بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه. وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعه باحسان الى يوم الدين وبعض اخوة الاسلام في كل مكان. فمن رحاب بيت الله الحرام ينعقد هذا المجلس المبارك في هذه الليلة المباركة ليلة الجمعة جمعة في مدارستنا لكتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. للامام القاضي عياض بن موسى اليحصوبي رحمة الله تعالى عليه وهو مجلس يحملنا ايها المباركون على ان نكون هذه الليلة من اوفر الامة حظا بكثرة صلاتنا وسلامنا على الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. نرجو بذاك مزيدا من الصلاة عليه مزيدا من الحب له مزيدا من التمسك بسنته والبقاء على هديه عليه الصلاة والسلام يا من تحب محمدا اعليه تبخل بالصلاة مقياس حبك ذكره حتى تفيض به الشفاه. يا رب صل على الذي رد الحياة الى الحياة. فاللهم صل وسلم وبارك عليه اكمل صلاة واتم سلام يا ذا الجلال والاكرام وقد وقف بنا الحديث ايها الكرام ليلة الجمعة الماضية في الفصل الذي ساق فيه المصنف رحمه الله تعالى بعض النصوص التي يورث ظاهرها اشكالا لما تقرر من شأن عصمة لله صلى الله عليه وسلم في اقواله واعماله في الامور الدنيوية وانها على السداد والصواب. وذكر من ذلك بعض اورث اشكالا كما قال في رد الشبه التي ربما ثارت عند بعض من لا يدرك معنى تلك النصوص من الادلة. وقد ساق جملة من الافعال التي ثبت فيها انه ربما ترك النبي صلى الله عليه وسلم الفعل من افعال الدنيا او فعله مساعدة لامته وسياسة وكراهية لخلافها وان كان يرى غيره خيرا منه. وظرب امثلة لذلك ثم اجاب عن دار في حديث بئس ابن العشيرة او بئس اخو العشيرة واجاب عنه رحمة الله عليه. وفي بقية هذا الفصل ايضا موضع اخر في قصة حديث بريرة وعائشة رضي الله عنهما نبدأ به مجلسنا الليلة قبل ان نشرع في الفصل الذي ختم به المصنف رحمه الله هذا الفصل وهو ختام القسم الثالث من الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسوله الامين وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه وللسامعين قال المصنف رحمه الله فان قيل فما معنى المعضل الوارد في حديث بريرة من قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة وقد اخبرتك ان موالي بليغة ابوا بيعها الا ان يكون لهم الولاء. فقال لها عليه السلام اشتريها واشترطي لهم جاء ففعلت ثم قام خطيبا فقال ما بال اقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله كل شرط ليس في كتاب بالله فهو باطل. والنبي صلى الله عليه وسلم قد امرها بالشرط لهم. وعليه باعوا ولولاه والله اعلم لما باعوها من عائشة كما لم يبيعوها من قبل حتى شرطوا ذلك عليها ثم ابطله عليه السلام وقد حرم وهو قد حرم الغش والخديعة قال رحمه الله فان قيل فما معنى المعضل الوارد في حديث بريرة رضي الله عنها؟ يعني ما الجواب عن هذا الموضع المشكل حتى اصبح معضلة تحتاج الى جواب وقبل ذلك بريرة رضي الله عنها مولاة جارية من المؤمنات زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولها في السيرة النبوية حادثتان هذه احداهما والاخرى في قصة اللحم الذي اهدي الى بريرة الذي تصدق به على بريرة فقدم النبي صلى الله عليه وسلم فدخل عند امنا عائشة رضي الله عنها فسألها هل عندكم من قالت لا او قدمت لها طعاما فقال لها الم ارى البرمة على النار فيها لحم فقالت ذاك لحم تصدق به على بريرة لان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل الصدقة فاخبروه ان اللحم الذي رآه صدقة قالوا ذاك لحم تصدق به على بريرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هو عليها صدقة ولنا منها هدية هذا الموضع الاول والثاني هذا الذي نحن فيه. بريرة اذا مولاة جارية. اعتقها اهلها كتابة يعني اشترت نفسها من اهلها وهذا الذي يسميه الفقهاء المكاتبة في الاسلام وهو ان يشتري العبد نفسه من سيده بمبلغ مجزأ على اقساط او نجوم معلومة يدفع منها كل فترة قسطا فاذا تم له تمام سداد اقساطه عتق. يسمى النكاد العبد المكاتب فبريرة رضي الله عنها كاتبت اهلها واشترت نفسها فجاءت عند عائشة رضي الله عنها تستعين بها في تحصيل المال الذي اتفقت عليه مع اهلها. والحديث في روايته الاتم في الصحيحين من حديث هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءت بريرا فقالت كاتبت اهلي على تسع اواق في كل عام اوقية فاعيني لي هذا المبلغ قالت عائشة رضي الله عنها لها ان احب اهلك ان اعدها لهم ويكون ولائك لي فعلت قالت انا ممكن ادفع لك التسع الاواقي الان معجلة كاملة على ان يكون الولاء لي وهذا ايضا من مسائل الفقه في الاسلام الولاء لمن اعتق كما قال عليه الصلاة والسلام ومعنى ذلك ان ولاء العبد المعتقي يكون لمن اعتقه سواء كان الذي اعتقه سيده الذي كان يملكه او من اشتراه منه فاعتقه. فيرتبط الولاء بالعتق فاذا كان السيد هو الذي اعتق فله الولاء واذا كان قد اشتراه غير سيده ثم اعتقه في الولاء للمعتق. ومعنى الولاء الصلة التي تكون بينهما بعد العتق والولاء احد اسباب الارث في الاسلام فقالت رضي الله عنها قالت عائشة رضي الله عنها ان شاء او ان احب اهلك ان اعدها لهم يعني الاواقي التسعة ويكون ولاؤك لي فعلت فذهبت بريرة رضي الله عنها الى اهلها فقالت لهم ذلك فابوا ذلك عليها رفضوا ماذا يريدون؟ يريدون ان تشتري عائشة رضي الله عنها بريرة وتدفع الثمن وتعتق بريرة ويكون ولاء بريرة لهم لا لعائشة فارادوا ان يجمعوا بين الثمن في البيع وبين الولاء في العتق وهذا خطأ لكن عائشة رضي الله عنها عرضت ذلك فلما ابوا عادت بريرة جاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فقالت اني قد عرظت ذلك عليهم فابوا الا ان يكون لهم الولاء فسمع النبي صلى الله عليه وسلم او فاخبرت عائشة النبي صلى الله عليه واله وسلم. فقال لها الجملة التي ساقها المصنف رحمه الله هنا ليظهر معنى الاشكال والجواب عنه. قال لها خذيها واشترطي لهم الولاء فانما الولاء لمن اعتق قال خذيها وافقي على عرضهم خذيها واشترطي لهم الولاء يعني سيكون الولاء لمن لاهلها هذا ظاهر فهم الحديث. يعني وافقي يا عائشة واشترطي ووافقي على الولاء ان يكون لهم فانما الولاء لمن اعتق يعني وسيكون الولاء لك لك فكأنه في ظاهر الحديث وافقي واخبريهم بما يريدون فاذا تم البيع فهذا الشرط لا عبرة به فلماذا يكون هذا الغرر او التغرير فيما يبدو من ظاهر الحديث؟ هذا موضع الاشكال قال خذيها واشترطي لهم الولاء فانما الولاء لمن اعتق ففعلت عائشة. رضي الله عنها ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد الله واثنى عليه ثم قال ما بعد. فما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل. وان كان مائة شرط قضاء الله احق وشرط الله اوثق وانما لمن اعتق هكذا اخرجه البخاري بلفظه هذا الحديث وموضع الاشكال فيه ما اشرت كيف امر عائشة رضي الله عنها ان تقول قولا ويكون الفعل والتنفيذ على خلافه فقال خذيها واشترطي لهم الولاء. قال المصنف رحمه الله والنبي صلى الله عليه وسلم قد امرها بالشرط له وعليه باعوا ولولا هو الله اعلم لما باعوها من عائشة. كما لم يبيعوها من قبل حتى شرطوا ذلك عليها يعني كأنه حصل تغرير بهم فوافقوا فلما تم البيع قال لا لا حق لكم في الشرط. قال ثم ابطله عليه الصلاة والسلام وهو قد حرم الغش والخديعة اذا تقرر عندنا اصل ان الخلف بين قوله وفعله صلى الله عليه وسلم ممتنع وهو اوفى الناس ذمة عليه الصلاة والسلام واصدقهم لهجة واعظمهم امانة صلى الله عليه وسلم اذا هناك اشكال في الحديث يحتاج الى جواب وهو الذي من اجله ساق المصنف رحمه الله الحديث وقال فان قيل فما معنى الوارد في حديث بريرة رضي الله عنها واعلم رعاك الله ان المحدثين قد تكلموا كثيرا في هذا الحديث لانه فعلا يحتاج الى بيان ومن قرأ ظاهره ولم يفقه معناه ربما اورثه ذلك الاشكال الذي ساقه المصنف رحمه الله تعالى اعلم اكرمك الله ان النبي صلى الله عليه وسلم منزه عن ذلك مما يقع في بال الجاهل من هذا. ولتنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ما قد انكر قوم هذه الزيادة في الرواية قوله اشترطي لهم الولاء اذ ليست في اكثر طرق الحديث ومع ثباتها فلا اعتراض بها. اذ يقع لهم بمعنى عليهم. قال الله تعالى اولئك لهم اللعنة اي عليهم وقال وان اسأتم فلها اي فعليها فعلى هذا يكون معناه اشترطي اشترطي عليهم الولاء لك ويكون قيام النبي صلى الله عليه وسلم ووعظه لما من شرط الولاء لانفسهم قبل ذلك. هذا الجواب الاول يقول اعلم اولا ان بعض المحدثين ضعف هذه اللفظة اشترطي لهم الولاء لكن الصحيح انها ثابتة وهي مخرجة في الصحيحين وغيرهما يقول ومع ثباتها يعني هذه الجملة فلا اعتراض بها ومن الاجابات التي قالها هنا ان اشترطي لهم بمعنى اشترطي عليهم وفرق بين ان نشترط لك واشترط عليك اشترط عليك يعني اشترط عليك شرطا يكون لي فقوله اشترطي عليهم الولاء يعني ان يكون لك. وبالتالي فلا اشكال بهذا المعنى وهل هذا وارد لغة؟ قال نعم. ومنه قوله تعالى اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار واللعنة لا تكون للشخص بل تكون على الشخص فتأتي اللام بمعنى علا قال الله تعالى ايضا في سورة الاسراء ان احسنتم احسنتم لانفسكم وان اسأتم فلها. والاساءة لا تكون للشخص بل تكون عليه. فتأتي بمعنى على يقول فعلى هذا يكون معنى الحديث اشترطي عليهم الولاء لك طيب فما معنى ان يقوم النبي عليه الصلاة والسلام بعد هذا الكلام فيصعد المنبر ويتكلم ويعظ الناس ويبين لهم ما حصل؟ نعم يكون هذا من باب اقامة الحجة وزيادة الحكم الذي قد علم تأكيدا. اذا وقد تقدم منه انه بين لهم هذا الحكم. وهو ان الولاء لمن اعتق لكن لما رآهم اخطأوا وتجاوزوا قال نعم تأكدي يا عائشة واشترطي ان الولاء لك ثم قام وقال في المنبر لماذا العبث في العقود والبيع ومخالفة شرع الله ما بال قوم او رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وان كان مائة شرط فازداد تأكيدا على ان الشروط الباطلة لا عبرة بها فقال هذا الكلام تأكيدا هذا جواب اول عن هذا الاشكال في الحديث وجه ثان ان قوله عليه السلام لهم الولاء على معنى لكن على معنى التسوية والاعلام بان شره لهم لا ينفعهم بعد بيان النبي صلى الله عليه وسلم ان الولاة لمن اعتق فكأنه قال المشترط او لا تشترطي فانه شرط غير نافع هذا ذهب الداودي وغيره توفيق النبي صلى الله عليه وسلم وتقريعهم على ذلك يدل على علمهم به قبل هذا. هذا جواب ثان وذهب اليه ثلة من ان قوله خذيها واشترطي لهم الولاء نعم قولي يا عائشة لهم كما يريدون. يريدون الولاء لهم وافقي او لا توافقي فلا عبرة بموافقتك او رفضك طالما حصل عقد البيع وتم انتقال ملك بريرة اليك وحصل العتق منك فالولاء لك. سواء وافقتيهم على الشرط او لم توافقيهم تقول واشترطي لهم الولاء يعني اشترطي او لا تشترطي وافقي او لا توافقي فان الامر سواء في عدم حصول ما يريدون حتى لو وافقت يا عائشة فان الحكم الذي يوافقون عليه مخالفا لشريعة الله وحكم الله لا يعتبر صحيحا قال اشترطي لهم الولاء ليس على معنى الامر لكن على معنى التسوية يعني مثل قوله تعالى فاصبروا او لا تصبروا سواء عليكم انما تجزون ما كنتم تعملون. اصبروا هنا ليس فعل امر بل هو للتسوية يعني حصل او لم يحصل فالامر سواء. يعني الاعلام بان شرطه لهم لا ينفعهم بعد بيان النبي صلى الله عليه وسلم ليش ما ينفعهم؟ لانه قد قرر لهم عليه الصلاة والسلام وعلم الامة ان الولاء لمن اعتق. فاذا كنت قد علمت الحكم ثم تأتي وتطلب شيئا مخالفا لشريعة الله وحكم الاسلام فلا عبرة بفعلك وانت تعلم انه خطأ. ولا يجوز ومحرم في فسواء اشترطت او لم تشترط كتبت هذا في العقد او لم تكتبه فهو باطل ولاغ ولا عبرة به. يقول الامام الخطابي رحمه الله اخبرني ابو رجاء الغنوي قال حدثني ابي عن يحيى بن اكثم انه كان يقول ذلك في هذا الحديث. يقول الخطابي رحمه الله نقلا عن العبارة توهم بعض الناس ان في قوله ابداعي فاعتقي خلفا لما اشترطوه على عائشة ورد ذلك الحديث من اجله ويقول ان النبي عليه الصلاة والسلام لا يأمر بغرور الانسان. يقول الخطابي قلت وليس في الحديث شيء مما يشبه معنى الغرور خلفي وانما فيه ان القوم كانوا قد رغبوا في بيعها فاجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم واذن لعائشة في امضاءه وكانوا جاهلين بحكم الدين في ان الولاء لا يكون الا لمعتقين. وطمعوا ان يكون الولاء لهم بلا عتق فلما عقدوا البيعة وزال ملكهم عنها ثبت ملك رقبتها لعائشة. فاعتقتها وصار الولاء له لان الولاء من العتق وتوابعه. فلما تنازعوه قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فبين ان الولاء في قضية الشريعة ان اما هو لمن اعتق وان من شرط شرطا لا يوافق حكم كتاب الله عز وجل فهو باطل. واعلن بيانه عليه الصلاة والسلام وجعل الولاء لمن اعتق فكان هذا منصرفا الى المعنى الذي تقرر في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ومن اهل العلم من قال انما كانوا يعلمون الحكم. فلذلك غضب النبي عليه الصلاة والسلام كيف يعلمون الحكم ثم يخالفون ولهذا كأنه اراد ان يقول لهم ان هذا الشرط الباطل لا يصح. لان الولاء انما يكون لمن اعتق فيكون وقد علموا وذلك فمن اشترط شرطا محرما وهو يعلم انه حرام فانه لا يصح اشتراطه ولو وافقه المتعاقد معه في العقد فلا يلزمه فلو اجابه المشتري لهذا الشرط مع علم البائع بان الشرط هذا باطل وحرام في الشريعة فلا يلزم هذا الشرط ولهذا قال اشترطي لهم الولاء فكأنه قال اشترطي او لا تشترطي فالشرط وعدمه سواء. ولهذا قال ما بال اقوام يشترطون شروط ليست في كتاب الله وهذا فيه دلالة انهم كانوا قد تبين لهم حكم ذلك قبل فعلهم. وان النبي عليه الصلاة والسلام بين هذا بقوله انما الولاء لمن اعتق. فجعل وجود الشرط قاعدة بخلاف من اشترط شرطا محرما وهو لا يعلم ساده وتحريمه. نعم الوجه الثالث ان معنى قوله اشترطي لهم الولاء اي اظهري لهم حكمه. وبيني عندهم سنته ان الولاء انما هو لمن اعتق ثم بعد هذا قام هو صلى الله عليه وسلم مبينا ذلك وموبخا على مخالفة ما تقدم منه فيه هذا جواب ثالث ان قوله اشترطي لهم الولاء يعني اظهري لهم الولاء ان يكون لك خذيها واشترطي لهم يعني قومي يا عائشة واظهري لهم واخبريهم. واعلميهم بان حكم الولاء ان يكون لك واشترطي يعني بيني لهم الشرط. كيف يكون صحيحا في الشريعة. فجعل ذلك بمعنى ان تخبرهم بحكم الولاء انه انما يكون للمعتق وبين ذلك انها سنة الاسلام وشريعته ان الولاء لمن اعتق. طيب اذا كان قد امرها ان تبين لماذا يصعد المنبر ويعلن ذلك على الملأ؟ الجواب لمزيد بيان لهم وللامة من ورائهم. فلما صعد المنبر عليه الصلاة والسلام قال ذلك للتأكيد على المعنى ويكون توبيخا لمن قد سبق عنده العلم به فخالفه. هذه ثلاثة اجوبة وبواحد منها يزول الاشكال. فايا كان الجواب وهي كلها محتملة. اما ان تقول اشترطي لهم يعني اشترطي عليهم. فاذا الولاء لها من البداية وقد اخبرتهم فكان فعلها وقوله صلى الله عليه وسلم سواء. واما ان يكون يشترط لهم الولاء يعني اشترطي يا عائشة او لا فالشروط الباطلة لا تلزم ولا تصح ولو اتفق عليها الطرفان في العقد. اشترطي او لا تشترطي. والجواب الثالث اشترطي لهم الولاء يعني اظهري لهم حكم الشرط وبينيه لهم ثم قامه عليه الصلاة والسلام وفعل ذلك على المنبر. فهذه اجابات ثلاث ان لم يكن الاول منها مقنعا فالثاني فالثالث لكنها متظافرة. على انها ليس فيها شيء من التكلف دفاعا عن بين عليه الصلاة والسلام بل هو الحق. وهذه لغة العرب وهذا شأنهم وهذه اساليبهم. ثم تأمل معي رعاك الله. لو كان في هذه الحادثة شيء من القدح او الخطأ الذي يمكن ان ينسب الى رسول الله عليه الصلاة والسلام وحاشاه بابي وامه وصلى الله عليه وسلم. اتظن ان المنافقين في المدينة وان اليهود كانوا يتركون تلك المواقف ولا يجعلونها فرية لهم يلوكونها بالسنتهم؟ لا والله لكنها على انها وجه صحيح ليس فيها منقصة. تنسب الى رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو المعنى الذي اراد العلماء بيانه بشرح ذلك في كتب حديث لتزول الشبهات والاشكالات والله اعلم. احسن الله اليكم. فان قيل فما معنى فعل يوسف عليه السلام باخيه اذ جعل السقاية في رحله واخذه واخذه باسم سرقتها. وما جرى على اخوته في ذلك. وقوله تعالى انكم لسارقون ولم يسرقوا. قصة يوسف عليه السلام واخيه بنيامين. هذا موقف ختم به المصنف رحمه الله هذا الفصل وان كان السياق في شأن نبي الله يوسف عليه السلام لا في شأن نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم. لكن القاعدة واحدة وهي عصمة الانبياء عليهم السلام من الافعال التي يمكن ان تكون موصوفة بغدر او خيانة او ما لا يليق بالمرور كل ذلك لا ينسب بحال الى الانبياء والرسل الكرام عليهم السلام. لكن عندما نقرر هذا قاعدة واصلا فلا تقوله لمجرد عاطفة لاننا نحب الانبياء عليهم السلام ونوقرهم فقط. لا هو عاطفة وايمان وعلم. فمن العلم ان نفهم الاشكال وان نجيب عنه بعلم. فمن الاشكال الذي يمكن ان يكون موهوما في قصة يوسف عليه السلام. لما اصبح متوليا خزائن مصر عليه السلام بعد قصة السجن وخروجه منه جاء اخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون ثم جعل السقاية في رحل اخيه وقد اخبره اني انا اخوك. فلا تبتأس بما كانوا يعملون. فاذا تعرف عليه واخبره وباقي اخوته ما عرفوه ولامر اراده الله حتى يكون في تدبير قصة يوسف عليه السلام من ربه عز وجل الحكمة البالغة فلما قال له اني انا اخوك عرفه فطمأنه. ثم بين له الحيلة التي سيعمد اليها يوسف عليه السلام ليستبقي بنيامين عنده لتكون ذلك ايضا ليكون مدخلا لان يعود يوسف عليه السلام بابويه يعقوب عليه السلام وامه. فلما جهزهم بجهازهم وقد جاءوا يطلبون الطعام والمساعدة والميرة جعل السقاية في رحل اخيه صواع الملك. يعني خبأه في متاع اخيه ثم اذن مؤذن ايتها العير انكم لسارقون. يعني يا اهل القافلة وجدنا فيكم سرقة. قالوا تالله قد علمتم ما جئنا لنفسد في الارض وما كنا سارقين. فلما اتهموهم بالسرقة وجاؤوا وبحثوا في المتاع والاوعية فبدأ باوعيتهم قبل وعاء اخيه ثم استخرجها من وعاء اخيه نقال لهم هذا هو ونحن لا نريد وكانت الشريعة والعقوبة انذاك ان من يوجد المال المسروق عنده يؤخذ ليس المال السارق فلما وجد المتاع المسروق عند بنيامين استبقاه. فظاهر القصة اتهام يوسف عليه السلام لاخوته بالصدقة وهم ما سرقوا انكم لسارقون. هذه تهمة. ولم يكن هذا عن ظن منه بل يعلم بتدبير منه ومن عماله مثلا في القصر. ان جعلوا هذا المتاع في في ان جعلوا السقاية في متاع بنيامين ومن غير علمهم ثم فتشوه فوجدوه عنده فاستبقاه فلما وجد المتاع عند اخيه قالوا ان يسرق فقد سرق اخ له من قبل. فعادوا الى التعريض بشأن يوسف عليه السلام. على كل حال هذا موضع فما معنى فعل يوسف عليه السلام باخيه اذ جعل السقاية في رحله واخذه باسم سرقتها؟ وما جرى على في ذلك وقوله تعالى انكم لسارقون ولم يسرقوا. وها هنا يجيب المصنف ايضا عن هذا الموضع من قصة يوسف عليه السلام فاعلم اكرمك الله ان الاية تدل على ان فعل يوسف كان عن امر الله لقوله تعالى كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ اخاه في دين الملك الا ان يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم. فاذا كان كذلك فلا اعتراض به كان فيه ما فيه. هذا الايجاب الاجابة الاجمالية. الذي فعله يوسف عليه السلام ما كان اجتهادا بشريا كان وحيا الهيا. فاذا كان وحيا فهل لاحد منا اعتراض؟ الجواب لا. قضي الامر. امر اراده الله لما وكيف وما الحكمة؟ الله اعلم. سنفعل كما فعل اصحاب السفينة. لما خرقها الخضر ونفعل كما فعل والد الغلام لما قتله وهكذا الله اعلم حكمة ارادها الله طالما ثبت عندنا انه من تدبير الله وحيا ليوسف عليه السلام. والدليل على ذلك قول الله تعالى كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ اخاه في دين الملك الا ان يشاء الله. اذا هو وحي من الله عز وجل. فاذا كان ذلك فلا اعتراض به كان فيه ما فيه. سواء فهمنا او لم نفهم طالما ثبت عندنا وتيقنا انه من حكم الله وتدبيره فعليه السلام. وايضا فان يوسف كان اعلم اخاه كان اعلم اخاه باني انا اخوك فلا تبتأس فكان ما جرى عليه بعد هذا من وفقه ورغبته. وعلى يقين من عقبى الخير له به وازاحة السوء والمضرة عنه بذلك طيب اما ما يتعلق ببني امين فانه لم يكن في موقف خوف ولا ذعر ولا رعب ولا تهمة. لانه قد اخبره قال اني اخوك فلا تبتأس بما كانوا يعملون. فالذي حصل لم يكن فيه تهمة لبنيامين ولا تخويف. اذا هنا ايضا زال الاشكال وان نادى المنادي انكم لسارقون وبنيامين يعرف القصة وتدبيرها فلم تقع عليه تهمة. اذا ايظا هذا زال به الاشكال فكان ما جرى عليه بعد هذا من وفقه ورغبته يعني بموافقته وعلمه. وعلى يقين من عقبى الخير له وازاحة السوء عنه والمضرة بذلك واما قوله ايتها العير انكم لسارقون. فليس من كلام يوسف ولا من قوله فيلزم عليه جواب لحل شبهه ثم اذن مؤذن ايتها العير انكم لسارقون. قالوا واقبلوا عليهم ماذا تفقدون؟ قالوا نفقد صواع الملك الان اذا لم يكن يوسف عليه السلام هو الذي قال انكم لسارقون تقول كيف يقول يوسف عليه السلام كلام وهو يعرف انه غير صحيح له وما قال هذا الذي قاله مؤذن القوم الذين كانوا يبحثون المنادي الذين ذهبوا وبحثوا يطلبون السقاية المفقودة صواع فهو الذي قال انكم قال ليس من كلام يوسف ولا من قوله وبالتالي لا يلزم عليه جواب لحل شبهته. هم ظنوا ان مفقودة ومسروقة فلما وجدوها عند هؤلاء قالوا انكم لسارقون ولم يعلموا ما الذي كان من تدبير يوسف عليه السلام ولعل قائله ان حسن له التأويل كائنا من كان ظن على صورة الحال ذلك. يعني اخذ الامر على ظاهره ولم يعلم بما الذي حصل طلب من يوسف عليه السلام وقد قيل قال ذلك لفعلهم قبل ابو يوسف وبيعهم له وقيل غير هذا يعني هذا جواب ان يكون المنادي الذي قال اذن مؤذن ايتها العير انكم لسارقون. اذا كان يعلم ترتيب الامر من قبل نبي الله يوسف عليه السلام. وانه وضع السقاية في رحل اخيه فما وجه ان يأتي اليهم ويقول انكم لسارقون؟ وهو مبعوث نبي ولا يتصرف الا بشيء جائز شرعا. قال اذا ان تكون لا جوابات. الجواب لو انه لا يعلم ما الذي رتبه يوسف عليه السلام. فرأى الامر على ظاهره قال انكم لسارقون. والجواب الثاني ان يعلم ما الذي فعله يوسف عليه السلام ورتبه ودبره ومع ذلك قال انكم لسارقون يقصد ما فعلوه بيوسف عليه السلام لما القوه في البئر فجاءت السيارة فاخذوه الى مصر فباعوه فكأنهم كانوا بفعلتهم تلك سببا في بيع يوسف عليه السلام. فقال لهم ما قال اشارة وتعريضا بهم الى ما صنعوه بيوسف عليه السلام قبل ذلك وقد قيل قال ذلك لفعلهم قبل ابو يوسف وبيعهم له وقيل غير هذا. ولا يلزم ان ان يقول الانبياء ما لم يأت انهم قالوه حتى يطلب الخلاص منه ولا يلزم الاعتذار عن زلات غيرهم. هذه كالقاعدة لن نحتاج الى ان نحمل الانبياء عليهم السلام اجابات واقوالا ما قالوها لنبدي العذر. ونحن ايضا لا نحتاج الى طلب الخلاص مما لم يثبت فيه اشكال. ولا يلزم الاعتذار عن زلات غيرهم اذا كان الخطأ من غيرهم فهو خطأ بشري. انما كلامنا على عصمة الانبياء عليهم السلام عن ذلك صيانة لمقام من نبوة وتأكيدا لمعنى ما اراد الله تعالى به من بعثة الرسل ان يكونوا اسوة وقدوة لاممهم صلى الله وسلم عليهم جميعا. فصل في الحكمة في اجراء الامراض وشدتها عليه صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الانبياء. هذا اخر فصول هذا القسم الثالث من الكتاب. ما الحكمة في ان يبتلي الله عز وجل الانبياء عليهم السلام بالامراض وان عليهم ويعيشون في حياتهم اصنافا من البلاء. اليسوا معصومين؟ اذا كان الله عز وجل يصرف عنهم ويحفظهم من ان يقع منهم فعل لا يجوز نسبته اليهم. او يصدر عنهم قول او صنيع يمكن ان يكون اذا الله عز وجل حفظهم من الافعال التي تزري بمقامهم. فالسؤال فلماذا لم يحفظهم الله من الامر لماذا لم يعصمهم من الاسقام والادواء؟ ايوب عليه السلام مسه الضر. وهذا زكريا عليه السلام وكثير من الانبياء والرسل مرت بهم المصاعب والابتلاءات. فاذا كان الله عز وجل رد عنهم وحفظهم بالعصمة من اشياء كثيرة فلماذا لم يحفظهم من الامراض والاسقام؟ لماذا لم يدفع عنهم الاوبئة والادواء؟ هذا هو الفصل المخصص لبيان هذا المعنى وهو اتصلوا بمعنى العصمة فان قيل فما الحكمة في اجراء الامراض عليهم فان قيل فما الحكمة في اجراء الامراض وشدتها عليه وعلى جميع الانبياء عليهم السلام؟ وما الوجه فيما ابتلاهم الله به من البلاء وامتحانهم بما امتحنوا بما امتحنوا به كايوب ويعقوب ودانيال ويحيى وزكريا وعيسى وابراهيم ويوسف وغيره بهم صلوات الله عليهم وهم خيرته من خلقه واحباؤه واصفياؤه فاعلم وفقك الله ان افعال الله تعالى كلها عدل كلها. فاعلم وفقك الله ان افعال الله تعالى كلها لها عدل وكلماتها جميعا. وكلماته جميعها صدق لا مبدل لكلماته. يبتلي عباده كما قال تعالى لهم لننظر كيف تعملون وليبلوكم ايكم احسن عملا وليعلم الله الذين امنوا منكم ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو اخباركم. ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين اذا هذه حكم الهية كبرى. في شأن العباد كلهم. ومن بينهم الانبياء والرسل عليهم السلام ما هي؟ ان الحكمة لله يبتلي سبحانه وتعالى العباد. وهذه الدنيا خلقت على كدر. وجوب قيلت على عدم الصفاء والنقاء في هذه الدنيا لاحد. وبالتالي فما يكون فيها من نعيم لن يكون خالصا وما يكون فيها من رضا وسرور لا بد وان يكون مشوبا. فهكذا هم الانبياء والرسل عليهم السلام. كانوا في جملة البشر والله عز وجل قد اخبر بسنة الابتلاء التي ما سلم منها احد. ليبلوكم ايكم احسن عملا. وليعلم الله الذين امنوا منكم ويعلم الصابرين، ولندونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو اخباركم في نصوص كثيرة. اذا هذا جواب نعم قاعدة كبرى سنة من سنن الله. وقانون من قوانين العيش في هذه الحياة. الابتلاءات وهكذا جرت سنة الابتلاء ابتلاءات على الانبياء والرسل عليهم السلام فامتحانه عز وجل اياهم بضروب المحن زيادة في مكانتهم. ورفعة في درجاتهم واسباب لاستخراج حالات الصبر والرضا والشكر والتسليم والتوكل والتفويض والدعاء والتضرع منهم وتأكيد لبصائرهم في رحمة الممتحنين والشفقة على المبتلين. والمبتلين. والشفقة على المبتلين. وتذكرة لغير وموعظة لسواهم ليتأسوا في البلاء بهم. ويتسلوا في المحن. تسلوا. ويتسلوا في المحن بما ما جرى عليهم واقتدوا بهم في الصبر ومحو ومحو لهنات ومحو لهنات فرطت منهم او غفلات سلفت لهم ليلقوا ليلقوا الله تعالى طيبين مهذبين. وليكون اجره اجرهم اكمل وثوابه هم اوفر واجزل. اذا هذا هو الجواب الاول. وسيرد المصنف رحمه الله تعالى ثلاث حكم الهية. في امتحان ابتلاء الانبياء عليهم السلام. وهي والله يا قوم عبرة لنا نحن معشر البشر اتباع الانبياء والرسل عليهم السلام اذا كان صفوة الله من خلقه لم تصفو لهم حياة. فكيف نريدها ان تصفو لي ولك؟ اذا كان خيرة خلق الله الذين رفع الله قدرهم واعلى شأنهم واحبهم واصطفاهم واختارهم وفظلهم عاشوا حياتهم في صنوف من البلاء. هذا يقتل وهذا ينشر. وهذا يصاب بالمرض حتى يفقد ما له واهله وهذا يبتلى بالعقم حتى يبلغ من الكبر عتيا ما من صنف من بلاء يعيشه البشر الا وقد ابتلي به بعض الانبياء والرسل عليهم السلام حكمة من الله واعظم ما في ذلك والله ان تكون سلوى لي ولك فكلما اصابتك مصيبة احلت بك ضائقة او اعترتك في الحياة كربة. ارفع رأسك وسل ربك وتضرع اليه. فان انه قد ابتلى بمثل بلائك ممن احب من خلقه قبلك فيزيدك هذا سلوانا وصبرا ويعينك على تحمل البلاء وان تجتاز موجة الكربة تلك والمحنة التي تعيش بمزيد من التماسك والصبر والثبات. ولتقول في نفسك لا والله لست خيرا من نبي الله ايوب. ولست عند الله بافضل من ولست عند الله خيرا من فلان وفلان وعدد ما شئت من الانبياء والرسل عليهم السلام. اي والله لسنا خيرا منهم. فاذا كانوا هم هم خير منا قد ابتلوا بمثل ذلك. كان في ذلك من المعنى العظيم. ثم ماذا الذي وجدت في كتاب الله من اخبارهم في تلك المحن والابتلاء ما وجدت الا الصبر والتسليم ما وجدت الا الرضا عن الله ما وجدت الا المزيد من التضرع والاخبات الى الله. فسبحان الله يأتي البلاء على الصالح فيزيده البلاء صلاحا. يأتي البلاء على الصالح والمؤمن والتقي فيزيده البلاء وصلاحا وتقوا وايمانا. يزيد انكسارا لربه ويشعر في غمرة الابتلاء بمتعة التقرب ولذة المناجاة. فيزيده ذلك الابتلاء انكسارا من فضل الله فتجد اهل البلاء اوفر الناس حظا مثلا بالمناجاة في السحر. وكثرة الدعاء والذكر الذي لا يتفتر منه السنتهم وسؤال الله عز وجل على كل حال والله ينعمون ينعمون بألوان من القرب والمناجاة والمتعة في التعبد ايجدوها اهل الرخاء ولا يستمتعون بمثل ما استمتعوا به. فهذه من اعظم حكم الله عز وجل. وصدق القائل ويكأن عطاء لا يأتي الا على طبق من البلاء. وكم في محن تلك الابتلاءات من عطايا عجيبة عجيبة جدا والله. وجل بل كل مواطن الابتلاءات التي تمر بالعباد اذا صدقوا في صبرهم وايمانهم واحتسبوا. ثم تضرعوا الى الله والله لن جلي البلاء بمجرد انكشاف بل يزول بنعم وعطايا عظيمة. فلا يخلف البلاء الا منحة عظيمة وعطاء الهيا مدهشا. فيأتي البلاء مقدمة بكثير من الخير الذي يساق للعبد. وهكذا شأن والرسل زيادة في مكانتهم ورفعة في درجاتهم واستخراجا لحالات الصبر والرضا منهم والشكر والتسليم والتأكيد لبصائر ثم انهم يقفون بتلك المواقف في الابتلاء على رحمة من يبتلى من عباد الله واشفقة عليهم وتذكرة لغيرهم كما قال مصنف ليتأسى غيرهم في البلاء بهم. ويتسلوا في المحن بما جرى عليهم. ويقتدوا بهم في الصبر. ثم هو ايضا محو بالسيئات وتكفيره للذنوب وهل للانبياء والرسل عليهم السلام ذنوب وسيئات؟ هذا الذي تقرر فيما سبق من القسم الاول او الباب الاول من القسم الثالث من الكتاب وان اهل العلم فيه على قولين ومن اجاز وقوع الصغائر بتلك الضوابط فهي زلات وهنات وهي مغتفرة والله عز وجل قد ابدله خيرا منها فكانت تلك المواقف ايضا رفعة لاقدارهم لما حصل مما قد حصل من بعضهم ليلقوا الله الله طيبين مهذبين واجرهم اكمل وثوابهم اجزل قال حدثنا القاضي ابو علي الحافظ قال حدثنا ابو الحسين الصيرفي وابو الفضل بن خيرون قالا حدثنا ابو يعلى البغدادي قال حدثنا ابو علي السنجي قال حدثنا محمد بن محبوب قال حدثنا ابو عيسى الترمذي قال الترمذي صاحب السنن المصنف رحمه الله يسوق الحديث بسنده اليه قال حدثنا ابو عيسى الترمذي قال حدثنا قتيبة قال حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن مصعب ابن سعد عن ابيه قال قلت يا رسول الله اي الناس اشد بلاء؟ قال الانبياء ثم الامثل فالامثل. يبتدى الرجل على حسب دينه فما يبرح البلاء فما يبرح البلاء بالعبد حتى يترك حتى يتركه يمشي على الارض وما عليه خطيئة الحديث في الترمذي وابن ماجة وصححه الحاكم وغيره. والحديث من اعظم النصوص الشرعية التي تنزل بالسكينة والرضا والصبر والاحتساب على قلوب اهل البلاء. اصبر عبد الله مهما نزلت بك المصائب وتعددت بك الابتلاءات وتقلب بك امواج المحن في الحياة اصبر فالحياة قصيرة ومركبها صغير ويوما ما ستغادره فان صبرت السنة والسنتين والعشرين سنة بل والمئة سنة من عمرك ان عمرت الى المئة فهي والله لحظة في يوم كان مقداره خمسين الف سنة في الوقوف فقط قبل بدء الحساب هي لحظة هي غمضة عين. فان صبرت واحتسبت فهنيئا لك. هذا الحديث من اعظم ما ينزل السكينة والانشراح وينفس الهم عن اصحاب القلوب المكروبة. يقول الانبياء اشد الناس بلاء من يا رسول الله؟ قال الانبياء سبحان الله يشتد البلاء بالانبياء. نعم. وهذا يبدد لك فهما مغلوطا ان الابتلاء من الله ما تكون الا عقوبة للعبد فاذا فهمت هذا اذا ستكون في هذا الفهم مغلوطا اذا كان الانبياء اشد الناس ابتلاء هل هم لانهم اشد الناس ذنوبا واكثرهم خطيئة؟ الجواب لا. اذا يأتي البلاء عقوبة ويأتي البلاء مثوبة. ويأتي البلاء رفعة للدرجة وربما كان البلاء من الله بالعبد امارة على حب الله تعالى له كما سيأتيك بعد قليل. واصطفاء الله قال اشد الناس بلاء الانبياء. ثم الامثل فالامثل. يعني الافضل فالافضل في الاقوام وفي الامم بعد الانبياء يتبعونهم في شدة البلاء. قال يبتلى الرجل على حسب دينه. يعني ان كان في دينه شدة وصلابة اشتد ايه البلاء وان كان في دينه رقة ورخاوة خف عليه البلاء. ليس معنى هذا ان يطلب العبد البلاء ويسأله الله لا. لكن معناه ان تصبر فكلما اشتد البلاء قال لنفسه هذا من عظيم فضل الله عز وجل. قال يبتلى الرجل على حسب دينه فما ايبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الارض وما عليه خطيئة. فيصلي المؤمن نفسه بمثل تلك النصوص ليزداد رضا عن ربه فاذا ازداد رضا عن ربه ما وجد الشيطان عليه سبيلا. فان كان ابتلاءه في ضيق رزق او كان ابتلاؤه في قلة ولد وكان ابتلاؤه في هم وغم او كان ابتلاؤه في مرض او كان ابتلاؤه في اي وجه من وجوه الحياة فاعلم رعاك الله انها من من الحكم التي تجري على العباد لحكمة ارادها الله عز وجل. فهذا يزيد المؤمن صبرا مع النصوص الاتية الان في هذا الباب ما قال تعالى وكأي من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما كانوا الله يحب الصابرين. وما كان قولهم الا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. فاتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الاخرة والله يحب المحسنين نص بان عظيم المثوبة والكرامة عند الله يأتي عقب الابتلاءات. وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لي ما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا قاتلوا اذا القتال وجهاد وقتل. قال والله يحب الصابرين ثم قال بعد ذلك بعد صبرهم وثباتهم فاتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الاخرة. نعم. وعن ابي هريرة رضي عنه ما يزال البلاء بالمؤمن في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة. والحديث ايضا مما اخرج الترمذي مرفوعا وصححه وصححه الحاكم ايضا وابن حبان. ما يزال البلاء بالمؤمن في نفسه وولده وماله يأتيه تارة في نفسه بمرض وعطالة عن العمل وضيق في الرزق او يأتيه في اهله او في ماله او في ولده. قال حتى يلقى الله وما عليه خطيئة فرج عن نفسك عبد الله اذا ابتليت باي صنف من اصناف البلاء فرج عن نفسك بمثل هذه الاحاديث ما يزال البلاء بالمؤمن. فاذا هي سنة الله الماضية الذي لا ينجو منه احد وحتى الانبياء والرسل عليهم السلام كانوا ممن كتب الله عليهم بعض اصناف الابتلاءات. وعن انس عنه عليه السلام اذا اراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا. واذا اراد الله بعبده الشر امسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة وفي حديث اخر اذا احب الله عبدا ابتلاه حتى اذا احب الله عبدا ابتلاه ليسمع الرعاة والله احيانا تمر بك نصوص الابتلاءات. فيبلغ بك الامر ان تتمنى ان يزداد بك البلاء ولو جاء اهل القيامة يوم القيامة فرأوا اصحاب البلاء وما كتب لهم من عظيم الاجر والثواب لتمنوا ان يكونوا في الدنيا قد بالمقاريض لعظيم ما يرون من عظيم ثواب الله وعطائه لاهل الابتلاء الصابرين. المحتسبين الذين ما جزعوا ولا خف ايمانهم ولا طاشت عقولهم ما زادهم البلاء الا استكانة وتضرعا. اشتد البلاء فيزدادون لربهم سؤالا تدوا المحن والمصائب فيزيدهم لربهم تقربا وانكسارا. هكذا المؤمن عبد الله هكذا هو الايمان. يزيدك في الابتلاء قربا من الله وانت تعلم انه ما ابتلاك الا لانه احبك. وما حرمك الا ليعطيك. فتزداد بذلك رضا عن ربك عز وجل. حتى قال بعض السلف ما سألت الله مسألة فاعطاني الا فرحت مرة. اذا سألت الله مسألة فردني وما اعطاني قال فرحت مرتين. قيل لم؟ قال لان انه لو اعطاني قد وافق مرادي واذا حرمني فقد علمت انه يريد شيئا لي انا لا اعرفه. فازداد رضا عن ربي فانظر كيف يتعاملون حتى مع مواقف الحرمان في الدعاء تطلب من الله شيئا ولا يعطيك. لعلمه سبحانه ان منعك خير لك من اعطائك. وان حرمانك مما سألت افضل لدنياك واخرتك مما لو اعطاك ما سألت. هذا فقه هذا ايمان هذا من معرفة العبد بربه سبحانه وتعالى يقول اذا اراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا. واذا اراد الله بعبده الشر امسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة بالله عليك لو خيرت ماذا تختار والله لتختارن ان تنزل عليك العقوبات والابتلاءات لتصفي حسابك في الدنيا. فان الدنيا مهما اشتد بلاؤها قصير ومحتمل لكن من يحتمي العقاب الاخرة ومن له بذلك الكرب والهول العظيم؟ وهذه من الامارات والحديث اخرجه الترمذي وقال حسن غريب واخرجه ابو يعلى ايضا وصححه الالباني قال اذا اراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا. واذا اراد الله بعبده الشر امسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة. واما حديث اذا احب الله عبدا ابتلاه ليسمع تضرعه. فالحديث ضعيف اخرجه هناد في الزهد وابن في المجروحين وهو ضعيف جدا فيه يحيى بن عبيد الله سقط الاحتجاج به وكان ابن عيينة شديد الحمل عليه لكن معناه في لما تدل عليه باقي النصوص صحيح. اذا احب الله عبدا ابتلاه ليسمع التضرع. قال الله عز وجل فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا. اذا من حكم الابتلاءات ان يسمع الله من العباد تضرعهم. ولقد ارسلنا الى امم من قبلك. فاخذناهم بالبأساء والظراء لعلهم يتضرعون. هذا تعليم لعلهم يتضرعون. ثم جاء التأكيد فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا لكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون. اذا من حكم الابتلاءات ان يسمع الله تضرعك. ان يسمع مناجاتك ان يسمع انكسارك فبؤسا لعبد ينزل به البلاء فيفقد عطاء الدنيا ويحرم ثواب الاخرة عندما لا يحسن الوقوف على بالله عند مواقف الابتلاءات. عندما لا يحسن البكاء بين يدي الله اذا اشتد به البلاء. اسجد سجدة تحدث فيها بكل ما ما في خاطرك واخرج فيها كل ما في نفسك وربك اعلم بك ستشكو اليه ايش؟ الزوجة المال الولد الوظيفة المرض والله ربك اعلم بك. لكنه يحب ان يسمعك ويريد ان يسمعك ليعطيك وانت في سجودك ودعائك وبكائك وانكسارك انت تتقرب الى الله. بعبادة يحبها الله والافتقار والانكسار. وهكذا علمنا الانبياء عليهم السلام. في مواقف الابتلاءات كانوا من اشد الناس صبرا واحتسابا ورضا بما قدر الله فكانت تلك الابتلاءات تحمل حكما جليلة عظيمة. لكن لمن يفقه فقه الابتلاءات ولمن كيف يتعامل معها ومن ينظر اليها بمنظور الايمان وما ارادته الشريعة من المقاصد الجليلة في تلك المواقف التي لا يسلم وبها عبد من العباد فإذا مرت بك الابتلاءات وعلمت ان الله عز وجل يريد ان يعيدك اليه سؤالا ودعاء وتضرعا فجأة انه طالت بك الدنيا وانت في لهوها وصخبها واشغالها قد ابتعدت عن لذة المناجاة وطول في السجود والبكاء من خشية الله. فتليك تلك المواقف لتعود بك الى متعة الايمان. والى لذة المناجاة والى حلاوة البكاء كل بكاء يورث حرقة وخشية في القلب الا البكاء من خشية الله. يورث ارتياحا عجيبا وانشراحا في الصدر. كل انكسار من الم يوجع القلب ويؤلم الضمير الا الانكسار بين يدي الله فلا يزيدك الا قوة وثباتا وعزة نفس وشموخا بين يدي رب بك وخالقك وانت تأوي الى ركن شديد. تعلم ان ربك عز وجل الكبير المتعال القوي الرزاق العظيم مالك الملك ذو الجلال الاكرام تستحضر اسمائه الحسنى وصفاته العلى فما يزيدك والله الا رضا عن الله. واحيانا تمتد بك مواقف الابتلاءات لا تتقلب في انواع العبادات التي تستمتع بها. ذلا وانكسارا وبكاء وخشوعا وذكرا وقرآنا وتسبيحا وطوافا واعتمارا فتود انها كانت مواقف امتلأ بها قلبك من السرور على مدى الحياة. لكنها مواقف ومحطات في الحياة تعلمك انك عندما تبحث عن المتعة في الحياة فانها في القرب من الله. واذا ازعجتك الحياة وصخبها فان ان الهدوء في كل هذا الكوكب يكون في سجدة بين يدي الله. تعلمك مواقف الابتلاءات كيف تبحث عن نجاتك وعن انسك وراحة قلبك الله اكبر الله اكبر الله اكبر الله اكبر اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله لا اله الا الله وحكى السمرقندي ان كل من كان اكرم على الله تعالى كان بلاؤه اشد كي يتبين فظله ويستوجب الثواب كما روي عن لقمان انه قال يا بني الذهب والفضة يختبران بالنار والمؤمن يختبر بالبلاء. نعم هذه لقمان لابنه قال يا بني الذهب والفضة يختبران بالنار. يعني عندما يراد تخليص الذهب من وتصفية الفضة سبيكة او قالبا او خاتما وغيره. عندما يراد تخليص الذهب والفضة مما خالطه من الشوائب فانه يصهر. والصهر بالنار. فاذا كانت هذه المعادن النفيسة الغالية والجوارح الثمينة تصفى بالصهر بالنار. فكذلك القلوب النفيسة عند ربها تبتلى بهذه المواقف كالصهر بالنار لتلك المعادن. من اجل تخليصها من شوائبها. اي شوائب؟ ما اقترفته في حياتها من قصور وهو تفريط في جنب الله واهمال وغفلات وزلات وغدرات وفجرات مر به في صباهه وفي شبابه وفي طيشه فيريد الله عز وجل ان يلقاه راضيا عنه فتصيبه تلك الابتلاءات والمحن. فمن نظر الى الابتلاءات بتلك العين والله ازداد عن ربه رضا. لانه يعلم ان الله عز وجل يريد ان يصفيه للقائه. قال رحمه الله حكى السمرقندي ان كل من كان اكرم على الله تعالى كان بلاؤه اشد كي يتبين فضله. وقد سبق في الحديث قبل قليل فيما اخرج الترمذي وابن ماجه وابن حبان وغيرهم لما سئل عليه الصلاة والسلام اي الناس اشد بلاء؟ قال الانبياء ثم الامثل فالامثل فهذا اصل شرعي كبير يفيد ان الابتلاء على قدر منزلة العبد كي يتبين فظله ويستوجب الثواب. نقف وللفصل تتمة نأتي عليها ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى وهذا المجلس امتداد لمجالس سبقت ويتبعها ما يكتب الله لنا من اتمامها بعونه وفضله سبحانه وتعالى. ايها الكرام اما وقد استفتحتم ليلتكم بصلاة عطرة على نبيكم صلى الله عليه وسلم في مجلس كان فيه الحديث عن حقوقه وعصمته صلى الله عليه وسلم فاديموا هذا الفضل عليكم من ربكم بمزيد من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم في هذه ليلة المباركة فخير ما يملأ به المرء صحيفته من القول ذكر الله. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يا اكمل الخلق من بدو ومن حظر ويا خير من جاء للدنيا وما فيها صلت عليك قلوب انت تسكنها وسلم الناس قاصيها ودانيها. فيا رب صلي وسلم عليه اكرم صلاة وازكى سلام يا ذا الجلال والاكرام. واجعلنا الهي بالصلاة والسلام عليه من خيرة عبادك الصالحين. وحزبك المفلحين واوليائك المتقين. واجعلنا يا رب بالصلاة والسلام عليه من اكمل امته حبا له عليه الصلاة والسلام. واستنانا بسنته وثباتا على هديه ونهجه. وحشرا في زمرته وفوزا بشفاعته يوم نلقاك يا حي يا قيوم. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وارحمهم كما ربونا صغارا. واجمعنا بهم وازواجنا اتنا في جناتك جنات النعيم واجعل لنا الهي ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا والمسلم دائما يعتز باسلامه وايمانه واتباعه للقرآن والسنة واعتزازه بسنة لله صلى الله عليه قال مجاهد لا يتعلم العلم مستحيل ولا مستكبر. ان طلب العلم عمل صالح عظيم الأجر كثير الثواب. قال صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه ما سهل الله له به طريقا الى الجنة