بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا وعلمنا الحكمة والقرآن نحمده سبحانه وتعالى نعينه ونستغفره ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله صحبه وسلم تسليما كثيرا وبعد اخوة الاسلام في كل مكان فمن رحاب بيت الله الحرام انعقدوا هذا المجلس المبارك المتتابع في ليلة كل جمعة لمدارسة كتاب الشفا لتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم للامام ابي الفضل القاضي عياض بني موسى ليحصوا بي رحمة الله تعالى عليه وما جلسنا مجلسنا هذا في مكاننا هذا وفي ليلتنا هذه الا استنفارا للبركة طلبا للرحمة وطرقا لابواب الخير والفضل كيف لا والبيت بيت الله. والليلة ليلة الجمعة والمجلس عاطر للصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهي ليلة يستكثر فيها الصالحون والمحبون لنبيهم صلى الله عليه وسلم يستكثرون من صلاتهم وسلامهم عليه. يعلمون ان الله يرزقهم بكل صلاة منهم على نبيهم عشر صلوات عليهم من ربهم تبارك وتعالى. صلى الاله ومن يحف بعرشه والطيبون على مبارك احمد فما حملت من ناقة فوق رحلها ابرا واوفى ذمة من محمد صلى الله عليه وسلم ولا طلعت شمس النهار على امرئ تقي نقي كالنبي محمد ولا لاحت الجوزاء شرقا ومغربا باطيب من طيب النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم وهذا المجلس في صلته بما مضى من المجالس في القسم الرابع من الكتاب وحديث المصنف رحمه الله عن حكم التعدي على مقام النبوة. سبا وشتما واستهزاء وسخريا تصريحا كان ذاك او تعريضا ولما انتهينا في الفصل الماضي من ذكر الادلة التي ساقها المصنف رحمه الله على كفر من تعدى فسب رسول الله صلى الله عليه سلم او تعرض له باذى وانتقاص تصريحا كان او تعريضا انتقل رحمه الله الى الفصل الذي نبتدئه في مجلس الليلة وهو يتناول ربط هذا الاصل العظيم الذي تقرر في مجلسين ماضيين بما ثبت ايضا في السنة من عفوه وصفحه عليه الصلاة والسلام عن جملة ممن تعدى واذى وكان منه ايضا التطاول على مقام النبوة من اجل ان تلتئم الادلة وان يتضح الاصل الشرعي الكبير في هذا الباب ويزول وهم التناقض او الاستشكال بين الادلة الشرعية وكلها حوادث ثابتة في سيرة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم ذلك انما سبق قول المصنف رحمه الله تعالى وذكر له الادلة في قتل كعب بن الاشرف وابي رافع بن ابي الحقير عبدالله بن خطل وجاريتيه اللتين كانتا تغنيان بسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك الاعمى الذي قتل ولده لما كانت تطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشتمه فقتلها. فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم اهدر دمها تلك الحوادث الثابتة في السيرة يقابلها حوادث اخر بها مواقف اذى وسب وشتم واعتداء وفيها عفو طفح من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهذا الفصل لمناقشة الاجوبة عن ذلك والمحامل التي حملت عليها تلك الوقائع دفعا لاستشكال الوهم او التناقض واثباتا لاضطرار هذا الاصل الشرعي في هذا الباب العظيم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على رسوله الامين وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا ولوالديه وللسامعين قال المصنف رحمه الله فصل باسباب عفوه صلى الله عليه وسلم عن بعض من اذاه ان قلت لم يقتل النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي الذي قال له السام عليك السام فلما فان قلت فلم لم يقتل النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي الذي قال له السام عليكم وهذا دعاء عليه ولا قتل الاخر الذي قال له ان هذه لقسمة ما اريد بها وجه الله قد تأذى النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وقال قد اوذي موسى باكثر من هذا فصبر ولا قتل المنافقين الذين كانوا يؤذونه في اكثر الاحيان. ارأيتم هذه امثلة ما الجواب عنها اذا كان عليه الصلاة والسلام وجه وامر بقتل كعب بن الاشرف وابن ابي الحقير وعبدالله بن خطل وعقبة ابن ابي معيط يوم بدر والنضر ابن الحارث يوم بدر كذلك وكان الجامع بين كل هؤلاء القتلى عداوتهم واذاهم لرسول الله صلى الله عليه وهجائهم وطعنهم وسخريتهم اذا كان هذا هو السبب وهو ذاته السبب الموجود في هذه الوقائع اليهودي الذي قال السام عليكم يعني الموت وقيل معناه دعنا هي كلمة قبيحة فيها اذى لرسول الله عليه الصلاة والسلام فلم يقتله ولم يأمر بقتله لا تقل لانه يهودي وكعب بن الاشجار طرف يهودي وابن ابي الحقيق يهودي هذه واحدة بل لما غضبت عائشة فقالت وعليك السام واللعنة قال ما هي عائشة ما اذن لها الا ان تتلطف بالقوم وهكذا تلك المواقف ومنها الموقف الاخر لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم قسمة بعض الغنائم فقال رجل حاضر عنده ان هذه لقسمة ما اريد بها وجه الله كلمة كبيرة فيقال شيء يصنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤيد بالوحي والمعجزات يقال له انك لم ترد وجه الله كلمة كبيرة ومع ذلك لم يفعل النبي عليه الصلاة والسلام معه شيئا مما حصل في تلك المواقف السابقة وقوله ايضا بل كان يجيب فيقول اوذي موسى باكثر من هذا فصبر في مواقف المنافقين وهي كثيرة فيها اذى تخري واستهزاء وتبطيل بالكفر غير الصريح ومع ذلك لم يفعل نبينا صلى الله عليه وسلم معهم كما فعل مع كعب بن الاشرف وابن بالحقيق وغيرهم فيقول المصنف لم لم يحصل؟ لم لم يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم لما السؤال؟ لانه تقرر عندنا في الفصل الماضي ان هذا الصنيع حكمه الكفر وحده في الشريعة القتل تقدم بكم خلاف الفقهاء ايقتل ردة او حدا لكنه القتل الذي تقرر الحكم في الشريعة في مثل هذا الصنيع لكنه لم يحصل هذا فاراد المصنف رحمه الله ان يجلي لك الجواب وهي من اجود ما ذكره العلماء رحمهم الله في الاجابة عن مثل تلك المواقف في السيرة وسيسوق المصنف رحمه الله جوابا واثنين ثلاثة واربعة من اجل ان تفهم ان الهدي النبوي كان اكمل الهدي ان منهج النبي صلى الله عليه واله وسلم في مواقف الحياة والتعامل مع الاعداء والمنافقين واليهود والمغرضين والمتربصين به سوءا وبدعوته ودينه وصحابته كان اكمل الهدي وكان اسد المناهج التي ايد فيها نبينا صلى الله عليه وسلم يحيي الله له من فوق سبع سماوات. اذا هذا السؤال الكبير هو عنوان هذا الفصل وما سنقضيه بقية الليلة هو اجابة عن هذا السؤال. لم لم يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم اولئك نعم اعلم وفقنا الله واياك ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اول الاسلام يستألف عليه الناس ويميل قلوبهم اليه والى محبته ويحبب اليهم الايمان ويزينه في قلوبهم. ويداريهم ويقول لاصحابه اي انما بعثتم ميسرين انما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا منفرين ويقول يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا. ويقول لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه وكان صلى الله عليه وسلم يداري الكفار والمنافقين ويجمل صحبتهم ويقضي عليهم ويحتمل من اذاهم ويصبر على جفائهم ما لا يجوز لنا اليوم الصبر ما لا يجوز لنا اليوم الصبر لهم عليه وكان يرفقهم بالعطاء والاحسان. وبذلك امره الله تعالى بقوله ولا تزال تطلع على خائنة منهم الا قليلا منهم فاعفو عنهم واصفح ان الله يحب المحسنين وقال تعالى ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم. هذا اول الاجابات وهو الذي سيرجحه المصنف رحمه الله اخر الفصل مع بقية الاجابات يقول الجواب باختصار لان الاصل في الهدي النبوي في التعامل مع كل حاسد وحاقد ومبغض وشانئ التلطف والمداراة من اجل تأليف قلوبهم على لا الله اكبر ما اعظم قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد الاذى فيصبر ويساء اليه فيحتمل ما يرجو شيئا الا ان يهدي الله تلك القلوب النافرة ويلين تلك القلوب العاصية ويقبل بها لعلها تهتدي والله ما كان يرجو رسول الله صلى الله عليه وسلم لامته الا النجاة والسعادة والرحمة يؤذى فيصبر عليه الصلاة والسلام قادته مكة وقريش وكفارها جلس بين وهرانيهم ثلاثة عشر عاما ولا يزال يدعو ويصبر ويحتمل اليه بالقول وبالفعل فصبر عليه الصلاة والسلام ولا خرج الا لما بلغوا قمة العداوة وهموا بقتله فخرج عليه الصلاة والسلام ولما خرج خرج ولا يزال يريد له بالخير ليس هو الذي سير الجيش اليهم في بدر ولا في احد ولا في الخندق بل كانوا هم الذين يخرجون اليه فيخرج يدفعهم ارأيت؟ والله ما كان يريد لامته الا النجاة الا السعادة الا هداية قلوبهم الى الاسلام حتى ولو كانت الاساءة صادرة منهم اليه قالوا عنه في مكة ساحر وقالوا كذاب قالوا شاعر وقالوا مجنون قالوا يفرق بين الرجل واخيه ويؤذى عليه الصلاة والسلام يمشي بين قوافل الحجيج في منى قبل الهجرة ويمشي خلفه خلفه عمه ابو جهل فيقول ابو ابو لهب فيقول انا عمه وهذا ابن اخي وانا ادرى الناس به يحذر الناس منه ويكذبه ولا يزالون هكذا في عداوة والنبي صلى الله عليه وسلم لا يريد لهم الا النجاة والسلامة والهداية الى الايمان وهكذا لما هاجر الى المدينة عليه الصلاة ظل على هذا الاصل العظيم اريد لهم النجاة يريد لهم السعادة ولما يستأذنه الملك ان يطبق عليهم الاخشبين ما يزال يحمل في قلبه الرأفة والرحمة يقول لعل الله يخرج من اصلابهم من يقول لا اله الا الله قل اطبق عليهم لافناهم ولماتوا عن بكرة ابيهم لكنه الحرص بقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الله بقوله عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم صلى الله عليه اله وسلم وهكذا لما جاء المدينة فاذا فيها يهود وفيها كفار وفيها منافقون بعد ما حصل يوم بدر والكل كان يحمل قدرا من العداوة وان تفاوت وما يزال يجد العداوة فيغضي صلى الله عليه وسلم يلتمس هدايته. قال المصنف انه كان يستألف عليه الناس اول الاسلام ويميل قلوبهم اليه والى محبته ويحبب اليهم الايمان ويزينه في قلوبهم ويداريهم ثم يبث هذا المعنى في نفوس اصحابه وفينا نحن معشر امته الى يوم القيامة انما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا منفرين او معسرين كما في البخاري يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا ايضا كما في الصحيحين ويقول لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه ان قتل واحد ممن يكون في سواد اصحابه ولو كان منافقا لن يتميز امام من يريد الاساءة له والى دينه فيقول قتل رجلا من اصحابه ولن يقال قتل من كان يحمل العداوة والاساءة والاذى قد وجد من اهل النفاق في المدينة شيء عظيما من الاساءة بالقول التي تبلغ الكفر الصراح لما يقول قائلهم ما مثلنا ومثل هؤلاء الا كما قال الاول سم من كلبك يأكل والله لان رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل ما رأينا مثل اصحابنا هؤلاء ارغب بطونا ولا اجبن عند اللقاء قالوا هذا كثير والنبي صلى الله عليه وسلم يبلغه ذلك وينزل عليه الوحي ويعرف اعيانهم لكنه كان يعمل هذا الاصل العظيم في اول الامر في تثبيت قواعد الاسلام ويأبى صلى الله عليه وسلم ان ينتقم فيكون اثر ذلك توأم واشاعة مغرضة وسمعة سيئة لا يتحدث الناس ان لم يقتلوا اصحابه لقد كان قتل عبد الله بن ابي مطلبا شرعيا لا يختلف عليه اثنان وكان قتله بمثابة قطع رأس الافعى التي كانت تبث سمومها في المدينة. زمن النبوة وتسيء وتعمل على الايقاع بين وهو الذي انخذل بثلث الجيش يوم احد. وهو الذي زين وفعل ووسوس ما حصل منهم يوم الخندق. اذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا ويقول يوم بدر اذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم يخرج ثلاث مئة وبضعة عشر يقاتلون الفا هذا غرور وهو الذي قال ايضا بل في يوم بني المصطلق او غزوة المريسيع ما قال سمن كلبك يأكلك ليخرجن الاعز الاذل امثال هذا متكرر حتى جاءت سورة التوبة بعد غزوة تبوك ففضحت ذلك النفاق وانكشفت الاقنعة والنبي صلى الله عليه وسلم ما يزال حريصا على مصلحة اعظم من قتل هؤلاء المنافقين. وهي مصلحة الحفاظ على الاسلام. وسمعته والا يساء اليه او تشوه صورته نعم بقاؤهم فساد واذاهم في ذلك المجتمع النبوي فساد لكن قتلهم وما سينشأ عليه كان اشد فسادا ومقصد مراعاة المآل في مقصد عظيم فكان يعتبر المآلات ويأبى. صلى الله عليه وسلم ان يكون له صنيع يفضي مآله الى اساءة الى الاسلام وتشويه للمسلمين وتنفير للناس عن الاسلام تخيل لو انه قتل عبد الله ابن ابي بعد احد عقابا له على ما صنع في الغزو او قتله في السنة الرابعة او في الخامسة بعد الخندق وبعد غزوة بني المصطلق وقد كان استوجب القتل لا شك فيه ارأيت لو انه قتله سينتشر الخبر فاذا خرج الخبر خارج المدينة الى الاعراب والقرى وما بعد المدينة وفي الحجاز وفي نجد وقد بلغ الاصداء الدعوة كل مبلغ وتحدث الناس ان نبيا كان بمكة وهاجر الى المدينة يدعو الناس الى دين جديد والاعراب لا يزالون على الوثنية لو انه قتل عبد الله ابن ابي تلك المواقف كيف كان سيخرج الخبر ويبلغ تلك القبائل والاعراب والبادية هل كان الخبر سيخرج فيه تفصيل انه قتل عبد الله بن ابي بالاسباب التالية اولا ثانيا ثالثا رابعا الوقائع وتواريخها وبياناتها وتفصيلها وانه قال كذا وكذا حتى يكون مقنعا عند كل من يبلغه الخبر ام كان سيخرج الخبر في جملة واحدة ان محمدا يقتل اصحابه. هو هكذا لا محالة لن يكون بيانا تفصيليا وهذا الخبر في الجملة المجتزأة فيه اساءة عظيمة وفيه تشويه للاسلام وفيه تنفير للناس عن دخول دين محمد صلى الله عليه وسلم وسيأتي الشيطان له فيقول ما الذي يحملكم على الدخول في دينه اما بلغكم ان من يخطئ عنده سيقتل ما بلغكم ان من يخالفه الرأي تيقطع رأسه اما بلغكم اما بلغكم وسيثبت عندهم انه قتل بعض المنافقين وعندئذ سينفر الناس عن الاسلام ولن يقبل به احد سيجد الشيطان اعظم المداخل لتنفير الناس عن الاسلام فتفصيل ذلك في معناه وحكمته ومغزاه وتحليل ذلك في عمقه وما ايد الله به نبيه صلى الله عليه وسلم من الوحي شيء عظيم والله يا اخوة قد لا يسعه مثلها وهذا المجلس ولا غيره من المجالس لكننا نستلهم من الشريعة احكامها وننظر في مواقف السيرة النبوية واذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يسن الامة تشريعا محكما شريعة ماضية حكيمة بديعة الى يوم الدين وفيها الحفاظ على منهج الاسلام وسياسة الدنيا به. وكيف يقوم اهل الاسلام براية الاسلام فيرفعونها راية بيضاء فاقة وشمسها مشرقة يذهب نورها في كل مكان حتى يأذن الله عز وجل بالوعد الذي اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم انه لن تقوم الساعة حتى يبلغ وهذا الدين ما بلغ الليل والنهار في رسالة تحملها امة الاسلام وهو منهج بينه لنا نبي الاسلام صلى الله عليه واله وسلم قال المصنف رحمه الله كان النبي صلى الله عليه وسلم يداري الكفار والمنافقين ويجمل صحبتهم ويقضي عليهم يعني يغض الطرف يتجاوز ويرى الشيء فكأنه ما رآه ويبلغه الامر الذي سمعه فكأنه ما سمع. ويصبر على جفائهم ما لا يجوز لنا اليوم الصبر لهم عليه. اليوم لو صدر مثل ذلك مما كان يبلغه من الاساءة او القول الشنيع اليوم لا يجوز لنا الصبر عليه. لانه حق لرسول الله عليه الصلاة والسلام وعلى الامة واجب الى يوم القيامة ان تحفظ هذا الحق وان تقوم به وان تسعى في رفع هذه الراية لرسول الله صلى الله عليه وسلم حبا له ونصرة وذبا قامة. قال وكان يرفقهم بالعطاء والاحسان كما امره الله. ولا تزال تطلع على خائنة منهم الا قليلا منهم فبماذا امره الله؟ مع انه يطلع على الخائنة قال فاعف عنهم واصفح ان الله يحب المحسنين وقال له في سورة فصلت ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة انه ولي حميد وقال له في سورة الاعراف خذ العفو وامر بالعرف واعرظ عن الجاهلين كانت تلك الوصايا القرآنية يمتثلها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كل ذلك يا كرام كان في مبادئ الامر اول الاسلام حتى قويت شوكة الاسلام بالمدينة واعز الله دينه ونصر نبيه صلى الله عليه وسلم فاختلفت الاحكام والمواقف قرارات نبوية على تفاوت في المواقف وفي الوقت ذاته. ايضا تطبيق للمصالحة للموازنة بين المصالح والمفاسد وبين الواقع والمتوقع وبين اعتبار الحال واعتبار المآل كما فصله اهل العلم اخذا من مواقف السيرة النبوية بكل تفاصيل اليها الله اليكم ذلك لحاجة الناس للتألف اول الاسلام وجمع الكلمة عليه فلما استقر واظهره الله على الدين كله قتل من اقدره الله عليه ظهر امره كفعله بابن خطل من عهد بقتله يوم الفتح من امكنه قتله غيلة من يهود وغيرهم او غلبة ممن لم او غلبة ممن لم ينظمه قبل سلك صحبته والانخراط في جملة مظهر الايمان له ممن كان يؤذيه. كابن الاشرف وابي رافع والنضر وعقبة نعم قال هذا في اول الاسلام فلما استقر واظهره الله على الدين كله قتل من اقدره الله عليه واشتهر امره. نعم قتل النبي صلى الله عليه وسلم من كان يصدر منه مثل تلك الاساءات. هذا لما استقر الدين واظهره الله على الدين كله وظهرت كلمة الاسلام وقويت شوكته. هكذا فعل عليه الصلاة والسلام. امتثالا لامر الله له لكن هذا كان مع من اظهر الكفر او لم ينخرط في سلك صحبته. ايش يعني يعني لم يكن هذا الصنيع من القتل مشتملا على المنافقين بالمدينة اهل النفاق كان لهم حكم خاص سيأتي ذكرهم بعد قليل اما الكفار والمحاربون او اليهود الغادرون بعهود المواثيق التي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه كان ينفذ قتل من اقدره الله عليه قتل كعب ابن الاشرف وابن ابي الحقيب ويوم الفتح قتل عبدالله بن خطل ويوم بدر قتل عقبة والنظرة ابن الحارث ولم يكن في قتل بعض هؤلاء شيء من المآل الذي يخشى من سوءته. لانهم كفار ويهود فلن يقال قتل اصحابه فلا اليهود اصحابه ولا الكفار اصحابه لكن المنافقين اللبس فيهم فامن هذا الجانب مع من اظهر الكفر او لم يظهر دينه ويظهر بين الصحابة ولو كان في الباطن على خلاف ذلك كالمنافقين او كان من اليهود ممن يعرف صراحة دينه وعقيدته فقتل كل هؤلاء كابن الاشرف وابي رافع والنضر وعقبة ابن ابي معيط كذلك نذر دم جماعة سواهم كعب بن زهير وابن وابن الزب وابن الزبع بعرا ككعب ابن زهير وابن الزبعرة وغيرهما ممن اذاه حتى القوا بايديهم ولقوه مسلمين كعب بن زهير ابن ابي سلمة وعبدالله نز بعرا من اشهر شعراء العرب ومن افذاذ الشعراء في الجاهلية من اكثرهم فصاحة وقوة ونظما ولهم مواقف قبل اسلامهم فيها عداوة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقد حكى قصة كعب ابن زهير غير واحد من اصحاب السير وليست تاني القصص السيرة كما هي في اسانيد المحدثين من حيث الصحة والثبوت. وحكى ابن اسحاق جملة مما حصل كعب بن زهير وموجز ذلك قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف كتب بجير بن زهير الى اخيه كعب يخبره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجالا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه هذا الطائف بعد فتح مكة السنة الثامنة من الهجرة فتح مكة ثم توجه الى الطائف عليه الصلاة والسلام وبعد رجوعه من الطائف كتب بجير الى اخيه كعب بن زهير يحذره انه رأى النبي عليه الصلاة والسلام بمكة قتل عبد الله بن خطل والجاريتين اللتين كانتا تغنيان بسبه وقد كان كعب بن زهير ينشد الشعر في سب رسول الله صلى الله عليه وسلم فارسل له اخوه يحذره ويريد له النجدة والسلامة فلما اخبره انه ما بقي من شعراء قريش الا عبدالله بن الزبعرة وهبيرة بن ابي وهب قد هربوا من كل وجه قال له فان كانت لك في نفسك حاجة يعني تريد النجاة لنفسك فطر الى رسول الله صلى الله عليه يعني اسرع بالمجيء اليه. فانه لا يقتل احدا جاءه تائبا مسلما وان انت لم تفعل تنجو الى نجائك عن نجاتك ان لم تقبل نصيحتي وكان كعب قد قال جوابا لاخيه الا ابلغ عني بجيرا رسالة فهل لك فيما قلت ويحك؟ هل لك؟ فتبين لنا كنت لست بفاعل على اي شيء غير ذلك دلك على خلق لم تلف اما ولا ابا عليه ولم تدرك عليه اخا لك فان انت لم تفعل فلست باسف ولا قائل اما عثرت لعن لك سقاك بها المأمون كأسا روية فانهلك منها وعلك وبعث بالابيات الى اخيه بوجيه فلما اتته الى اخيه كره ان يكتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء وانشده ابيات اخيه كعب التي بعث اليه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم يردد البيت الاخير سقاك بها المأمون كأسا روية فانهلك المأمون منها بث منها وعلك. قال النبي عليه الصلاة والسلام سقاك المأمون صدق وانه لكذوب انا المأمون. ولما سمع على خلق لم تلف اما ولا ابا عليه قال اجل لم يلف عليه اباه ولا امه ثم قال بجير يجيب اخاه كعبا من مبلغ كعبا فهل لك في التي تلوم عليها باطلا وهي احرم الى الله لا العزى ولا اللاتي وحده فتنجو اذا كان النجاة وتسلم لدى يوم لا ينجو ولست بمفلت من الناس الا طاهر القلب مسلم. فدين زهير وهو لا شيء دينه ودين ابي سلمى علي محرم فلما بلغ هذا الكتاب الى كعب ابن زهير ضاقت به الارض واشفق على نفسه وارجف به من كان في حاضره من عدوه فقال هو مقتول فلما لم يجد من شيء بدا قال القصيدة المشهورة التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر خوفه وارجافا ذاتي والوشاة به فلما غدا الى النبي صلى الله عليه وسلم خرج حتى قدم المدينة فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جهينة فغدى اليه الى النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى الصبح فصلى مع رسول لا صلى الله عليه وسلم ثم اشار الى رسول الله عليه الصلاة والسلام صاحبه الجهري فقال له هذا رسول الله فقم اليه فاستأمنه قال فقام الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس اليه فوضع يده في يده كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفه يسمع به كعب بن زهير بن ابي سلمة شاعر بن شاعر وجده شاعر ويقال ليس في قبائل العرب اشعر من هذه القبيلة وتلك العائلة فالشعر فيهم متجذر فلم يعرفه رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال كعب يا رسول الله ان كعب بن زهير قد جاء ليستأمنك تائبا مسلما. فهل انت قابل منه ان انا جئتك به؟ قال نعم. قال انا يا رسول الله كعب بن زهير فاستأمن النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن اسحاق فحدثني عاصم ابن عمر ابن قتادة انه وثب عليه رجل من الانصار فقال يا رسول الله دعني وعدو الله اضرب عنقه فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعه عنك فقد جاء تائبا نازعا عما كان عليه. صلى الله عليه وسلم ثم قال قصيدته اللامية المشهورة بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم اثرها لم يفدى مكبول يسعى الغوات جنابيها وقولهم ان يا ابن ابي سلمى لمقتول وقال كل صديق كنت امله لالهينك اني عنك مشغول. فقلت خلوا طريقي لا ابا لكم فكل ما قدر الرحمن مفعول كل ابن انثى وان طالت سلامته يوما على الة حدباء محمول. نبأت ان رسول الله اوعدني والعفو عند رسوله لله مأمول الى اخر ما قال في ابياته التي استعطف بها نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى قال نبأت ان رسول الله اوعدني والعفو عند رسول الله مأمول مهلا هداك الذي نافلة القرآن فيها مواعظ وتفصيل. لا تأخذني باقوال الوشاة ولم اذنب ولو كثرت في الاقاويل لقد اقوم مقاما لو يقوم به ارى واسمع ما لو يسمع الفيل لظل تبعد من خوف بوادره ان لم يكن من رسول الله ويل حتى وضعت يميني ما انازعها في كفي ذي نقمات قوله القيل فلهو اخوف عندي اذ اكلمه وقيل انك فمنسوب مسؤولوا الى اخر ما قال رضي الله عنه فقبل النبي صلى الله عليه وسلم منه وعفا عنه وكذلك الذي كان منه رضي الله عنه اه فيما ذكر عنه وقد كان من فحول شعراء العرب هو وابوه وجده وابنه عقبة وابن ابنه العوام ابن بهاته الجديرة التي تتداول حكمة وفصاحة وجزالة لفظ قوله رضي الله عنه لو كنت اعجب من شيء لاعجب بني سعي الفتى وهو مخبوء له القدر يسعى الفتى بامور ليس يدركها فالنفس واحدة والهم منتشر والمرء ما عاش ممدود له امل لا تنتهي العين حتى ينتهي الاثر الى اخر قصائده التي كانت تعرف فيها جزالة الشعر وهو الموقف الذي اشار اليه المصنف بقوله ان النبي عليه الصلاة والسلام نذر دم جماعة ككعب ابن زهير حتى القوا بايديهم ولقوه مسلمين واما عبد الله بن الزبعرة فهو ابن قيس ابن عدي بين بني سهم من قريش والزبعرة اسم ابيه وامه عاتكة بنت عبدالله ابن عمرو والزبعرة عند العرب معناها رجل الشرس في خلقه والذي يوصف بالغلاظة والشدة وقال الازهري وبه سمي ابن الزبعرة الشاعر ولد قبل عام الفيل بعشر سنين فهو اكبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم سنا شاعر مخضرم ادرك الجاهلية والاسلام كان له في الجاهلية هجاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه ممن اقبل تائبا فقبل النبي عليه الصلاة والسلام منه وهداه الله عز وجل الى الاسلام. واراد ايضا تكفير ما سلف منه فانشد يمدح رسول الله صلى الله عليه وهو الذي قد كان لما جاء فتح مكة ورأى قتل عبد الله ابن خطل فر من مكة هاربا حتى بلغ نجران ثم بلغ انه الخير له ان يرجع ان يستأمن وان يطلب العفو ويدخل في الاسلام فكان منه ذلك ورجع كما يقال في بعظ قصص انه اتى النبي صلى الله عليه واله وسلم معتذرا ويقول في بعض ابياته كما قال فيه حسان لا تعد من رجلا احلك بغضه نجران في عيش احد ذميم وهذا كان انشده حسان يشير اليه بالرجوع الى النبي صلى الله عليه واله وسلم. ثم قال يعتذر عما فعله لما كان هائما في ضلاله. يقول يا خير ان حملت على اوصالها عيرانة سرج اليدين غشوم اني لمعتذر اليك من الذي سديت اذا انا في الظلال اهيم الى ان ذكر احواله وشأنه لما كان عليه جاهلية وقال فالان امنوا بالنبي محمد امن بالنبي محمد قلب ومخطئ هديه محروم مضت العداوة وانصرمت اسماءه ودعت اواصر بيننا وحلوم فاغفر فدا لك والداي كلاهما وارحم فانك راحم مرحوم. صلى الله عليه اله وسلم اشار الى ذلك المصنف بقوله انه نذر دم جماعة ككعب ابن زهير وابن الزبعرة وغيرهما ممن اذاه حتى جاؤوا تائبين والقوا بايديهم مسلمين بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم احسن الله اليكم وبواطن المنافقين مستترة حكمه عليه السلام على الظاهر اكثر تلك الكلمات انما كان يقولها القائل منهم خفية ومع امثاله الكفار ويحلفون عليها اذا نميت وينكرونها ويحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم. هذا جواب عن المنافقين الان تقدم الجواب الاول ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يتألف الناس اول الاسلام فلما استمكن الدين وظهر اعلى الله عز وجل شأن نبيه عليه الصلاة والسلام اخذهم بالحزم والعزم واقامة حد القتل فيهم الا من كان يظهر اسلامه ويبطن الكفر كالمنافقين وتقدم التفريق ان قتل اهل النفاق يورث مفسدة ويقول الى شيء من التشويه لسمعة الاسلام. طيب فماذا كان يفعلون وما تفسير صنيعه عليه الصلاة والسلام بالعفو والصفح عن اهل النفاق هنا اجاب المصنف فقال الفرق بين الكافر والمنافق ان المنافق مستتر الباطن النبي عليه الصلاة والسلام يعامل الناس ويحكم عليهم بالظاهر ام بالباطل بالظاهر وترك البواطن الى الله. طيب والمنافقون ما حال ظاهرهم يصلون ويخرجون معه في المسجد ويشهدون معه الجمع والجماعات وظاهرهم اسلام فاعمل فيهم حكم الظاهر اما بواطنهم فمستترة. طيب والكلمات التي كانت تبلغه سمن كلبك يأكلك ليخرجن الاعز منها الاذل وامثالها قال انما كانوا يقولونها خفية او بين بعضهم البعض من الكفار اذا جيء بهم ونقل كلامهم انكروا بل وحلفوا يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم يحلفون بالله انهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون. سيحلفون بالله لكم اذا انقلبتم اليهم لتعرضوا عنهم عنهم انهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون. يحلفون لكم لترضوا عنهم فان ترضوا عنهم فان الله لا يرضى عن القوم الفاسقين هذا المنهج هو الذي جعل النبي عليه الصلاة والسلام لا يقيم فيهم ما كان يعمله مع اهل الكفر الصراح او اليهود لان المنافق هذا يأتي ويقول والله ما قلت وينكرون الكلام اذا نومي يعني اذا رفع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وينكرون ذلك ومع ذلك ايضا هل كان النبي عليه الصلاة والسلام قد قرر في نفسه هلاكهم وحكم عليهم بالشقاء وطمع في دخولهم النار كلا والله كلا والله فان الله قد قال له استغفر لهم او لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين يغفر الله وهو القائل والله لو علمت اني لو زدت الى استغفرت لهم فغفر الله لهم لاستغفرت صلى الله عليه واله وسلم انما هذا منهج شرعي ما السبيل الى ان تثبت على المنافق كلمة كفر قالها ولم يقلها امامه قالها بتيرا قالها في ملأ من جماعته فلما جيء به قال لا والله ما قلت وكذب القائل والناقل فعلى اي شيء يقام عليه الحد انما يقام على الظاهر وظاهره نكران ما نسب اليه ومع ذلك كان ايضا ما يزال يطمع صلى الله عليه سلم في ان يهدي الله قلوبهم وان يردهم الى حظيرة الاسلام وان يظفر باحدهم ينجيه الله عز وجل من النار كما فعل مع ابن جاره اليهودي الذي كان لما حضرته الوفاة اتاه يعوده فجعل يلقنه الشهادة والشاب الفتى ينظر الى ابيه قال له اطع ابا القاسم فنطق الشهادتين ففرح النبي عليه الصلاة والسلام بان الله انقذ به نفسا من النار بان دخل في الاسلام وهكذا هي نفس رسول الله صلى الله وسلم عظيمة كبيرة ابية والله تأبى الا النجاة والسعادة والهداية للبشرية جمعاء فعاش حياته عليه الصلاة والسلام على هذا الباب العظيم الله اليكم وكان عليه السلام مع هذا يطمع في فيأتهم ورجوعهم الى الاسلام وتوبتهم فيصبر عليه السلام على هناتهم وجفوتهم. هناتهم يعني على دللهم على بضائعهم على قبائحهم وشرهم وسوء ما يصدر عنهم يصبر عليه السلام على هناتهم وجفوتهم كما صبر اولو العزم من الرسل حتى فاء كثير منهم باطنا كما فاء ظاهرا واخلص سترا كما واخلص سرا كما اظهر جهرا. ونفع الله بعد بكثير منهم. وقام منهم للدين وزراء واعوان وحماة انصار كما جاءت به الاخبار. اجل فقد كان عبدالله بن ابي في اول امره في الاسلام بالمدينة كان محاطا بكثير من قبائل الانصار وبيوتها ورجالها وقد كانوا يحطونه حمية واباء شهامة وفزعة ونخوة لانه منهم او من حلفائه لكن شيئا فشيئا لما تبدت مواقفه وظهر حقده وانكشفت سوءته بدأت الناس تنفض عنه وظل كذلك حتى مات يوم مات ولم يكن حوله من الالتفاف والكثرة والاغتراب او الانخداع بما يقول ما كان على ما كان عليه اول الامر ما تفسير هذا تفسير هذا ان كثيرا ممن كان يغتر بباطل قوله كان يصدق الزخرف كلامه قد بدا له الحق. كيف بامر الله اولا وبصبر رسول الله عليه الصلاة والسلام على التعامل معه وعلى التجاوز عن قبائحه وصنائعه حتى انكشفت اوراقه امام الناس. واذا باصحابه يرغبون عنه فهدى الله كثيرا منه باطنا كما فاء ظاهرا واخلص سرا كما اظهر جهرا. اذا كان لهذا المنهج اثر عظيم هو مقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله عليه ما هو وما ارسلناك الا رحمة للعالمين هو هذا المقصد العظيم الذي بعث عليه صلى الله عليه وسلم رحمة العالمين ولم يقل للمسلمين للعالمين للمؤمن والكافر للانس والجان للعالمين. هذه الرحمة التي كانت تحمله صلى الله عليه وسلم على الصبر والاحتمال والطمع في فيئة هذا المعاند وعودة هذا الكافر وتوبة هذا الحاقد ورجوع هذا الشاتم والساخر. هكذا كان يطمع ولما دخل مكة عام الفتح سنة ثمان من الهجرة واذا كبار صناديد قريش الذين عادوه السنوات الطوال يعلنون الاسلام. لما سألهم ما تظنون اني فاعل بكم؟ قالوا اخ كريم وابن اخ كريم انتهى كل شيء هذا الذي كان يرجوه عليه الصلاة والسلام ولم يكن يطمع في تصفية الحسابات ولا الانتقام لما فات بل الامر عنده اعظم من ذلك دخولهم في الاسلام هو مطمع رسالته وبعثته عليه الصلاة والسلام. نعم وبهذا اجاب بعض ائمتنا رحمهم الله عن هذا السؤال وقال لعله لم يثبت عنده عليه السلام من اقوالهم ما رفع وانما نقله الواحد ومن لم يصل رتبة الشهادة في هذا الباب من صبي او عبد او امرأة والدماء لا تستباح الا بعدلين. هذا الجواب الثاني الاول ان عفوه طفحه وعدم قتله لاولئك الذين صدرت منهم الاساءة والسب والشتم والاعتداء كان تأليفا للقلوب على الاسلام الجواب الثاني لعله لم يثبت عنده صلى الله عليه وسلم ذلك الحكم الذي يترتب عليه القتل القتل الحكم بالقتل قضاء شرعي والقضاء يبنى على الاثباتات على البينات على الادلة او الاعترافات وهذا لا يتوفر في بعض الحالات هذا جواب ثان ان الدماء لا تستباح الا بعدلين قتل استباحة للدم استباحة الدم تحتاج الى شهادة اثنين من العدول فماذا لو جاء صبي فقال ان رجلا من المنافقين قال في مجلسه في داره بين قومه مقولة كفر فاتى ينقلها الى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الشهادة شرعا وقضاء لا يقوم بها اثبات حكم يستوجب القتلى او لو شهدت امرأة او عبد ليس حرا هذه احتمالات قال المصنف رحمه الله ربما لم يثبت عنده من اقوالهم ما رفع اليه وانما نقله الواحد او من لم يبلغ رتبة الشهادة كصبي وعبد وامرأة بينما لا يقوم في الشريعة حكم تستباح به الدماء الا بشهادة رجلين عدلين ان لم يبلغ ذلك فلا سبيل الى اقامة الحد وهذا الذي حصل مع بعض اليهودي ومع بعض المنافقين ممن لم يثبت عنده صلى الله عليه وسلم. طيب تقول فاذا نزل القرآن واثبت ذلك القول هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا يقولون لان رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل. السؤال هل سمت الاية احدا باسمه الجواب لا حكت الاية عنهم اجمالا فما زلنا في دائرة انه لم يسمى احد بعينه بما يقوم به في الشريعة امكان اقامة الحج عليه او قتله. لان الشريعة حصلت ذلك في وسائل محددة وهذا منه صلى الله عليه وسلم تأصيل شرعي لهذا الباب وعلى هذا يحمل امر اليهود في السلام. وانهم لو به السنتهم ولم يبينوه. الا ترى كيف نبهت عليه عائشة ولو كان صرح بذلك لم تنفرد بعلمه. ولهذا نبه النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه على فعلهم. وقلة صدقهم في وخيانتهم في ذلك ليا بالسنتهم وطعنا في الدين. فقال ان اليهود اذا سلم احدهم فانما يقول السلام عليكم فقولوا عليكم لما كان مع عائشة رضي الله عنها فقال اليهودي السام عليك فغضبت عائشة وقالت وعليك السام واللعنة فرفض النبي عليه الصلاة والسلام يقول لعل ذلك ايضا مما كان من تحريف القول ولين اللسان الذي لا يستبين معه الكلام بوضوح. يقول وامارة ذلك ان عائشة رضي الله عنها فطنت الى تلك الكلمة وسمعتها بوضوح فاحتاجت الى ان تقول لرسول الله اما سمعت ما يقولون ولو كان واضحا ما احتاجت الى ان تقول ذلك. يقول فهذا ايضا وجه انها حاولت ان تظهر له وان تلفت نظره صلى الله عليه وسلم الى شيء لم يكن صريحا واضحا بينا ولهذا لما تبين له عليه الصلاة والسلام ذلك الصنيع وانه قلما يصدقون في عبارة السلام عليكم وانهم يستعملون ذلك خيانة وليا بالسنتهم وطعنا في الدين. كما وصفهم الله قال مبينا لاصحابه ان اليهود اذا سلم احدهم فانما فيقول السام عليكم فقولوا وعليكم وهذا كافي في ان يعود عليهم مثل الذي قالوا من غير ان يصدر منه صلى الله عليه وسلم او منا نحن معشر امته من اللفظ من السوء والبذاءة ما ينسب اليه القائل كذلك قال بعض اصحابنا البغداديين ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل المنافقين بعلمه فيهم ولم يأتي انه قامت بينة على نفاقهم فلذلك تركهم وايضا فان الامر كان سر فان الامر كان سرا وباطنا. وظاهرهم الاسلام والايمان. وان كان من اهل الذمة بالعهد والجوار الناس قريب عهدهم بالاسلام ولم يتميز بعد الخبيث من الطيب. هذا الجواب الثالث ان المنافقين مشكلتهم بين مناقضة ظاهر لباطن باطن كفر صريح وظاهر اسلام وايمان والنبي صلى الله عليه وسلم يعمل بما جاءت به شريعة الاسلام وما اوحى الله تعالى به اليه وهو معاملة الناس بحسب الظاهر واجراء احكام الشريعة على وفق ذلك يعني ايش؟ يعني لو ان القاضي عرف ان الخصم الذي امامه كاذب في دعواه لكنه اتى بشاهدين زورا فليس له الا ان يعمل بما ظهر امامه ويمضي شهادة الشاهدين وينفذ الحكم بناء على الظاهر. واما الباطن فلا يجوز بناء الاحكام الشرعية قضاء عليه وهذا تأصيل شرعي في الباب. ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم لو اعمل الوحي الذي اتاه بالغيب واخبره باسماء المنافقين وقد كان يعلمهم فردا فردا باسمائهم واحدا واحدا واطلع على ذلك من اصحابه امين سره حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه فكان يعلم اعياد المنافقين باسمائهم وحتى جاءه عمر فقال انشدك الله اسماني رسول الله في المنافقين رضي الله عن عمر والشاهد من ذلك مع علمه باسمائهم عليه الصلاة والسلام الا انه لم يقم عليهم حد الكفر وترك الامر الى ظاهره تأصيلا لهذا المنهج الشرعي العظيم وهو ان الاصل في الشريعة اجراء الاحكام على ظاهرها لا على البواطن وترك ذلك مرادي بالغيب اكبر ان لا اله الا الله محمد رسول اشهد ان محمدا رسول حي على حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله اكبر لا اله الا الله يقول اهل العلم فلذلك لم يعمل النبي صلى الله عليه وسلم مع المنافقين في شأن الاحكام الا بموجب الظاهر وما بدا منه وترك سرائرهم التي اطلعه الله تعالى عليها بالوحي بانه يشرع للامة من بعده من الحكام وولاة الامور في الامة والخلفاء ما يشرعه لهم في حياته ولو اعمل الباطن بالغيب الذي اوحى الله تعالى اليه لربما اجتهدت الامة من بعده من الحكام والولاة والخلفاء في تقصي البواطن وانزال الاحكام عليها اجتهادا لا وحي عندهم يطلعهم عليه فاكتفى بالظاهر لان لا يكون للامة حكم الى يوم القيامة على احد الا بموجب الظاهر. والله يتولى السرائر فكانت هذه حكمة جليلة في التشريع ظهرت من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعامله مع النفاق والمنافقين قيل بالمدينة التعامل وفق الظاهر وايكال سرائرهم الى الله سبحانه وتعالى. فلذلك لم يقتل المنافقين وتركهم صلى الله عليه وسلم كما قال المصنف وقد شاع عن المذكورين في العرب كون من يتهم بالنفاق من جملة المؤمنين وصحابة سيد المرسلين. وانصار الدين بحكم فلو قتلهم النبي صلى الله عليه وسلم فلو قتلهم النبي صلى الله عليه وسلم لنفاقهم وما يبدو منهم وما يبدر منهم وعلمه بما اسروا في انفسهم لوجد المنفر ما يقول ولارتاب الشارد وارجف المعاند من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم والدخول في الاسلام غير واحد. ولزعم الزاعم وطعن العدو الظالم القتل انما كان للعداوة وطلب اخذ الترة. الترة يعني الثأر والانتقام هذا صحيح لو اعمل ذلك بما في الباطن الذي اطلعه الله عليه لن يدرك الناس ذلك. وسيقولون ان ما قتله انتقاما حظ نفس وثأرا وبذلك سينفتح باب شر في الامة وفساد عريظ وقد رأيت معنى ما حررته منسوبا الى ما لك بن انس رحمه الله ولهذا قال عليه السلام لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه صلى الله عليه واله وسلم. ولا يزال في الفصل بقية ناتي عليها تباعا ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى يا من بحب المصطفى قد اولعوا. زيدوا عليه من الصلاة واكثروا. يكفيك فخرا يا محب محمد ان المحب مع الحبيب حبيبي سيحشر صلى الله عليه واله وسلم فاستكثروا ما بقي من ليلة جمعتكم هذه وجمعتكم غدا من الصلاة والسلام. على امام الهدى وسيد الورى. وسلوا الله صادقين ان يحييكم على سنته وان يرزقكم اتباعها وان يكتب لنا ولكم ووالدينا ووالديكم الحشر في زمرته والفوز بشفاعته وان نكون ممن يظفر من الورود على حوضه يوم نلقى الله اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء يا حي يا قيوم ربنا هب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي يا ربي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى. والرسول المجتبى نبينا محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين والمسلم دائما يعتز باسلامه وايمانه واتباعه للقرآن والسنة واعتزازه بسنة رسوله لله صلى الله عليه قال مجاهد لا يتعلم العلم مستحيل ولا مستكبر. ان طلب العلم عمل صالح عظيم الاجر كثير الثواب. قال صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه الماء سهل الله له به طريقا الى الجنة