بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى ال وصحابته وسلم تسليما كثيرا. اما بعد ايها الاخوة الكرام فما يزال مجلسنا المبارك هذا في اقتحام بيت الله الحرام ينعقد على التوالي في مدارسة كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم للامام القاضي عياض ابن موسى الاحسوبي رحمة الله عليه. وهذه الليلة الكريمة ليلة الجمعة. ونحن نثني فيه الركن طب في بيت الله الحرام نتبرك مغتنمين شرف هذه الليلة بكثرة الصلاة والسلام على رسول الهدى ونبي الرحمة سيدنا ونبينا وقدوتنا وشفيعنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم نصب اعيننا قوله الكريم عليه الصلاة والسلام اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. تشدو بذكر نبينا الخفقات. وبه يطيب الذكر والصلوات صلى عليك الله يا غيما هما فوق القلوب فحلت الرحمات. فيا رب صلي وسلم وبارك عليه ما تحب ان يصلى ويسلم عليه. واجعلوا مجلسكم هذا ايها الكرام عامرا بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم فالمجلس منعقد في ذكر حقوقه العظيمة عليه الصلاة والسلام. ومقامه الكريم صلى الله عليه وسلم. وقدره العظيم صلوات الله وسلامه عليه. فاجعلوا لكم نصيبا وافرا في مجلسكم هذا في ليلتكم هذه. وانتم جوار بيت الله الحرام كعبته المعظمة اجعلوا لكم اوفر النصيب من كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. ولا يزال وحديثنا متصلا في القسم الثالث في الباب الاول من الكتاب. والقسم الثالث حديث المصنف رحمه الله تعالى عن عصمة الانبياء عليهم السلام ومضى في الباب الاول وهو المتعلق بالعصمة في الامور الدينية مضت فيه فصول عدة وقد وقف بنا حديث في مجلس سابق عن ذكر ما يتعلق بدفع الاشكالات الواردة في بعض الايات. كيف انه ربما كان ظاهرها يشعر بشيء من تسلط الشيطان بالاذى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسرد تلك المواضع من النصوص اجاب عنها رحمة الله عليه. وقد تقدم ايضا ان جزءا من هذه الاشكالات الواردة في اية سورة الحج في قوله سبحانه وتعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته. فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله اياته والله عليم حكيم. ومضت الاشارة الى ذلك ايجازا. لان المصنف رحم الله سيفرد له القول في فصل متسع اشبع فيه الكلام عن هذه الاية وما يتعلق بها وموقف اهل للعلم منها شروعنا الليلة في هذا الفصل وقبله فصل ممهد له في تقرير اصل عظيم وهو صدق اقواله عليه الصلاة والسلام وان من معاني العصمة ان الله حفظ اقواله التي ينطق بها صلى الله عليه وسلم ان يكون فيها خلل او خطأ او شيء من غير الوحي الذي يوحى به اليه. فما كان يقول الا حقا ولا ينطق الا صدقا ولا يلفظ الا وحيا. صلوات الله الله وسلامه عليه. هذا الفصل اذا تم وانعقد يشرع فيه المصنف بعده لبيان الاشكالات الواردة حول قصة التي مضت الاشارة اليها ايجازا. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء وسيد المرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المصنف رحمه الله تعالى في القسم الثالث في الباب الاول فصل في صدق اقواله صلى الله عليه وسلم في جميع احوالي واما اقواله عليه السلام فقامت الدلائل الواضحة بصحة المعجزة على صدقه. واجمعت الامة فيما كان طريقه البلاغة انه معصوم فيه من الاخبار عن شيء منها بخلاف ما هو به. لا قصدا وعمدا ولا سهوا او غلطا. يقول رحمه الله واما اقواله صلى الله عليه وسلم. فقامت الدلائل الواضحة بصحة المعجزة على صدقه. واجمعت الامة فيما كان طريقه البلاغ. بهذا القيد اراد رحمه الله ان الكلام الذي يتكلم به صلى الله عليه وسلم فيما كان طريقه البلاغ يعني تبليغ الوحي الذي ينزل اليه من ربه قال انه معصوم فيه من الاخبار عن شيء منها بخلاف ما هو به. يعني لا يمكن ان يخبر بخلاف ما اوحى الله به اليه ولا ان ينطق بشيء سوى ما اوحي به اليه في دين الله عز وجل. وكلكم يقرأ قول الله ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين. تأكيدا على تمام ما عصمه الله تعالى به في تبليغ وحي ربه جل جلاله فلا يبلغ الا الوحي الذي اتاه الله عز وجل به. قال لا قصدا ولا سهوا او غلطا. اما القصد والعمد فذاك منزه عنه صلى الله عليه وسلم. واما السهو والغضب فهو المعصوم منه الله عليه وسلم وذلك لانه بالبديهة يقال او يمكن ان يفهم انه لو افترضنا ان كان السهو والغلط في الوحي فكيف نضمن او تضمن الامة وتعلم ان الذي يأتيها بها النبي صلى الله عليه وسلم هو وحي الله اليه ان جوزنا عليه الغلط. ان جوزنا عليه السهو في تبليغ الوحي. لربما قال قائل واعترض معترض وارتاب مرتاب بانه ما يدريكم ان هذه الاية التي اقرأكم اياها وذلك العلم الذي اخبركم به ربما كان سهوا منه وليس من الوحي الذي بعثه الله اليه. فاذا فتح هذا الباب لم يبق للشريعة عصمة. ولم يبق لدين الله لكن المتقرر انه لا يبلغ الا ما اوحي به اليه عليه الصلاة والسلام. وانه امين. في الرسالة التي بعث بها او لم يستشهد الامة كلها عام حجة الوداع. الا هل بلغت؟ والامة تجيب من حولك نعم وهو يقول صلى الله عليه وسلم اللهم فاشهد يرفع اصبعه الى السماء ثم ينكثها اليهم تأكيد اذا على انه بلغ الرسالة وادى الامانة عليه الصلاة والسلام. نعم. اما تعمد الخلف في ذلك فمنتف بدليل المعجزة القائمة مقام قول الله صدق فيما قال اتفاقا وباطباق اهل الملة اجماعا. يقول نحن نقول انه لا يمكن ان يقع منه غلط صلى الله عليه وسلم في تبليغ الوحي لا عمدا ولا سهوا اما العمد يقول فمنتف بدليل المعجزة القائمة مقام قول الله صدق فيما قال كم معجزة كانت لرسول الله عليه الصلاة والسلام؟ ليست واحدة ولا ثنتين ولا ثلاث ولا اربع ولا عشر ولا عشرين ولا ثلاثين مجموع المعجزات مجموع المعجزات يقول انه صادق فيما يبلغ به عن الله. لان الذي ايده بالمعجزات هو الله وكأن المعجزة تقول صدقوه فانه صادق فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالمعجزات قائمة مقام قول الله صدق فيما قال. لان المعجزة ما اتت الا تصديقا له والا نصرة له على امته التي كذبته انذاك. فالمعجزات اذا هي في مقام التصديق لما يأتي به عن ربه سبحانه ولهذا قال بدليل المعجزة القائمة مقام قول الله صدق فيما قال. اتفاقا وباطباق لاهل الملة اجماعا فهذا دليل معجزة وهذا اجماع الامة على عدم تعمده صلى الله عليه وسلم الغلط او الخلف او الخطأ في تبليغ الوحي الذي يأتي به عن الله سبحانه وتعالى. واما وقوعه على جهة في ذلك فبهذه السبيل فبهذه السبيل عند فبهذه السبيل عند الاستاذ ابي اسحاق الاسفرايني ومن قال بقوله ومن جهة الاجماع فقط وورود الشرع بانتفاء ذلك وعصمة النبي صلى الله عليه وسلم لا من مقتضى المعجزة نفسها عند القاضي ابي بكر الباقلاني ومن وافقه لاختلاف بينهم في مقتضى الدليل اعني دليل معجزة لا نطول بذكره فنخرج عن عن غرظ الكتاب. بل نعتمد على ما وقع عليه اجماع المسلمين انه لا يجوز عليه خلف في القول في ابلاغ الشريعة. والاعلام بما اخبر به عن ربه وما اوحاه اليه من وحيه لا على وجه العمد على غير عمد ولا في حالتي الرضا والسخط والصحة والمرض. نعم. اجاب اولا عن انه لا يمكن ان يقع منه صلى الله عليه وسلم خطأ في الوحي عمدا واما وقوع الخطأ منه في الوحي غلطا وسهوا عن غير قصد قال فهو ايضا منتف. لا يجوز اثباته ودليل ذلك له طريقتان عند اهل العلم. احدى الطريقتين تقوم باثبات الدليل الذي استعملناه في عدم وقوع الخطأ منه عمدا. الذي هو دليل المعجزة واجماع الامة. فيقول كما قلنا في انه لا يمكن ان بلغ الوحي خطأ بالعمد فكذلك لا يبلغ الوحي خطأ سهوا منه عليه الصلاة والسلام. بالدليل نفسه يعني معجزة القائمة مقام قول الله صدق فيما قال وباجماع الامة على ان ذلك لا يقع منه بحال. وهذه طريقة الاستاذة ابي اسحاق الاسفرايين وبعض من اهل العلم والطريقة الثانية ان يكون الدليل الاجماع فقط وليس المعجزة التي تدل على ذلك لان وقوع السهو والغلط وارد عنه صلى الله عليه وسلم في الجملة فان كان هذا يمكن ان يكون واردا في الوحي فلا يبقى دليل يصح لدفع ذلك الا اجماع الامة على انه لا يقع منه صلى الله عليه وسلم خطأ. ولم يستفصل المصنف رحمه الله ولم يستطعم في بيان تقرير هذا الوجه العلمي الدقيق في التفريق بين دليل هذه الطريقة وتلك الطريقة. واكتفى بقوله رحمه الله الله تعالى اما وقوعه على جهة الغلط يعني اخباره بالخلف فيما اوحي به اليه. فبهذه السبيل عند الاستاذ باسحاق الاصفرايني ومن قال بقوله يعني بنفس الدليل السابق بالمعدليل المعجزة وباطباق اهل الملة. قال ومن جهة اجماعي فقط وورود الشرع بانتفاء ذلك وعصمة النبي صلى الله عليه وسلم لا من مقتضى المعجزة نفسها عند القاضي ابي بكر الباقلاني ومن وافقه لاختلاف بينهم في مقتضى الدليل اعني دليل المعجزة لا نطول بذكره فنخرج عن غرض الكتاب ثم قال بل نعتمد على ما وقع عليه اجماع المسلمين. ما هو؟ انه لا يجوز عليه خلف في القول في ابلاغ الشريعة والاعلام بما اخبر به عن ربه وما اوحاه اليه من وحيه لا على وجه العمد ولا على غير عمد ولا في حالتي الرضا والسخط والصحة والمرض. يعني حتى لو كان عليه الصلاة والسلام صحيحا او مريضا. ولو كان في حالة رضا او غضب لان بعض البشر اذا غضب خرج عن طوره فقال ما لا يعي وتلفظ بما لا يقصد قوله فربما او شتم ثم جاء معتذرا ما كنت اقصد. بل ربما طلق زوجته ثم قال خرج بي الغضب. اذا كان بعض البشر ربما اعتراه في حال الغضب ما يخرج به عن طوره فينطق بما لا يريد فان نبينا عليه الصلاة والسلام في تبليغ شريعته الله وان كان بشرا يغضب ويرضى ويضحك ويبكي ويحزن ويفرح لكن العصمة اقتضت انه لا ينطق الا حقا في رضا كان او في غضب عليه الصلاة والسلام ودليل ذلك الحديث الذي ساقه المصنف الان من رواية عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما نعم. وفي حديث عبدالله بن عمرو قلت يا رسول الله اكتب كل ما اسمع منك؟ قال نعم. قلت قلت في الرضا والغضب؟ قال نعم فاني لا اقول في ذلك كله الا حقا. حديث عبدالله بن عمرو هذا رضي الله عنهما لما كان يكتب عن رسول الله عليه الصلاة والسلام كل شيء يسمعه. فعاتبته قريش وقالوا تكتب عنه كل ما يقول وهو يغضب ويغضى يعني ربما قال شيئا ليس هو على وجه الصواب بالتمام. فجاء يستفسر بالرسول الله عليه الصلاة والسلام. وقال يا رسول الله لا اكتب عنك كل شيء اراد ان يصوبه ان كان ذلك صوابا او يصحح له ان كان خطأ فاسمع ماذا قال عليه الصلاة والسلام قال اكتب منك كل ما اسمع؟ قال نعم فاني لا اقول في ذلك كله الا حقا وبالتالي فلم يكن يتكلم عليه الصلاة والسلام في الغضب والرضا الا بالحق الذي اوحي به اليه عليه الصلاة والسلام. نعم هو بشر ويغضب في بعض المواقف لكنه ليس الغضب الذي يخرج به عن حد اعتداله وطور اتزانه عليه الصلاة والسلام ويبقى محي الله عز وجل الذي ينطق به صلى الله عليه وسلم محفوظا. وهذا معنى العصمة ان الله يحفظه الا يقول الا حقا والا يبلغ عن دين الله الا الصواب الذي اوحى الله تعالى به اليه. لا تحفظ الامة حديثا صحيحا ولا ضعيفا بلى ولا موظوعا كذبا انه جاء فقال لاصحابه يوما اخطأت فيما بلغتكم به بكذا يوم كذا او كنت في ساعة كذا في حالة غضب فاتركوا الذي كلمتكم به. ابدا ما حفظ هذا عنه صلى الله عليه وسلم. لا في رواية صحيحة تلو ولا ضعيفة ولا باطلة اطلاقا. فدل على ان ان الثلاث وعشرين سنة التي قظاها صلى الله عليه وسلم يبلغ دعوة الله ويعلم الامة الحلال والحرام ويقرؤها ويعلمها الفرائض والشرائع والاحكام انه ما تلفظ فيها بكلمة خطأ ولا نطق فيها شيئا بالغلط. عصمة من الله عز وجل لنبيه. وحفظا لشريعته سبحانه وتعالى. نعم ولنزد الى ما ولنزد ما اشرنا اليه من دليل المعجزة عليه بيانا فنقول اذا قامت الحجة اذا قامت المعجزة على صدقه وانه لا يقول الا حقا. ولا يبلغ عن الله الا صدقا. وان المعجزة قائمة مقاما قول الله تعلن له صدقت فيما تذكره عني وهو يقول اني رسول الله اليكم لابلغكم ما ارسلت به اليكم وابين لكم ما نزل اليكم وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. وقد جاءكم الرسول بالحق من ربكم بكم وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. فلا يصح ان يوجد منه في هذا الباب خبر بخلاف مخ مخبره على اي وجه كان. نعم هذا معنى دليل المعجزة. ان المعجزات التي اتته تأييدا من الله هي تصديق له فيما يقول عليه الصلاة والسلام وكأن المعجزة لو تكلمت يعني القمر لما انشق والحجر لما سلم عليه والشجر لما اقبل عليه. والماء لما نبع من بين يديه صلى الله عليه وسلم وسائر المعجزات كأن المعجزة لو تكلمت تدري ماذا تقول؟ تقول للامة انسا وجنا صدقوه فانه رسول الله. صلى الله عليه وسلم امنوا به فانه لا يقول الا حقا هذا معنى المعجزة هي تأييد لصدق نبوته عليه الصلاة والسلام. واقامة الحجة على امته. فيزداد المؤمن ايمانا وتقوم الحجة على الكافر والمنافق والمعاند والمخالف. حتى لا يبقى لاحد عذر ولا تبقى عنده شبهة في معجزة ليست بمقدور انسان ان يصنعها فاذا حصلت له فانما هي من الخالق سبحانه وتعالى. اذا هو مبعوث من الله. ومبلغ عن الله. ورسول الله صلى الله عليه واله وسلم هذا باختصار معنى المعجزة انه لا يقول الا حقا ولا يبلغ عن الله الا صدقا. واذا قال اني رسول الله اليكم فهو صادق واذا قال ابين لكم ما نزل اليكم فهو صادق. واذا قال الله عنه وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. ولهذا وصف الله ما جاءت به رسالة النبي عليه الصلاة والسلام بهذه الاوصاف. اسمع ماذا يقول الله. يقول وما ينطق عن الهوى. ليس شيء ينطق به من هواه من عند نفسه ورأيه. ان هو الا وحي يوحى. والله يقول يا ايها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم هذا كلام الله اذا ما جاء به فهو الحق ولو كان غير ذلك لكان باطلا. والله ايضا يقول وما اتاكم الرسول فخذوه ماذا نأخذ منه ماذا نأخذ منه؟ كل شيء وما اتاكم يعني كل شيء اتاكم الرسول فخذوه. طيب ولو قال قائل لكن ربما كان بعض الذي يأتينا به فيه خطأ فيه غلط فيه سهو فيه امر غير مقصود ابدا هذا لا طحوا مع قول الله وما اتاكم الرسول فخذوه. وما نهاكم عنه فانتهوا بالعموم. كل شيء جاءكم به فخذوه وهنا لا يمكن ان يقال ان شيئا منه يؤخذ وشيء يترك. هذا معنى الايات التي اراد المصنف بها الاشارة الى ان الله عز وجل لما بعثه شهد له بان الحق على لسانه وان الصدق نطقه عليه الصلاة والسلام فلا يصح ان يوجد منه في هذا الباب خبر بخلاف مخبره على اي وجه كان. يعني لا عمدا ولا سهوا وغلطا. نعم. فلو جوزنا عليه الغلط والسهو لما تميز. لما. لما تميز لنا من غيره ولاختلط الحق وبالباطل فالمعجزة مشتملة على تصديقه جملة واحدة من غير خصوص. فتنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ككله واجب برهانا واجماعا. كما قال ابو اسحاق رضي الله عنه برهانا واجماعا يعني بدليلي المعجزة والبرهان وبدليل الاجماع. فهذان دليلان على طريقة الاستاذ ابي اسحاق. وبالاجماع فقط على طريقة ابي بكر الباقلاني رحم الله الجميع. لما تم هذا الفصل يدخل المصنف الان ويشرع في فصل جديد يوجه فيه الاجابة عن ذلك الاشكال الكبير فيما مضى ذكره في المجلس السابق المتعلق بايات سورة الحج وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته. فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله واياته والله عليم حكيم. والتي وقع فيها الاشارة الى بعض الروايات. وقد اشار المصنف في الفصل السابق اجمالا الى ردها وبطلانها ووعد بانه سيشبع هذه المسألة بيانا وايضاحا. لما قال رحمه الله اعلم ان للناس في معنى هذه الاية اقاويل. منها السهل والوعث والسمين والغث. واولى ما يقال فيها ما عليه الجمهور من المفسرين ان التمني ها هنا التلاوة والقاء الشيطان فيها شغله بخواطر واذكار من امور الدنيا للتالي حتى يدخل وهوم النسيان فيما تلاه او يدخل غير ذلك على افهام السامعين من التحريف وسوء التأويل ما يزيله الله وينسخه ويكشف نفسه ويحكم اياته ثم قال وسيأتي الكلام على هذه الاية بعد باشبع من هذا ان شاء الله تعالى فهذا الفصل هو الوعد الذي وعد به هناك. فاراد هنا في هذا الفصل ان يشبع الكلام على قصة الغرانيق او غانقة وهي الاصنام التي جاء فيها اقحام بعض الجمل في ايات سورة النجم على ما سيأتي الان بيانه. نعم فصل في رد المؤلف لبعض الشبهات والمطاعم كرده لقصة الغرانيق وبعض الشبه التي يتمسك بها الزائغون وقد توجهت هنا وقد توجهت هنا لبعض الطاعنين سؤالات منها ما روي من ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ سورة سورة والنجم وقال افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى قال تلك الغرانيق العلا وان شفاعتها لترتجى. ويروى ترتضى. وفي رواية ان شفاع لترتجى وانها لمع الغرانيق العلا. وفي رواية اخرى والغرانقة العلا تلك للشفاعة فلما ختم السورة سجد صلى الله عليه وسلم وسجد المسلمون معه والكفار لما سمعوه اثنى على الهة وما وقع في بعظ الروايات ان الشيطان القاها على لسانه. وان النبي صلى الله عليه وسلم كان تمنى لو نزل عليه شيء يقارب بينه وبين قومه. وفي رواية اخرى الا ينزل عليه شيء ينفرهم عنه وذكر هذه القصة وان جبريل عليه السلام جاءه فعرض السورة فلما بلغ عليه السورة فعرض عليه السورة فلما بلغ الكلمتين قال له ما جئتك بهاتين فحزن لذلك النبي صلى الله عليه وسلم فانزل الله عز وجل عليه تسلية له وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنياته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله اياته. والله عليم حكيم. وقوله وان كادوا عن الذي اوحينا اليك لتفتري علينا غيره. واذا لاتخذوك خليلا. ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا. نعم. هذا باختصار ايها الكرام ما يتعلق بالقصة ولتدركوا تمام معناها وما جاء فيها فاعلموا رعاكم الله انه قد اخرج الامامان البخاري ومسلم ما علقوا بسورة النجم القصة المختصرة المتفقة على صحتها. من حديث ابن عباس رضي الله عنهما كما عند البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم. ما معنى سجد بالنجم يعني قرأ سورة النجم وسجد في اخرها. لان اخره قول الله تعالى افمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا وانتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا. في رواية ابن عباس عند البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والانس هذا في رواية البخاري وفي رواية اخرى للبخاري واخرجها ايضا مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال اول سورة انزلت فيها سجدة والنجم. يعني من بين سجدات القرآن قال فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد من خلفه الا رجلا رأيته اخذ كفا من تراب فسجد عليه. يعني ما نزل بجبهته الى الارض بل رفع كفا من تراب فسجد عليه. قال فرأيته بعد ذلك قتل كافرا وهو امية ابن خلف وزاد غير الشيخين المطلب بن وداعة انهما رجلين لم يسجدا والا فعامة من كان بمكة وسمع النبي عليه الصلاة والسلام يقرأ سورة النجم سجد مع النبي عليه الصلاة والسلام. هذا القدر فقط هو المخرج في الصحيحين ويستشهد به ايها المباركون يا امة القرآن يستشهد به على عظمة كلام الله وانه من جلالة ما وقع في سمع قريش وقلبها وهي تسمع من قوله والنجم اذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى الى ما جاء في اخرها وانه اهلك عادني الاولى وثمود فما ابقى الى ان جاء الى قوله افمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وانتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا ما وجدوا انفسهم الا سجودا لله عز وجل. وان عظمة فالقرآن وهيبة القرآن وسلطان القرآن قد فرضه الله عز وجل على قلوب البشر بل الانس والجن كما جاء في حديث ابن عباس فسجدوا جميعا هذا القدر المخرج في الصحيحين تروى فيه القصة بهذا القدر المختصر وانها من شواهد عظمة في القرآن الذي يفرض هيبته وهيمنته على القلوب بلا استئذان كما اسلفت اما ما جاء في بعض الروايات ويروى في بعض الطرق مما اشار اليه المصنف بقوله روي انه عليه الصلاة والسلام لما قرأ سورة والنجم وبلغ قول الله تعالى افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى قال بعدها تلك الارانق العلا وان شفاعتها لترتجى. وفي رواية وان شفاعتها لترتضى. وفي رواية ان شفاعتها لترتجى وانها لمع الغرانيق العلا. وفي رواية اخرى والغرانقة العلى تلك للشفاعة ترتجى فلما ختم السورة سجد وسجد المسلمون معه والكفار لما سمعوه اثنوا على الهتهم. اين انا افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى؟ قال تلك الغرانيق العلا وان شفاعتها ترتجى هذا ثناء على اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى. ما معنى الغرانيق تلك الغرانيق العلا وفي رواية الغرانيقة الغرانيق او الغرانقة جمع غرنيقي وبعضهم يضبطها مغرنيق وبعضهم يضبطها بالواو. غرنوق غرنوق او غرنيق هو طائر ابيض يقول عنه اهل اللغة انه طويل العنق. ويصفونه بهذا الوصف ان العرب تعرف هذا النوع من الطيور. هو ذكر من الطير سمي به لبياضه. وقيل هو المسمى من الطيور الكركي. ويزعمون ان الاصنام تقربهم الى الله. وسبب ذلك انهم شبهوا الاصنام بالطيور التي تعلو وترتفع في السماء. فكان تلك الاصنام الموصوفة بالغرانقة انها لها عظيما في السماء وترتفع الى الله فتقرب عبادتهم وقربانهم وما يفعلونه عندها من العبادات. على كل حال الغرامقة المقصود بها اصنامهم. فاذا معنى الجملة تلك الغرانقة العلا هذا مدح لها. وان شفاعتها منتجع اثبات لانها ذات شفاعة عند الله عز وجل. وفي رواية وانها لمع الغرانيق العلا. وان تفسير جود قريش مع النبي صلى الله عليه وسلم لما سجد في اخر السورة ليس ايمانا بالقرآن لكنه قبول بما سمعوه من مدح وثناء يسمعونه لاول مرة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشيطان القاها على لسانه وان النبي عليه الصلاة والسلام كان يتمنى ان لو نزل عليه شيء يقارب بينه وبين قومه او كان يتمنى الا ينزل عليه شيء ينفرهم عنه فجاءت القصة وفي بعض الروايات ان جبريل عليه السلام جاءه فعرظ عليه السورة فلما جاء الى قوله تلك الغرانيق العلا وان شفاعتها لترتجى. قال ما جئتك بهاتين الكلمتين؟ فحزن النبي الله عليه وسلم فنزل قوله تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى ما معنى تمنى؟ تلى كما فسره ابن عباس وغيره. القى الشيطان في امنيته يعني في تلاوته. القى يعني خلا فيها من الباطل مما هو ليس من الوحي فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله اياته والله عليم حكيم. هذا القدر هو الذي يريد المصنف رحمه الله الان اجابة عنه وبيان بطلانه وعدم صحته. وماذا يمكن ان يجابى به عنه؟ اين جاءت هذه الروايات؟ تجدونها في كتب التفاسير هذه الاية في سورة الحج وايضا في سورة النجم عند قوله تعالى افرأيتم اللات والعزى. فتلد قصة الغرانقة من عدة في طرق وروايات يوردها المحدثون والمفسرون. وسيأتي الكلام عما يتعلق بهذه الاية تفصيلا. يريد المصنف الان يا امة الاسلام ان نعرف الجواب عن مثل ذلك لماذا سجد كفار قريش؟ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قرأ سورة النجم اهو حقا؟ لانهم سمعوا كلاما فيه ثناء على الهتهم فان كان الجواب لا فلم اذا وان كان الجواب نعم فيبقى السؤال الاصعب والاكبر. فكيف جاءت هذه الكلمات اثناء الايات؟ ونحن قررنا قبل قليل ان انه عليه الصلاة والسلام معصوم معصوم في بلاغ الوحي الا يقول الا حقا ولا ينطق الا صدقا. ولا يصلح هنا ان تعتذر بانه سهى. او نسي او ادخل الشيطان في كلامه على لسانه ما لم يقله صلى الله عليه وسلم. لانه تقرر عندنا قبل قليل ان هذا باب مغلق فما الجواب؟ الجواب طويل وفيه تفاصيل اراد المصنف رحمه الله ان يبينه مسألة مسألة جملة من اجل ان يستبين لاهل الاسلام وتطمئن قلوبهم فيما يتعلق بالوحي والقرآن والرسول عليه الصلاة والسلام وان ذلك لا يمكن ان يطعن به طاع على ملتكم امة الاسلام. وعلى قرآنكم ايها المسلمون ولا على نبيكم امة محمد صلى الله عليه وسلم فهذا باب من العلم نتعلمه لنتقوى به علما. لنزداد به ايمانا ودفاعا وثباتا. ومناضلة ومجاهدة لاهل الباطل والزيغ والالحاد والتشكيك. ومن يصومنا في ديننا بتهمة او بشك وريبة. هنا يجب ان الاقدام يا اهل الاسلام بعز وشموخ ولا عز الا بالعلم. والعلم يدرس في مثل هذه المسائل بتعلم وببيان مداخلها ومخارجها واثبات الاجابات ورد الافتراءات ليكون كل مسلم اذا ما سئل عن دينه فتجد قلبه ممتلئا ثقة ورسوخا وتصديقا. واذا ما طعن في قرآنه او في نبيه صلى الله عليه وسلم لا يبقي مجاملة ولا محاباة لاحد كائنا من كان. فكل شيء الا دين الله والا كتاب الله والا رسول الله. صلى الله عليه وسلم ويبقى لنا بهذا ايها المسلمون عزة ديننا. ويبقى لنا شموخنا وثباتنا على امر شريعة ربنا وكتابه نبينا صلى الله عليه وسلم. ها هنا كلام طويل للمصنف قد لا يسع الليلة في نهاية المجلس اتمامه. لكنا نشرع فيما يسمح به الوقت ونكمل بعد لاحقا ان شاء الله تعالى فاعلم وفقك الله ان لنا في الكلام على مشكل هذا الحديث ماخذين. احدهما في توهين اصله والثاني على تسليمه سيسلك القاضي عياض رحمه الله في الجواب عن قصة الغرانيق او الغرانقة يسلك فيها طريقتين. الطريقة الاولى اثبات بطلان هذه القصة اثبات بطلانها من اي ناحية من ناحية ثبوتها وسندها وصحتها فسيبين لك ويثبت انها باطلة لا تصح روايتها وان من العلماء من جزم بكونها كذبا وموضوعة وباطلة والطريق الثاني التي سيسلكها المصنف كما قال على تسليمه يعني سيفترض ان القصة صحيحة فما الجواب على التسليم بصحة القصة. لان من اهل العلم ايضا من يميل الى ثبوتها ومن يجنح الى اعتبار ان لها اصلا نظرا لما يتعلق بكثرة طرقها وتعدد مخارجها كما سيأتي بيانه فهنا ايضا يلزمنا جواب هب ان البحث قادنا الى ثبوت القصة كيفما كانت لكن وقع ان جملة تلك الغرانيق العلا وان شفاعتها لترتجى انها وقعت في اسماع قريش حقا وانهم سجدوا لاجل ذلك فما الجواب وكيف سنقول في تمام الوحي وعصمته؟ وان النبي عليه الصلاة والسلام لا يبلغ عن الله الا الوحي. وانه لا يمكن ان يدخل مع القرآن شيئا سوى القرآن ها هنا طريقتان في الجواب كما قال احدهما في توهين اصله والثاني على تسليمه. نعم اما المأخذ الاول فيكفيك ان هذا حديث لم يخرجه احد من اهل الصحة. ولا ولا رواه ثقة بسند سليم متصل وانما اولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقفون من الصحف كل صلاة صحيح وسقيم. ولقد صدق القاضي بكر ابن العلاء المالكي حيث قال لقد بلي الناس ببعض اهل الاهواء والتفسير وتعلق بذلك الملحدون الملحدون مع ضعف نقلته واضطراب رواته. رواياته واضطراب رواياته انقطاع اسناده واختلاف كلماته. فقائل يقول انه في الصلاة واخر يقول قالها في نادي قومه حين نزلت عليه السورة واخر يقول قالها وقد اصابته سنة. ما معنى سنة نعاس انه نعس فجرى على لسانه تلك الجملتان. نعم واخر يقول بل حدث نفسه فسهى واخر يقول ان الشيطان قالها على لسانه. حسبك من اضطراب الروايات واختلافها دليلا على بطلانها رواية تقول انه كان يقرأها في الصلاة ورواية تقول لا كان جمع كفار قريش في احد انديتهم فقرأ عليهم سورة النجم. رواية تقول انه كان انا يقرؤها فاصابته سنة ونعاس فجرت على لسانه. رواية ثالثة تقول رابعة بل كان يحدث نفسه فسهى. وخامسة بل ان الشيطان القاها على لسانه بصوت سمعه الناس انه صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم لانه كان يقرأ الايات ويقف ويتأنى ففي سكتة من سكتاته اسمع الشيطان الحاضرين تلك الجملة بصوت يحاكي صوت رسول صلى الله عليه وسلم فظنوها من تمام تلاوته للايات وحسبوها من كلامه والا فانها ما جرت على لسانه يقول رواية تأخذك يمينا والاخرى شمالا والثالثة هنا والرابعة هناك. يقول لو كانت القصة صحيحة ما اختلفت الروايات لكن هذا الاضطراب وهذا التفاوت والاختلاف دليل على عدم صحتها. على بطلانها وهو ما يسميه المحدثون بالاضطراب وان الاضطراب سبب في ضعف الحديث الذي يعدونه به خارجا عن صنف الصحيح من الحديث الذي يحتج به واخر يقول ان الشيطان قالها على لسانه. وان النبي صلى الله عليه وسلم لما عرضها على جبريل قال ما هكذا اقرأت جبريل وان النبي صلى الله عليه وسلم لما عرضها على جبريل قال ما هكذا اقرأتك؟ واخر يقول بل اعلمت بل اعلمهم الشيطان ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأها فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم قال والله فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال والله ما هكذا نزلت الى غير ذلك من اختلاف الرواة ومن حكيت ومن حكيت هذه الحكاية عنه من المفسرين والتابعين لم لم يسندها احد منهم ولا رفعها الى صاحب لم يسندها احد منهم يعني لم يذكر احد منهم هذه القصة بسند متصل مرفوع الى الله صلى الله عليه وسلم قال ولا رفعها الى صاحب عامة طرق الحديث ليس فيها صحابي يرويها بل هي مرسلة عن عدد من التابعين فكيف تريدون اثبات قصة يتعلق بها شأن عظيم في سورة من سور القرآن وقصة حدثت لقريش ثم لا تجد رواية واحدة متصلة السند الى صحابي يحكيها. او الى النبي عليه الصلاة والسلام تروى عنه. نعم واكثروا الطرق واكثروا الطرق عنهم فيها ضعيفة واهية. والمرفوع فيه حديث شعبة عن ابي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال فيما احسب الشك في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم كان بمكة وذكر القصة يقول كثرة طرق هذه القصة لكن ليس لها سند يتصل الى صحابي ينسبها الى النبي صلى الله عليه وسلم الا واحد هو من رواية شعبة عن ابي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال فيما احسب اشك في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم كان بمكة وتلا سورة النجم الى اخر القصة ايها الكرام كلام القاضي عياض ها هنا واضح تمام الوضوح. يثبت فيه شيئا مهما ان القصة باطلة وانه لم يقل بها احد من اهل العلم المعتبرين. وان عامة ما يروى فيها هي من قبيل القصص والحكايات التي المؤرخون بان المؤرخين ما شأنهم؟ جمعوا الحكايات والحوادث والاخبار دون التفات الى تمييز احيانا ضعيفها وكتب التواريخ انما تعنى بجمع الوقائع وسردها وكتابتها وتدوينها. لكن المحدثين يعملون ميزانا اخر نقد الرواية. والتمييز بين الصحيح والظعيف والغربلة ما يثبت منه وما لا يثبت. المفسرون في كتب التفاسير بعضهم يجمع ما يرد اليه من الروايات ويأتي به في سياق ما يفسر من الايات. قال المصنف نقلا عن القاضي بكر ابن العلاء لقد بلي بعض الناس لقد بلي الناس ببعض اهل الاهواء وتعلق بذلك الملحدون مع ضعف نقالته واضطراب رواياته. ويقول القاضي عياض يكفيك ان هذا حديث لم يخرجه احد من اهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل. وانما اولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم هذه الطريقة التي يقرر بها المصنف القاضي عياض رحمه الله. بطلان سند القصة. وابطالها مشى عليه جمع من اهل العلم يقول المحدث الامام ابن خزيمة رحمه الله انها من وضع الزنادقة. يعني قصة مؤلفة مختلقة مفتراة ووضعها الزنادقة طعنا في الحديث في القرآن في السنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول الامام البيهقي رحمه الله هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل يقول الامام ابن العربي المالكي رحمه الله انها باطلة لا اصل لها. يقول الامام ابن حزم الظاهري رحمه الله واما الحديث الذي فيه وانهن الغرانيق العلا وان شفاعتها لترتجى فكذب بحت موظوع. لانه لم صحة من طريق النقل فلا معنى للاشتغال به. اذ وضعوا الكذب لا يعجز عنه احد. ويقول الامام الحافظ ابن كثير الدمشقي رحمه الله ولكنها يعني القصة من طرق كلها مرسلة ولم ارها مسندة من وجه صحيح سمعت الان جملة من كلام اهل العلم من المتقدمين والمتأخرين تتابعوا على تفنيد القصة واثبات بطلانها وردها وعدم اعتبارها ومشى على ذلك عدد من العلماء المعاصرين في الامة مثل العلامة محمد الامين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره. ومثله العلامة الشيخ الالباني رحمه الله الله وقد صنف رسالة مفردة في بيان بطلان هذه القصة سماها رحمه الله نصب المجانيق نسفي قصة الغرانيق فنسفها بعدما جمع رواياتها وفندها واراد الكلام عنها بكلام مشبع يحرر فيه الكلام والذي دعا الالباني رحمه الله الى افراد القصة بهذا المؤلف وجمع ما نقله عن اهل العلم ان بعض سأله كيف نجمع بين قول امامين عالمين حافظين بشأن قصة الغرانيق وهما الامام الحافظ ابو الفداء اسماعيل ابن كثير الدمشقي المفسر صاحب التفسير وبين الامام الحافظي شيخ الاسلام ابن حجر العسقلاني رحمه الله صاحب شرح فتح الباري بصحيح البخاري فان ابن كثير قد سمعت كلامه وقد فندها وقال من طرق كلها مرسلة ولم ارها مسندة من وجه صحيح. اما الحافظ ابن حجر رحمه الله فقد اشبع الكلام حول هذه القصة في صحيح البخاري ولما استطرد في بيان طرقها وكلام اهل العلم عنها قال عقب ذلك رحمه الله الا ان الحديث بكثرة طرقه يشعر ان للقصة اصلا. وهذه طريقة للمحدثين الكلام عنها فسئل الالباني رحمه الله كيف السبيل الى الجمع بين امام حافظ يبطل القصة وامام اخر يثبت ان لها اصلا. فاراد رحمه الله ان يستوعب بحث المسألة فكانت رسالته المسماة انفا النصب جانيق لنسف قصة الغرانيق. ولتعلم رعاك الله ان كلام الامام الحافظ ابن حجر في الاشعار بان قصتي اصلا قد سبقه اليه عدد من اهل العلم من السلف والخلف في اثبات قصة الغرانيق وانها وان عدد من نقل عنه ذلك من اهل العلم يبلغ نحوا من ثلاثة عشر اماما وعالما. الذي يثبت عنهم بالسند القول بهذا عنهم خمسة منهم. سعيد بن جبير رحمه الله وابو بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام رحمه الله وابو العالية رحمه الله وقتادة رحمه الله والزهري رحمه الله. وهؤلاء سادات التابعين وائمة السلف مفسرون وعلماء ومحدثون تصح عنهم الرواية باثبات قصة الغرانيق ووقوعها. واما من لم يثبت عنهم بسند صحيح. والرواية عنهم في سندها عفوا فثمانية منهم ابن عباس رضي الله عنهما وعروة ابن الزبير ومحمد ابن كعب القرظي ومحمد بن قيس وابو صالح والضحاك ومحمد بن فضالة والمطلب بن حنطب رحم الله الجميع ماذا يعني هذا؟ يعني انه لا ينبغي ان تستنكر عندما تجد بعض اهل العلم من الائمة العلماء الكبار ممن يثبت صحة القصة وانها واقعة لانه حتى مع القول بثبوتها اتظن اماما عالما وقدوة من قدوات السلف اتظنه عندما يقول بصحة القصة؟ انه يطعن في القرآن او في رسول الله صلى الله عليه وسلم ابدا وحاشاهم لكن اثبات القصة شيء والجواب عنها شيء اخر فهم غاية ما ثبت عندهم ان القصة لها اصل. وانها وقعت وان الاختلاف في رواياتها سبب ضعفها. والا فهي ليست باطلة فرق بين قصة مفترات مؤلفة خيالية لم تقع فيؤلفها دجال كذاب ثم تروى اسناد وتنسب الى ديوان من دواوين السنة. بين هذا الاسلوب وبين قصة يضعف السند في روايتها فهي ضعيفة ولكنها ليست باطلة فالفرق بين الضعيف والباطن اردت ان اقول عندما نقرأ كلام الامام القاضي عياض. ومن وافقه من اهل العلم فيه اشعار بان من اهل العلم ايضا من قال بثبوت في القصة لكنهم في الجملة متفقون على نتيجة واحدة ان قرآننا محفوظ وان الوحي معصوم وان النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن بحال ان يكون منه عليه الصلاة والسلام ادخال في الوحي مما ليس فيه. ولا ادراك رجل في القرآن بما لم ينزل عليه الوحي من فوق سبع سماوات. وان القصة لو وقعت فعندنا عنها جواب بل عندنا عنها اجابات وليس جوابا واحدا حتى لو كانت القصة صحيحة وخرجها اصحاب الدواوين السنن والمسانيد فعندنا عنها اكثر من جواب بيانه بعد قليل فعندما يمر بك من اهل العلم من اثبت القصة او قال بها فينبغي ان نفهم ان على ما يتعلق بالصنعة يعني فيما يثبت به الحديث وينسب الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وهذا المعنى الذي نريد به البيان فيما صار اليه المصنف رحمه الله تعالى وما ذكره غيره مثل الحافظ ابن حجر فانه قال كثرة الطرق تدل على ان للقصة اصلا. ثم نقل كلام القاضي عياض الذي نقرأه الان. وانه يفندها ونقل كلام الائمة الاخرين كابن العرب ثم قال الحافظ بن حجر وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد يقصد قواعد الحديث والرواية التي هو امام بها وهو خاتمة المحققين فيها. قال فان الطرق اذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على ان لها اصلا. وقد ذكرت ان لها ان ثلاثة اسانيد منها على شرط الصحيح. وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل. وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض انتهى كلامه رحمه الله ولتفهموا اذا ان من اثبت القصة لا يلزم منه الطعن لا في القرآن ولا في النبوة والرسالة فليس في القصة اي طعن في العصمة في التبليغ والرسالة ذلك لان النسخ والتصحيح كما قال الله فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله سواء كان من يقول ان الخطأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم فتدارك الوحي بالتصحيح او من يقول ان ذلك من الشيطان بايهام واسماع الناس ما لم يتكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فان المآل واحد. وهو احقاق اقول حقي وابطال الباطل. وعدم طعن شيء من ذلك في قرآننا ولا وحي ديننا. وان الاخلال بمقتضى الرسالة انما يكون ويلزم لو استمر ذلك الباطل ولو اختلط القرآن عندنا بين حق وباطل لا ندري ما التفريق بينهما وان يختلط بكلام ام الله ما ليس منه وهذا الذي ما كان ولم يكون وسيبقى كتاب الله محفوظا الى ان يرث الله الارض ومن عليها ولهذا فان شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله لما ذكر شأن السلف وخلافهم في القصة اراد ان يبين ان المسألة محل اتفاق بين الجميع في العصمة وان القرآن محفوظ وان دين الله عز وجل لا يتطرق اليه خلل. قال رحمه الله هذه العصمة الثابتة للانبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة. فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين. ولكن هل يصدر ما يستدركه الله فينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم الله اياته هذا فيه قولان والمأثور عن السلف يوافق القرآن بذلك والذين منعوا ذلك من المتأخرين طعنوا فيما ينقل من الزيادة في سورة النجم بقوله تلك الغرانيق العلا وان شفاعتهن ترتجى وقالوا ان هذا لم يثبت. ومن علم انه ثبت قال هذا القاه الشيطان في مسامعهم ولم يلفظ به الرسول صلى الله عليه وسلم الى اخر كلامه رحمه الله يثبت فيه ان اثبات من قال به من السلف ليس طعنا في القرآن ولا قدحا في عصمة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بل هو حفظ من الله بقي بحفظ القرآن ونسخ ما القى الشيطان وابقاء ما انزل الله عز وجل من الوحي على نبيه عليه الصلاة والسلام. اردت بهذا المدخل ان نتبين كلام الامام القاضي فيما سيأتي في تتمة هذا الفصل في بيان معناه وتفنيد الرواية والكلام على ما ينقله عن الائمة من المحدثين وغيرهم فيما يتعلق باثبات الرواية سندا ثم ما يتعلق ايضا بتفنيدها والطعن فيها من حيث المعنى كما تقدمت الاشارة في صدر المجلس ما زال للحديث عن تفنيد هذه القصة وبيان بطلانها لا يزال له بقية متصلة لمجلس الجمعة القادمة ان شاء الله تعالى نكمل فيها ما ابتدأ به المصنف رحمه الله من كلام حولها وما يتعلق بها الحديث بالحديث ان شاء الله تعالى. ولا يزال ايضا في بقية ليلتكم هذه وهي ليلة الجمعة ايها المسلمون. ما يزال فيها متسع مزيد من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وان شئت فقل ما يزال فيها متسع لمزيد من رحمة تنالها امن ربك بالصلاة على نبيك صلى الله عليه وسلم فيا من يروم صلاة الله عليه ويا من يروم رحمة الله تتنزل عليه ومال يبحث عن بركة ورحمة وسعادة بهجة قلب وسرور انس وفؤاد وروح فعليك بباب الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. تأنس الارواح وتسعد وتبتهج النفوس وتنجلي الكربات وتفرج الهموم وتتنزل صلوات ربك عليك عشرة اضعاف صلاتك على نبيك صلى الله عليه وسلم لك احرفي وحنينها وهواها وقصائدي يا سيدي تتباهى صلى عليك الله ما حنت لك الارواح والشوق القديم دعاها. فاستكثروا من صلاتكم على نبيكم صلى الله عليه وسلم. هذه الليلة وغدكم يوم الجمعة. فصلوا عليه اللهم صلي وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا. وارزقنا يا ربي بالصلاة والسلام عليه تمام حبه اتباع سنته والحشر في زمرته والفوز بشفاعته وورود حوضه يا رب العالمين. لنا ولوالدينا ولازواجنا وجميع المسلمين يا اكرم الاكرمين. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. الهنا وسيدنا وخالقنا ومولانا. نسألك ربنا باسمائك الحسنى وصفاتك ان تصرف عنا وعن المسلمين جميعا شر الاشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار واحفظنا ربنا بحفظك انت خير حافظا وانت ارحم الراحمين. اللهم من ارادنا والاسلام والمسلمين بسوء فاشغله يا رب بنفسه. واجعل كيده في واجعل دائرة السوء تدور عليه يا رب العالمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم ان ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وارحمهم يا رب كما ربونا صغارا اللهم ضاعف الجنات حسناتهم وارفع درجاتهم وكفر سيئاتهم واجمعنا بهم وازواجنا وذرياتنا في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة. وقنا عذاب النار. وصل يا رب وسلم وبارك على الحبيب المصطفى والرسول المجتبى سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه اجمعين الحمد لله رب العالمين