بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين. واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله صادق الوعد الامين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين الحب يطغى والحنين عظيم. وهواك في كل القلوب مقيم. صلى عليك الله في عليائه ما هب من نفح الجنان نسيم. ايها الاخوة الكرام هذه الليلة المباركة ليلة الجمعة. يتسابق فيها المشتاقون المحبون الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثرة الصلاة والسلام عليه. ونصب اعينهم قول المصطفى صلى الله عليه وسلم اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. فاللهم صل وسلم وبارك عليه عدد من صلى عليه المصلون وصل يا ربي وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون. واجعلوا مجلسكم هذا ايها المباركون ونحن نتدارس كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. اجعلوه مجلسا عامرا بكثرة الصلاة والسلام عليه. كلما مر ذكره وجاء اسمه عليه الصلاة والسلام. فانكم تغترفون في هذه الليلة بارك عملا عظيما واجرا كبيرا بالصلاة والسلام عليه. صلى الله عليه واله وسلم. وهذا المجلس امتداد لمجلس ليلة الجمعة الماضية التي ابتدأنا فيها فصلا ساقه الامام القاضي عياض رحمه الله تعالى في هذا الباب الاول من القسم الثالث من الكتاب في عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والفصل الذي ابتدأناه كان قد شرع رحمه الله لرد الشبهات التي اثارها بعض الطاعنين. وكان الحديث عن شبهة كبيرة وفرية وامر لا يزال محل اشكال بين اهل العلم وهو ما يتعلق بقصة الغرانيق او الغرانيقة. التي مر في المجلس ليلة الجمعة الماضية. وما روي من ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ سورة النجم حتى اذا بلغ قوله تعالى افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى. قال تلك الغرانيق العلا وان شفاعتها لترتجى. ويروى ترتضى. وفي رواية ان شفاعتها لترتجى وانها لمع الغرانيق العلا وفي رواية والغرانقة العلا تلك للشفاعة ترتجى. هذه الروايات التي نجدها في بعض كتب التفسير وفي كثير منها في هذا الموضع من سورة النجم. وايضا في كتب السيرة في احداث ما كان بمكة من دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم اهل مكة الى الاسلام انذاك. وكيف ان الجمع من كفار قريش مع النبي عليه الصلاة والسلام لما سجد في ختام سورة النجم افمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون انتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا. وان القدر الذي اتفق عليه الشيخان في الصحيحين. في البخاري ومسلم. من هذه الرواية ليست فيها تلك الاضافة والزيادة. في الحديث عند البخاري من رواية ابن عباس رضي الله عنهما. ان النبي صلى الله عليه وسلم كم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والانس. واما رواية ابن مسعود وهي عند البخاري ومسلم قال اول سورة انزلت فيها سجدة والنجم. قال فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تجد من خلفه الا رجلا رأيته اخذ كفا من تراب فسجد عليه فرأيته بعد ذلك قتل كافرا وهو امية ابن خلف وفي رواية عند غيرهما زاد المطلب ابن وداعة. هذا القدر من الحديث هو ما اخرج في الصحيحين واما ما ادرج فيه فهي في غيره من كتب الرواية في بعض المسانيد وايضا في بعض كتب التفسير وكتب السيرة واحداث في التاريخ كلام المصنف في هذا الفصل وقد تقدم بدايته ليلة الجمعة الماضية هو رد وابطال لهذه الرواية من طريقين وجهتين. اما الجهة الاولى فابطالها من حيث الثبوت. سندا بتضعيفها وابطالها وانكارها واما الطريق الثاني فهو على التسليم بثبوتها لان من اهل العلم من يصحح الرواية ويثبتها فيكون الجواب من الجهة الاخرى انه ولو صحت الرواية فانه لا مطعن فيها على النبوة ولا على القرآن ولا على الوحي ولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. من اجل ذلك احتجنا الى مزيد من فهم وادراك لما قرره سادات من العلماء في بيان هذا المعنى الكبير المتعلق بهذه القصة وهي قصة الغرانقة او الغرانيق العلا بين ايضا ليلة الجمعة الماضية انه قد ثبت عن عدد من علماء الامة من السلف نحو من ثلاثة عشر اماما اثباتهم لقصة غرانيق والقول بصحتها وذلك يروى عن عدد منهم فالثابت عنهم بسند صحيح القول بثبوت القصة خمسة منهم وهم سعيد بن جبير وابو بكر ابن الحارث ابن عبدالرحمن ابو بكر ابن عبدالرحمن ابن الحارث وابو العالية وقتادة ومن عاداهم ففي ثبوت السند عنهم فيه مقال وقد تقدم ذكرهم ليلة الجمعة الماضية. ولا يزال حديثنا في تقرير ما ساقه المصنف رحمه الله تعالى وهو ممن يرى بطلان القصة وعدم ثبوتها وان روايتها مما ادخله من لا يؤخذ عنه الحديث. ولهذا قال ابن خزيمة رحمه الله في القصة انها من وضع الزنادقة. وقال الامام البيهقي وهذه القصة غير ثابتة من جهة النقل. وقال ابن العربي المالكي انها باطلة لا اصل لها. وكذلك انكر ابن حزم وابن كثير وغيرهما رحمة الله على جميع العلماء. نكمل ما وقف الحديث عنده ليلة الجمعة الماضية لنصل لاحق ان شاء الله تعالى. الحمد لله الذي جعل دراسة السيرة النبوية شفاء للقلوب والارواح سببا للسعادة والفلاح. والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ذي الشمائل الباطنة والظاهرة والفضائل الباهرة الزاهرة وعلى اله واصحابه الاخيار والتابعين لهم باحسان الى يوم القرار اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين. اما بعد فهذا هو هذا هو مجلسنا الثاني والسبعون بعد المئة من المجالس العامرة في هذه البقعة الطاهرة الشريفة وباسانيدكم المتصلة تيم الرياض الى كتاب الشفا للقاضي عياض رحمه الله تعالى قال في الباب الاول من القسم الثالث قال ابو بكر زار رحمه الله هذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم باسناد متصل يجوز ذكره الا هذا ولم يسنده عن شعبة الا امية بن خالد وغيره يرسله عن سعيد بن جبير. وانما يعرف عن الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما فقد بين لك ابو بكر رحمه الله انه لا يعرف من طريق يجوز سوى هذا وفيه من الضعف ما نبه عليه مع وقوع الشك فيه كما ذكرناه من الذي لا يوثق به ولا حقيقة معه واما حديث الكلب فمما لا تجوز الرواية عنه ولا ذكره لقوة ضعفه وكذبه. كما اشار اليه رحمه الله كلام المصنف هنا رحمه الله تتمة لقوله فيما سبق وقد روى قصة الغرانقة قال ممن حكيت ومن حكيت هذه الحكاية عنه من المفسرين والتابعين. لم يسندها احد منهم ولا رفعها الى صاحب فاكثر الطرق عنهم فيها ضعيفة واهية. والمرفوع فيه حديث شعبة عن ابي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال فيما الشك في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم كان بمكة وذكر القصة. ثم نقل كلام ابي بكر البزار الذي سمعتم قبل قليل هذه الطريقة التي قررها المصنف رحمه الله ونقل فيها التضعيف عن ابي بكر البزار هو ايضا ذاته التضعيف الذي نقله عدد من الائمة في من سمعت قبل قليل ممن يظعف الرواية كالائمة مثل ابن خزيمة والبيهقي وابن العربي وابن حزم وابن كثير رحم الله الجميع. فهؤلاء جملة من الائمة المحدثين والعلماء ممن يقول بضعف الرواية ولا يصححها ويرون ان فيها من الطعن في ما يتعلق بطرقها واختلاف اسانيدها واختلاف الرواة فيها فمنهم من يقول انه كان في صلاة ومنهم من يقول بل قرأها على جمع من قريش بمكة ومنهم من قال ان ذلك وقع بصوت يحاكي صوته ومنهم من قال بل في سكتة من سكتاته. وكل ذلك من الاختلاف في الرواية الذي يورث اضطرابا نوع من الضعيف عند العلماء في الحديث. هذه الطريقة التي يذكرها المصنف الامام القاضي عياض رحمه الله هو ما درج عليه عدد من اهل العلم في تظعيف الرواية وعدم القول بصحتها. وقد ساق لك كلام ابي بكر البزار رحمه الله في تظعيف الحديث وانه انما يعرف عن الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس والكلبي ممن لا تجوز الرواية عنه كما قال لقوة ظعفه وكذبه واما الطريق الاخرى الذي لا يسند فيه مرفوعا عن شعبة من طريق امية ابن خالد وانما هو مرسل عن سعيد ابن جبير فلا ايضا مرفوعا الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. نعم. قال رحمه الله والذي منه في الصحيح ان النبي صلى الله الله عليه وسلم قرأ والنجم وهو بمكة. فسجد وسجد المسلمون والمشركون والجن والانس. هذا توهينه من طريق النقل. نعم. هنا انتهى كلام المصلي فيما يتعلق بالمسلك الاول في الاجابة عن هذه الحديث عن هذه الرواية عن هذه القصة وهو تضعيفها من جهة النقل من جهة الرواية ابطالها سندا والقول بعدم ثبوتها كما سمعت في غير ما موطن فيه كلام بعض الائمة ونقلت لك كلام غيرهم رحم الله الجميع. واورد هنا رواية البخاري من حديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأ والنجم وهو بمكة فسجد. وسجد المسلمون والمشركون والجن والانس. يريد رحمه الله ان القدر الزائد الذي فيه قصة الغرانقة لو كان صحيحا لاخرجه البخاري في الرواية. او اخرجه الامام مسلم في روايته ايضا لكنها لانها لم تثبت عندهم فلم يدرجوها. وهذا جواب صحيح. فانها لم تثبت بطريق صحيح بل وليست على شرط الصحة عند الامامين البخاري ومسلم كما اخرجوا سائر الروايات في كتابيهما رحمة الله عليهما ومع ذلك كله فينبغي ان يعلم قبل ان ننتقل الى كلام المصنف رحمه الله تعالى فيما يتعلق بالشق الاخر من الجواب وهو الطعن في الرواية من حيث المعنى ينبغي ان ننبه يا كرام على ان من قال من اهل العلم بتصحيح الرواية وثبوت قصة الغرانقة فليس يعني هذا انهم يقبلون الطعن في القرآن. ولا في رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يتكلمون عن عن امر يتعلق بعلم اثباتا او نفيا. ورأوا ان القصة مما يصح القول بثبوتها ومنهم ائمة كبار سمعت منهم سعيد بن جبير وابا بكر بن عبدالرحمن بن الحارث وابا العالية وقتادة والزهري. فهؤلاء لا يتقولون عن هوى ولا يفترون في العلم كذبا. لكنه ثبت عندهم وقوع القصة فقالوا بثبوتها. فلا ينبغي ان احد من العلماء ممن قال بثبوت القصة ووقوعها انه يقبل الطعن في القرآن او في رسول الله صلى الله عليه سلم حاش لكن لهم جوابا اخر سيأتي ذكره بعد قليل. الحديث عندهم يثبت ويبقى الكلام في الجواب عن هذا الحديث اذا ثبت ولذلك ينتقل المصنف رحمه الله تعالى الى الجواب الاخر وهو على فرض صحة القصة ثبوتها فما الجواب الذي يقال؟ علميا ما الجواب الذي يقال عما ورد في القصة من ذكر الغرامق او ادراج تلك الجملتين بين الايات في سورة النجم. وهو الذي ذكره عدد من العلماء. ولهذا فان الحافظ ابن حجر رحمة الله عليه لم ذكر الروايات واطال فيها وجمع طرقها واسانيدها رغم ضعفها. قال رحمه الله وهذه الطرق وعلى كثرتها تدل على ان للرواية اصلا. او ان للقصة اصلا. وهذا على صنعة المحدثين الحديث الضعيف اذا كثرت طرقه وتعددت مخارجه وتعددت ايضا رواياته رغم شدة ضعفها فان انه يبعث شيئا من الشعور بثبوت اصل القصة وان اختلفت التفاصيل. وان اختلفت بعض الجمل في الرواية لكن لا نستطيع القول ببطلانها رأسا واعتبارها قصة مؤلفة مختلقة مفتراتا انها لم تقع وانها خيال نسجه بعض الكذبة ونسبه في السنة الى الرواية. هذا معنى كلامهم. ولهذا فان شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله لما تعرض لهذا المتعلق بالقصة ذكر فيها جملة تأصيلية علمية تتعلق بالمسألة. قال رحمة الله عليه في موجز كلامه وهو يبين ما يتعلق بها وكيف التعامل معها؟ قال رحمه الله وهذه العصمة الثابتة اولي الانبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة. فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين. ولكن هل يصدر ما يستدركه الله فينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم الله اياته هذا فيه قولان والمأثور عن يوافق القرآن بذلك. وللذين منعوا ذلك من المتأخرين. طعنوا فيما ينقل من الزيادة في سورة النجم بقوله لتلك الغرانيق العلا وان شفاعتهن لترتجى. وقالوا ان هذا لم يثبت. لاحظ ان شيخ الاسلام ينسب هذا مسلك للمتأخرين من علماء الامة. ويقول ان المتقدمين والسلف يثبتون القصة ولا يرون في اثباتها غظاظا ولا بطلانا ولا شيئا يقدح في النبوة ولا في الرسالة ولا القرآن ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول رحمه الله ومن علم انه ثبت يعني من علم من السلف ان القصة ثابتة قال هذا القاه الشيطان في مسامعهم ولم يلفظ به الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن السؤال وارد على هذا التقدير ايضا. وقالوا في قوله الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته هو حديث النفس واما الذين قرروا ما نقل عن السلف فقالوا هذا من قول نقلا ثابتا لا يمكن القدح فيه. والقرآن يدل عليه اين؟ قالوا في قوله تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله اياته والله عليم حكيم ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة في قلوبهم مرض. اذا هناك شيء القاه الشيطان. فكان فتنة للذين في قلوبهم مرض. قالوا فالقول بثبوت القصة يوافق القرآن ايضا بانه يثبت ان فتنة ما وقعت فكانت فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم كما في الاية وليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم. وان الله لهادي الذين امنوا الى صراط مستقيم يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله والكلام موصول قال فقالوا الاثار في تفسير هذه الاية معروفة ثابتة في كتب التفسير والحديث والقرآن يوافق ذلك. فان نسخ الله لما يلقي الشيطان واحكامه اياته انما يكون لرفع ما وقع في الايات. متى ينسخ الشيء اذا وقع؟ اذا هو ثم يرفع الله ذلك قال رحمه الله وتمييزه انما يكون لرفع ما وقع من اياته في اياته تمييز الحق من الباطل حتى لا تختلط اياته بغيرها. وجعل ما القى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم انما يكون اذا كان ذلك ظاهرا يسمعه الناس لا باطنا في النفس. وفتنة التي تحصل بهذا النوع من النسخ من جنس الفتنة التي تحصل بالنوع الاخر من النسخ. وهذا النوع ادل على صدق الرسول وبعده عن الهوى من ذلك فانه اذا كان يأمر بامر ثم يأمر بخلافه وكلاهما من عند الله وهو مصدق في ذلك. فاذا قال عن نفسه ان الثاني هو الذي من عند الله وهو الناسخ وان ذلك المرفوع الذي نسخه الله ليس كذلك كان ادل على ناديه الصدق وقوله الحق وهذا كما قالت عائشة رضي الله عنها لو كان محمد صلى الله عليه وسلم تقول لو كان محمد كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الاية وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله احق ان تخشاه قال الا اترى ان الذي يعظم نفسه بالباطل يريد ان ينصر كل ما قاله ولو كان خطأ. فبيان الرسول صلى الله عليه وسلم ان الله احكم اياته ونسخ ما القاه الشيطان هو ادل على تحريه للصدق وبراءة من الكذب وهذا هو المقصود بالرسالة فانه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ولهذا كان تكذيبه كفرا محضا بلا ريب انتهى كلامه رحمه الله في سياق طويل قرر فيه ان اثبات القصة والقول بوقوعها عليه عدد من اهل العلم بل ينسبه شيخ الاسلام الى المتقدمين من العلماء في السلف وان اثبات القصة لا يستلزم بطلانا ولا قدحا لا ريبة ولا شك بل هو الموافق لظاهر القرآن. وانك تعلم بهذا الكلام ان اهل العلم في امة الاسلام في تعاملهم مع قصة الغرانقة هم على طريقين او هم ايضا على فريقين. فريق منهم يبطل القصة لا يثبتها والسبب ضعف اسانيدها وضعف رواتها وكثرة الاختلاف في الفاظها وهذا مسلك يضعف به الحديث عادة عند العلماء. واما الفريق الاخر فقال ولو ظعفت الروايات لكنها مع كثرتها وتعدد طرقها تدل على ان للقصة اصلا. ثم هو يوافق ظاهر القرآن. والمتقدمون من علماء الامة كالتابعين مثل سعيد بن جبير او من بعدهم كالزهري وقتادة وابو العالية. ايضا ممن قال بثبوتها فيبعد انهم لا يقولون الا بشيء وهو راجح عندهم. فعندئذ يلتقي الفريقان مع اختلافهما في اثبات القصة او ابطالها يلتقي الفريق اين؟ في انه لا يمكن ان يثبت بالقصة شيء باطل يقدح في القرآن او في رسول الله عليه الصلاة والسلام. فيأتي الجواب الثاني في كلام المصنف الذي يقول به كل مسلم فظلا عن العلماء والائمة. هب ان القصة واقعة. وان قريشا افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى تلك الغرانقة العلى وان شفاعتهن لترتجى. هب انهم سمعوا ماذا نفسر القصة وكيف نفهمها؟ هنا الجواب عما يتعلق بالمعنى او من جهة الدراية كما قال المصنف رحمة الله عليه. نعم. قال رحمه الله تعالى فاما من جهة المعنى فقد قامت الحجة واجمع الامة على عصمته صلى الله عليه وسلم ونزاهته عن مثل هذه الرذيلة. اما من تمنيه ان ينزل عليه مثل هذا من مدح الهة غير الله سبحانه وتعالى وهو كفر او ان يتسور عليه الشيطان نبه عليه القرآن حتى يجعل فيه ما ليس منه. ويعتقد النبي النبي صلى الله عليه وسلم ان من القرآن ما ليس منه حتى ينبهه جبريل عليه السلام. وذلك كله ممتنع في حقه عليه السلام. او يقول ذلك النبي صلى الله عليه وسلم من قبل نفسه عمدا. وذلك كفر او سهوا وهو معصوم من هذا كله. وقد بالبرهان والاجماع عصمته عليه السلام من جريان الكفر على قلبه او لسانه لا عمدا ولا سهوا. او ان شبه عليه من عليه ما يلقيه الملك مما يلقى الشيطان. مما يلقي مما يلقي الشيطان. او يكون للشيطان عليه سبيل او ان يتقول على الله لا عبدا ولا سهوا ما لم ينزل عليه. وقد قال الله تعالى ولو ولعلينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين. ثم لقطعنا منه الوتين. وقال تعالى اذا لادقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا. هذا الوجه الاول في الجواب عن القصة هو تمهيد وتقدمة للوجوه الاخرى في بيان الجواب. وهو ابطال ما يتعلق بقصة الغرانقة من جهة المعنى لا من جهة الرواية ونقدها وابطالها فيما يتعلق على الفرض بثبوتها والتسليم بصحتها واعتمد في هذا الوجه الاول وهو المقدمة على تقعيد القاعدة الكلية وتأصيل الاصل الكبير الذي هو عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ماذا؟ من الخطأ في تبليغ الرسالة او من ادخال ما ليس من القرآن في القرآن. لا عمدا ولا سهوا. ولذلك جعل هذا التقعيد في فصول سابقة هذا الفصل ولا يتأتى الجواب عن تلك الشبهات الا بتقرير ذلك الاصل. وهناك ساق بالبرهان وبالاجماع ان النبي عليه الصلاة والسلام فيما يتعلق بالوحي والقرآن لا يمكن ان يأتي باية من عنده ولا ان يقرأ على الامة سورة ما انزلت عليه ولا ان يدخل في القرآن لفظة ليست منه. هذا باب مغلق تماما. وهذا الوجه الاول في الجواب هب ان القصة واقعة اتظن ان النبي عليه الصلاة والسلام قال من عنده تلك الغراغة العلى وان شفاعتها لترتجى حتى لو قلنا بتسليمنا بصحة القصة وانها واقعة لا يمكن القول انها كانت من كلام رسول الله عليه الصلاة سلام او يعتقد ان من القرآن ما ليس منه حتى يأتي جبريل عليه السلام فينبهه بذلك قال كل ذلك ممتنع في حقه انه لا يتعمد ذلك والا لكان كفرا. ولهذا قال الله عز وجل ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين. فمحال في حقه صلى الله عليه وسلم. ان يأتي من القرآن بما ليس ليس في القرآن وان يدخل فيه ما ليس منه. واذا تتلى عليهم اياتنا بينات كما في غير اية من القرآن يثبت الله عز وجل ان هذا ليس من عند رسول الله عليه الصلاة والسلام. قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بغير هذا ائت بقرآن غير هذا او بدله فيأتي الجواب قل ما يكون لي ان ابدله من تلقاء نفسي. ان اتبع الا ما يوحى الي اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم. قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا ادراكم به. فقد لبثت فيكم عمرا من قبل قبله افلا تعقلون؟ فهذا مقرر في غير ما اية من القرآن ان الوحي ليس فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم الا البلاغ الا الاعلام الا ان يقرأ على الامة ما اتاه به الوحي من الله هذا اصل عظيم حتى لو قلنا بصحة القصة وثبوتها. قال جريان الكفر على قلبه ممتنع صلى الله عليه وسلم ولا على لسانه صلى الله عليه وسلم عمدا او سهوا او ان يشتبه عليه ما يأتي به الملك بما يلقي عليه الشيطان او ان يتقول على الله ما لم يأته به او ما لم ينزل عليه لا عمدا ولا سهوا. ولهذا قال الله عز وجل وان كادوا عن الذي اوحينا اليك لتفتري علينا غيره. واذا لا يلبثون خلافك الا قليلا. وقال هنا في الاية اذا لاذقناك ضعف الحياة وضعف الممات. ثم لا تجد لك علينا نصيرا. ليس هذا تهديدا من الله عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه تأكيد شديد على ان ذلك لم يكن من رسول الله عليه الصلاة والسلام لان الله قد جعل دون ذلك حاجزا منيعا وبابا مغلقا شواهده في مثل تلك الايات ولو تقول علينا بعضا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين وقوله سبحانه اذا لاذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك عرينا نصيرا قال رحمه الله تعالى ووجه ثان وهو استحالة هذه القصة نظرا وعرفا. ووجه ثان يعني جواب ثان من جهة اخرى من ناحية المعنى. استحالة هذه القصة نظرا وعرفا. يعني في عرف الناس انذاك مستحيل دون ان يقع مثل هذا ولا النظر في من علم احوال السيرة وقصصها واخبارها يعلم استحالة ان تقع مثل هذه القصة نعم وذلك ان هذا الكلام لو كان كما روي لكان بعيد الالتما لكونه متناقض الاقسام ممتزج المدح بالذنب متخاذل التأليف والنضغ. يقول هذا الكلام لو كان. يعني لو كان صحيحا وواقعا لكان بعيدا الالتئام لكونه متناقض الاقسام ممتزج المدح بالذم متخاذل التأليف نظم كيف يعني؟ يعني عد الى الايات افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى الكم الذكر وله الانثى اذا قسمة هل هذا مدح او ذم؟ هذا ذم للالهة. افرأيتم اللهة والعزى ومن اتى الثالثة الاخرى الكم الذكر وله الانثى تلك اذا قسمة ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم ما انزل الله بها من سلطان هذا ذنب وابطال للالهة. فكيف يستقيم الكلام ان تدخل جملتين مدحا بين هذا السياق في الذنب سيكون السياق كالتالي افرأيتم اللات والعزى وبنات الثالثة الاخرى تلك الغرانقة العلى وان شفاعتها لترتجى الكم الذكر وله الانثى تلك اذا قسمة بيزا. ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم ما انزل الله بها من سلطان فكيف يكون مدح مختلطا بذنب؟ يقول رحمه الله هذا مما يعطيك امكانا لنقد القصة حتى لو قلت بصحتها سندا فان النقد فيها من ناحية المعنى متوجه بهذا الكلام لو كان كما كان كما روي ممتزج المدح بالذم سيكون متناقضا متخاذل التأليف والنظم. السؤال قريش على فصاحتها. وبلغ ولسانها الذي فاخرت به وبلغتها نزل القرآن. لو نزل مثل هذا الكلام وسمعوه من فم الا عليه الصلاة والسلام ايقبلون كلاما فيه من الركاكة وفيه من اختلال النظم وفيه من عدم الاستقامة الجمل اي يقبلون كلاما وهم الذين كانوا اذا سمعوا القرآن سدوا اذانهم خشية تأثرهم من سطوة القرآن التي تدخل على القلوب الاستئذان ويأتي كبراؤهم الى رسول الله عليه الصلاة والسلام يريدون مناقشته مجادلته مساومته في الدعوة فيسمعهم صدر سورة فصلت. حميم تنزيل من الرحمن الرحيم. كتاب في الصلت اياته قرآنا عربيا لقومي يعلمون بشيرا ونذيرا فاعرظ اكثرهم فهم لا يسمعون وقالوا قلوبنا في اكنة مما تدعونا اليه وفي وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل اننا عاملون حتى يبلغ قوله تعالى فان اعرضوا فقل انذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود. فيقوم الوليد بن المغيرة يقول حسبك كفى. يكاد يجن مما سمع. يعلمون اثر وسطوته فيعود الى ناديه في قريش فيخبر عما سمع من جلالة القرآن وروعة القرآن وعظمة القرآن يقول والله ان له لحلاوة وان عليه لطلاوة. ان اعلاه لمثمر وان اسفله لمغدق. حتى نزل قوله تعالى في ذمه لما غير الكلام وطعنة في القرآن ذرني ومن خلقت وحيدا الى ان قال ان هذا الا قول البشر ساصديه سقر وما ادراك ما سقر. فالمقصود ان التي اذعنت وايقنت وسلمت بعظمة القرآن. واعجاز القرآن وبلاغة القرآن وسحره ببيان القرآن لو كان هذا الاختلال الواقع في الرواية الغانقة لو كان واقعا اكان يمر على قريش مرور الكرام ثم لا يمسكه طعنا او عيبا او او شيئا مما تهاجم به الدعوة والاسلام. ورسول الله عليه الصلاة والسلام؟ نعم قال رحمه الله ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم ولا من بحضرته من المسلمين وصناديد المشركين مما ايخفى عليه ذلك وهذا لا يخفى على ادنى متأمل. فكيف بمن رجح حلمه واتسع في باب البيان ومعرفة فصيح الكلام علمه. قال رحمه الله ووجه ثالث انه وجه ثالث يعني جواب ثالث ايضا من من جهة المعنى على القول بصحة الرواية وثبوتها. نعم. قال ووجه ثالث انه علم من عادة المنافقين ومعاندي المشركين وضعفة القلوب والجهلة من المسلمين نفورهم لاول وهلة. وتخليط العدو على النبي صلى الله عليه وسلم لاقل فتنة وتعييرهم المسلمين والشمات بهم بين والشمات بهم فينة بعد الفينة وارتداد من في قلبه مرض ممن اظهر الاسلام لادنى شبهة. ولم يحكي احد في هذه القصة شيئا سوى هذه الرواية غاية الضعيفة الاصل ولو كان ذلك لوجدت قريش على المسلمين لوجدت لوجدت قريش بها على المسلمين الصولة ولا قامت بها اليهود عليهم الحجة. يقول هب ان القصة واقعة. لو كانت واقعة حقيقة لكانت الفرص التي لا تفوتها قريش. ولا اليهود ولا المنافقون والمغرضون وكل اعداء الاسلام وخصومه انذاك كيف يعني؟ يقول لانها ستكون طعنا على القرآن. وعلى النبي صلى الله عليه وسلم. وسيقال هذا نبيكم بلغ به الضعف حاشاه صلى الله عليه وسلم. والاستجابة لضغوط قريش ان يقول في القرآن جملتين يرضي بها نفوسهم التي ما زالت معتدة باصنامها واوثانها. وها هو ذا يقرأ عليهم من القرآن ايات يستميل بها قلوبهم يمدح بها الهتهم. لو كانت هذه القصة واقعة لطار بها خصوم الاسلام فرحا ولا استخدموها فيما يطعنون به على الاسلام ونبي الاسلام والقرآن وكل شيء يتعلق بالدعوة انذاك لكنك ما تجد في روايات السيرة ولا في قصصها واخبارها لا رواية صحيحة ولا ضعيفة. ان ابا جهل او امية ابن خلف او ابي ابن خلف وفرعون هذه الامة ولا الوليد بن المغيرة ولا كثير من صناديد قريش ما تجد قصة عن واحد منهم انه جاء واستعمل هذه القصة في معاداته لرسول الله عليه الصلاة والسلام وهم الذين كانوا يبحثون عن ادنى شيء يتخذونه طعنا في الاسلام في القرآن. بكل وسيلة ممكنة. لما حصل ما حصل في قصة تحويل القبلة وهي امر شرعي نسخت القبلة لما كانت الى بيت المقدس فصارت الى مكة وذلك بعد الهجرة بعد اكثر من ستة عشر شهرا من هجرته عليه الصلاة والسلام. قرابة السنة والنصف. فنزل تحويل القبلة الى مكة قد نرى تقلب وجهك في السماء. مع انه نسخ شرعي. لكن اليهود بالمدينة وجدوها فرصة للطعن اهذا دين؟ لا تدرون الى اين تصلون؟ سنوات تصلونه الى الشمال ثم تصلون الى الجنوب. وجعلوا ذلك طعنا ان يشوهون به الاسلام ويؤذون به المسلمين ويشوشون به على ضعفة المسلمين. وجعلوا هذا مطعنا ولهذا نزلت الايات في سورة البقرة ما ننسخ من اية او ننسها نأتي بخير منها او مثلها. سيقول السفهاء من الناس ما لا هم عن قبلتهم التي كانوا عليها. قل لله المشرق والمغرب. ثم قالت الاية بعدها وما كان الله ليضيع ايمانكم يعني صلاتكم ان الله بالناس لرؤوف رحيم. ذلك انهم اكثروا عليهم القول. اذا كانت صلاتكم السابقة باطلة. تعبتم في صلوات لمدة ها قد ذهبت عليكم هباء اكتشفتم ان القبلة كانت خطأ. واليوم تصححون القبلة وتعودون الى الكعبة. هذا وهو واقع شرعا ثبت ثبت هجوم اليهود واعداء الاسلام على هذا النسخ لانه واقع لو كانت قصة الغرانيقة حقيقية واقعة اكان يفوتها خصوم الاسلام واعداؤه ولا يستخدمونها هجوما داء ومكرا وايذاء؟ بلى. لكننا لا نجد في السيرة ولا شيء من اخبارها. ولا في رواياتها لا الصحيح ولا الضعيفة شيئا من ذلك ابدا. هذا مما يزيد تأكيد قول من قال ان الرواية باطلة انها مختلقة مفترى اذ لو كانت واقعة حقيقة زمن النبوة لوجدت لها اثرا. ولكانت لها اصداء ونتحدث بها الاعداء وهاجموا بها الاسلام. لكنك لا تجد سوى هذه الرواية في ادراج الجملة بالايات تلك الغرانقة وان شفاعتها لترتجى. قال رحمه الله علم من عادة المنافقين ومعاندي المشركين وضعفت القلوب والجهلة من مسلمين نفورهم لاول وهلة وتخليط العدو على النبي عليه الصلاة والسلام لاقل فتنة الى ان قال ولم يحكي احد في هذه القصة شيئا سوى هذه الرواية الضعيفة الاصل. ولو كان ذلك لوجدت قريش بها على المسلمين الصولة ولا قامت بها اليهود عليهم الحجة. نعم. قال رحمه الله كما فعلوا مكابرة في قصة الاسراء حتى كانت في ذلك لبعض الضعفاء فاردا وكذلك ما روي في قصة القضية. نعم. يقول الا ترى انه في قصة تحويل القبلة مثلا؟ وفي قصة الاسراء حتى في الاسراء وجدت قريش فرصة طارت بها فرحا انه ان الاوان لنكشف كذب محمد صلى الله عليه وسلم واثر ذلك في نفوس بعض ضعفة المسلمين انذاك. كيف يزعم انه يذهب الى بيت المقدس في الشام ويرجع من ليلته. ونحن نمضي الايام المتتابعة والليالي الطويلة في الذهاب ومثلها في المجيء ليس اقل من شهر ولا شهرين. افيزعم انه يذهب ويعود من ليلته؟ فكان هذا مطعنا بها الخصوم فرحا. وجعلوها سببا يطعنون به في الاسلام. ونجحوا في وسيلتهم الاثمة تلك مع ضعفت المسلمين نعم لم يجدوا طريقا مع اقوياء الايمان مثل ابي بكر رضي الله عنه. جاؤوا وفرحوا انهم وجدوا فرصة للطعن قالوا يا ابا بكر ارأيت ما يزعم صاحبك؟ وهم فرحين انهم الان قد اقاموا عليه الحجة. وانهم سيفحمونه بهذه الاكذوبة في نظرهم. قال وما قال؟ قال يزعم انه ذهب الى بيت المقدس ورجع من ليلته. قال ابو بكر ويقول ذلك؟ قالوا نعم. قال فقد صدق. فقالوا ما لك؟ كيف تقول هذا؟ قال انا اصدقه في اعظم من هذا. اصدقه في وحين يأتيه من السماء افلا اصدقه انه يذهب الى بيت المقدس ويأتي مثل اقوياء الايمان ما وجدوا عليهم طريقا لكنهم وجدوا طريقا مع بعضهم ضعفه والشاهد هنا ان قصة الغرامقة لو كانت واقعة لجعلت منها قريش وخصوم الاسلام سلاح يطعنون به في الاسلام كما فعلوا في قصة الاسراء. وكما فعلوا ايضا في قصة القضية يقصد صلح الحديبية وان النبي عليه الصلاة والسلام لما تنازل عن الشروط لقريش في صلح الحديبية ورضي بمظاهر والظيم والانهزام في ظاهره والتراجع في ظاهره وكان في الحقيقة نصرا وصلحا وفتحا كما سماه الله انا فتحنا لك فتحا مبينا. لما كان ظاهره كذلك ايضا وجد المنافقون فرصة يعيثون بها فسادا. ان في ضعفه وان محمدا صلى الله عليه وسلم في تراجعه وانكساره امام قريش لو كان ذلك صحيحا فعل خصوم الاسلام والمنافقون واليهود كما فعلوا في قصة الاسراء كما فعلوا في قصة القضية يعني يوم صلح الحديبية كما فعلوا ايضا في قصة تحويل القبلة. نعم. قال رحمه الله ولا فتنة اعظم من ولا فتنة ولا فتنة اعظم من هذه البلية لو وجدت ولا تشغيب للمعادي حينئذ اشد من هذه الحادثة لو امكنت. فما روي عن معاند فيها ولا عن مسلم بسببها بنت شفه. فدل على بطلها واجتثاث اصلها. لا يزال المصنف رحمه الله تقريره في بطلان القصة بعد ما انتهى من جهة اسنادها انتقل الى جهة المعنى نقد الرواية مثنى ومعنى واشار رحمه الله بالوجهين الاولين الى ما لا يمكن معه اثبات القصة. وفي هذا الوجه الثالث ايضا قال هذه القصة لو وقعت لكانت اعظم فتنة مما حصل يوم الاسراء او يوم صلح الحديبية. ولا يكون للمعادي فرصة للتشغيب اشد من هذه الحادثة لو وقعت لكن يقول فما روي عن معاند فيها كلمة ولا عن مسلم بسببها بنت شفا بنت شفاهية الكلمة يقال للكلمة بنت شفا لانها تخرج من الفم من بين الشفتين. يعني ما تكلم مسلم ولا كافر في هذه القصة وكل ما تجده من الروايات هو ما حدث. السؤال اما كان في مكة يوم ذاك صحابة؟ اما كان فيهم كفرة اين الروايات عنهم؟ ما علق احد منهم بشيء ولا نقل عن بعضهم كلام حول هذه القصة لا تعجبا ولا اندهاشا ولا اقرارا ولا رفضا ولا نفيا ما في اي تعليق تمر حادثة كهذه ثم لا تنقل رواية في تعليق فيها شيء من ابداء الرأي حيال ما حصل تجاه القصة كيف يمكن هذا؟ صلح الحديبية وقد تباينت فيها المواقف شعر الصحابة بالضعف تكلموا. جاء عمر فتكلم. ابطأ الصحابة في الاستجابة لامر رسول الله عليه الصلاة والسلام. فما حلقوا رؤوسهم حتى اشارت ام سلمة رضي الله عنها ان احلق رأسك واخرج امامهم. ففعل فاستجابوا. لكن هناك ردود فعل. هناك كآثار هناك مواقف كانت مبنية على الحدث لما وقع في صلح الحديبية او في الاسراء. السؤال الا يوجد ايها ردة فعل ولا اثر ولا شيء مما يقع من الناس سواء من المؤمنين او من الكافرين تراها لو كانت قصة لن تخلو من ردود الافعال وتباين المواقف والاثار لكن شيئا من ذلك ما حملته الروايات ولا نقلت القصص والحكايات لا بسند صحيح ولا بسند ضعيف. وغاية ما روي القصة وما حصل فيها والسجود بعد ما انتهى رسول الله عليه الصلاة والسلام من سورة النجم. قال فدل على بطلها واجتثاث اصلها. نعم. قال رحمه الله ولا شك في ادخال بعض شياطين الانس او الجن هذا الحديث على بعض مغفل المحدثين ليلبس به على ضعفاء المسلمين لمين؟ قال رحمه الله هذه الجملة لا شك انها مما يرجحه المصنف رحمه الله وهو كما اسلفت لك في صدر مجلسي مسلك سلكه عدد من اهل العلم سميت لك طرفا منهم. لكنه يقابله من اهل العلم ايضا سلفا خلفا من يميل الى ترجيح وقوع القصة ولن يوصف صنيعهم هذا لا بالبطلان ولا بالقول الكذب بمجانبة العلم او الصواب لكنه اجتهاد تتفاوت فيه الاراء الا ان الفريقين كليهما متفق على ان شيئا من الطعن لا يسلم به في القرآن ولا يلزم من اثبات ذلك اثبات شيء يقدح في مقام النبوة او رسالة ورسول الله صلى الله عليه وسلم. قال رحمه الله ووجه رابع. ذكر الرواة لهذه القضية ان في فيها نزلت وان كادوا ليفتنونك عن الذي اوحينا اليك لتفتري علينا غيره. واذا لاتخذوك ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا. وهاتان الايتان الخبر الذي رووه لان الله تعالى ذكر انهم كادوا يفتنونه حتى يفتري وانه لولا انه ثبته لكاد يركن اليهم. فمضمون هذا ومفهومه ان الله تعالى عصمه من ان يفتري. وثبته حتى لم يركن اليهم شيئا قليلا فكيف كثيرا؟ وهم يرون في فهم يروون في اخبارهم الواهية انه زاد على الركون والافتراء بمدح الهتهم وانه قال عليه السلام افتريت على الله وقلت ما لم يقل يقل وهذا ضد مفهوم الاية وهي تضعيف الحديث او هي تضعف الحديث لو صح؟ فكيف ولا صحة له؟ الوجه الرابع مما تدل به المصنف رحمه الله على بطلان القصة لا من حيث الرواية. فقد فرغ من الحديث عنها. لكن من حيث المعنى الذي عليه القصة يقول ان عددا من رواة تلك الرواية في قصة الغرانقة ذكر انه نزل بسببها قول الله تعالى في سورة الاسراء وان كادوا ليفتنونك عن الذي اوحينا اليك لتفتري علينا غيره لتفتري علينا غيره. واذا لاتخذوك خليلا. ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا. يقول فاثباتهم ان الاية نزلت بسبب القصة هو اثبات بطلان القصة. لان الله يقول ولولا ان ثبتناك. اذا فقد ثبته الله فلم يقل. وان كادوا ليفتنونك عن الذي اوحينا اليك لتفتري كادوا كادوا ان يفعلوا لكنهم لم يفعلوا. ولولا ان ثبتناك اذا فقدنا ثبته الله يقول فهذه الاية ترد الخبر الذي رووه لان الله ذكر انهم كادوا يفتنونه حتى وانه لولا انه ثبته لكاد يركن اليهم. قال فمضمون الاية ومفهومها ان الله عصمه من الافتراء وثبته حتى لم يركن اليهم شيئا قليلا. فكيف لو كان كثيرا؟ قال هذا كله لو ثبت سيكون معناه ان النبي عليه الصلاة والسلام زاد في الاية ما لم يأتي به الوحي. وزيادة شيء على الوحي بغير ما جاء به الوحي افتراء وكأن النبي عليه الصلاة والسلام وحاشاه كأنه قال افتريت على الله وقلت ما لم يقل. وهذا الاية الاية تقول ولولا ان ثبتناك. قال وهي تظعف الحديث لو صح. لو كان الحديث صحيحا لكانت الاية الحديث فكيف والحديث باطل فان الاية تزيده بطلانا وتؤكد عدم صحة القصة. قال رحمه الله الله وهذا مثل قوله تعالى في الاية الاخرى ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منه ان يضلوك وما يضلون الا انفسهم وما يضرونك من شيء. وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما كل ما في القرآن كاد فهما لا يكون ابدا. قال الله تعالى يكاد ثنا برقه يذهب بالابصار ولم يذهب واكاد اخفيها ولم يفعل. نعم. هذا ايضا من الكليات في تفسير القرآن يذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما. والمقصود بالكلية قواعد كلية تساعد قارئ القرآن في تفسير ما جاء في القرآن. من الكليات القرآنية ما يؤثر عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله كل ما في القرآن كاد يعني كل كلمة في القرآن جاءت من الفعل كاد او يكاد فهو ما لا يكون ابدا. يعني لا يأتي في القرآن اية فيها كاد او يكاد الا لشيء لم يقع ابدا. مثل يكاد سنا برقه يذهب بالابصار. يعني المطر يكاد سنا برقه يذهب بالابصار. ولم يذهب لم يكن البرق يوما خاطفا لابصار البشر مزيلا لها عن البصر. قال وقوله تعالى ان الساعة اتية اخفيها ولم يفعل. فدل على ان بهذه الكليات القرآنية ان الله في قوله وان كادوا اذا كان كل شيء في القرآن فيه كاد لم يقع. اذا وان كادوا ليفتنونك هل فتنوه؟ بتطبيق الكلية القرآنية فيما يتعلق بكاد اذ لم يقع منهم فتنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. نعم. قال رحمه الله قال القشيري القاضي ولقد طالبه قريش وثقيف اذا مر بالهتهم ان يقبل بوجهه اليها ووعدوه الايمان به ان فعل. فما فعل ولا كان ليفعل. قال ابن الانباري رحمه الله ما قارب الرسول صلى الله عليه وسلم ما قارب الرسول صلى الله عليه وسلم ولا ركن يقصد في الاية. ليفتنونك عن الذي اوحينا اليك لتفتري علينا واذا لاتخذوك خليلا ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا. قال ما قال رب ولا ركن يعني ابدا ما حصل منه عليه الصلاة والسلام مقاربة ولا ركون. والمتأمل ايها الكرام. وكلكم يعلم سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام. كم سنة بقي بمكة؟ ثلاث عشرة سنة. ما الذي خرج به منها عند هجرته؟ بنصف اهلها مسلمين بثلاثة ارباعها بثلثيها ما خرج الا بالنزر اليسير. سؤال ما الذي صبره على عناء مكابرتي والتكذيب والعناد بل والاذى بل ومحاولة القتل والتآمر عليه ما اخرجه الا ذاك عليه الصلاة والسلام ايبقى محتملا عداء السنين وجهاد الدعوة ومرارة ما لقي هو واصحابه بمكة في مقابل الثبات على دينه ودعوته والا ينزل شبرا وهم الذين قالوا له نعبد الهك سنة وتعبد الهنا سنة فينزل قوله تعالى قل يا ايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون ولا انتم عابدون ما اعبد ولا انا عابد ما عبدتم ولا انتم دون ما اعبد لكم دينكم ولي دين. منهج المقاربة والالتقاء في منتصف الطريق. والنزول عن الدين والعقائد والثوابت والمسلمات لم يكن من هديه عليه الصلاة والسلام. اتظن انه يتحمل جهاد السنين في الدعوة على مدى ثلاث عشرة سنة ثم تريد ان تقنعني بانه في سورة النجم ارضاء لهم وتطييبا لخواطرهم يدخل جملتين ليست من كلام الله حاشاه عليه الصلاة والسلام فهذا مما يزيد التأكيد على بطلان القصة خصوصا وان اسانيدها ضعيفة واهية. لا يثبت لها ولا يصح لها احد الروايات اطلاقا. ولهذا قلت لك قد تتابع عدد من الائمة على بطلانها والقول بعدم ومن اخره من المعاصرين وقد سميت لك ليلة الجمعة الماضية العلامة الالباني رحمه الله في رسالته نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق وهو يذكر ما اجتمع له من الروايات ويبطلها. قال رحمه الله تعالى وقد ذكرت في معنى هذه الاية تفاسير اخر ما ذكرناه من نص الله تعالى على عصمة رسوله يرد سفاسفها سفسافها سفساف فلم يبق في الاية الا ان الله تعالى امتن على رسوله بعصمته وتثبيته مما كاده به الكفار. وراموا من نأتيه ومرادنا من ذلك تنزيهه وعصمته صلى الله عليه وسلم وهو مفهوم الاية. قال رحمه الله وقد ذكرت في معنى هذه الاية تفاسير اخر. يقصد قول الله تعالى وان كادوا ليفتنونك عن الذي اوحينا اليك لتفتري علينا غيره. واذا لاتخذوك خليلا. قال فلم يبقى قال ما ذكرناه من نص الله على عصمة رسوله صلى الله عليه وسلم يرد سفسافها يعني التافهة والسقاء الساقطة والرديئة منها يعني من تلك الاقوال. فلم يبق في الاية الا ان الله تعالى امتن رسوله صلى الله عليه وسلم بعصمته وتثبيته مما كاده به الكفار وراموا من فتنة ومرادنا من ذلك تنزيهه وعصمته صلى الله عليه وسلم وهو مفهوم الاية. انتهى هنا كلام المصنف من وجوه اربعة. ساقها للتأكيد على بطلان قصة الغرانيق وعدم اثباتها. وهي نقد معنوي نقد لمتن الحديث كما يقول المحدثون. فانهم اذا ارادوا تضعيف حديث ذكروا نقدهم للحديث ومتنى وفعل هذا المصنف رحمه الله نقده من جهة السند وبين ضعف الرواية وعدم ثبوتها بطريق صحيح وان من رواها متهم في نقله وروايته ثم نقدها من حيث المعنى من وجوه اربعة. كل هذا كان في المسلك الاول وهو ابطال الرواية وعدم القول بصحتها ولا التسليم بوقوعها. ونشرع ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله في المسلك الاخر وهو التسليم بصحة القصة. فما الجواب؟ وكيف يمكن ان ندفع على قول من قال بوقوع القصة وثبوتها؟ كيف ندفع الاثم والفرية او شيئا من القدح ممكن ان يشوش به بعض المغرضين والمشككين في ديننا في قرآننا في صلى الله عليه وسلم سيأتي ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. استمطروا صلوات ربكم عليكم ليلتكم هذه بصلاتكم على نبيكم صلى الله عليه وسلم. فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. يا خير خلق الله يا بدرا بدا يا منبع الاخلاق يا رمز الهدى. لهجت لك الافواه قولا واحدا. صلى الاله على النبي محمدا اجعلوا من صلاتكم وسلامكم عليه صلى الله عليه وسلم ليلتكم هذه وجمعتكم غدا ما تكتنزون به مجامع الرحمات وصلوات ربكم عليكم من فوق سبع سماوات ليلهج قلبك قبل لسانك. اللهم صل وسلم على نبينا محمد امام الهدى وسيد صلاة وسلاما تنجينا بها من الدركات. وتكشف بها عنا الكربات وترفعنا بها في اعلى الدرجات. انك سميع قريب مجيب دعوات اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا احياء وميتين. اللهم ارحم والدينا كما ربونا صغارا واجز يا رب بالحسنات احسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا. اللهم ارفع درجاتهم في عليين واخلفهم في عقبهم في الغابرين. واجمعنا بهم وازواجنا وذرياتنا في جناتك جنات النعيم. الهنا وسيدنا وخالقنا اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم كن لامة الاسلام نصرا وتأييدا وعونا وتفريجا للكربات يا حي يا قيوم واصرف عنا جميعا الهنا شر الاشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار انت خير حافظا وانت ارحم الراحمين. اللهم احفظ علينا امننا وايماننا وسلامتنا واسلامنا. ووفقنا لما تحب تحب وترظى ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا وحبيبنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين