بسم الله الرحمن الرحيم احمد الله تعالى حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة الكرام تمر رحاب بيت الله الحرام في هذه البقعة المباركة وفي هذه الليلة ليلة الجمعة المباركة ينعقد هذا المجلس المبارك تباعا بفظل الله تعالى بمدارسة شرح كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمه الله تعالى مستلهمين في هذا المجلس علما نتزوده وفي هذه الليلة نستكثر ايضا من صلاتنا وسلامنا على الحبيب المصطفى رسيل الهدى رسول الهدى ونبي الرحمة عليه الصلاة والسلام وهو القائل اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. صلاة ما خفقت قلوب على مل القلوب هو الحياة اتى والناس في الانام اتى والناس في الاثام غرقا فكان لهم بدعوته النجاة. فاللهم صل وسلم وبارك عليه اتم وصلاة وازكى سلام وهذا هو المجلس الخامس والتسعون بعد المئة من مجالس شرحنا لكتاب الشفا وقد انقضى الحديث ليلة الجمعة الماضية ايها الكرام في بيان معاني بعض النصوص الواردة فيما يوهم ظاهرها خلاف ما قرره المصنف رحمه الله من عصمة النبي صلى الله عليه وسلم في الامور الدينية والدنيوية التي تقتضي اتصالا بالدين والوحي والبلاغ وكان اخر ذلك شرح حديث الوصية في مرضه صلى الله عليه وسلم لما قال لمن حضره من اصحابه هلموا اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ومجلس الليلة نستأنف فيه بعون الله تعالى من فصل جعله المصنف رحمه الله في تتمة بيان لبعض معاني الاحاديث الواردة وكيف يمكن الجمع بينها او ظاهرها وما تقرر من انه صلى الله عليه وسلم في امر نطقه وكلامه مع معصوم من ان يكون فيه خلف للواقع. ونبدأ بحديث ايما مؤمن اذيته او سببته او جلدته فاجعلها كفارة وما في هذا المعنى من الاحاديث الواردة في هذا الباب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء وسيد المرسلين وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه وللسامعين فصل في شرح حديث ايما مؤمن اذيته او سببته او جلدته فاجعلها كفارة واحاديث اخر فان قيل فما وجه حديثه ايضا الذي حدثنا به الفقيه ابو محمد الخشني الخشني بقرائتي عليه. قال حدثنا ابو علي ابو علي الطبري قال حدثنا عبد الغفار الفارسي الغافر قال حدثنا عبد الغافل الفارسي قال حدثنا ابو احمد الجنود قال حدثنا ابراهيم ابن سفيان قال حدثنا مسلم ابن الحجاج ومسلم هذا هو الامام مسلم صاحب الصحيح رحمه الله والحديث اخرجه في صحيحه والمصنف يسوق الحديث بسنده من طريق مسلم رحم الله الجميع قال حدثنا قتيبة قال حدثنا ليث عن سعيد بن ابي سعيد عن سالم مولى عن سالم مولى النصرانيين مولى النصريين مولى مولى النصريين قال سمعت ابا ابا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم انما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر واني قد اتخذت عندك عهدا لا تخلفني لن تخلفني واني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه. فايما مؤمن ايما. فايما مؤمن اذيته او سببته او جلدته فاجعلها لها فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها اليك كيوم القيامة وفي رواية فايما احد دعوت عليه دعوة وفي رواية ليس لها باهل وفي رواية فايما رجل من المسلمين سببته او لعنته او جلدته فاجعل له زكاة وصلاة ورحمة. هذه جملة احاديث هي في الصحيح اخرجها مسلم في الصحيح كلها قال مثل حديث ابي هريرة رضي الله عنه قوله عليه الصلاة والسلام اللهم انما محمد بشر كما يغضب البشر واني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه فايما مؤمن اذيته او سببته او جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها اليك يوم القيامة. في هذا الحديث شيئان احدهما هو الذي يحتاج الى تأمل وفهم اما الاول فان هذا خرج منه صلى الله عليه وسلم ولاصحابه الذين وقع عليهم هذا الاذى او السب او الجلد وقع لهم قربة. قال فاجعلها له كفارة وقربى. فما وقع على بعض الصحابة منه صلى الله عليه وسلم شيء من ذلك كان لهم قربة بدعوته صلى الله عليه وسلم لهم. والامر الثاني في الحديث وهو الذي يحتاج الى بيان هو اجابة عن هذا الاشكال. اكان النبي عليه الصلاة والسلام يسب او يؤذي او يجلد اصحابه لانه هو القائل اللهم انما محمد بشر الى ان قال فايما مؤمن اذيته هل كان يؤذي عليه الصلاة والسلام؟ قال او سببته اكان يسب عليه الصلاة والسلام؟ قال او جلدته كيف ينسب الى نفسه صلى الله عليه وسلم هذه الافعال؟ هذا الذي احتاج الى بيان. قال وفي حديث اخر عند الامام مسلم في الصحيح ايضا من حديث انس فايما احد دعوت عليه دعوة اكان يدعو على اصحابه عليه الصلاة والسلام وفي الرواية الاخرى ليس لها باهل وهذه اشد يعني اكان يدعو على احد من اصحابه دعاء هو لا يستحقه ليس لها باهل وفي الرواية الثالثة التي ايضا هي عند مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال فايما رجل من المسلمين سببته او لعنته او جلدته فاجعلها له زكاة وصلاة ورحمة. هذا الذي يحتاج الى البيان كيف يصح ان ينسب او ان ينسب النبي صلى الله عليه وسلم الى نفسه تلك الافعال؟ فاذا هي ثابتة كيف نفهمها هذا الفصل معقود لبيان هذا المعنى. من اجل ماذا يا اخوة؟ من اجل ان نحافظ على الاصل المتقرر عندنا. وهو ان نبينا صلى الله عليه وسلم في الغاية القصوى من الكمال البشري الذي حباه الله تعالى به. وانه عليه الصلاة والسلام في مقام القدوة والاسوة الحسنة لامته كلها الى يوم القيامة. فافعاله واقواله هي على التمام والكمال فما صدر عنه صلى الله عليه وسلم في مقام اقتدائنا به ينبغي ان يكون على اتم الوجوه واحسن الاحوال لانه قدوة لامته صلى الله عليه وسلم. وعندئذ سنفهم تلك الاقوال على وجه لا يقدح في مقام النبوة. ولا بالنبي عليه الصلاة والسلام وحاشاه. ونزداد له توقيرا وحبا وتعظيما. من اجل الا يوقع الشيطان اشكالا او شبهة او ربما اورث بعض المغرضين باثارة تلك الروايات ومثل هذه الاحاديث. مما لا يكون عند صاحبه جواد فيقع في قلبه اشكال او يورثه ذلك شيئا من الريبة والشك فكل ذلك لا لا يحتاج الى شيء مثل العلم. بمعنى ذلك وكلام اهل العلم فيه وهو الذي يسوقه المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل. نعم وكيف يصح ان يلعن النبي صلى الله عليه وسلم من لا يستحق اللعن. ويسب من لا يستحق السب اجلد ويجلد من لا يستحق الجلد. او يفعل مثل ذلك عند الغضب وهو معصوم من هذا كله. اذا هذا هو موضع الاشكال وسيشرع رحمه الله تعالى في بيان الجواب فاعلم شرح الله صدرك ان قوله صلى الله عليه وسلم اولا ليس لها باهل اي عندك يا رب في باطن امره. هذه خمس اجابات سيعطيك اياها المصنف رحمه الله ليس جوابا ولا اثنين ولا ثلاثة ولا اربعة. بل خمس اجابات من اوجه خمسة يتفند بها كل اشكال ويزول بها الريب عن قلب صاحبه. قال اولا اعلم رعاك الله ان من مواضع الاشكال في الرواية يقول ايما مؤمن دعوت عليه او سببته او لعنته قال ليس لها باهلي. وهذا اشكال. كيف يدعو اذا صلى الله عليه وسلم على مسلم دعوة هو ليس لها باهل لن يكون ظلما ولن يدعو عليه الصلاة والسلام على مسلم بريء لم يقع منه شيء يستحق الدعاء عليه. اذا فما معنى قول ايما مسلم او ايما احد دعوت عليه دعوة ليس لها باهل بدأ بهذه اولا. قال اي عند يا ربي في باطن امره ان يكون المرء المدعو عليه ليس باهل للدعوة في باطن الامر لا في ظاهره. والنبي عليه الصلاة السلام كان يحكم ويتعامل ويقضي حسب الظاهر او بحسب الباطن. ظاهر. بحسب الظاهر وظاهر المرء في ذلك الموقف الذي دعا عليه اكان يستحق الدعاء؟ الجواب نعم والا ما دعا عليه صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك وقد برئت ذمته صلى الله عليه وسلم بتعامله وفق الظاهر ومقتضى الظاهر لانه لا يعلم الباطن ويكل سرائر الناس الى ربهم وخالقهم فقد كان ادى الذي عليه. ولا شيء يتعلق بذمته صلى الله عليه وسلم لكن لانه الرؤوف الرحيم بامته عليه الصلاة والسلام. الذي ملأ الله قلبه شفقة ورحمة وخوفا على امته من العند كان يريد ما هو اكبر واكثر. وان يكون المدعو عليه ان لم يكن كذلك في باطن الامر وحقيقته عند الله عز وجل ان يكون دعاؤه عليه صلى الله عليه وسلم ان يتحول الى رحمة ودرجة كفارة كما قال عليه الصلاة والسلام فاجعلها له زكاة وصلاة ورحمة. نعم اي عندك يا ربي فاعلم فاعلم شرح الله صدرك ان قوله صلى الله عليه وسلم اولا ليس لها باهل اي عندك يا ربي في باطن امره فان حكمه عليه السلام على الظاهر كما قال وللحكمة وللحكمة التي ذكرناها فحكم عليه السلام بجلده او ادبه بسبه او لعنه بما اقتضاه عنده حال ظاهره. ثم دعا عليه الصلاة والسلام لشفقته صلى الله عليه سلم على امته ورحمته لهم ورأفته عليهم التي وصفه الله بها. وحذر وحذر ان يتقبل الله فيمن دعا عليه دعوته. ان يجعل دعاءه ولعنه وسبه له رحمة فهو معنى قوله ليس ليس لها باهل. اذا هذا معنى ايما احد دعوت عليه دعوة ليس لها باهل يعني في الحقيقة وباطن الامر الذي لا يعلمه الا الله فان القاضي والحاكم وولي الامر اذا رفعت له القضية ونظر فيها فاذا هي ثابتة في الدعوة على هذا المدعى عليه. فاستحق بحكم قضاء الشريعة جلدا او استحق عقابا او تعزيرا بسب او شتم او حبس ونحو ذلك. فاذا استحق عقابا بموجب ما يظهر للقاضي من حيث الظاهر ولم تقم بينة لهذا المدعى عليه على برائته من الدعوة. او سلامته من التهمة. فما حيلة الا ان يعمل بما بين يديه من شريعة الله التي توجب ايقاع تلك الاحكام. حدودا او قصاصا او تعزيرا وقد يكون في باطن الامر بريئا لكنا لا نعلمه فاراد عليه الصلاة والسلام بمقتضى البشرية التي قال في اول الحديث اللهم انما محمد بشر يعني لا يعلم الغيب ولا يملك الا ان يتعامل وفق الظاهر ومقتضى ما يبدو له من ظاهر الناس واحوالهم. فقال فاذا كنت بشرا واتعامل بمقتضى البشرية بما يظهر لي من ظاهر احوال الناس. وامر سرائرهم عندك يا رب. فايما احد سببته جلدته او اذيته وانت تعلم يا رب انه لم يكن مستحقا لذلك. فاجعلها يا ربي له كفارة وقربى. هذا وجه صلى الله عليه وسلم وسؤاله لربه. وليس معناها ابدا انه جاء يتبرأ من ظلم اوقعه عليه الصلاة والسلام وحاشاه لكنه يريد التمام لامته. والدعوة الاكمل وان يكون من وقع عليه حكم شرعي الحكم الشرعي والعمل بظواهر الامور ان يكون له مع ذلك مزيد رفعة ودرجة بدعوته صلى الله عليه وسلم نعم فهو معنى قوله ثم دعا عليه الصلاة والسلام لشفقته صلى الله عليه وسلم على امته ورحمته لهم عليهم التي وصفه الله بها. وحذره ان يتقبل الله فيمن دعا عليه دعوته ان يجعل دعاءه ولعنه له رحمة. فهو معنى قوله ليس لها باهل. لا انه عليه السلام يحمله الغضب ويستفزه الضجر لان يفعل مثل هذا بمن لا يستحقه من مسلم وهذا معنى صحيح ولا يفهم من قوله اغضب كما يغضب البشر ان الغضب حمله على على من على ما لا يجب فعله بل يجوز ان يكون المراد بهذا ان الغضب لله حمله على معاقبة بلعنة او سبة بلعنه او سبه بلعنه او سبه وانه مما كان يحتمل ويجوز عفوه عنه او كان مما خير بين معاقبة فيه او العفو عنه. طيب هذا هو الجواب الاول ان معنى قوله من ليس لها باهل انه من لم يكن كذلك في باطن الامر وحقيقته. وان معنى قوله اغضب كما يغضب بشر ليس المراد الغضب الذي يفقد معه الحكمة والعدل في القضاء فيجور وحاشاه. عليه الصلاة والسلام لكن ان يكون غضبه لله الذي حمله على اقامة الحدود تلك والتعزيرات باللعن او السب او الدعاء على من فعل على تلك الافعال ان يكون غضبا لله ولم يرد عليه الصلاة والسلام ان يكون ذلك منه بمقتضى الغضب الذي يفقد معه صواب ولا يدري ما يصدر عنه من اقوال وافعال لانه قد تقدم انه في مقام تحكيم الشريعة وتبليغ دين الله عز وجل معصوم عليه الصلاة والسلام من ان يحكم بهواه. او ان يفعل شيئا بمقتضى الغضب والشطط بعيدا عن شريعة الله ودينه والا كان هذا قدحا في النبوة وهذا مما عصم الله تعالى منه او به انبياؤه عليهم الصلاة والسلام وقد يحتمل انه خرج منه ذلك بمخرج الاشفاق وتعليم امته الخوف والحذر من تعدي حدود الله الله تعالى. هذا جواب ثان يحتمل ان قوله صلى الله عليه وسلم ذلك خرج منه مخرج الاشفاق وتعليم امته الخوف والحذر من تعدي حدود الله يعني عندما يكون عليه الصلاة والسلام يقول ذلك القوم ويرجو ان يكون دعاؤه على من دعا عليه او لعنه او سبه او شتمه او اذيته بوجه ما ان يكون ذلك خرج مخرج التخويف لامته. والترهيب فان ذلك مدعاة الى ان ان ان يحجزه عليه الصلاة والسلام عن الوقوع في تلك الاثام. وان يكونوا فرائس للشيطان. وان يحجزهم عن الوقوع في تلك المعاصي فقال ما قال عليه الصلاة والسلام وليس معناه ايضا المبالغة والانجراف وعدم ضبط النفس في التعامل مع اصحابه بما يقع في من سب او اذية او شتم او غير ذلك كما اشار المصنف رحمه الله تعالى وقد يحمل على ما ورد من دعاء وقد يحمل ما ورد. وقد يحمل ما ورد من دعائه هذا ومن دعواته على غير واحد في غير موطن على غير العقد على غير العقد والقصد بل بما جرت به عادة العرب وليس المراد بها الاجابة. هذا جواب ثالث ان يكون الدعاء الصادر منه صلى الله عليه وسلم على من دعا عليه جملا تقولها العرب لا تقصد بها دعاء. اما ترون العرب يقولون لا ابا لك ويقول ثكلتك امك ويقولون تربت يداك وهذه عبارات حقيقة معناها في اللغة فيها اساءة. فعندما تقول لشخص ثكلتك امك فانك تريد بذلك الدعوة عليه بالموت كانك تقول اسأل الله ان تموت حتى تكون امك ثكلى بفقدك. هذا معنى ثكلتك امك وانت تراها تقال في مقام الاحتفاء بالشخص والتكريم له وليس الدعاء عليه ولا الاهانة او التحقير لما قال معاذ رضي الله عنه وقد سمع النبي عليه الصلاة والسلام يحذر من مغبة اللسان ويحذر من مصائده التي يقع فيها الانسان لما قال رأس الامر الاسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد. قال معاذ يا رسول الله فاخبرني بميلاد ذلك كله كلمه عن الصلاة والاسلام والجهاد قال اخبرني يا رسول الله بملاك ذلك كله. قال فاخذ بلسانه وقال كف عليك هذا فقال معاذ رضي الله عنه مستغربا يا رسول الله وانا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ سؤال متعلم والذي يسأل معاذ وكان في موقف منفرد فيه مع رسول الله عليه الصلاة والسلام رديفه على الدابة يركب خلفه والحوار بينهما في الطريق فاذا المقام مقام خصوصية وتعليم واحتفاء ولقاء حميمي جدا. فقال هذا السؤال يا رسول الله وانا لمؤاخذون بما نتكلم به قال ثكلتك امك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم او قال على مناخرهم الا حصائد السنتهم؟ بالله عليكم هل السياق كان فيه تهزيئا لمعاذ وسبا او شتما او تحقيرا له ابدا. هذا الكلام يقع في اسلوب العرب ولغة بما لا تقصد به حقيقة المعنى. ثكلتك امك هو دعاء له بل هي عبارة تقال لشد الانتباه ولفت نظر للعناية بالامر يقول عليه الصلاة والسلام تنكح المرأة لاربع لمالها وحسبها ونسبها ودينها. قال فاظفر بذات الدين تربت يداك. تربت يداك يعني اصابت يدك التراب والتراب لا شيء. فهي دعوة بالخسارة والشقاء والهلاك والضياع. انك تعيش حياتك لا شيئا سوى التراب الان يوجهك لتوجيه وينصحك بنصيحة ثم يقول عساك تخسر؟ ابدا هو ينصحك بنصيحة ويريد لك الفلاح والفوز والسعادة. فقوله تربت يداك لا يريد به حقيقة اللفظ. اذا فهمت هذا وعرفته من اساليب العرب وطريقتها في الكلام فهذا جواب اخر اراد صلى الله عليه وسلم انه ربما قال تلك الدعوات على طريقة العرب في بعض المواقف مع بعض اصحابه رضي الله عنهم ولا يريد ان تقع تلك الدعوات على حقيقتها في المعنى اللغوي وان كان العرب يستعملونها على نحو اخر. فاراد ايضا ان ان يكون لذلك الموقف منه صلى الله عليه وسلم تمام التبرئة من العهدة مع احد من اصحابه. وان يدعو لهم بان لهم في مقابل ذلك فوز وقربة وكفارة عند الله جل وعلا. قال يحتمل ان يكون على غير العقد والقصد بل بما جرت به عادة العرب وليس المراد بها الاجابة. نعم كقوله عليه السلام تربت يمينك ولا اشبع الله بطنك. قال هذا عليه الصلاة والسلام ايضا في حديث آآ لمعاوية رضي الله عنه قال قال والراوي ابن عباس قال لا اشبع الله بطنه. والكلام لي عن معاوية ابن ابي سفيان رضي الله عنه فليس هذا ايضا مما يمكن ان يحمل على معنى الذنب وجها واحدا فيتأول ايضا في احد معانيه التي يذكرها العلماء على انه لا به حقيقة اللفظ على ظاهره قال وعقرى حلقا وغيرها من دعواته عليه السلام عقرا دعاء على انثى وحلق عقرة اي عقرها الله واصابها بعقل في جسدها وحلقى يعني اصابها وجع في حلقها. قال هذا عليه الصلاة والسلام وفي ظاهره الدعاء على من دعا عليها وليس كذلك يقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث لصفية ام المؤمنين رضي الله عنها ويقول هو في مقدمة حديثه اياها اقرأ حلقة ولا يحمل ابدا على معنى الدعاء عليها بان تكون عقرا او ان تكون حلقا لكنه على الباب الذي تقدم في جريان بعض العبارات التي تقال في صيغة دعاء ولا يقصد بها المتكلم حقيقة المعنى وقد ورد في صفته في غير حديث انه عليه السلام لم يكن فحاشا. وقال انس لم يكن بابا ولا فحاشا ولا لعانا وكان يقول لاحدنا عند المعتبة ما له تربت تربا ما له تربا جبينه حتى لا يكون الجواب يا احبة ونحن امة اسلام نعتز بديننا ونوقر نبينا صلى الله عليه وسلم. حتى لا يكون الجواب من منطلق العاطفة فقط لاننا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنجيب بتلك الاجابات تكلفا لا. قال هذا جواب علمي. كيف تجمع بين مثل هذا ومثل ما استقر في احاديث كثيرة يصف بها الصحابة رضي الله عنهم نبي الامة صلى الله عليه وسلم انه لم يكن فاحشا ولا فحاشا ولم يكن سبابا عليه الصلاة والسلام ولا غليظ القول هذا صمت عام عليك ان تجمع بين هذا الوصف العام الذي استقر عندهم على مدى ثلاث وعشرين سنة. فقالوا لك في الخلاصة كان عليه الصلاة والسلام عفوا فاللسان نظيف الفم لا يقول الا طيب الكلام ثم تقول اذا كيف افهم تربت جبينه وعقر حلقا لا اشبع الله بطنه. اتظن انه في تلك المواقف خرج عن هذا الاصل العام والاطار الكبير الذي ملأ به حياته عليه الصلاة والسلام طهرا وعفة وسموا ورقيا في الاخلاق والافعال والاقوال لا يمكن ان يكون. فاذا اذا اردت ان تجمع فستسلك هذا المسلك لتقول لا يزال صلى الله عليه وسلم في هذه الاحاديث وغيرها على ذلك الاصل العام. الذي عهده عنه الصحابة ووصفوه بقولهم لم يكن فحاشا لم يكن سبابا ولا لعانا. يقول انس رضي الله عنه وكان يقول لاحدنا عند المعتبة ما له ترب جبينه. يقول هذا يعني من اقسى العبارات التي تسمعها لو رأيته غضب عليه الصلاة والسلام. اذا جاء يعاتب احدا ما يسب ولا يشتم ولا يقبح ولا يهجر يقول ما له ترب جبينه؟ هذا اقصى لفظ ترب جبينه يعني تبرغ وجهه في التراب. وهي ايضا مما يجري على اللسان ولا يراد حقيقتها. يعني هذه من اقسى الالفاظ. والعبارات التي يمكن ان تسمعها عندما يريد ان يعاتب احدا من اصحابه. والراوي لهذا هو الراوي لسائر المواقف النبوية التي شهدوا فيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم بسمو الكلام والعبارة واللفظ والتعامل الذي ضرب فيه اروع الامثلة لاحترام البشر ورقيهم في التعامل مع الاخرين بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام فيكون حمل الحديث على هذا المعنى ثم اشفق ثم اشفق عليه السلام من موافقة امثالها فعاهد ربه كما قال في الحديث ان يجعل ذلك ان يجعل ذلك للمقول له ورحمة وقربة هذا هو الجواب الثالث كما تقدم اراد بالرغم من ذلك خشية من ان يكون ذلك والدعاء الصادر منه يوافق اجابة عند الله فعاهد ربه الا يقع على حقيقته وان يجعل ذلك الدعاء لمن قاله له زكاة ورحمة وقربة فصلى الله ربي وسلم وبارك عليه وقد يكون ذلك اشفاقا على المدعو عليه. وتأنيسا له هذا جواب رابع. نعم لئلا يلحقه من استشعار الخوف والحذر من لعن النبي من لعن النبي صلى الله عليه وسلم. وتقبل دعائه ما يحمله على اليأس والقنوط من رحمة الله. هذا جواب رابع ايضا محتمل. يعني بالرغم من ان ذلك الدعاء تلك العبارات والمواقف والافعال التي صدرت منه صلى الله عليه وسلم كانت على وجه صحيح شرعا ليس فيه مجازفة ولا خروج عن قانون الشريعة. ومع ذلك فانه كان يراعي مشاعر اصحابه عليه الصلاة والسلام. خشي انه ربما وقع في نفس احدهم ان ان عقابه عليه الصلاة والسلام له بدعاء او لعن او سب او شتم ونحوه يخشى ان يجرح مشاعره فيقع في قلبه شعور انه قد خسر من الاسلام رصيده في العمل الصالح. فيأتي الشيطان ويبعده عن طريق الاسلام. ويقول هذا النبي قد دعا عليك. هذا النبي وقد شاتمك هذا النبي قد اغضبته هذا النبي قد عبر امام الناس عن انك كذا وكذا فخشي على مشاعرهم صلى الله عليه وسلم من ان يحوطها الشيطان بمثل تلك المشاعر والاحاسيس والاراجيف فاراد بث الطمأنينة والانس في قلوب هؤلاء اشفاقا عليهم لان لا يلحقه من استشعار الخوف والحذر من لعن النبي صلى الله عليه وسلم وتقبل دعائي ما يحمله على اليأس والقنوط من رحمة الله وهذا من اسمى ما يكون في الخلق الكريم والمشاعر العظيمة. مراعاة مشاعر الاخرين. ولو لم يكن في موقفه الشخصي ما يبلغ بتلك المشاعر ما بلغت لكن رقة المشاعر وسموها عند صاحبها تحمله على مزيد من الشفافية والرقة والاحسان الى من يتعامل معه. وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم في ذلك بالمقام الاسمى عليه الصلاة والسلام وقد يكون ذلك سؤالا منه لربه عز وجل لمن جلده او سبه على حق. وبوجه صحيح ان على ذلك له كفارة لما اصابه. وتمحية لما وتمحية لما اجترم. وان يكون ذلك عقوبته له في الدنيا سبب العفو والغفران. هذا الجواب الخامس ان يكون ذلك محمولا على ان يكون الذي عاقبه عليه الصلاة والسلام بجلد او سب او شيء من الاذى ان يكون مستحقا لذلك. ومع ذلك نبيكم صلى الله عليه وسلم ان تكون تلك العقوبة الدنيوية هي غاية ما يناله ذلك الواقع في المعصية. والا يبقى شيء عليه من الاثم في الاخرة. وان يكون ذلك العقاب بسب او لعن او شتم او حبس او تعزير بوجه ما ان يكون ذلك منتهى تصفية في حسابه في الدنيا بالله عليكم هل من قلب نبي اعظم شفقة من قلب نبينا صلى الله عليه وسلم بامته وصدق الله عز وجل لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عددتم. حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. وقول ربنا سبحانه واعلموا ان فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم فهذا نبينا عليه الصلاة والسلام. قال وقد يكون وذلك سؤالا منه لربه عز وجل لمن جلده او سبه على حق. وبوجه صحيح ان يجعل ذلك كفارة لما اصابه تمحية لما اقترف من ذنب او جريمة وان يكون ذلك في الدنيا عقوبة كافية سببا للعفو والغفران في الاخرة. نعم كما جاء كما جاء في الحديث الاخر ومن اصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له. الحديث في الصحيحين ومن من ذلك يعني من العقوبات من الذنوب من المعاصي التي توجب حدا او تعزيرا. من اصاب من ذلك شيئا كالسرقة والزنا وشرب الخمر ونحوها فعوقب به في الدنيا اقيم عليه حد الزنا فجلد مئة جلدة او حد السرقة فقطعت يده او شرب الخمر فجلد. قال من اصاب من ذلك شيئا عوقب به في الدنيا فهو كفارة له. بمعنى انه لا يبقى عليه شيء في الاخرة يحاسب عليه. طالما في توبته الى الله اولا واقيم عليه الحد في الدنيا ثانيا فان قلت فما معنى حديث الزبير وقول النبي صلى الله عليه وسلم عند تخاصمه مع الانصاري في سراج الحرة اسق يا زبير حتى يبلغ الماء الكعبين. فقال له الانصاري ان كان ابن عمتك يا رسول الله فتلون وجه فتلون وجه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال اسقي يا زبير ثم احبس حتى يبلغ الجدر. الحديث فالجواب ان النبي صلى الله عليه وسلم منزه ان يقع بنفس مسلم منه في هذه القصة امر يريب ولكنه صلى الله عليه وسلم ندب الزبير اولا الى الاختصار على بعض حقه على على طريق التوصل والصلح فلما فلما لم يرظى بذلك الاخر ولج وقال ما لا يجب استوفى النبي صلى الله عليه وسلم للزبير حقه. ولهذا ترجم البخاري على هذا الحديث باب اذا اشار الامام بالصلح فابى حكم عليه بالحكم البين وذكر في اخر الحديث فاستوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ للزبير حقه. وقد جعل المسلمون هذا حديث اصلا في قضيته وفيه نعم هذه قصة الزبير مع جاره الانصاري وقد كان مزارعين وارض هذا مجاورة لارض هذا ومزرعته وطريقة السقيا عند ارباب المزارع كما تعرفون. اذا استقوا من بئر او من جدول ماء قادم من نهر وقناة ونحوها فانه يمر الماء بالارض التي تكون في طريقه اولا ثم يمر بها على حرثه وزرعه ثم يرسل الماء الى صاحبه وجاره الذي يليه وهكذا. فجاء الانصاري رضي الله عنه يشكو الزبير رضي الله الى النبي صلى الله عليه وسلم حين تخاصم في سراج الحرة الشراج جمع شرجة وهي سير الماء الذي ينتقل من اعلى الى اسفل يقال شراج الحرة والحر من حرار المدينة يعني من جبالها التي يأتي الماء من بين طرقاتها وحجارتها. فجاء يشتكي الى النبي عليه الصلاة والسلام فحكم النبي عليه الصلاة والسلام بالعدل قال اسقيا زبير لان الزبير يأتيه الماء اولا قال اسق يا زبير حتى يبلغ الماء الكعبين جعل هذا حدا للزبير يعني لا يسقي حتى تمتلئ الارض فيتأخر الماء على صاحبه او ربما لا يصله من الماء شيء فاعطاه معيارا حتى يبلغ الماء الكعبين فاذا وقفت في الارض وامتلأ الماء في حوض الزرع عندك فبلغ الكعبين فافتح الماء يسيل الى جارك. قال اسق يا زبير حتى يبلغ الماء الكعبين فقال الانصاري ان كان ابن عمتك يا رسول الله يعني حكمت له تحابيه لانه ابن عمتك والزبير ابن العوام ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالها مجازفة وتسرعا تعرف الخصومة في مجلس القضاء احيانا يغلبه الانتصار لحظ النفس والحرص على الحظ الشخصي ان يقول ما لا ينبغي ان يقول فكذلك كان الانصاري رضي الله عنه قال ما لا ينبغي ان يقول قال ان كان ابن عمتك يا رسول الله لانه لا يليق ان يقال هذا لرسول الله عليه الصلاة والسلام. لانه لا يحكم الا بالعدل اولا ولانه لو وقع في نفسك شيء سوى ذلك لا يليق اطلاق مثل هذا القول. على كل قالها قال فتلون وجه النبي صلى الله عليه وسلم يغضب لانه يرى انه قد وقع في نفوس بعظ الناس من حوله شيء هو ابعد الناس عنه صلى الله عليه وسلم وانزههم كان يحكم اولا بشيء يريد به المساواة والانصاف مع الطرفين. وان يعطي لكل ذي حق حقه. وان يكون آآ يحكم للزبير ببعض حقه ويجعل البعض للاخر لصاحبه وجاره الانصاري فلما رأى من الانصاري انه رغم ذلك لم يعجبه هذه الدعوة بالصلح التي طلب فيها النبي صلى الله عليه وسلم من الزبير التنازل عن بعض حقه من اجل جاره ما اعجبه هذا اعاد النبي عليه الصلاة والسلام الحكم في القضية باستيفاء الزبير حقه بالكامل ولا يرسل الماء الا اذا استوفى السقيا. فقال اسقيا زبير ثم احبس يعني الماء حتى يبلغ الجدر. وفي رواية الجذر يعني اما اصل الجدار جدار الحائط في البستان او اصل السقي يعني اصل الزرع وهذا مقدار اعلى من الكعبين قال اسق يا زبير حتى يبلغ الجدر ثم ارسل الى صاحبك ما اعجبه الحكم بالصلح اولا فحكم له بتمام استيفاء الحق. فكان الانصاري بمقولته تلك غير رابح في موقفه ذاك ولا في قضيته التي جاء يشكو فيها الى النبي صلى الله عليه وسلم الان هذا سؤال او حديث اورده المصنف في سياق ما نحن فيه. اكان النبي عليه الصلاة والسلام يغضب؟ وفي مجلس القضاء اكان الخصوم يمكن استفزوه بالعبارات فيحملونه على ان ان يبالغ في حكمه او ان ينقض حكمه لا ما حصل الذي حصل انه عليه الصلاة والسلام ترقى معه في الحكم. اعطاه حقا فوق حقه اولا. فلما لم يعجبه اساء الادب حكم له مرة اخرى بحقه من غير زيادة عليه. فلم يكن استفزازا من الخصم للقاضي والحاكم وهو رسول الله عليه الصلاة والسلام فاحتاج الى جواب لان من لا يعرف القصة ولا يفهم معنى بعض الفاظ الحديث ربما وقع في نفسه كيف هذا الحديث والنبي عليه الصلاة والسلام يغضب ويستفزه الخصوم في مجلس القضاء ثم ينقض القضاء ويعيد القضية في الحكم مرة ثانية. لا ما حصل هذا. لما قال فتلون وجه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال اسق يا زبير ثم احبس حتى يبلغ الجدر ثم ارسل الى صاحبك حكم له في الاول بالتنازل بالصلح ثم حكم له ثانية بانه ليس لك الا حقك بلا مزيد عليه. قال فالجواب ان النبي صلى الله عليه وسلم منزه ان يقع بنفس مسلم منه في هذه القصة امر يريب. ولكنه ندب الزبير اولا الى الاقتصار على بعض حقه ثم يرسل الماء الى صاحبه. على طريق التوسط والصلح وفي الصلح دائما نحن ماذا نفعل؟ تطلب من كل من الطرفين ان يتنازل عن بعض حقه حتى يتم اصطلاح بينهما فهكذا فعل عليه الصلاة والسلام اراد من الزبير ان يتنازل عن بعض حقه ولا يسقي حتى يروي الارض بالكامل بل حتى يبلغ الماء الكعبين ثم يرسله الى صاحبه حكم بالاقتصار على بعض حق الزبير اولا على طريق التوسط والصلح. فلما لم يرضى بذلك الاخر يعني جاره مصاري ولج يعني في الخصومة تمادى وتكلم قال ما لا يجب اعاد النبي عليه الصلاة والسلام القضية توفى للزبير حقه ولذلك لما جاء البخاري رحمه الله في الصحيح بهذا الحديث وترجم له قال باب اذا اشار الامام بالصلح فابى حكم عليه بالحكم البين عندما لا يقبل الخصم بالصلح الذي فيه زيادة على حقه فان للحاكم ان يعيد الحكم ولا يعطيه الا حقه من غير زيادة عليه. قال وذكر في اخر الحديث فاستوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ للزبير حقه اذا ما اعطاه فوق حقه لا في المرة الاولى ولا في الثانية. بل هو في المرة الاولى اخذ من حق الزبير شيئا من اجل جاره. لكن ان جاره لم يعجبه ذلك ووقع في نفسه ما وقع. وسمعت ما قال رضي الله عنهم جميعا. وصلى الله على نبينا وسلم وقد جعل المسلمون. وقد جعل المسلمون هذا الحديث اصلا في قضيته وفيه الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في كل ما فعله في حال غضبه ورضاه. وانه وان نهى ان يقضي القاضي وهو غضبان فان فانه في حكمه في حال الغضب والرضا سواء لكونه فيهما معصوما وغضب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا انما كان لله تعالى ولا لنفسك لا لنفسه انما كان لله تعالى لا لنفسه كما جاء في الحديث الصحيح. نعم. من حديث ابي بكرة رضي الله عنه في الصحيحين لا يقضي القاضي وهو غضبان طيب كيف لا يقضي وهو غضبان؟ والنبي عليه الصلاة والسلام هنا غضب من هذا الانصاري وقضى وهو غضبان الجواب لماذا منعت الشريعة القضاة من القضاء حال الغضب الجواب لما يصحب الغضب من تشويش فكر لا يستقيم معه للقاضي تمام النظر ولا الحكم بروية وعدل وانصاف فان هذا مشوش للفكر ولهذا الحق الفقهاء بالغضب سائر ما يشوش الفكر عند الحكم في القضاء. شدة الفرح شدة الحزن شدة الهم لانها مشوشات للفكر لا تعين القاضي على النظر والاستيفاء في القضية المنظورة. فكيف قضى عليه الصلاة والسلام؟ نقول اذا كان منعوا من القضاء حال الغضب مراعاة لما عند الغضب من زوال العقل وعدم القدرة على التروي ولا ولا التفكير ولا الانصاف فان هذا كله مأمول في حقه عليه الصلاة والسلام لانه معصوم من ذلك كله وهو في حال بالغضب والرضا سواء. قال فانه في حكمه في حال الغضب والرضا سواء لكونه فيهما معصوما. صلى الله عليه وسلم طيب وفي حديث الزبير هذا ما غضب بلى غضب قال وغضبه انما كان لله لا لنفسه كما جاء في الحديث الصحيح يقصد حديث عائشة رضي الله عنها انه لم يكن يغضب عليه الصلاة والسلام الا ان تنتهك حرمات الله لم يغضب لنفسه وكم اوذي عليه الصلاة والسلام في شخصه فما غضب يصيبه الحزن نعم على ما يعتريه من سوء بعض قومه. وحصل له في مكة كثير من هذه المواقف اوذي عليه الصلاة والسلام عند الكعبة وهو يصلي وهو يطوف وهو يدعوهم الى الاسلام. فرموه بالكلام القبيح فقالوا ساحر وكذاب شاعر ومجنون ووضعوا سلا الجزور على ظهره الشريف وهو ساجد صلى الله عليه وسلم وبعد الهجرة للمدينة تأتيه المواقف التي يستفز فيها بالغضب فلا يغضب لنفسه عليه الصلاة والسلام يأتي اليهودي فيقول السامو عليك فتغضب عائشة تقول وعليك السام واللعنة فقال ما هي يا عائشة؟ قالت اما سمعت ما يقول؟ قال وسمعتيني ماذا قلت؟ قلت عليكم واكتفى برد مقولته عليه واذا جاء الاعرابي الجلف الذي لا يحسن الادب مع النبي عليه الصلاة والسلام فيمسكه بردائه حتى يؤثر في صفحة عنقه طالبا المال قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فانه ليس مالك ولا مال ابيك ويغضب الصحابة لذلك فيتركه النبي عليه الصلاة والسلام ويأمر له بمال الى اخر تلك المواقف كانت مواقف فيها استفزاز وبواعث على الغضب ليس اكثر منها. وما عهدنا منه في تلك المواقف غضبا لنفسه. صلى الله عليه وسلم. فليش غضبونا في قصة الزبير مع الانصاري لان الموقف فيه قدح في حكم الشريعة ان كان ابن عمتك يا رسول الله طيب حتى لو كان ابن عمته ايمكن ان يتوقع ان حكم الشريعة الذي يقضي به نبي الاسلام عليه الصلاة والسلام يكون فيه محاباة لابن عمته لانه لعمته هذا غضب لله غضب لدين الله ولشريعة الله التي كانت تقر في ذلك الزمن بالوحي والفعل والقول فالقدح فيها قدح في شريعة لا هو الوحي الذي يأتيه من الله ولو كان لو كان ذلك الموقف بعيدا عن شريعة الله لجاء الوحي ولا يقره على ذلك صلى الله عليه وسلم. اذا كان غضبه في هذا كما قال المصنف لله تعالى لا لنفسه صلوات الله وسلامه عليه وكذلك الحديث في اقادة عكاشة من نفسه لم يكن لتعد حمله الغظب عليه بل وقع في الحديث نفس نفسه ان في الحديث نفسه بل بل وقع في الحديث نفسه ان ان عكاشة قال قال له وضربتني بالقضيب فلا ادري اعمدا ام اردت ظرب الناقة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم اعيذك بالله يا عكاشة ان يتعمدك رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام عكاشة ابن محصن رضي الله عنه. واسمه عكاشة فيه ضبطان بتخفيف الكاف عكاشة وبتشديد عكاشة ضبطان صحيحان. ليس في الصحابة رضي الله عنهم جميعا احد يسمى عكاشة سواه. فهو وحده وهو صاحب والحديث المشهور لما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان سبعين الفا من امته يدخلون الجنة بغير حساب فقال ادعوا الله ان اكون معهم يا رسول الله فقال انت منهم. ثم قام اخر فقال يا رسول الله ادع الله ان يجعلني منهم قال سبقك بها عكاشة فهو الصحابي المشهور رضي الله عنه بهذا الاسم قال في الحديث في اقاضته عكاشة من نفسه يعني ان عرظ النبي عليه الصلاة والسلام على عكاشة ان يقتاد لنفسه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال لم كن هذا لتعد حمله الغضب عليه. بل وقع في الحديث نفسه ان عكاشة قال وضربتني بالقضيب القضيب العود الذي يكون من خشب قال فلا ادري اعمدا ام اردت ضرب الناقة؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اعيذك بالله يا عكاشة ان يتعمدك رسول الله صلى الله عليه وسلم. الحديث طويل اخرجه الطبراني وغيره لكن في رواية عبدالمنعم بن ادريس كذاب وضاع كما يقول اه الهيثمي رحمه الله واورد ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات فلا يصح بهذا السياق. نعم وكذلك في حديث وكذلك في حديثه الاخر الاخر مع الاعرابي حين طلب عليه السلام الاقتصاص منه فقال الاعرابي قد عفوت عنك وكان النبي صلى الله عليه وسلم فقد ضربه بالسواك بالسوط. بالسوط لتعلقه بزمام ناقته مرة بعد مرة والنبي صلى الله عليه وسلم ينهاه ويقول له تدرك حاجتك وهو يأبى فضربه عليه السلام ام بعد ان نهاه ثلاث مرات وهذا منه عليه السلام لمن لم يقف لمن لم يقف عند نهيه صواب وموضع ادب لكنه عليه السلام اشفق اذ كان حق نفسه من الامر حتى عفا عنه في حديثه الاخر مع الاعرابي ولا يعرف ايضا من خرجه وفيه رواية مفادها لما عرض على الاعرابي القصاص قال الاعرابي عفوت عنك لان النبي عليه الصلاة والسلام كما تقول الرواية ضربه بالسوط عندما تعلق الاعرابي بزمام الناقة وتكرارا وهو يقول له تدرك حاجتك يعني لا داعي لان تتعلق بزمام الناقة فاتركها وحاجتك لك تدرك حاجتك فلما كرر ذلك. والنبي صلى الله عليه وسلم ينهاه وهو لا يستجيب ضربه بعد ان نهاه ثلاث مرات ان صحت الرواية ان صحت فهذا محمول على انه صلى الله عليه وسلم علمه وادبه ووجهه وهو لم يمتثل مرة واثنين وثلاثا. فاحتاج الى ان يترقى من اسلوب الخطاب بالقول الى التأديب بالفعل فضربه بالسوط ما لم يقف عند نهيه قال فاذا كان هذا كذلك فهو صواب. وهذا موضع تأديب لانه عليه الصلاة والسلام انما اراد بذلك ان يكون لاصحابه منه موقف الاحترام والتقدير. قال واشفق اذ كان حق نفسه من الامر حتى عفا عنه. يعني لم يرد عليه الصلاة والسلام الا ان خاطره لا انه اساء وكان ظالما والموقف يستحق القصاص. حاشاه صلى الله عليه وسلم. لكنه اراد تطييب الخواطر والا يبقى في نفس الاعرابي شيء. هذا كله كما قلت اذا صحت الرواية والله اعلم واما حديث سواد بن عمرو اتيت النبي صلى الله عليه وسلم وانا متخلق فقال عليه الصلاة والسلام ورس درس حط حط وغشيني وغشيني وغشيني وغشيني بقضيب كان في يده في بطني فاوجعني قلت القصاص يا رسول الله فكشف لي عن بطنه صلى الله عليه وسلم. فابيت القصاص وانما كان ظربه عليه السلام لمنكر رآه به ولعله لم يرد بضربه بالقضيب الا تنبيهة فلما كان منه ايجاع لم يقصد لم يقصده طلب التحلل منه على ما قدمناه. هذه اخر رواية في الفصل وبها يتم مجلس الليلة بعون الله قال حديث سواد ابن عمرو رضي الله عنه قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم وانا متخلق متخلق يعني متظمخ بطيب. فاح وبدا اثره. فقال عليه الصلاة والسلام ورس الورس نوع من الورد وهو نوع خاص من الطيب يخص النساء نبت اصفر له لون ورائحة وعند العرب اللون من الطيب الذي لا رائحة له يخص النساء وعكسه للرجال. قال ورس ورث حط حط يعني ازل عنك هذا الطيب فانه للنساء ليس للرجال. قال وغشيني بقضيب كان في يده في بطني فاوجعني فقلت القصاص يا رسول الله فكشف لي عن بطنه فابيت القصاص. الحديث اخرجه البغوي ايضا وابن سعد وعبد الرزاق عن الحسن. فهذا فهذه الرواية ايضا وهي مرسلة من رواية الحسن البصري. يقول ان صحت فلم هي محمولة على انه صلى الله عليه وسلم انما فعل لمنكر اراد نهيه عنه. وهو تشبهه بالنساء. واراد عليه الصلاة والسلام تنبيهه على ذلك وضربه بالقضيب لم يكن عقوبة. اراد التنبيه قال ورس ورس واشار اليه بالقضيب فوقع في بطنه او اصابه في بطنه لم يكن يريد ضربه. او عقابه او بتلك العصا او بذلك القضيب. فلما حصل منه الم واوجعه لم يكن يقصده عليه الصلاة والسلام وطلب الصحابي القصاص اجاب عليه الصلاة والسلام وليس لانه فعلا كان ضربا لا وجه له واساءة تستحق القصاص. وسائق الرواية يساعد على فهم الحادثة وما جرى وفيها فقصة سواد وقبلها الاعرابي وقبلها عكاشة ان صحت تلك الروايات. هي محمولة على ما نقلته الروايات ذاتها في الفاظ وسياقها ان الموقف لم يكن فيه شيء من التعدي الصادر عنه صلى الله عليه وسلم. ولا اساءة فكيف يطلب القصاص كانوا يعلمون انه عليه الصلاة والسلام اعدل البشر. واكثرهم نزاهة عليه الصلاة والسلام. وما كانوا يرغبون الا في مزيد من قرب منه صلى الله عليه وسلم فيتلطفون معه بتلك المواقف ويأنسون بحديثهم واياه في تلك المواقف ايضا فكان هذا يطلب القصاص والثاني يخبر بالمه مما اصابه حتى يجيبه النبي عليه الصلاة والسلام وليس في واحد منها ولو لم تصح الرواية ليس في واحد من تلك الروايات ان احدهم اقتص واخذ حقه. كل هذا ما حصل. يؤكد لك ان المواقف فكانت عفوية وانها ان صحت وقع فيها ذلك منه صلى الله عليه وسلم عن غير قصد فبقي هذا الباب على اصله في تنزهه عليه الصلاة والسلام وسلامة سيرته من اذى وعدوان يصيب اصحابه ضيقهم الله اكبر الله اكبر اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله اكبر اكبر وفي ختام هذا الفصل ها هنا اشارة الى ان ما نقله المصنف رحمه الله تعالى في هذه المواقف عن عدد من الصحابة كعكاشة وقصة سواد بن عمرو فهي غير قصة سواد بن غزية الانصاري النجاري الذي شهد بدرا واحدا والخندق والمشاهد كله كلها رضي الله عنه. روى ابن اسحاق عن اشياخ قومه عن حبان ابن واسع عن اشياخ قومه ان النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر عدل الصفوف في يده قدح فمر بسواد بن غزية فطعن في بطنه فقال اوجعتني فاقدني فكشف عن بطنه فاعتنقه وقبل بطنه فدعا له بخير فهي غير قصة سواد بن عمرو المذكورة هنا في الرواية وهي ايضا مما لم يوجد متصلا سنده في قصص واحداثها فاستقر هذا الفصل على اصله ان النبي عليه الصلاة والسلام قد عصمه الله جل جلاله من ان يكون له مع اصحابه ما يسوء او ان يكون له عليه الصلاة والسلام ما يخرج عن مقتضى العصمة. وقد حفظ له الله عز وجل مقام النبوة فتم له في اكمل وجه وجه حتى لحق بالرفيق الاعلى. لتأتي امته فتحفظ له هذا المقام العظيم. وتحمل في في قلبها الحب والوفاء للنبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم وهي تسلك دربه وتنتهج سنته وتحتفي بدينه وشريعته نظر الله امرأ احب نبيه عليه الصلاة والسلام. فتمسك بسنته وعض عليها بالنواجذ. ثم انشأ حياته كلها يخط طريقه على خطى الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. وها انتم في ليلة تستكثرون فيها من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم فاعمروا بها جمعتكم واستكثروا بها من صلاة ربكم عليكم. من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا صلى عليك الله يا من حبه قد بصر الالباب بعد عماها صلى عليك الله يا من ذكره قد طيب اسماع والافواه. فيا رب صل وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وصل يا ربي وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون ارزقنا يا رب علما نافعا وعملا صالحا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء يا رب العالمين. اللهم اجعل لنا ولامة اسلامي من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا واهدي ضالنا وتقبل منا انك انت السميع العليم. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين والمسلم دائما يعتز باسلامه وايمانه واتباعه للقرآن والسنة واعتزازه بسنة رسوله لله صلى الله عليه قال مجاهد لا العلم مستحيل ولا مستكبر. ان طلب العلم عمل صالح عظيم الاجر. كثير الثواب. قال صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة