بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك فله الحمد في الاخرة والاولى. واشهد ان سيدنا ونبينا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله. امام الهدى وسيد الورى صلوات ربي وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار. صلوا وسلموا عليه فهذه ليلة مباركة شريفة حظنا فيها الاكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وهو القائل اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. وقد اخرج الامام احمد رحمه الله في المسند من حديث عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اتاني جبريل ابشرني ان الله يقول لك من صلى عليك صليت عليه. ومن سلم عليك سلمت عليه. قال فسجدت لله شكرا. الا فصلوا واستكثروا من هذا الخير والرحمة والبركة. بصلاتكم على نبيكم صلى الله عليه وسلم. ذروني فقلبي للرسول يتوق. اي يلام في حب الرسول خفوق؟ صلى الاله عليهما ليل دجى. او ما تنفس في شروق فيا رب صلي وسلم وبارك عليه كما تحب ان يصلى ويسلم عليه واجعل صلاتنا وسلامنا عليه طريقا الى مرضاتك وصلاتك علينا يا اكرم الاكرمين. وحسبنا ان يكون مجلسنا هذا نحتسب فيه الاكثار من من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم نستلهم المعاني العظام ونقف على حقوقه الجليلة صلى الله عليه واله وسلم ولا يزال مجلسنا هذا بفضل الله ممتدا في مدارسة كتاب الشفا. للامام القاضي عياض رحمة الله عليه وما زلنا في الباب الاول من ثالث اقسام الكتاب في عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومجلسكم الليلة ايها الكرام مواصلة لما كان عليه الحديث ليلة الجمعة الماضية. وفيها رد المصنف رحمه الله لشبهة عظيمة تتعلق بايات سورة النجم افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى. وما ورد في بعض الروايات من ادراج تلك الغرانقة العلا وان شفاعتها لترتجى. وقد مضى معنا في المجلس السابق ان المصنف رحمه الله اعتمد تضعيف الرواية. واعتمد في ضعيفه للرواية المذكورة على امرين. احدهما الحديث عن التضعيف سندا. ونقد ذلك كما ينقله بضعف رواته والاخر هو نقد الرواية متنا. واورد فيها وجوها اربعة تقتضي تضعيف الرواية بموجب بما جاء فيها من الفاظ وروايات انتهى بها رحمه الله تعالى الى تضعيف الرواية سندا ومتنا. وتقدم بكم ايضا انه لا يشكل علينا اطلاقا في موقف اهل العلم من تضعيف الرواية في شأن الغرانقة او قصة الغرانيق لم يشكل علينا موقف غيرهم من اهل العلم ممن رأى صحتها. ومال الى ثبوتها. فان من اثبتها من اهل العلم لا يستلزم اثباته طعنا في القرآن ولا في النبوة ولا في رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. لما انتهى المصنف رحمه الله من تضعيف الرواية. ونقدها سندا ومتنا. انتقل الى الجانب الاخر والمأخذ الثاني. وهو اجابة عن تلك الرواية على فرض صحتها. وسيكون الجواب ها هنا للطائفتين من اهل العلم على حد سواء. من افي الرواية ومن اثبتها فان من اثبتها له اجابة بل اجابات متعددة فكيف نقول هل يمكن ان يكون الشيطان مدخل في القرآن فيدخل في الايات ما ليس منها او ينطق رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ سورة النجم على وهي مجتمعة بين يديه. فيدخل في الايات الكريمة ما ليس منها. ويدرج في الوحي ما لم ينزل به عليه وحي هذا لا يمكن ان يكون لانه معارض لما تقرر في النصوص الشرعية والاصول العظيمة ان وحي الله محفوظ وان نبينا صلى الله عليه وسلم لم يكن له في الوحي الا البلاغ. واما الايات والسور فمنزلها الله جل جلاله بها ونبينا عليه الصلاة والسلام انما كان يتلوها ويبلغ ما يوحى اليه من ربه. وقف بنا الحديث هنا ليكون تتمة الفصل في في كلام المصنف رحمه الله عن الجواب على تلك الرواية على فرض صحتها نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في رد المؤلف لبعض الشبهات والمطاعم كرده لقصة الغرانيق وبعض الشبه التي تمسكوا بها الزائغون الى ان قال واما المأخذ الثل فهو مبني على تسليم الحديث لو صح وقد اعاذنا الله من صحته يعني قد تبين فيما سبق من كلامه رحمه الله ضعف الحديث. قال وقد اعاذنا الله من صحته. لكن عند غيره من اهل العلم ممن يرى ثبوته وقد سمينا منهم طائفة فيما سبق. فيأتي الجواب هنا على صحته فيكون الجواب عن ذلك الاشكال من وجوه عدة يأتي الان بيانها. ولكن على كل حال فقد اجاب على ذلك ائمة باجوبة منها الغث والسمين. فمنها ما رواه قتادة ومقاتل ان النبي صلى الله عليه وسلم اصاب سنة اصابته سنة عند قراءته هذه السورة. فجرى هذا الكلام على لسانه بحكم النوم. وهذا لا يصح اذ لا يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم ومثله في حالة لا يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم مثله وهذا لا يصح اذ لا يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم مثله في حالة من احواله ولا يخلقه الله على لسانه ولا يستولي الشيطان عليه في نوم ولا يقظة لعصمته في هذا الباب من جميع العمد والسهو هذه اولى الاجابات. وقد ضعفها المصنف كما سمعت. وهو نقلها هنا عن قتادة ومقاتل. قالوا في الجواب انه عليه الصلاة والسلام لما كان يقرأ الايات وبلغ افرأيتم اللات والعزى ومن اتى الثالثة الاخرى اصاب سنة عند قراءة السورة. ما معنى سينا؟ نعاس وبدايات النوم. قال فجرى هذا الكلام على لسانه بحكم النوم يعني انه قاله وهو في حالة من بدايات النوم فلم يكن يقصد ما قاله وما جرى على لساني قال القاضي عياض وهذا لا يصح لم؟ قال لانه لا يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم مثله في حالة من الاحوال يعني نحن هل نقول انه عليه الصلاة والسلام لا يخطئ في القرآن اذا كان مستيقظا ويمكن ان يخطئ اذا كان في نعاس تعب وارهاق ونحو ذلك. لا. كلام الله محفوظ والوحي معصوم. فلا يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم مثل في حالة من الاحوال قالوا ولا يخلقه الله على لسانه ولا يستولي الشيطان عليه في نوم ولا يقظة لعصمته في هذا الباب من جميع العمد والسهو. هذه اجابة اولى وقد ضعفها المصنف رحمه الله كما سمعت. نعم وفي قول الكلبي ان النبي صلى الله عليه وسلم حدث نفسه فقال ذلك الشيطان على لسانه كيف يعني حدث نفسه مر معك في الروايات التي ظعف المصنف اسنادها ان نبينا عليه الصلاة والسلام كان يرجو ان يهدي الله قريشا وان يفتح صدورها للحق وان يشرحها للاسلام كيف لا وهم قومه وعشيرته اعمامه اخواله واقرباؤه وعشيرته وجماعته احب الناس اليه واقربهم اليه. كان يتمنى هدايتهم ولا شك وكان يحرص على ذلك غاية الحرص. قيل في بعض تلك الروايات الضعيفة انه كان يقع في قلبه عليه الصلاة والسلام نية ان ينزل عليه من الوحي ما يكون فيه تطييب لخواطرهم. وارضاء لما في نفوسهم وشيء على اقتراب الخطوات بينه وبينهم. قال حدث نفسه بذلك فقال الشيطان ذلك على لسانه. يعني الشيطان هذا الكلام تلك الغرانقة العلا وان شفاعتها لترتجى. قال وفي رواية ابن شهاب عن ابي بكر ابن عبدالرحمن قال فلما اخبر بذلك قال انما ذلك من الشيطان. يعني وقع ذلك منه لكنه كان سهوا. والسهو هذا اوقعه الشيطان فيه على لسانه واجراه عليه فسمعت الناس في اثناء سورة النجم واياتها تلك الجملتين تلك الغرانقة العلى وان شفاعتها لترتجى. نعم. وفي رواية ابن شهاب عن ابي بكر بن عبدالرحمن قال وسهى فلما اخبر بذلك قال انما ذلك من الشيطان. وكل هذا لا يصح ان يقوله عليه السلام. لا لا سهوا ولا قصدا ولا يتقوله الشيطان على لسانه عليه السلام صلى الله عليه وسلم. ايضا ضعف المصنف رحمه الله هذه الاجابة وهذه الرواية ايضا عن ابن شهاب عن ابي بكر بن عبدالرحمن انه لا يمكن ان يكون ذلك جوابا مقبولا انه يفضي الى امكانية سهوه في الوحي عليه الصلاة والسلام وكل ذلك ممتنع. وقيل لعل النبي صلى الله عليه وسلم قاله في اثناء تلاوته على تقدير التقرير والتوبيخ للكفار. كقول ابراهيم عليه السلام هذا ربي على احد التأويلات. وكقوله بل فعله كبيرهم هذا بعد السكت وبيان الفصل بين الكلامين ثم ثم رجع الى تلاوته وهذا ممكن مع بيان الفصل وقرينة تدل على المراد. وانه ليس من المتلو وهو احد ما ذكره القاضي ابو بكر فلا يعتر على هذا بما روي انه كان في الصلاة فقد كان الكلام فيها قبل غير ممنوع هذا جواب ثالث قال فيه القاضي رحمه الله وقيل لعل النبي صلى الله عليه وسلم قاله في اثناء تلاوته به على تقدير التقرير والتوبيخ. يعني انه كان يقرأ سورة النجم والنجم اذا هوى ما ظل صاحبكم وما هو حتى لما بلغ افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى ادرج صلى الله عليه وسلم تلك الجملتين ادراجا يخاطب بها قريشا على سبيل التقرير والتوبيخ في التقدير للمعنى. يعني انه يقول موبخا لهم تلك الغرانقة العلى وان شفاعتها لترتجى. فقالها ادراجا على سبيل التوبيخ لهم ثم عاد الى الوحي واكمل الايات في قوله سبحانه وتعالى آآ الكم الذكر وله الانثى تلك اذا قسمة الى اخر الايات. قال مثل قول ابراهيم عليه السلام فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي. وقد مر بكم ايضا الاجابة في مثل هذه الايات في قصة ابراهيم عليه السلام. وان احدى الاجوبة هناك انه لما قال ابراهيم عليه السلام هذا ربي ما قالها معتقدا لكنه قالها على سبيل التقرير لقومه موبخا يعني كأنه يقول انا ساتنزل معكم وليكن هذا الكوكب الهي قال هذا ربي. فلما افل غاب واختفى. وتبين انه لا يصلح ان يكون الها؟ قال لا احب الافلين. فجملة هذا ربي التي جاءت في السياق لم تكن اقرارا من ابراهيم عليه السلام بربوبية ذلك الكوكب لكن كان التقريرا لقومه وتوبيخا. قال فكذلك يمكن ان نقول تلك الغرانقة العلا وان شفاعتها الا ترتجى ستكون من باب التقرير لهم وتوبيخا لهم على ما ذهبوا اليه من عبادة تلك الاصنام. قال ومثل قوله يعني ابراهيم عليه السلام قال بل فعله كبيرهم هذا. في جواب سؤال قومه لما كسر الاصنام قالوا من على هذا بالهتنا انه لمن الظالمين. قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له ابراهيم قالوا فاتوا به على اعين الناس لعلهم يشهدون قالوا اانت فعلت هذا بالهتنا يا ابراهيم؟ هو الذي فعل او ليس هو الذي فعل؟ بلى هو الذي كسرها فجعلهم جذاذا الا كبيرا لهم لعلهم اليه راجعون. فراغ على الهتهم فراغ الى الهتهم فقال الا تأكلون ما لكم لا يقول فرغ عليهم ضربا باليمين. فهو الذي كسرها. قالوا اانت فعلت هذا بالهتنا يا ابراهيم؟ قال بل فعله كبيرهم هذا لما قال بل فعله كبيرهم هذا ما كان إبراهيم عليه السلام يقصد الكذب وتبرئة نفسه لكن لما قال بل فعله كبيرهم ماذا اراد؟ اراد ايقافهم على سخافة عقولهم. وعلى بطلان الهتهم فاسألوهم ان كانوا ينطقون فقوله بل فعله كبيرهم هذا هو كلام صحيح قاله ابراهيم عليه السلام لكن ليس المعنى انه ينسب الفعل الى الهتهم على الحقيقة. لكنه اراد تقريرهم على بطلان ما هم عليه. وتوبيخهم على كفرهم وشركهم ووثنيتهم التي كانوا عليها. فهكذا ستقول انه لما قرأ صلى الله عليه وسلم افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى قال تلك الغرانقة العلى وان شفاعتها لترتجى. قالها توبيخا لهم. يعني ايقع هذا منكم ثم عاود القراءة الكم الذكر وله الانثى تلك اذا قسمة ظيسا. قال فلا يعترض على هذا بما روي انه كان في الصلاة يعني سيكون هنا اعتراض كيف تستطيع ان تقول انه يدرج في الايات جملة او جملتين يتوجه بها الى الخطاب مع قومه الحاضرين في مجلسه وهم يسمعون ايات النجم ايجوز ان يقرأ في الصلاة شيئا سوى القرآن؟ لان في احدى الروايات انه كان في صلاة لما قرأ تلك الايات قال في الجواب هذا ليس اشكالا لان الكلام كان في الصلاة انذاك ليس ممنوعا وفي قوله تعالى في سورة الاعراف وقوموا لله قانتين. في حديث زيد في الصحيحين قال كنا نتكلم في الصلاة. يكلم الرجل منا الرجل الى جنبه حتى نزل قوله تعالى وقوموا لله قانتين فامرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام. فكان ذلك جائزا وكان الكلام الصلاة غير ممنوع فيستقيم الجواب هنا ولا يشكل عليه منع الصلاة او منع الكلام اثناء الصلاة. هذا الجواب فيه شيء من الوجاهة. لكن المصنف قال عنه وهذا ممكن. مع بيان الفصل وقرينة تدل على المراد وانه ليس من المتلو. يقول هذا الجواب وجيه. لكنه يحتاج الى ان يثبت في الرواية انه لما كان يقرأ صلى الله عليه وسلم ايات سورة النجم توقف ثم قال تلك الجملتين وعاود تلاوة الايات ليظهر ان تلك الجملتين كانتا ادراجا في الكلام وليست من صلب الايات وليست من ضمن المتلو. مما كان يقرأه على اسماعهم صلوات الله وسلامه عليه. هذه اجابة ثلاث اتى بها المصنف وظعف الاوليين منها. واستوجب الجواب الثالث مع هذا القيد الذي سمعت قبل قليل والذي يظهر ويترجح في تأويله عنده وعند غيره من المحققين عنده يعني عند القاضي ابي بكر الذي نقل المصنف كلامه في اول الفصل. على تسليمه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان كما امره ربه يرتل القرآن ترتيلا ويفصل الاية تفصيلا في قراءته كما رواه الثقات عن فيمكن ترصد الشيطان لتلك السكتات ودسه فيها ما اختلقه من تلك الكلمات. محاكيا نغمة النبي صلى الله عليه وسلم. بحيث يسمعه من دنى اليه من الكفار. فظنوها من قول النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقد حالك عند المسلمين بحفظ السورة قبل ذلك على ما انزلها الله تعالى وتحققهم من حال النبي صلى الله عليه وسلم في ذم الاوهاب في ذم الاوثان وعيبها على ما عرف منه. يقول والذي يظهر ترجحوا على التسليم بصحة الرواية ان النبي عليه الصلاة والسلام كان كما وصف اصحابه رضي الله عنهم كان يرتل القرآن ترتيلا وكان يفسر او كانت قراءته مفسرة حرفا حرفا فكان اذا قرأ القرآن عليه الصلاة والسلام يقرأ بتؤدة وتمهل وترسل يقع اي القرآن في قلوب واسماع اصحابه موقعا عظيما. وكان من شأنه ان يقف عليه الصلاة والسلام على رؤوس الاية. فلو لاحظت هذا الوصف في قراءته للقرآن تمهل وترتيل وتؤدة وتوقف بين اية واية وفصل بينها. فان هذا يمكن ان يسمح لهذا الوجه من التأويل بان يكون له معنى مقبول. قال فيمكن ترصد الشيطان لتلك السكتات. اي سكتة التي تكون بين الايات ودسه فيها ما اختلقه من تلك الكلمات. كيف يعني؟ قال محاكيا نغمة النبي صلى الله عليه وسلم. فلما قرأ الاية وسكت وكان سكوته فيه قدر من التؤدة والطمأنينة والتمهل فالقى الشيطان على مسامع الحاضرين صوتا يشبه صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك الجملتين. قال بحيث يسمعه من دنا اليه من كفار. فظنوها ماذا؟ فظنوها من قول النبي صلى الله عليه وسلم واشاعوها ولم يقدح ذلك عند المسلمين بحفظ السورة قبل ذلك على ما انزلها الله وتحققهم من حال النبي صلى الله عليه وسلم في ذم الاوثان وعي بها نعم وقد حكى موسى وقد حكى موسى ابن عقبة في مغازيه نحو هذا وقال ان المسلمين لم يسمعوها وانما القى الشيطان ذلك في اسماع المشركين وقلوبهم. ويكون ما روي من حزن النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الاشاعة والشبهة وسبب هذه الفتنة. نعم. هذا ايضا مما نقله موسى بن عقبة صاحب كتاب المغازي. وقد ذكر في اثناء هذه القصة ما اؤيد هذا المعنى وان المسلمين الحاضرين لذلك المجلس ما سمعوها بل القيت في اسماع المشركين بقصد فتنتهم وصدهم وواعتقاد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى بما يوافق شركهم ووثنيتهم نعم. وقد قال الله تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله اياته والله عليم حكيم فمعنى تمنى تلى قال الله تعالى لا يعلمون الكتاب الا اماني. اي تلاوة قوله صلى وقوله وقوله تعالى فينسخ فينسخ الله ما يلقي الشيطان اي يذهبه ويزيل اللبس به ويحكم اياته. وقيل معنى الاية هو ما يقع وقيل مع وقيل معنى الاية هو ما يقع للنبي صلى الله عليه وسلم من السهو اذا قرأ فينتبه فينتبه لذلك ويرجع عنه. نعم. يؤيد تفسير التوجيه الاخير سياق الاية الكريمة. وقلنا كما تقدم في كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في ليلة الجمعة الماضية ان من ذهب من السلف الى صحة الرواية ووقوع القصة قال انه يدل عليه القرآن فلا سبيل الى نفي القصة تماما. وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي. الا اذا تمنى يعني اذا تلا وهذا تفسير ابن عباس في احد اقواله قال تمنى بمعنى تلا الا اذا تمنى يعني تلا القرآن القى الشيطان في لامنيته يعني في تلاوته ماذا يلقي؟ يلقي شيئا سوى الوحي من اجل التلبيس والفتنة قال الله تعالى لجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم. هذا تأكيد كما يقول شيخ الاسلام ان سياق الاية يدل على وقوع شيء ما كان فتنة ولانه كان فتنة اغتم له صلى الله عليه وسلم سبب ما وقع عنده وعند اصحابه كيف يكون شيء من القرآن يمكن ان يلبس به على غيره. فكان ابتلاء وجاء الوحي تطييبا لخاطره. وتأنيسا له عليه الصلاة والسلام. وازالة لما كدر خاطره. يعني لا تحزن يا محمد. فان هذا واقع لك ولمن سبقك من الرسل وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله اياته والله عليم حكيم. لم؟ قال ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذي في قلوبهم مرض القاسية قلوبهم. وان الظالمين لفي شقاق بعيد. وليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربك امنوا به فتخبت له قلوبهم. فيكون هذا معنى الابتلاء في الدين. معنى الامتحان في الثبات على الحق. وعدم الاستجابة الباطل فيزيد الله الذين اهتدوا هدى. ويزيد الظالمين ابتعادا وشقاء وبعدا وسدودا واعراض هذا هو مقصد الاذن. فيكون هذا كسائر مواقف الامتحان التي يمر بها العباد في طريق الهداية. ليعلم الله من على الحق ومن يقبل الدين ومن يستجيب لادنى شبهة ومن يحني رأسه لادنى عاصفة ومن ينغمس في الشبهات ومن نزل عن دينه هذا هو الابتلاء. وامتحان للعباد ليتميز الثابتون بدينهم وعقيدتهم من اولئك كالذين لا يبالون وتكون دنياهم وادنى شبهة تذهب بما يملكون من دينهم على ضعفه وقلة رصيدهم فيه فهذا يؤكد او يرجح ان معنى الرواية التي تم التوجيه بها ان الشيطان القى ذلك في مسامعهم. قال قل الله ما يلقي الشيطان اي يذهبه ويزيل اللبس به ويحكم اياته. هذا الجواب الذي استظاره المصنف وهو رابع الاجوبة ثم ثم قال وقيل معنى الاية ما يقع للنبي صلى الله عليه وسلم من السهو اذا قرأ. فينتبه لذلك ويرجع عنه. نعم وهذا نحو من قول الكلبي في الاية انه حدث نفسه وقال اذا تمنى اي حدث نفسه في رواية ابي بكر بن عبدالرحمن نحوه. وهذا السهو في القراءة انما يصح فيما ليس طريقه تغيير المعاني وتبديل الاثار وزيادة ما ليس من القرآن. بل السهو عن اسقاط اية منه او كلمة ولكنه لا يقر على هذا بل ينبه عليه ويذكر به للحين. على ما سنذكره في حكم ما يجوز عليه من السهو وما لا يجوز هذا الجواب الخامس هنا ان معنى الاية تنبيه للنبي عليه الصلاة والسلام على ما يقع منه من سهو في قراءة في القرآن لما كان يقرأ القرآن عليه الصلاة والسلام ايخطئ السؤال هل يجوز عليه الخطأ في قراءة القرآن سهوا كما يقع للحفاظ والائمة وهم يقرأون القرآن؟ السهو واقع وقد ينسى اية صلى الله عليه وسلم. وقد قال مرة لبعض اصحابه ذكرتني اية كنت قد انسيتها. فيقع منه السهو واخطأ مرة في قراءة فلما حدثه بعض اصحابه عتبه ان لم يكن قد اخبره بها او بلغه بها اثناء قراءته قول المصنف لكن هذا نوع من السهو والقصة فيها نوع اخر. فرق في السهو بين ان ينسى اية او كلمة فيستدركها اذا ذكر عليه الصلاة والسلام وهذا لا اشكال فيه. لكن هل ندخل في هذا النوع من السهو الموارد في القصة هنا ان في الاية ما ليس من القرآن جملة وجملتين. ثم نقول هذا من السهو الذي يجوز ان يقع منه. ثم يأتي الله فينسخ ذلك ويحكم اياته قال رحمه الله هذا السهو في القراءة انما يصح فيما ليس طريقه تغيير المعاني وتبديل الالفاظ وزيادة ما ليس من القرآن. ليس معنى اثبات السهو في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم. ليس معناه انه يبدل او يزيد شيئا في القرآن ليس من القرآن. لا ليس هذا المقصود. قال بل السهو عن اسقاط اية منه او كلمة. ومع لا يقر على السهو صلى الله عليه وسلم بل ينبه عليه ويذكر به للحين على ما سيأتي تفصيله ان شاء الله في فصل لاحق في سهو يجوز عليه صلى الله عليه وسلم وقوعه وليس قادحا في العصمة ولا في نبوته صلوات ربي وسلامه عليه اللهم صلي وسلم. ومما يظهر في تأويله ايضا ان مجاهدا روى هذه جواب خامس. ويأتي فيه المصنف بمعنى اخر سوى المعاني التي سبقت. نعم ومما يظهر في تأويله ايضا ان مجاهدا روى هذه القصة والغرانقة العلا. فان سلمنا القصة قلنا لا يبعد ان هذا كان قرآنا. والمراد بالغرانقة العلا وان شفاعتهن لترتجى. الملائكة على هذا التأويل وهذه الرواية وبهذا فسر الكلبي الغرانقة انها الملائكة وذلك ان الكفار كانوا يعتقدون ان الاوثان والملائكة الله كما حكى الله عنهم ورد عليهم في هذه السورة في هذه السورة بقوله الكم الذكر وله الانثى فانكر الله كل هذا من قولهم ورجاء الشفاعة من الملائكة صحيح هذا جواب يقول سلمنا ان النبي عليه الصلاة والسلام قرأ فيما قرأ من الايات والغرانقة العلى ان شفاعتها لترتجى. يقول وقد روى مجاهد هذه الرواية وتقدم بكم ليلة الجمعة الماضية ان مجاهدا واحدا من الخمسة الذين صح عنهم من ائمة السلف اثبات القصة قال فيكون المراد بالغرانقة الملائكة على هذا التأويل وبها فسرها الكلبي في الاية ان الغرامق هي وعندئذ فلا اشكال لان الكفار يعتقدون ان الاوثان والملائكة بنات الله وهذا في كثير من الايات رده القرآن عليهم وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثا. اشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون. قال ويجعل لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون. فكانوا يعتقدون انها بنات الله. قال المصنف فانكر الله كل ذلك من قولهم وقوله اذا افترظنا ان الاية صحيحة والتلك الغرانقة العلى فيكون معناها الملائكة وان شفاعتها لا ترتجى. قال ورجاء الشفاعة من الملائكة صحيح. فان الملائكة تشفع لاهل الايمان. وتدعو لهم كما في سورة غافر وغيرها والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الارض في سورة الشورى. الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به يستغفرون للذين امنوا كما في سورة غافر. يقول فاذا فاستبنا الغرانق بانها الملائكة وقد كانت قريش تزعم انها بنات الله وكان هذا من خطأهم في الاعتقاد فيكون معنى الاية لا اشكال فيه ولا لبس وان الملائكة مما ترجى شفاعتها. نعم فانكر الله كل هذا من قولهم ورجاء الشفاعة من الملائكة صحيح. فلما تأوله المشركون على ان المراد بهذا ذكر الهتهم. ولبس عليهم الشيطان ذلك وزينه في قلوبهم. والقاه اليهم نسخ الله ما القى قالوا واحكم اياته ورفع تلاوة تلك اللفظتين اللتين وجد الشيطان بهما سبيلا للتلبيس. كما نسخ كثير من القرآن ورفعت تلاوته. وكان في انزال الله تعالى لذلك حكمة. وفي نسخه حكمة ليضل ابه من يشاء ويهدي من يشاء وما يضل به الا الفاسقين. وليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في مرض والقاسية قلوبهم. وان الظالمين لفي شقاق بعيد. وليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت فتخبت له قلوبهم. وان الله لهادي الذين امنوا الى صراط مستقيم فمعنى هذا الجواب اذا ان الايتين صحيحتين وكانتا من سياق الايات في سورة النجم. وان المراد بهما الملائكة عليهم السلام وان شفاعتها لترتجى وشفاعتها صحيحة. لكن قريشا فسرت الارانقة بانها اصنامهم واوثانهم التي يعبدون من دون الله ويكفرون بها. ولما اشاعوا ذلك وان القرآن جاء مدحا لالهتهم وثناء عليهم واقرارا على كفرهم واشاعوا ذلك وزينه الشيطان ولبس عليهم وان القرآن جاء بذكر الهتهم. عندئذ جاء النسخ من الله ليغلق عليهم بابا من الفتنة يريده الشيطان. فنسخ الله تلك الايتين واحكم اياته ورفع تلك اللفظتين اللتين وجد الشيطان بهما سبيلا للتلبيس. وعندئذ فلا يحتاج في الجواب الى تكلف. نعم كانتا ايتين من القرآن والمقصود بهما الملائكة وليست الاوثان. لكن الشيطان زين في قلوبهم ولبس عليهم ان المراد اوثانهم واصنامهم فطاروا بها فرحا. ووجد الشيطان بها مدخلا عليهم. فسخ الله منا الايات تلك اللفظتين كما سبحانه ما شاء من كتابه ونسخ من القرآن لفظا ومعنى ونسخ منه لفظا ونسخ منه معنى كل ذلك ثابت في الشريعة فيكون هذا من ذلك الباب. وتأكيدا لمعنى ذلك يكون تتمة الايتين في سورة الحج تأكيدا لهذا المعنى ليجعل ما يلقي الشيطان وفتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم. وفي التي بعدها وليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربك فيكون ذلك حكمة ارادها الله. فاثبت تلك الايتين ونسخها ايضا حكمة تعالى الله. ليضل به من يشاء يهدي من يشاء. قال الله في سورة البقرة وما يضل به الا الفاسقين. وقيل ان النبي صلى الله الله عليه وسلم لما قرأ هذه السورة وبلغ ذكر اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى. خاف الكفار وان يأتي بشيء من ذمها فسبقوا الى مدحها بتلك الكلمتين ليخلطوا في تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم ويشغب عليه على عادتهم وقولهم لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون. هذا جواب سادس ان يكون قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للايات في سورة النجم كما هي على الصحيح. افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى قريش وهي تسمع وجاء ذكر الهتهم توقعوا خائفين لما ذكر اللات والعزى ومنات خافوا ان يأتي في سياق الايات شيء من الذم الذي يدحض به عبادة اصنامهم. فاستبقوا فادرجوا بكلامهم لا من كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام فسبقه الى مدحها بتلك الكلمتين. ليخلطوا في تلاوة النبي عليه الصلاة والسلام اما قالوا كما حكى في القرآن في سورة فصلت وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن ها والغوا فيه هذا اللغو الكلام الباطل كيف يلغون في القرآن هذا وجه محتمل ان يكون لغوهم في القرآن هو بهذا النحو ان يأتوا في سياق قراءة النبي عليه الصلاة والسلام فيظيف جملة وجملتين لغوا يعني كلاما باطلا. يريدون به ادخال شيء من الكلام مع سياق ايات القرآن خوفا من اتيان القرآن بذمها فسبقوا الى مدحها ليخلطوا في تلاوة النبي عليه الصلاة والسلام ويشغب على عادتهم لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغربون. السؤال على هذا الجواب السؤال على هذا الوجه من الجواب ان كان هذا قد فعله كفار قريش فكيف تقول الاية وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان اذا كان هذا من فعلهم فلماذا نسب الى الشيطان ان كان هذا من صنيع المهم فلماذا ينسب في الاية الى الشيطان؟ نعم ونصب هذا الفعل الى الشيطان لحمله لهم عليه. واشاعوا ذلك واذاعوه وان النبي صلى الله عليه وسلم قاله فحزن لذلك من كذبهم وافترائهم عليه. فسلاه الله تعالى بقوله وما ارسلنا من قبل من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته. اذا نسب الفعل الى الشيطان لانه هو الذي الذي حملهم على ذلك الفعل فكان متسببا فيه. نعم وبين وبين للناس الحق في ذلك من الباطل. وحفظ القرآن واحكم اياته. ودفع ما لبس به العدو كما ضمنه الله تعالى من قوله انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. ويبقى هذا الوعد الحق الكريم في اية انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. يبقى بامر الله وعدا حقا على مر الزمان لا يختلف منذ نزول الوحي زمن النبوة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والى يوم الناس هذا. والى يوم القيامة ومهما مر بالامة من الاحوال وتعاقبها من العصور وانتابها من الاحوال وتناوشها من الظروف في كل لمرة بقي ذكر الله محفوظا. والقرآن معصوما. انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. فهذا تأكيد لما ضمنه الله وتكفل بحفظه لكتابه الكريم. منذ ان نزل الوحي ووعد الله هنا في الاية حق. انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. وقد قال ايضا سبحانه وتعالى بل هو قرآن جيد في لوح محفوظ فالقرآن محفوظ محفوظ في اللوح محفوظ في الدنيا محفوظ في صدور العباد محفوظ من التغيير والنقص زيادة والعبث والتحريف والتأويل. بقي القرآن محفوظا تغير في الامة اشياء وتعاقب في الامة امور عظام وبقي القرآن هو كما هو الذي انزله الله على نبيه صلوات الله وسلامه عليه ومن ذلك ما روي من قصة يونس عليه السلام انه وعد قومه بالعذاب عن ربه. فلما تابوا كشف عنهم العذاب فقال لا ارجع اليهم كذابا ابدا. فذهب مغاضبا من ذلك. يعني من هذا القبيل في الشبهات تشكيلة التي تحتاج الى جواب. ما يذكر في قصة نبي الله يونس بن متى عليه السلام. وليس قوله من ذلك يعني من قصة الغرانقة او ما يتعلق بها فانه قد تم فيها كلام المصنف وفند رحمه الله تعالى فيها الاشكال كما تقدم في الجملة بتضعيف الرواية ونقدها سندا ومتنا ثم الاجابة عنها على فرض صحتها باجابات متعددة ضعف بعضها وقوى غيرها ثم انتقل فقال ومن ذلك يعني من الشبهات التي يعبث بها الزائغون عن الحق لشيء في عصمة الانبياء وهو الباب الذي نحن فيه. والفصل الذي نريد تقريره رحمه الله. الستم تقولون ان الانبياء يصومون بعصمة الله لهم وبحفظه جل جلاله لهم وهم في دين الله وتبليغه واخبار اممهم بما يأتيهم عن لا ليسوا يتجاوزون حدود ما انزل الله عليهم. يقول فماذا تقولون في قصة يونس عليه السلام؟ قال انه وعد قومه بالعذاب عن ربه فلما تابوا كشف عنهم العذاب. فقال لا ارجع اليهم كذابا ابدا فذهب مغاضبا والقصة كما تعلمون وقد جاءت في سورة يونس عليه السلام وفي سورة الصافات وغيرها ان الله قال في سورة يونس فالاولى كانت قرية امنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس لما امنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين. ذكر اهل العلم السير والتفسير ان قوم يوسع عليه السلام كانوا بنينوى من ارض العراق من ارض الموصل. فارسل الله عز وجل اليهم نبيه يونس عليه السلام فدعاهم الى الله والتوحيد وترك الاصنام. فابوا فلما كذبوا دعوته توعدهم بالعذاب الذي يأتيهم من الله وان العذاب مصبحهم بعد ثلاث وكان قوم يونس ما عهدوا عليه كذبا عليه السلام. فلما تغشاهم العذاب قال ابن عباس وانس لم يبق بين عذاب وبينهم الا قد دووا ثلثي ميل. وقال مقاتل قدر ميل. وقال ابو صالح عن ابن عباس وجدوا حر عذاب على اكتافهم. وقال سعيد بن جبير غشيهم العذاب كما يغشى الثوب القبر. وقال بعضهم غامت السماء غيما اسود يظهر دخانا شديدا فغشي مدينتهم واسودت سطوحهم. فلما ايقنوا الهلاك لبسوا المسوح وحثوا على رؤوسهم الرماد وفرقوا بين كل والدة وولدها من الناس والانعام. فعجوا الى الله بالتوبة الصادقة. وقالوا امنا بما جاء به يونس فاستجاب الله منهم. قال ابن مسعود رضي الله عنه بلغ من توبتهم ان ترادوا المظالم بينهم حتى ان كان الرجل ليأتي الى حجر قد وضع عليه اساس بنيانه. يعني اخذ حجرا ظلما وغصبا وقد رفع عليه اساس البنيان. قال فيقلعه فيرده. وقال ابو الجلد لما غشيهم العذاب مشوا الى شيخ من بقية علمائهم فقالوا ما ترى؟ قال قولوا يا حي حين لا حي يا حي محي الموتى يا حي لا اله الا انت فقالوها فكشف عنهم العذاب. اين كان يونس عليه السلام؟ تحكي ايضا الروايات في قصته عليه السلام انه ولما توعدهم بالعذاب وانه قال انه سيأتيكم بعد ثلاث اخبرهم بذلك. قال قومه نحن ما جربنا عليه كذبا قط انظروا فان بات فيكم تلك الليلة فليس بشيء. يعني كلامه كذب. ان بات يونس معكم في القرية. تلك الليلة وقد توعدت بالعذاب بعد الثلاث فليس بشيء. لماذا ليس بشيء لانه لو كان هناك عذاب لن يبقى مقيما بينهم. قال فانظروا فان بات فيكم تلكم الليلة فليس بي شيء. وان لم يبت فاعلموا ان العذاب مصاب بحكم فلما كان في جوف تلك الليلة خرج يونس من بين اظهرهم فلما اصبحوا تغشاهم العذاب فكان فوق رؤوسهم قدر ميل كما مر بك في كلام اهل العلم وقال وهب غامت السماء غيما اسود هائلا يدخن دخانا شديدا فهبط حتى تغشاه في مدينتهم وذكر من توبتهم ومن صدق اوبتهم الى الله سبحانه وتعالى فاستجاب الله عنهم وكشف العذاب بعدما اظلهم يعني كان على كالظلال وكالظلة والغيم فوق رؤوسهم ولن يكن بينه وبين وقوعهم الا لحظات وامر الله ادركهم برحمته فتاب عليهم الا قوم يونس لما امنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين. قالوا وذلك كان يوم عاشوراء. ويونس عليه السلام كان قد خرج فاقام ينتظر العذاب وهلاك قومه فلم يرى شيئا وكان عند قوم يونس ان من كذب ولم تكن له بينة يقتل ويونس عليه السلام اخبرهم بالوحي من الله ان العذاب مصبحه. وخرج ينتظر فاذا بالعذاب لم يقع في ظهر هو هكذا بينهم كاذبا ولم يعلم الغيب ولم يدرك ان الله رحمهم. وانهم بعد خروجه من دينهم صدقوا في توبتهم. وقبل الله توبتهم لكنه اغتم عليه السلام وكان من طريقتهم ان من كذب ولم تكن عليه بينة قتل. فقال يونس كيف ارجع الى قومي وقد كذبتهم؟ فانطلق عاتبا ان مغاضبا لقومه فاتى البحر فاذا قوم يركبون السفينة وقصته في ركوب السفينة ورميه في اليم لما اقترعوا وابتلاع ثم مناجاته في جوف الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. هذا موضع الاشكال. يقول المصنف رحمه الله كيف تقولون في قصة يونس لما توعدهم بالعذاب كشف عنهم العذاب. اذا كان يونس عليه السلام في ذلك موقف غير صادق ونحن نتكلم عن عصمة الانبياء. فقال لا ارجع اليهم كذابا ابدا. فذهب مغاضبا. نعم فاعلم اكرمك الله انه ليس في خبر من الاخبار الواردة في هذا الباب ان يونس عليه السلام قال لهم ان الله مهلككم وانما فيه انه دعا عليهم بالهلاك. والدعاء ليس بخبر يطلب صدقه من كذبه. لكن انه قال له لكنه قال لهم ان العذاب مصبحكم وقت كذا وكذا. فكان ذلك كما قال ثم رفع الله تعالى عنهم العذاب وتداركهم. قال الله تعالى فلولا كانت قرية امنت فنفعها ايمان الا قوم يونس الا قوم يونس لما امنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين وروي في الاخبار انهم رأوا دلائل العذاب ومخايله. قاله ابن مسعود دلائل العذاب ومخايله يعني علاماته بدايات ظهوره كما قلنا السحاب الذي تغشاهم والغيم الذي كان فوق رؤوسهم قدر ميل او ثلثي ميل. وقال سعيد بن جبير غشاهم العذاب كما يغشي الثوب القبر. يعني كناية عن شدة قرب العذاب فوق رؤوسهم. لكن الله ادركهم برحمته فنجاهم وتاب عليهم. الا قوم يونس لما امنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي. اختلف اهل العلم هل كانت توبة الله عليه برفع العذاب في الدنيا وفي الاخرة ام في الدنيا فحسب ظاهر الاية في سورة يونس كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين الى متى يعني الى اجالهم وانتهاء اعمارهم. ويبقى عقوبة تكذيبهم ليونس عليه السلام يعاقبون عليها يوم القيامة. هذا ظاهر الاية لكنه لما قال فامنوا فمتعناهم الى حين في سورة الصافات اثبت لهم الايمان فاذا ثبت لهم الايمان كان منجاة لهم من عذاب الدنيا والاخرة. وهذا الراجح عند اهل العلم ان شاء الله تعالى فان قلت فما معنى ما روي من ان عبد الله ابن ابي سرح كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ارتد مشركا وصار الى قريش فقال لهم اني كنت اصرف محمدا حيث اريد. كان يملي علي عزيز حكيم فاقول او عليم حكيم فيقول نعم. كل صواب وفي حديث اخر فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم اكتب كذا. فيقول اكتب كذا فيقول اكتب كيف شئت ويقول اكتب عليما حكيما فيقول اكتب سميعا بصيرا. فيقول له اكتب كيف شئت وفي الصحيح عن انس رضي الله عنه ان نصرانيا كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم بعدما اسلم ثم ارتد كافرا وكان يقول ما يدري محمد الا ما كتبت له. هذه مسألة اخيرة ختم بها المصنف رحمه الله الفصل فيها شبهة ربما كان ظاهرها يستدعي جوابا فاتى بها المصنف رحمه الله لتفنيدها. ومحصلتها ان عبد الله بن ابي سرح كان قد اسلم في اوائل الاسلام وكان كاتبا للوحي والنبي عليه الصلاة والسلام يملي على اصحابه من كتبة الوحي ما ياتيهم من الوحي. وكان يملي الايات وهم يكتبونها في الصحاف وفي العظام وفي الاوراق ونحوها قبل ان يجمع القرآن يكتبونه متفرقا. والرواية هنا ان عبد الله ابن ابي سرح كان يدخل في القرآن ما ليس من القرآن. يقول ما يدري محمد الا ما كتبت له. وانه ارتد ثم صار نصرانيا. ويطعن في الوحي انه كان هو الذي يتصرف فيه وهذا مطعن في القرآن في ظاهره. ومطعن في الوحي في ظاهره ومطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم ايضا في ظاهره يقول اكتب كذا فيقول اكتب كذا يقول اكتب كيف شئت. يقول اكتب عليما حكيما فيقول له اكتب سميعا بصيرا فيقول اكتب كيف يقول ما يدري محمد ما اكتب يملي علي عزيز حكيم فاقول عليم حكيم يقول نعم كل صواب هذه روايات واردة اتى بها المصنف كما سبق في سائر المواطن التي تحمل شبهة واشكالا. يأتي بها من اجل ان تتبين الوجه في الجواب. ولان لا يبقى ذلك اشكالا يلبس به عليك بعض المغرضين. او المسيئين والمنتقصين هذا خلاصة الاشكال في هذه النقطة الاخيرة في الفصل وهي ما يتعلق بما روي عن عبدالله بن ابي وارتداده الى النصرانية وتبديله الوحي واخباره عن ذلك. وفي الكلام تتمة يطول المقام بذكرها سيأتي تفصيلها في ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله. وحسبنا التنبيه هنا فيما سيأتي تفصيله في الدرس المقبل ان ها هنا بين شخصيتين عبدالله بن ابي سرح وهو اخو عثمان بن عفان من الرضاع رضي الله عنه. وبين النصراني الذي يرتد وحرف الوحي وزعم انه كان يفعل ذلك وليس هو عبد الله بن ابي سرح. فان عبد الله بن سعد بن ابي سرح ابو يحيى القرشي العامري اخو عثمان رضي الله عنه من الرضاعة. وكان النبي عليه الصلاة والسلام قد اهدر دمه. ثم انه استأمن له عثمان يوم الفتح فأمنه النبي صلى الله عليه وسلم واسلم وحسن اسلامه. فليس له فيما يعرف في السيرة شيء من ذلك اما النصراني الذي ارتد والذي زعم انه يحرف الوحي فالحديث في الصحيحين في خاتمة سيئة عقباه بسبب بغضه واذاه وافتراءه الكذب. انه مات مبغوضا ولفظته الارض كما سيأتي بسط ذلك. وعبدالله ابي صرح هذا المذكور هو الذي جعله عثمان رضي الله عنه واليا على مصر. وهو الذي قاد معركة ذات الصواري غزا افريقيا ففتح كثيرا من مدنها وكان ممن وفق لاعتزال الفتنة زمنا علي ومعاوية رضي الله عن الجميع. خرج الى الرملة في فلسطين فلما كان عند الصبح قال اللهم اجعل اخر عملي الصبح فتوضأ ثم صلى فسلم عن يمينه ثم ذهب يسلم عن يساره فقبض الله روحه. فليس له شيء مما يتعلق بالطعن في الوحي ولا في تبديله. او تزويره رضي الله عنه وارضاه يأتي تفصيل ذلك ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. ولا يزال في بقيتكم وجمعتكم ايها المباركون متسع وفسحة كبيرة لامتاع الارواح بالصلاة والسلام على الحبيب المصطفى. صلى الله عليه وسلم. فالصلاة عليه سعد للقلب وانس للروح ورحمة تتغشى وبركات تتنزل واجر يتضاعف لي فيك يا ارض الحجاز لي فيك يا الحجاز حبيب نور العيون. وللقلوب طبيب في الارض احمد. وفي السماء محمد عند الاله مقرب محبوب وله بطيبة روضة من زارها نال المنى واتى له الغوب. فاللهم صل وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون وصل اللهم وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون. واجعل من صلاتنا وسلامنا عليه ربنا والهنا خالقنا اجرا عظيما وشفاعة ترتجى وورودا لحوضه وحشرا في زمرته صلى الله عليه وسلم. نحن ووالدينا وازواجنا وذرياتنا والمسلمين اجمعين. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء يا اكرم الاكرمين. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا واهد ضالنا وتقبل منا انك انت السميع العليم. وتب علينا انت التواب الرحيم اللهم اجعل لنا وللمسلمين جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين اللهم اسعد القلوب المسلمة الهموم والغموم والكدر واقض عنا الديون وفرج عنا الكربات يا ارحم الراحمين. اللهم كاعتصمنا وعريك توكلنا واليك انبنا. فاغفر لنا اللهم ما قدمنا وما اخرنا وما اسررنا وما اعلنا. وما انت اعلم وبه منا يا ذا الجلال والاكرام واصرف عنا الهنا شر الاشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار انت خير حافظا وانت ارحم الراحمين. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين