بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه. واشهد ان سيدنا ونبينا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله الداعي الى رضوانه. صلوات الله وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعض اخوة الايمان فان الليلة الشريفة المباركة ليلة الجمعة. وفيها من الفضل والخير والاجر ندبنا اليه امة الاسلام من الاستكثار من الصلاة والسلام. على الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. صلاة وسلاما نصيب بها اجرا وثوابا. ونستنزل بها من ربنا صلوات مضاعفة عشر اضعافها. صلاة سلاما على من اوجب الله عز وجل له علينا الصلاة والسلام. فقال يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما في ليلة شريفة مباركة تزهر فيها الصلوات على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. فيجد فيها العبد من انس ورحمة وبركة وسعة خير وتفريج كرب وصلوات رب سبحانه وتعالى بعشرة اضعاف صلاته على نبيه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. وانا لنرجو وانا لنرجو الله منه شفاعة اتى ومن حوضه الصافي عسانا نورد عليه صلاة الله ما نسنس الصبا وما قام قمري بدوح يغرد وما خلق الرحمن في الارض والسماء وما سبح الرحمن عبد موحد. فاكثروا من الصلاة والسلام عليه ليلتكم هذه ويوم جمعتكم غدا فانها ليلة مباركة ويوم عظيم. وعسى ان يكون مجلسنا هذا ايها المباركون دافعا الى الاستكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. ونحن نتدارس هذا السفر الجليل الشفا بتعريف حقوق صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض ابن موسى الياصوبي رحمة الله عليه. وقف بنا الحديث ايها الكرام في القسم الثالث من الكتاب العصمة وما يتعلق بها من المسائل. وما زلنا ايضا في بابها الاول في الحديث عن التي تقع فيها عصمة الله لانبيائه الكرام عليهم السلام. فيما يتعلق بشأن العبادات والامور الدنيوية وقد شرعنا في مجلس سابق في الفصل الذي جعله المصنف رحمه الله في الكلام على الاحاديث المذكور فيها سهو النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم ان القاضي عياض رحمه الله ذكر انها ثلاثة احاديث حديث ذي اليدين في من اثنتين وحديث عبد الله ابن بحينة في القيام من ركعتين وحديث ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا. وتبين فيما تقدم ايضا ان الثابت من الاحاديث التي فيها سهو النبي عليه الصلاة والسلام هي ما ذكر المصنف رحمه الله اضافة الى حديث عمران ابن حصين في صحيح مسلم ان النبي عليه الصلاة والسلام صلى الصلاة فسلم في ثلاث ركعات ثم دخل منزله الحديث. واختلف العلماء هل حديث عمران هذا مع حديث ذي اليدين قصتان او قصة واحدة وتقدم الكلام في ذلك. ويضاف الى هذه الاحاديث ايضا ما ذكره وارباب السنن ونص عليه بعض اهل العلم في سهوه عليه الصلاة والسلام فتكون اربعة مع مجموع ما اضافه المصنف او خمسا اذا اضيف اليه حديث التردد والشك الذي ثبت فيه ايضا سهوه عليه الصلاة والسلام بما روى ابراهيم ابن علقمة عن ابن مسعود قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ابراهيم زاد او نقص فلما سلم قيل له يا رسول الله حدث في الصلاة شيء قال لا وما ذاك؟ قالوا صليت كذا وكذا فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثم سلم ثم اقبل علينا الى اخر الحديث. ولما اورد القاضي عياض رحمه الله تلك الاحاديث في سهو النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته ولاحظوا انها سهو وقعت في افعال. والحديث في هذا الفصل عن السهو في الافعال المتعلقة بالامور الدينية والصلاة عماد الدين. واما ما تقدم من السهو في البلاغ بالقول والخطأ فيه. فقد تقدم الحديث عن منع ذلك عند القاضي عياض رحمه الله. ولهذا قال المصنف في صدر هذا الفصل وهذه الاحاديث مبنية على السهو في الفعل الذي قررناه وحكمة الله فيه ليستن به. اذ البلاغ بالفعل اجلى منه بالقول وارفع للاحتمال وشرطه انه لا يقر على السهو بل يشعر به ليرتفع الالتباس. وتظهر فائدة الحكمة فيه كما قدمناه ان النسيان والسهو في الفعل في حقه صلى الله عليه وسلم غير مضاد للمعجزة ولا قادح التصديق يعني ان السهو في الفعل بخلاف السهو او الخطأ في القول. لان القول قد وردت النصوص بالعصمة فيه وما ينطق عن الهوى ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين. وامثال ذلك من نصوص الشريعة التي افادت العصمة ثم وقفنا عند سرد المصنف رحمه الله لمذاهب اهل العلم في نسيانه عليه الصلاة والسلام في الصلاة. وقد ثبتت بها الاحاديث قال ذهب ابن نافع وعيسى ابن دينار انه ليس بشك وان معناه في قوله اني لا انسى ولكن انسى لاسن ان معناه التقسيم اي انسى انا او ينسيني الله وذكر القول الثاني بقوله وذهبت طائفة من اصحاب المعاني والكلام على الحديث ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يسهو ولا ينسى. وهذا القول يفرق بين السهو والنسيان. باعتبار ان النسيان ذهول وغفلة وافة ينزه عنه النبي عليه الصلاة والسلام بخلاف السهو فانه انشغال. وبالتالي فيفوت على الذهن ادراك امر لانشغاله باخر. قال فكان النبي عليه الصلاة والسلام بهذا المعنى يسهو في صلاته ولكن لا ينسى ويشغله عن حركات الصلاة ما في الصلاة شغلا بها وليس شغلا عنها. واورد قولا ثالثا الى من يمنع وهذا تماما وان النبي عليه الصلاة والسلام لا ينسى ولا يسهو ويصادم هذا القول احاديث السهو الثلاثة او الاربعة فاذا صادمه كان قولا بعيدا ولهذا قال المصنف وهذا قول مرغوب عنه قالوا لان سهو عليه الصلاة والسلام كان قصدا وعمدا من اجل التشريع وبيان الاحكام. وسن ما يحتاج اليه الناس في الصلاة. قال هذا قول متناقض لانه يقولون هو ينسى عمدا. والنسيان والعمد متناقضان لا يجتمعان فكان هذا قولا بعيدا قال عنه المصنف رحمه الله وقد مال الى هذا عظيم من من ائمتنا وهو ابو المظفر الاصفراييني ولم يرتظه غيره منهم ولا ارتضيه. وقف بنا الحديث الى بيان المصنف هذا المعنى في هذا القول وان النسيان في الصلاة الذي ثبتت به الاحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام صحيح وواقع. لكنه لا ينافي العصمة. والنسيان في الفعل في تلك العبادات كالصلاة انما كانت الحكمة منه بيان الاحكام. فقد تعلمنا من سهوه عليه الصلاة سلام ماذا نفعل اذا وقع لاحدنا السهو في الصلاة؟ سواء كان السهو بزيادة بزيادة ركوع او سجود او او ركعة او كان السهو بسبب نقصان. نقص سجدة او ركوع وركعة. او كان بسبب شك فلما وقع ذلك كم من فعله عليه الصلاة والسلام ليس مرة ولا ثنتين ولا ثلاثا وتكرر تعلمنا من تلك الافعال ما يشرع في حقنا عند وقوع السهو في الصلاة. فكانت هذه حكمة الهية. ولو قال قائل الا يخشى انه لما سهى في صلاته ان يظن بعض الناس ان سهوه في الصلاة تغيير ونسخ في العبادة يعني مثلا لما سلم في العصر من ركعتين وفي حديث مسلم في رواية عمران بن حصين سلم في ثلاث ركعات. اما كان يخشى ان يظن الناس ان العصر قد نسخت من اربع ركعات الى ثلاث او الى ركعتين؟ الجواب بلى كان يمكن ان يقع هذا لو لم يكن هناك استدراك بالوحي ولا تشريع يبين ما حصل لكن الاستدراك وقع عقب الفعل مباشرة. فاذا امن الالتباس ولا يخشى ايقاع الوهم عند الناس. وفي الوقت نفسه وقع النسيان دلالة على جوازه. وان ذلك غير مناقض للعصمة التي ارادها الله لنبيه عليه الصلاة والسلام. نكمل حيث وقف بنا الحديث لنربط اللاحق بالسابق بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي جعل الحب فطرة. والصلاة والسلام على من حبه للقلب وعلى اله وصحبه مات تالت قطره. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين ما اهل بحج وعمرة قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في الكلام على في الكلام على الاحاديث المذكور فيها منه عليه السلام الى ان قال وقيل ان الذي ترك يوم الخندق اربع صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء وبه وبه احتج من ذهب الى جواز تأخير الصلاة في الحرب اذا لم تمكن من ادائها الى وقت الامن وهو مذهب الشاميين. والصحيح ان حكم صلاة الخوف كان بعد هذا فهو ناسخ له هذه القطعة من كلام المصنف رحمه الله تتمة لما سبقها من كلام فانه ذكر عن طائفة من اهل العلم ان النبي عليه الصلاة والسلام يقع منه النسيان. وقوله اني لا انسى ولكن نسا على ما تقدم في تضعيف الرواية وانها لا تثبت مرفوعة موصولة. على هذا المعنى فان اثبات النسيان ونفيه في الحديث لا تناقض فيه. لا انسى ولكن انسى. قالوا هذا كمثل قوله صلى الله عليه سلم بئس ما لاحدكم ان يقول نسيت اية كذا ولكنه نسي. وقوع النسيان لشيء من ايات القرآن عند احدنا حاصل. فمن يحفظ من القرآن سورة او جزءا او اجزاء او يحفظه كله؟ قد يقع له نسيان في بعض ما يحفظ. فربما اسقط كلمة او اية او بدل كلمة باخرى سهوا ونسيانا عندئذ جاءت الشريعة بالادب كما تقدم هذا الحديث مرارا لا يجوز لمسلم في باب الادب ان يقول نسيت اية كذا او صورة كذا. مع ان النسيان حاصل. قال عليه الصلاة والسلام بل هو نسي. يعني هو لم يتعمد ان ينسى وهذا من الادب الذي يعبر فيه المرء عن علاقته بكتاب ربه. لانه لو قال نسيت كانه يشعر بتعمده لذلك النسيان. واهماله لكتاب الله وانشغاله عنه بما هو دون ذلك حتى تفلت عنه القرآن قال ولكنه نسي. فاذا فهمت الحديث ادركت انه لا تناقض بين وقوع النسيان وبين النهي عن قولك نسيت. فالنهي عن شيء من باب الادب. فاذا فهمت التفريق كان من هذا الباب ان اني لا انسى ولكن انسى. يعني لا يتعمده ولكن يقع لحكمة من الله عز وجل ارادها ثم قال المصنف رحمه الله كما ترك الصلاة يوم الخندق استشهد هنا بمثال اخر على اصل المسألة وهو ترك الصلاة يوم الخندق حتى خرج وقتها. قال وشغل بالتجوز من العدو او بالتحرز من العدو عنها فشغل بطاعة عن طاعة. الذي حدث يوم الخندق ان نبينا صلى الله عليه واله وسلم لما اشتغل بالقتال مع المشركين في غزوة الاحزاب. طال بهم الامر وشق عليهم ذلك حتى شغلهم عن ادراك الصلاة في وقتها حتى خرج وقتها. والحديث مخرج في الصحيحين وفي غيرهما من دواوين السنة. بروايات عدة كثيرة واما حديث الصحيحين فهو ان النبي عليه الصلاة والسلام قال شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ودعا عليهم صلى الله عليه وسلم بقوله ملأ الله قبورهم وبيوتهم نورا كما ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى ثم صلى العصر بعدما غربت الشمس. بالفاظ متعددة متقاربة لفظ الصحيحين قال المصنف الا ترى ان النبي عليه الصلاة والسلام لما ترك الصلاة يوم الخندق والمقصود هنا ليست ترك المطلق بل المقصود تركها في وقتها حتى خرج وقتها. لكنه صلاها عليه الصلاة والسلام. قال ارأيت كيف انه وترك الصلاة حتى خرج وقتها. فما جوابك عن ذلك؟ تقول ما تركها حتى خرج وقتها الا انشغالا امر عظيم وهو الجهاد. جهاد العدو يوم الخندق. فانظر كيف اشتغل بطاعة عن طاعة. فكذلك الامر سهوه عليه الصلاة والسلام في الصلاة. كيف وقع منه السهو؟ كيف صلى ركعتين بدل اربع او ثلاثا بدلا من اربع كيف وقع هذا؟ قالوا شغل بالصلاة عن الصلاة فشغل ببعضها عن بعضها. وكما يشتغل بطاعة عن طاعة كما يوم الخندق والحديث في دواوين السنة. قال المصنف رحمه الله وقيل ان الذي ترك يوم الخندق اربع صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء. وبه احتج من ذهب الى جواز تأخير الصلاة في قرب اذا لم يتمكن من ادائها الى وقت الامن وهو مذهب الشاميين. والصحيح ان حكم صلاة كان بعد هذا فهو ناسخ له. شرعت صلاة الخوف في غزوة بني قريظة على خلاف بين اهل السير والحديث وقيل في بني النظير لكنها شرعت بعد حادثة الخندق وتأخير صلاة العصر حتى خرج وقتها يوم كان قبل ان تشرع صلاة الخوف. فلما شرعت صلاة الخوف صار الواجب اداء الصلاة في وقتها كيف ما امكن ولصلاة الخوف روايات وهيئات متعددة في السنة. قال المصنف رحمه الله فان قيل انه قد وقع في صلاة الخوف ترك اكثر من صلاة واشار المصنف الى رواية هنا وهي ما اخرج بعض اصحاب السنن وقد اخرجه الترمذي والنسائي عن ابي عبيدة بن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال قال عبد الله يعني ابن مسعود المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اربع صلوات يوم الخندق. حتى ذهب من الليل ما شاء الله فامر بلالا فاذن ثم اقام. فصلى الظهر ثم اقام فصلى العصر ثم اقام. فصلى المغرب ثم قام فصلى العشاء قال الترمذي وفي الباب عن ابي سعيد وجابر وحديث عبد الله ليس باسناده بأس الا ان ابا عبيدة لم يسمع من عبد الله. والحديث له شاهد عند النسائي من حديث ابي سعيد الخدري. رضي الله عنه قال شغلنا كون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس. وذلك قبل ان ينزل في القتال ما نزل. يعني صلاة الخوف قال فانزل الله عز وجل وكفى الله المؤمنين القتال. فامر فامر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا لصلاة الظهر فصلاها كما كان يصليها لوقتها. ثم اقام للعصر فصلاها كما كان يصليها في وقتها ثم اذن للمغرب فصلاها كما كان يصليها في وقتها وصححه الالباني. واما حديث الصحيحين كما تقدم قال الله بيوتهم وقبورهم نارا شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس. هذا الذي اراده المصنف بالروايات الواردة هنا عند الترمذي والنسائي وغيرهما ان الفائت يوم الخندق ليس صلاة واحدة بل اربع صلوات وسبب ذلك ما وقعت الاشارة اليه من الاشتغال بالقتال. يقول الامام النووي رحمه الله واما تأخير النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العصر حتى غربت الشمس فكان قبل نزول صلاة الخوف. قال العلماء والكلام للامام النووي رحمه الله يحتمل انه مؤخرها نسيانا لا عمدا. وكان السبب في النسيان الاشتغال بامر العدو. قال ويحتمل انه اخرها عمدا للاشتغال بالعدو وكان هذا عذرا في تأخير الصلاة قبل نزول صلاة الخوف قال واما فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها بسبب العدو والقتال. بل يصلي صلاة الخوف على حسب الحال. ولها انواع معروفة في كتب الفقه. قال النووي ايضا رحمه الله واعلم انه وقع في هذا الحديث هنا وفي البخاري ان الفائتة كانت صلاة العصر. وظاهره انه لم يفت غيرها. وفي الموطأ انها الظهر والعصر. وفي غيره انه اخر اربع صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء حتى ذهب هوي من الليل يقول النووي الجمع بين هذه الروايات ان وقعة الخندق بقيت اياما فكان هذا في بعض الايام وهذا في بعضها يعني انه فاته صلاة واحدة في يوم وفاته اكثر من صلاة في يوم اخر. وقد نبه الحافظ بن حجر رحمه الله ايضا الى انه عندما نحتاج الى الترجيح بين الروايات. فرواية الصحيحين اصح لان الفائت صلاة العصر وحدها. واذا اردنا فيمكن القول بانها كانت في ايام متعددة. ويبقى التنبيه الى ان صلاة العشاء في الرواية لم يقع فيها تأخير. وقوله اخر اربع صلوات وذكر العشاء معها انما هو تتمة لها لكنها وقعت في وقتها والذي خرج عن وقته بتلك الرواية الظهر والعصر والمغرب والمقصود بهذا يا كرام انه ان قيل انه اخر الصلاة عمدا فانما اخرها بسبب اشتغاله بامر العدو واذ قيل نسانا فسبب النسيان اشتغاله بطاعة اخرى. المقصود ما هو؟ ما نقوله هنا في الجواب في صلاة الخوف هو الذي نقوله في الجواب في سهوه في الصلاة. لماذا نسي؟ نسيانه عليه الصلاة والسلام لم يكن انشغالا كما يقع لاحدنا في سهوه في الصلاة. عندما ننصرف الى امور دنيانا واسواقنا واشغالنا ونتوه تفكيرنا فلا ندري اين نحن في صلاتنا؟ واحدنا عندما يصلي مأموما لا يكاد يدرك من صلاته الا افعال امامه فان ركع ركع خلفه وان رفع رفع ولا يكاد يتذكر الا التكبيرة في بداية الصلاة والتسليم في اخرها. وان وحده بالكاد يذكر من صلاته ترتيب ركعاتها واركانها. فاذا وقع من احدنا سهو في الصلاة فان في ذلك انصراف الذهن الى شيء خارج الصلاة. فاذا جئنا نتكلم عن سهو نبينا صلى الله عليه وسلم في صلاته فيه كما تقدم اكثر من حديث اثنان او ثلاثة او اربعة حتى لا نتصور ان شيئا من ذلك يناقض والعصمة التي جعلها الله لنبيه عليه الصلاة والسلام. يقرر العلماء هذا المعنى اللطيف ان سهوه في الصلاة صلى الله عليه وسلم انما كان اشتغالا في الصلاة ببعض الصلاة. وليس اشتغالا بامر خارج عنها. ولان لا يقال هذا تكلم يقال كالذي وقع يوم الخندق لما اخر الصلاة وقد سمعت كلام النووي رحمه الله انه ربما كان التأخير سهوا على او عمدا على تأويل وعلى كليهما فان الحامل على تأخير الصلاة عن وقتها كان من اجل الاشتغال بالجهاد فهذا مثال واقع يقاس عليه ويضرب به المثل فتم لنا الكلام اذا ان سهو نبينا عليه الصلاة والسلام في رغم ثبوت الرواية به. واقرارنا بوقوعه لكنه ليس بقادح في مقام النبوة. ولا في عصمته عليه الصلاة والسلام بل هو اثبات لمقام عظيم ان اشتغاله بالصلاة كانت تتزاحم فيه اي في صلاته عليه الصلاة والسلام فيه الافكار والشواغل التي تتزاحم على فؤاده وخاطره وقلبه صلى الله عليه وسلم. حتى لربما شغله شيء عن ذلك فوقعوا له سهو في بعض صلواته. فضلا عن ان تقول ان سهوه في سني عليه الصلاة والسلام والبالغة ثلاثة وعشرين عاما لم تقع الا في حوادث معدودة مرتين او او اربعة وعلى طول ما صلى باصحابه عليه الصلاة والسلام اماما ما حفظوا عنه الا تلك المرات المعدودة فدل اولا على ندرتها وقلتها جدا في مقابل الصلوات التي وقعت في حياته عليه الصلاة والسلام ويدل ثانيا على انها رغم قلتها وارادة الله عز وجل وقوع ذلك لحكمة تعليمنا احكام السهو في الصلاة فان الحامل في السهو ما كان يشغله عليه الصلاة والسلام في امر صلاته من الاشتغال عن بعضها ببعضها كما تقدم كلام المصنف رحمه الله. فان قلت فما تقول في نومه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة يوم الوادي وقد قال صلى الله عليه وسلم ان عيني تنامان ولا ينام قلبي. اما الصلاة يوم الوادي فقد تقدمت الاشارة اليه وقد اخرجه الامام مالك في الموطأ عن زيد ابن اسلم مرسلا. وفيه ان النبي صلى الله عليه عليه وسلم لما ادركتهم الصلاة ذات يوم في طريق سفرهم حتى طلعت عليهم الشمس فلم يصلوا. والحديث في الصحيحين وغيرهما وانه عليه الصلاة والسلام لما ادركته صلاة الفجر وقد طلعت الشمس قال عليه الصلاة والسلام عن ذلك المكان ان هذا واد به شيطان. هذا الوصف للوادي بهذا اللفظ في الحديث. اخرجه الامام ما لك في الموطأ مرسلا كما تقدم والحديث مروي عند غيره عند غير الامام مالك بل هو في الصحيحين وغيرهما ان النبي صلى الله عليه وسلم فاتته صلاة العصر ذات يوم حتى فاتته صلاة الصبح حتى طلعت الشمس. لكن وقوع ذلك ووصفه عليه الصلاة والسلام المكان بان به هو كما جاء في لفظ الرواية عند الامام مالك في الموطأ عن زيد ابن اسلم قال عرس رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم ليلة بطريق مكة. والمراد بقوله عرس اي تنحى في طريق سفره ليلا لينام ووكل بلالا ان يوقظهم للصلاة. فرقد بلال ورقدوا حتى استيقظوا وقد طلعت عليهم الشمس. فاستيقظ القوم وقد فزعوا فامرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي وقال ان هذا وادي به شيطان فركبوا حتى خرجوا من ذلك الوادي ثم امرهم ان ينزلوا وان يتوضأوا وامر بلالا ان ينادي بالصلاة ويقيم فصل بالناس ثم انصرف اليهم وقد رأى من فزعهم فقال يا ايها الناس ان الله قبض ارواحنا ولو شاء لردها في حين غير هذا فاذا رقد احدكم عن الصلاة او نسيها فليصلها كما كان يصليها في وقتها ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ابي بكر فقال ان الشيطان اتى بلالا وهو قائم يصلي فاضجعه فلم يزل يهدئه كما يهدأ الصبي حتى نام. ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فاخبر بلال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابا بكر فقال ابو بكر اشهد انك رسول الله صلى الله عليه وسلم. الحديث اصله في الصحيحين لكنها بهذا السياق في الرواية عند الامام مالك رحمه الله مرسلا كما تقدم. يقول المصنف كيف نجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم سلم في مثل هذا المعنى اني ان عيني تنامان ولا ينام قلبي. كيف لا ينام قلبه قد نام في ذلك المكان في الوادي حتى طلعت الشمس فما ادرك الصلاة في وقتها؟ كيف نجمع بين هذين الحديثين؟ قال فان قلت فما تقول في نومه عن الصلاة يوم الوادي؟ وقوله ان عيني تنامان ولا ينام قلبي. فكيف الصلاة نعم. فاعلم ان للعلماء عن ذلك اجوبة منها ان المراد بان هذا حكم وقلبه عند نومه وعينيه في غالب الاوقات. وقد يندر منه غير ذلك كما يندر من غيره خلاف عادته ويصحح هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث نفسه ان الله قبض ارواحنا وقول بلال فيه ما القيت علي نومة مثلها قط. ولكن مثل هذا انما يكون منه امر يريده الله من اثبات حكم وتأسيس سنة واظهار شرع. وكما قال في الحديث الاخر لو شاء الله لايقظنا ولكن اراد ان يكون لمن بعدكم. نعم. هذا جواب اول. قوله ان يتنامان ولا ينام قلبي والحديث صحيح اه ثابت كما تقدم. فهذا هو الاصل وقلبه صلى الله عليه وسلم عندما لا ينام ومن اجل ذلك فانه كان ربما نام. عليه الصلاة والسلام حتى ينفخ. يعني حتى يخرج الهواء ويسمع له غطيط صلى الله عليه وسلم ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ. فنومه عليه الصلاة والسلام غير ناقض لوضوئه. والسبب ان قلبه لا ينام كما اخبر هو بنفسه عليه الصلاة والسلام. فهذا لا ينافي نومته تلك في ذلك المكان في الوادي في القصة التي سمعتها قبل قليل. لكن المراد ان هذا هو الاصل غالب وربما شذ عن ذلك بعض الاحوال والاوقات ولا يناقض هذا الاصل. كما تقول انا عادتي لاستيقظ قبل الفجر بنصف ساعة. وان هذه عادتك منذ عشرين سنة. وانت صادق فيما تقول ولو وقع منك فوات بعض الليالي بسبب تعب او مرض او ارهاق فلم تستيقظ على عادتك. وهذا يقال عند الاضطراد في الغالبة فيقول هذا المراد فيما يكون في غالب الاوقات وقد يندر خلاف ذلك. قال ويشهد لهذا انه عليه الصلاة والسلام قال في الحديث ان الله قبض ارواحنا. فدل على ان ذلك امر واقع على خلاف عادته عليه الصلاة والسلام. وان هذا لحكمة كما تقدم لامر يريده الله من اثبات حكم وتأسيس سنة واظهار شرع. فتعلمنا مثلا من هذه القصة صح. لما فاتته الصلاة في هذا الوادي حتى طلعت الشمس تعلمنا انه يسن لاحدنا اذا فاتت الصلاة فخرج وقتها ان يصليها كما يصليها لو كان في وقتها. فيؤذن لها ويقام. ولو كان وحده ولو كان في سفر ويصلي السنة قبلها كما لو كان في وقتها ولا يقتصر على اداء الفرض باعتبارها قضاء عابرا لامر فائت هذا كله تعلمناه من القصة التي وقعت له عليه الصلاة والسلام. فهو ايضا تشريع من الله لحكمة ارادها سبحانه. هذا الجواب الاول الثاني ان قلبه لا يستغرقه النوم حتى يكون منه الحدث فيه. لما روي انه كان محروسا وانه كان ينام حتى ينفخ وحتى يسمع غطيطه ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ نعم هذا جواب ثان ان قوله ان عيني تنامان ولا ينام قلبي يقصد بعدم نوم قلبه النوم وضوءه لا ينتقض وانه لو نام متوضئا عليه الصلاة والسلام ثم قام فانه يصلي بوضوءه الذي كان عليه قبل قبل النوم وسبب ذلك ان قلبه لم ينم. اتدري رعاك الله؟ يقول الفقهاء النوم ليس حدثا ينقض الطهارة ليس كخروج البول والغائط اكرمكم الله. لكنهم يقولون النوم مظنة الحدث هو ليس حدثا في ذاته النوم. لكنه مظنة الحدث يعني هو موظع يظن فيه وقوع الحدث. بمعنى ان احدنا لو كان نائما فخرج منه ريح فانه لا يحس به ولا يدري. ولو ادخل يده حتى مس فرجه نقض وضوءه بذلك وهو نائم لا يدري. فكان النوم مظنة الحدث وليس هو الحدث. ان كان هذا هو نقظ النوم للطهارة فان هذا غير حاصل منه صلى الله عليه وسلم. لان قلبه لا ينام اذا هو يعي عليه الصلاة والسلام وهو نائم. فلذلك كان نومه غير ناقض للوضوء صلى الله عليه وسلم. فهذا اذا معنى تزول به الاشكال. ان عيني تنامان ولا ينام قلبي. يعني لا تنتقض طهارته ويبقى محروسا كما قال هنا. وعند اذا فلا اشكال من زوال الوقت في تلك النومة في ذلك الوادي لانه كان مستغرقا في النوم عليه الصلاة والسلام لا ينام قلبي فمعناه الاستيقاظ بل معناه عدم انتقاظ طهارته هذا على الجواب الثاني كما تقدم قال لما روي انه كان محروسا انه مقصود محروس يعني لا يقع منه الحدث في النوم. قال وانه كان ينام حتى ينفخ وحتى يسمع ثم يقوم فيصلي صلى الله عليه وسلم ولا يتوضأ. يشير الى ما اخرج ابن ماجة من حديث عائشة رضي الله انهى وهو حديث صحيح. تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام حتى ينفخ ثم يقوم فيصلي ولا توضأ ينام حتى ينفخ يعني حتى يسمع الصوت الذي يخرج من النائم من نفسه وهو نائم. وهو ادنى درجات الشخير فاذا ارتفع الصوت واشتد كان شخيرا وله درجات. وادنى ذلك النفخ الذي يخرج من الهواء من بين شفتي النائمين يدل على انه قد استغرق في النوم. تقول كان ينام حتى ينفخ. يعني لم تكن غفوة بمجرد اغفاءة يسيرة يشعر بشيء حوله لا بل هو النوم العميق بدلالة قولها حتى ينفخ بل قالت ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ وايضا يشهد لذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما في رواية عند البخاري ومسلم قال نمت عند ميمونة زوج النبي الله عليه وسلم وميمونة ام المؤمنين رضي الله عنها هي خالة عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما قال نمت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها تلك الليلة فتوضأ ثم قام فصلى فقمت عن يساره فاخذني فجعلني عن يمينه فصلى في تلك الليلة ثلاث عشرة ركعة ثم نام حتى نفخ وكان اذا نام نفخ ثم اتاه المؤذن فخرج فصلى ولم يتوضأ. وهذا نص ايضا على انه صلى بوضوءه الذي صلاه في قيام الليل عليه الصلاة والسلام والحديث ايضا عند البخاري قال نمت عند ميمونة والنبي صلى الله عليه وسلم عندها فتوضأ ثم قام يصلي فقمت عن ساره فاخذني فجعلني عن يمينه فصلى ثلاث عشرة ركعة ثم نام حتى نفخ وكان اذا نام نفخ ثم اتاه المؤذن فخرج فصلى فلم يتوضأ. يشير الى ان هذا واقع منه عليه الصلاة والسلام. بالاكتفاء بوضوءه الذي كان قبل نومه. نعم وحديث ابن عباس المذكور فيه وضوءه عند قيامه من النوم فيه نومه مع اهله فلا يمكن الاحتجاج وبه على وضوءه عليه السلام بمجرد النوم. اذ لعل ذلك لملامسة الاهل او لحدث اخر. فكيف فهو في اخر الحديث نفسه ثم نام حتى سمع ثم نام حتى سمعت غطيطه ثم اقيمت الصلاة فصلى ولم يتوضأ يشير الى حديث ابن عباس وقد سمعته قبل قليل. ولها رواية في الصحيحين. يقول نمت عند ميمونة النبي صلى الله عليه وسلم عندها تلك الليلة فتوضأ عندها تلك الليلة فتوضأ ثم قام يصلي. اذا كان قلبه لا ينام بمعنى انه لا ينقض طهارته فلماذا توضأ لما قام من النوم؟ ثم لما توضأ قام فصلى ثلاث عشرة ركعة ثم نام حتى نفخ وكان اذا نام نفخ ثم اتاه المؤذن فخرج فصلى ولم يتوضأ. في النومة الثانية بعدما صلى قيام الليل خرج لصلاة الصبح من غير وضوء وقد نام قبله. ولما قام اول الليل توضأ قال المصنف لقد كان مع زوجه ولا يمكن الاحتجاج بهذا. قال ربما ذلك لملامسة الاهل او لحدث اخر. فلا تعارض بين الامرين ويبقى ان قوله وقلبي لا ينام او لا ينام قلبي بمعنى انه لا يقع منه حدث اثناء النوم لا يشعر به عليه الصلاة والسلام لانه قال في اخر الحديث نفسه ثم نام حتى سمعت غطيطه ثم اقيمت الصلاة فصلى ولم يتوضأ. نعم وقيل لا ينام قلبه من اجل انه يوحى اليه في النوم. هذا جواب ثالث. اذا الجواب الاول في قوله عليه الصلاة والسلام ولا ينام قلبي يعني في الغالب وربما حدث خلاف ذلك فيما ندر. والجواب الثاني ولا ينام قلبي بمعنى لا يقع منه ما يقع من النائم من عدم شعوره بالحدث اذا خرج منه. والجواب الثالث لا ينام قلبي يعني يبقى متصلا بالسماء وربما اتاه الوحي وهو نائم عليه الصلاة والسلام ويرى في المنام رؤيا ورؤى الانبياء وحي وهذا معنى لا ينام قلبي فهذا جواب ثالث. وقيل لا ينام قلبه من اجل انه يوحى اليه في النوم. وليس في قصة الا نوم عينيه عن رؤية الشمس. وليس هذا من فعل القلب. وقد قال عليه الصلاة والسلام ان الله قبض ولو شاء لربها الينا في حين غير هذا. نعم هذا الجواب الثالث. اذا وبه استقام للمصنف ايراد ثلاثة لاجوبة عن معنى قوله ان عيني تنامان ولا ينام قلبي صلى الله عليه وسلم فان قيل فلولا عادته من استغراق النوم لما قال لبلال اكلأ لنا الصبح لنا الصبح وفي حديث ابي هريرة في مسلم اكلأ لنا الليل اكلأ يعني احفظ لما ارادوا النوم في ذلك الوادي كما سمعت في القصة وقد كانوا على غاية من التعب والجهد والاعياء. كان يخشى عليه الصلاة والسلام ان تفوتهم صلاة الصبح فماذا فعل؟ امر بلال ان يكون حارسا تلك الليلة لا تفوتهم صلاة الصبح. ليس حارس عدو حارس صلاة. ارأيتم كيف فكان حب الصلاة في قلب المصطفى عليه الصلاة والسلام. وقلب صحابته الكرام رضي الله عنهم. مجموعة في سفر مرتحلون تعييهم التعب والجهد والمشقة. فاذا حان وقت النوم وكل له من النوم حاجته مثل ما للاخر. لكن شأن الصلاة في قلبهم اعظم. ارادوا النوم فاتخذوا سببا. وقال لبلال اكلأ لنا الصبح او اكلأ لنا الليل. يعني احفظ لنا وقتها بحيث اذا طلع الفجر توقظنا للصلاة. فانتدب لذلك بلال رظي الله عنه فماذا فعل؟ قام يتوضأ يصلي الليل حتى لا يأخذه النوم فاشتغل يحرس الصلاة بالصلاة رضي الله عنه. فقام يصلي من الليل لكن الله لحكمة ارادها ملك بلالا ما ملكهم من النوم. واعتذر بلال رضي الله عنه بعد ذلك. لما سأله النبي عليه الصلاة والسلام وقد طلعت الشمس قال يا رسول الله اخذ بقلبي الذي اخذ بقلوبكم يعني لم يكن يتعمد ذلك لكنه خرج عن قدرته رضي الله عنه. السؤال هنا ان قلت ان معنى قوله ولا ينام قريبي انه عليه الصلاة والسلام لا يمكن ان يفوته ذلك في شأن الصلاة فلماذا بلالا ان يحرسه لماذا قال اكلأ لنا الليل؟ اذا كان قلبه مستيقظا يدرك الصلاة فما الحاجة؟ ان بلالا او يأمره رضي الله عنه بحراسة الوقت ومراقبته لاجل ان يوقظهم لصلاة الفجر. قال الا ان يكون من عادته استغراق في النوم الاستغراق الذي لا يشعر معه الا اذا ايقظه شخص للصلاة. ولهذا قال لبلال اكلأ لنا الليل. نعم. فقيل الجواب فقيل في الجواب انه كان من شأنه عليه السلام التغليس بالصبح ومراعاة اول الفجر لا تح ممن نامت عينه اذ هو ظاهر يدرك بالجوارح الظاهرة فوكل بلالا بمراعاة اوله ليعلمه بذلك كما لو شغل بشغل غير النوم عن مراعاته. الفجر يبدأ من طلوع الفجر الثاني وهو الفجر الصادق وهو بياض معترض في الافق يظهر في وسط السماء ثم ينتشر الظياء. هذا هو الفجر الصادق او الثاني الذي يدخل معه وقت صلاة الصبح وقد ثبت ان النبي عليه الصلاة والسلام في صلاة الصبح كان يصليها بغلس اول اوقات الفجر يبدأ وقت الفجر فيما يسميه العرب الغلس. والغلس هو اختلاط الظلام بضياء الصبح. يعني هو الوقت الذي ليس بالظلام المطبق وليس هو الضياء المنتشر. يعني قد الجنور لكنه لم يعم ولم يبدد الظلام. فهذا اول اوقات الفجر. والحديث في الصحيحين والصبح كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس. يعني في اول وقته عند اختلاط الظلام بضياء الصبح وربما اسفر بالفجر وهذا اخر اوقات الصبح وهو الاسفار والاسفار انتشار الضياء جدا وهو اخر اوقات الفجر وليس بعده الا طلوع الشمس حين يخرج وقت الفجر. المعهود والدائم بل اكثر من سنته عليه الصلاة والسلام هو صلاة الصبح بغلس. فاذا كان الغلس كما فهمت الان هو اول وقت لفجر وهي لحظة تحتاج الى رصد ونظر ومتابعة فكان المقصود من حراسة بلال للوقت رضي الله عنه ان يدرك هذا الوقت في اوله لينبه النبي عليه الصلاة والسلام لذلك الوقت. وهذا يحصل ولو كان المرء مستيقظا لكنه مشغول بشيء ما فلا ينتبه الى دخول الوقت فيحتاج الى من ينبهه فهذا جواب عن الاشكال وليس من اجل راقه في النوم عليه الصلاة والسلام على العادة. لكنه اراد من بلال ان ينبهه لادراك اول وقت الفجر كما جرت به عادته في الحضر اراد ان يصليها كذلك في السفر صلى الله عليه وسلم. اللهم صلي وسلم فان قيل فما معنى نهيه عليه السلام عن القول نسيت. وقد قال عليه السلام اني انسى كما تنسون. فاذا نسيت فذكروني وقال صلى الله عليه وسلم لقد اذكرني كذا وكذا اية كنت انسيتها. هذا ايضا سؤال اخر وبه يختم المصنف رحمه الله هذا الفصل. لماذا ينهانا عليه الصلاة والسلام؟ لا يقل احدكم نسيت اية كذا وكذا نهي كيف افهم هذا النهي النبوي الكريم؟ مع اثباته عليه الصلاة والسلام النسيان لنفسه اني انسى كما تنسون فاذا نسيت فذكروني. يقول فاذا نسيت لماذا يقول لا يقول احدكم نسيت وهو يقول عن نفسه فاذا نسيت فذكروني. وقال في الحديث الاخر وقد مر ذات ليلة برجل من اصحابه قائما يصلي في الليل فاستمع لقراءته فقال عليه الصلاة والسلام رحمه الله لقد اذكرني اية كذا وكذا كنت انسيت فاذا اخبر انه نسي اية ويقول اني انسى كما تنسون فاذا نسيت فذكروني والحديثان كلاهما في في حي كيف افهم هذا مع قوله لا يقل احدكم نسيت كيف ينهانا عن شيء صلى الله عليه وسلم ثم هو يخبر عن نفسه بقوله نسيت او ذكرني اية كذا وكذا كنت انسيتها. هذا سؤال سيجيب عنه المصنف في ختام الفصل هنا فاعلم اكرمك الله انه لا تعارض في هذه الالفاظ اما نهيه صلى الله عليه وسلم عن ان يقال نسيت اية كذا فمحمول على ما نسخ فعله من القرآن. اي ان الغفلة في هذا لم تكن منه ولكن الله تعالى اضطره اليها ليمحو ما يشاء ويثبت. وما كان من سهو او غفلة من قبله ذكرها صلح ان يقال فيه انسى. وقد قيل ان هذا منه صلى الله عليه وسلم على طريق استحبابي في انه يضيف الفعل الى خالقه. والاخر على طريق الجواز لاكتساب العبد فيه. واسقاطه عليه السلام لما اسقط من هذه الايات جائز عليه بعد بلاغ ما امر ببلاغه. وتوصيله الى عباد الله ثم يستذكرها من امته او من قبل نفسه الا ما قظى الله عز وجل نسخه ومحوه من القلوب وترك استذكاره يقول فاعلم اكرمك الله انه لا تعار. اما نهيه ان يقال نسيت اية كذا. فمحمول على ما نسخ من القرآن اي ان الغفلة في هذا لم تكن منه لكن الله اضطره اليها ليمحو ما يشاء ويثبت. لما يقول ذكرني اية كذا وكذا كنت انسيتها اما ان تقول هذا على النسيان بمعنى المحو والازالة والنسخ. اما السهو والغفلة فيقول فيها انسى ونسيت. وقد تقدم بكم ان هذا الادب النبوي الكريم هو اولا فيما يتعلق بموقفنا مع القرآن كلام الله ربنا جل جلاله خاصة. فان من الادب انه لو وقع منك نسيان لشيء من حفظك للقرآن ان لا تقول نسيت. لان هذا مشعر بعدم الاعتناء بالقرآن وقام لان النسيان لا يقع الا بترك التعاهد الا بكثرة الغفلة فكأنك لما تقول نسيت كانك تشعر وتفريطك وتشهد على نفسك بذلك. لكن لما تقول نسيت فانت تنسب الفعل الى غيرك كانه عقوبة من الله وقع عليك النسيان لتفريطك في تعاهدك واستذكارك لكتاب الله. وهكذا فعل عليه الصلاة والسلام كان يقول لا يقل احدكم نسيت. ولما مر برجل من اصحابه يقرأ سورة فسمعها قال لقد اذكرني اية كنت انس تيتها وما قال كنت نسيتها. فامتثل عليه الصلاة والسلام الادب الذي ادبنا به في التوجيه الكريم. والجواب الاخر ان تقول ان هذا يتعلق بالقرآن خاصة وما عداه من امور الدنيا فلا بأس ان تقول نسيت المال في مكان كذا. ونسيت الطعام هنا ونسيت ثوبي ونسيت حاجتي. هذا النسيان في امور الدنيا لا ذم فيه. لان انصراف الذهن او الغفلة او الانشغال انه ليس فيه مذمة بل هو سمت للبشر فيقع منهم النسيان. ولذلك نسي ادم فنسيت ذريته. ولقد عهدنا الى ادم من قبل فنسي. قال المصنف رحمه الله وقد قيل ان هذا منه على طريق الاستحباب صلى الله عليه وسلم. يضيف الفعل الى خالقه ولما قال نسيت ونسبه الى نفسه كان على طريق الجواز لاكتساب العبد فيه واسقاطه لما اسقط من ايات جائز بعد بلاغ ما امر ببلاغه. والشاهد في ذلك انه لما تكلم عن القرآن قال عليه الصلاة والسلام ولكني وفي غيرها قال اني انسى كما تنسون فاذا نسيت فذكروني. وقد يجوز ان ينسى النبي صلى الله عليه وسلم ما وقد يجوز ان ينسى النبي صلى الله عليه وسلم ما هذا سبيله كرة؟ ويجوز ان من ويجوز ان ينسيه منه قبل البلاغ ما لا يغير ما لا يغير نظما ولا يخلط حكما مما لا يدخل خللا في الخبر ثم يذكره اياه ويستحيل دوام نسيانه له. لحفظ الله وتكليفه بلاغه. نعم. وقد يجوز ان يقع النسيان للنبي صلى الله عليه وسلم ما هذا سبيل كرة يعني مرة من المرات. ويجوز ان ينسى منه قبل البلاغ ما لا يغير نظما. نحن نعلم انه كلما اتاه الوحي عليه الصلاة والسلام باية او بايات او بسورة ونحوها. فانه فور انقضاء الوحي يبلغ النبي عليه الصلاة والسلام امته ما اتاه من الوحي. فيقرأ القرآن الذي نزل عليه للتو. يقرأه على من حضر من اصحابه او يستدعي كتاب الوحي او احدهم فيملي عليه صلى الله عليه وسلم ما نزل عليه من الوحي تم ويقول له اكتب اية كذا في موضع كذا بعد اية كذا. فجمع الوحي هكذا. فاذا وقع نسيان منه صلى الله عليه وسلم في تلاوة في صلاة وهو يقرأ باصحابه. ويقول لصحيبي بعد الصلاة عليه الصلاة والسلام هلا نبهه على ما وقع منه من نسيان او اسقاط لاية. لا حرج في ان يقع منه سهو او نسيان في اية او في شيء من القرآن وقد حصل البلاغ. يعني بلغ الامة بتمام الوحي. فاذا وقع النسيان منه في صلاته او قراءته عليه الصلاة والسلام كان هذا بعد البلاغ فلا اشكال ثم ختم المصنف رحمه الله الفصل بقوله ويستحيل دوام نسيانه صلى الله عليه وسلم له اي للقرآن لحفظ الله كتابه وتكليفه بلاغه. وهذا كالواقع ايضا باتفاق اجماع لا خلف فيه ان الله عز وجل تكفل بحفظ كتابه في صدر نبيه صلى الله عليه وسلم. وهو القائل له سنقرؤك فلا تنسى الا ما شاء الله انه يعلم الجهر وما يخفى وقوله ايضا له سبحانه وتعالى لا تحرك به لسانك لتعجل به ان علينا دمعه وقرآنه. فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثمان علينا بيانه. تم هذا الفصل للمصنف رحمه الله وقد اتى فيه على احاديث السهو الواقعة منه صلى الله عليه وسلم في الصلاة. وتكلم عما ساقه العلماء فيها من الاقوال والاجابات تعقيبا على هذا الفصل في تمام العصمة في السهو والنسيان في الوظائف الشرعية ويعقب ذلك ان شاء الله الا بفصل في الرد على من اجاز الصغائر والادلة التي احتجوا بها وموقف المصنف منها يأتي تباعا ليالي الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى تم المجلس وتم الفصل وبقي لجمعتكم وليلتكم هذه تتمة فيها ساعات ودقائق ملؤها عند المحب كثرة الصلاة والسلام على من احب. فاكثروا الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم فانما تستكثرون من صلاة ربكم عليكم. وكلما رزقك الله صلاة على نبيه استشعر حينها من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. مالي ونفسي ومن احببت كلهم فداك انت. ودمع فاض من صلى عليك الهي ما جرى نهر يا خاتم الانبياء يا سيد الرسل. فيا رب صل وسلم وبارك على حبيبك المصطفى ورسولك المجتبى سيدنا ونبينا محمد افظل صلاة واتمها. وازكى سلام واوفاه يا اكرم الاكرمين وارزقنا الهي بالصلاة والسلام عليه رفيع الدرجات ورفيع المقامات واكشف عنا الكربات وحقق لنا الاماني واقض لنا الحاجات يا سميع يا قريب يا مجيب الدعوات. اللهم صل وسلم وبارك عليه كما تحب ان يصلى ويسلم عليه وصلي يا ربي وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما ترزقنا بها شفاعته يوم نلقاك. وارزقنا يا ربي بالصلاة والسلام عليه حبا يملأ الافاق وارزقنا يا رب بالصلاة والسلام عليه استنانا على سيرته وتمسكا بهديه ورفعا لرايته وارزقنا يا رب بالصلاة والسلام عليه الحشر في زمرته والشرب من حوضه يا حي يا قيوم. اللهم صلي وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وصلي يا ربي وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون. اللهم ارزقنا الصلاة والسلام عليه عيشة هنية وميتة سوية ومردا غير مخز ولا فاضح يا اكرم الاكرمين. واغفر لنا وارحمهم كما ربونا صغارا. اللهم ارحم امهاتنا وابائنا اجمعين. اللهم من كان منهما حيا فاطل في عمره مع صالحه بعمل وعفو وعافية وحسن خاتمة يا اكرم الاكرمين. ومن كان منهما قد افضى اليك فنور اللهم في قبره. وافسح له وفيه اللهم ارزقنا برهم في الحياة وبعد الممات يا اكرم الاكرمين واجمعنا بهم وازواجنا وذرياتنا في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا. واهدي ضال لنا وتقبل منا وتب علينا اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار واجعل لنا الهي ولامة الاسلام جميعا من كل هم من فرج ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. نسألك اللهم العفو والعافية الدائمة في الدين والدنيا والاخرة الهنا وخالقنا من ارادنا والاسلام والمسلمين بسوء فاشغله يا رب لنفسه واجعل كيده في نحره واجعل دائرة السوء تدور عليه يا حي يا قيوم. اللهم انا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك فمن شرورهم يا ذا الجلال والاكرام. واحفظ علينا ربنا والهنا امننا وايماننا. وسلامتنا واسلامنا ووفقنا لما تحب وترظى وخذ بنواصينا الى البر والتقوى. اللهم انا نسألك من كل خير خزائنه بيدك. ونعوذ بك من شر كل ذي شر انت اخذ بناصيته احفظنا والمسلمين جميعا من شر الاشرار ومن كيد الفجار ومن شر طوارق الليل والنهار وانت خير حافظا وانت ارحم الراحمين. لا اله الا انت عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك حبيبنا وسيدنا ونبينا محمد بن عبدالله وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين