بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء ماواتي وملئ الارض وملء ما بينهما وملء ما شاء ربنا من شيء بعد. احمدوا الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره. واشهد ان لا اله الا الله الله وحده لا شريك له ذو الجلال والاكرام والفضل والانعام احمده سبحانه ولا احصي ثناء عليه واشهد ان سيدنا ونبينا وحبيبنا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله. امام الهدى وسيد الورى النبيين وصفوة الله من خلقه اجمعين وحبيب رب العالمين ان النبي محمدا خير الورى وشفيعنا واجل من وطئ الثرى. صلوا عليه وسلموا ما شئتموا صلوا على من ام القرى فصلاتكم تقضى بها حاجاتكم وتكون اربح كسبكم مما يرى واكثروا من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة الكريمة الشريفة ليلة الجمعة. وقد قال بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة. فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا فيا رب صلي وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. ويا رب صلي وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون وصل يا ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته الطيبين الاطهار وصحابته المهاجرين انصار والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد ايها الاخوة الكرام قاصدي بيت الله الحرام ما زال حديثنا متصلا فيما ساقه الامام القاضي عياض رحمه الله تعالى في هذا السفر المبارك كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم في ثالث اقسام الكتاب المتعلق بالعصمة عصمة الانبياء عليهم السلام. وما زلنا في الباب الاول منه وفي الفصل الذي عنون القاضي رحمه الله او ارادة لعنوان يتعلق باجماع الامة على عصمته صلى الله عليه وسلم من الشيطان وكفاية الله عز وجل له منه. مر بنا في ليلة الجمعة الماضية مطلع في مطلع هذا الفصل حديث ابن مسعود رضي الله عنه ومثله من حديث عائشة لما قال عليه الصلاة والسلام ما منكم من احد الا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة قالوا واياك يا رسول الله قال واياي ولكن الله تعالى اعانني فاسلم فلا يأمرني الا بخير. ومضى من كلام القاضي عياض رحمه الله ما يؤصل لهذه القاعدة. عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الشيطان. فما جعل الله للشيطان على نبيه صلى الله عليه وسلم سبيلا. لا في بدنه ولا في قلبه الكريم بالوساوس والخطرات وتبديل الوحي او تغيير دين الله. وكل ذلك من تمام عصمة الله لنبيه عليه الصلاة والسلام رغم ان الشياطين كما ساق المصنف رحمه الله تعرضت لرسول الله عليه الصلاة والسلام بالاذى وجاء في غير موطن رغبة في اطفاء نوره واماتة نفسه وادخال شغل عليه لما يئسوا من اغوائه فانقلبوا خاسرين ما تعرضوا له في صلاته عليه الصلاة والسلام فاخذه النبي عليه الصلاة والسلام وهم باسره كما في حديث صحيح مسلم ان الشيطان عرض لي فشد علي يقطع علي الصلاة فامكنني الله منه فدعته ولقد هممت ان اوثقه الى ساريه سواري المسجد حتى تصبحوا تنظرون اليه. فذكرت قول اخي سليمان ربي اغفر لي. وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي فرده الله خاسئا. الى ان وصل المصنف رحمه الله في سياق تلك القضية الكبرى وادلتها الى ما يدفع بعض الاشكالات الواردة عليها. ومنه قوله تعالى واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله وربما اوهمت الاية ان الشيطان ينزغ رسول الله عليه الصلاة والسلام لان الله يقول له اذا نزغك الشيطان فاستعذ ولو كان محالا نزغ الشيطان له ولو كان معصوما صلى الله عليه وسلم من تسلط الشيطان عليه لما كان للاية اعلى فابانا المصنف رحمه الله ان النزغ يعود الى جملة من المعالي. منها سياق الاية خذ العفو وامر بالعرف واعرض الجاهلين واما ينزغنك من الشيطان نزغ. يعني يستخفنك غضب يحملك على ترك الاعراض عن الجاهلين فكن على الصبر والحلم واستعذ بالله او يكون المعنى يغرينك الشيطان ويحركنك للانتصار. للنفس في مواقف الغضب. في مواقف اساءة الجهلة. وتعدي السفهاء فتأتي شيء من دواعي النفس لحفاظ الكرامة ورد الاذى وكف التطاول وشيء من حظوظ النفس للانتصار للذات وهذه ادنى تحركات الشيطان ووسوساته فيكون معنى الاية مرادا به هذا القدر وليس هو الوسوسة التي يمكن ان يفسد بها قلب رسول الله عليه الصلاة والسلام او يلقي فيه شيئا من هوى النفوس المحرمة او تبديلا لدين الله او تغيير الوحي ونحو هذا. الى ان وقف المصنف عند قوله وكذلك لا يصح ان يتصور له الشيطان في صورة الملك ويلبس عليه لا في اول الرسالة ولا بعدها. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله الذي خلق الخلق فاحصاهم عددا ولم يتخذ منهم صاحبة ولا ولدا والصلاة والسلام على نبينا الذي سلك في نصرة دين الله طرائق قددا قضى في دعوتهم سنين عددا. وقرأ القرآن لهم حتى سمعته الجن. فكادوا يكونون عليه لبدا وعلى اله وصحبه الذين كانوا للعدو شهابا رصدا اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين واجعل لنا من فضلك واجعل لنا من فضلك الجزيل مددا. وارحمنا اهلنا وشيخنا وطفلا واما ووالدا ووالدا وولدا. قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في اجماع الامة على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الشيطان وكفايته منه الى ان قال وكذلك لا يصح ان يتصور ان يتصور له الشيطان في صورة الملك ويلبس عليه لا في اول الرسالة ولا بعدها يلبس عليه ماذا الوحي والدين والشريعة لا يمكن ان يأتي الشيطان في صورة ملك لرسول الله عليه الصلاة والسلام فيلقي اليه بباطل فيظنه النبي عليه الصلاة والسلام وحيا او يظنه دينا هذا يعني ينبغي ان يسلم به عقلا قبل ان يكون شرعا والا لن يكون هناك طريق لصيانة الدين ولا حفظه ولن يكون هذا عصمة لشخص رسول الله عليه الصلاة والسلام فحسب بل هو عصمة للدين وحفاظ لشرائعه وابقاء لحدوده ومعالمه. نعم والاعتماد في ذلك دليل المعجزة. بل لا يشك النبي صلى الله عليه وسلم ان ما يأتيه من ان ما يأتيه من والله الملك ورسوله حقيقة اما بعلم ضروري يخلقه الله له او ببرهان يظهره لديه. لتتم كلمة ربك صدقا وعدلا لا لكلماته فهذه قضية لا اختلاف فيها وقاعدة اساس لا امتراء فيها لا يمكن ان يأتي الشيطان في صورة ملك بحيث لا يفرق رسول الله عليه الصلاة والسلام سلام في مقدمه اليه بني ان يكون ملكا او يكون شيطانا وبالتالي فهذا اما بعلم ضروري يخلقه الله في قلبه عليه الصلاة والسلام فيفرق بين الملك والشيطان. واما ان تكون هناك من الدلائل والعلامات والبراهين ما تظهر به حقيقة الرسول الذي يأتي اليه او يقابله لتتم كلمة ربك صدقا وعدلا كما قال الله لا مبدل لكلماته اما لو افترظنا تسلط الشياطين وعبثهم بالوحي واظلالهم واغوائهم وتلبيسهم للدين اين تذهب بقول الله وتمت كلمة تربك صدقا وعدلا اين تذهب بقول الله عز وجل لا مبدل لكلماته كل هذا لا يستقيم الا بتقرير هذا المعنى الكبير والاصل العظيم. بناء على هذا الاصل ها هنا اية اشكلت على اهل العلم في تفسيرها وبيان المراد منها وما يتعلق بها اوردها المصنف تأكيدا للمعنى ونفيا للاشكال الوارد عليها فان قيل فما معنى قوله تعالى وما ارسلنا من قبل من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله اياته والله عليم حكيم فاعلم ان للناس في معنى هذه الاية اقاويل. منها السهل والوعظ يعني العسير اقاويل العلماء في هذه الاية هي من من اكثر مواضع القرآن اشكالا وفيها كلام كثير لاهل العلم مفسرين ومحدثين وفقهاء في دلالة الاية وسبب نزولها والقصة التي رويت من اجلها. نعم منها السهل والوعت يعني من اقاويل العلماء ما هو سهل المفهوم؟ وما هو عميق عسر في الفهم ذو اشكال يحتاج الى بيان منها السهل والوعث والسمين والغث السمين الكلام العلمي المتين او الضعيف الرديء الذي لا يتماسك واولى ما يقال فيها ما عليه الجمهور من المفسرين ان التمني ها هنا التلاوة والقاء الشيطان فيها شغله بخواطر واذكار من امور الدنيا للتالي حتى يدخل عليه الوهم والنسيان فيما تلاه او يدخل غير ذلك على افهام السامعين من التحريف. وسوء التأويل ما يزيله الله وينسخه. ويكشف لبسه ويحكم اياته وسيأتي الكلام على هذه الاية بعد باشبع من هذا ان شاء الله تعالى. يقول الله عز وجل في سورة الحج وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته هكذا يحصل لكل الانبياء والرسل. اذا تمنى القى الشيطان في امنيته ماذا يتمنى الانبياء؟ وما الذي يلقيه الشيطان في امنياتهم يقول الله تعالى فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله اياته والله عليم حكيم ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم. وان الظالمين لفي شقاق بعيد. وليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وان الله لهادي الذين امنوا الى صراط مستقيم. الاية تتكلم عن فتنة عظيمة من فتن الدين. زمن الانبياء والمرسلين عليهم السلام فتنة يبتلي بها الله تعالى العباد فمنهم من في قلبه مرض او في قلبه قسوة فتكون تلك الفتنة والعياذ بالله مرضية لهم ليجعل الله ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم. اما الفئة الاخرى اهل العلم والايمان. الذين لا تلتبس عليهم تلك الفتن ولا تنطلي عليهم ولا يمكن ان تؤثر في دينهم. قال وليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربك. فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم السؤال ما هو هذا الذي يحصل؟ فيكون فتنة لمن في قلبه مرض وثباتا لاولي العلم فيزدادون ايمانا وهدى هذا الذي اختلف المفسرون في بيان معناه وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في لامنيته ها هنا اقاويل اشهرها قولان اذا تمنى القى الشيطان في امنيته يعني اذا خطر في قلب احد الانبياء امنية يريد بها مصلحة لدين لا ودعوته التي بعث بها يأتي الشيطان فيزين له فيها ما يفسدها يلقي الشيطان في امنيته ويأبى الله الا ان يتم دينه وان يخزي عدو الدعوة والانبياء وهو ابليس الشيطان اللعين. فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله اياته لكن تلك المحاولة الشيطانية تبقى موهمة وتبقى لمن لم تثبت قدماه على العلم والايمان ومن لم يؤتى البصيرة من الله تبقى موطن اشكال فتزل فيه الاقدام وافادت الاية ايضا ان مواضع الفتن لا يصلح لها الا الرسوخ في العلم. في العلم الشرعي فان به تنجلي الشبهات وتتضح الحقائق وتستبين المواقف فيعرفون ما الحق من الباطل ما هو الضلال من الهدى ولا يؤتى هذا الا ببصر علمي يقذف في صاحبه بصيرة من الله والقول الاخر للمفسرين ان معنى اذا تمنى اذا تلى من التلاوة وهي القراءة. القى الشيطان في امنيته يعني ادخل الشيطان من كلامه في تلاوة النبي ما ليس من تلاوته من الوحي فيدخل بعض الكلام في بعض على السامعين فيلتبس الوحي الذي يتلوه النبي مع ما يلقيه الشيطان مدخلا اياه في كلام النبي وتلاوة النبي لكن الله عز وجل لا يجعل ذلك مختلطا في وحيه ثم يلتبس على الناس فينسخ الله ما يلقي الشيطان. يذهبه الله ويبطله ويمحكم الله اياته فيكون ذلك الموضع موطن اشكال والذي سبب هذا الاختلاف الكبير في كلام اهل العلم تجاه هذه الاية. الحديث عن سبب نزولها وهي قصة اخرجها بعض اهل الحديث في دواوينهم اخرجها البزار في مسنده وابن مردوية في تفسيره والطبري وابن ابي في تفسيرهما كذلك رحم الله الجميع والقصة ذات طرق كثيرة واسانيد متعددة ولها الفاظ متفاوتة محصلها قصة حصلت للنبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة وهو يدعو قريشا الى الاسلام وهو يسمعها القرآن والوحي بين الحين والحين. وملخص القصة ومفادها ان النبي عليه الصلاة والسلام قرأ بمكة ذات يوم على مسامع قريش. في احد نواديها وهي مجتمعة. قرأ عليهم سورة النجم لما نزلت فقرأ عليه الصلاة والسلام والنجم اذا هوى ما ظل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى ان هو الا اوحي يوحى حتى اذا بلغ قول الله تعالى افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى القى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلا وان شفاعتهن لترتجى فقال المشركون ما ذكر محمد الهتنا بخير الا هذا اليوم فانقادوا له ورأوا انها خطوة تنازل يقترب فيها رسول الله عليه الصلاة والسلام من اوثانهم والهتهم واصنامهم. ثم هو يذكرها بخير ويقر هذا الباطل الذي طالما نازعهم عليه وحاربهم عليه واصر على نزوعهم عنه وخروجهم عنه تلك الغرانيق العلا وان شفاعتهن لترتجى. فقالوا ما ذكر الهتنا بخير قبل اليوم. فلما سجد النبي عليه الصلاة والسلام في اخر السورة افمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وانتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا شاركوه سجدا فخروا على وجوههم ساجدين امتثالا للامر فاسجدوا لله واعبدوا وسجد معه المشركون فكان هذا سببا لنزول الاية الكريمة في سورة الحج وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي لا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته. يقال في بعض طرق ذلك الحديث ان جبريل عليه السلام اتاه. فقال يا محمد ماذا لو فقال ما تلوت فاخبره بهذا الادخال الذي حصل في الايات فحزن النبي صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا حتى ازعجه ذلك واقلق فؤاده عليه الصلاة والسلام فنزلت الاية تطمينا وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله اياته. فكأن في الاية تطمينا وتثبيتا وتسرية لفؤاده عليه الصلاة والسلام من جهة وفيها ايضا طمأنته ان وحي الله محفوظ وان دين الله باق وانه مهما حاولت الشياطين والابالسة في العبث والاظلال والاغواء لن يبلغوا تزييف الحقائق ولا ابطال الدين ولا اختلاطه بغير الوحي الذي انزل الله. في ذكر هذا في سبب نزول الاية هذه القصة في هذا الحديث لا يصح لها سند عند اهل العلم قصة باطلة السند باطلة الرواية لا تصح اطلاقا. ضعف الحفاظ سندها ومتنها قالوا لا تصح شرعا ولا بهذه الكيفية. قال ابن خزيمة انها من وضع الزنادقة. وقال ابن العربي انها باطلة لا اصل لها. وردها عياض كما سيأتي بعد قليل في الفصل التالي من هذا الكتاب في هذا الباب. وان الشيطان لا سبيل له ولا سلطان على عباد الله المخلصين على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. اما الحافظ ابن حجر فقد ذكر هذه الروايات واستطرد في بيانها الى ان قال رحمه الله بعد مبحث طويل فيه وما نقل فيه عن اهل العلم ان كثرة الطرق للرواية تدل على ان لها اصلا وقيل كان النبي صلى الله عليه وسلم يرتل القرآن يعني كيف ادخل الشيطان تلك الجملة؟ تلك الغرانيق العلا يعني الاصنام والاوثان وان شفاعتهن لترتجى قيل في بعض الروايات انه عليه الصلاة والسلام كان اذا قرأ القرآن رتله. واذا رتل كان يقف عند كل اية. ويقرأ بترسل وتؤدة وتمهل وطمأنينة. عليه الصلاة والسلام. فكان الشيطان يرصده في سكتة من السكتات بتلك الكلمات محاكيا قراءته عليه الصلاة والسلام. بحيث يظن من سمعه انها من قوله فاشاعها هذا احسن ما بين به بعض اهل العلم الجواب عن الرواية على فرض صحتها. وان ابن عباس رضي الله عنهما ذكر في تفسير ما تمنى اي تلى واستحسن بعض اهل العلم هذا المعنى ورجحه الطبري وما لا اليه. الحاصل في القصة انها ضعيفة السند والمصنف رحمه الله اشار اليها فقال فاعلم ان للناس في معنى هذه الاية اقاويل. منها السهل والوعث والسمين والغث. واولى ما يقال فيها ما عليه جمهور من المفسرين ان التمني ها هنا التلاوة ما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى يعني اذا تلا الوحي فيلقي الشيء ثم الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته. قال والقاء الشيطان فيها شغله بخواطر واذكار من امور الدنيا للتالي حتى يدخل عليه الوهم والنسيان فيما تلاه. او يدخل غير ذلك على افهام السامعين من التحريف وسوء التأويل ما يزيله الله. لان الله يقول فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله اياته. قال وان ويكشف نفسه ويحكم اياته. اختصر المصنف الجواب عن الاية. والكلام عنها. ليس ليس اعراضا عما فيها وهي جديرة بالبيان والشرح لكنه ارجأ الحديث عنها الى الفصل التالي واشبع فيها القول وبسط فيها الاجابة. ولهذا قال وسيأتي الكلام على هذه الاية بعد باشبع من هذا ان شاء الله تعالى نعم وسيأتي الكلام على هذه الاية بعده باشبع من هذا ان شاء الله تعالى. وقد حكى السمرقندي انكار قول من قال بتسلط الشيطان على ملك سليمان وغلبته عليه وان مثل هذا لا يصح وقد ذكرنا قصة سليمان مبينة بعد هذا. ومن قال ان الجسد هو الولد الذي ولد له. ايضا يرد وها هنا اشكال نحن نقول ان الانبياء معصومون ها من الشيطان وهو اشار الان الى اية وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان وفي امنيته. اجاب عنها بايجاز وسيأتي تفصيلها في الفصل التالي ان شاء الله ثم ها هنا في الطريق ايضا لتقرير هذا المعنى ما جاء في قصة سليمان عليه السلام ولقد فتنا سليمان والقينا على كرسيه جسدا ثم اناب قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي انك انت الوهاب ما الجسد الذي القي على كرسي سليمان؟ ها هنا ايضا للمفسرين روايات كثيرة مرجعها الى الروايات الاسرائيلية وخلاصتها ان شيطانا تسلط على ملك سليمان عليه السلام تسلط فتشبه به. وقضى في الحكم على هيئة سليمان يظنه الناس نبي الله ولا يعرفون انه شيطان. ذلك انه حاز الخاتم الذي كان سليمان عليه السلام قد اوتي به الملك. في قصة ذات تفاصيل طويلة وان الشيطان لما حاز الخاتم ولبسه ظن الناس انه نبي الله سليمان. ثم جلس على كرسي سليمان يأمر وينهى ثم يكون في ذلك حق وباطل. والخلق يعجبون. ما هذا بنبي الله سليمان؟ لكنهم لا يظنونه الا نبي الله هذه رواية اسرائيلية وعلى كل حال فلو صحت القصة فستكون اشكالا نحن نقول الانبياء معصومون من الشياطين فكيف يسلط شيطان على نبي كريم؟ ثم يتولى منصبه ويجلسه على كرسيه ثم يأمر وينهى فيكون في هذا ادخال لشيء من الباطل وما ليس من الوحي داخل الدين والشريعة على لسان من يظنه الناس نبي الله سليمان عليه السلام قال المصنف وقد حكى السمرقندي انكارا قول من قال بتسلط الشيطان على ملك سليمان وغلبته عليه يعني لما جلس على الكرسي وتبوأ الحكم وان مثل هذا لا يصح. ايضا ارجى المصنف الكلام عن قصة سليمان عليه السلام. وستأتي تفصيلا ان شاء الله في المجلس القابل قال وقد ذكرنا قصة سليمان عليه السلام مبينة بعد هذا. ومن قال ان الجسد هو الولد الذي ولد له فان في الحديث الصحيح ايضا ان سليمان عليه السلام قال لاطوفن الليل على مائة امرأة تلد كل امرأة منهن ولدا يجاهد في سبيل الله ولم يقل ان شاء الله قال فما حملت منهن امرأة الا واحدة حملت له نصف ولد. فلما انجبت كان ناقصا. فكان هذا من ابتلاء الله لسليمان عليه فعلى احدى الروايات ان معنى الاية ولقد فتنا سليمان والقينا على كرسيه جسدا هو الولد الذي ولد له وليس الشيطان الذي جلس على كرسي سليمان عليه السلام وتبوأ الحكم وسيأتي تفصيل ذلك لاحقا ان شاء الله تعالى وقال ابو محمد مكي في قصة ايوب وقوله اني مسني الشيطان بنصب وعذاب. هذا موقف لنبي ثالث ايوب عليه السلام واذكر عبدنا ايوب اذ نادى ربه ماذا؟ اني مسني الشيطان بماذا؟ بنصب وعذاب اما تقولون قبل قليل لا يتسلط الشيطان على الانبياء لا باذى في اجسادهم ولا بخطرات فاسدة ووساوس في قلوبهم. هذه اية صريحة والنبي يناجي ربه يا رب اني مسني الشيطان كيف تقولون هو معصوم من الشيطان؟ وهو يخبر بلسانه عليه السلام. ويدعو ربه اني مسني الشيطان بنصب وعذاب ماذا تقولون؟ ها هو الشيطان قد تسلط عليه فكيف تقولون انه عليه السلام معصوم؟ ما الجواب الجواب كما في اية اخرى في سورة الانبياء ماذا قال؟ اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين. ما الذي مس ايوب عليه السلام؟ الشيطان ام الضر ام كلاهما القرآن يفسر بعضه بعضا. هل الشيطان هو الذي يمرض او يصيب باذى؟ ابدا. الامر امر الله والشيطان قالوا لا يعدو ان يكون سببا فلما قال مسني الشيطان ليس المقصود ان الله سلط الشيطان على نبيه لان الله حفظ انبياؤه من تسلط نعم وسيجيب عن الاية انه لا يجوز لاحد ان يتأول ان الشيطان هو الذي امرضه والقى الضر في بدنه ولا يكون ذلك الا فعل الله وامره ليبتليهم ويثيبهم قال مكي وقد قيل ان الذي اصابه به الشيطان ما وسوس به الى اهله فان قلت فما معنى قوله تعالى عن يوشع؟ وما انسانيه الا الشيطان وقوله عن يوسف فانساه الشيطان ذكر ربه وقول نبينا عليه السلام هذه ايضا ايتان وما انسانيه الا الشيطان في قصة موسى عليه السلام مع فتاه يوشع لما اتيا الى البحر وكان موسى عليه السلام قد كتب الله له لقاء الخضر وكانت علامة ذلك اتيان البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا فلما جاوزه قال لفتاه اتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. قال ارأيت اذا اوينا الى فاني نسيت الحوت وما انسانيه الا الشيطان. من الذي يقول هذا موسى فتاه فتى موسى عليه السلام يوشع هل يوشع نبي بلى هو نبي ولهذا كانت الاية موضع اشكال يوشع نبي لكنه قيل انه لم يصبح نبيا الا بعد موسى عليه السلام. وهذا مخرج في الاية واحد الاجابات عن الاشكال ان يوشع لما قال ما قال لم يكن لم يكن حينها نبيا. واذا لم يكن نبيا فلا مانع شرعا من تسلط الشيطان عليه كسائر البشر لكن الاية باعتبار انه نبي. قال له ما انسانيه الا الشيطان. اذا يتسلط الشيطان على الانبياء. اورد الاية وسيجيب عنها تباعا قول يوسف عليه السلام وقال للذي ظن انه ناج منهما اذكرني عند ربك. لما دخل يوسف عليه السلام السجن وجاءه الصاحبان وقص عليه رؤى وافتاهما في رؤياهما قال للذي ظن انه ناج منهما صاحب الخمر ام صاحب الخبز صاحب الخمر قال للذي ظن انه ناج منهم اذكرني عند ربك فانساه الشيطان ذكر ربه الشيطان فانساه انسى من انسى يوسف عليه السلام انسى انسى الشيطان موسى عليه يوسف عليه السلام ذكر ربه يعني معنى الاية في ظاهرها انه ركن الى السبب وغفل عن التوكل اعتمد اذا خرجت من السجن واذكرني حتى يكون لي مخرج من السجن. لانه رمي في السجن وقد ينسى فانساه الشيطان ذكر ربه يعني ان يلجأ الى الله بدعاء وطلب الفرج. قال الله فلبث في السجن بضع سنين هذا معنى وفي الاية معنى اخر هو المتبادر ان الذي نسي هو الفتى صاحبه قال اذكرني عند ربك من ربه عزيز مصر فانساه الشيطان ذكر ربه لما خرج نسي شأن يوسف عليه السلام ولم يذكره حتى جاءت القصة برؤيا الملك فتذكر فانساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين. واراد المصنف ان الاية في احد معانيها محتملة ان الشيطان تسلط على يوسف عليه السلام فاورد قصة الشيطان مع يوسف وقصة الشيطان مع يوشع وقصة الشيطان مع ايوب عليهم جميعا صلاة الله وسلامه فقط ليزيل عنك اشكالا. ولا تظنن ان لا في هذه الاية ولا تلك ولا الثالثة ولا الرابعة. ليس فيها شيء يخرب قاعدة اي قاعدة ان الشياطين لا تتسلط على الانبياء عليهم السلام. نعم فاعلم ان هذا الكلام قد يرد في جميع وقول نبينا صلى الله عليه وسلم وقول نبينا عليه الصلاة والسلام حين نام عن الصلاة يوم الوادي ان هذا واد به شيطان وقول موسى عليه السلام في وكزته هذا من عمل الشيطان. فاعلم ان هذا الكلام قد يرد في جميع هذا ان هذا واد به شيطان هي جملة في حديث اخرجها الامام مالك في الموطأ مرسلا عن زيد ابن اسلم رحمه الله قال عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة ومعنى عرس اي ارتاح في طريقه في سفره متنحيا ليستريح من عناء السفر وتعبه. قال عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة ووكل بلالا ان يوقظهم للصلاة. فرقد بلال ورقدوا حتى استيقظوا وقد طلعت عليهم الشمس فاستيقظ القوم وقد فزعوا فامرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يركبوا. يركبوا ماذا ظهوره دوابهم فامرهم ان يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي. وقال ان هذا واد به شيطان. فركبوا حتى خرجوا من ذلك كالوادي ثم امرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ينزلوا وان يتوضأوا وامر بلالا ان ينادي بالصلاة او يقيم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس ثم انصرف اليهم وقد رأى من فزعهم فقال يا ايها الناس ان الله قبض ارواح انا ولو شاء لردها الينا في حين غير هذا. فاذا رقد احدكم عن الصلاة او نسيها ثم فزع اليها فليصلها كما كان يصليها في وقتها وفي الحديث تتمة. هذا الحديث بعضه واصله مخرج في الصحيحين وغيرهما من دواوين السنة الا ان رواية مالك في الموطأ وهي مرسلة فيها اللفظ هذا قال ان هذا الوادي او ان هذا واد به شيطان يعني فكيف يكون قد بات عليه الصلاة والسلام في ذلك الوادي وبه شيطان؟ ثم كان من الشيطان ما جعلهم يغفلون عن الصلاة فناموا ونام الحارس بلال رضي الله عنه اذا تسلط الشيطان وانساهم الصلاة حتى خرج وقتها ولم يوقظهم الا حر الشمس سرد المصنف هذه المواقف فان قلت ما معنى قوله تعالى عن يوشع وما انسانيه الا الشيطان؟ وقوله عن يوسف فانساه الشيطان ذكر ربه. وقول نبينا عليه الصلاة والسلام حين نام عن الصلاة يوم الوادي ان هذا واد به شيطان. وقول موسى ها وقولي وقولي موسى عليه السلام في وكزته هذا من عمل الشيطان يعني لما كان موسى عليه السلام مع القبطي في داعه مع المصري قال فوكسه موسى فقضى عليه لما قتله قال موسى عليه السلام هذا من عمل الشيطان. ها يعني الشيطان تسلط عليه ووسوس له واغواه حتى قتله باعترافه قال هذا من عمل الشيطان. اورد تلك النصوص الاربعة وما انسانيه الا الشيطان. فانساه الشيطان ذكر ربه. ان هذا واد به شيطان قال هذا من عمل الشيطان. واحدة مع يوشع والثانية مع يوسف والثالثة مع النبي عليه الصلاة والسلام. والرابعة مع موسى عليه السلام هذه كلها نصوص ثلاثة منها ايات لا اشكال في صحتها وفيها ان الشياطين كانت مع الانبياء تتسلط عليهم او تغويهم او تزين هذا في صيغة سؤال يقول القاضي رحمه الله فان قلت فما معنى قوله كذا وقوله كذا وقوله كذا؟ ويأتيك الجواب مالا عن الايات او النصوص الاربعة وتفصيلا عن كل واحد منها. نعم. فاعلم فاعلم ان هذا الكلام قد يرد في جميع قد يرد في جميع هذا فاعلم ان هذا الكلام قد يرد في جميع هذا على مورد مستمر كلامه على مورد مستمر على مورد مستمر كلام العرب او من كلام العرب. نعم. من كلام العرب في وصفهم كل قبيح من شخص او فعل بالشيطان او فعله. كما قال تعالى طلعها كانه رؤوس كانه رؤوس الشياطين وقال عليه السلام فليقاتله فانما هو شيطان. هذا جواب اجمالا. يصلح لكل تلك المواضع قصة يوشع قصة يوسف قصة موسى وحديث ان هذا واد به شيطان. جواب اجمالي يصلح للجميع ما هو؟ هو ان العرب احيانا تقول في كلامها شيطان ولا تقصد ولا تقصد افراد الجن لا تقصد شياطينا انما تقصد الذم ووصف الشيء بانه قبيح ووصف الشيء بانه بشع محاولة تشويه القول او الفعل او الفاعل يقولون هذا شيطان هذا من الشيطان. قال والدليل ان الله عز وجل لما شبه زرع جهنم قال طلعها كانه رؤوس الشياطين يعني فعلا هي شكل رأس شيطان ام هو تنفير وتقبيح الاية يخاطب بها الانس طلعها كانه رؤوس الشياطين. طب الناس ما رأت الشياطين حتى تتخيل صورة طلع رؤوس الزرع في جهنم والعياذ بالله لكن اصبحت العرب اذا ارادت تقبيح الشيء وتبشيعه قالت كانه شيطان فجاءت الاية اذا هذا استعمال في سياق كلام العرب لما يقول موسى عليه السلام هذا من عمل الشيطان يعني شيء مستقبح وايضا لما تقول وما انسانيه الا الشيطان كل ذلك يرد كما قال المصنف موردا مستمرا من كلام العرب في وصف كل قبيح من شخص او فعل اما ان يوصف بالشيطان او بفعل الشيطان. يقول انسانيه الشيطان او يقول هذا من عمل الشيطان. كما قال تعالى طلعها كان رؤوس الشياطين وايضا في الحديث الصحيح عند البخاري ومسلم ان النبي عليه الصلاة والسلام يقول اذا صلى احدكم الى شيء يستره عن الناس فاراد احد ان يمر بين يديه فليدفعه. اذا صلى احدكم الى شيء يستره عن الناس يعني اتخذ سترة قال اذا صلى احدكم الى شيء يستره عن الناس فاراد احد ان يمر بين يديه فليدفعه. فان ابى فليقاتله فانما هو هذا الادمي الذي يمر امامك شيطان حقيقي ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام فانما هو شيطان هي على نفس الطريقة انه تبشيع للفعل وتقبيح ان اي فعل قبيح يصدر من الشخص او قول او حركة يوصف بانه شيطان او من فعل الشيطان. طيب اذا كان هذا واردا في بعض النصوص وفهمناها على التقبيح. وعلى الذم فانك تجد مخرجا لكل الايات التي فيها حكايات عن الانبياء عليهم السلام. وفيها ذكر الشيطان في اخبارهم على هذا المورد من التقبيح والتبشيع وليس على تسلط الشيطان حقيقة. نعم وايضا فان قول يوشع لا يلزمنا الجواب عنه. اذ لم يثبت له في ذلك الوقت نبوة مع موسى. كما حكى الله تعالى في قوله واذ قال موسى لفتاه الاية والمروي انه انما نبأ بعد موت موسى. وقيل قبيل موته. وقول موسى كان قبل نبوته بدليل القرآن بعد ما انتهى من الجواب اجمالا جاء الى الجواب التفصيلي عن كل واحدة. اما قول يوشع وما انسانيه الا الشيطان. نعم شيطان تسلط عليه فانساه ولا اشكال. كيف لا اشكال كيف لا اشكال لا تقل لان يوشع ليس نبيا بل هو نبي نعم تقول هو وقتها لم يكن نبيا. كما قال المصنف انه لا يلزمنا الجواب عنه اذ لم يثبت له في ذلك الوقت نبوة مع موسى والدليل واذ قال موسى لفتاة يعني لغلامه وخادمه وكان اذ ذاك غلاما خادما لا غير قال والمروي انه انما نبئ بعد موت موسى وقيل قبيل موته وقول موسى في الاية كان قبل نبوته بدليل القرآن. نعم وقصة يوسف ايضا قد ذكر انها كانت قبل نبوته. هذا جواب عن قصة يوسف عليه السلام. لما قال فانساه الشيطان ذكر ربه قلنا الاية تحتمل شيئين انساه انسى من اما ان تقول انسى يوسف عليه السلام او انسى صاحبه الذي خرج من السجن فان قلت انسى صاحبه الذي خرج من السجن فلا اشكى لانه ليس نبيا. وان قلت انسى يوسف عليه السلام. فايضا لا اشكال لان يوسف عليه السلام في ذاك الوقت وهو في السجن لم يكن نبيا يقول وقصة يوسف ايضا قد ذكر انها كانت قبل نبوته. نعم وقد قال المفسرون في قوله تعالى فانساه الشيطان قولين احدهما ان الذي انساه الشيطان ربه احد صاحبي السجن. وربه الملك اي انساه ان يذكر للملك شأن يوسف عليه السلام. نعم وايضا فان مثل هذا من فعل الشيطان ليس فيه تسليط على يوسف عليه السلام ويوشع بوساوس ونزغ وانما هو بشغلي بشغل خواطرهما بامور اخر وتذكيرهما من امورهما ما ينسيهم ما ما نسياه. نعم. يعني ولو افترضنا انه تسلط من الشيطان على يوسف عليه السلام قال فانساه الشيطان ذكر ربه او تسلط على يوشع ولو قلنا انه كان نبيا قال فانسانيه قال وما انسانيه الا الشيطان في قصة يوسف وفي قصة يوشع تسلط الشيطان ما الذي حصل فيه النسيان فيقول هذا ايضا ليس مما نحن نتكلم عنه. يعني مجرد النسيان لا يعصم منه الانبياء ولا يقول احد بهذا ونبينا عليه الصلاة والسلام سهى في صلاته فسجد وينسى احيانا بشر ليسوا معصومين من النسيان في الامور العامة فيقول ايضا هذا لن يكون اشكالا. يقول فايضا من فعل الشيطان ليس فيه تسلط على يوسف عليه السلام ولا على يوشع بالوساوس والنزغ وان ما هو بشغل خواطرهما بامور اخر. وتذكيرهما بامورهما ما ينسيهما ما نسيا. نعم واما قوله صلى الله عليه وسلم ان هذا واد به شيطان فليس فيه ذكر تسلطه عليه ولا وسوسة قيل له وهذا واضح غاية ما في الامر قال لهم ان هذا الوادي به شيطان فامرهم ان يرتحلوا وحتى لما استيقظوا ما اراد عليه الصلاة والسلام ان يقضوا الصلاة في نفس المكان وامرهم ان يغيروا المكان فارتحلوا عن الوادي وصلوا بعدما خرجوا منه. نعم بل ان كان بمقتضى ظاهره فقد بين امر ذلك الشيطان بقوله ان الشيطان اتى بلالا فلم يزل يهدئه كما يهدأ الصبي حتى نام. في تمام الرواية التي اخرجها الامام ما لك في الموطأ. وسمعت صدر الرواية حتى قال عليه الصلاة والسلام فاذا رقد احدكم عن الصلاة او نسيها ثم فزع اليها فليصلها كما كان يصليها في وقتها. ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ابي بكر فقال ان الشيطان اتى بلالا وهو قائم يصلي فاضجعه فلم يزل يهدئه كما يهدأ الصبي حتى نام يقول هذا الذي جعل بلالا يفوت عنه تعهده بالحراسة تلك الليلة. لما قال عليه الصلاة والسلام من يحرسنا تلك الليلة؟ قال قال بلال انا يا رسول الله وما فرط فلما استيقظوا متأخرين ناداه قال ما هذا يا بلال؟ قال اخذ بعيني الذي اخذ باعينكم يعني قل شيء خرج عن يدي فانما هو غلبة للنوم عليه. في رواية الامام ما لك في موطئه وهي مرسلة كما سمعت. قال عليه الصلاة والسلام لابي بكر يشرح له حقيقة ما حدث. قال ان الشيطان اتى بلالا وهو قائم يصلي فاضجعه. فلم يزل يهدئه كما هدؤوا الصبي اترون كيف نفعل بالصبيان حتى يناموا؟ فانك تهدئهم وترتب عليهم حتى يركنوا الى الراحة والخمول والسكون فينام؟ قال كما يهدأ الصبي حتى نام ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا ناداه فاخبر بلال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابا بكر فقال ابو بكر اشهد انك رسول الله صلى الله عليه وسلم. نعم فاعلم ان تسلط الشيطان في ذلك الوادي الذي عرس به انما كان على بلال الموكل بكلاءة الفجر كلاءة الفجر يعني كان تعهد بان يحفظ الوقت عليهم ليوقظهم لصلاة الفجر. نعم هذا ان جعلنا قوله ان هذا واد به شيطان. تنبيها على سبب النوم عن الصلاة. واما ان جعلناه تنبيها على سبب الرحيل عن الوادي وعلة لترك الصلاة به. وهو دليل وهو دليل دليل مساق حديث زيد ابن اسلمة فلا اعتراظ به في هذا الباب لبيانه وارتفاع اشكاله. يقول هذا ان جعلنا قوله عليه الصلاة والسلام ان هذا واد به شيطان تنبيها على سبب النوم عن الصلاة الان في سياق الحديث عند مالك في الموطأ وعند غيره ممن اخرج الحديث. قال عليه الصلاة والسلام لاصحابه ان هذا واد به شيطان تقاله لما استيقظوا او لما امرهم ان يرتحلوا من المكان بقضاء الصلاة في مكان غيره الرواية تحتمل هذا وذاك اما رواية زيد ابن اسلم المرسلة التي اخرجها الامام ما لك رحمه الله في الموطأ فانها تشير الى المعنى الاول ان قوله ان هذا واد به شيطان لما خرجوا من الوادي واراد بهم الصلاة في مكان اخر. ولذلك جاء في الرواية فامرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يركبوا. حتى يخرجوا من الوادي وقال ان هذا واد به شيطان. فكانت هذه الجملة تعليل للسبب الذي جعلهم يناموا ام السبب الذي اراد به ان يرحلوا من الوادي السياق حديث زيد ابن اسلم للسبب الذي اراد به الارتحال من الوادي. اذا فلا علاقة بنومهم ووجود الشيطان في ذلك الوادي ما كان مؤثرا في سبب النوم لان الجملة جاءت في التعليل للارتحال من المكان. ما احب عليه الصلاة والسلام ان يصلي بمكان تحضر فيه الشياطين فاراد مغادرة المكان. اذا فعلى هذا المعنى في رواية زيد ابن اسلم لا اشكال لان الشيطان ما تسلط تقول لكنهم ناموا نعم ناموا لكنه ليس من فعل الشيطان. لان قوله ان هذا واد به شيطان جاء تعليلا لسبب الارتحال وليس تعليلا لسبب النوم الذي من اجله حصل ما حصل حتى فاتتهم صلاة الفجر. قال المصنف وهو دليل وعلة في الصلاة وهو دليل مساق حديث زيد ابن اسلم فلا اعتراض به في هذا الباب. لبيانه وارتفاع اشكاله لانه ما ورد على انه كان سببا في تركهم للصلاة او اذا اتيت الى العلة الاخرى قوله ان هذا واد به شيطان ان يكون المراد به ان الشيطان تسلط عليهم حتى فاتتهم الصلاة وانه فعلا وبينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فتسلط على اهل الوادي بما فيهم نبينا عليه الصلاة والسلام. فاذا قلت ذلك اثبت خلاف القاعدة وهو ان الشيطان قد وصل بتسلطه على النبي عليه الصلاة والسلام حتى فاتته الصلاة. يقول يصنف رحمه الله هذا ان جعلنا قوله ان هذا واد به شيطان تنبيها على سبب النوم عن الصلاة. فان قلت سنقول لك نعم لكن الشيطان ما تسلط في هذا السبب على رسول الله عليه الصلاة والسلام. بل على الصحابي لهم في الصلاة الذي تعهد بايقاظهم للفجر وهو بلال رضي الله عنه فاعلم ان تسلط الشيطان في ذلك الوادي الذي عرس به انما كان على بلال الموكل بكلاءة الفجر يعني بحفظ الوقت لصلاة الفجر ايقاظهم هذا ان جعلنا قوله ان هذا واد به شيطان تعليلا او تنبيها على سبب الذي حصل به النوم عن الصلاة وان رأيت الجملة تحتمل المعنى الاخر وهو ان قوله ان هذا واد به شيطان تعليل على السبب الذي من اجله امرهم بمغادرة المكان واداء الصلاة في موضع اخر فلا اشكال فان الشيطان لا تسلط له ولو كان حاضرا في ذلك المكان بل لما ثبت انه صلى الله عليه وسلم لا يختار الا الطيب من الاماكن والاقوال والافعال والطعام والكلام وسائر شأنه المبارك عليه الصلاة والسلام تم للمصنف رحمه الله الكلام في هذا الباب. وقد اورد فيه ما سمعتم رعاكم الله من ابتداء القضية اصيل القضية وهو عصمة الانبياء عليهم السلام من تسلط الشياطين. وارادها اجمالا في حق الانبياء وخاصة في حق صلى الله عليه وسلم وان هذا من تمام عصمة الله لانبيائه وحفظه سبحانه وتعالى لهم وان هذا فغاية ما قرره المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل هو تقرير تمام عصمة الانبياء عليهم السلام. وانها هذا من الله عز وجل سبحانه وتعالى لانبيائه الكرام عليهم السلام من تمام حفظه سبحانه لدينه. ولوحيه ولشريعته التي بعث بها الانبياء وارسلهم بها الى البشرية. فانه لولا ذلك لتسلطت الشياطين ولافسدت في الوحي ولجعلت الباطل ممتزجا بالحق وذلك امر تكفل الله تعالى لدينه ولوحيه بحفظه ونقائه وصفاءه وجملة القول ايها الكرام ولا يزال في الباب بقية ولا يزال في الفصل التالي ان شاء الله بيان لمزيد من هذا المعنى الذي لينجلي به الاشكال ويتحقق به دفع الاشكالات الواردة في مسار تثار فيه الشبهات في بعض النصوص كما في قصة الغرانقة ونحوها وسيأتي مزيد لبسطها في تفنيدها وازالة اشكالها. وهذا الفصل وما قبل وما بعد اكيد لمعنى عظيم جعل الله فيه مقام الانبياء الكرام في علو وجعلهم في اصطفاء واختيار من اجل اداء امانة عظيمة حملوها وكلفوا بها وسيأتي تمام الحديث عنها في المجالس المقبلة ان شاء الله تعالى. يبقى التنبيه ايها الكرام الى تأجيل درس الاسبوع المقبل ان شاء الله تعالى الى الاسبوع الذي يليه لطارئ فيرجأ مجلس ليلة الجمعة في الاسبوع المقبل ان شاء الله تعالى وتبقى ليلة الجمعة ليلة مباركة. ويبقى يوم الجمعة عند الله يوما عظيما. وعندنا معشر المسلمين يوما كريما. فيه نقترب ومن ربنا اكثر فاكثر فيه نصلي على نبينا صلى الله عليه وسلم اكثر فاكثر. استكثروا من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم واغتنموا واربحوا واستزيدوا فلكم بكل صلاة عشر صلوات من ربكم اغراء وحفزا وتقريبا للقلوب ونهوضا بالهمم الى ان نكون امة تحب نبيها عليه الصلاة والسلام. فتغترف من الصلاة عليه من غير ان تشبع ولا ترتوي الا بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم حتى ترتوي يوم ان ترد عليه الحوض عليه الصلاة والسلام كل الحياة تبسمت لحديثه وبهديه غيث السماحة امطرا صلى عليك الله يا من ذكره عطر تضوع نسيمي اذا سرى صلوا وسلموا عليه صلاة من احبه وتعلق قلبه بسيرته العطرة عليه الصلاة والسلام وسلموا صلاة محب مشتاق لنبيه. متمسك بسنته. باحث عن هداه. رافع لرايته. صلوا وسلموا وصلاة عبد ينتظر شفاعة نبيه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. ويرجو صحبته ويشرف بالقرب منه فان مولانا به عليه الصلاة والسلام يوم القيامة اكثرنا صلاة عليه صلى الله عليه واله وسلم. فيا رب صل وسلم وبارك على عبد وحبيبك رسولنا ونبينا محمد اتم صلاة واكملها واوفى سلام وازكاه يا اكرم الاكرمين وارزقنا اللهم الصلاة والسلام عليه الدرجات العلى والمراتب الرفيعة والعلم النافع والعمل الصالح يا رب العالمين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا من كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم احفظنا والمسلمين بحفظك من شر الاشرار. وكيد ومن شر طوارق الليل والنهار انت خير حافظا وانت ارحم الراحمين. الهنا وخالقنا وسيدنا ومولانا من ارادنا والاسلام والمسلمين بسوء فاشغله يا ربي بنفسه. واجعل كيده في نحره واجعل تدميره في تدبيره واجعل دائرة فالسوء تدور عليه يا اكرم الاكرمين. اللهم انصر دينك وعبادك وكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم. اللهم احينا مسلمين وتوفنا مسلمين والحقنا اللهم بالصالحين. اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا واهدي ضالنا. وتقبل منا ربنا اغفر لنا ولوالدينا وارحمهم كما ربونا صغارا. ارفع يا رب في الجنات درجاتهم. وكفر سيئاتهم. وارزقنا برهم في الحياة وبعد الممات واجمعنا بهم وازواجنا وذرياتنا في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا وحبيبنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين