن التفضيل اذ يحتاج الى توقيف ان من فضل بلا علم فقد كذب. هذا اول الاجوبة. ان تقول ان كل حديث فيما ساق المصنف وغيره لما تسمع فيها قول النبي عليه الصلاة والسلام لا تفضلوا بين الانبياء لا تخيروني على موسى. من قال انا خير من موسى فقد من يونس فقد كذب ما ينبغي لعبد ان يقول انا خير من يونس يقول كل هذه الاحاديث كانت قبل ان يوحي الله اليه انه خير البشر صلوات الله وسلامه عليه وهذا الجواب ضعفه العلماء. وان ذكر في سياق دفع هذا الاشكال هو احد الاجوبة لكنه من اضعفها. لم لانك لا تستطيع ان تقول ان هذا الحديث كان قبل ذاك وذاك جاء بعد. هو جواب لدفع احتمال وانه عليه الصلاة والسلام قال ما قال قبل ان يبلغه العلم بوحي الله انه خير خلق الله. صلوات الله وسلامه عليه. نعم وكذلك قوله لا اقول ان احدا افضل منه لا يقتضي تفضيله هو وانما هو في الظاهر كف عن تفضيل الوجه الثاني انه انه قاله صلى الله عليه وسلم على طريق التواضع ونفي التكبر والعجب. وهذا لا يسلم من الاعتراض. هذا جوابه ليس باقوى من الاول ان تقول في الجواب لا. انما علم صلى الله عليه وسلم انه افضل البشر وعلم انه خير سيد ولد ادم عليه الصلاة والسلام. ومع ذلك فانما كان يقول لامته لا تفضلوا لا تقولوا ما ينبغي لعبد ونحو ذلك من اجل تقرير تواضعه. ونفي التكبر والعجب عنه صلى الله عليه وسلم. يعني قال ذلك تواضعا. وقال ذلك هضما لنفسه عليه الصلاة والسلام مع علمه بشريف مقامه وعلو قدره ورفيع مكانته صلى الله عليه واله وسلم. قال المصنف وهذا لا يسلم من الاعتراض يعني هذا الجواب يتوجه اليه اعتراض في وجهه ان تقول ليس هذا بجواب سديد لان النبي عليه الصلاة والسلام كان يثبت لنفسه ما اثبته الله له. وهل يعني لو اثبت الفضل لنفسه ان يلزم منه الكبر والخيلاء والعجب لا. الم يقل عليه الصلاة والسلام انا سيد ولد ادم ولا فخر فيثبت المقام ويثبت الشرف والفضيلة ثم يقرر تواضعه قائلا ولا فخر قال وبيدي لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر وانا اول من تنشق عنه الارض يوم القيامة ولا فخر واول من تفتح له ابواب الجنة وهكذا. فلا يصح هذا التلازم ان تقول ان اثبات التفضيل يستدعي الكبر والعجب ولاجل ذلك نفاه صلى الله عليه وسلم فلهذا قال المصنف وهذا الجواب لا يسلم من الاعتراض. نعم. الوجه الثالث الا يفضل بينهم تفضيلا يؤدي الى تنقص بعضهم. او الغض منه. لا سيما في جهة يونس عليه السلام. اذ امر الله عنه بما اخبر لان لا يقع في نفس من لا يعلم منه بذلك غضاضة غضاضة وانحطاط من رتبته الرفيعة اذ قال تعالى عنه اذ ابقى الى الفلك المشحون. ابقى. اذ ابق الى الفلك المشحون اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه فربما يخيل لمن لا علم عنده حقيقته بذلك. نعم. هذا جواب ثالث وهو افضل من الجوابين الاولين هو امثل يقول رحمه الله انما النهي في تلك الاحاديث عن التفضيل لا عن مطلق بل عن تفضيل اذا كان سيؤدي الى تنقص بعض الانبياء عليهم السلام. هذا مرفوض. نعم الفضل لنبينا صلى الله عليه وسلم. لكن هل يلزم من ذلك ان تثبت فضلا يترتب عليه انتقاصا من سواه من الانبياء؟ الجواب لا. قال نهي عن التفضيل يؤدي الى تنقص بعضهم. او الغض منه لا سيما في شأن يونس عليه السلام. لم يونس تحديدا؟ لانه الوارد في اكثر الروايات. قال عليه الصلاة والسلام ما ينبغي لعبد ان يقول انا خير من يونس ابن متى. وقال من زعم من قال انا خير من يونس ابن متى فقد كذب لا تخيروني ولا اقول ان احدا افضل مليون سد متى. فاكثر من حديث ورواية جاءت بالنهي عن تفضيله على يونس تحديدا قال المصنف رحمه الله لا سيما في جهة يونس عليه السلام اذ اخبر الله عنه بما اخبر لان لا يقع في في نفس من لا يعلم منه بذلك غضاوة وانحطاط من رتبته الرفيعة اذ قال الله تعالى عنه اذ اذ ابطأ الى الفلك المشحون. فر هاربا عليه السلام. وقال عنه اذ ذهب مغاضبا. فالذي اخرج يونس عليه من قريته حتى ركب البحر. الغضب وخرج بعد ان ضاقت نفسه من تحمل اعباء الدعوة. فاصابه ما اصابه فاستهموا عليه فكان من المدحضين فالقوه في اليم فالتقمه الحوت وهو مريم الى اخر ما حكى القرآن عنه. قال فلو قرر النبي صلى الله عليه وسلم التفضيل لربما اوقع ذلك في نفسه من لا يعلم شأن الانبياء غضا وانحطاطا في قدر يونس عليه السلام فحفظ صلى الله عليه وسلم لاخيه يونس ابن متى عليه السلام مكانته ورتبته قيعة فدفع هذا الوهم قائلا لا تفضلوني على يونس. من قال انا خير من يونس فقد كذب من اجل ان يحفظ له مكانته وقدره الرفيع صلوات الله وسلامه عليه. اذا مدخل النهي هنا يا كرام فيما نفهمه انه صلى الله عليه وسلم كان يسوس الامة فيما يعلمها من شأن الانبياء ومقامات الرسل واقدارهم جميعا عليهم سلام انهم اولو احترام وتبجيل وتوقير وتعظيم. اعلى الله قدرهم واصطفاهم على البشر. فلا ينبغي لاحد اذا ما وقف على سيرة نبي وخبره وشأنه في القرآن او في سنة الصحيحة ان يقع في قلبه مثقال ذرة من انتقاص او حط من اقدارهم عليهم السلام. من اجل ذلك قال لا تفضلوني. هذا السبب ذاته لو فهمته ستفهم قصة اليهودية مع الانصاري لما قال لا والذي اصطفى موسى على البشر لماذا غضب الانصاري فلطمه قال اتقول ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي بين اظهرنا؟ اذا قالها حمية اراد عليه الصلاة والسلام لما اجاب الانصاري في ذلك الموقف لا تفضلوا بين الانبياء اراد معالجة موقف اراد عليه الصلاة والسلام غلق باب. الا يكون التفضيل بين الانبياء بابا تنشأ منه حمية وعصبية وانتساب كل ذي دين الى نبيه فيؤدي الى تنقص وشيء من الاصرار على حمية تتنازع النفوس ونحن بشر. فرفض عليه الصلاة والسلام ان تكون قضية التفضيل بين الانبياء مسار عبث يمكن ان تعبث به الاهواء حال الغضب. القضية علمية وايمان قبل ذلك. ويستقر في النفوس تفضيل لا يوجد متنازعا ولا عصبية او حمية ولا انتقاصا لاحد. فلان لا يفضي الى خصومة بسبب الانبياء اغلق عليه الصلاة والسلام كلام هذا الباب والا فهو يعلم ما خصه الله تعالى به على سائر الانبياء عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام هذا جواب امثل واشد من الجوابين الاولين. وثمة جواب رابع واخر خامس يختم به المصنف. نعم الوجه الرابع منع التفضيل في حق النبوة والرسالة. فان الانبياء فيها على حد واحد اذ هي شيء واحد لا يتفاضل وانما التفاضل في زيادة الاحوال والخصوص والكرامات والرتب الطاف. واما النبوة في نفسها فلا تفاضل. وانما التفاضل وانما النبوة واما النبوة في نفسها فلا تتفاضل. نعم. هذا جواب رابع ان تقول ان نهيه صلى الله عليه وسلم عن التفضيل بين الانبياء انما كان على التفضيل في القدر الذي اشتركوا فيه ما القدر المشترك يا قوم بين الانبياء عليهم السلام النبوة انهم انبياء سؤال. هل هذا القدر وهو الاصطفاء الذي ميزهم الله به عن البشر. هل هم فيه متفاوتون ام هم فيه سواء؟ هم فيه سواء. فاذا كنت تتكلم على النبوة من حيث هي اصطفاء وعن الرسالة من حيث هي وحي وتكليف وتشريف من الله عز وجل. فهذا القدر هم فيه سواء لا يسوغ التفضيل بينهم على هذا الاعتبار فهذا الجواب الرابع منع التفضيل في حق النبوة والرسالة. فان الانبياء فيها على حد واحد. اذ هي شيء واحد لا يتفاضل. اذا ففي اي شيء يتفاضلون يتفاوظون في الكرامات بالمعجزات في ماذا ايضا في عدد من يؤمن بهم من اممهم. في ماذا ايضا؟ فيما يخصهم الله تعالى به يوم القيامة من الكرامة والحفاوة. قال المصنف وانما التفاضل في زيادة الاحوال والخصوص والكرامات والرتب والالقاف. واما في نفسها فلا تتفاضل. نعم. واما النبوة في نفسها فلا تتفاضل. وانما التفاضل بامور اخر زائدة عليها. ولذلك منهم رسل ومنهم اولو عزم من الرسل. ومنهم من رفع مكانا عليا. ومنه من اوتي الحكم صبيا واوتي بعضهم الزبر. الزبور الزبر واوتي بعضهم الزبر. واوتي بعضهم الزبر وبعضهم البينات كما قال الله تعالى بالبينات والزبر. نعم ومنهم من كلم الله ورفع بعضهم فوق بعض درجات. قال الله تعالى ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض واتينا داود زبورا وقال تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض قالوا قال بعض اهل العلم والتفضيل المراد لهم هنا في الدنيا وذلك بثلاث احوال بثلاثة وذلك بثلاثة احوال ان تكون اياته ومعجزاته ابهر واشهر او تكون امته ازكى واكثر او يكون في ذاته افضل واطهر نعم. قال بعض اهل العلم والتفضيل المراد لهم هنا في الدنيا بثلاثة احوال. اتفقنا الان على ان الانبياء جميعا عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام لا يتفاضلون في النبوة من حيث هي اصطفاء ولا يتفاوتون في الرسالة من حيث هي اجتباء. يتفاوتون في امر اخر. في امر زائد فيما خصهم الله تعالى به قال الذي يمكن ان يتفاضل به الانبياء ثلاثة اشياء احدها ان تكون اياته ومعجزاته ابهر واشهر. فنبي شق الله له القمر ونبي احيا الله له الموتى. ونبي قلب الله له العصا ثعبانا واخرج يده بيضاء للناظرين. ونبي فالله له البحر فكان فرقين كالطود العظيم. ونبي القى انجاه الله من النار بعد ان القوه فيها وهكذا يتفاوتون في المعجزات كثرة وقوة وظهورا. هذا احد الجوانب التي يقع فيها التفاضل بين الانبياء في دنيا الامر الاخر ان تكون امته ازكى واكثر ما من شك ان اتباع الانبياء عليهم السلام يتفاوتون. وقد صح في الحديث ان النبي يأتي يوم القيامة ومعه الرهط العظيم والامة والسواد الكثير والنبي يأتي يوم القيامة ومعه الرهط الجماعة. والنبي يأتي يوم القيامة ومعه الرجل والرجولان. والنبي يأتي يوم القيامة وليس معه احد فاحد جوانب التفضيل ولا شك ما كتب الله للانبياء من اتباعهم من الامم. في جانبين او في صفتين ان يكونوا ازكى واكثر يعني اكثر عددا وازكى يعني اتقى ايمانا واصدق تصديقا بنبوته ورسالته. هذا ايضا جانب في بين الانبياء عليهم السلام. الامر الثالث كما قال ان يكون في ذاته افضل واطهر. يعني النبي ذاته في شخصه لا في نبوته ان يكون افضل عند ربه واعلى مكانة. وهذا امر ذكر فيه المصنف الجواب التي يقع فيها التفضيل. فاذا القيت نظرك عبد الله الى هذه الامور الثلاثة وسواها. فيما لا يمكن ان يقع فيه التفضيل بين الانبياء الفيت محمدا صلى الله عليه وسلم امامهم وقائدهم في الثلاثة كلها لا من حيث المعجزات في بقائها وظهورها وكثرتها. ولا من حيث اتباعه وامته وعددهم ومن بعث اليهم الى الاولين والاخرين الى يوم القيامة ولم يختص بالعرب عليه الصلاة والسلام بل الى الناس كافة كما قال الله ولا من حيثما خصه الله لشخصه من الحفاوة واصطفاه وميزه به عن سائر البشر صلوات ربي وسلامه عليه. نعم وفضله في ذاته راجع قال بعض اهل العلم قال بعض اهل العلم والتفضيل المراد لهم هنا في الدنيا وذلك بثلاثة احوال ان تكون اياته ومعجزاته ابهر واشهر او تكون امته ازكى واكثر او يكون في ذاته افضل واطهر وفضله في ذاته راجع الى ما خصه الله به من كرامته واختصاصه من كلامه او خلة او رؤية او ما شاء الله من الطافه وتحف ولايته واختصاصه وقد روي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان للنبوة اثقالا وان يونس تفسخ منها تفسخ الربع فحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم موضع الفتنة من اوهام من يسبق اليه بسببها جرح في نبوة جرح طرح في نبوته او قدح في اصطفائه وحط من رتبته رتبتي ووهن في عصمته شفقة منه صلى الله عليه وسلم على امته. نعم. قوله ان للنبوة اثقالا وان يونس تفسخ منها تفسخ الربع. الحديث يصح نسبته من قول الامام وهب ابن منبه رحمه الله ولا يصح حديثا مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم. ووهب الامام المحدث عالم اهل اليمن. قال ان للنبوة اثقالا وهذه من الجمل ذات الحكمة والاثر فيما تنسب الى وهب رحمه الله. ولذلك قال المصنف وقدروا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا. وقد مر بكم غير ما مر ان المصنف رحمه الله يشير بهذه الصيغة مضاعفة الى عدم ثبوت ذلك عنده باسناد صحيح. على كل فالصحيح فيما ذكر في حلية الاولياء وغيرها هي من قول وهب رحمه الله قال ان للنبوة اثقالا يعني حملا وتعبا وامانة ضخمة وان يونس تفسخ منها تفسخ الربع يعني اصاب يونس عليه السلام من مشقة الرسالة وتعبها ما ناء عنه بحمله. فتفسخ يعني اصابه من التعب والمشقة ما يصيب الربع وهو الولد من الابل الذي يولد في الربيع. يعني من شدة ما اصاب يشير الى انه كان في ابتداء امر نبوته التي قال فحفظ النبي صلى الله عليه وسلم موظع الفتنة من اوهام من يسبق اليه بسببها جرح في نبوة يونس عليه السلام او قدح في اصطفائه وحط من رتبته ووهب فهذه اجوبة اربعة ساقها المصنف رحمه الله تعالى جوابا عن هذا الاشكال كيف نجمع بين ثبوت تفضيله عليه الصلاة والسلام على سائر الانبياء عليهم السلام. وبين نهيه هو صلى الله وعليه وسلم عن تفضيله او تفضيل احد من الانبياء وقد سمعت فيه اجوبة اربعة بعضها اقوى من بعض ختم بجواب يصبح ان يكون خامسا وقد يتوجه على هذا الترتيب وجه خامس وهو ان يكون انا راجعا الى القائل نفسه اي لا يظن احد وان بلغ من الذكاء والعصمة والطهارة ما بلغ انه خير من يونس لاجل ما حكى الله عنهم فان درجة النبوة افضل واعلى. وان تلك الاقدار لم تحطه. لم لم تحطه عنها حبة خردل ولا ادنى. يعني قوله صلى الله عليه وسلم ما ينبغي لعبد ان يقول انا خير من يونس ابن متى كل ما سبق من الكلام كنا نفسر قوله ان يقول انا يعني نبينا صلى الله عليه وسلم خير من يونس يعني لا تقل ان محمدا صلى الله عليه وسلم خير من يونس الجواب الان الخامس ان يكون انا مقصود به انا وانت. ما ينبغي لعبد ان يقول عن نفسه يعني انا خير من يونس لئلا تظن لحظة ان ما اصاب يونس عليه السلام من ركوب البحر والقائه في اليم والتقام الحوت. لا تظن انه يمكن ان ينحط قدرا ولا قدر شعرة وانك مهما بلغت صلاحا وولاية وتقوى اتظن انك تبلغ درجة الانبياء او تفوقهم حاشا هذا جواب اخير ذكره المصنف يمكن ان يكون كذلك. ومثله قوله لا اقول ان احدا افضل من يونس. من قال انا خير من يونس فقد كذب ان يكون القائل معتقدا ذلك. فهذا جواب لطيف ايضا ختم به المصنف قال لاجل ما حكى الله عن فان درجة النبوة افضل واعلى. وان تلك الاقدار لم تحطه عليه السلام عنها حبة خردل ولا ادنى. نعم وسنزيد في القسم الثالث من هذا بيانا ان شاء الله تعالى. فقد بان لك الغرض وسقط بما حررناه شبهة وبالله التوفيق وهو المستعان لا اله الا هو. نعم ختم بهذا المصنف رحمه الله هذا الفصل لنشر بعون الله تعالى في ليلة الجمعة القادمة فصلا اخر فيه مزيد من البيان حول هذا الباب العظيم. الليلة الشريفة يا كرام ليلة عظيمة يتنافس فيها الصالحون مغتبطين باستكثارهم من الصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة. فصلوا وسلموا على من فضله الله تفضيلا. ومن رفع الله قدره واعلى منزلته. فان تفضيله تفضيل لامته. والشرف له شرف لامته صلى الله عليه وسلم ولسان حالكم مستشعرين هذا الفضل والكرم حروفي واوراقي وحبر يراعي لبت اذ دعاها الداعي صلى عليك الله يا علم الهدى ما حرك الشوق الدفين شراعي. فاللهم صل وسلم وبارك عليه ارزقنا يا ربي اتباع سنته وصدق محبته والاستنان والركاب في سير هديه وملته عليه الصلاة والسلام. ونسألك اللهم علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا وتقبل منا انك انت السميع العليم. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اخلص يا ربي لنا النية واصلح لنا الذرية وتوفنا وانت راض عنا يا ذا الجلال اكرام. اللهم احينا مسلمين وتوفنا مسلمين والحقنا بالصالحين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار عذاب النار