بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى. واشهد ان سيدنا ونبينا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله امام الهدى وسيد الورى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته في كل وقت وحين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد امة الاسلام ايها الاخوة الكرام فما زال مجلسنا هذا المبارك المنعقد في رحاب بيت الله الحرام لمدارسة كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم للامام القاضي عياض ابن موسى محسوبي رحمة الله تعالى عليه. وما زلنا في اواخر القسم الثالث من الكتاب وهو الفصل الذي اجاب به المصنف رحمه الله عن الحكمة من ابتلاء الله جل جلاله وتقدست اسماؤه لانبيائه الكرام عليهم السلام بالامراض بلايا والادواء والاسقام. وهو ذو صلة بحديثه رحمه الله تعالى عن العصمة. وها نحن نواصل هذا المجلس تباعا لما لعلنا ننجز هذا الفصل وبتمامه يتم القسم الثالث من الكتاب. ولم يزل مجلسكم هذا ايها المباركون عامرا كثرة ذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. تستمطرون بها صلوات ربكم عليكم من فوق سبع سماوات وكلما صلى مسلم على نبيه صلى الله عليه وسلم فانه يأمل ذلك الموعود الكريم من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا فاغترف يا مؤمن ما شئت من صلاة ربك عليك بصلاتك على نبيك صلى الله عليه وسلم. هذا القصيد وهذه الاشعار تسمو بحبك ايها المختار. صلى عليك الله يا بدر الدجى ما سالت الوديان والانهار فاللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا وحبيبنا واسوتنا محمد وعلى ال بيته وصحابته اجمعين بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا لشيخنا ولوالديه وللسامعين. قال المصنف رحمه الله وقد حكي ان ابتلاء يعقوب بيوسف كان سببه التفاته في صلاته اليه ويوسف نائم محبة له. وقف بنا الحديث ليلة الجمعة الماضية. في ذكر اول الحكم التي تبدو من اجراء الامراض وشدتها على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اخوته الانبياء عليهم السلام ذلك ان السؤال يرد كالتالي اوليس الله قد عصم انبياؤه عليهم السلام من الذنوب والمعاصي اوليس قد عصمهم ربهم سبحانه وتعالى من ما يسيء الى مقام النبوة؟ اوليس قد عصمهم سبحانه وتعالى من الخطأ والزلل في تبليغ الرسالة؟ الجواب بلى فاذا كان الله سبحانه القادر على عصمتهم عليهم السلام من كل ما يسيء الى مقام النبوة. فلما لا يعصبهم من الامراض والاسقام والادواء لانها الام ومواجع لما لم يكتب لهم العصمة وهو قادر سبحانه وتعالى فكان الجواب ان هنا جل حكم الله جل جلاله التي يتأملها اهل العلم. ومن ذلك ما تقدم ليلة الجمعة الماضية لما قال المصنف رحمه الله فامتحانه عز وجل اياهم بضروب المحن زيادة في مكانتهم ورفعة في درجاتهم واسباب لاستخراج حالات الصبر والرضا والشكر والتسليم والتوكل والتفويض والدعاء والتضرع منهم قال وتأكيد لبصائرهم في رحمة الممتحنين والشفقة على المبتلين. ثم قال وهذه تذكرة لي ولكل مؤمن ومؤمنة الى يوم القيامة. قال وتذكرة لغيرهم وموعظة لسواهم ليتأسوا في البلاء بهم ويتسلوا في المحن بما جرى عليهم ويقتدوا بهم في الصبر. هذا الذي يقال فيه لكل مؤمن يدب على وجه الارض طالما انت عبد تعيش في هذه الحياة فلا مفر لك من الابتلاء بوجه من الوجوه عبد الله. ايا كان الابتلاء سواء كان في بدنك وعافيتك او في رزقك ومعاشك او في زوجتك واهل بيتك او في اولادك وذريتك او في سمعتك وجاهك او في وظيفتك وعملك. كل ذلك وارد. لاننا نعيش في دار الدنيا وهي من اسمها دنيا هي دنيئة. ثم هي محط الابتلاء. التي لم تخلق الا على الكدر فكيف ترجو فيها صفو والحياة وانما جعل الله صفو الحياة ونعيمها في الدار الاخرة. فحيثما حل بك عبد الله وجه من وجوه البلاء لك اسوة في الرسل الكرام والانبياء عليهم السلام عامة. وفي نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم خاصة انظر لا تقل لا لكن مصيبتي كذا وبلواي كذا وكربتي ليس لها مثيل. ابدا والله ان كان محط الابتلاء في سمعتك وجاهك وتسلط عليك السفهاء والاوغاد. فتقولوا عليك الاقاويل وافتروا عليك الفرى فلست والله باعظم مصابا من رسول الله عليه الصلاة والسلام. اوما تأملت ينشأ عفيفا كريما عليه الصلاة والسلام قبل النبوة في مكة فيعيش اربعين سنة على حسن الجاه والسمعة والذكر الطيب والمدح والثناء ولا يعرف الا بالصادق الامين. فلما قال لهم انا رسول الله واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا قالوا ساحر. وكذاب شاعر ومجنون ايرمى بتلك الافتراءات والتهم كذبا وزورا. وقد بدا الشيب في عارض الانسان في مثل ذلك العمر وبلغ الاشد. ثم ويبتلى بمثل ذلك لا تظن الامر سهلا. خصوصا لذوي المروءات والاقدار العالية ومن عرفوا بحسن الذكر. وطيب الثناء اي بين اقوامهم في المجتمع فانها والله اشد الما من الضرب والطعن والاستيلاء على الاموال وهتك الحرمات عرض الانسان الكريم النبيل الشريف ذي المروءة والقدر اثمن عنده من كل شيء. ومع ذلك لم يسلم عليه الصلاة والسلام من اذى البدن فتسلطوا عليه واذوه وارادوا مد اليد عليه بالقتل والعدوان وتمالؤوا على ذلك وان قلبت النظر في سائر اصناف البلاء وجدتها في حياة الانبياء عليهم السلام. هي والله في واحدة من اجل وجوه الحكم ان يتسع صدرك عبد الله لدنيا البلاء هذه ثم تعتظد بركن شديد تأوي فيه الى الاقتداء بالانبياء عليهم السلام وتجد ان لك سندا كبيرا في القدوة بهم والائتساء بهم عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. فيزيدك هذا صبرا وثباتا ان كان ابتلاء احدنا بمرض وسقم وداء الم به وازداد به كربه وضاقت به حياته اين انت من ابتلاء الانبياء عليهم والسلام قلب النظر في كل نبي من انبياء الله الكرام عليهم السلام قصة واكثر من قصص الابتلاء. بلا استثناء ايوب عليه السلام كم عانى من الضر والمرض والسقم وفقد الاهل والحياة الطيبة حتى عوفي عليه السلام. ويونس عليه السلام يرمى في البحر فيلتقمه الحوت وهو مليم في نادي في جوف الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. وزكريا عليه السلام ينتظر الولد حتى يبلغ من الكبر عتيا فيناشد ربه رب هب لي من لدنك ذرية طيبة انك سميع الدعاء. وهكذا في كل اصناف حياء وفي كل وجه من وجوهها ومحطاتها مواقف ابتلاءات للانبياء الكرام عليهم السلام. كانت تلك اولى الحكم واجل واعظمها اثرا في حياتنا امة الاسلام الاقتداء بالانبياء الكرام عليهم السلام والتسلح والتدرع بالصبر والاحتساب وحسن الظن بالله وان يفوظ المرء امره كله الى ربه وخالقه ومولاه. وساق المصنف رحمه الله جملة من النصوص في الدلالة على هذا المعنى مثل حديث ابي هريرة رضي الله عنه عند الترمذي والحاكم ما يزال البلاء بالمؤمن في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة وفي الحديث الاخر عن انس رضي الله عنه اذا اراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا. واذا اراد الله بعبده الشرا امسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة. بالله لو خيرت عبد الله وانا وانت وكلنا ذو وخطأ وتقصير وتفريط وحقوق لله عز وجل علينا لو خير احدنا بين ان يحاسب في دنياه هذه على ظلمه وذنبه وتقصيره وخطأه ومعصيته او ان يعيش معافى ويؤجل له الحساب يوم القيامة. بالله ما الذي يفضله العاقل؟ لا شك والله سيفظل ان تعجل عقوبته في الدنيا ليس رغبة في العقوبة حاشا. التعويل والامل على عفو اكرم الاكرمين سبحانه وتعالى لكن ان كان ولابد من العقاب فعقوبة الدنيا اهون والله الف مرة. بل لا مقارنة ماذا عساه ان يجد المؤمن المبتلى بمرض يطيح به في الفراش يوما ويومين وشهرا وشهرين وسنين عددا ماذا يسوى هذا؟ في مقابل عقوبة اخروية نارها سعير وشرابها حميم. وموقفها مقداره خمسين الف سنة ما يسوى شيئا والله فعندئذ يتبصر المؤمن وما يزال دائما في انظار اهل الايمان هذا الحديث الجليل الذي اخرجه الترمذي والبيهقي والطبراني في الاوسط وحسنه الالباني رحم الله الجميع. يقول النبي صلى الله عليه وسلم يود اهل العافية يوم القيامة حين يعطى اهل البلاء الثواب لو ان جلودهم كانت قرضت بالمقاريض يتمنى انه وجد في الدنيا اشد انواع الابتلاء وصبر واحتسب لعظيم ما يغبطون عليه اهل البلاء في الموقف يوم القيامة من عظيم الجزاء والثواب مرة اخرى ليس تمنيا للبلاء. من عوفي فليحمد الله وليس طلبا له ابدا لا يفعل هذا عاقل. لكنه ان نزل بساحته البلاء تسلح له بالصبر والاحتساب والرضا عن الله جل جلاله. لان الذي خلقك اعلم بك هذه واحدة فلا تقل كان ذلك خيرا لي الذي خلقك اعلم بما يصلحك ولان الذي خلقك ارحم بك وهذه الثانية. فلا تظن انه حين يحل بك البلاء يريد ان يعذبك. ويريد ان تسلط عليك ذلك النوع من البلاء ليشقيك؟ لا والله المؤمن ما يزال حسن الظن بربه سبحانه وتعالى. فاذا نزل به البلاء احسن الظن بربه وحمده ورضي عما كتب الله تعالى له والله الذي خلق الخليقة ما نزل بلاء بعبد فصبر له واحتسب واحسن الظن بربه وعول على كريم خالقه ومدبر امره الا كان عاقبة ذلك البلاء خيرا والله خيرا عظيما في عاجل امره ودنياه قبل اخرته يوم يلقى الله لا بلاء الا ويعقبه خير عظيم وعطاء كريم من رب رحيم سبحانه وتعالى. بهذا القيد يا كرام الصبر لاحتساب وحسن الظن بالله والرضا عما كتب الله عز وجل فنعم العبد عبد ابتلي فصبر وحمد الله فما قام ولا ولا دخل ولا خرج الا قال لك الحمد يا رب. لانه لا يزال ينظر في جوف البلاء الذي يبتلى به فيرى شيئا عظيما من نعم الله تعالى لا تزال حوله تحيط به. فلا يحصي لها شكرا ولا يحيط لها قدرا فما يزال حامدا شاكرا ويعجب الناس من حوله ايحمد الله وهو فقد كذا وحل به كذا ونزل به كذا وهو ممتلئ الصدر ابعد عن ربه وخالقه فوسع صدرك عبد الله لما حل بك من البلاء وارضى بما قسم الله واحسن الظن بخالقك وابشر والله ان عاقبة الصبر هذا خير عظيم عظيم. لاهل الايمان. وقد صدق رسول الله عليه الصلاة والسلام حين قال عجبا لامر المؤمن ان امره كله له خير. وليس ذلك الا لمؤمن ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له. وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له. ففي كلا الحالين هو يلتمس الخير من ربه سبحانه وتعالى. قال المصنف رحمه الله تتمة لحديثه فيما سبق وهو يذكر بعض ما يروى في الاخبار وينقله اهل السير من شأن قصص الانبياء عليهم السلام في الابتلاء وان وراء ابتلاء بعضهم كان شيء من الذنوب او الاخطاء التي كان ذلك عقوبة عليها. نعم وقد حكي وقد حكي ان ابتلاء عقوبة بيوسف كان سببه التفاته في صلاته اليه ويوسف نائم محبة له وقيل بل اجتمع يوما هو وابنه يوسف على اكل حمل مشوي. وهما يضحكان على اكل حمل وقيل بل اجتمع يوما هو وابنه يوسف على اكل حمل مشوي وهما يضحكان. وكان لهم جار يتيم فشم ريحه اشتهاه وبكى وبكت جدة له عجوز لبكائه. وبينهما جدار ولا علم عند ايوب وابنه. عند ولا علم عند يعقوب وابنه فعوقب فعوقب يعقوب بالبكاء اسفا على يوسف الى ان سالت حدقتاه وابيضت دعيناه من الحزن فلما علم بذلك كان بقية حياته لا يرد سائلا. ويأمر مناديا ينادي على سطحه الا من كان مفطرا فليتغدى عند عند ال يعقوب. وعوقب يوسف بالمحنة التي نص الله عليها. وكل ذلك لا يثبت له سند ولا تصح به رواية. لكنه يذكره المؤرخون والاخباريون وليس ذلك مما يعول عليه. بل شأن مقام الانبياء عليهم السلام اجل من ذلك واعظم وروي عن الليث ان سبب بلاء ايوب انه دخل مع اهل مع اهل قريته على ملكهم. فكلموه في ظلمه واغلظوا له الا ايوب فانه رفق به مخافة على زرعه فعاقبه الله تعالى ببلائه ومحنة سليمان لما ذكرناه من نيته في كون الحق في جهة اصهاره او للعمل بالمعصية في داره ولا علم عنده هذه ايضا كالتي سبقت يقال هكذا ويروى بروايات لا زمام لها ولا خطام ولا سند ولا معرفة لمن نقلها. واخبار الانبياء السلام في الامم السابقة مما يروى في الاسرائيليات يعني مما يرويه اهل الكتاب. واهل الكتاب ليس لهم ثقة فيما وقد كذبوا على الله وعلى رسل الله عليهم السلام. بل انهم حرفوا فيما حرفوا فيما بين ايديهم من كتب السماوية من التوراة والانجيل وزادوا في ذلك مما فيه مطعن على بعض الانبياء عليهم السلام عاملهم الله بما فليس ذلك مما يعول عليه لكن المصنف رحمه الله ساقه في آآ في في سياق ما يذكر ها هنا او يروى بهذا الشأن عن الانبياء والاولى طي الصفحة عن ذلك ورفعة مقام الانبياء عليهم السلام عن مثل هذه فهد وهذه فائدة شدة المرظ والوجع بالنبي صلى الله عليه وسلم. قالت عائشة ما رأيت الوجع على احد اشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن عبد الله رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه يوعك وعكا فقلت انك لتوعك وعكا شديدا. قال اجل اني اوعك كما يوعك رجلان منكم. قلت ذلك ان لك الاجر مرتين؟ قال اجل ذلك كذلك. الحديث في الصحيحين. حديث عبد الله بن مسعود قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه يوعك وعكا شديدا وشدة الوعك يعني شدة الالم او شدة الحمى التي يجدها الناس من حوله وفي بيتنا اذا مرض المريض واصابته الحمى وجدت حرارة جسده اذا وضعت يدك على رأسه مثلا او على شيء من جسده ومتى تعرف ان الحمى شديدة؟ اذا وجدت اثر الحمى من وراء الثوب. فاذا وضعت يدك على ملابسه فوجدت اثر الحمى فهي قد تجاوزت بحرارتها جلده فنفدت الى الثوب ثم تجاوزت حرارتها حرارتها الثوب فوجدتها بيدك. فتعلم انها في اشد ما يكون ومع ذلك يقول ابن مسعود رضي الله عنه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه يوعك وعكا شديدا فاشفق عليه عبد الله فسأل قال يا رسول الله انك لتوعك وعكا شديدا. قال اجل اني اوعك كما يوعك رجلان منكم انا لو قلت لك ماذا لو رأيت انسانا جمعت فيه عافية رجلين؟ ستقول اي قوة هذه والنبي عليه الصلاة والسلام يجتمع فيه الم ووعك الرجلين اذا اصيبا. قال اني اوعك كما يوعك رجلان منكم فقال ابن مسعود لفقهه رضي الله عنه ذلك ان لك الاجر مرتين قال اجل ذلك كذلك هذا الذي سأل عنه ابن مسعود رضي الله عنه هو الذي نقلته ايضا عائشة رضي الله عنها وحديثها ايضا في الصحيحين. قالت ما رأيت الوجع على احد اشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فقلب كتب الروايات وانظر فيما حكي وروي ونقل وحفظ عنه صلى الله عليه وسلم مع شدة المرض والالم الذي يجد في اسقامه امراضه فهل تجد فيها تذمرا او تسخطا او تأوها او توجعا؟ ما فيها الا الصبر والاحتساب وحمد الله جل جلاله هذا الذي نستلهمه من مواقف الانبياء وموقف نبينا صلى الله عليه وسلم خاصة وفي حديث ابي سعيد ان رجلا وضع يده على النبي صلى الله عليه وسلم فقال والله ما اطيق اضع يدي عليك من شدة حماك فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان معشر الانبياء يضاعف لنا البلاء ان كان النبي ليبتلى بالقمل حتى يقتله. وان كان النبي ليبتلى بالفقر وان كانوا ليفرحون بالبلاء كما تفرحون بالرخاء. الحديث اخرجه ابو يعلى في مسنده وابن ماجة في سننه وصححه الحاكم. قال ان معشر الانبياء يضاعف لنا البلاء. ان كان النبي ليبتلى بالقمل حتى يقتله. وان كان النبي ليبتلى بالفقر وان كان ليفرحون بالبلاء كما تفرحون بالرخاء اه وقد تقدم ايضا في مجلس ليلة الجمعة الماضية قول النبي صلى الله عليه وسلم اشد الناس بلاء الانبياء ثم والامثل فالامثل فهذا ايضا يتفق مع ما سبق من الروايات في هذا الباب وعن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم ان عظم الجزاء ان عظم الجزاء ما عظم البلاء. وان الله اذا احب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط. الحديث اخرجه الترمذي وابن ماجة وغيرهم والحديث حسن يقول النبي عليه الصلاة والسلام ان عظم الجزاء مع عظم البلاء. هذه واحدة من المعاني التي تفوت كثيرا للاسف علينا في مواقف الابتلاء. خصوصا اذا كان الابتلاء مرضا لان المرض متعب وينهك البدن ويهد الجسد فيجزع صاحبه خصوصا اذا طال به المرض. فكيف اذا كان المرض مما يصعب علاجه اذا كان المرض مما لا يعرف له علاج ويقدر على صاحبه ان يعيش به حتى الممات. هذه واحدة والله يا اخوة من اشد المواقف التي يفقد فيها اهل الايمان معالم الايمان في تلك المواقف. اسمع رعاك الله. يقول النبي المصطفى الموحى اليه من ربه عز وجل الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يقول ان عظم الجزاء مع عظم وان الله اذا احب قوما ابتلاهم بالله عليك كلما حلت بك بلوى استشعرت هذا ان الله لمحبته اياك ابتلاك وانك متى صبرت واحتسبت ورضيت عن ربك فانت هكذا تتمثل موقف المحب مع المحبوب سبحانه وتعالى لانك تحبه فترضى عما يكتب ويقدر عليك. وانت مع ذلك تلتمس الفرج وتحسن الظن بربك وتلتزم التضرع والانكسار الدعاء هذا موقف عظيم قل من يتفطن له في مواقف الابتلاء. لاننا ضعاف. وتنكسر نفوسنا في مواقف الابتلاء. ونضعف عن التحمل فنلتبس المخرج والفرج ونطرق الابواب ونلتمس النجاة وننتظر بشدة بفارغ الصبر متى يحل متى ينتهي هذا البلاء الذي بنا لكن لا ينبغي ان يحملنا ذلك على نسيان هذه الاصول العظيمة. اما وقد حل البلاء اما وقد حل فعامله بما يعامله المؤمن في فقهه مع الابتلاء ليس يفرح به اذا حل ولكن يتهيأ له بما يصلح البلاء لمثله هل شعرت انك من بين ال بيتك لما خصصت بهذا المرض النادر من بينهم ان الله عز وجل خصك بفضل من بينهم يقول ان عظم الجزاء مع عظم البلاء فاذا نظرت الى مصيبتك وبلواك فرأيتها كبيرة فانظر في مقابل ذلك عند صبرك واحتسابك الى ان الجزاء والثواب ايضا سيكون كبيرا وعظيما بعظم البلاء الذي حل بك وهذا موقف يعز ان تراه في النفوس المبتلاة في مواقف المحن والابتلاءات لضعف النفوس اولا وانكسارها فاتت الشريعة الله بمثل هذه النصوص لتثبت قلوب اهل الايمان في مواقف الابتلاءات. قال فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط البلاء قد نزل فاما ان تعامله برضا ليرضى الله عنك. واما ان تأخذ الوجه الاخر بتسخط وتذمر وتشك وانزعاج فتقوم وتقعد شاكيا باكيا لا راضيا ولا حامدا. فلن تنال والعياذ بالله الا سخطا في مقابل السخط الذي عشته ولن يحرم المؤمن من فضل ربه اذا هو رضي عما كتب الله تعالى له الله اليكم وقد قال المفسرون في قوله تعالى من يعمل سوء يجزى به ان المسلم يجزى بمصائب بالدنيا فتكون له كفارة وروي هذا عن عائشة وابي بكر ومجاهد. رحم الله جارا لنا توفي قبل سنتين رحمة الله عليه وكان ملازما للمسجد لا يفارق الصف الاول ففقدناه مرة وطال فقده فسألنا اولاده قالوا هو مريض في المستشفى ولما خرج بعد شهر وزيادة وعاد الى المسجد اذا هو على عربة قد بترت احدى ساقيه وقد كان مصابا بالسكري اجاركم الله فاتيناه نعزيه بعد اول فرد شهده فسلم عليه اهل المسجد ويصبرونه ويلقون عليه من النصوص والاحاديث والصبر والاحتساب تدرون ماذا قال قال والله اني راض عن الله بل اني احمده واشعر انه يحبني اكثر منكم واختارني من بينكم لهذا الابتلاء شيء عجيب والله يا اخوة من يتشبع بهذه المواقف يختلف تماما ويعيش في في ذروة المحنة وفي جوف الابتلاء رضا نفسيا عجيبا وانشراح صدر لان البلاء قد نزل فما الفائدة ان يجمع العبد مع الابتلاء الذي يؤلمه ان يجمع معه تسخطا يزيده الما؟ لا هذا لا يزيده الا نكدا وضيق صدر لكن ان اخذ بمقتضى النصوص ورضي عن ربه وصبر واحتسب انفرجت اساريره وتبدل همه سرورا وسعة وانشراح صدر. وهو فضل الله يؤتيه من يشاء لكن الشريعة فتحت الابواب ابواب ودلت العبادة على ذلك. قال رحمه الله في قوله تعالى من يعمل سوءا يجزى به مما قاله بعض اهل العلم ان المسلم يجزى بمصائب الدنيا فتكون له كفارة. هذا مروي عن بعض السلف كعائشة وابي بكر رضي الله عنهما ومجاهد رحمه الله تعالى وقال ابو هريرة عنه عليه السلام من يرد الله به خيرا يصب منه وقال في رواية عائشة ما من مصيبة تصيب المسلم الا يكفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها وقال في رواية ابي سعيد ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا اذى ولا غم حتى الشوكة الا كفر الله بها من خطاياه. وفي حديث ابن مسعود ما من مسلم يصيبه اذى الا الا احات الله عنه خطاياه كما تحات ورق كما تحات ورق الشجر. هذه جملة من الاحاديث فيها المعنى الكبير والعطاء الكريم من الله. ان لك بكل ابتلاء ومصيبة وهم وغم حتى الشوكة لك بها ثواب موعود عند اكرم الاكرمين. ترفع درجة او تحط عنك الخطايا. او تخفف عنك السيئات. يقول من الله به خيرا يصب منه. تدري ما معنى يصب منه؟ يعني يبتليه بالمصائب التي تصيبه يعني لا تفرح اذا وجدت انسانا من حولك يعيش حياة هانئة مستقرة مدى الحياة لا يعاني مما يعاني منه الناس او لا تقص نفسك بمثله فتقول فلان لا يجد مثل ما نجد في دنياه في بيته في سياراته في اولاده في عافيته في وظيفته قال من يرد الله به خيرا يصب منه. ما الخير؟ الخير ان يخفف عنك الحساب يوم القيامة. الخير ان تلقى الله عز وجل وما عليك خطيئة كما قال عليه الصلاة والسلام. قال في الحديث الاخر ما من مصيبة تصيب المسلم الا يكفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها ما ما الذي بقي اقل من الشوكة؟ الشوكة التي يكون لها وخز في الجلد يعني تشعر به الما يسيرا جدا لا تبالي بمثله حتى هذا لا يفوت اجرك عند الله عز وجل فيه فكيف بما هو اعظم؟ وفي حديث ابي سعيد وقد عدد اصناف وانواعه ما يصيب المؤمن من نصب تعب يعني ولا وصب والهم قيل تعب البدن والتعب الجسمي. او النفسي. قال ولا هم ولا حزن ولا اذى ولا غم. ارأيت كيف عدد ابتلاءات القلب ومصاعب النفس الهم والحزن والاذى الذي لا يسلم منه احد في هذه الحياة. واقله خلافات الرجل مع اهل بيته زوجته واخوته واولاده. واقله مواقف يتعرض لها في الشارع وفي الطريق من هذا وذاك واقلها جرح يصيب قدمه والم وصداع يمسك برأسه ونحو ذلك كل هذا داخل ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا اذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها الا كفر الله بها من خطاياه الا رحم الله عبدا كلما حل به شيء من الالام والاسقام والمصائب والهموم رضي عن ربه انها تطهير من السيئات وكفارة من الذنوب والخطيئات فيرضى عن الله عز وجل ووالله لا يزيده ذلك في ايمانه الا ثقلا وفي في طريقه الى الله عز وجل والدار الاخرة الا نشاطا واستباقا ومسارعة في الخيرات. في حديث ابن مسعود رضي الله عنه الذي اخرجه الشيخان في الصحيحين ما من مسلم يصيبه اذى الا حاد الله عنه خطاياه كما تحات ورق الشجر ارأيت الشجر ذا الورق اليابس المصفر الذي يتساقط ورقه بادنى هز ريح لاغصانه هكذا تتساقط الذنوب عن العبد بما يصاب به من الاذى كرما من الله عز وجل وحكمة اخرى اودعها الله في الامراض لاجسامهم وتعاقب الاوجاع عليها وشدتها عند مماتهم. هذه حكمة بعدما تم كلام المصنف رحمه الله عن الاولى. نعم. لتضعف لتضعف قوى نفوسهم. فيسهل فيسهل خروجها عند قبضهم وتخف عليهم مؤنة النزع وشدة السكرات بتقدم المرض. ويضعف ويضعف الجسم والنفس كذلك. يقول هذه حكمة اخرى تعاقب الامراض هي مما يسهل على الموت خروج على المسلم خروج روحه عند الممات وتعلمون ان اشد الالم هو نزع الروح عند خروجها. نسأل الله العافية فوجود الامراض المتقدمة على ساعة الوفاة تهيئة للنفس وتخفيف لنزع الموت وسكراته ولما اصاب النبي عليه الصلاة والسلام ما اصابه من كرب الموت وسكراته وغشيهما غشيه قال لا اله الا الله ان للموت سكرات ففائدة الاسقام وهذه من الحكم الالهية وتعاقب الاوجاع قال تضعف قوى النفوس فيسهل خروج الارواح عند قبضها وتخف مؤنة النزع وشدة السكرات. نعم وهذا خلاف موت الفجاءة واخذه كما يشاهد من اختلاف احوال الموتى في الشدة واللين والصعوبة والسهولة وقد قال عليه السلام مثل المؤمن مثل خامة الزرع تفيؤها الريح هكذا وهكذا وفي رواية ابي هريرة عنه من حيث اتتها الريح تكفئها. فاذا سكنت اعتدلت من حيث اتتها الريح تكفأها. من حيث اتتها الريح تكفأها فاذا سكنت اعتدلت وكذلك المؤمن يكفأ بالبلاء. ومثل الكافر كمثل الارزة صماء معتدلة معتدلة حتى يقسمها الله. ارأيت هذا التشبيه مثل المؤمن ومثل الكافر قال مثل المؤمن مثل خامة الزرع. خامة الزرع يعني الغظ الطري الخفيف مثل خامة الزرع تفيضها الريح هكذا وهكذا فادنى نسمة هوى تحرك هذا الزرع الاخضر الغض الطري اللين الرطب تحركه يمنة ويسرة قال اتتها الريح من حيث اتتها الريح تكفأها يعني تجعلها منكفئة فاذا سكنت الريح اعتدلت خامة الزرع اذا هي رطبة لينة فادنى ريح تحركها هكذا مثل المؤمن تأتيه الامراض والاسقام فتحركه يمنة ويسرة بل ربما تكفؤه كمثل الريح اذا اشتدت بهذا النبت فتكفأه يعني تجعل اعلاه اسفله فاذا هدأت العاصفة ووقف الهواء عادت فاعتدلت. هكذا هو المؤمن في شدة الامراظ والاسقام وربما يلازم الفراش او في شدة الضيق والفقر والهم والدين ربما يظيق صدره وينعزل لكن اذا سكنت رياح الابتلاء اعتدلت نفسه قال وكذلك المؤمن يكفأ بالبلاء ومثل الكافر كمثل الارزة حبة الارز صماء معتدلا هذه حبة الارز لو كبرت حجمها فانها صلبة ولا يحركها شيء ولا يثنيها شيء قال صماء معتدلا حتى يقسمها الله يعني ليس له في دنياه شيء يحركه يمنة ويسرة او بلاء يخفف عنه ما اصاب من ذنوب لان ذنبه اعظم من ان تخفف بابتلاءات الدنيا الكفر بالله جل جلاله تلك القلوب القاسية وامثلة الكافر بالارزة تلك لا تلينها الا نيران جهنم عياذا بالله فذلك كان عقابها في الاخرة. وللمصنف رحمه الله شرح لطيف لمعنى هذا الحديث في وجه الشبه معناه ان المؤمن مرزق مصاب بالبلاء والامراض راض بتصريفه من اقدار الله تعالى منطاع لذلك الجانب برضاه برضاه وقلة سخطه كطاعة خامة الزرع وانقيادها للرياح وتمايلها لهبوبها من حيث ما اتتها. فاذا ازاح الله عن المؤمن رياح البلايا واعتدل صحيحا كما اعتدلت قامة الزرع عند سكون الجو رجع الى شكر ربه ومعرفة نعمته عليه برفع بلائه منتظرا رحمته وثوابه عليه فاذا كان بهذه السبيل لم يصعب عليه مرض الموت ولا نزوله ولا اشتدت عليه سكراته ونزعه. اعادته بما تقدم من الالام ومعرفة ما له فيها من الاجر. وتوطينه نفسه على المصائب ورقتها وضعفها بتوالي مرض او شدته وهذا حقيقة ومشاهد فان العبد اذا تتابعت عليه الامراض وكان ممن يكثر به الاسقام والادواء فانه يألف حالة الابتلاء تلك فيتصبر له ويستعين بالله لا اقول يعتاد لكن حقيقة يبدأ يألف تلك الحال. فاذا شم ريح العافية اياما او اسابيع. وكان الغالب عليه المرض والسقم والابتلاء يألف ذلك فاذا حلت به سكرات الموت كان جسمه قد اعتاد كثيرا تلك المواقف الصعبة والالام والمصاعب والاسقام فخف عليه نزع الروح عند خروجها وسكرات الموت اذا حلت به. وهذا لطف من الله عز وجل لانه كالذي الف ذلك وتمرن عليه واعتاده فخف عليه وقعه. وهذه واحدة من الحكم الجليلة التي يكتبها الله عز وجل بمعاني الابتلاءات التي تصيب اهل الايمان. يرجع الى شكر ربه يعرف حقه ويعترف بفضله. كمثل قامت الزرع تفيؤها الريح هكذا وهكذا. من حيث اتتها الريح تكفأها فاذا سكنت اعتدلت والكافر بخلاف هذا معافا في غالب حاله ممتع بصحة جسمه كالارزة الصماء. حتى اذا اراد الله هلاكه قصمه لحينه على غرة على غرة قصمه حتى اذا اراد الله هلاكه قصمه لحين على غرة يعني على غفلة وبغتة. لما قال في الحديث وكذلك المؤمن يكفأ بالبلاء ومثل الكافر كمثل الارزة قيل هي حبة الارز التي تكون صلبة يابسة لا يحركها شيء. وقيل بل هو الشجر شجر الارزن قيل هو شجرة الصماء او الصنوبر الشجر الذي يضرب به المثل في الصلابة والشدة والقسوة ليس كخامة الزرع الرطبة اللينة. وبالتالي فاذا اتتها الرياح ما حركت فيها شيئا كأنها جبال صماء. يقول المصنف رحمه الله الكافر معافا في غالب حاله. ممتع بصحة جسمه كالارزة الصماء حتى اذا اراد الله هلاكه قصمه لحينه على غرة نعم حتى اذا اراد الله هلاكه قصمه لحينه على غرة واخذه بغتة من غير لطف ولا رفق فكان موت اشد عليه حسرة ومقاساة نزعه مع قوة نفسه وصحة جسمه اشد الما وعذابا. ولعذاب الاخرة اشق كنج عاف الارزة وكما قال تعالى. فاخذناهم بغتة وهم لا يشعرون كالجعاف الارزع كاقتلاعها فانها اشد واصعب وتحتاج الى قوة. لان عامة حياته قضاها في عافية بدن وسلامة وصحة فجسمه لم يعتد على الامراض والاسقام التي تضعف قواه. فاذا جاء وقت خروج الروح وهو حق لا مفر منه وجد لذلك من الالم شدة اضعاف ما يجده المبتلى بالاسقام والامراض والذي اعتاد الام الاوجاع تلك واسقامها. لكن المثل الذي ضربه النبي عليه الصلاة والسلام هو لتسرية اهل الايمان بان هذا معنى يجده المؤمن في جوف الابتلاء وكذلك عادة الله تعالى في اعدائه كما قال تعالى فكلا اخذنا بذنبه فمنهم من ارسلنا عليه حاصبا ومنهم من اخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الارض ومنهم من اغرقنا ففجأ من اغرقنا ومنهم من اغرقنا ففجأ جميعهم بالموت على حال عتو وغفلة وصبحهم به على غير استعداد بغتة. ولهذا ما كره سلف موت الفجأة ومنه في حديث ابراهيم كانوا يكرهون اخذة كأخذة الاسف اي الغضب. يريد موت الفجأة نعم هكذا الذي ذكر ها هنا هو في توجيه لمعنى من الحكم وهي ما يصيب المؤمن من الابتلاء اسوة بالانبياء عليهم السلام فان فيها حكمة اضعاف قوى الجسد وفي ذلك من تخفيف الموت وسكراته ونزع الروح ما تقدم بيانه وحكمة ثالثة ان الامراض نذير الممات وبقدر شدتها شدة الخوف من نزول الموت فيستعد من اصابته وعلم تعاهدها له للقاء ربه. ويعرض عن ويعرض عن دار الدنيا الكثيرة الانكاد حكمة ثالثة ختم بها المصنف رحمه الله جوابه في هذا الفصل ان من حكم ابتلاء الانبياء عليهم السلام بالامراض والاسقام. وهي حكمة تتجلى في ابتلاء الانبياء وغيرهم من سائر بشر المرض نذير الموت وعلامته وبقدر شدة المرض تشعر النفس بدنو الاجل. اليس كذلك فاذا هي نذير وما الذي سيصيب المسلم من شعور اذا شعر بدنو اجله المؤمن اذا شعر بدنو الاجل سارع الى اصلاح حاله وسداد ما فات من امره وترتيب ما بعد موته ولذلك تشعر ان بعض من يقرب اجله يستشعر شيئا من دنو الرحيل فيعجب اهل بيته في ترتيب اموره وقضاء دينه وانفاذ وصيته ويشعرون كأنما اوحي اليه بشيء. فدلو الاجل واستشعاره صاحب غالبا شدة المرض ولزومه بصاحبه فاذا شعر ذلك كان خيرا له وهذه حكمة جليلة. بخلاف موت الفجأة. الذي يصيب العبد على حين غرة وهو بعد ما تهيأ ولا استقبل امره ولا رتب لشيء مما يحتاج اليه. ككل امور البغتة والفجأة في الحياة. ماذا لو حل بك سفرنا عاجل خرجت الان من صلاة العشاء ووجدت ترتيبا عاجلا وطارئا لسفر لم تكن متهيئا له. كيف ستمضي تمظي باقل ما تيسر ولن تمز ولن تكون مستعدا لذلك السر بخلاف من رتب قبل ذلك بايام. فانه قد اعد العدة لكل شيء حتى التفاصيل الدقيقة ما نسيها ووضع في حقيبته كل ما يحتاج وما يظن انه سيحتاج وتجاوز الضروريات الى الكماليات. هكذا هو الرحيل عن الدنيا ايضا من شعر به استعد له وواحدة من رسائل الاستعداد للموت تعاقب الامراض وشدتها واستمرارها باصحابها. يقول الامراظ نذير مات وبقدر شدتها يكون شدة الخوف من نزول الموت فيستعد من اصابته وعلم تعاهده له للقاء ربه ويعرض عن هذه الدار الدنيا الكثيرة الانكاد. نعم وحكمة ثالثة ان الامراض نذير الممات وبقدر شدتها شدة الخوف من نزول الممات. فيستعد من اصابته وعلم تعاهده للقاء ربه ويعرض عن ويعرض عن دار الدنيا الكثيرة الانكاد. ويكون قلبه معلقا بالميعاد. فيتنصل من كل ما ينصل فيتنصل من كل ما يخشى تباعته من قبل الله وقبل العباد. ويؤدي الحقوق الى اهلها وينظر وينظر فيما يحتاج اليه. ينظر وينظر فيما يحتاج اليه من وصية فيمن يخلفه في من يخلفه او امره وهذا مشاهد ملموس ايضا ونعيشه في واقعنا والناس من حولنا وهذا نبينا عليه السلام المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قد قد طلب التنصل في مرضه ممن كان له عليه مال او حق في بدن. واقاد من نفسه وماله وامكن من القصاص منه على ما ورد في حديث الفضل وحديث بالوفاة حديث الفضل ابن عباس رضي الله عنهما طويل. وفيه ان النبي عليه الصلاة والسلام لما حانت الوفاة دعا ممن كان له عليه حق في مال او بدن ان يأخذ حقه وان يقتص منه صلى الله عليه وسلم. الحديث اخرجه ابو يعلى في مسنده والطبراني وفي جميل او كبيره والاوسط لكنه ضعيف ضعفه اهل العلم فلا يصح عنه صلى الله عليه وسلم. اما حديث الوفاء الذي قد تقدم بمجلس سابق ففيه ان النبي عليه الصلاة والسلام اوصى امته في مرض مماته. اوصاهم باكثر من شيء. اوصاهم بالتمسك بكتاب الله وباهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والعناية بهم ومعرفة حقهم وحفظ مكانتهم. اوصاهم بالانصار الذين بذلوا انفسهم واموالهم ومهجهم فداء ونصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان ايضا في حديث الوفاء ما تقدم قبل مجلسين لما دعا بكتاب يكتب فاختلف الصحابة من حوله فامر بالانفظاظ عنه ولم يكتب ما اراد صلى الله عليه وسلم. كل هذا شواهد على ان المرض نذير الموت. وانه يستعد به صاحبه لما يظن انه فيفارق فيه من دنياه الى لقاء ربه عز وجل. نعم وحديث الوفاة وحديث الوفاة. واوصى بالثقلين بعده ثقل واوصى بالثقلين بعده كتاب الله وعترته. وبالانصار عيبته ثقلين يعني الامرين الثقيلين ثقل وزنهما وشدة آآ مكانتهما في الشريعة. كتاب الله وهو لا شك ثقل عظيم وميزان متين لا لا يستغني عنه اهل الاسلام واهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام ايضا لهم حق ثقيل اعظاما لهم واكراما لرسول الله عليه الصلاة سلام تعظيما لشأنهم واكراما لمقامهم اكراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبالانصار عيبته العيب يعني الخاصة. وموضع السر والامانة والخصوصية التي يكون للرجل مع هؤلاء. يعني واصل العيبة في الكلام عند العرب الوعاء او المكان الذي يحفظ فيه الانسان الشيء النفيس من ماله يسمى عيبة. فاذا قيل عن الانصار انهم عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا هم هم هم محفظة الشيء العزيز في عليه الصلاة والسلام وهم مكمن الشيء النفيس. ولا شك ان الانصار رضي الله عنهم جميعا حازوا من رسول الله عليه الصلاة محبة العظيمة حسبكم الحديث يوم فتح مكة لما قسم المغانم مغانم حنين واعطى الناس واعطى حتى المؤلفة قلوبهم ومن اسلم حديثا وقسم في المهاجرين والمسلمين حديثا ولم يعطي الانصار شيئا فتحدثوا فيما بينهم انهم ما وجدوا نصيبهم من قسمة الغنائم. فجمعهم النبي عليه الصلاة والسلام وعدد عليهم فضل الله عليهم ومن وهم كلما قال لهم شيئا وهو يسألهم يا معشر الانصار. الم اجدكم ضلالا فهداكم الله بي وعالة فاغناكم الله بي ومتفرقين فالفكم الله بي كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله امن. حتى بكوا رضي الله عنهم ولمست اثقالهم صدورهم واذعنوا بين يديه صلى الله عليه وسلم خجلا وادبا وحياء فقال لهم المقالة التي اصبحت مفخرة الانصار ومنقبتهم الى يوم القيامة يا معشر الانصار الا ترضون ان يرجع الناس بالشاة والبعير؟ وترجعون برسول الله الى دياركم اللهم صلي وسلم ودعا الى كتب كتاب لئلا تضل لئلا تضل امته بعده امته. ودعا الى كتب كتاب لئلا تظل امته بعده اما في النص على الخلافة او الله اعلم بمراده. ثم رأى الامساك عنه افضل وخيرا وهكذا سيرة عباد الله المؤمنين واوليائه المتقين. وهكذا سيرة عباد الله المؤمنين واولياءه المتقين يعني في ان يصيب احدهم ربما مماته من لطف الله تعالى به ما يستعد به للقاء ربه فاذا حالت ساعة الوفاة وجدته موفقا بتوفيق الله عز وجل يسارع في ابراء الذمة واداء الحقوق والحرص على الوصية بما يريد الوصية به فهذه من حكم الله جل جلاله في الامراض اذا تتابعت واستمرت باصحابها ومتى استشعرها العبد في هذه المواقف انشرح صدره وسر خاطره. وهانت عليه المصائب بالوانها بل ما وجد في جوفها بذلك البلاء الا رضا عجيبا وانسا وانشراح صدر عن ربه وخالقه ومولاه تبارك وتعالى وهذا كله يحرمه يحرمه الكافر غالبا وهذا كله يحرمه غالبا الكفار لاملاء الله لهم. الكفار وهذا كله يحرمه الكفار وهذا كله يحرمه غالبا الكفار لاملاء الله لهم ليزدادوا اثما لاملاء الله ولهم يعني ليملي الله تعالى لهم يعني يمهلهم ويضع الفرصة لهم من غير تهيؤ ولا استعداد لاملاء الله لهم ليزدادوا اثما وليستدرجهم من حيث لا يعلمون. كما قال الله تعالى ما ينظرون الا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا الى اهلهم يرجعون ولذلك قال عليه السلام في رجل مات ولهذا ولذلك قال عليه السلام في رجل مات فجأة سبحان الله كأنه على غضب المحروم من حرم وصيته وقال موت الفجأة راحة للمؤمن واخذة اسف للكافر او الفاجر حتى لا يظن ان موت الفجأة او موت الفجأة دائما يكون مشؤوما او مذموما فانه يختلف حاله باختلاف صاحبه قال الموت او موت الفجأة راحة للمؤمن واخذة اسف للكافر او الفاجر. والحديث اخرجه احمد والبيهقي وقال الحافظ ابن حجر له شواهد فالمقصود انه لا يحكم على كل من مات فجأة خصوصا من كان جالسا بين اهله واصحابه فخرجت روحه من بينهم او نام فما استيقظ وفجع به اهله او خرج ولم يعد في حادث او صدام ونحو ذلك نسأل الله العافية. حتى لا يكون هذا محمولا دوما على تشاؤم والمحمل على سوء ظن لن يكون هذا كذلك. الاعمال بميزانها عند الله عز وجل والخاتمة يكتبها الله بتفاوت وكثيرا ما يظن الناس ان الخاتمة الحسنة ان تكون على هيئة معينة. الخاتمة الحسنة ان تلقى الله عز وجل وقد سعيت في ان ترضي ربك جل جلاله قال في رجل مات فجأة سبحان الله كأنه على غضب المحروم من حرم وصيته والحديث ظعفه السيوطي والمنذري وغيرهما والمقصود انه لا يحكم دوما على موت الفجأة بانه مشؤوم ومذئوم بل نقول ان من تهيأ للموت بامراض وابتلاءات احاطت به كان اوفر حظا. وكان اكثر عونا له على تدبير امره والاستعداد للقاء ربه والا فالمؤمن الحق مستعد للقاء ربه في اي وقت يسدد ويقارب ويجتهد ويجاهد يفرط اليوم ويستغفر ويخطئ ويعود ويذنب ويتوب وهكذا يجاهد نفسه حتى يلقى الله عز وجل ليس معصوما ولكن اخذا بمحمل الجد في امره كله يرجو ان يلقى الله على خير حال وذلك لان الموت يأتي المؤمن وهو غالبا مستعد له. منتظر لحلوله. فهان امره عليه كيفما جاء. وافضى الى راحته من نصب الدنيا واذاها كما قال عليه السلام مستريح ومستراح منه. يعني في الموت يقول صلى الله عليه وسلم الحديث في الصحيحين من رواية ابي قتادة رضي الله عنه مستريح ومستراح منه ما يموت ميت الا اما ان يكون مستريحا او مستراحا منها فكن عند موتك عبد الله مستريحا ولا تكن الاخر اجارك الله. اما المستراح منه فالكافر والفاجر والمنافق الذي يستريح اهله بموته نسأل الله العافية وتستريح الدنيا بفراقه. لكن المؤمن مستريح بموته. لانه قد فارق دار النكد والهم والبلاء الى جوار اكرم الاكرمين وانتقل الى رحمة ربه وهو ينتظر ما عند الله في الدار الاخرة اعظم وابقى وتأتي الكافرة والفاجر منيته على غير استعداد ولا اهبة ولا مقدمات منذرة مزعجة بل تأتيه ان بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون. فكان الموت اشد شيء عليه. وفراق الدنيا افظع امر صدمه افظع وفراق الدنيا افظع امر صدمه واكره شيء له والى هذا المعنى اشار عليه السلام قوله من احب لقاء الله احب الله لقاءه. ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. الحديث الاخير اخرجه الشيخان من حديث عبادة ابن الصامت وعائشة وابي هريرة وابي موسى الاشعري رضي الله عنهم جميعا. وهو من اعظم الاحاديث التي يحسن بالعبد المؤمن ان يجعلها نصب عينيه على الدوام. لانها المحطة الاتية لا محالة. الموت باب وكل الناس داخله وكأس وكل الناس شاربه. كل ابن انثى. وان طالت سلامته يوما على الة حدباء محمول. فان كان الموت اتيا لا محالة. فالمطلوب ان يتبصر المؤمن بهذا الطريق بتلك النهاية ولابد ان يكون حسن النظر لها متبصر عواقب بشأنها. والنبي صلى الله عليه وسلم اعطانا المعلم الكبير العظيم في ذلك الباب نعم الله اكبر الله اكبر اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله اكبر لا اله الا الله اللهم صلي على محمد ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد فاشار النبي صلى الله عليه واله وسلم الى هذا الاصل العظيم الذي ينصبه المؤمن امام عينيه ينظر اليه كل حين ليستعد للحظة التي لا مفر منها وللباب الذي سيدخل منه لا محالة. وللكأس الذي يطلب منه دون شك او ريب الموت المنتظر الحق والوعد الذي لا يتخلف عنه انس ولا جان. يقول من احب لقاء الله اه احب الله لقاءه فكيف لك عبد الله ان تستديم محبة الله حتى تلك اللحظة لن تصل الى هذا المكان العلي والى هذا القدر الرفيع الا اذا احسنت سيرتك في الحياة. فانظر ما الذي يرضي عنك الله الطاعات والواجبات واجتناب المكاره والمساخط وما لا يرضي الله عز وجل اداء الحقوق والتقرب الى الله بما تعلم انه سبحانه وتعالى احبه واحب اهله. انظر في شأنك عندئذ ستورث محبة الله في قلبك. اكثر من ذكر الله واجعل ذكره على لسانك اكثر شيء. فاذا اكثرت من ذكره احببته واذا تأملت في عظيم صنعه احببته. واذا تأملت في عظيم لطفه بك وتدبيره لامرك احببته. واذا نظرت في شأنك كله مع ربك احببته. من احب لقاء الله احب الله لقاءه. ويقابل ذلك المرجئون والعصاة والفجرة والكفرة ومن لا يحب لقاء الله وهو منغمس في دنياه اعراضا وصدودا عن الله جل جلاله فذاك الابعد كاره للقاء الله فيقابل بمثل ذلك نسأل الله السلامة كره الله لقاءه هذا حديث ختم به المصنف رحمه الله تعالى هذا الفصل وبه تم القسم الثالث من الكتاب لنشرع في ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله في القسم الرابع وهو اخر اقسام الكتاب الاربعة تشكو بانك من همومك تمرض وبان جفنك ساهر لا يغمض ادم الصلاة على النبي ترى بها كل الكروب تزول عنك وتنقض. يكفيك من شرف الصلاة مثوبة. ان الصلاة على حبيبك تعرض صلوا عليه ففي الصلاة سكينة كل النعيم امامها لا ينهض. صلى عليك الله ما استهدى امرؤ بهداك واستغنى الغوي المبغض استكثروا ليلتكم وجمعتكم غدا من صلاتكم وسلامكم على حبيب القلوب وانسها. وبهجة الارواح وسعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم واجعلوا في جوف ذلك ذكرا عظيما لربكم وخالقكم تستلهمون به محبة ربكم جل جلاله. فنعم المرء من ذكر الله واستكثر من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونسألك يا رب علما نافعا وعملا صالحا ورزقا واسعة وشفاء من كل داء يا ذا الجلال والاكرام. ربنا هيئ لنا من امرنا رشدا. واختم لنا امورنا بخير واجعل عواقب امورنا الى خير يا رحمن ويا رحيم وتوفنا يا ربي وانت راض عنا يا اكرم الاكرمين. اللهم احينا مسلمين وامتنا مسلمين. والحقنا لحين يا ذا الجلال والاكرام اجعل لنا يا ربي ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا رحمن يا رحيم ربنا اغفر لنا ولوالدينا وارحمهم كما ربونا صغارا. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا وحبيبنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين والمسلم دائما يعتز باسلامه وايمانه واتباعه للقرآن والسنة واعتزازه بسنة رسول الله صلى الله عليه قال مجاهد لا يتعلم العلم مستحيل ولا مستكبر. ان العلم عمل صالح عظيم الاجر كثير الثواب. قال صلى الله عليه وسلم من طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة