بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله امام الهدى وسيد الورى صلوات الله وسلامه عليه. وعلى ال بيته وصحابته. ومن استن بسنته واهتدى بهداه الى يوم الدين وهذه الليلة المباركة ايها الكرام وهذه الليلة المباركة ايها الكرام نعيش فيها بركة شرف هذه الليلة وعظيم اجرها. ونعيش فيها ايضا اغتناما بكثرة الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فانها ليلة مباركة يسن فيها الاكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم تشدو بذكر نبينا الخفقات وبه يطيب الذكر والصلوات صلى عليك الله يا غيمن هما فوق القلوب فحلت الرحمات وحسب مجلسكم هذا ايها الكرام ان يحملكم على الاستكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه سلم ونحن نتدارس كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض بن موسى اليحصوبي الله عليه ما زلنا في الفصل الذي مضت فيه معنا جمعتان. في الحديث عن الجواب عن اشكالات على الاصل الذي قرره المصنف رحمه الله تعالى في عصمة الانبياء عليهم السلام من الاخبار بخلاف الواقع او الكذب في شيء بمقالاتهم وحديثهم عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. وتقدم حديث السهو في الصلاة لما قال قال عليه الصلاة والسلام وقد سأله ذو اليدين يا رسول الله اقصرت الصلاة ام نسيت؟ قال كل ذلك لم يكن. وفي رواية ما قصرت الصلاة ولا نسيت. والواقع ان احد هذين الامرين قد كان هو الواقع. ثم انتقل رحمه الله تعالى الى مقولة ابراهيم عليه السلام في الحديث انها كذباته الثلاث في قوله اني سقيم وفي قوله بل فعله كبيرهم وفي قوله للملك عن زوجته سارة انها اختي. وجاء الجواب عن ذلك ايضا مفصلا. وقف بنا الحديث قوله رحمه الله تعالى في قصة موسى عليه السلام لما سئل اي الناس اعلم؟ فقال انا اعلم فعتب الله عليه ذلك اذ لم يرد العلم اليه الى اخر الحديث. وفيه قصة موسى عليه السلام مع الخضر الواردة في سورة الكهف ما يتعلق بها هو ختام هذا الفصل قبل الانتقال عنه الى الفصل الذي يليه. الحمد لله الذي جعل دراسة السيرة النبوية شفاء للقلوب والارواح وسببا للسعادة والفلاح. والصلاة والسلام على نبينا محمد الشمائل الباطنة والظاهرة والفظائل الباهرة الزاهرة وعلى اله واصحابه الاخيار والتابعين لهم باحسان انن الى يوم القرار. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين جميعا. اما بعد فهذا هو مجلسنا الثامن والسبعون بعد المئة من المجالس العامرة في هذه البقعة الطاهرة الشريفة. وباسانيدكم متصلة كنسيم الرياض الى كتاب الشفا للقاضي عياض رحمه الله تعالى قال في الباب الاول من القسم الثالث في فصل في رد بعض الاعتراضات والشبه كسهوه صلى الله عليه وسلم في الصلاة وقول ابراهيم عليه السلام اني سقيم قال رحمه الله تعالى فان قلت فما معنى قول موسى عليه السلام وقد سئل اي الناس اعلم؟ فقال انا اعلم فعتب الله عليه ذلك اذ لم يرد العلم اليه. الحديث وفيه قال بل عبد لنا مجمع البحرين اعلم منك. وهذا خبر قد انبأ الله انه ليس كذلك. فاعلم انه قد وقع في هذا الحديث من بعض طرقه الصحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما هل تعلم هل تعلم احدا اعلم منك؟ قال المصنف رحمه الله وهذا خبر قد انبأ الله عنه انه ليس وهذا موضع الشاهد الذي يراد به بيان وجه الاشكال في قصة موسى عليه السلام. والحديث الوارد فيها في الصحيحين عند امامين البخاري ومسلم رحمة الله عليهما. فان موسى عليه السلام لما سئل اي الناس اعلم؟ قال انا اعلم فقال الله بل عبد لنا بمجمع البحرين اعلم منك فتبين في ظاهر الحديث ان موسى عليه السلام اخبر بامر كان خلاف الواقع لانه لم يكن هو الاعلم وجاء ذلك في عتب الله عليه بل عبد لنا بمجمع البحرين اعلم منك. فدل ذلك على موضع الشاهد في الاشكال الذي يريد المصنف رحمه الله تعالى الجواب عنه. وقبل بيان وجه الاشكال في الحديث وكلام المصنف ها هنا الرواية التي وردت في الصحيحين عند الامامين البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال ان ابي ابن كعب حدثه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ان موسى عليه السلام قام خطيبا في بني اسرائيل فسئل اي الناس اعلم؟ فقال انا. فعتب الله عليه اذ لم يرد العلم اليه فاوحى الله اليه ان لي عبدا بمجمع البحرين هو اعلم منك. فهذا موضع الشاهد قال موسى انا اعلم قال الله بل عبد لنا اعلم منك. فلما قال موسى انا اعلم كان اخبارا بخلاف الواقع وهذا الذي اراد المصنف رحمه الله ايراده لبيان وجه الاشكال ثم الاجابة عنه. في الحديث قال موسى عليه السلام يا ربي فكيف لي به قال تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم. فاخذ حوتا جعله في مقتل ثم انطلق وانطلق معه بفتاه يوشع ابن نون حتى اذا اتي الصخرة وضع رؤوسهم ما فناما واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاقي. فلما استيقظ نسي صاحبه ان يخبره بالحوت فانطلق لقى بقية يومهما وليلتهما حتى اذا كانا من الغد قال موسى عليه السلام لفتاه اتنا قضاءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. قال ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي امر الله به فقال له فتاه ارأيت اذ اوينا الى الصخرة فاني نسيت الحوت وما انسانيه الا الشيطان ان اذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا الى اخر الحديث وفيه تفصيل القصة التي تقرأون في سورة الكهف كل جمعة. وموضع الشاهد منه في قول موسى عليه السلام لما سئل وهو قائم خطيبا في بني اسرائيل اي الناس اعلم؟ قال انا اعلم. وها هنا امران هل قال موسى عليه السلام انا اعلم افتخارا وتكبرا وعجبا بنفسه عليه السلام؟ لا. حاشا. لكنه سئل فاجاب في في حدود ما يعلم باعتباره نبي ذلك الزمان. وغالبا بل حتما لن يكون نبي امته الا وهو اعلمها ليس اعلمها بالزراعة والطب والفلاحة والنجارة والحدادة لا هو اعلمها بالله وبالدين الذي بعث به لانه هو الذي يأتيهم بالوحي من السماء فهذا مقصود ومراد موسى عليه السلام بقوله انا اعلم اذا لم يكن عجبا ولا افتخارا ولم يكن تكبرا ولا شيئا مما قد يكون من كلام عامة الناس في مثل هذا السياق. والامر الثاني انك فهمت من السياق قول موسى عليه السلام لما سئل اي الناس اعلم؟ فقال انا. قال بناء على كونه نبي ذلك الزمان عليه السلام وها هنا يصدق جدا ان يكون هو الاعلم. فاذا كان هذا كذلك فلماذا يعتب الله عليه؟ وهل عتب الله عليه عليه السلام لانه قال شيئا تعمد فيه الوقوع في خطأ شرعي او كذب او كتمان لامر يعلمه فاخفى ان عبدا من العباد قد بلغ من العلم درجة اعلم منه ثم بين الله ذلك له في عتب عليه؟ الجواب ايضا كلا لكن الجواب كان في سياق الحديث قال فعتب الله عليه ذلك اذ لم يرد العلم اليه. فعندما قل من الاعلم؟ ستقول الله الاعلم. او اذا كنت لا تجزم فتقول الله اعلم بمن هو اعلم الناس فعتب الله عليه اذ لم يرد العلم اليه في الجواب عن هذا السؤال فقال بل عبد لنا بمجمع البحرين اعلم منك. هنا انتهت قصة تصويب لمقولة موسى قال انا اعلم فقال الله بل لنا عبد بمجمع البحرين هو اعلم منك. كانت القصة يفترض ان تنتهي هنا لكن موسى عليه السلام جعل هذا منطلقا لقصة بقينا نقرأها في سورة سورة الكهف كل جمعة حرص موسى عليه السلام الا يفوته شيء من العلم قد اثنى الله به على صاحبه وهو نبي كليم عليه السلام ودل هذا في اعظم فوائد القصة على شرف العلم وعلو درجته ومكانته وان الانبياء رغم شرف النبوة التي تبوأوها عليهم السلام. كانوا يرون في العلم شرفا لا ينبغي الزهد فيه. ولا العدول عنه يا رجل اذا كانت النبوة لم تمنع اصحابها عليهم السلام من سلوك طريق العلم وطرق ابوابه. فهل نظن نحن اليوم ان شيئا من المناصب او الجاه او شيئا مما قد يبلغه العباد في اي باب من ابواب الحياة ان يكون مانعا لهم عن بالعلم او صارفا او يرون شيئا من المنازل التي يبلغوها تغنيهم عن طلب العلم وتكون كفاية لهم لا احد يزعم بعد قصة موسى عليه السلام وهو حريص على ان يبلغ هذا العبد الصالح وهو الخضر ان يبلغه تعلم منه ما اخبر الله عز وجل عنه انه اعلم فوجد عبدا من عبادنا اتيناه رحمة من عندنا من لدنا علما. موسى عليه السلام قصده. وذهب اليه. قال له موسى هل اتبعك؟ على ان تعلمني ما علمت رشدا وكانت القصة التي اصطحبه فيها في تلك المواضع الثلاثة. وهذا دلالة عظيمة على شرف العلم وعلو شأنه والمقصود من هذا الموضع في القصة هنا في هذا الفصل من كلام القاضي عياض ان موسى عليه السلام سئل اي الناس اعلم؟ قال انا فقال الله بل عبد لنا بمجمع البحرين هو اعلم منك. فكان في ظاهر الكلام ان موسى عليه السلام قال شيئا بخلاف الواقع فاراد المصنف الجواب عن هذا الموضع من الاشكال. قال رحمه الله تعالى فاذا كان جوابه على علمه فهو خبر حق وصدق ولا خلف فيه ولا شبهة. وعلى الطريق الاخر فمحمله على ظنه ومعتقده. كما لو صرح به لان حال لان حاله في النبوة والاصطفاء يقتضي ذلك. فيكون اخباره بذلك ايضا عن اعتقاده وحسبانه صدقا لا خلف فيه نعم اذا لما سئل هل تعلم احدا اعلم منك؟ كان السؤال على هذه الرواية تحديدا حول ما يعلمه موسى عليه السلام فانا اذا سألتك هل تعلم احدا دخل المسجد بعد العصر؟ فتقول لا انت لا تنفي وجود احد تنفي علمك بان احدا دخل. وهذا لن يقال لك فيه كذبت. فيوجد شخص دخل فتقول لا ادري عنه. سألتني عن علمي فاجبته عما اعلم فاذا كان السؤال هل تعلم احدا اعلم منك فان كان جوابه على علمه فهو حق وصدق. لا خلف فيه ولا كذب. واما اذا كان السؤال عاما اي الناس اعلم؟ فقال موسى عليه السلام انا اعلم. قال فمحمله على ظنه معتقده كما لو صرح به كما لو قال يعني فيما اعلم انه لا احد اعلم مني. وقلت لك مرد ذلك الى كونه عليه السلام نبي ذلك الزمان. ولن يظن ان احدا في ذلك الزمان قد يبلغ بعلمه درجة تفوق النبي الذي يصطفيه الله ويرسله ويبعثه بالوحي وينزل اليه الملائكة ويؤيده بالمعجزات. فقال موسى عليه السلام في حالة النبوة والاصطفاء ما يقتضي انه الاعلم فيكون اخباره بذلك ايضا عن اعتقاده وحسبانه صدقا لا ففيه يعني لا مخالفة فيه للواقع. قال رحمه الله تعالى وقد يريد بقوله انا اعلم بما لا تقتضيه وظايف النبوة من علوم التوحيد وامور الشريعة وسياسة الامة. ويكون الخضر اعلم منه وبامور اخر مما لا يعلمه احد الا باعلام الله من علوم الغيب من علوم غيبه كالقصص المذكورة في خبرهما فكان موسى عليه السلام اعلم على الجملة بما تقدم وهذا اعلم على الخصوص بما اعلم به وقد يريد بقوله انا اعلم يعني في باب النبوة التي بعثه الله بها. فلانه نبي وقد اختير للرسالة فهو اعلم بوظائف النبوة من غيره على الاطلاق. فكيف يكون عبد بمجمع البحرين منه يكون اعلم منه في باب اخر في امور خصه الله تعالى بعلمها وهي على التحديد ما بعث الله به خضر لانفاذ تلك المهام. لما اتى الى الغلام ووالديه واتى الى السفينة التي هي لمساكين يعملون في واتى لجدار اليتيمين في القرية. فتلك المهمة التي بعثه الله عز وجل بها لانه مكلف بها هو اعلم فيها من موسى عليه السلام. فيقول ويقول الخضر اعلم منه بامور اخر مما لا يعلمه احد الا باعلام الله من علوم غيبه كالقصص المذكورة في خبرهما يعني اصحاب السفينة والغلام والجدار. فيكون موسى عليه السلام اعلم في الجملة وموال الخضر اعلم على الخصوص فيما اعلم به. قال رحمه الله تعالى ويدل عليه قوله تعالى وعلمناه من لدنا علما. والضمير يعود الى الخضر في القصة فوجد عبدا من عبادنا هو الخضر اتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما. نعم. قال رحمه الله والله ذلك عليه فيما قاله العلماء انكار هذا القول عليه. لانه لم يرد العلم اليه كما قال الملائكة لا علم لنا الا ما علمتنا. نعم يعني ما وجه العتب من الله الذي وقع لموسى عليه السلام وما بينه الحديث اذ لم يرد العلم اليه والملائكة لما خلق الله عز وجل ادم قالوا اتجعل وفيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون. فلما بعث الله ادم قلقه وعلم ادم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا. فرد العلم اليه سبحانه. فما كان لعبد ان يسأل عن شيء لا يعلمه الا ان يرد العلم الى عالمه سبحانه وتعالى قالوا فهذا موطن العتب ان موسى عليه السلام بادر بالجواب ولم يرد العلم الى الله سبحانه تعال قال رحمه الله او لانه لم يرضى قوله شرعا وذلك والله اعلم الا يقتدي به فيه من لم يبلغ كماله في تزكية نفسه وعلو درجته من امته. فيهلك لما تضمنه من مدح الانسان نفسه. ويورثه ذلك من الكبر والعجب والتعاطي والدعوة. وان عن هذه الرذائل الانبياء فغيرهم بمدرجة سيلها ودرك ليلها الا من عصمه الله منها اولى لنفسه وليقتدى به. هذا جواب ثان لماذا عاتب الله على موسى عليه السلام لما قال انا قلنا في الجواب الاول بانه لم يرد العلم اليه وبه جاءت صريح الرواية. الجواب الثاني قال لان موسى عليه السلام لما قال انا اعلم نجزم انه لا كبر عنده عليه السلام ولا عجبة ولا غرورا ولا افتخارا. لكن هل تضمن ان يأتي من امته من يقتدي به في هذا الباب. فاذا يقول عن نفسه انا الاعلم وانا الافضل فيندرج العباد في باب يؤزهم فيه الشيطان الى حفر العجب والغرور والافتخار والتكبر على الخلق وموسى عليه السلام نبي فيكون موضع اقتداء فاريد اغلاق هذا الباب. فعتب الله على موسى لان موسى عليه السلام والانبياء جملة عليهم السلام ان كانوا معصومين من هذا الزلل والخلل وتلك المداخل الشيطانية الا ان باقي البشر ليسوا بعصمة كما هم كما قال المصنف فغيرهم مدرجة سيلها ودرك ليلها. يعني هذه المزالق غيرهم هو واقع في طريقها يكاد يجرفه السيل. او يتيه فيها كماش في ليل مظلم لا يدري اين المخرج. قال فغيرهم بمدرجة سيلها ودرك ليلها الا من عصمه الله. فالتحفظ او لا ولان كون موقف موسى عليه السلام في رد العلم الى الله قدوة لمن يأتي بعده من الامة في زمانه عليه السلام ان يحيل العبد عند السؤال في مثل ذلك العلم الى الله سبحانه العالم جل وعلا. قال رحمه الله ولذا قال عليه السلام تحفظا من مثل هذا مما قد اعلم به. انا سيد ولد ادم ولا فخر سيد ولد ادم ولا فخر. قوله عليه الصلاة والسلام انا سيد وليد ادم. اخبار بالسيادة التي اعلم بها عليه السلام. فهو سيد الاولين والاخرين. وما قاله عليه السلام صلى الله عليه وسلم الا باعلام الله له. هذا الامر فقالها ومع ذلك يقول بعدها ولا فخرا. تأكيدا على اغلاق هذا الباب. ان الاعتراف بشرف ما اتاه الله من المناقب المناصب وعلو المراتب ابدا لن يكون طريقا الى عشب وافتخار وتكبر بل هو اعتراف بنعمة الله وفضل اتاه الله اياه فقال انا سيد ولد ادم ولا فخر. فجمع صلوات الله وسلامه عليه بين الاخبار بما خص به من امر وشرف لا يبلغه احد سواه. عليه الصلاة والسلام وبين اغلاق هذا الباب كون ايظا في امته عليه الصلاة والسلام قدوة في عدم الافتخار والتعجب والتكبر على الاخرين وان يكون ما يؤتاه العبد من شرف وعلو المناصب وارتفاع المراتب نعمة يحمد الله عليها. ويثني بها على ربه ويفرح بها ويغتبط دون عجب ولا فخر ولا كبر فلهذا قال عليه الصلاة والسلام ولا فخرا قال رحمه الله هذا الحديث احدى حجج القائلين بنبوة الخضر عليه السلام لقوله فيه انا اعلم من موسى ولا يكون الولي اعلم من النبي بل النبي اعلم من الولي. فاما الانبياء فيتفاضلون في عارف وبقوله وما فعلته عن امري فدل انه بوحي ومن قال انه ليس نبي قال يحتمل ان يكون فعله بامر نبي اخر. وهذا يضعف. لانه مما علمنا انه كان في زمن موسى عليه السلام نبي غيره الا اخاه هارون. وما نقل احد من اهل الاخبار في ذلك شيئا يعول عليه. واذا جعلنا اعلم منك ليس على العموم وانما هو على الخصوص وفي قضايا معينة لم يحتج الى اثبات نبوة الخضر. ولهذا قال بعض الشيوخ كان موسى اعلم من الخضر فيما اخذ عن الله والخضر اعلم فيما دفع اليه من موسى. وقال اخر انما انما الجئ موسى الى الخضر للتأديب لا للتعليم. ها هنا مسألة هل الخضر كان نبيا ام عبدا وليا صالحا؟ قولان شهيران لاهل العلم في هذه المسألة التي لا يحكمها نص قاطع يمكن الاحتكام اليه. فمن ثم كان العلماء في الامة تجاه هذه المسألة على قولين من قائل ان الخضر كان نبيا. وذهب الى هذا ثلة من اهل العلم قديما وحديثا. بترجيح نبوة قدر فهل يكون نبيا في زمن موسى عليه السلام وموسى نبي؟ الجواب نعم. وانبياء بني اسرائيل كانوا كثير وربما اجتمع في الزمن الواحد وفي العصر الواحد عدة انبياء. وكان هذا واردا في بني اسرائيل فلا اشكال غير ان موسى عليه السلام كان النبي الاعظم فيهم وهو من اولي العزم من الرسل جملة عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام ومما استدل به على نبوة الخضر وانه كان نبيا يوحى اليه ان الله عز وجل قال اتيناه رحمة من عندنا. فوجد عبدا من عبادنا اتيناه رحمة من عندنا. من ما الرحمة التي اتاه الله اياها؟ ان قلت هو العلم الذي كلف به لان الله قال بعدها وعلمناه من لدنا علما. فلذلك قال عدد من اهل العلم في تفسير الاية ان ان الرحمة التي ذكر الله عز وجل انما هي النبوة التي اتاه الله عز وجل اياها. ولهذا ايضا جاء في الاية التالية قال وما فعلته عن لما سأله موسى في كل موضع من المواضع الثلاثة قال اخرقتها لتغرق اهلها؟ قال اقتلت نفسا زكية بغير نفس قال لو شئت لاتخذت عليه اجرا في كل المواضع كان موسى عليه السلام يعترض على امر بحسب ما يراه في الظاهر لكنه لم يكن مطلعا على حقيقة الباطن. فاجابه الخضر واحدة واحدة. قال اما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر واما الغلام فكان ابواه مؤمنين فخشينا ان يرهقهما طغيانا وكفرا واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة ثم قال بعدما فصل له في كل مسألة من الثلاث باطن الوحي الذي كلف به قال وما فعلته عن امري ما لم يكن عن امره فعن اي امر كان ليس الا من امر الله فان كان امرا من الله اتاه فهذا دليل على نبوته قال المصنف ويضعف قول من قال انه قال وما فعلته عن امري بل باخبار نبي اخر قال لانه لم يكن مع موسى عليه السلام نبي سوى اخيه هارون. وهذا بعيد جدا ان يؤتى الوحي الى هارون فيخبر هارون الخضر بما يريد الله تعالى منه فهذا من حجج القائلين بنبوة الخضر في قوله قال فاتيناه رحمة من عندنا ولذلك قيل الرحمة هنا المقصودة في الاية هي النبوة التي اوتيها. وقيل الرحمة في الاية هي النعمة. وعلمناهم تدلنا علما اي علم الغيب. قال ابن عطية رحمه الله في تفسيره كان علم الخضر علم معرفة بواطن قد اوحيت اليه لا تعطي ظواهر الاحكام افعاله بحسبها وكان علم موسى علم الاحكام والفتيا بظاهر اقوال الناس وافعالهم وايضا يدل له في قوله وما فعلته عن امري يعني لكني امرت به. وقال اخرون لم يكن الخضر نبيا بل كان رسولا. على التفريق بين النبوة والرسالة عند اهل العلم. وقالت فئة ثالثة بل كان ملكا. ينفذ امره وله سلطانه الذي يقضي به في مملكته. نقل ذلك الماوردي في تفسيره. وكثير من اهل العلم ذهب الى نبوة الخضر. ومنهم من قال انه وكان وليا وظاهر الادلة في سورة الكهف وفي غيرها تشير الى نبوته من غير قطع ولا جزم لاحتمال القول الاخر كذلك وانت ترى من العلماء كالشنقيطي في تفسيره والقرطبي في تفسيره وكذا ابن حجر في شرحه ايضا على شحيح البخاري منهم من يرجح هذا ومنهم من يرجح ذاك ولو كان قول قاطع في المسألة لجزم به وتبينت الادلة التي ترجح القول المقصود ان الخضر ان كان نبيا على قول كثير من اهل العلم فلا اشكال في الاية. قال الله عز وجل بل عبد لنا بمجمع البحرين اعلم منك. وهو نبي كما ان موسى عليه السلام نبي. اولا يتفاوت الانبياء في المراتب الجواب بلى ولهذا قال المصنف والنبي الانبياء يتفاضلون في المعارف. وربما يكون المعنى ان الخضر كان وليا وهو قول ذهبت اليه طوائف ويخطئ من ذهب الى ان بعض الاولياء قد يفوق بعض الانبياء في المنزل ويستدلون بقصة الخضر مع موسى عليه السلام. ويقررون ان انظر هذا الخضر كان وليا. فانظر كيف ساق الله اليه نبيا ليتعلم منه. يقرر هذا القول من اجل المبالغة والغلو في شأن الاولياء. بعد محمد صلى الله عليه وسلم لانه قد ختمت به النبوة. فلما يريدون الغلو في الاولياء في الامة يرفعون درجتهم من خلال هذا الباب قال بعض الاولياء لهم من المراتب والمناصب والدرجات العلى ما يفوقون به بعض الانبياء ثم ماذا؟ ثم يؤخذ عنهم كل قول دون مناقشة وكأنه وحي في التحليل والتحريم بل حتى في تغيير بعض الشريعة او تبديل احكام او اسقاط بعض الفرائض في غيرها من الخرافات التي لا تتكئ على شيء الا تفضيل الاولياء على الانبياء ائمة الاسلام على عدم تجويز ذلك او القول به اطلاقا. حتى لو قلنا ان الخضر كان وليا. ليس في القصة دلالة على الاولياء على الانبياء قط. بل يبقى للانبياء شرف الاصطفاء والرسالة والوحي الذي خصهم الله تعالى به. اما الاولياء في الامة الذين سلكوا طريق الشريعة واهتدوا بنورها وتضلعوا من وحيها ثم اقتبسوا من بركاتها ما ارتفعت به درجاتهم فهم حتما لا يكونون الا على منهاج النبوة. ولا يتبعون الا نبيهم ولا يقتدون الا بسنته. فكيف تزعم ان من يقال عنه انه ولي يأتي ليغير شريعة نبي هو من امته او يغير شيئا من شرائع دينه وملته هذا لا شك الخلل الذي يلبس به على بعض الناس. والخلاصة قال ان الحديث في قوله بل عبد لنا بمجمع البحرين اعلم منك من ادلة القائلين بنبوة الخضر ولا يكون الولي اعلم من النبي بل النبي اعلم والانبياء تتفاضل في المعارف. وقوله ايضا ما فعلته عن امري دل على انه بوحي. واما من ذهب الى انه افاده بعلم نبي اخر فضعيف كما قال المصنف. ثم قال رحمه الله في خاتمة هذا الفصل واذا جعلنا قوله اعلم منك ليس على يعني بقوله بل عبد لنا بمجمع البحرين اعلم منك يا موسى يعني. فاذا جعلت تفسير اعلم منك على معنى الخصوص يعني اعلم منك في في ماذا؟ فيما خص بتعليمه او بلغ به فلا يدل هذا ايضا على تجاوز قدر الانبياء في قضايا معينة لن نكون بحاجة الى اثبات نبوة الخضر قال ولهذا قال بعض الشيوخ كان موسى اعلم من الخضر فيما اخذ عن الله والخضر اعلم فيما دفع اليه من موسى وكلا القولين قريب وقال اخر انما الجئ موسى الى الخضر للتأديب لا للتعليم ويبقى في قصة موسى عليه مع الخضر في اداب العلم وشرفه وطلبه وصحبة الشيخ والاستاذ ومبدأ الاخذ عنه والسؤال الجواب ومدارج التعلم شيء عظيم كثير تضمنته قصة موسى عليه السلام مع الخضر في سورة الكهف. تم للمصنف رحمه الله في هذا الفصل ما اراد من تقرير الاصل العظيم. وانتفاء بعض الاشكالات الواردة. اي اصل ان الانبياء جاء عليهم السلام معصومون من الكذب. او من القول بامر يكون حقيقته على خلاف الواقع. وانما خص الكلام والصدق والاخبار لان النبوة قائمة عليه. هو يقول لامته انا نبي جئتكم من عند الله. الله يقول لكم كذا ويأمركم بكذا فاذا وقع الاحتمال في اظعف نسبه ان نبيا من الانبياء قد يخبر بشيء بخلاف الواقع سقطت الثقة بما يقول ولم يبق تصديق لامته فيما يأتيهم به فيبقى باب الصدق محفوظا قائما في حياة النبي عليهم السلام ولا يكون في اقوالهم وحديثهم واخبارهم لاممهم والناس من حولهم الا الصدق التام والاخبار الحقيقي والمطابق للواقع وقد انتفت عن ذلك الاشكالات والشبهات. كان هذا فصلا يا كرام ضمن سلسلة من قصوري في هذا الباب بدأ المصنف ببيان عصمة الانبياء في امور الدين. واخبرك اولا انهم في عقائد قلوبهم معصومون من الشك والريبة واعتقاد الباطل فيما يتعلق بالتوحيد. ثم انتقل بك ثانية الى انه في امور الاعتقاد كانوا على اعلى درجات البشرية في معرفة الله وتعظيمه واجلاله والايمان به والاخبار عنه والمعرفة بما هو واهل له جل جلاله ثم انتقل الى عصمتهم عليهم السلام من الوقوع في الكبائر. وما يسقط الدين او ما يخل الصلاح والتقوى او ما يخرج صاحبه الى الفسق. كل ذلك ايضا كانوا منه بعصمة. ثم انتقل الى الكذب والاخبار به. وانتقل ايضا قبل ذلك الى الخلل الذي قد يعتريهم ان قلنا بذلك في الاخبار عن الوحي او التبديل او السقط او السهو او الزيادة او النقصان في الاخبار عن الوحي الذي يأتيهم من الله وان ذلك ايضا هم منه بعصمة على كل حال. سينتقل المصنف في الفصل الى مسألة اخرى ايضا كان لاهل العلم فيها كلام طويل. هل الانبياء معصومون؟ من الصغائر؟ كما هم معصومون من الكبائر اما الكبائر فلا خلاف انها لا تجوز عليهم وان الله عصم الانبياء من ان يكون احدهم واقعا في شيء من الكبائر كالفواحش والربا والزنا واكل الربا او القتل. كل ذلك مما عصم الله به انبيائه وان ذلك متحقق في حياتهم عليهم السلام. واما الصغائر ففيها الكلام والخلاف الذي سيأتي في كلام المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل. قال رحمه الله تعالى فصل في عصمة الانبياء من الصغائر والكبائر قال رحمه الله واما ما يتعلق بالجوارح من الاعمال ولا يخرج من جملتها القول باللسان ام فيما عدا الخبر الذي وقع فيه الكلام والاعتقاد بالقلب فيما عدا التوحيد. وما قدمناه من معاني المختصة به فاجمع المسلمون على عصمة الانبياء من الفواحش والكبائر الموبقات سند الجمهور في ذلك الاجماع الذي ذكرناه. وهو مذهب القاضي ابي بكر ومنعها غيره بدليل بدليل العقل مع الاجماع وهو قول الكافة واختاره الاستاذ ابو اسحاق. وكذلك لا خلاف انهم معصومون من كتمان الرسالة والتقصير في التبليغ. لان كل ذلك تقتضي العصمة منه المعجزة. مع الاجماع على وذلك من الكافة والجمهور قائلون بانهم معصومون من ذلك من قبل الله. معتصمون ديارهم وكسبهم الا حسينا النجار فانه قال لا قدوة لهم على لا قدرة لا قدرة لهم على المعاصي اصلا لتحرير الكلام في المسألة. دعونا نظهر كلام اهل العلم فيما اتفقوا عليه في مسألة عصمة الانبياء ليتضح الكلام وتتلملم اطرافه. اعلم رعاك الله ان اهل العلم متفقون في لعصمة الانبياء على ثلاثة اشياء اولها انهم عليهم السلام جميعا معصومون في التبليغ عن لله معصومون من ماذا؟ من ماذا؟ من الخطأ من السهو من الزيادة من النقصان يخبرهم الله او يوحي اليهم بسورة فيأتون بغيرها باية فيحرفونها بتسع ايات فيأتون بعشرة او بعشرة فيأتون بتسعة او بحلال فيقولون للناس حرام او حرام فيخبرون بالخطأ انه حلال هذا موضع اجماع ان الانبياء السلام معصومون في التبليغ عن الله. فلا يكون خبرهم عن الله الا حقا. ولا يقع منهم الخطأ في التبليغ عمدا ولا سهوا حتى السهو في التبليغ في الدين في الاخبار بالوحي في نقل الشريعة والحلال والحرام وما فيهم من الله هذا لا يقع فيه الخطأ. لان الله كلفهم به فهم معصومون اولا من هذا. ثانيا مما وقع عليه انهم عليهم السلام معصومون من الكبائر مطلقا كالسرقة والزنا وشرب الخمر والقتل والشرك بالله فهذه الكبائر ايضا لا تجوز على نبي من الانبياء. ولا يقول مسلم في الامة فضلا عن عالم من ان نبيا من الانبياء وقع في كبيرة من الكبائر عياذا بالله. فهم معصومون من هذا ايضا مطلقا. واما الثالث فيما اتفقت عليه العلماء في شأن عصمة الانبياء عليهم السلام فانهم معصومون من صغائر الذنوب التي تدل على الخسة والحقارة والمهانة. ليست كبائر لكن بعض الصغائر موجب لاسقاط المروءة ويوصف صاحبها بالخسة مثل كان يقولون كسرقة لقمة او التطفيف بحبة او الكذيبة الصغيرة التي لا تقع لها موقعا عظيما. هذا هم معصومون منه ليست لانها كبائر. لكن لانها وان كانت صغائر فانها تسقط المروءة وتسقط صاحبها في منزلته عند الناس. ولهذا هم معصومون ايضا من الصغائر التي تدل على قصتي والحقارة والوضاعة وقلة الشأن لئلا يكون ذلك منافيا بما اراد الله من تعذيرهم وتوقيرهم واحترامهم وهيبتهم في انظار اممهم. هذه ثلاثة قضايا انعقد عليها الاتفاق. ولا خلاف فيها لعلماء الاسلام. لا في ولا في الطوائف ولا حتى في اجتهاداتهم. فهم على هذا مجمعون. يبقى الخلاف الذي سيأتيك في كلام المصنف رحمه الله تعالى فيما وراء ذلك. فهل الانبياء معصومون من الصغائر؟ اي صغائر؟ التي لا توجب خسة ولا حقارة ولا دناءة ها هنا لاهل العلم قولان شهيران فمن اهل العلم من يقول هم معصومون حتى من الصغائر ولا تقع منهم لانهم انبياء وكل دليل في القرآن فيه اشارة الى معنى وقوع الخطأ او الذنب او الاستغفار من الانبياء يحملونه على الكمالات لا على وقوع الذنوب والمعاصي. والقول الاخر هو الذي يقول فيه طوائف من السلف والخلف بتجويز وقوع الانبياء عليهم السلام في الذنوب الصغائر. الا انهم لا يقرون عليها والله عز وجل من تمام حفظه لهم يعجل لهم بالتدارك والتوبة والرجوع وليس هذا منقصة ولا حطا من اقدارهم لان العبد بمقتضى العبودية هو مظنة الخطأ والتقصير في جنب الله. ثم هو اي العبد كلما كان اكثر صلاحا وتقى وطهارة باطن كانت الزلة او الخطأ او المعصية في حقه مزيدا في قربه من الله لما ينشأ عن ذلك من صدق توبة يكون بعدها احسن حالا مما كان قبلها وبالتالي فتكون المواقف والايات والنصوص التي تحكي مثل وعصى ادم ربه فغوى. فقتله فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان انه عدو مضل مبين. قال ربياني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له في قصة داوود قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه الى ان قال فاستغفر ربه وخر راكعا واناب. في شأن نبي عليه الصلاة والسلام في يسارى بدر وفي عتبه على ابن وفي عبوسه في وجه ابن ام مكتوم والله عز وجل يقول له في ذلك كله مواضع ما كان لنبي ان يكون له اسرى. يقول وما يدريك لعله اذكى او يذكر فتنفعه الذكرى. ثم يقول الله تعالى له الم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك فشيء كان قد وضع ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك فسماه ذنبا ونسبه اليه بكافي الخطاب. فلو لم يكن ذنب فكيف قل ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك فاعلم انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك امره الله بالاستغفار لذنب نسبه اليه. لكن ذلك كله يا كرام ليس قادحا في هذا القول عند علماء الاسلام ليس قادحا في مقام الانبياء بل هو مزيد لعلو منازلهم ومكانتهم كيف؟ قلت لك من طريقين احدهما ان الله لعظيم قدرهم عنده يعجل لهم التوبة والاستدراك والتراجع والعودة الى الحق والصواب فيكونون اعظم مما كانوا عليه. والثاني اثبات لمقتضى البشرية التي تتم لهم بها في نظر اممهم الاقتداء بهم. وانهم لهم فيهم اسوة واننا نعيش حياة كحياة من اصطفى الله واتاه الوحي والرسالة. فنحن لسنا عنهم بمنأى ولا بمعزل. بل لنا في هذا النبي الكريم وهو بشر مثلنا لنا فيه اعظم الاسوة فاذا ما وقع احدنا واستذله الشيطان وجد في نبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام اعظم الاسوة واكرم قدوة فانطلق يحث الخطى ينشد التوبة والاستغفار وكلما اجتمعت عليه تلك المعاني. عظم في شأنه قضية الاستغفار لان نبي الامة عليه الصلاة والسلام كان سيد المستغفرين. يكثر التوبة لان نبيه وحبيبه وقدوته عليه الصلاة والسلام كان اوابا صلى الله عليه وسلم. فيكون هذا اعظم في اداء رسالتهم وتحقيق ما بعثوا به عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام المقصود حتى تقف على هذا الكلام في خلاف اهل العلم في مسألة جوازي وقوع الذنوب الصغائر من الانبياء او عدم جواز فمن نفاها مطلقا وهو الذي صار عليه المصنف سار عليه المصنف القاضي عياض رحمه الله هنا في كتاب الشفاء وما لك ما تقدم في فصول مضت وهذا الفصل وما سيأتي مال الى تقرير العصمة المطلقة والى تفسير النصوص والايات احاديث الواردة بما يصرفها عن معنى وقوع الذنب من الانبياء. مع القول الاخر الذي ذهب اليه طوائف يقول شيخ الاسلام ان قول بان الانبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول اكثر علماء الاسلام وجميع الطوائف وهو ايضا قول اكثر اهل التفسير والحديث والفقهاء بل لم ينقل عن السلف والائمة والصحابة والتابعين وتابعيهم الا ما يوافق هذا القول وقال الامام السفاريني رحمه الله قال القاضي عياض اجمع المسلمون على عصمة الانبياء من الفواحش والكبائر قال وذهب بعضهم الى عصمته من مواقعة المكروه قصدا. وقالت تفتازان رحمه الله وفي عصمتهم من سائر الذنوب وهو انهم معصومون عن الكفر قبل الوحي وبعده بالاجماع. ومعصومون كذلك عن تعمد الكبائر. وانما الخلاف في امتناعه هل كان بدليل السمع او العقل واما سهوا فجوز الاكثرون. اما الصغائر فتجوز عمدا عند الجمهور خلافا للجبائيين واتباعه وتجوز سهوا بالاتفاق الا ما يدل على الخسة كسرقة لقمة والتطفيف بحبة لكن المحققين شرطوا ان هو عنه فينتهوا منه. يبقى اشكال. اذا قلنا بجواز وقوع الانبياء في الذنوب الصغائر ليس عمدا. لكن تقع منهم البشرية هل يكون على هذا اشكال؟ ان اممهم تقتدي بهم في تلك الذنوب؟ الجواب لا اشكال لم؟ لانهم لا يقرون عليها فاذا وقع منهم شيء من ذلك وصوب الوحي رأيهم او موقفهم او فعلهم اقتدت الامة بما صوبهم فيه الوحي تماما كالاحكام المنسوخة. اخبر به النبي حكما من الله. ثم يأتي الوحي بنسخه لن يكون مزلة قدم للامة ان حكما جاءهم عن طريق نبي ثم غير فكذلك الشأن فيما يأتي الوحي به للدلالة على شأنهم والادلة على هذا كثيرة. والنبي صلى الله عليه وسلم ايضا وقع في شأنه الكريم صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية وفي كتاب الله ما يدل على شأنه العظيم ومكانه الكريم عند الله وعند عند الله سبحانه وتعالى باختصار فيما اراد المصنف رحمه الله تصديره في هذا الفصل وسيأتي الكلام ايضا عليه الان تفصيلا. فاشير لك الى حديث صحيح الامام مسلم في قضية اسارى بدر الواردة في سورة الانفال. لما قال الله ما كان لنبي ان يكون له اسرى. حتى اسخن في الارض تريدون عرض الدنيا؟ والله يريد الاخرة. والله عزيز حكيم. لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما ما اخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا. واتقوا الله ان الله غفور رحيم. وموجز ذلك ما روى الامام مسلم في الصحيح قال ابن عباس رضي الله عنهما فلما اسروا الاسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي بكر وعمر رضي الله عنهما ما ترون في هؤلاء الاسارى؟ قال ابو بكر يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة ارى ان خذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار. فعسى الله ان يهديهم للاسلام. فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام ما ترى يا ابن الخطاب قال عمر قلت لا والله يا رسول الله ما ارى الذي رأى ابو بكر ولكني ارى ان تمكنا فنضرب اعناقهم فتمكن عليا من عقيل من عقيل؟ اخوه اخوه عقيل ابن ابي طالب قال فتمكن علي هل من عقيل فيضرب عنقه وتمكني من فلان نسيب لعمر فاضرب عنقه فان هؤلاء ائمة الكفر وصناديدها؟ قال فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال ابو بكر ولم يهوى ما قلت. قال فلما كان من الغد جئت والقائل عمر رضي الله عنه قال جئت فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو بكر قاعدين وهما يبكيان قلت يا رسول الله اخبرني من اي شيء تبكي انت وصاحبك؟ فان وجدت بكاء بكيت وان لم اجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال صلى الله عليه وسلم قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وعامة ما ينقل عن جمهور العلماء ان الانبياء غير تصومين عن الاقران عن الصغائر ولا يقرون عليها. ولا يقولون انها لا تقع بحال. قال واول من نقل عنهم من طوائف في الامة القول بالعصمة مطلقا واعظمهم قولا لذلك الرافضة. فانهم يقولون بالعصمة حتى ما يقع وعلى سبيل النسيان والسهو والتأويل. ومنهم سرى القول فيما بعد الى بعض طوائف الامة للمبالغة في زعم العصمة للانبياء جاء عليهم السلام. واما ما يستشكل كما تقدم قبل قليل ان القول بتجويز الذنوب الصغائر على الانبياء يخشى منه وامران فقد تقدم الجواب عنهما. اما الاول فان الله امر باتباعهم والتأسي بهم وقد يكون وقوع الذنوب الصغائر مبعثا للاقتداء بالامة هذه شبهة تكون صحيحة لو كانت الذنوب خافية. غير ظاهرة تختلط بالطاعة فتلتبس وعلى الامم لكن الله ينبه رسله ويبين المخالفة ويوفقهم الى افضل مما كانوا عليه قبلها. واما الاشكال فان الذنوب تنافي الكمال وانها توجب النقص وتحط من القدر وهذا صحيح ان كانت التوبة مفارقة ذنب او اصر صاحبه على الذنب دون رجوع ولا توبة ولا اوبة. لكن اللوم والندم والعودة والاستغفار والتوبة من شأنها ان تعيد العبد ليس الى ما كان عليه قبل الذنب بل الى خير منه فيما كان قبله والانبياء لا يقرون على الذنوب ولا يؤخرون التوبة والله قد عصمهم من ذلك. هذا محصل ما في الباب وفيه تفاصيل اخر تأتي تباعا ان شاء الله تعالى في كلام المصنف فيما قرره في هذا الفصل الاتي معنا ليلة الجمعة المقبلة بعون الله تعالى. امة محمد صلى الله عليه وسلم هذه الليلة وغيرها من الليالي كل ليلة جمعة تحفكم فيها رحمات وبركات وتحيط بكم كثير من الخيرات والليلة وقد اكتمل بدرها في افق السماء. انما نذكرها ونذكر بها الحبيب المصطفى صلى الله عليه عليه وسلم الذي فاق بجماله جمال بدر السماء نورا وتألقا. في ليلة بدرية وظياؤها من فك يلبس وفقنا اثوابا نزجي الصلاة على النبي نداؤها ان ضج هم ممطر او صاب. يا رب صل على النبي دعاءها نرجو به عند الكريم ثوابا. فاغتنموا من بركات هذه الليلة وشرفها واجرها. بكثرة الصلاة على الكريم صلى الله عليه وسلم ويحدوكم في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشر فيا رب صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد عدد الحصى والثرى وصلي عليه عدد نجوم السماء يا ربي عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وصل يا ربي وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عنه الغافلون. وارزقنا الهي بالصلاة والسلام عليه حبا يملأ قلوبنا وشفاعة ندركها يوم نلقاك يا اكرم الاكرمين. ارزقنا يا ربي بالصلاة والسلام اتباعا لسنته وتمسكا بهديه وعلما بشريعتك يا حي يا قيوم. اللهم احينا مسلمين وتوفنا مسلمين والحقنا بالصالحين. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا. ومن كل بلاء ان عافية يا ارحم الراحمين. اللهم جنبنا مواطن الردى ووفقنا للهدى. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم. اللهم قنا والمسلمين جميعا شر الاشرار وكيد الفجار. وشر طوارق الليل والنهار انت خير حافظا وانت ارحم الراحمين. سبحانك وبحمدك لا نحصي ثناء عليك. انت كما اثنيت على نفسك. وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك سيدنا وحبيبنا وقرة عيوننا محمد بن عبد الله وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين