بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن احمد الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله امام الهدى وسيد الورى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد اخوة الاسلام فاننا نشهد هذه الليلة المباركة بخيراتها ونفحاتها وبركاته. الاوان من بركات هذا هذه الليلة الشريفة ليلة الجمعة اقبال اهل الاسلام فيها على الصلاة والسلام على نبي الامة انس القلوب فيها وبهجة الارواح وانسها صلوات الله وسلامه عليه. وهم يمتثلون في ذلك هديه الكريم وندبه الشريف اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. يتسابقون حبا وشوقا يغتنمون ذخرا واجرا بكل صلاة على نبيهم صلى الله عليه وسلم يستنزلون من ربهم عشر صلوات. من صلى علي صلاة ان صلى الله عليه بها عشرا عدد الخلائق والنسائم والمدى صلى عليك الله يا علم الهدى. يا خير من وطأ الثرى متواضعا لله ميمون الطليعة مرشدا. فاللهم صل وسلم وبارك عليه كما تحب ان يصلى ويسلم عليه. وعسى ان يكون مجلسكم الميمون هذا في رحاب بيت الله الحرام. بابا لاغتنام مزيد من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. في هذه الليلة المباركة ونحن نعقد المجلس في هذه الليلة الشريفة نتدارس صفحات من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض بن موسى الي رحمة الله عليه. ما زال بنا الحديث ايها الكرام في ثالث اقسام ام الكتاب في بابه الاول المعقود لبيان عصمة الانبياء عليهم السلام. وقد استفتحنا ليلة البارحة الفصل الذي عنون له القاضي عياض رحمه الله تعالى بالرد على من اجاز عليهم الصغائر والكلام على ما احتجوا به في ذلك. وجعل رحمه الله الله يسوق فيه حجج القائلين بتجويز وقوع الذنوب الصغائر على الانبياء عليهم السلام. وقد مر الخلاف في ذلك ومآخذ اهل للعلم فيه واورد رحمه الله ادلتهم في هذا وهو يجيب عنها بما يؤيد بها ما رجحه رحمه الله من امتنان وقوع الذنوب صغيرها وكبيرها عصمة من الله لانبيائه عليهم السلام. وقد مر بنا في ذلك المجلس اول تلك النصوص وهو قوله سبحانه وتعالى في سورة الفتح ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر الاية تدل على ان الله عز وجل نسب ذنبا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. واخبر فيه بمغفرته له جل وعلا فقالوا هذا دليل على وقوع الذنوب من الانبياء وانها مغفورة عند الله. وجاب المصنف رحمه الله بما تقدم الحديث عنه في المجلس المنصرم. وهذا استئناف وصلة للحديث بعرض ادلة اخرى يسوقها المصنف الله تباعا لبيان الجواب عنها فيما يذهب اليه رحمه الله من عدم وقوع الذنوب الصغائر والاجابة عن تلك الادلة بما يقرر بها المذهب على ما اورده فيما تقدم انيفا بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اما بعد فقد قال القاضي القاضي عياض بن موسى الي رحمه الله تعالى في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى ما شاء الله واما قوله ووضعنا عنك وزرك الذي انقض ظهرك فقيل ما سلف من ذنبك قبل النبوة. وهو قول ابن زيد والحسن ومعنى قول قتادة وقيل معناه انه حفظ قبل نبوته منها وعصم. ولولا ذلك لاثقلت ظهره حكى معناه السمرقد السمرقندي وقيل المراد بذلك ما اثقل ظهره من اعباء الرسالة حتى بلغها. حكاه الماوردي والسلمي وقيل وقيل حططنا عنك ثقل ايام الجاهلية حكاه مكي وقيل ثقل ثقل شغل سرك ثقل شغل سرك ثقل شغل سرك وحيرتك اغلب شريعتك حياتك وطلب شريعتك وحيرتك وطلب شريعتك حتى شرعنا ذلك لك. حكى معناه القشيري وقيل المعنى خففنا عليك ما حملت بحفظنا ما حملت ما حملت بحفظنا تحفظ وحفظ عليك هذه ثاني الايات في الفصل. وهي قول الله تعالى في سورة الشرح الم نشرح لك صدرك عنك وزرك والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم كما تعلمون. قالوا فهذا دليل ثان وهو يدل بظاهره صراحة على نسبة الوزر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم اخبر الله انه وضع عن النبي عليه الصلاة والسلام وزره. قالوا فاذا كان وزر والوزر هو الذنب ووضعه الله جل وعلا اي عفا عنه وغفر له دل ذلك على وقوع ما يوجب هذا الوزر وهو الذنب والخطيئة واذا اتفقنا على انهم معصومون من الكبائر فلم يبق الا الصغائر فدلت الاية على جواز وقوع الصغائر من عليهم السلام. هذا هو مقتضى تقرير الدليل. عند من يرى تجويز وقوع الصغائر استدلالا بالاية الكريمة وظاهرها يدل على هذا المعنى. لكن المصنف القاضي يا عياض رحمه الله سيجيب عن الاية بما يؤيده فيما ذهب اليه وهو قد منع رحمه الله وقوع الذنوب صغائرها وكبائرها. فيجيب رحمه الله ببعض النقولات في تفسير الاية على ما يحمل بغير ما يتبادر الى الذهن من معناها. قال رحمه الله الله واما قوله تعالى ووظعنا عنك وزرك الذي انقظ ظهرك فقيل ما سلف من ذنبك قبل النبوة وهو كمثل ما تقدم في تفسيري ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فذهب طائفة من اهل العلم الى ان ما تقدم هو ما كان قبل النبوة. ومضى الجواب فهل قبل النبوة ذنب حتى يخبر بانه قد غفر الله له او هل كان نبينا عليه الصلاة والسلام يواقع قبل النبوة ما كان قومه فيه من الشرك والجاهلية والوثنية؟ الجواب لكن الذي اخبر الله بمغفرته ليغفر لك الله ما تقدم او بوضعه هنا ووضعنا عنك وزرك ان كوان كان المعنى ما كان قبل النبوة فهو ما سيأتي الاشارة اليه. ما كانت عليه العرب في الجاهلية مما دون الشرك وفي اخبارها وافعالها واقوالها امور هي خلاف شريعة الله عز وجل هي محرمات وذنوب ومعاصي قال هنا ما سلف من ذنبك قبل النبوة عزا المصنف هذا القول للائمة ابن زيد والحسن البصري قال وهو ومعنى قول قتادة اذ يقول رحمه الله في تفسير ووظعنا عنك وزرك كما اخرج الطبري وغيره. قال حططنا عنك الذي سلف منك في الجاهلية. هو ومثل قوله تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك. فاذا فسرنا الاية وضعنا عنك وزرك يعني ما كان منك قبل النبوة دلت الاية على عدم وقوع الذنوب الصغائر او لم تكن دليلا على وقوع الذنوب لانها محمولة على ما كان قبل النبوة وليس قال المصنف رحمه الله تعالى وقيل معناه انه حفظ قبل نبوته منها. من ماذا من الذنوب الصغائر وعصم ولولا ذلك لاثقلت ظهره حكى معناه السمرقندي. عندما يقول الله لنبيه وضعنا عنك يا محمد وزرك فمعناها على هذا القول اننا حفظناك قبل النبوة وعصمناك من الوقوع فيها ولولا ذلك لكانت بل ربما اثقلت ظهرك وضعنا عنك وزرك الذي انقض يعني الذي لو كان لكان سببا في اثقال ظهرك صلى الله عليه وسلم فيكون معنى وضع الوزر هنا العصمة. فتكون هذا من من باب الاخبار بسبب عما يكون نتيجة اليه او المسبب فكان عصمة الله له هو بمعنى حمايته من الذنوب والمعاصي وبالتالي فكان معنى وضع الوزر اغلاق بابه الذي يمكن ان يكون فيه النبي عليه الصلاة والسلام. وقيل وهو ثالث المعاني. المراد بذلك كما اثقل ظهره من اعباء الرسالة حتى بلغها. فيصبح ليس معنى الوزر هنا الذب والخطيئة. وضعنا عنك وزرك المراد ثقلك وتعبك وحملك الثقيل اي تعب وحمل وثقل؟ النبوة والرسالة والاعباء والبلاغ والوحي مكابدة العناء ومواجهة الاعداء وصنوف انواع البشر. هذا كله عبء وثقل عظيم. قال المراد ما اثقل من اعباء الرسالة حتى بلغها. حكاه الماوردي والسلمي. ومن المحكي ايضا عن ابي عبيدة قال خففنا عنك اعباء النبوة والقيام بامرها. وهو في معنى ما اشار اليه المصنف رحمه الله. وقيل حططنا كثقل ايام الجاهلية حكاه مكي وسيأتي المراد بمعنى ايام الجاهلية وثقلها. وقيل وضعنا عنك وزرك اي ثقل شغل سرك وحيرتك وطلب شريعتك. يعني ما ان بعث الصلاة والسلام حتى حمل الهم اي هم هم هذا الدين اي شريعة ستأتيه من الله اي تكاليف؟ اي حلال واي حرام؟ كان هذا الهم ثقلا يعيشه النبي عليه الصلاة والسلام فعلى هذا القول وضعنا عنك وزرك اي لا تخشى يا محمد فان الله معك يحفظك وينصرك ويرفع عنك هذا الهم الذي اثقلك ثقل شغل سرك وحيرتك وطلب شريعتك حتى شرعنا ذلك لك. وقال الحسين ابن المفضل وضعنا عنك وزرك ليس المقصود الذنب والمعاصي بل المقصود السهو والخطأ وما وقع منه عن غير قصد صلى الله عليه وسلم وقيل كما تقدم في الاية السابقة ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك قيل ذنوب امتك وقد قال التوكاني عن هذا القول انه بعيد عن السياق لا يساعد عليه النظم فانه قيل ايضا هنا في الاية وضعنا عنك وزرك الذي انقض وظهرك اي ذنوب امتك. فيأتي السؤال فاذا كانت ذنوب امته فلماذا ينسب اليه؟ فيقال وزرك؟ قال المقصود ذنوب امته وانما اظيف اليه الاشتغال قلبه بهم عليه الصلاة والسلام. فانه كان يحمل هم امته العصاة والطائعون على حد سواء. فانظر كيف التفت المعنى في تفسير هذا القول انه عليه الصلاة والسلام كان من شدة ما فيحمل من هم امته وخصوصا العصاة والمذنبون منهم؟ فجاء الجواب وظعنا عنك وزرك. ليس ذنوبه وخطيئته هو عليه الصلاة والسلام بل ذنوب امته. فلماذا قال وزرك؟ قال لانه كان يحمل هم امته عليه الصلاة والسلام. قال رحمه الله وقيل معناه خففنا عليك ما حملت بحفظنا لما استحفظت وحفظ عليك هو عائد الى معنى اعباء النبوة والرسالة وقد تقدم معناها. هذه الاقوال كما ترى تؤول في الى تفسير الوزر بغير معنى الذنب. والمعصية او الخطيئة. مع انه تقدم ان ثلة من اهل العلم علمي يفسرون الوزر هنا بالذنب وان وقوعه وهو كما تقدم بيانه مرارا المقصود بالذنب هنا وفي قوله ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك. او في قوله فاستغفر واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات المراد في هذا كله الذنب الصغير الذي يقع لا عن قصد ولا يقع فيه تكرار وسرعان ما تحتويه رحمة ربه ومغفرته وعفوه فلا يكون في شيء من ذلك نقص من قدره الكريم عليه الصلاة والسلام ولا نسبة الى ما يحط من مقامه العظيم وشأنه الرفيع وحاشاه صلى الله عليه وسلم. لكنها لكنها مصير الى ظاهر ما دلت عليه الاية وان الذنب المنسوب اليه في سياقه وفي معناه المتبادر الظاهر يحمل هذا المعنى ولا اشكال لكن المصنف رحمه والله صار على ما رجحه ومضى في تفسير الاية على ما تقدم من الاقوال السالفة الذكر. يقول الامام ابن عطية الاندلسي رحمه الله تعالى في تفسيره ووضعنا عنك وزرك قال الوزر الذي وضعه الله عنه هو وعند بعض المتأولين الثقل الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يجده وحيرته التي كانت قبل المبعث اذ كان يرى سوء ما قريش فيه من عبادة الاصنام. وكان لم يتجه له من الله امر واضح. فكان يحمل الهم يعني قبل ان يكون نبيا. اما ترى انه كان يخرج الى غار حراء فيبقى هناك الليالي ذوات العدد. كان يفر مما يرى فلا يقبل قلبه يرى شركا ووثنيا. فكان هذا نوعا من الثقل الذي وضعه الله عنه لما كلفه بالنبوة واشرقت شمس الاسلام يقول رحمه الله فوضع الله تعالى عنه ذلك الثقل بنبوته وارساله. وقال ابو عبيدة وغيره المعنى خففنا عليك اثقال النبوة واعانك او واعناك على الناس. وقال جمهور المفسرين وهذا نقل ابن عطية. قال جمهور المفسرين الوزر هنا الذنوب والثقل فشبهت الذنوب به وهي نظير قوله تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنب بك وما تأخر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية قبل النبوة وزره صحبة قومه واكله من ذبائحهم ونحو هذا. فلم يكن يعني الذنوب التي هي مشاركتهم في جاهليتهم. لكن لها معايشتهم في انماط حياتهم وقال النقاش حضوره مع قومه المشاهد التي لا يحبها الله. قال القاضي ابو محمد رحمه الله وهذه كلها فجرها المنشأ كشهوده حرب الفجار. ينبل على اعمامه وقلبه في ذلك منيب الى الصواب ما عبادة الاصنام فلم يلتبس بها قط وقرأ انس بن مالك وحططنا عنك وزرك وفي حرف ابن مسعود وحللت نهى عنك وقرك وفي حرف ابين وحططنا عنك وقرك الى اخر ما في هذا السياق قال المحاسبي انما وصفت ذنوب الانبياء بالثقل وهي صغائر مغفورة لهم بها وتحسرهم عليها صلى الله عليهم وسلم جميعا نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ومعنى انقض ظهرك اي كاد ينقضه فيكون المعنى على من جعل ذلك لما قبل النبوة اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بامور فعلها قبل نبوته وحرمت عليه بعد النبوة فعدها اوزارا وثقلت عليه واشفق منها او يكون الوضع عصمة الله له وكفايته من ذنوب وكفايته من ذنوب لو كانت لانقضت ظهره. وكل هذا قد تقدم في الاقوال المنقولة عن ثلة من اهل العلم. نعم او يكون من ثقل الرسالة او ما ثقل عليه وشغل قلبه من امور الجاهلية واعلام الله تعالى له بحفظ ما استحفظه من وحيه واما قوله تعالى عفا الله عنك لما اذنت لهم. فامر لم يتقدم للنبي صلى الله عليه وسلم فيه من من الله تعالى نهي لم يتقدم فيه للنبي صلى الله عليه وسلم من الله تعالى نهي فيعد معصية. ولا عده الله تعالى عليه معصية نعم هذه ثالث الايات في الفصل التي استدل بها القائلون بجواز وقوع الذنوب الصغائر من الانبياء الكرام عليهم السلام والاية في سورة التوبة في شأن الاذن بالتخلف عن غزوة تبوك للمنافقين في المدينة فانهم قد وفدوا اليه عليه الصلاة والسلام يستأذنونه في عدم الخروج الى الغزوة والنبي عليه الصلاة والسلام يأخذ بظاهر اعذارهم فيعذرهم. فنزلت الاية عتبا عفا الله عنك لم اذنت لهم؟ يعني اهل النفاق حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين. لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الاخر ان يجاهدوا اموالهم وانفسهم. والله عليم بالمتقين. انما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الاخر. وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون ولو ارادوا الخروج لاعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع دين لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا ولاوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم ظالمين الى اخر الايات ظاهر الاية عتب ودلالته عفا الله عنك ولا يأتي العفو الا على ذنب وخطأ فكأن المعنى خطأ وقع فعفا الله عنه فاذا كان هذا ظاهر المعنى اذا هو من ادلة الجواز انه يجوز ان يقع الذنب فيأتي العفو من الله عز وجل. هذا ظاهر الاية وهنا اراد المصنف ايرادها ضمن ادلة القائلين بجواز الوقوع وسيجيب عنها مثل ما تقدم في الاية الاخرى انها لا تدل على وقوع الذنب بل لها معنى يتبادر سوى هذا. نعم. واما قوله واما قوله تعالى عفا الله عنك لما اذنت لهم فامر لم يتقدم للنبي صلى الله عليه وسلم في فيه من الله تعالى نهي فيعد معصية ولا عده الله تعالى عليه معصية. بل لم يعده اهل العلم معاتبة. وغلطوا من ذهب الى ذلك. سؤال عفا الله عنك ما الذي فعله النبي عليه الصلاة والسلام في غزوة تبوك مع المنافقين ستقولون استأذنوه فاذن لهم. اليس كذلك؟ السؤال التالي هل كان قبل ان يأذن لهم مأمورا من الله عز وجل الا يأذن لاحد لا ما الذي كان لم يكن امر من الله له فاذا هل تسمي فعله عليه الصلاة والسلام في شيء لم يأته فيه امر ولا وحي من الله. هل يسمى مخالفة هل يسمى ذنبا ومعصية؟ الجواب لا. اذا فما معنى العتب؟ عفا الله عنك هذا الذي يحتاج الان الى جواب وسيجيب عنه. قال رحمه الله امر لم يتقدم فيه للنبي صلى الله عليه وسلم من الله نهي فيعد معصية ولا عده الله عليه معصية بل لم يعده اهل العلم معاتبة. اذا ما الجواب؟ نعم. وغلطوا قال رحمه الله بل لم يعده اهل العلم معاتبة وغلطوا من ذهب الى ذلك قال ان افتويت وقد وقد حاشاه الله تعالى من ذلك بل كان مخيرا في امرين قالوا وقد كان له ان يفعل ما شاء فيما لم فيما لم ينزل عليه فيه وحي فكيف وقد قال الله تعالى فاذن لمن شئت منهم فلما اذن لهم اعلمه الله بما لم يطلع عليه من سرهم. انه لو لم يأذن لهم لقعدوا وانه لا حرج عليه فيما فعل. وليس عفا هنا بمعنى غفر بل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عفا الله لكم عن صدقة الخيل والرقيق ولم تجب عليهم قط اي لم يلزمكم ذلك ونحوه للقشيري قال وانما يقول العفو لا يكون الا عن ذنب من لم يعرف كلام العرب. قال ومعنى قوله عفا الله اي لم يلزمك ذنبا. نعم. اذا مثل حديث قد عفوت عن صدقة الخير والرقيق لما يقول النبي عليه الصلاة والسلام عفوت لكم عن صدقة الخير والرقيق. يعني لا زكاة على العبد في فرسه. ولا في عبده ان كان يملك رقيقا فلا زكاة عليهم. ومن يملك خيرا فلا زكاة هل كانت الزكاة واجبة ثم رفع الوجوب؟ الجواب لا. لم يأتي الوجوب اصلا. فكيف سماه عفوا اذا العفو هنا ليس بمعنى رفع شيء كان سابقا. بل هو بمعنى شيء لم يلزم. وهو كما قال هنا لم تجب عليهم قط ولم يلزمهم فعفا الله عنك هي بهذا السياق. ليس شيء قد وقع من الذنب فتأتي الاية اذ رفعه بقوله عفا الله عنك. يقول المصنف عن القشيري انما يقول العفو لا يكون الا عن ذنب من لم يعرف كلام العرب فان العرب تقول عفا الله عنك في كلامها ولا تقصد انك مذنب مخطئ صاحب وزر وانا اسأل الله ان يعفو عنه هذا لا يلزم من قال انه لا يقال عفا الله عنك الا بذنب يقول هذا من لم يعرف كلام العرب فكلام العرب اوسع من هذا. قال رحمه الله اذا فمعنى عفا الله عنك اي لم يلزمك ذنبا ولم يعد هذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم خطأ هذا معنى عفا الله عنك اي لم يلزم فيما فعلت منك ذنب يستوجب المعصية او المؤاخذة وحاشاه عليه الصلاة والسلام. في هذا القول وقد قال المصنف لم يعده اهل العلم معاتبة وغلطوا من ذهب الى ذلك. الحق ان ثلة من كبار المفسرين فسروا الاية بانها عتب وعلى رأسهم شيخ المفسرين الامام الطبري رحمه الله فانه قال عن الاية هذا عتاب من الله جل ذكره عاتب به نبيه صلى الله عليه وسلم في اذنه لمن اذن له في التخلف عن غزوة تبوك او في التخلف عنه حين شخص الى تبوك لغزو الروم من المنافقين. وقال قتادة عاتبه كما تسمعون ثم انزل الله فاذا استأذنوك لبعض شأنهم فاذن لمن شئت منهم فرخص له ان يأذن لهم انشاء قال القرطبي انما بدر منه ترك الاولى. فقدم الله له العفو على الخطاب الذي هو في صورة عتاب تأملوا يا كرام هذه النقول عن الائمة قتادة والطبري والقرطبي وغيرهم في اثبات معنى العتب لا يلزم ومنه الاخبار بان النبي عليه الصلاة والسلام وقع ذنبا او معصية لا. لا يلزم العتاب في معناه وقوع ذنب ومعصية قطيعة فقوله عفا الله عنك لم اذنت لهم عتب في معنى تركي الاولى لانه اذن لهم والله عز وجل كان يريد وان يكلهم الى صنيعهم لم اذنت لهم؟ حتى يتبين لك الذين صدقوا حتى تنكشف الحقائق وتسقط الاقنعة ويظهر المؤمن من المنافق في تلك المواقف حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين. اذا فلا مناقظة بين الاقوال. من ذهب من اهل العلم من المفسرين الى انه عتاب او فسر الاية بانه عتب من الله فانهم لا يقولون انه خطأ وقع فيه النبي صلى الله عليه وسلم او ذنب ومعصية انما المعنى عتاب. ولا يلزم من العتاب ان يكون لوقوع ذنب. وهكذا انت مع من تحب قد تعاتبه اذا وقع في امر خالفك فيه. وقد يكون عتابك يزداد مع ازدياد حبك لمن تحب عتبوا عليه في اقل امر صغير وليس بالضرورة ان يكون قد واقع مخالفة تستوجب شيئا من العتب الذي هو بمعنى اظهار الغظب وقد قال قتادة هنا عاتبه كما تسمعون. ثم انزل الله اية النور فاذا استأذنوك لبعض شأنهم فاذن بمن شئت منهم بعدها كان مأذونا له ثم عقب الامام ابن عطية الاندلسي رحمه الله قال وهذا غلط في قول قتادة يقول لان اية النور انما نزلت سنة اربع من الهجرة في غزوة الخندق واصاب رحمه الله فاذن لمن شئت فمنهم كانت قبل فكان مخيرا عليه الصلاة والسلام ان يأذن. فلما جاءت غزوة تبوك وهي بعد غزوة الخندق وقد قال الله له فاذن لمن شئت منهم فجاء في غزوة تبوك واذن لمن شاء. اليس قد عمل بامر اذن الله فيه؟ الجواب بلى فكيف تسمي هذا خطأ اذا قوله عفا الله عنك ليس معاتبة على خطأ بل على ترك الاولى كما نقل الامام القرطبي رحمه الله تعالى ولهذا يقول عمرو بن ميمون الاودي رحمه الله قال اثنتان فعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤمر فيهما بشيء اذنه للمنافقين واخذه من الاسارى. فانزل الله عفا الله عنك لما اذنت لهم يعني في كلتا الايتين لم يكن امر سبق له الى النبي عليه الصلاة والسلام حتى يعد موقفه وصنيعه مخالفة لامر الله جل وعلا. نعم قال رحمه الله قال الداودي روي انها انها تكرمة من الله عز وجل يعني عفا الله عنك تكون كرامة من الله لنبيه عليه الصلاة والسلام ما وجه كونها كرامة انه لم يقع منه ذنب يستوجب العقوبة ثم يقول الله له عفا الله عنك في خبر الله بمزيد عفو مع عدم وجود ذنب فتكون كرامة. وتفيد الاية عندئذ منقبة وليس منقصة. في النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وقال مكي رحمه الله هو استفتاح كلام مثل اعزك الله واكرمك الله وحكى السمرقندي ان معناه ان معناه عافاك الله. بعض اهل العلم من اهل باب اللغة كالداود المهدوي والنحاس ومكي يقولون لا علاقة لكلمة عفا الله عنك لذنب ولا لغير ذنب هذا اسلوب جرى عليه كلام العرب فانك ربما تخاطب انسانا وتكلمه فتصدر الكلام قبل الدخول في تفاصيله تستفتح بقوله عفا الله عنك كما نقول اليوم في خطاباتنا مع من يحترم ويجل من ارباب المناصب والجاه قبل الدخول في سؤال يتوجه او كلام خاطبوا به يصدروا بادب فتقول فيه اطال الله عمرك حفظ الله مقامك ثم تعرض الكلام. فهو مجرد استفتاح كلام لا يحمل من قريب ولا من بعيد. معنى قوع ذنب ترتب عليه العفو ابدا. ولهذا يقول البغوي ان الله وقره ورفع محله بافتتاح الكلام بالدعاء له كما يقول الرجل لمن يخاطبه اذا كان كريما عنده عفا الله عنك ما صنعت في حاجتي؟ فيجعل هذا اسلوب كلام يستفتح به لا اقل ولا اكثر في باب الاكرام والاجلال والادب والاحترام. يقول عفا الله عنك ما صنعت في حاجتي رضي الله عنك الا زرتني؟ ونحو هذا من الكلام يقول المفسرون فاذا جعلت عفا الله عنك بهذه المثابة فيحسن الوقف عليه في القراءة عفا الله عنك ثم يبتدئ لما اذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين وحق السمرقندي ان معناه عافاك الله يعني عفا الله عنك ادام الله عليك عفوه. وليس المعنى ذنب وقع فانا اسأل ان يعفو الله عنك. وبالتالي قل اياتي وسبب نزولها والاذن من الله قبلها فاذن لمن شئت منهم كل ذلك يدل على ان ما صنعه نبي صلى الله عليه وسلم يوم تبوك لم يكن ذنبا ولا خطيئة ولا معصية. فحتى على القول بتجويز وقوع الذنوب الغائط لا تعد الاية دليلا لانها لا تحمل معنى العفو بمعنى مغفرة الذنب او الخطأ والله اعلم قال رحمه الله واما قوله في اسارى بدر ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى في الارض تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخرة. والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم عذاب عظيم فليس فيه ايضا الزام ذنب للنبي صلى الله عليه وسلم بل فيه بيان ما خص به وفضل من بين سائر الانبياء فكأنه قال ما كان هذا لنبي غيرك هذا الموضع الخامس او الرابع من الايات الكريمة في الفصل التي ساقها المصنف رحمه الله تعالى دليلا بمن يقول بتجويز وقوع الذنوب الصغائر على الانبياء عليهم السلام وهي المتعلقة بقصة اسارى بدر بعد الغزوة. لما اصاب المسلمون يوم بدر جملة من اسارى مشركى قريش وقد تقدم في هذا الحديث وساعرض روايته والشاهد في الاية عند القائلين بالجواز عتب الله ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يسخن في الارض تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم عذاب عظيم قالوا هذا دليل على ان الذي وقع منه من نبينا صلى الله عليه وسلم يوم بدر كان امرا استوجب عتبا فقد جاء العتاب في القرآن والله عز وجل قد عفا عنه وتجاوز لكنه دليل على جواز وقوع الذنب. والحديث في صحيح مسلم رحمه الله مطول وجاء ايضا في غيره من دواوين السنة واوردوا فيه موضع الشاهد لتبين المعنى. من حديث عبدالله بن عباس وعمر ابن الخطاب رضي الله عنهما لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المشركين وهم الف واصحابه ثلاث مئة وتسعة عشر رجلا فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة. ثم مد يديه فجعل يهتف بربه اللهم انجز لي ما وعدتني اللهم ات ما وعدتني اللهم ان تهلك هذه اصابة من اهل الاسلام لا تعبد في الارض. فما زال يهتف بربه مادا يديه. مستقبل القبلة حتى سقط رداءه عن منكبيه فاتاه ابو بكر رضي الله عنه فاخذ رداءه فالقاه على منكبيه ثم التزمه من وراء وقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فانه سينجز لك ما وعدك. فانزل الله اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم اني ممدكم بالف من الملائكة مردفين. فامده الله بالملائكة. قال ابو زمير فحدثني ابن عباس قال بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في اثر رجل من المشركين امامه اذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول اقدم حيزوم. فنظر الى المشرك امامه فخر مستلقيا فنظر اليه فاذا هو قد خطم انفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك اجمع. فجاء انصاري فحدث بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة فقتلوا ويومئذ او فقتلوا يومئذ سبعين واسروا سبعين. قال ابن عباس فلما اسروا الاسارى قال النبي صلى الله عليه وسلم لابي بكر وعمر ما ترون في هؤلاء الاسارى قال ابو بكر يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة ارى ان تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله ان يهديهم للاسلام اراد ابو بكر تحقيق امرين ومصلحتين. الابقاء عليهم للرحم ابناء العم والعشيرة فهذا نوع احسان واراد امرا اعظم لعل الله ان يهديهم للاسلام فان قتلناه كافرا دخل النار لكن نعطيه فرصة عسى الله ان يتوب عليه فيقبل مسلما مهتديا. والفائدة الثالثة الانتفاع بالمال. عندما نفتديهم تكون قوة للاسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما ترى يا ابن الخطاب فقال عمر قلت لا والله يا رسول الله ما ارى الذي رأى ابو بكر ولكني ارى ان تمكنا فنضرب اعناقهم فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه. وتمكني من فلان نسيب لعمر. فاضرب عنقه فان هؤلاء ائمة الكفر وصناديدها قال عمر فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال ابو بكر ولم يهوى ما قلت. فلما كان من الغد جئت فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو بكر قاعدين يبكيان قلت يا رسول الله اخبرني من اي شيء تبكي انت وصاحبك؟ فان وجدت بكاء بكيت وان لم اجد بكاء تباكيت لبكائكما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابكي للذي عرض علي اصحابك من اخذهم الفداء. لقد عرض علي عذابهم ادنى من هذه الشجرة. شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم وانزل الله عز وجل ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يسخن في الارض. تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخرة الى قوله فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا. واتقوا الله ان الله غفور رحيم. قال فاحل الله الغنيمة لهم. هذا لفظ مسلم رحمه الله تعالى في الصحيح وانت كما ترى في سياق الحديث والفاظه فيها زيادة في غير ما جاء في صحيح مسلم. وان بعض الصحابة اشار الاخرى سوى هذين الرأيين لكن النبي عليه الصلاة والسلام اخذ برأي ابي بكر وقبل الفداء. فجاءت الاية ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يسخن في الارض يعني المراد ان يعمل القتل فيهم حتى ترتوي بدماء هؤلاء الذين رفعوا راية الحرب والصد عن لله والمحادة لله ولرسوله. ولتكون كلمة الله هي العليا. حتى يسخن في الارض. تريدون عرض الدنيا يعني المال الفداء الذي يدفع للاسارى والله يريد الاخرة. والله عزيز حكيم. لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم عذاب عظيم. فهذا الذي جعل النبي عليه الصلاة والسلام يبكي. هذا ظاهر الاية الكريمة. وفي معناها العتب الذي سمعته قبل قليل يقول القاضي عياض رحمه الله تعالى واما قوله في اسارى بدر ما كان لنبي ان يكون له اسرى الى اخر الاية. قال فليس فيه ايضا الزام ذنب للنبي صلى الله عليه وسلم ورأى القاضي عياض ان الاية تحمل معنى اخر. قال بل فيه بيان ما خص به وفضل من بين سائر الانبياء فكأنه قال ما كان هذا لنبي غيرك يعني ما كان لنبي غيرك يا محمد ما اكرمه الله تعالى به من حل الغنائم وسيأتي الاستشهاد بان النبي عليه الصلاة والسلام قال اعطيت خمسا لم يعطهن احد من الانبياء قبلي وذكر منها واحلت لي المغانم. اذ كان الانبياء او الكرام عليهم السلام قبل نبينا عليه الصلاة والسلام لا تباح لهم الغنائم. فاذا ظفروا باموال وسلاح من جهاد دائهم كانوا يجمعونها فتحرق ولا ينتفعون بها فجاءت شريعة الاسلام باباحة الانتفاع بالمغانم فكانت من خصائصه. قال فمعنى الاية ما كان لنبي يعني قبل النبي عليه الصلاة والسلام ان يكون له كذا وكذا انما هو لك خاصة. فجعلها ايضا في سياق المحمدة. ولا يساعد على ما ذهب اليه القاضي رحمه الله الاحاديث الواردة في سبب نزول الاية واليها ذهب عامة المفسرين. في ان معنى الاية الكريمة هو قصة بدر واستشارة النبي عليه الصلاة والسلام اصحابه. يبقى السؤال استشارهم فعرض ابو بكر رأيه وعرض عمر رأيه رضي الله عن الجميع السؤال هل نزل عليه وحي قبل ان يختار احدا رأيين؟ تبين فيه مراد الله وامره او نهيه؟ الجواب لا. فلما اقدم مختارا مستشيرا احد الرأيين. هل يعد اختياره لاحد الرأيين خطأ او ذنبا او معصية؟ الجواب ايضا لا فاذا على ماذا سنحمل العتب ما كان لنبي؟ تحمله على ما حملته في قوله عفا الله عنك على انه ترك ما كان ينبغي ان يكون اولى به ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض كان الاولى ان يكون القتل هو اعمال السيف فيهم في اول وقعة سماها الله يوم الفرقان. فتكون في صداها واثرها ومداها للاسلام ورفعا لرايته وتمكينا لاهله. هذا المراد وليس المعناه اذنبت يا محمد فجاءك العتاب لانه صلى الله عليه وسلم لم ينزل عليه قبل ان يأخذ باحد رأيين ما نزل عليه وحي فاجتهد. فاينما اداه جهاده والله قد اذن له ولم ينزل عليه فيه وحيا فانه صلى الله عليه وسلم مأذون له الفعل. فما كان معذونا له فيه لا يسمى خطأ ولا يعد معصية وذنبا ويكون العتب من باب التوجيه الالهي الى الاكمل والافضل والاولى. نعم قال رحمه الله فليس فيه ايضا الزام ذنب للنبي صلى الله عليه وسلم بل فيه بيان ما خص به وفضل من بين سائر الانبياء فكأنه قال ما كان هذا لنبي غيرك. كما قال صلى الله عليه وسلم احلت لي الغنائم ولم تحل لنبي قبلي. يقول الامام ابن عطية رحمه الله في تفسيره هذه الاية ما كان لنبي ان يكون له اسرى. قال هذه الاية تتضمن عندي معاتبة من الله عز وجل جل لاصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم. قال والمعنى ما كان ينبغي لكم ان تفعلوا هذا الفعل الذي اوجب ان يكون للنبي اسرى قبل الافخان. والاخبار هو لهم. كيف يعني يعني الم يستشر النبي عليه الصلاة والسلام اصحابه فاشار بعضهم بقبول الفداء والمن عليهم واشار اخرون بالقتل فكان العتب للصحابة يعني ما كان ينبغي لكم ان تتجهوا الى هذا الرأي. بل كان ينبغي ان تتفقوا وتجمعوا على الامر الاكمل وهو الادخان. يقول رحمه الله في ترجيحه قال فكان اوجب فكان هذا العتاب هو من باب الاخبار لهم. ولذلك استمر الخطاب بالجمع تريدون عرض الدنيا قال والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر باستبقاء الرجال وقت الحرب ولا اراد قط عرض الدنيا لما اشار الصحابة ان يأخذ الفداء هل كان النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي يرغب في المال وعرض الدنيا؟ الجواب لا. اذا العتب لمن للصحابة فيما يرجح ابن عطية رحمه الله. مرة اخرى يقول هذه الاية تتضمن عندي معاتبة من الله عز وجل لا لاصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم. والمعنى ما كان ينبغي لكم ان تفعلوا هذا الفعل الذي اوجب ان يكون للنبي اسرى قبل الافخاد والاخبار هو لهم. ولذلك استمر الخطاب بتريدون. والنبي الله عليه وسلم لم يأمر باستبقاء الرجال وقت الحرب ولا اراد قط عرض الدنيا قال وانما فعله جمهور مباشر الحرب وجاء ذكر ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الاية مشيرا الى دخوله في العتب حين لم ينه عن ذلك رآه من العريش وانكره سعد بن معاذ ولكنه صلى الله عليه وسلم شغله بغت الامر وظهور النصر فترك النهي عن الاستبقاء. ولذلك بكى عليه الصلاة والسلام وابو بكر حين نزلت هذه الاية ومر كثير من المفسرين على ان هذا التوبيخ انما كان بسبب اشارة ان اشار على النبي صلى الله عليه وسلم باخذ الفدية وذلك انه كما جاء في الحديث لما استشار اصحابه قال فلان كذا وقال ففلان كذا فهذا توجه اخر في الاية لانه عتب. وهو على ظاهره ومحمله لكن المراد به من اشار على النبي عليه الصلاة والسلام لانهم هم الذين رغبوا في ان يكون المال قوة لهم على اعدائهم ولم يكن هذا مقصده عليه الصلاة السلام. نعم قال رحمه الله فان قيل فما معنى قوله تعالى تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخرة والله عزيز حكيم قيل المعنى قيل المعني بالخطاب قيل المعني بالخطاب لمن اراد ذلك منهم وتجرد عرضه لعرض الدنيا وتجرد احسن الله اليكم. وتجرد غرضه لعرض الدنيا وحده فيها والاستكثار منها وليس المراد بهذا النبي صلى الله عليه وسلم ولا علية اصحابه رضوان الله عليهم بل قد روي عن الضحاك رحمه الله انها نزلت حين انهزم المشركون يوم بدر واشتغل الناس بالسلب وجمع الغنائم عن القتال حتى خشي عمر رضي الله عنه ان يعطف عليهم العدو. نعم. جاء في روايات غزوة بدر في اواخرها لما ظهر قد غلبة المسلمين وانهزم جيش ابي سفيان واقبل المسلمون يجمعون الغنائم وجاء الامر الكريم بعد استشارة النبي عليه الصلاة والسلام ان يأخذ منهم الفداء وكان الامر على ذلك قال جاء كان عمر رضي الله عنه يقتل ويحض على القتل ولا يرى الاستبقاء. وحينئذ قال سعد الاثخان احب الي من استبقاء الرجال فجعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني سعدا وعمر ناجيين من العذاب الا ونزل كما في بعض روايات الحديث مما يدل على حرص بعض الصحابة على المال واستبقاء الاسارى يوم بدر قول المقداد حين امر النبي عليه الصلاة والسلام بقتل عقبة ابن ابي معيط قال اسيري يا رسول الله والرجل يحرص على اسيره لمنفعته له فكونه يمن بالفداء فينتفع مما يعود عليه. او يكون رقيقا عنده. فهذا التفات الى شيء من الحرص المغانم من خلال الاسارى يقول وقول مصعب بن عمير للذي يأسر اخاه وقد اسر اخوه يوم بدر قال شد يدك عليه فان له امة من موسرا يعني لا تتركه فامه تستطيع الدفع مهما طلبت من المال يقول فهذه الروايات تدل على ان بعض الصحابة كان ينظر الى ما قد يعود من وراء الاسارى من منفعة بالمال. ليس هذا محرما شرعا. لكن ان قلنا ان الاية فيها عتب عرض الدنيا فالمراد تلك المواقف من الصحابة. يؤيد ابن عطية رحمه الله مذهبه في ان المراد بالعتب فيمن اشار على ذلك وكان له من الكلام والمواقف ما يدل على حرص من جعل الاسارة منفعة تعود من ورائها اموال يتقوى بها المسلمون على قتال عدوهم. نعم. قال رحمه الله ثم قال تعالى كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم عذاب عظيم. فاختلف المفسرون في معنى الاية فقيل معناها لولا انه سبق مني الا اعذب احدا الا بعد النهي لعذبتكم. فهذا اينفي ان يكون امر الاسرى معصية. وقيل المعنى لولا ايمانكم بالقرآن وهو الكتاب السابق فاستوجبتم به الصفح لعوقبتم على الغنائم. ويزاد هذا القول ويزاد هذا القول تفسيرا وبيانا بان يقال لولا ما كنتم مؤمنين بالقرآن وكنتم ممن احلت لهم الغنائم لعوقبتم. كما عوقب من تعدى وقيل لولا انه سبق في اللوح المحفوظ انها حلال لكم لعوقبتم. فهذا كله ينفي الذنب والمعصية لان من فعل ما احل له لم يعص. لان من فعل ما احل له لم يعصي. قال الله تعالى فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا. تقول الاية الكريمة لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم عذاب عظيم. حرف امتناع لامتناع. لولا الكتاب الذي سبق وانه تقرر فيه حكم لكان هذا موجبا في ان يمسكم العذاب. ما الكتاب الذي اشارت اليه الاية؟ اورد المصنف عدة معاني. قيل الاول لولا سبق مني الا اعذب احدا الا بعد النهي لعذبتكم. فان الله لا يعذب الا بعد تكليف. اذا دل على انهم فعلوا شيئا قبل ورود نهي فهذا لا يسمى معصية. هذا المعنى الاول. والمعنى الثاني لولا ايمانكم بالقرآن لولا كتاب ان الله سبق يعني ايمانكم بالقرآن السابق فاستوجبتم به الصفح لعوقبتم. فدل ذلك ايضا بمعنى لولا ما كنتم مؤمنين بالقرآن وكنتم ممن احلت لهم الغنائم لكان هذا سببا للعقاب. فهو ايضا يؤكد المعنى انه فعلوا شيئا واحد وقيل ثالثا لولا انه سبق في اللوح المحفوظ انها حلال لكم لعوقبتم. يقول القاضي عياض رحمه والله فهذا كله ينفي الذنب والمعصية. سواء حملت معنى لولا كتاب من الله سبق على معنى انه لولا ايمانكم بالقرآن او على معنى لولا انه سبق في تقدير الله وحكمه عدم تعذيب احد الا بعد النهي او على معنى ما سبق في المحفوظ حل المغانم قال كله يدل على نفي الذنب والمعصية لان من فعل ما احل له لا يسمى عاصيا وقد نقل الشوكاني رحمه الله اختلاف المفسرين في معنى لولا كتاب من الله سبق. القول الاول ما سبق في علم الله انه تحل لهذه الامة الغنائم بعد ان كانت محرمة على سائر الامم. القول الثاني لولا كتاب من الله سبق يعني مغفرة الله اه لاهل بدر ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر كما في الحديث ان الله اطلع على اهل بدر فقال اعملوا ما شئتم وقد غفرت لكم القول الثالث لولا كتاب من الله سبق انه لا يعذبهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم. كمثل قوله وما انا الله ليعذبهم وانت فيهم. القول الرابع لا يعذب احدا بذنب فعله جاهلا كونه ذنب. القول الخامس لولا كتاب من الله سبق يعني ما قضى الله من محو الصغائر باجتناب الكبائر. السادس لا يعذب احدا الا بعد تأكيد الحجة وتقدم النهي ولم يتقدم لهم يوم بدر نهي عن ذلك. وذهب الطبري الى ان هذه المعاني كلها داخلة في الاية اولى كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم عذاب عظيم. نعم قال رحمه الله وقيل بل كان عليه السلام قد خير في ذلك وقد روي عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه انه قال جاء جبريل عليه السلام الى النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فقال خير اصحابك في الاسارى انشاء القتل وانشاء الفداء على ان يقتل منه هم في العام المقبل مثلهم. فقالوا الفداء ويقتل منا. نعم. ويسوق المصنف في تتمة الكلام عن هذه اية اه بقية نقل وتعليق عن بعض اهل العلم يأتي تتمته ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. وما يزال معكم ايها المسلمون في هذه الليلة المباركة ساعات ودقائق في جوف هذه الليلة وجمعة الغد حقها ان تعمر بكثرة الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. والله عز وجل يحثنا ونبينا صلى الله عليه سلم يغرينا وكل الناس تذكر