طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. له الحمد بالاخرة والاولى واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله امام النبيين وخاتم المرسلين صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة الكرام فهذه مجالس كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم من رحاب بيت الله الحرام حرام تعاود ما وقف عنه الحديث في شهر رمضان المنصرم وهو المجلس الذي ما زال ينعقد كل ليلة من ليالي الجمعة مستكثرين فيها من الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم نصيب من خيرات هذه الليلة وبركاته. ونوقظ في القلوب حبها الدفين وشوقها العظيم لنبي الامة عليه الصلاة والسلام رجاء ان تتقد في القلوب جذوة الطاعة والمحبة والاستنان برسول الله عليه الصلاة والسلام وهو ايضا برجاء اللحوق به في المقام الاعلى صلى الله عليه واله وسلم. فاجعلوا مجلسكم ايها الكرام عامرا بذكره سبحانه انه في هذه الليلة المباركة مشرقا بالصلاة والسلام على نبيه المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. وما كم خلقا وخلقا. اطل فكان اشراق الحياة. عليه صلاة ربي ما اعادت شفاه الكون حي على الصلاة فيا رب صلي وسلم وبارك عليه اتم صلاة وازكى سلام يا ذا الجلال والاكرام وقف بنا الحديث في اواخر الباب الرابع اخر ابواب الكتاب. الباب الثالث من القسم الرابع في الكتاب. وهو الحديث عما ساقه المصنف ذي صلة بالحديث عن حكم سب رب العزة والجلال وسب النبي عليه الصلاة والسلام وزاد ما يتعلق بالمقدسات والمعظمات حرماتها في الشريعة. قال في الباب الثالث في حكم من سب الله تعالى وملائكته وانبياؤه وكتبه وال النبي صلى الله عليه وسلم واجهوا وصحبه رضي الله عنهم جميعا. والذي ربط الباب بالباب ان الحديث عن حكم سب الله سبحانه وسب نبينا صلى الله عليه وسلم يتصل باصل عظيم في الشريعة وهو تعظيم شعائر الله وتعظيم حرمات الله. ومن ثم كان الحديث متناولا لهذه المسائل. فصلنا في مجلس الليلة ذكر فيه المصنف رحمه الله حكم المقولة ولاة التي تتضمن نسبة ما لا يليق الى الله سبحانه. ليس سبا ولا شتما. لكنها قائد الباطل المنحرفة التي تحمل في طياتها مضامين تتضمن ما لا يليق بمقام الالوهية فمن نسب الى الله عز وجل في باب الاسماء والصفات ما لا يليق به سبحانه مما يخالف ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة فان ذلك قدح في باب الالوهية وحقوقها العظيمة. فهذا الباب والفصل الذي نتدارسه في الليلة اراد به المصنف رحمه الله بيان موقف اهل العلم من تلك الفرق والطوائف المحدثة في الاسلام اهل الاهواء والبدع والمحدثات في باب الاعتقاد وخصوصا في باب القدر وباب اسماء وصفاته وهما بابان كثر فيهما ذلوا الاقدام بين الطوائف المنتسبة الى الاسلام. وجعله متصلا في هذا الباب الثالث في حكم سب الله تعالى وملائكته وانبيائه الكرام عليهم السلام. نعم احسن الله اليكم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الامين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولنا ولوالدينا وللسامعين. قال رحمه الله في حكم من اضاف الى الله تعالى ما لا يليق به عن طريق التأويل والاجتهاد والخطأ المفضي الى الهوى والبدعة. هذا عنوانه هو من صنيع المحقق رحمه الله تعالى. واراد به وضع عنوان مناسب يبين عن مضمون الفصل الذي عقده رحمه الله تعالى. وكلام المصنف الاتي اكثر ايضاحا من هذا العنوان. فانه حديث عن حكم تلك المقولات المحدثة التي لم يقصد اصحابها لم يقصد اصحابها انتقاصا في حق الله سبحانه. ولا سبا لا شتما ولا قدحا لكنها لما اتصلت بمقام الالوهية تلك المقولات وكانت مخالفة لما دلت عليه الادلة الشرعية تضمنت في طياتها نقصا لا يقر به اصحابها فانه ليس ها هنا مسلم يقول كلمة ينسب فيها الى ربه وخالقه سبحانه ذما او نقصا او قدحا والعياذ بالله والا لكان كفرا صراحا. لكنها العقائد محدثة والبدع التي زلت بها الاقدام في باب الاسماء والصفات. او باب المعتقد بوجه اعم. فالكلام هنا في موقف علماء الملة واهل الاسلام من السلف الاول الكرام رضي الله عنهم. لما ظهرت تلك المحدثات لما ظهرت القدرية وظهرت الخوارج والجهمية الذين ابتدعوا تلك البدع المحدثات ماذا كان موقف صدر الامة؟ من اواخر الصحابة رضي الله عنهم الذين عايشوا ظهور تلك المحدثات. واوائل زمن التابعين وكبار ائمتهم. كيف كانت مواقعهم من تلك المقولات المحدثة والبدع في باب الاعتقاد. وانما اوردها المصنف لانها مقولات كما اسلفت في طياتها نقصا لا يليق بمقام الالوهية. فهذا الذي اراد به المصنف كما سيوضحه في كلامه رحمه الله تعالى نعم قال القاضي رحمه الله واما من اضاف الى الله تعالى ما لا يليق به ليس على طريق السب ولا الردة وقصد كفر ولكن على طريق التأويل والاجتهاد والخطأ المفضي الى الهوى والبدعة. هذا القيد المراد وهو مهم لفهم مقصود المصنف رحمه الله من اضاف الى الله ما لا يليق به ليس على طريق السب ولا الردة وقصد الكفر فان قد تقدم في فصول سبقت واياكم وانه كفر صريح لا يعذر صاحبه ولا يتأول له. لكن المقصود هنا ما كان على طريق التأويل والاجتهاد والخطأ المفضي الى الهوى والبدعة. يعني مثلما قالت على سبيل المثال ان الله عز وجل ذات تختلف عن سائر الذوات. فالصفات المنسوبة اليه ينبغي ان تكون مختلفة عن سائد الصفات. قالوا ولان الذات الالهية قديمة ليست حادثة فلا يجوز ان يوصف فات الحوادث وقصدهم بالحادث ما كان موجودا بعد عدم. والله عز وجل منزه عن ذلك فانه كان ولم يزل سبحانه قبل الخليقة قالوا فلا يجوز ان يوصف الله باوصاف تتضمن معنى الحدوث يعني الوجود بعد عدم الوجود. ومن هنا جل صفات الله بل كلها. فنوفوا الصفات المنسوبة الى الله في الكتاب والسنة. فلا ينسب الى الله في معتقد المعتزل سمع ولا بصر ولا قدرة ولا علم ولا كلام ولا حياء ولا ضحك ولا غضب ولا مجيء ولا سائر دلت عليه نصوص الكتاب والسنة. فهذا خطأ افضى الى بدعة واحداث في الدين. لكن اصحابه لم ما تفوهوا به وقرروه وقعدوه ما كان في مقصود احدهم كفر ولا ردة ولا نسبة الذات الالهية الى النقص والى حق القدر او ما لا يليق. قال رحمه الله من اضاف الى الله ما لا يليق به ليس على طريق السب وللردة وقصد الكفر ولكن على طريق التأويل والاجتهاد والخطأ المفضي الى الهوى والبدعة ويدخل في هذا سائر الطوائف كل الطوائف والفرق المنتسبة الى الاسلام التي قررت في باب الاسماء والصفات خلاف ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة. خلاف ما قرره صدر الامة من الصحابة والتابعين وهو الذي يمثل منهج اهل السنة في هذا الباب. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله واما من اضاف الى الله تعالى ما لا يليق به ليس على طريق السب ولا الردة وقصد الكفر. ولكن على طريق التأويل والاجتهاد والخطأ المفضي الى الهوى والبدعة. من تشبيه او نعت بجارحة او نفي صفة كمال فهذا مما اختلف السلف والخلف في تكفير قائله ومعتقده. ها هنا تنبيهان مهمان في صدر هذا الفصل من الاهمية بمكان لحاجته الى البيان. قال رحمه الله على طريق التأويل والاجتهاد والخطأ المفضي الى الهوى والبدعة من تشبيه او نعتم بجارحة او نفي صفة كمال. هذا الكلام يحتاج الى تفصيل فان الخلاف بين اهل السنة وسائر الطوائف المخالفة لهم في باب الاسماء والصفات ينصب على قاعدة احدث فيه المحدثون خطأ ذات طرفين واهل السنة بينهما وصل. والخطأ هو اعتقاد التلازم بين اثبات الصفات وتشبيه الله عز وجل بغيره سبحانه وتعالى. واعتقاد التلازم اورث مذهبين متناقضين وقولين متنافرين احدهما نفي الصفات بالجملة خوفا من التشبيه. والاخر اقرار باثبات الصفات مع استلزام التشبيه تعالى الله عن ذلك. فالمشبهة ونفاة الصفات على اختلاف الطوائف بهذين القولين هما من اعتقد استلزام الاثبات للتشبيه. واهل السنة فرقوا بين الامرين فاذ يجيبون اثبات الصفات كما دلت عليه النصوص فانهم لا يرون لذلك تلازما بالمعنى الاخر الذي ظنه المخالفون لازما وهو التشبيه. فاثبات الصفات لله سبحانه لا يستلزم التشبيه. وهذا المعنى العظيم والقاعدة الاصيلة المقررة اشتمل عليها جزء من اية كريمة في سورة الشورى. وهو قول الحق سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير نفى التشبيه واثبت. فدل ذلك على ان اثبات الصفات لا يستلزم التشبيه. فلو قال قائل لاهل السنة تثبتون صفة النزول الالهي والضحك والغضب والرضا فيقولون نعم. لان الله اثبتها لنفسه واثبتها له نبيه صلى الله عليه وسلم قال الله عن نفسه وجاء ربك وقال عن نفسه لما خلقت بيدي وقال يد الله فوق ايديهم وقال ويبقى وجه ربك وقال نبيه عليه الصلاة والسلام ينزل ربنا الى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الاخر. وقال الله اشد فرحا. وقال عجب وربكما من صنيعكما بضيفيكما البارحة وسائر النصوص التي دلت على اثبات تلك الصفات. فاهل السنة يثبتون ما اثبت الله وما اثبت رسوله عليه الصلاة والسلام فاذ يقول مخالفهم انا انزه الله عن صفة توجب التشبيه او تستلزم التشبيه او تحتمل التشبيه. فلا يثبت لله يدا ولا وجها ولا ضحكا ولا غضبا ولا مجيئا ولا رضا ولا نزولا سعما منه ان ذلك من تمام تنزيه الله تعالى. وهذا موطن الخطأ الخلل والانحراف الذي وقع فيه اولئك القائلون بهذه المقولة. فان الله اثبت لنفسه ونفى التشبيه عن ذاته العلية فقال ولم يكن له كفوا احد. وقال وليس كمثله شيء. وذلك في اثبات في تمام اثبات المعاني. السامية لله سبحانه وتعالى من الاسماء الحسنى والصفات العلى. وفي الوقت ذاته فان الطائفة الاخرى وهي ايضا على الطرف الاخر في نقيض من الانحراف الذين ظنوا ان اثبات ذلك يستلزم التشبيه. وهم المشبهة فاثبتوا الصفات مع تشبيه الله تعالى بخلقه في تلك المعاني من الصفات تعالى الله عن ذلك. وكلا القولين خطأ وضلال وانحراف. فمن اثبت الصفات بمعنى التشبيه فهم المجسمة وهذا من غاية القبح في الانتقاص الذي ينسب الى الذات العلية تعالى الله فانه لا لا شيء اقدح في مقام الالوهية من تشبيه الخالق بخلقه تعالى الله. ويقابله كذلك نفاة الصفات فانهم من حيث زعموا التنزيه لله فنفوا الصفات جملة او بعضا فانهم عطلوا شيئا اثبتته النصوص عن الذات الالهية صفات العظمة. وما اثبته الله في كتابه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم. فكان جديدا لمعاني العظمة عن الذات الالهية في معنى او في زعم التنزيه الذي يزعمون فكان كلا قولين خطأ وضلال وانحراف. هذه المقدمة ضرورة لان تفهم معنى كلام المصنف والخطأ المفضي الى الهوى من تشبيه او نعت بجارحة او نفي صفة كمال. ضرب امثلة لهذين الانحرافين فان نفي الصفات هو من القدح في الذات الالهية الذي يتضمنه معنى النفي وان لم يصرح به اصحابه. فانه ليس احد من المعتزلة ولا الجهمية ولا سائر نفاة الصفات لا احد يقول انه يريد بهذه المقولة نسبة النقص لذات الالهية بل هم يزعمون انهم يريدون تنزيه الله عن ذلك تعالى الله. وفي الوقت ذاته فان المشبهة ايضا ليسوا ممن يقصد نسبة الله عز وجل الى النقص وحط القدر لكن هذا مقتضى القول وان لم يقصدوه. قال المصنف رحمه الله من تشبيه او نعت بجارحة او نفي صفة كمال. قصد المصنف رحمه الله من جملة بالجارحة يعني ان ينسب الى الله سبحانه الصفات الذاتية التي تعمل تحمل معنى الجارية مثل اليد والوجه والعين هذه جوارح في المخلوق. لكنها صفات اثبتها الله لخلق لذاته العلية. فقال في اليد لما خلقت بيدي. وقال بل يداه مبسوطتان. وقال يد الله فوق ايديهم ونحو ذلك وقال في الوجه الكريم ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام. وقال كل شيء هالك الا وجهه. وقال سبحانه وتعالى ايضا في معنى ذلك واصبر لحكم ربك فانك باعيننا. وقال لموسى عليه السلام ولتصنع على عيني. فاثبت نفسه سبحانه تلك الصفات. فلا يقول اهل السنة انها اثبات الجوارح لله تعالى الله. فهل يثبت لله يد ووجه وهل يثبت لله عين؟ الجواب نعم كما اثبتت النصوص. فان قيل كيف؟ قيل مراد الله اعلم به فالله عز وجل اثبت هذه الصفات واهل السنة يثبتونها مع العلم بمعانيها. فان معنى النزول والاستواء والغضب والضحك والمجيء وسائر الصفات معلوم. لكن كيفيتها مجهولة فيفوض اهل السنة كيفيات تلك المعاني الى عالمها سبحانه. لان الخالق جل جلاله لما اخبرنا بما اخبرنا به عن بعض صفات العظمة لذاته العلية فانما اخبرنا بالفاظها. الدالة على معانيها التي تعرفها العرب. ولم يدل لنا على كيفياتها التي تعجز العقول عن ادراكها. فاخبرنا الله بما تطيق العقول ادراكه واستأثر سبحانه من العلم بما لا تطيق ادراكه. وهذا المقام هو الذي جعل اهل السنة يقررون ذلك الاصل العظيم. الله اعلم بالمراد لما سئل امام اهل السنة مالك بن انس رحمه الله في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الحق سبحانه الرحمن على العرش استوى كيف استوى؟ كان سؤال السائل ليس عن معنى الاستواء فان معناه معلوم. انما سأل عن الكيفية كيف استوى؟ ولم قل ما معنى استوى؟ ولو سأل ما معنى استوى لاجابه الامام رحمه الله؟ لكنه سأل كيف؟ فقال رحمه الله مقولة تمثل من اجل اهل السنة ظل على مدى القرون يبين تلك العقيدة الحقة لاهل السنة في هذا الباب. قال يا هذا الكيف قال الاستواء غير مجهول. والكيف غير معقول. الاستواء من حيث المعنى لا يجهل. لكن الكيف كيف والله لا يعقل يعني لا يمكن ولو شرح لك ان يدركه عقلك. فطوى الله عز وجل علم ذلك عنا ان عقولنا لا تدركه. قال الاستواء غير مجهول. والكيف غير معقول. والايمان به واجب. والسؤال عنه بدعة فقرروا رحمهم الله ان الخوض في تلك الاسئلة التي تحمل البحث عن الكيفيات المجهولة التي لا العقول هو من الاحداث. والابتداع الذي افضى الى تلك الطوائف التي تقررت اصولها ثم انتشرت وتفشت بتقرير عقائدها بين الطوائف المنتسبة الى الاسلام. فاذا كان مقصود المصنف النعت بالجارحة هو اثبات تلك الصفات فالصواب ان اهل السنة يثبتون الوجه والعين واليد لله سبحانه لانه هو الذي اثبتها لنفسه تعالى الله عز وتقدست اسماؤه وصفاته. وان كان المعنى الجارح بالمعنى الذي هي جوارح المخلوقين. فليس ذلك منسوبا الى الله ولا يقول به اهل السنة والقول به هو فعلا من الاحداث في البدع التي تنسب في هذا المقام. قال رحمه الله هذا مما اختلف السلف والخلف في تكفير قائله ومعتقده. وهنا تقرير الاصل الثاني في مقدمة هذا الفصل تكفير تكفير من ينتسب الى الاسلام بسبب ما يعتقده من البدع والمحدثات التي تناقض عقيدة الاسلام اعلموا رأيكم الله ان اهل السنة قرروا في هذا الباب اصلا عظيما. يجمع بين صفتين مهمتين في الحفاظ على عقيدة الاسلام من الخلل والانحراف والزيغ والعبث. اولاهما الحفاظ على عقيدة اهل الاسلام صفية تقية كما جاءت في الكتاب والسنة. فان تحفظ عقائد المسلمين من العبث والتشويه والخلل والانحراف هذا واجب. هذا دين قام به اول ما قام به الشرع المطهر فانه قرر وصول تلك العقائد واوجب لزومها وحرم مخالفتها ووصف اصحاب التزامها بالاسلام ومخالفيها بالكفر والزيغ والانحراف. ثم تعاقب على ذلك اهل الاسلام جيلا بعد جيل في الحفاظ على تلك العقائد والذب عن حياضها وضرورة رفع سياج الاسلام لئلا يبقى سور العقيدة الاسلامية بصيرا يتسلقه كل احد. فحاموا دون حمى الشريعة الا يكون عبثا. والا يكون مهانا فضربوا ذلك الاسوار والحصون والابواب العظام. فكان تقرير عقائد الاسلام التي جاءت بها نصوص الكتاب والسنة اصلا عظيما يجب التزامه ولا يحكم باسلام احد الا بموافقتها والا كان مخالفا لها. والمخالف للاسلام ان لم يبق مسلما هذا اول الصفتين واما ثاني الصفتين فهو الحرص على ان تبقى عقيدة المسلم نقية بعيدة عن الشوائب والزغل والانحراف والخلل الذي يشوبها. وانما حصل ذلك بعد عهد النبوة وموت المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم ظهور الفتن في الاسلام. من اواخر زمن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم تحديدا اشتد ذلك بعد مقتل الخليفة ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه فظهرت الخوارج ثم ظهرت الشيعة ثم ظهرت سائر الطوائف التي تتابع معها احداث البدع والمحدثات المخالفة لعقائد اهل الاسلام. فكان هذا التقرير في مسألة الحكم باسلام المسلم وكفر الكافر يحمل صفة اخرى عظيمة جليلة. وهو اصل اصيل. التفريق بين الحكم على القول والفعل وبين الحكم على قائله او فاعله. فربما يحكم على الفعل او القول بكفر او فسق او بدعة لكن ذلك لا يلزم منه تنزيل الحكم بالكفر والفسق والبدعة على كل فاعل وقائل لذلك القول والفعل وهذا ليس تناقضا ولا خللا ولا ازدواجيا. لان الحكم على الفعل شيء والحكم على فاعله شيء اخر. والسبب انه ربما يقع في الفعل من يعذر بفعله. فلا يستحق تنزيل حكم ذلك الفعل عليه. فربما كان فعل كفرا او كان الفعل معصية او كان الفعل فسقا او كان بدعة. ولا يلزم ان يكون فاعله كافرا ولا مبتدعا ولا فاسق ولا عاصيا. ارأيتم جاهلا يفعل الفعل الحرام يجهل انه حرام. وفعله فسق ولا يلزم ان يكون الفاعل فاسقا فهو ومعذور بجهله. وربما كان متأولا او مكرها فكل تلك اوصاف تحول بين الحكم على فاعل اي للفعل بحكم الفعل. وهذا التفريق تقرير طويل في كلام اهل العلم. وقرروا فيه الاصول العظام التي تقررت في عقائد لاهل الاسلام. ومن ثم فعندما يتكلمون عن حكم القدرية كما سيأتي الكلام. او حكم الخوارج او حكم غيرهم فان هذا لا يعني تنزيل الحكم ذاك بعينه على كل واحد منتسب الى تلك الطوائف. حتى لا يقول قائل ان هذا من التكفير متوسع الذي قرره اهل السنة في دين الاسلام ابدا. هذا ليس من التوسع في التكفير بل هم من ابعد الناس واشدهم حرجا من الحكم بتكفير الشخص بعينه. وقوفا عند نصوص الشريعة وتأدبا بادبها وحفاظا على حرمات حرمتها الشريعة. الا ان دمائكم واموالكم واعراضكم عليكم حرام. كحرمة يوم هذا في شهر كم هذا في بلدكم هذا؟ يقولها النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع في المواقف العظام في منى في يوم محرم في الشهر الحرام في مكة البلد الحرام. هذا لم يغب عن منظور اهل السنة لما قرروا تلك الاصول العظام. ولهذا فان اهل السنة يقولون من قال كذا فهو كافر ولا يقصدون ان زيدا الذي قال ذلك كافر. وان عمرا الذي قال ذلك المقولة ايضا كافر، فيعتقد المستمع ان هذا اللفظ شامل لكل من قاله. ولم ينتبهوا الى ما قرره اهل السنة من ان التكفير او التفسيق او التبديع له شروط وموانع. ولا يستحق شخص ذلك الوصف الا اذا استوفى الشروط وانتفت عنه الموانع. فاما اذا اختل شرط او وجد مانع كان ذلك حائلا بينه وبين الحكم عليه بما به ولو كان المتلبس به كفرا او فسقا او بدعة او معصية. وان التكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين الا اذا وجدت الشروط وانتفت الموانع. وهذا الذي قرره اهل الاسلام من اهل السنة قولا وعملا. فخذ على سبيل سبيل مثال الامام احمد رحمه الله امام اهل السنة الذي ابتلي في فتنة القول بخلق القرآن. والقول بخلق القرآن كفر لم يختلف عليه احد من علماء السلف. والقائل به من المعتزلة كانوا ذوي بسط ونفوذ في تلك الاونة الناس حملا على هذه المقولة الكافرة. وامتحنوا الائمة بسببها فاوذوا بعضهم وسجن بعضهم وقتل بعضهم في تلك الفتنة والامام احمد رحمه الله احد من ابتلي في ذلك فكان الامام احمد وعامة الائمة الذين اطلقوا تلك العمومات في مسألة القائل بخلق القرآن مثلا لم يكفروا اكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه. الامام احمد الذي عايش اولئك من الجهمية والمعتزلة الذين حملوا الناس على القول بخلق القرآن ونفي الصفات. وامتحنوه وامتحنوا ائمة الاسلام انذاك وفتنوا المؤمنين والمؤمنات الذين لم يوافقوهم على تلك العقيدة الباطلة بالظرب والحبس والقتل والعزل عن الولايات وقطع الارزاق ورد الشهادات وترك تخليصهم من ايدي العدو فكل ذلك كان حاصلا. فكان هذا منهم بالقوة فمن اقر بخلق القرآن حكموا له بالايمان. وسلم من اذاهم ومن لم يقر به لم يحكموا له بحكم الايمان. ومن كان الى غير عقيدتهم قتلوه او ضربوه او حبسوه. وهذا ليس مجرد اعتقاد بعقيدة الجهمية فقط بل هو من اغلظه واسوأه وابشعه الذي حمل فيه الناس حملا على تلك العقائد. فالدعاء الى تلك الدعوة الى تلك العقائد الباطلة اعظم من عقيدة الباطلة نفسها وعقوبة قائلها اشد من مجرد الدعوة اليها. ومع ذلك فان الامام احمد رحمه الله وهو الذي يبتلى بذلك ويدعى اليه فتنة بمحضر الخليفة وعلماء السوء الذين كانوا يحيطون به مما قال بهذه العقائد الباطنة كان الامام احمد رحمه الله يدعو للخليفة وغيره ممن ضربه وحبسه ويستغفر لهم بل وحللهم رحمه الله مما فعلوه به من الظلم. والدعوة الى العقيدة الباطلة التي هي كفر. ولو كانوا مرتدين خارجين عن الاسلام في نظر الامام احمد رحمه الله ما استغفر لهم. ولا دعا لهم ولا حللهم مما اوقعوه به. فان الاستغفار للكفار غير جائز لكنه رحمه الله يرى انهم معذورين. انهم معذورون وعذرهم ما وقعوا فيه كان اجتهادا بتأويل لا نوافقهم عليه لكنهم لم يقدموا على الكفر اقدام اصرار وعناد ورضا به صلاح فهذا الذي جعل الائمة رحمهم الله لا يرون الحكم بتكفيرهم صراحة لاجل هذا المعنى العظيم. فما ستسمعونه يا كرام من كلام القاضي عياض رحمه الله وهو يحكي يحكي الموقف الحريص الحازم من علماء السلف ممن يسمي بعضهم باعيانهم في تكفير القدرية مثلا او الجهمية فانه ليس من عجلة اهل السنة في اهل الاسلام حاشا هو تكفير للعقائد والمقولات الكافرة وليس تكفيرا للاشخاص وقد علمت الفرق بين انهما فانتبه رعاك الله. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله واختلف قول مالك واصحاب في ذلك ولم يختلفوا في قتالهم اذا تحيزوا فئة وانهم يستتابون. نعم. قال فهذا مما اختلف السلف والخلف في قيل قائله ومعتقده من يقصد من قال بتأويل واجتهاد وخطأ يفضي الى الهوى والبدعة فاستلزم قوله تشبيها لله بخلقه تعالى الله او نفيا لبعض الصفات الكمال عن الله تعالى الله. قال اختلف العلماء في في لقائله واختلف قول مالك واصحابه لكنهم لم يختلفوا في قتالهم اذا تحيزوا فئة. يعني اذا اصبحوا في قطر او بلد متحصلين فيه مخالفين لسائر اهل الاسلام ويحملون عقيدة البراء منهم والمنافاة لهم والمناقضة لعقيدتهم والانشقاق عنهم قال فانهم يقاتلون ويستتابون. نعم. اختلف قول مالك واصحاب في ذلك ولم يختلف ولم يختلفوا في قتالهم اذا تحيزوا فئة وانهم يستتابون. فان تابوا والا قتلوا وانما اختلفوا في المنفرد منهم فاكثر قول مالك واصحابه ترك القول بتكفيرهم وترك قتلهم والمبالغة في عقوبتهم واطالة سجنهم حتى يظهر اقلاعهم وتستبين توبتهم كما فعل عمر رضي الله عنه بصبيغ. نعم. قال انما اختلفوا في المنفرد منهم. يعني صاحب الهوى منهم المبتدع او القائل بتلك المقولة. كيف يعامل؟ قال فاكثر قول ما واصحابه ترك القول بتكفيرهم. وترك قتلهم مع المبالغة في عقوبتهم واطالة سجنهم حتى لا يظهر اقلاعهم وتستبين توبتهم. اذا هو كما تقدم في حكم مشابه بشأن من ينطق بكلمة الردة او بالكفر او بسب لا يحمل السب الصريح لكنه يعزر ويؤدب. فهكذا جعلوا هذا الموقف مثل السب غير الصريح لانه ليس صريحا كذلك. وهو فعلا ليس سبا او تنقيصا لمقام الالوهية صراحة. لانه لما يقول وقائل ان الله لا يوصف بسبع ولا بصر ولا يد ولا وجه تعالى الله عن ذلك. لما يقول ذلك هو لم يقصد لم يقصد سلب فتلك الصفات عن الله انتقاصا. هو كما قلت لك قبل انما اراد تنزيه الله. فاخطأ الباب وكانت مقولته تدل على غير مقصوده يريد تنزيه الله فقال بقول يستلزم العكس على ذلك تماما. قال رحمه الله كما فعل عمر رضي الله عنه بصبيغ ابن عسل او يقال بصبيغ ابن عسيل المرادي. وصبيغ هذا احد الشباب الذين ظهروا وزمن الخليفة عمر رضي الله عنه فكان يتلقط الغرائب من القرآن ويسأل عن الاسئلة المشكلة والمشتبهة. فلما امره وكثر خبره وانه يتكلم باثارة الشبهات. التي لا ينشر منها علما ولا يدل بها على خير ولا يفيد بها فائدة كحال بعض من تصدر اليوم والله المستعان في عالم الناس. واصبحوا في وسائل التواصل الاجتماعي من اولئك الذين يثيرون الشبهات في عقيدة المسلمين. فلما فشى خبره وانتشر امره بلغ الى الخليفة عمر رضي الله عنه. فتعجب من شأنه فدعا به. فلما اوتي به وقد حضر الخليفة رضي الله عنه عرجون من النخل بين يديه يعده لضربه. فسأله ما الذي حملك على تلك الاسئلة المشكلات؟ يعني ما ما الذي يدعو مسلما ان يذهب فيفتش لينبش اثارة مشكلات وشبهات ليس من ورائها غرض الا تشكيك المسلم في دينه وعقيدته. لا تظن انه يفعل هذا مسلم. لو فعله يهودي لقلت يحارب الاسلام ولو فعله نصراني بوذي مجوسي عدو للاسلام لقلت حمله على ذلك المعاداة. لكن ان يفعل هذا مسلم يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا معنى لذلك اطلاقا. فهم به الخليفة عمر رضي الله عنه وهو الذي كان يثير تلك الشبهات ويتتبع مشكل القرآن ويخوض بها بين الناس فضربه عمر رضي الله عنه وادبه تأديبا شديدا اذن بذلك العرجون الذي كان بيده حتى سال الدم من رأسه وهو يستتيب امام الخليفة عمر ويعلن اقلاعه عن ذلك. واراد عمر رضي الله عنه بذلك التأديب ان يخرج شيطانه من رأسه والا يعود لمثل ذلك. فان اولئك الرعاع واولئك من رواد الفتنة وناعقي الباطل اذا وجدوا حزما ووجدوا آآ آآ رأي صارما وحكما يؤدبهم وقفوا ان لم يؤدبهم العلم والعقل ادبهم النظام والحكم. فكان اقلاعا منه ثم نفاه عمر رضي الله عنه من المدينة. والمقصود ان هذا اثر من صنيع احد الخلفاء الراشدين رضي الله المهم يدل على ان ذلك منهج قويم اتخذه اهل السنة منهاجا لهم فيما بعد ان يبالغ في عقوبة اولئك تلك المبتدعة مع اطالة السجن حتى يقلعوا عن تلك المقولات التي تحمل على التشكيك في العقائد وتشويه الدين او نسبة لا يليق الى الله تعالى الله عن ذلك. نعم. احسن الله اليكم. وهذا قول محمد بن الموازي في الخوارج وعبد الملك بن الماجي وقول سحنون وقول سحنون في جميع اهل الاهواء وبه فسر قول مالك في الموطأ وما رواه عن عمر وما رواه عن عمر ابن عبد العزيز وجده وعمه من قولهم في القدرية يستتابون فان تابوا والا قتلوا. قوله هذا قول محمد من المواز من علماء المالكية في الخوارج. اما الخوارج فشأنهم مختلف. فانهم حملة سلاح ودعاة قتال وفتنة فهم يستبيحون دماء المسلمين واموالهم واعراضهم. فوجب قتالهم ردعا لعدوانهم وكفا لاذاهم قال وهو قول عبد الملك ابن الماجيشون وقول سحنون في جميع اهل الاهواء. ينقل لك موقف علماء السلف رحمهم الله من اهل الاهواء والمحدثات والبدع والفرق التي خالفت اهل السنة منذ صدر الاسلام. قال وبه فسر قول ما لك ان في الموطأ وما رواه عن عمر بن عبدالعزيز وجده وعمه من قولهم في القدرية يستتابون فان تابوا والا قتلوا. ستسمع الان رواية ما لك رحمه الله في الموطأ. وما رواه عن عمر بن عبدالعزيز وجده وعمه من جده ومن عمه؟ عمر ابن عبد العزيز ابن من؟ عمر بن عبد العزيز ابن مروان ابن الحكم فجده الخليفة الاموي مروان ابن الحكم وعمه من؟ عبدالملك بن مروان. فانهم كانوا من خلفاء الدولة الاموية الذين كان لهم مع رؤوس الفتنة ودعاة المذاهب الباطل كان لهم مواقف حاسمة. وهم الذين حكموا بقتل رؤوس دعاة الفتنة وكبار القدرية مثل غيلان الدمشقي ومعبد الجهني فانهم قتلوا في تلك الاونة التي تولى فيها الحكم اولئك الخلفاء الموصوفين بالحزم. قال رحمه الله هذا الذي فسر به قول مالك في الموطأين. والذي رواه مالك في الموطأ رحمه الله تعالى فيما نقله كثير من اهل العلم وسيأتيك ايضا رواية الامام مسلم قال وفيه معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما نرى والله اعلم من غير دينه فاضربوا عنقه انه من خرج من الاسلام الى غيره مثل الزنادقة واشباههم. الذي قرره الامام ما لك رحمه الله الكرام. فيما رواه عن عمه ابي سهيل بن مالك انه قال كنت اسير مع عمر بن عبدالعزيز. فقال ما في هؤلاء القدرية وسيأتي لك وصف القدرية بعد قليل. قال ما رأيك في هؤلاء القدرية؟ قال رأيي رأيي ان تستتيبهم فان تابوا والا عرظتهم على السيف. فقال عمر بن عبدالعزيز رأيي قال مالك وذلك رأيي. والحديث صحيح عند مالك في الموطأ فتبنى الامام ما لك رحمه الله هذا الرأي الذي صرح به الخليفة عمر ابن عبدالعزيز في القدرية انهم يستتابون فان تابوا والا عرضوا على السيف. يعني القتل القدرية هم فئة تقول بنفي القدر. ينفون القدر ان الله عز وجل لم يقدر على خلقه شيئا وكلكم يعلم ان الايمان بالقدر احد اركان الايمان. فاختلاله خروج من الايمان. لا يبقى لمؤمن ايمان ولا يؤمن بالقدر خيره وشره الذي جاء النص عليه في احاديث وليس حديثا واحدا فهم ينفون القدر ويزعمون ان الله عز وجل لم يخلق افعال العباد. وان العبد يخلق افعال نفسه. وان الامر انوف. وهذا القول المبطل تدع ظهر اولا في البصرة في اواخر زمن الصحابة في خلافة الراشدين في اواخر زمن الخلفاء الراشدين. ثم بلغ امرهم للصحابة الكرام فتبرأوا منهم وكانت لهم المواقف الحاسمة في الا يسلم عليهم والا تصلى على جنائزهم والا بهم وان ينفوا كان الموقف الحازم لاجل ادراك خطر هذه البدعة والقول المحدث في دين الاسلام. فعبدالله بن عمر وجابر وانس وابي هريرة وابن عباس وكثير من كبار الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسألون عن ذلك كما ستسمع في رواية لمسلم فيكون لهم الجواب الحاسم الصارم في التعامل مع هؤلاء. ثم كان من كبار دعاتهم معبد الجهني قتله الحجاج بن يوسف الثقفي وكان من كبار دعاتهم غيلان الدمشقي وقتله الخليفة هشام بن عبدالملك. ولذلك اشار المصنف قال عن عمر وعمه من قولهم في انهم يستتابون في القدرية فان تابوا والا قتلوا. روى مسلم في صحيحه عن يحيى بن يعمر قال كان اول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني. قال فانطلقت انا وحميد بن عبدالرحمن الحميري حاجين او معتمرين فقلنا لو لقينا احدا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر كان هما ظهرت المقولة وانتشرت في البصرة. فبدأ الناس يخوضون وظهرت تلك الشبهات. فعزم هؤلاء على انهم جاءوا مكة او المدينة ووجدوا واحدا من الصحابة لتطيب نفوسهم بالسؤال عن ذلك ومعرفة الجواب. قالوا فانطلقنا حاجين او معتمرين فقلنا لو لقينا احدا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر. قال فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلا المسجد. قال فاكتنفته انا وصاحبي اكتنفناه يعني واحد جاءه عن يمينه والثاني عن يساره. قال فاكتنفته انا وصاحبي احدنا عن يمينه والاخر وعن شماله فظننت ان صاحبي سيكل الكلام الي فقلت يا ابا عبدالرحمن انه قد ظهر من قبلنا اناس يقرؤون القرآن ويتفقرون العلم يعني يطلبون العلم بحرص وذكر من شأنهم وانهم دون الا قدر وان الامر انف. معنى الامر انف يعني مستأنف لم يسبق به تقدير لله ولا علم سابق لله فما يفعله العبد اليوم لم يسبق علم لله به فهو مستأنف. وما سيفعله غدا او بعد ساعة فالامر وانف وهذا نفي لباب القدر بالجملة. وهم الان يسألون عبد الله ابن عمر الصحابي الجليل رضي الله عنه وارضاه. قال يزعمون ان الامر انوف. قال عبدالله بن عمر فاذا لقيت اولئك فاخبرهم اني بريء منهم وانهم البرءاء مني. قال والذي يحلف به عبدالله بن عمر لو ان لاحدهم مثل احد ذهب من فانفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر. كان كلاما واضحا صريحا يحمل ما وصفته لك قبل من انه كان حماية لعقيدة الاسلام. وذبا عن حياضها وتقريرا للاصل العظيم. قال الامام النووي رحمه الله تعالى انكرت القدرية ذلك وزعمت ان الله سبحانه لم يقدر الافعال وانه لم يتقدم علمه بها وانه مستأنفة العلم يعلمها سبحانه بعد وقوعها وكذبوا على الله سبحانه عن اقوالهم الباطلة تعالى الله علوا كبيرا سميت الفرقة قدرية انكارهم القدر. ان الامر انف يعني كما تقدم مستأنف. روى ابو داوود عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال القدرية مجوس هذه الامة ان مرضوا فلا تعودوهم وان ما فلا تشهدوهم والحديث صححه الالباني. والمقصود ان تقف رعاك الله على طرف من هذا الموقف الشديد للسلف لن اقول الشديد لكن سأقول الصارم والحازم لانه الموقف الصحيح الذي يزاد به عن عقيدة الاسلام حتى لا مستباحا فوقفوا رضوان الله عليهم في وجه كل من يعبث بعقائد الاسلام ويشوهها ويتأول فيها طويلا باطلا فيظرب النصوص ببعظها او يقول فيها بجهل او يتقول فيها بغير علم وكان ذلك من بوابات الاثم العظيمة التي يدخل منها اصحابها على تلك الحرمات العظيمة. وكذلك روى الامام عبدالله بن الامام احمد في السنة ان ابا الزبير كان يطوف بالبيت مع طاووس الامام العالم اهل مكة فمر بمعبد الجهني ومعبد الذي مر بكم ذكره اول من تكلم في القدر وابتدع بدعة نفي القدر. قال ان ابا الزبير كان يطوف مع طاووس اي فمر بمعبد الجهني فقال قائل للطاووس هذا معبد الجهني الذي يقول بنفي القدر فعدل اليه طاووس حتى ووقف عليه فقال انت المفتري على الله عز وجل القائل ما لا تعلم. انظر كيف جعل تلك العقيدة الباطلة تقولا على الله افتراء على الله وهو من القول بغير علم. قال له انت المفتري على الله عز وجل القائل ما لا تعلم قال معبد يكذب عليه. قال ابو الزبير فعدلت مع طاووس حتى دخلنا على ابن عباس فقال له طاووس يا ابن عباس الذين يقولون في قال ابن عباس اروني بعضهم قال قلنا صانع ماذا؟ قال اذا اجعل يدي في رأسه ثم ادق عنقه لم يرظوا رظوان الله عليهم ان يكونوا شاهدين على من يعبث بدين الاسلام ويحرف في عقائدها وهم شهود رضي الله عنهم الا ان يكون لهم الموقف الصارم. اردت بهذا ان ما ستسمعه بعد قليل من العبارات الصارمة والحازمة لبعض العلماء وائمة الاسلام لا تظنه تشديدا او مبالغة بل هو الاصل العظيم الذي قامت عليه عقيدة الاسلام في الحفاظ على ما جاءت به نصوص الكتاب والسنة من عبث العابثين وجهل الجاهلين وانتحال المبطلين وتأول كل عابث في الدين اقرن هذا رعاك الله بالاصل الذي تقدم بازائه ان الحكم بكفر المقولة او احداث فيها قول البدعة او الفسق لا يستلزم تكفير او تنزيل الحكم على كل من يقول بها حتى تستوفى الشروط وتنتفي الموانع. نعم. احسن الله اليكم وبارك فيكم. قال رحمه الله وقال عيسى عن ابن القاسم في اهل من الاباضية والقدرية وشبههم ممن خالف الجماعة اما الاباضية ففرقة من الخوارج ينتسبون الى عبد الله ابن التميمي ولا يزال لهم اتباع في بعض بلاد الاسلام الى اليوم فاصل انتسابهم الى فرقة الخوارج الام وهم فرع او شعبة من شعبها ولهم عقائد يخالفون فيها عموم اهل السنة في ابواب شتى من ابواب العقيدة. وسئل ابن القاسم عن اهل الاهواء من الاباضية والقدرية وشبههم نعم. وقال عيسى عن ابن القاسم في اهل الاهواء من الاباضية والقدرية ممن خالف الجماعة من اهل البدع والتحريف لتأويل كتاب الله عز وجل. قال رحمه الله يستتابون اظهروا او اسروه فان تابوا والا قتلوا وميراثهم لورثتهم. وقال مثله ايضا ابن القاسم في كتاب محمد في اهل القدر وغيرهم قال واستتابتهم ان يقال لهم اتركوا ما انتم عليه. ومثله ومثله ومثله له في الاباضية والقدرية وسائر اهل البدع. قال وهم مسلمون وانما قتلوا لرأيهم السوء. برأيهم السوء قال وهم مسلمون وانما قتلوا لرأيهم السوء وبهذا عمل عمر ابن عبد العزيز ان هو ليس تكفيرا لما قالوا يقاتلون او يستتابون فان تابوا والا قتلوا. قال رحمه الله وهم مسلمون فيما نقل عن ابن القاسم. وانما قتلوا كيف مسلم ويقتل؟ قال لرأيه السو والا فقد تقدم قال ميراثهم لورثتهم. ولو حكم بكفرهم ما كان انتقال الميراث للورثة حاصلا مع اختلاف الدين. نعم. قال رحمه الله قال ابن القاسم من قال ان الله لم يكلم موسى تكليما استتيب. فان تاب والا قتل هذا ايضا نفي لصفة الكلام عن الله. والله عز وجل يقول وكلم الله موسى تكليما. فالاية صريحة مؤكدة بالمفعول المطلق. ثم لن يكون النفي الا متأولا متكلفا فقال من قال ان الله لم يكلم موسى استتيب. فان تاب والا قتل. تدري لم؟ لانه تكذيب لصريح ما دلت عليه الاية الكريمة وتكذيب القرآن او شيء مما جاء به كفر لا يعذر صاحبه. نعم. احسن الله اليكم. قال وابن حبيب وغيره من اصحابنا يرى تكفيرهم وتكفير امثالهم من الخوارج والقدرية والمرجئة. وقد خوارج تقدم والقدرية ايضا اما المرجئة فالمراد بهم من فصل مفهوم الاعمار عن مسمى الايمان. فسموا مرجئة لانهم ارجأوا العمل. فهم طوائف ومراتب شتى. اما اقربهم الى اهل السنة وابعدهم عن مخالفتهم فهم مرجئة الفقهاء. الاوائل المتقدمون. وهم من خيرة الامة بل كثير منهم من علماء الامة الكبار. وغاية في ارجائهم خلاف يسير محتمل. وانما شدد السلف في الانكار على مقولتهم لانها فتحت الباب للارجاء المذموم الشنيع الذي وقع فيما بعد ثم تفشى في الامة الى اليوم. وهو باختصار ان يكتفي المسلم بانه يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. دون ان يكون له حرص على الالتزام بالواجبات او مفارقة المحرمات فمهما اوغل في الحرام ومهما فرط في الاركان والواجبات يرى نفسه لا يزال داخل دائرة الاسلام. وان هذا من عظيم ما استبشر في عقائد المسلمين بل تمادى غلاة المرجئة الى الزعم ان الايمان اصله واحد وان الخليقة كلها مسلمة وان ابليس لانه مؤمن بربوبية الله وان فرعون كذلك مؤمن. لانه ايضا يؤمن بالله. قال امنت انه لا اله الا الذي امن به بنو اسرائيل بل وابشع من ذلك ان الايمان شيء واحد. وان ايمان ابليس وفرعون لا يقل عن ايمان ابي بكر وعمر الانبياء والملائكة الكرام عليهم السلام. في اقوال جر بعضها الى بعض ابشع مما سبق. وتمادى بذلك القول في عقائد المرجئة. فالقول المذموم والحكم الصارم في كلام اهل العلم عن المرجئة انما هو عن غولاتهم الذين تمادوا في اه فصل العمل عن مسمى الايمان وزعم ان الايمان هو اقرار القلب بوجود الله فقط. ولو لم يعتقد ما يلزم لذلك الايمان من وجوب التوحيد العملي وتوحيد الالوهية وصرف العبادة لله سبحانه وتعالى. احسن الله اليكم. قال رحمه الله وقد روي ايضا عن سحنون مثل مثله في من قال ليس لله كلام انه كافر. واختلفت الروايات اختلفت واختلفت الروايات عن مالك فاطلق في رواية الشاميين ابي مسهر ومروان ومروان بن محمد الطاطري الكفر عليهم وقد وقد شوه في زواج القدري فقال لا تزوجه قال الله تعالى ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم وروي عنه ايضا انه قال اهل الاهواء كلهم كفار. وقال من وصف شيئا من ذات الله تعالى واشار الى شيء من جسده يد او سمع او بصر قطع ذلك منه لانه شبه الله بنفسه. وقال في من قال القرآن مخلوق كافر فاقتلوه. وقال ايضا في رواية ابن نافع يجلد ويوجع ضربا ويحبس حتى يتوب. وفي رواية بشر بن بكر وفي رواية بشر ابن بكر التنسي التنيسي. وفي رواية بشر بن بكر التنيس عنه قال يقتل ولا تقبل توبته نعم هذه مقولات مروية عن الامام مالك الله اكبر لا اله الا الله لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. اشهد حي على الصلاة حي على الصلاة لا حول ولا قوة الا بالله حي على الفلاح حي على الفلاح الله اكبر لا اله الا الله لا اله الا الله اللهم صلي على محمد وال محمد اللهم صلي اللهم انك حميد محمود فهذه جملة روايات نقلها المصنف رحمه الله عن الامام ما لك مشيرا الى الاختلاف في الرواية وواد الاختلاف اما ان يكون لاختلاف السؤال او لاختلاف موضع اجاب عنه رحمه الله بما يناسبه. قال اطلق في رواية الشاميين الكفر عليهم يعني عن من سمى من ارباب تلك الاهواء. وشور يعني طلب المشورة رحمه الله في القدري الذي تقدم ذكرهم نفاة القدر فقال لا تزوجه. قال الله تعالى ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم ومعنى الاستدلال انه لا يراه من اهل الاسلام. قال وروي عنه ايضا انه قال اهل الاهواء كلهم كفار وهذه العبارات على عمومها مما يخطئ بعض من يفهم كلام الائمة من السلف في فهمها. او من يريد تشنيع الائمة رحمهم الله ليقول ان اهل الاسلام توارثوا عن اسلامهم عن اسلافهم الاوائل التكفير بالجملة والاطلاق دون تقييد ثم يسوق تلك العبارات في غير مساقها الصحيح. وبتر سؤالات الائمة رحمهم الله اجاباتهم عن سياقها المتصل بها يورث ذلك الخلل في الفهم. قال من وصف شيئا من ذات الله تعالى واشار الى شيء من جسده يد او سمع او بصر قطع ذلك منه. يعني يتكلم عن صفات الله في ذكر وجه الله ويشير الى وجهه. يذكر يد الله ويشير الى يده من باب التشبيه قال قطع ذلك منه لانه شبه الله بنفسه. وقال في من قال القرآن مخلوق قال كافر فاقتلوه. في رواية ابن نافع قال يجلد ويوجع ضربا ويحبس حتى يتوب. فهذا ليس تناقضا من قال القرآن مخلوق كافر. لكنه ان كان كافرا وقد استتيب وهذا احد مواطن التفريق فرق بين كافر قامت عليه الحجة بكفره. واستتيب فابى وعرضت عليه الادلة فسقطت حجته الباهتة فاصر على الكفر عنادا وهوى. فرق بينه وبين من عرضت عليه الحجج واستبانت له الدلائل وما زالت عنده الشبهة قائمة كلما اجيب عن شيء اورد شبهة اخرى. فان الحكم بكفر المقولة لا يستلزم كفر القائل على هذا المعنى نعم احسن الله اليكم. قال القاضي ابو عبد الله البرنكاني والقاضي ابو عبد الله الدستوري من ائمة العراقيين من اصحابنا جوابه مختلف يقتل المستبصر الداعية. المستبصر الداعي يعني المتبين لبدعته. العالم انها وخلل وانحراف لكنه صاحب هوى. منتفع في بطلانه وبدعته وضلاله. بشيء من حظوظ الدنيا منصب وجاه وسيادة وزعامة ومال وشهوات ونحو ذلك. نعم. قال رحمه الله وعلى هذا الخلاف وعلى هذا الخلاف اختلف قوله في اعادة الصلاة خلفهم. وحكى ابن المنذر عن الشافعي لا يستتاب القدري. واكثر اقوال السلف تكفيرهم ممن قال به الليث ابن سعد وابن عيينة وابن لهيعة وروي عنهم ذلك في من قال بخلق القرآن وقاله ايضا ابن المبارك والاودية ووكيع وحفص بن غياث وابو اسحاق الفزاري وهشيم وعلي بن عاصم في اخرين. طيب نقف عند هذا وهو نقل مصنف رحمه الله عن طائفة عريضة من سلف الامة وعلمائها البررة في موقفهم من تكفير اهل الاهواء والبدع والمحدثات نرجئها الى مجلس ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. فاعمروا ليلتكم بما استفتحتموه ايها المباركون من ذكر ربكم سبحانه وكثرة الصلاة والسلام على نبيكم صلى الله عليه وسلم. حبا لمن رب السماء صلى عليه وسلم لما صلوا عليه محبة وتقربا كي نكرما يوم المعاد بشربة من حوضه ننسى الظمأ. واذا محمدا القلب يستبق الفم. واذا ذكرت محمدا الدمع في خدي هما. ما خاب من صلى عليه. ومن كما صلى الله عليه واله وسلم. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. وارزقنا الهي بالصلاة والسلام على النبي المصطفى صلى الله صلى الله عليه وسلم مزيد حب له واتباع لسنته. واكرمنا يا ربي بالحشر في زمرته وورود حوضه والفوز بشفاعته. نحن والدينا وازواجنا وذرياتنا يا رب العالمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل يا وسلم وبارك على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين كل شيء في الحرم المكي يدعو للشوق. ومن ذلك دروس الحرم العلمية وكراسي العلماء. فماذا لو قربنا لك كهذه المجالس لتعيش في رحابها وانت في بيتك. على قناة التوجيه والارشاد الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي تستطيع ان تكون احد حضور مجالس العلم في المسجد الحرام مباشرة ولحظة بلحظة. حيث يمكنك حضور المجلس ومتابعة واخذ العلم عن اهله وكانك هناك. للمتابعة اشترك الان