بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن. احمد الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين وحبيب رب العالمين. وصفوة الله من خلقه اجمعين صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. ان من افضل ايامكم يوم الجمعة فاكثروا علي من من الصلاة فيه فان صلاتكم معروضة علي كما قال صلى الله عليه وسلم صلوا عليه فمن يصلي ذنوبه وتمحى ويلقى للهموم زوالا صلى عليك الله يا خير امرئ زكاه رب العالمين تعالى. ولعل مجلس هذا ايها المباركون ان يكون حافلا بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. وان يكون مجلسنا هذا في رحاب بيت الله الحرام من خير مجالس اهل الدنيا هذه الليلة بركة واغتناما للاجر وعلما نافعا. في بيت الله الحرام في ليلة المباركة في ذكر شأن النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام واخوته الانبياء الكرام عليهم السلام. وما زال حديثنا موصولا في في هذا المجلس في كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. للامام القاضي عياض رحمة الله عليه. وما زال بنا المصنف رحمه الله في الفصل الذي اورد فيه ادلة المجيزين لوقوع الذنوب الصغائر من الانبياء الكرام عليهم السلام. مضى حديث المصنف عن خمسة من الادلة سبقت اولها قوله تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من بك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما. وثانيها قول الحق سبحانه ووضعنا عنك وزرك الذي انقض ظهرك. وثالثها قول الله عفا الله عنك لما اذنت لهم في شأن غزوة تبوك طابعها في شأنه اسارى بدر ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يسخن في الارض. تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم عذاب عظيم ثم كان الخامس الذي انقضى به مجلس ليلة الاسبوع المنصرم في حديث المصنف رحمه الله تعالى عن قول الله سبحانه عبس تولى ان جاءه الاعمى. ثم استفتحنا كلام المصنف عن قصة ابينا ادم عليه السلام. وقول الله سبحانه وعصى ادم ربه فغوى وقف بنا الحديث في اثناء الاية الكريمة ليستمر سياق المصلي رحمه الله في ذكر الادلة التي دل بها كثير من اهل العلم وطائفة كبيرة من محقق الامة. من السلف ومن تبعهم في تجويز وقوع الذنوب الصغائر على الانبياء عليهم السلام على ما تقدم ذكره من القيود والضوابط للقول بهذه المسألة وان المراد بها الزلة الطيرة التي لم يعصموا منها وان العصمة لا تتناولها. وان المراد بها ما استدركه الوحي بالتوبة وتصحيح الامر وهو ايضا في المقابل يكون محفوفا بما لا يشتمل على خسة وحقارة ودناءة فظلا عن ان يكون ذلك كغير متكرر وقوعه من الانبياء عليهم السلام. في قصة ابينا ادم عليه السلام واكله من الشجرة التي نهى الله عنها والله عز وجل قد قال له ولامنا حواء ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. وما زال الشيطان اللعين يأويهما ويغريهما بل وقاسمهما اني لك ما لمن الناصحين. فدلاهما بغرور. حتى وقعا في ذلك الامر المحذور واكل من الشجرة فبدت عليهما سوءاتهما. وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة. جاء العتب الهي وناداهما ربهما الم انهكهما عن تلكما الشجرة؟ واقول لكما ان الشيطان لكما عدو مبين وجاء في سورة طه قول الحق سبحانه وعصى ادم ربه فغوى فكان هذا من اصلح الادلة التي قال بها العلماء ان معاشر الانبياء عليهم السلام لا يدخل في ظل عصمتهم الة الوقوع في الذنوب الصغائر والزلة اليسيرة كمثل هذه. الا ترى ان الله نسب العصيان الى ابينا ادم صراح قلب وادم وعصى ادم ربه فغوى ثم ذكر توبته عليه ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى. من اجل ذلك اورد المصنف رحمه الله الاية واورد ايضا فيها تأويلات لاهل العلم على ان المراد ليس المعصية بمعنى المخالفة لكنها على معان قال اورد هنا طرفا منها بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتموا التسليم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في الرد الا من اجاز عليهم الصغائر والكلام على ما احتجوا به في ذلك. الى ان قال واما قصة ادم عليه السلام وقوله تعالى فاكلا منها بعد قوله تعالى ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين وقوله تعالى الم انهكما عن تلكما الشجرة؟ وتصريحه تعالى عليه بالمعصية بقوله تعالى وعصا ادم ربه فغوى. نعم اي جهل اي جهل تقدم ذكر الحديث الذي اخرج الامام البخاري الله في صحيحه وغيره ايضا من حديث ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حج موسى ادم فقال له حاجة يعني اراد اقامة الحجة عليه حاجه يعني في مقام مجادلة والمناظرة واقام عليه الحجة. حاج موسى ادم. فقال له اي موسى عليه السلام. قال انت الذي اخرجت الناس من الجنة بذنبك واشقيتهم فقال ادم عليه السلام مجيبا على سؤال موسى عليه السلام يا موسى انت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه اتلومني على امر قد كتبه الله علي قبل ان يخلقني او قدره علي قبل ان يخلقني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحج ادم موسى يعني كانت له الغلبة في اقامة الحجة والظهور عليه في هذا السؤال بذلك الجواب. وانت كما سمعت مفاد الرواية ان موسى عليه السلام كان معاتبا لابينا ادم عليه السلام في اقترافه الخطيئة التي كان بسببها خروج ادم وذريته من الجنة. فقال انت الذي كنت سببا في كذا. فاحتج ادم عليه السلام بقوله يا موسى انت الكليم الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه يعني مثلك من شأنه ان يكون عنده من العلم والحكمة ما لا يصدر عنه مثل هذا الكلام. بل قال اولم تعلم ان الله قد قدر ذلك قبل ان يخلقني فعلام العتب؟ قال اهل العلم مفاد ذلك ان التوبة ان حصلت والمغفرة ان وقعت ورحمة الله الت العبد فمحي عنه ذنبه فلا حاجة الى العتب. ولا ان تقول لعاص قد صدق في توبته وتاب الله عليه ان تقول له لم فعلت كذا وصدر عنك كذا؟ وهذا تنبيه لئلا يستدل بهذا الحديث الصحيح ومحاجة ادم لموسى عليهما السلام الا يستدل به العصاة والمقصرون والمذنبون والمفرطون عندما يناصح احدهم بان عن خطيئته ويتوب من معصيته فان يقول هذا قدر الله عز وجل. وهذا من الخطأ لا يحتج بقدر الله على المعائب لكنه يتسلى به في المصائب. يعني اذا نزل بالعبد مصيبة فانه يتسلى بالقدر ان الله قد قدره وان نازل به لا محالة وانه لا مفر من الامر الذي قظى الله جل جلاله ان يكون قبل ان يخرج الخلق الى الى الوجود فالقدر يصلح في ان يتسلى المرء به في المصائب لا ان يحتج به في الذنوب والمعايب والمعاصي والسيئات التي يقترفوها وادم عليه السلام انما قال ذلك لما رأى توبة الله عليه والله عز وجل تاب عليه وهداه واجتباه كما قال سبحانه ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى. وهنا لا يحسن ان يقبح المرء بمعصية سلفا منه قد تاب وصدق في توبته وقبل الله توبته. فهذا السياق في الحديث الذي يذكره اهل العلم في تفسير الاية صريح في المعنى الذي اشرت اليه وهو قول موسى لادم عليهما السلام انت الذي اخرجت الناس من الجنة بذنب بك واشقيتهم فلم يكن من ابينا ادم عليه السلام نفي الذنب ولا الوقوع في الخطيئة والمعصية لكنه احتج بالقدر الذي اراد الله عز وجل منه ان يكون. فلهذا صريح ايضا في اثبات مسألة الذم قبل ان نسوق كلام المصنف الله تعالى في تأويل الاية على محمل سوى الذنب والخطأ وانه يحمل على النسيان او على التجاوز او على عدم بضواد الله سبحانه وتعالى. ومضى ايضا ليلة الجمعة الماضية ذكر كلام ساقه الامام القرطبي رحمه الله تعالى في هذا السياق مهم جدا عندما قال رحمه الله قال بعض المتأخرين من علمائنا والذي ينبغي ان يقال ان الله قد اخبر بوقوع ذنوب من بعضهم يعني الانبياء عليهم السلام. ونسبها اليهم وعاتبهم عليها. واخبروا بذلك من نفوسهم عن نفوسهم متنصلوا منها واستغفروا منها وتابوا. يقصد حديث الشفاعة لما يعتذر الانبياء عليهم السلام بما كان من احدهم. قال وكل ورد في مواضع كثيرة لا يقبل التأويل جملتها وان قبل ذلك احادها. يعني يمكن ان نجد تأويلا اية وحديث وقصة ادم مثلا او قصة داوود كما سيأتي الان او قصة ابن ام مكتوم او في قصة وصار بدر قال يمكن ان تجد تأويلا لاحادها لكن لا يقبل التأويل مجموعها. ثم قال رحمه الله وكل ذلك مما لا يزري بمناصبهم. وهذا المهم. يعني لان لا تظن ان من قال من اهل العلم بتجويز وقوع الذنوب طغائر انه يقصد بذلك حطا من قدر الانبياء عليهم السلام. حاشا هذا لا يقوله مسلم فضلا عن ان عالما او ان يكون اماما من ائمة المسلمين. قالوا وكل ذلك مما لا يجري بمناصبهم وانما تلك الامور التي وقعت منهم على جهة الندور وعلى جهة الخطأ والنسيان او تأويل دعا الى ذلك فهي بالنسبة الى غيرهم حسنات الى اخر ما قاله رحمة الله عليه. هذا الذي نقوله بين يدي سياق الكلام الذي اورده المصنف رحمه الله في تفسير معنى وعصى ادم ربه فغوى. بعد قوله تعالى ولقد عهدنا الى ادم من قبل ولم نجد له عزما. ما المقصود بالنسيان هنا؟ والعصيان هنا؟ والغواية هنا. هل هي الذنب الذي تاب الله عليه فيكون دليلا للقائلين بالجواز. او لا ليس هو الذنب فما المراد اذا؟ وهو الذي سيسوقه المصنف في الحديث عن الاية الكريمة وقيل اخطأ فان الله تعالى قد اخبر بعذره بقوله ولقد عهدنا لا الى ادم من قبل فنسي ولم نجد له عزما. قال ابن زيد نسي عداوة ابليس له. وما الله اليه من ذلك بقوله ان هذا عدو لك ولزوجك الاية. وقيل نسي ذلك بما اظهر لهما ابليس من الشفقة والميل اليهما والنصح لهما. وقال ابن عباس رضي الله عنهما انما سمي الانسان انسانا لانه لانه عهد اليه فنسي. وعصى ادم ربه فغوى. قال رحمه الله اي جهلة ففسر غوى هنا بمعنى جهل. جهل ماذا؟ قيل المقصود انه جهل مراد الله عز وجل من امره او نهيه عن اكل تلك الشجرة. وقيل انما ظن كما سيأتي الكلام الان ان المنهي عنه شجرة بعينها في الجنة ولم يرد ولم يقس ولم يدرك ان المراد كل ما كان مثلها في المعنى. فامتنع عن واحدة بعينها واغواه الشيطان بمثله وقيل جهل بمعنى انه نسي ما عهد الله اليه. فقيل اخطأ لان الله اخبر بعذره فنسي ولم نجد له عزما. قال ابن زيد نسي عداوة ابليس له. وما عهد الله اليه من ذلك لما قال انها هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى. ولهذا فان اهل العلم في تفسير قوله تعالى فنسي ولم نجد له عزما يذكرون معنيين رئيسين. اولهما الترك. قال مجاهد نسي اي ترك ترك الامر والعهد فهل يأتي نسي بمعنى ترك في اللغة؟ الجواب نعم في مثل قوله تعالى نسوا الله فالنسيان هنا بمعنى تركهم امر الله فتركهم الله بمعنى اوكلهم الى انفسهم فكانوا مخذولين. فيأتي النسيان بمعنى الترك فيكون قوله تعالى ولقد عهدنا الى ادم يعني بما اوصاه الله من قبل فنسي يعني ترك هذا الترك ما معناه؟ يعني المخالفة يعني امره الله بشيء فترك الامتثال. فهذا احد المعنيين والمعنى الاخر المأثور عن ابن عباس رضي الله عنهما انه نسي بمعنى النسيان من السهو ويكون عندئذ النسيان والسهو المذكور هنا في شأن ادم عليه السلام وقع عليه العتاب لان الشأن كذلك في زمن ادم عليه السلام وشريعته انه كان يؤاخذ بالنسيان. واما في امتنا وشريعتنا فقد عفا الله عنه. في مثل قوله عليه الصلاة والسلام ان الله تجاوز لي عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. فيكون النسيان ليس معفوا عنه في شريعة ادم ولهذا قاع العتب يعاتب وهو ناس؟ الجواب نعم لان النسيان عذر في شريعتنا امة محمد صلى الله عليه وسلم. فهذا معنى قول صنف قال ابن زيد نسي عداوة ابليس له وما عهد الله اليه من ذلك بقوله ان هذا عدو لك ولزوجك قيل نسي ذلك بما اظهر لهما ابليس من الشفقة والميل اليهما والنصح اليهما. بلغ ابليس الى درجة ان اقسم وقاسمهما اني لك ما لمن الناصحين. هل ادلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى قال ما نهاكما ربكما عن تلكما الشجرة الا ان تكونا ملكين. او تكونا من الخالدين وقاسمهما اني لك ما لمن الناصحين ضعف ادم عليه السلام امام ذلك السيل من الوسوسة من ابليس لعنه الله فاستجاب واكل من الشجرة هو وامنا حواء. فكان العتب الالهي وهذا المعنى الذي قال الله فيه فنسي ولم نجد له عزما وقال ابن عباس انما سمي الانسان انسانا بانه عهد اليه فنسي. فاخذ مسمى الانسان من النسيان منه بمعنى النسيان اذ نسي ابونا ادم عليه السلام ومنه قولهم نسي ادم فنسيت ذريته وقيل لم يقصد المخالفة استحلالا لها. ولكنهما اغترا بحلف ابليس لهما. اني لك ما لمن وتوهما ان احدا لا يحلف بالله حانثا وقد روي عذر ادم عن ذلك بمثل هذا في بعض الاثار وقال ابن جبير وقال ابن جبير حلف بالله لهما حتى غرهما والمؤمن ويخدع وقد قيل نسي ولم ينوي المخالفة فلذلك قال ولم نجد له عزما. اي قصدا للمخالفة. واكثر المفسرين على ان العزم ها هنا الحزم والصبر. نعم. قال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة ولم نجد له عزما قالوا لم نجد له صبرا عن اكل الشجرة ومواظبة على التزام الامر. فمعنى العزم هنا الصبر على مراد الله والصبر على امتثال امره والصبر على الوقوف عند حدود نهيه. كل هذا من الصبر المأمور به العبد في ان يصبر على شريعة الله بالامر فيمتثل وبالنهي فيمتثل كذلك بالانكفاف وفي البلاء الصبر كل ذلك صبر مأمور في الشريعة. قال ولم نجد له عزما يعني لم نجد لادم عليه السلام صبرا. ولا احتمالا او على التزام الامر. وقيل ولم نجد له عزما اي حفظا لما امر به. فيكون معنى الاية في سياق العتب ان الله عهد الى ادم عليه السلام واوصاه بقوله الا يأكل من تلك الشجرة وان الشيطان عدو له ولزوجه ويريد اخراجهما من الجنة فلما لم يطل صبر ابينا ادم عليه السلام على هذا الاغواء واستجاب قال ولم نجد له عزما اي صبرا على اكل الشجرة. ولهذا قال وعصى ادم ربه فغوى. قال ابن زيد نسي ما عهد الله اليه في ذلك ولو وكان له عزم ما اطاع عدوه في هذه المسألة يعني ابليس ما اطاع عدوه بالاغواء لما قاسمه واغراه بان اكل الشجرة سبب للخلود او بلوغ درجة الملائكة الكرام عليهم السلام. وعصى ادم ربه فغوى قواية هنا تأتي بمعنى الضلال الذي هو ضد الرشد. فتقول ظل بضد معنى رشدا. وهذا صريح في معنى بعصيان المستوجب للضلال عن شريعة الله وصراطه المستقيم. وقال بعض المفسرين فغوى يعني فسد عليه عيشه بنزول للدنيا فان الفساد يأتي بمعنى الغي. فغوى يعني خسر معيشة الدنيا ونعيم معيشة الجنة ونعيمها ففسد عليه معيشته بنزوله الى الدنيا. وقيل جهل موضع رشده. فان الله دله على ما يحصل به النعيم المقيم. قال ان لك لا تجوع فيها ولا تعرى وانك لا تظمأ فيها ولا تضحى. فكان نعيما مغريا لكن لما جاءت الوسوسة فوسوس الشيطان قال يا ادم هل ادلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فاكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة قال الله وعصى ادم ربه فغوى. قال واكثر المفسرين على ان العزم ها هنا الحزم والصبر كما نقل عن غير واحد منهم قتادة وابن عباس رضي الله عنهما وقيل كان وقيل كان عند اكله سكرانا. وهذا وهذا فيه ضعف. لان الله عز وجل وصف الجنة انها لا تسكر. فاذا كان ناسيا لم تكن معصية وكذلك ان كان ملبسا عليه غالطا. اذ على اذ الاتفاق على خروج الناس والسهي عن حكم التكليف. نعم هذا قول آآ مستبعد كما قال المصنف فيه ضعف ان العذر لابينا ادم عليه السلام عند اكله من الشجرة انه لم يكن حال ادراكه لانه كان سكران. وهذا لا يصح ولا يدل عليه دليل بل ما ثبت في شأن الجنة ونعيمها انه لا يصيب صاحبه او حتى شارب خمر الجنة. وهي خمر انها لا تصيبه وبسكر فهذا جواب كما قال المصنف رحمه الله فيه ضعف وقال الشيخ ابو بكر بن فورك وغيره انه يمكن ان يكون ذلك قبل النبوة. ودليل ذلك قوله تعالى وعصى ادم ربه فغوى ثم اجتباه ربه ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى. فذكر ان ان الاجتباء والهداية كانا بعد العصيان. اه ساق غير واحد من مفسرين هذا الجواب. وفيه اه معنى ايضا استدل به من الاية الكريمة ان يكون ما وقع من ابينا ادم عليه السلام من اكل الشجرة كان قبل النبوة فاذا صح هذا الجواب ما احتجنا الى تأويل لانه لا يمكن ان يكون وصف بالذنب والمعصية قبل النبوة والاصطفاء اذ لم يكن نبيا فان لم يكن نبيا كان بشرا يجوز عليه وقوع الذنوب والمعاصي استدل على ان هذا الاكل من الشجرة والمخالفة التي وقعت كانت قبل النبوة بان الله قال وعصى ادم ربه فغوى باكله الشجرة ثم اجتباه ربه. قال الاجتباء هنا هو النبوة فتاب عليه وهدى وان النبوة هي المقصودة هنا بمعنى اجتباه ربه فتاب عليه وهدى. نعم وقيل بل بل اكلها متأولا وهو لا يعلم انها الشجرة التي نهي عنها لانه تأول نهي والله عن شجرة مخصوصة لا على الجنس. ولهذا قيل انما كانت التوبة من ترك التحفظ لا من مخالفة وقيل تأول ان الله لم ينهه عنها نفي تحريم نهي تحريم نعم هذا ايضا قيل بل كان اكله تأولا يعني لما اكل ما كان يقصد المخالفة. فسميت مخالفة لفتى او معصية على صورتها وهيئتها الظاهرة انها معصية. لكن هل يقال للواقع في المعصية عن غير قصد انه عاص هو مخطئ لانه خالف الامر لكن لا ينسب الى المعصية قال كان متأولا ما معناه؟ قالوا لا يعلم انها الشجرة التي نهي عنها كانه فهم ان الله نهى ان الله نهاه عن شجرة بعينها في الجنة ولم يظن ان جنسها في الجنة ممنوع اكله. فلما اغواه الشيطان عمد الى احدى تلك الاشجار من جنسها فاكل ولهذا قال انه لم نجد له عزما كما تقدم يعني تحفظا من الاستمرار على مراد الله وتركه ما نهى الله عنه من ترك التحفظ لا من المخالفة. فكانت معصيته وتوبته هي من من عدم تحفظه لا من مخالفته لامر الله. وقيل تأول ان الله لم ينهه عنها نهي تحريم كانه فهم انها نهي تنزيه وتأديب. وانه لو اكل لن يكون عاصيا سيكون مخالفا لما هو اولى وافضل لكنه ولن يقصد الوقوع في تحريم يشق به امر الله ويقع فيه بصريح المعصية لله جل جلاله فان قيل فعلى كل حال فقد قال الله تعالى وعصى ادم ربه فغوى. وقال فتاب عليه وهدى وقوله في حديث الشفاعة ويذكر ذنبه واني نهيت عن اكل الشجرة فعصيت. فسيأتي عنه وعن اشباهه مجملا اخر هذا الفصل ان شاء الله تعالى. وقع المصنف رحمه الله على الفاظ صريحة لا تحتمل التأويل السابق. قال على كل حال حتى لو قلت اكلها لا يظن نهي تحريم. او لا يظن ان النهي عن جنس الشجرة وظنها شجرة بعينها او انه وقع منه نسيانا السؤال في كل ذلك وعلى كل حال فلفظ الاية وعصا ادم ربه فغوى. والله ذكر توبته فقال فتاب عليه وهدى والتوبة لا تكون الا على الوقوع في مخالفة وفي الحديث الذي جاء في ذكر الشفاعة ان الخلق لما يذهبون الى الانبياء عليهم السلام يوم القيامة عندما يشتد الكرب ويعظم الفزع الوقوف يأتون الى ادم عليه السلام اولا. قال فيذكر ذنبه واني نهيت عن اكل الشجرة فعصيت فهو يصرح عليه السلام انه كان في مخالفة منه استوجبت منه مهابة الله في ذلك الموقف العظيم والاعتذار عن الشفاعة فهذا صريح ايضا. قال المصنف كل ذلك ساتيك بجواب مجمل عنه وعن امثاله اخر الفصل قعد هناك كلاما امن يكون جوابا مجملا لمثل هذه النصوص سيأتي بيانه ان اعتذار الانبياء واستغفار الانبياء وتوبة الانبياء تكون من الوقوع في الذناء الذنوب ولا المعاصي ولا مخالفة اوامر الله. ولكنه توبة واستغفار لعدم بلوغ كمال اللائق بامثالهم وانهم لم يكونوا على ما يبلغ بمثلهم من درجات الالتزام الكامل لمراد الله اعلى مقامات الاصطفاء وليس المقصود الذنوب ولا المعاصي. والانبياء عليهم السلام لعلو اقدارهم ورفيع منازلهم. يشفقون من تلك الامور وان كانت في حق غيرهم امورا لا تؤثر لكنه كلما علا قدر المرء وازدادت منزلته ارتفعت مكانته عند ربه عظم في شأنه الذنب والمعصية وان كانت صغيرة. في الوقت الذي لا يبالي فيه ارباب الفسوق والمعاصي والفواحش بامثال تلك الذنوب ويراها كانها لا شيء. ومصداق ذلك في حديث النبي عليه الصلاة والسلام ان اذا وقع في ذنب لا يراه الا كذباب وقع على انفه فقال به هكذا فطار لكن المؤمن اذا وقع ذنبا يحمل همه ويكون وجلا فيشعر كانه جبل على رأسه يخشى ان يقع عليه فيهلكه فمقامات البشر بايمانهم وصلاحهم وتقاهم هو الذي يوجب هذا التفاوت في التعامل مع النقائص او او الذنوب او العيوب فما بالك بالانبياء وهم سادات البشر؟ واعلاهم منزلة واعظمهم قدرا عند الله جل جلاله. كما انه لما تقرأ مثل قوله تعالى وعصى ادم ربه فغوى والاية صريحة في نسبة الفعل الى ادم. اذا قلنا وعصى ادم هل يصح ان تقول ان ادم عليه السلام عاص وغاو لان الله قال عصى وغوى الجواب لا لانه كما كما لا تقول لمن خاط ثوبا مرة واحدة في حياته ان تقول عنه خياط. ما ان يتكرر منه ذلك نبه على ذلك القرطبي رحمه الله وهو انه لا يجوز ان تقول ان ادم كان عاصيا ولا غاويا وان كانت الاية صريحة وعصى ادم ربه فغوى. لان النسبة باسم الفاعل عاص وغاوي يستلزم ويحمل معنى الصفة الدائمة المستمرة ولم يكن من ابينا ادم عليه السلام الا ذلك الموقف اليتيم الذي ما جاء ذكره في القرآن الا محفوفا بكرامة الله بتوبته عليه. واصطفائه واجتبائه. فالاية انما سيقت لاظهار المقامة والمنقبة والمكرم لا في ذكر الزلة والقبيحة والامر الذي يكون فيه منقصة. فيفترق المقام حتى لا يظن ظان. عندما يكون الكلام عن تصحيح نسبة الذنب والخطأ ان ذلك يستوجب نقصا وحطا في القدر او نسبة لان تقول عاص وغاوي كل ذلك لا يسوغ ولا يجوز والعلم عند الله. نعم. نعم واما قصة يونس فقد مضى الكلام عن بعضها عن بعضها انفا على بعضها واما قصة يونس فقد مضى الكلام على بعضها انفا وليس في قصة يونس نص على ذنب وانما في ابقى وذهب مغاضبا وقد تكلمنا عليه في سورة الانبياء وقد ساق المصنف رحمه الله الكلام عن قصة يونس عليه السلام وتقدمت معنا في مجلس سابق بتفصيل فيما يتعلق بقول الله سبحانه في سورة الانبياء وذا النون يعني يونس ابن عليه السلام اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه. تكلم العلماء باسهاب طويل في جملتين في الاية. ما معنى مغاضبا وما معنى قوله فظن ان لن نقدر عليه كل ذلك جاء بعده قول الله سبحانه فنادى في الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فنادى في الظلمات يعني ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت فنادى في الظلمات بهذا الدعاء الذي استجاب الله به وكشف عنه الكرب ونجاه من الغم. وصريح قوله اني كنت من الظالمين فاستدل بهذه الاية الكريمة في سياق هذه الايات على جواز وقوع الذنوب الصغائر فما معنى قوله اذ ذهب مغاضبا؟ وقد تقدم الكلام عليها وايضا قول الله فظن ان لن نقدر عليه ورد كثير من العلماء في الاية التفسير الذي يقول انه ظن ان الله لا يقدر على بعثه. لان العقيدة كفر ولا يقولها مؤمن فظلا عن ان يكون نبيا كريما عليه السلام. وحملوا الاية على المعنى الاخر واليه صار واكثرهم فظن ان لن نقدر عليه يعني ان لن نضيق عليه لان الفعل قدر يقدر يأتي بمعنى التضييق. فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فاكرمه ونعمه فيقول ربي اكرمني. واما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه يعني ضيق. فيقول ربي اهان ومنه قوله تعالى الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر يقدر هنا بمعنى يضيق فظن ان لن نقدر يعني ان لن نضيق عليه. على كل حال قال المصنف مختصرا للكلام قد تقدم الحديث عن الاية الكريمة ومجمل ما جاء سابقا في قوله اذ ذهب مغاضبا مغاضبا لمن؟ ها هنا قولان ايضا شهيران لاهل العلم في تفسير الاية. قيل مغاضبا لربه وقيل مغاضبا للملك لما خرج من القرية يونس عليه السلام قال الحسن والشعبي وسعيد بن جبير مغاضبا لربه واختار ذلك من الائمة الطبري واستحسنه المهدوي روي ايظا عن ابن مسعود رظي الله عنه قال الامام النحاس وربما انكره او انكر هذا من لا يعرف اللغة وهو قول صحيح يعني حتى لا تفهم ان قوله ان قوله مغاضبا لربه انه يغضب الله او يقع في فعل يجعل ربه قد غضب لا ليس هذا المراد قال وربما انكر هذا القول من لا يعرف اللغة وهو قول صحيح. قال وبمعنى مغاضبا من اجل به فكان غضبه ليس من الله بل لله. فغضب فغضب خرج مغاضبا لربه اي من امر قومه لما كان منهم من الاباء عن قبول الدعوة والاستجابة لما امرهم به. كما تقول غضبت لك اي غضبت من اجلك والمؤمن يغضب لله عز وجل اذا عصي. وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة في حديث بريرة خذيها واشترطي لهم الولاء. واشترطي لهم ليس بمعنى لهم يعني قوم بريرة او اهلها الذين اعتقوا الذين باعوها. لكن اشترطي عليهم ان يكون الولاء لك على مثل هذا وجاء ايضا في المعنى ان يونس عليه السلام كان سريع الغضب فلما حمل اعباء النبوة تفسخ تحتها تفسخ الربع تحت الحمل الثقيل. يعني ما كان منه من اطاقة اعباء النبوة حتى تعبا فخرج من بين ظهراني قومه وهو غاضب حتى اتى البحر فركب فكان من قصته ما كان. فمضى على وجهه مضي وهذا قوله تعالى اذ ابق يعني خرج مسارعا او فر الى ان اتى الفلك فركبها قالوا وهذه المغاضبة كانت صغيرة. ولم يغضب على الله ولكن غضب لله اذ رفع العذاب عن قومه. قال ابن مسعود ان ابق من ربه اي من امر ربه حتى امره بالعودة اليهم بعد رفع العذاب عنهم. لان يونس عليه السلام كما مضى بقصته انه كان يتوعد قومه بنزول العذاب في وقت معلوم. فخرج من عندهم في ذلك الوقت خشية ان يصيبه ما اصابهم من العذاب فاظلهم العذاب حتى كان فوق رؤوسهم فتضرعوا الى الله. ولجأوا الى الله وجأروا اليه برجالهم نسائهم واطفالهم فادركتهم توبة الله فرفع عنهم ولم يعلم يونس عليه السلام بتوبة الله عليهم. فلذلك ذهب مغامرة غضبا وكان من حقه الا يذهب الا باذن من الله فلذلك ذهب مغاضبا لربه. قال الحسن امره الله بالمسير الى قومه فسأل ان ينظر ليتأهب فاعجله الله حتى سأل ان يأخذ نعلا ليلبسها فلم ينظر. وقيل له الامر اعجل من ذلك قال الحسن وكان في خلقه عليه السلام ظيق فخرج مغاضبا لربه فهذا قول. ويؤيد مثل هذا ان ابن عباس الضحاك وروي عنهما معنى ان يونس عليه السلام كان شابا لم يحمل اثقال النبوة. ولهذا قيل لنبينا عليه الصلاة والسلام فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت فامره الله بالصبر وعدم التعجل ونهاه ان يكون من شأنه كمثل يونس عليه السلام. فما الذي كان من يونس عليه السلام هو ضعفه عن صبر وتحمل بما يلحق بالنبوة والرسالة من اعباء وثقل وتكاليف وشيء عظيم من الجهد والظنك والمشقة الشديدة التي يتحملها الانبياء الكرام عليهم السلام فقال الله له ولا تكن كصاحب الحوت وهذا كله كما قلت لك في سياق معنى اذ ذهب مغاضبا وقال بعض اهل العلم في المعنى الاخر مغاضبا للملك وساق هنا قصة ايضا مضى ذكرها قال ابن عباس رضي الله عنهما اراد سعي النبي والملك الذي كان في وقته واسمه حزقيا ان يبعثوا يونس عليه السلام الى ملك نينوى وكان قد غزى بني اسرائيل وسبا الكثير منهم ارادوا ارسال يونس عليه السلام ليكلمه حتى يطلق اسارى بني اسرائيل وكان الانبياء في ذلك الزمان يوحى اليهم والامر والسياسة يكون الى ملك يختارونه. فيكون ملك ومعه نبي فيقضي الملك في السياسة والحكم ويبلغ النبي الوحي الذي يأتيه من الله عز وجل وكان الله قد اوحى الى شيعيا ان قل لحزقي الملك ان يختار نبيا قويا امينا من بني اسرائيل فيبعثه الى اهل نينوى افيأمرهم بالتخلية عن بني اسرائيل فاني ملق في قلوب ملوكهم وجبابرتهم التخلية عنهم. فقال يونس لشعيا هل امر الله باخراج لم يسمى في الوحي فقال لا. قال فهل سماني لك؟ قال لا. قال فها هنا انبياء امناء اقوياء. يعني لماذا يكون الاختيار علي فالحوا عليه فخرج مغاضبا للنبي والملك وقومه فاتى بحر الروم وكان من قصته ما كان فابتلي ببطن الحوت لتركه امر النبي سعيا. ولهذا قال الله فالتقمه الحوت وهو مليم مليم اسمه فاعل يعني اصاب او وقع في امر يستحق الملامة عليه فهذا الكلام هنا ما الذنب او ما الامر الذي وقع فيه يونس عليه السلام فاستحق عليه الملامة؟ اهو ذنب فما هو هذا كله يأتي في سياق الكلام يعني الاية والمصنف رحمه الله قد قال هنا وليس في قصة يونس عليه السلام نص على ذنب وصدق رحمه الله ليس فيه نص على ذنب اقترفه نبي الله يونس عليه السلام. وانما فيه ابقاء الى الفلك المشحون اي خرج سريعا وفرا وذهب مغاضبا قال وقد تكلمنا عليه ان مغاضبا يأتي اما بمعنى مغاضبا لربه فيكون امرا محمودا ولا ذنب فيه. او تكون مغاضبا للملك ولقومه فيكون امرا قد فعله بطبيعة البشر وجبلة البشر وليس ذنبا او معصية ومخالفة لامر الله نعم وقيل انما نقم الله عليه خروجه عن قومه فارا من نزول العذاب. وقيل بل لما وعدهم العذاب ثم عفا الله عنهم قال والله لا القاهم بوجه كذاب ابدا. وقيل بل كانوا يقتلون من كذب فخاف ذلك وقيل ضعف عن حمل اعباء الرسالة وقد تقدم الكلام انه لم يكذبهم وهذا كله ليس فيه نص وهذا كله ليس فيه نص على معصية الا على قول الا على قول مرغوب عنه. نعم لما قال هنا كانوا يقتلون من كذب فخاف ذلك. وقالوا والله لا القاهم بوجه كذاب ابدا. المراد هنا ايضا ما ذكر في تفسير الاية الكريمة ان يونس عليه السلام لما توعد قومه بالعذاب الذي ينزل عليهم بسبب تكذيبهم خرج من بينهم انتظر وقوع العذاب ولم يكن يعلم عليه السلام بما ادركهم من توبة الله التي قال الله عنها في سورة يونس ان الذين حطت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون. ولو جاءتهم كل اية حتى يروا العذاب الاليم فلولا كانت قرية امنت. فنفعها الا قوم يونس لما كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين. فكشف الله عنهم العذاب. وقد قال غير واحد انه قد اظلهم حتى كانوا فوق رؤوسهم لكن الله برحمته وتوبته عليهم رفع عنهم العذاب. فرأى يونس عليه السلام ان ذلك تكذيب له اذا رجع الى قومه توعدهم بالعذاب فلم يقع. وكان عندهم الذم الشديد. فقال والله لا القاهم بوجه كذاب ابدا لكانوا يقتلون من كذب فخاف من ذلك ففر ولم يرجع الى قومه يعني حتى بعد توبتهم ففر وركب الفلك حتى اتى البحر فهذا ايضا على معنى المغاضبة التي كانت بعد رفع العذاب الذي قد اظلهم وهو لم يعلم به وخشي ان يكون بين قومه كذابا قال رحمه الله وهذا كله ليس فيه نص على معصية الا على قول مرغوب عنه. وانت تقرأ في اية فالتقمه الحوت وهو مليم. فمليم كما قلنا من فعل من يلام عليه. فلك ان تقول ان الذي فعله اما كان صغيرة من الصغائر او كان لترك الاولى. فمن قال من اهل العلم انه لذنب صغير لم يسمى لنا جعل ذلك مما قطوته الايات لكن اشارتها تشير الى ارتكابه لامر جاءت فيه الملامة من الله عز وجل عليه والفريق الاخر يقول لم يكن معصية ولا ذنبا صغيرة ولا كبيرة. بل كان امرا خلاف الاولى وهو الصبر والاحتمال مع قومه حتى يبلغ رسالة الله جل جلاله وقوله تعالى اذ ابق الى الفلك اذ ابق الى الفلك المشحون. قال المفسرون تباعدوا واما قوله تعالى اني كنت من الظالمين فالظلم وضع الشيء في غير موضعه. وهذا اعتراف منه عند بعضهم بذنبه. فاما ان يكون لخروجه عن قومه بغير اذن ربه او لضعفه عما حمله او لدعائه بالعذاب على قومه. وقد دعا نوح قد دعا نوح بهلاك قومه فلم يؤاخذ وقال الواسطي في معناه نزه ربه عن الظلم واظاف الظلم الى نفسه اعترافا واستحقاقا. وقيل هذا مثل قول ادم وحواء ربنا ظلمنا انفسنا. اذ كان السب اذ كانا السبب في وظعهما غير الموضع الذي انزلا فيه واخراجهما من الجنة وانزالهما الى الارض. نعم. بقي في قصتي يا نبي الله يونس عليه السلام والايات التي ذكرت شأنه قوله في الدعاء فنادى في الظلمات ان لا اله الا انت فسبحانك اني كنت من الظالمين قالوا هذا دليل اذ صرح عليه السلام بكونه واقعا في الظلم اني كنت من الظالمين. قال المصنف الظلم هو وضع الشيء في غير موضع فان كان كذلك فلك ان تقول هو اعتراف بذنبه. قال المصنف عند بعضهم الذنب هنا اما ان يكون لخروجه عن قومه بغير اذن ربه كما تقدم او لضعفه عن تحمل اعباء النبوة كما قيل في قول اخر او لدعائه بالعذاب على قومه وقد دعا نوح بهلاك قومه فلم يؤاخذ ما الذي دعا به نوح عليه السلام وقال نوح الرب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفارا فان كان الدعاء على العصاة والكفرة من قوم النبي ذنبا او معصية او محل عتب لعتب نوح عليه السلام فاذا هذا ليس موجبا للعتب وقد فعله نبي الله نوح عليه السلام. فان كان الذي كان من يونس عليه السلام الدعاء على قومه فقد حصل لنوح فليس هذا موجبا العتم قال الواسطي معناه نزه ربه عن الظلم واضاف الظلم الى نفسه اعترافا واستحقاقا. فبمعنى ان الذي اصاب ما اصاب يونس عليه السلام من التقام الحوت ووقوعه في الظلمات ومناجاته في تلك الكربات انما كان شيئا نسبه الى نفسه عليه السلام وهذا الاليق بالمؤمنين. فاذا رزقوا ايمانا صادقا لم ينسب احد في شيء اصابه من امر دنياه في ضيق عيش او مصيبة وابتلاء او كربة او هم او غم الا ان ينسبه الى نفسه وهذا شأن المؤمن وان ينسبه الى نفسه بمعنى انه كان في امره وحياته او فيما يتعلق بعلاقته بربه استوجب ذلك والله جل جلاله لا يظلم احدا من العباد يقول الله لنبيه عليه الصلاة والسلام ما اصابك من حسنة فمن الله. وما اصابك من سيئة فمن نفسك والله يقول وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير كل هذا تقرير لاصل عظيم. فان يونس عليه السلام لما اصابه الكرب فنادى في الظلمات اني كنت من الظالمين هو اعتراف بشأن البشر وان الذي اصابه فالتقمه الحوت وقع في في الظلمات حتى كاد ان يفقد الحياة. اهو تقدير قدره الله ظلما على نبيه يونس عليه السلام حاشا. وتعالى الله عن ذلك فيكون معنى قوله اني كنت من الظالمين ليس بالضرورة اعترافا بذنب لكنه اعتراف بالجهل والظلم الذي وقع فيه الانسان منذ ان خلق الله الخليقة وحمله الامانة. انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال. فابين ان يحملن واشفقنا منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا فالانسان بانسانيته بمقتضى الانسانية ظالم لنفسه جاهل فهذا وصف عام فقوله اني كنت من الظالمين. واحدهما احدنا اذا جلس يستغفر ربه وقال ربي تب علي. سبحانك اني كنت من الظالمين ليس بالظرورة ان يستحظر ذنبا واقعه او خطيئة اقترفها ليقول يا ربي اني كنت من الظالمين انت انسان اذا انت من الظالمين. لان الله قال وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا فبمقتضى الانسانية التي تحملنا بها الامانة التي اعتذرت عن حملها السماوات والارض والجبال فاننا معشر بني ادم وقعنا في الظلم والجهل كما وصفت الاية الكريمة. فاذا حتى قوله تعالى اني كنت من الظالمين لا يستلزم التصريح او الاشارة الى تحمل ذنب وقع فيه نبي الله يونس عليه السلام قال ومثل هذا قول ادم وحواء ربنا ظلمنا انفسنا والذي وقع فيه الاكل من الشجرة والمصنف يرى ان الاكل لم يكن معصية فقال انما سمي ظلما لانهما وضع الشيء في غير موضعه. لان الظلم في حقيقته كذلك. فالذي حصل من ابينا ادم عليه السلام وامنا حواء وضعهما الشيء في غير الموضع الذي انزل فيه واخراجهما من الجنة وانزالهما الى الارض لهذا قالا ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. تم كلام المصنف عن قصة نبي الله يونس عليه السلام وسيشرع في شأن قصة داود عليه السلام واما قصة داوود عليه السلام فلا يجب ان يلتفت الى ما سطره فيه الاخباريون عن اهل الكتاب الذين بدلوا وغيروا ونقله بعض المفسرين ولم ولم ينص الله على شيء من ذلك ولا ورد في حديث والذي نص الله عليه قوله تعالى وظن داوود انما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا واناب فغفرنا له ذلك وان له عندنا لزلفى وحسن مآب فمعناه وقوله وقوله فيه انه اواب. فمعناه فتناه. اي اختبرناه واواب قال مطيع وهذا التفسير اولى وقال ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما ما زاد داوود على ان قال للرجل انزل لي عن امرأتك واكفلني فيها فعاتبه الله على ذلك ونبهه عليه وانكر عليه شغله بالدنيا. وهذا الذي ينبغي ان يعول عليه من امره عليه السلام وقيل خطبهما على وقيل خطبها على خطبتي. وقيل خطبها على خطبته. وقيل بل احب قلبه ان يستشهد. وحكى السمرقندي انه نبه الذي استغفر ان ذنبه وحكى السمرقندي ان ذنبه الذي استغفر منه قوله لاحد الخصمين لقد ظلمك بسؤال نعجتك فظلمه بقول خصمه وقيل بل لما خشي على نفسه وظن من الفتنة بما بسط له من الملك والدنيا والى نفي ما اضيف في الاخبار الى داوود من ذلك ذهب احمد بن نصر وابو تمام وغيرهما من المحققين وقال الداودي ليس في قصة داوود واوري خبر يثبت ولا يظن بنبي محبة قتل وقيل ان الخصمين الذين اختصما اليه رجلان في نتاج غنم على ظاهر الاية في سورة صاد جاءت قصة نبي الله داود عليه السلام في قصة الخصمين الذين تسوروا المحراب وحكيا اليه خصومتهما فحكم نبي الله داود بقوله لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه ان كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم. ثم جاء البيان ان داوود ان ما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وانام فغفرنا له ذلك على ماذا استغفر داود عليه السلام؟ وعلى ماذا قال الله فغفرنا له ذلك قالوا هذا انما يدل على وقوع ذنب من داوود عليه السلام فجاءتك القصص في الاخبار الاسرائيليات التي نقلها كثير من المفسرين. وفيها ما لا يصح ولا يليق نسبته الى الى نبي كريم من انبياء الله عليهم السلام ولذلك فان الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير الاية جاء الى هذا الموضع فقال قد ذكر المفسرون ها هنا اكثرها مأخوذ من الاسرائيليات. ولم يثبت فيها عن المعصوم صلى الله عليه وسلم حديث يجب اتباع ولكن روى ابن ابي حاتم هنا حديثا لا يصح سنده لانه من رواية يزيد الرقاشي عن انس ويزيد وان كان من الصالحين لكنه ضعيف الحديث عند الائمة يقول ابن كثير فالاولى ان يقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة وان يرد علمها الى الله عز وجل فان القرآن حق وما تضمن فهو حق ايضا. ولم يدخل في تفاصيل تلك الروايات والقصص والاسرائيليات. وماذا كان من نبي الله داوود عليه السلام وهل حقا يثبت انه بعث قائد جيشه الى غزاة ومعركة من اجل ان يقتل فيظفر بامرأته ليتزوجها او انه طلب منه صراحة ان ينزل له عن امرأته لينكحها بعد ما يطلقها. كل ذلك قد طواه القرآن. ومن القواعد بالجليلة في تفسير القصص في القرآن ان يطوى ما طوى القرآن ذكره والا يبحث عن تفصيلي ما اجمل القرآن ذكره ولا حاجة الى الوقوع في تلك التفاصيل التي اقصد القرآن ان تكون مجملة سنعود الى مزيد من كلام المصنف عن قصة نبي الله داود عليه السلام في المجلس المقبل ان شاء الله تعالى. ان شئت الذنوب عموما او شئت ان تكفى اذى وهموما فاعمل بقول الله في قرآنه صلوا عليه وسلموا تسليما. والله عز وجل ما قال لنا صلوا عليه وسلموا تسليما. الا بعد قوله لنا ان الله وملائكته يصلون على النبي. ولا تحسبوا مؤمنا يتعلق قلبه حبا لربه وامتثالا لامره فيغريه ربه بقوله ان الله وملائكته يصلون على النبي الا تسارعت انفاس قبله قبل الفاظ لسانه وهو يسمع قول الله يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. فاللهم صلي وسلم وبارك عليه افضل صلاة وازكاها واتم سلام واعطره يا اكرم الاكرمين. الليلة مباركة والصلاة على النبي صلى الله عليه سلم تجارة رابحة فاغتنموا من التجارة الرابحة في ليلة مباركة ما تثقل به موازينكم وتتضاعف به حسناتكم طوبى لمن شغل قلبه ولسانه خفقا وذكرا بالصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. فصل ربنا وسلم وبارك عليه كما تحب ان يصلى ويسلم عليه. وارزقنا الهي بالصلاة والسلام عليه شفاعة يوم نلقاك. وحشرا في زمرته يا ارحم الراحمين اللهم احينا على سنته وامتنا على سنته واحشرنا في زمرته يا ذا الجلال والاكرام. ونسألك اللهم علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. ونسألك ربنا العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والاخرة اللهم عافنا واعفو عنا واعفو عن والدينا وعن ازواجنا واولادنا وعن جميع المسلمين يا ارحم الراحمين. اللهم ارحم موتانا واشفي واهد ضال لنا وتقبل منا واصرف عنا وعن عبادك المسلمين جميعا شر الاشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل نهار انت خير حافظا وانت ارحم الراحمين. احفظ علينا الهي امننا وايماننا وسلامتنا واسلامنا. واصرف عنا ساعة السوء وجار السوء وميتة السوء يا اكرم الاكرمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين