الرحمن الرحيم. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان سيدنا ونبينا وقرة عيوننا وقدوتنا محمدا عبد الله ورسوله اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد اخوة الاسلام فمن رحام بيت الله الحرام. من هذه البقعة الطيبة المباركة الطاهرة. وفي هذه الليلة الكريمة الشريفة المباركة ليلة الجمعة ينعقد هذا المجلس من مجالس مدارستنا لكتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم للامام القاضي ابي الفضل عياض اليحسوبي رحمة الله تعالى عليه. في مجلس نرجو ان يكون باعثا لنا على الاستكثار من الصلاة والسلام على حبيب القلوب وانسها رسول الله صلى الله الله عليه واله وسلم نرتجي من بركات هذه الليلة وخيراتها واجرها وعظيم صلاة ربنا علينا بصلاتنا على نبيه صلى الله عليه واله وسلم. صلى عليك الله يا من حبه قد بصر بعد عماها صلى عليك الله يا من ذكره قد طيب الاسماع والافواه. فاجعلوا هذا المجلس ايها مجلسا مباركا في هذه الليلة المباركة. وفي هذا المكان المبارك بكثرة ذكركم لربكم سبحانه وصلاتكم وسلامكم على نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم مستذكرين قوله عليه الصلاة والسلام اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. صلى الله عليه واله وسلم وهذا الفصل الذي نتدارسه الليلة ايها الكرام امتداد لما سبق ليلة الجمعة الماضية. في حديث المصنف رحمه الله عن حكم التعرض بما عظم الله سبحانه في دينه وشريعته من الشعائر فان ربنا سبحانه وتعالى عظيم. وكتابه سبحانه وتعالى عظيم. ونبيه صلى الله عليه وسلم عظيم وديننا عظيم كله ايها المسلمون. ومن تعظيمنا لربنا العظيم سبحانه ان نعظم ما عظمنا الله جل جلاله. ومن هنا تأسست قواعد الاسلام في الاحترام والادب والوقار والتعظيم لما عظم الله فما الذي عظم الله؟ عظم الله دينه وكتابه ونبيه صلى الله عليه وسلم وعظم الحرمات التي سميت بحرمات الله والشعائر التي سماها شعائر الله. ولاجل ذلك بعدما فرغ المصنف رحمه الله من الحديث عن حكم من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم. واورد فيه التقريرات البديعة والنقولات النفيسة اهو الادلة الجليلة انتقل الى هذا الباب الذي ختم به الكتاب. فقال حكم من سب الله تعالى وملائكته وانبياؤه وكتبه وال النبي صلى الله عليه وسلم وازواجه وصحبه. كل هذه الامور معظمة بانها عظيمة في ميزان الشريعة. وتقدم في ليلة الجمعة الماضية مطلع الفصل الذي نواصل فيه حديث الليلة في حكم من تناول شيئا من تلك الحرمات بالانتقاص لا على سبيل التصريح والقصد والسب لكن على سبيل التأول ووقع في كلامه ما يؤول الى انتقاص ليس صراحة بل لزوما ودلالة وربما كان متأولا. ولهذا قال من اضاف الى الله ما لا يليق به ليس على طريق السب. والتنقص وقصد كفر ولكن على طريق التأويل والاجتهاد والخطأ المفضي الى الهوى والبدعة من تشبيه او نعت بجارحة الى اخر قال رحمه الله وتقدم في صدر المجلس الماظي طرف من نقولات اه المصنف رحمه الله عن ائمة في حكم تلك الطوائف من اهل الاهواء المنتسبة الى الاسلام الذين صدرت عنهم مقولات تحمل في طياتها الانتقاص لمقام الالوهية تعالى الله. وذلك فيما وقعت فيه تلك الطوائف من الخلل والانحراف في باب والصفات على ما تقدم تقريره وكذلك اصول الاعتقاد كالقدر. فتقدم الحديث عن الخوارج والمرجئة والقدر والجهمية وما الذي وقف له اهل العلم سلفا وخلفا من بيان بطلان عقائدهم والتحذير منهم جر الى الحديث عن حكم بقائهم في الاسلام. هل يكفرون ام لا يزالون داخل دائرة الاسلام بان ذلك مرتبط بالاصل العظيم وهو التعدي على ما عظم الله سبحانه وتعالى. فملس الليلة صلة لما تقدم في مجلس ليلة الجمعة الماضية وبالله التوفيق. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسوله الامين نبينا محمد اشرف خلق الله اجمعين وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولنا ولوالدينا وللسامعين. امين. قال رحمه الله واكثر اقوال السلف تكفيرهم طيب لو اعدت حتى يتصل الكلام في الصفحة السابقة واختلفت الروايات عن مالك رحمه الله تعالى. قال القاضي عياض رحمه الله واختلفت الروايات عن مالك رحمه الله فاطلق في رواية الشاميين ابي مسهر ومروان بن محمد الكفر عليهم وقد صور في وقد شوهر في زواج القدري فقال لا تزوجه. قال الله تعالى ولا عبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم وروي عنه ايضا انه قال اهنأه. وروي عنه وايضا انه قال اهل الاهواء كلهم كفار. وقال من وصف شيئا من ذات الله تعالى واشار الى شيء من جسده يد او سمع او بصر قطع ذلك منه. لانه شبه الله تعالى بنفسه. وقال فيمن قال القرآن مخلوق كافر فاقتلوه. وقال ايضا في رواية ابن نافع يجلد ويوجع ضربا ويحبس حتى يتوب. وفي رواية بشر ابن وفي وفي رواية بشر بن بكر التلميذي عنه قال يقتل ولا تقبل توبته. قال القاضي ابو عبد الله البرنكاني والقاضي ابو عبد الله من ائمة العراقيين من اصحابنا. جوابه مختلف. يقتل جوابه مختلف. قالوا مختلف يقتل المستبصر الداعية. وعلى هذا الخلاف اختلف قوله في اعادة الصلاة خلفهم. وحكى ابن المنذر عن الشافعي لا يستتاب القدري هذا الذي تقدم معنا ليلة الجمعة الماضية طرف من كلام اهل العلم رحمهم الله ومن ائمة السلف في الحكم على اهل الاهواء. وتقدم ان المراد باهل الاهواء اولئك الذين تركوا ما دلت عليه نصوص الشرعية في اصول الاعتقاد. واتبعوا فيه اقوالا محدثة ناشئة عن اتباع بعض القواعد ذات اللوازم الباطلة التي لم تأتي بها الشريعة. فكان هذا اتباعا لهوى وكان محدثا في الاسلام. فلهذا يقال عنهم اهل الاهواء او المحدثات والبدع. والمراد بها الاهواء والبدع والمحدثات العقدية العلمية هذا المقصود به في ابواب الاعتقاد. فنقل عن الامام مالك رحمه الله ما سمعتم من الروايات. ومنها قال من وصف شيئا من ذات الله تعالى واشار الى شيء من جسده يد او سمع او بصر قال قطع ذلك منه لانه شبه الله بنفسه. وقال فيمن قال القرآن مخلوق كافر فاقتلوه. وقال في رواية ابن نافع يجلد ويوجع ضربا ويحبس حتى يتوب. وفي رواية بشر ابن بكر التنيس يقتل ولا تقبل توبته. وقال بعض اصحابه العراقيين جوابه مختلف. يقتل المستبصر الداعية يعني ليس كل صاحب بدعة وهوى يتنزل عليه الحكم بالردة وما يلزم عنه من القتل ولكن ان كان مستبصرا يعني يعرف الادلة ويعرف مداخل البدعة وهو يدعو اليها اصرارا وعنادا مخالفة لدين الله. قال فذلك يعد حكمه حكم الردة التي يترتب عليها القتل لما تقدم في مجلس ليلة الجمعة من النصوص والاثار التي وقف منها صدر الصحابة الاول رضي الله عنهم موقفا حاسما وخصوصا فيما يتعلق بالقدر وفاة القدر وماذا يلزم على قولهم من الباطل الذي لا يحتمل؟ هذه المقولات اراد منها المصنف رحمه الله تعالى ان يبين يا امة الاسلام ان عقيدتنا معشر المسلمين ظلت محفوظة منذ صدر الاسلام الاول انتدب لها علماء الامة انفسهم فذبوا عنها وجاهدوا من اجلها ورفعوا رايتها وكان هذا جهادا علميا منه رحمة الله عليهم ورضي الله عنهم في الحفاظ على عقيدة الاسلام نقية صافية لا يشوبها كدر فلا يدخلها خلل وان تبقى متوارثة تحفظ وتدرس وتلقن وتورث للاجيال. فكلما جاء بعد ذلك من اخلال بها وانحراف بها عن مسارها كانوا حماة لعقيدة الاسلام. وكانوا مدافعين عن حدوده ويرفعون الراية ويذبون عن حياض دين الاسلام. وتلك النقولات على كثرتها مواضعها مختلفة وسياقاتها متعددة والقائلون بها ايضا مختلفون في اقطارهم واعصارهم. ليدل كذلك ليدل كذلك على شيء واحد. وهو انه اصل تقرر في الامة وتكرر مع اختلاف المواضع مكانا واختلاف الازمنة كذلك فهو اصل بقي في الامة محفوظا بحفظ الله فغاية ما يريد المصنف رحمه الله في هذا الفصل ان يوقفك على عدم الاتفاق ولا الاجماع لا لا اجماع ولا اتفاق في حكم اولئك الذين اعتقدوا العقائد الباطلة التي لا يزعم فيها تنقيص الذات الالهية صراحة. بل احدهم لو قيل له يلزم من قولك ان الله تعالى الله كذا فيقول حاشا عياذا بالله ويرفض ذلك. لكن لوازم تلك المقولات ومآلات تلك البدع والمحدثات تفضي الى التعطيل مثلا وهو تجريد الذات الالهية عن الصفات او تحريفها والقول بغير دلالاتها او التشبيه والتجسيم عياذا بالله واحدهم قد لا يقول بذلك بذلك المآل لكن مقولته تودي الى ذلك وتفضي اليه لا محالة. فما الحكم في هؤلاء لان مقولاتهم وعقائدهم ليست كفرا صريحا ولا سبا وانتقاصا للذات الالهية ايضا راحة لكنها بحسب ما تفظي اليه كما قال المصنف رحمه الله في مطلع الفصل على طريق التأويل والاجتهاد والخطأ المفضي الى الهوى والبدعة فيقع منهم ما يقع. فنقل لك النقولات بدءا من قوله في صدر الفصل واختلف قول ما واصحابه في ذلك. هذا الاختلاف يثبته هذه النقولات المتنوعة. وما زال في الفصل بقية يسرد فيها رحمه الله طرفا من كلام سلف الامة من كبار التابعين واتباعهم لاثبات تباين اجتهادهم رحمهم الله في الحكم على هؤلاء بالكفر او عدمه. وهذا الاختلاف ينبغي ان ان يحترم يعني الا يصادر فيه قول على قول لكن يلتمس فيه الدليل ولاجله عقد المصنف الفصل الذي يليه في ذكر ادلة من قال بتكفيرهم وادلة الاخرين ليوقفك على المآخذ العلمية لاهل العلم في هذا الباب. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله واكثر اقوال السلف تكفيرهم. ممن قال به الليث ابن سعد وابن عيينة وابن لهيعة. وروي عنهم ذلك في لمن قال بخلق القرآن لما قال في السطر السابق وحكى ابن المنذر عن الشافعي رحمه الله تعالى قال لا يستتاب القدر وتقدم ان القدرية مذهب يقول اصحابه بنفي القدر. وتبنى ذلك طائفة ظهرت بالبصرة اول الامر ثم فشل قول وتزعمه بعض زعماء نفي القدر ثم تبنته بعض المذاهب المشهورة كالمعتزلة فلما وهروا في اواخر زمن الصحابة رضي الله عنهم وقد ادرك بعض الصحابة تلك المقولات فكان لهم الموقف الصارم في رفضها وابطالها وعدم التسليم بها او التساهل في المواقف من اصحابها ما تقدم ليلة الجمعة الماضية في النقل عن بعض الصحابة كعبد الله بن عمر رضي الله عنهما. وكذلك عن انس وابي هريرة وجابر رضي الله عن الجميع موقف كان للصحابة رضي الله عنهم الرأي الصريح في موقفهم من هؤلاء كما روى الامام احمد في مسنده لما قال قائل لطاووس هذا معبد الجهني الذي يقول في القدر فعدل اليه طاووس حتى وقف عليه قال انت المفتري على الله. القائل ما لا تعلم. قال معبد يكذب علي. فقال ابو الزبير فعدلت مع طاووس حتى دخلنا على ابن عباس رضي الله عنهما فقال له طاووس يا ابن عباس الذين يقولون في القدر يعني ما تقول فيهم فقال ابن عباس رضي الله عنهما اروني بعضهم قلنا صانع ماذا؟ يعني ما الذي ستصنعه لو رأيت احدهم قال اذا اجعل يدي في رأسه ثم ادق عنقه. والاثر اخرجه ايضا عبد الله بن الامام احمد في المسند هذا الموقف الصارم ليس غلوا منهم رضي الله عنهم. بل هو لما اخرج الامام مسلم ايضا في صحيحه عن يحيى ابن يعمر. قال كان اول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني. قال فانطلقت انا وحميد بن عبدالرحمن الحميري حاجين او معتمري فقلنا لو لقينا احدا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر. قال فوفق لنا عبد الله ابن عمر ابن الخطاب داخلا من المسجد. فاكتنفته انا وصاحبي احدنا عن يمينه والاخر عن شماله فظننت ان صاحبي سيكل الكلام الي فقلت يا ابا عبدالرحمن انه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتفكرون العلم يعني يطلبونه بحرص واجتهاد وينشدونه يعني ليسوا جهلة ولا عوام. قال قد ظهر قبلنا اناس يقرأون القرآن ويتفكرون العلم وذكر من شأنهم وانهم يزعمون ان لا قدر وان الامر انف يعني انف والعياذ بالله ان الله لا يعلم ما يكون قبل ان يقع. تعالى الله عن ذلك. قال وان الامر انف. فقال عبد الله ابن قال فاذا لقيت اولئك فاخبرهم اني بريء منهم وانهم برءاء مني الذي يحلف به عبدالله بن عمر لو ان لاحدهم مثل احد ذهبا فانفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر الى اخر ما في الباب من النصوص التي اخرجها بعض الائمة كما اخرج ابو داوود في سننه وحسنه الالباني من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال القدرية مجوس هذه الامة ان مرضوا فلا تعودوهم وان ماتوا فلا تشهدوهم. هذه النصوص والاثار انما كانت لاجل الحفاظ على عقيدة الاسلام من العبث الخلل والتحريف والتزوير والتشويه وان تحرف العقيدة ان يغير الدين ويبدل. فاذا وقع ذلك عياذا بالله فيأتي على الامة جيل له عقيدة غير العقيدة التي تركها النبي عليه الصلاة والسلام لاصحابه. غير الذي كان عليه الجيل الاول من وهكذا سيكون في كل جيل عقيدة تختلف عن التي قبلها. ولاجل ذلك وقف اولئك السلف الكرام رضي الله عنهم بهذا الموقف العظيم. حكى ابن المنذر عن الشافعي قال لا يستتاب القدر. من يقول بنفي القدر هذا لا حاجة الى ان يستتاب لانه قد خرج من الدين وهو الذي يحكم عليه بالردة عياذا بالله. قال المصنف واكثر اقوال السلف تكفيرهم. لما سمعت من النصوص وهذه الفئة من الاهل الاهواء والمحدثات كانوا من اوائل المذاهب ظهور في الامة وكان ايضا من النصوص التي جاءت بشأنهم واثار الصحابة رضي الله عنهم ما كان سببا في اتفاق كلمة الاكثر من دماء الامة وسلفها الاول على ما ذكر المصنف رحمه الله تعالى. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله واكثر اقوال السلف تكفيرهم. وممن قال به الليث ابن سعد وابن عيينة وابن لهيعة. وروي عنهم ذلك في من قال القرآن وقاله ايضا ابن المبارك والاودي ووكيع وحفص ابن غياث وابو اسحاق الفزاري وهشيم وعلي بن عاصم في اخرين وهو من قول اكثر المحدثين والفقهاء والمتكلمين فيهم وفي الخوارج والقدرية واهل الاهواء المضلة واصحاب البدع المتأولين وهو قول احمد بن حنبل وكذلك قالوا في الواقفة والشاقة في هذه الاصول. وممن روي عنهما معنى القول الاخر بترك تكفيرهم علي ابن ابي طالب وابن عمر والحسن البصري وهو رأي جماعة من الفقهاء والنظار متكلمين واحتجوا بتوريث الصحابة والتابعين ورثة اهل حوراء ومن عرف بالقدر ممن مات منهم ودفنهم في مقابر المسلمين وجري احكام الاسلام عليهم. اذا هذا هو المقصود بطرفي الخلاف في المسألة منذ زمن فممن قال بتكفيرهم طائفة وسمعت طرفا من اسمائهم الليث ابن سعد وسفيان بن عيينة وعبدالله بن لهيعة وكذلك ابن المبارك ووكيع وكثيرون. قال وممن روي عنه القول الاخر بترك تكفيرهم. علي ابن ابي طالب وابن عمر والحسن البصري وكذلك طائفة من الفقهاء. قال رحمه الله واحتجوا بتوريث والتابعين ورثة اهل حرورا. حرورا مدينة بالشام. ويقال لها ايضا المدينة يعني اشتهرت بهذا المعنى لانها كانت مجمعا للخوارج الذين ظهروا في الزمن الاول بعد مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه واشتدت الفتنة بين طوائف المسلمين حتى ظهرت فرقة الخوارج. ثم لما اه ناظرهم وارسل اليهم علي رضي الله عنه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما فنظروهم وتكلموا معهم واقاموا الحجة عليهم كثير منهم الى الحق لكنهم تجمعوا في مدينة يقال لها حرورا. ولانها كانت مجمعا لهم صارت نسبة الى الخوارج من حيث المذهب والعقيدة. فاذا قيل فلان حروري نسبة الى المكان فهو يعني انه من فئة الخوارج ومن طائفتهم قال كان الصحابة يورثون التابعي الصحابة والتابعون كانوا يورثون اهل حاروراء ورثتهم. فاذا مات ميتهم بنقل ماله الى ورثته يعني لو كانوا يكفرونهم ما ورثوهم. قال وكذلك من عرف بالقدر ممن مات منهم. وكذلك ويدفنون في مقابر المسلمين وتجرى احكام الاسلام عليهم. واما موقف علي ابن ابي طالب رضي الله عنه فشهير وجلي كانه لما حملت الخوارج السيف ودعت الى القتال واحتلت وو واستحلت الحرمات فهتكوا الدماء والاعراض واغاروا على كثير من قرى وانصار المسلمين. سير لهم امير المؤمنين علي رضي الله عنه الجيوش لاجل كف فتنتهم ودرء فسادهم وردعهم عن البطلان واستحلال الحرمات التي هتكوها. ومع ذلك فانه رضي الله عنهم فانه رضي الله عنه كان يأبى تكفيرهم. ولما سئل كفار هم قال بل من الكفر فروا. ورأى الله عنه ان ما هم عليه من الشبهة او الجهل كان ربما سببا في اعذارهم. والمقصود انه يحكم بظلالهم وبطلان ما هم عليه لكن التكفير هي المسألة التي وقع فيها الخلاف وفيها قولان آآ قديمان للسلف مما سمعت في كل قول من اهل العلم رحمة الله عليهم جميعا. اثابكم الله قال رحمه الله قال اسماعيل القاضي وانما قال مالك في القدرية وسائر اهل البدع يستتابون فان تابوا والا قتلوا. لانه من الفساد في الارض كما قال في المحارب ان رأى الامام قتله وان لم يقتل قتله. وفساد المحارب انما هو في الاموال ومصالح دنيا وان كان قد يدخل ايضا في امر الدين من سبيل الحج والجهاد. وفساد اهل البدع معظمه على الدين. وقد يدخل في امر الدنيا بما يلقون بين المسلمين من العداوة. والله الموفق للصواب. نعم يريد ان يقول ان فتنة الخوارج واقدام السلف على قتالهم لانهم بادروا بالقتال وحملوا السلاح وشقوا عصا الامة وخرجوا على حاكم المسلمين وولي الامر. فلذلك كان القتال واجبا. وهذا يختلف عن باقي طوائف اهل الاهواء والبدع والمحدثات والمحدثات فانهم ليسوا كلهم حملة سلاح ولا دعاة فتنة قتال. قال رحمه الله انما قال مالك في القدرية في وسائل اهل البدع يستتابون فان تابوا والا قتلوا لانه من الفساد والافساد في الارض. فتحيف العقيدة فساد وبث الشبهات في عقيدة المسلمين افساد. وتحريف عقيدة المسلمين وصرف اهل الاسلام عن العقيدة التي دلت عليها الكتاب والسنة هو من افسادهم في اديانهم لا في دنياهم. صحيح ان هذا قد لا تتعلق به امور عيشي والمكاسب والتجارات والنكاح والبيع والشراء. ولكنه من الافساد في الدين. قال فساد المحارب بسلاحه في الاموال صالحي الدنيا وفساد الاعتقاد في امر الدين مما يدخله ايضا افساد للحج والجهاد وكثير من شعائر الاسلام قال فساد اهل البدع معظمه على الدين وقد يدخل في امر الدنيا بما يلقون من العداوة بين المسلمين. عندما تتحزب الامة وتتشرذم فتكون كل طائفة بمنأى عن الاخرى. صحيح قد لا يقع بينهم قتال ولا رفع سلاح لكن اذا بثت العداوة والفرقة والشتات هو اقوى من القتال. وتقطعت الامة احزابا وتفرقت وتشرذمات. فيكون هذا من الافساد الذي جر من الدين الى الدنيا بسبب ما وقع بين المسلمين من العداوة والكراهة والقطيعة نسأل الله السلامة. لما انتهى المصنف من هذا الفصل يشرع الان في فصل يسوق فيه الادلة في مسألة تكفير المتأولين والمقصود بالمتأولين. الذي يقع في الكفر لا صراحة بل تأولا. ما معنى تأول؟ يعني يتأول القول او الدليل انه يقول بمقتضى الدليل فيما يظن هو هو وان كان مخطئا لكنه في النهاية يظن انه على الحق. فيقع في الباطل والخطأ والضلال والبدع في الوقت الذي يظن نفسه على الحق والصواب والهدى والسنة. فهذا يسمى متأولا. يعني وقع فيما وقع فيه يظن نفسه على الحق ثم يتأول الدليل. فاذا جاء الدليل الذي يدل على خلاف ما هو عليه قال معنى الدليل كذا يؤول الدليل بما يوافق معتقده الذي هو عليه. فلذلك سموا متأولين. نعم فصل فصل في تحقيق القول في اكفار المتأولين اكفارهم يعني تكفيرهم او الحكم بتكفيرهم. نعم. قال القاضي رحمه الله قد ذكرنا مذاهب السلف في اكفار اصحاب البدع والاهواء المتأولين. ممن قال قولا يؤديه مساقه الى كفر وهو اذا وقف عليه لا يقول بما يؤديه قوله اليك هذا الضابط مهم لتفهم محل الخلاف الذي يتكلم عنه المصنف رحمه الله ممن قال قولا يؤديه مساقه الى كفر يعني يقول يكون مآل الكفر عفوا يكون مآل القول كفرا. ويكون مآل ما يعتقده يؤول به ويفضي الى كفر قال وهو اذا وقف عليه لا يقول بما يؤديه قوله اليه. هو مثلا ينفي اثبات الصفات لله عز وجل. والايات والاحاديث ملأى متواترة. باثبات الصفات لله وعلا على اختلاف انواعها. فاذا قيل له ان الله يقول والله سميع بصير. فيقول المعتزلي ناف الصفات يقول نعم الله سميع بلا سمع بصير بلا بصر. فيثبت الاسم وينفي الصفة. ينفي الصفة على معتقد الباطل في نفي الصفات. وما الذي جعله يقول بنفي الصفات؟ عقائد باطلة التزمها. اعتقدها صوابا فادت به الى القول بانه يستحيل على الله ان يوصف بصفات يوصف بمثلها البشر. البشر يوصفون بالسمع وبالبصر وبالوجه وباليد وبالحركة. هذه صفات تناسب المخلوقين. وما المخلوق ينزه عنه الخالق. لان لا يشبه الخالق بالخلق. فما العمل؟ قالوا من في الصفات تنفى الصفات ليش؟ عنادا وتكذيبا للقرآن؟ لا منطلق نفي الصفات عندهم تنزيه الله فيما يزعمون. يعني احدهم يريد ان ينزه الله. لكنه افضى به هذا المعتقد الباطل الى شيء لو قيل انه يلزم منه كذا لرفضه. لو قيل له يلزم انك بعدما نفيت جميع الصفات عن الله ان جعلت الله بالله كاوثان اهل الاوثان صنما اجوف لا حس له ولا صفة ولا حركة فيرفض ذلك ويقول تعالى الله انا لا اقول بهذا لكن لازم قوله يؤدي اليه. قال رحمه الله ممن قال قولا يؤديه مساقه الى كفر وهو اذا وقف عليه لا يقول بما يؤديه قوله اليه. فالمقصود اذا ان صريح المعتقد لا يدل صراحة باقواله وادلته على ما يؤدي الى الكفر. ولكن لازموا المعتقد ومآلاته ومساقه كما قال المصنف رحمه الله تؤول الى ما يخرج به عن دائرة الاسلام لا محالة. في نفي ما اثبته الله لنفسه او اثبات ما نفع الله عن نفسه او ان يشبه الله بما لا يليق او ينفى عن الله ما اراد الله اثباته. وكل ذلك صريح لتكذيب ما جاء به القرآن. وتكذيب القرآن كفر وهم لا يقولون بتكذيب القرآن. ولذلك فكل اية او حديث صحيح فيها اثبات شيء نفوه لا يتجرأون على رده لانه لا يوجد مسلم تعرض عليه اية من القرآن فيرفضها لانه لو رفضها كفر. لكنه ماذا يفعل؟ يتأولها. ولهذا سموا بالمتأولين فيقال له انت تنفي صفة المجيء. والله يقول وجاء ربك. فقال لا معنى الاية وجاء امر ربك يقول ينزل ربنا الى السماء الدنيا انت تنفي صفة النزول والحديث صحيح صريح فيقول لا معنى الحديث تنزل رحمة ربك بنا الى السماء الدنيا. يقول الله اثبت لنفسه اليد. فقال لما خلقت بيدي. قال لا المقصود لما خلقت بقدرتي قال الله يقول في اثبات اليدين بل يداه مبسوطتان. قال لا بل معناها بل نعمته وفضل مبسوط للعباد وهكذا. فالذي حصل انه لا يرفض النص. ولو رفضه لكفر. لكنه ماذا يتأوله بما يوافق معتقده. فلهذا سموا بالمتأولين. السؤال هذا الصنف من اهل في الاهواء ما موقف السلف منه؟ هو الخلاف الذي تقدم ذكره في الفصل السابق قبل قليل. الان يسوق المصنف رحمه الله ادلة القائلين بكفرهم. واذلة من رأى القول الاخر وانهم رغم بطلان عقائدهم وما يعتقدونه الا انهم مسلمون وقعوا في ظلال وانحراف وغواية ولم يخرجوا عن دائرة في الاسلام ولكل طائفة دليله الذي سيذكر المصنف رحمه الله طرفا منه. نعم. احسن الله اليكم. قال الله وعلى اختلافهم اختلفوا ذكرنا قال رحمه الله قد ذكرنا مذاهب السلف في في اكفار اصحاب البدع والاهواء المتأولين ممن قال قول يؤديه مساقه الى كفر وهو اذا وقف عليه لا يقول بما يؤديه قوله اليه بل حتى قدرية الذين سمعتم الادلة في شأنهم وبطلان عقيدتهم وشدة مواقف الصحابة رضي الله عنهم معهم احدهم عندما ينفي القدر وهو يعلم ان الايمان بالقدر من اركان الايمان الستة فانه لا يقوله تصريحا بالكفر وآآ مخالفة لعقيدة الاسلام لكنه يعتقد ان القول بالقدر فيه نسبة الظلم الى الله تعالى الله. يقول كيف تظن كيف تؤمن ان الله قدر عليك شيئا قبل ان يخلقك ثم يحاسبك عليه يقول لو قلت بذلك لكان هذا ظلما. والله عز وجل ينزه عن الظلم. والله لا يحاسبك الا على شيء فعلته انت باختيارك. لكن تقول ان الله قدر علي ذلك. ثم يحاسبني عليه يقول هذا خلاف العدل فلما اعتقدوا هذا الفكر الباطل لزم منه لازم باطل وهو نفي القدر. قالوا اذا الله ما قدر شيئا وما تفعله انت الان وما ستفعله بعد خمس دقائق لم يسبق به القدر. بل لا يعلمه الله قبل ان تفعله. ثم انظر كيف افضى هذا القول الباطن الى كفر لو قيل لهم ما قبلوه لو قلت لاحدهم هل تؤمن او هل اعتقد ان ربك تعالى الله يجهل ما يفعل العباد؟ قال اعوذ بالله. لكن عقيدته تقرر هذا. فهو لازم قوله لا حالة. قال يؤدي مساق قوله الى كفر وهو اذا وقف عليه يعني عرض عليه لا يقول بما يؤديه قوله اليه نعم. احسن الله اليكم. قال وعلى اختلافهم اختلف الفقهاء والمتكلمون في ذلك. فمنهم ثم صوب التكفير الذي قال به الجمهور من السلف ومنهم من اباه ولم ولم يرى اخراجهم من سواد المؤمنين. وهو قول اكثر الفقهاء والمتكلمين وقالوا هم فساق عصاة ضلال ونوارثهم من المسلمين ونحكم لهم باحكامهم ولهذا قال سحنون لا اعادة على من صلى خلفهم في وقت ولا غيره. قال وهو قول جميع اصحاب مالك مثل مغيرتي وابن كنانة واشهب قال لانه مسلم وذنبه لم لم يخرجه من الاسلام. واضطرب اخرون في ذلك ووقفوا عن القول بالتكفير او ضده واختلاف قولي مالك في ذلك. وتوقفه عن اعادة الصلاة خلفهم منه والى نحو من هذا ذهب القاضي ابو بكر امام اهل التحقيق والحق وقال انها من المعوصات اذ القوم لم يصرحوا باسم الكفر. وانما قالوا قولا يؤدي اليه اضطرب اخرون يعني ثمة طائفة من الفقهاء المتأخرين لما وجدوا الخلافة مترددا فيما اثر عن السلف بين تكفيرهم وعدم تكفيرهم قال وقفوا ووقفوا ايضا باختلاف امام الروايات المنقولة عن امام المذهبي مالك رحمه الله ولانه توقف ايضا في مسألة حكم اعادة الصلاة خلف من صلى وراء احد هؤلاء والى نحو هذا قرر القاضي ابو بكر ويقصد به الامام القاضي ابا بكر ابن الطيب الباقلاني رحمه الله. وقوله امام اهل الحق والتحقيق هو وصف لجلالة مكانة الامام القاضي ابي بكر الباقي اللاني رحمه الله تعالى فانه من فضلاء الامة وعلمائها الكبار وائمتها وهو رحمه الله تعالى امام وله قصب السبق في رد كثير من اباطيل المعتزلة في الصدر وهو على قول الامام ابي الحسن الاشعري في الاعتقاد. فقول المصنف امام اهل التحقيق والحق فيه نوع مبالغة لان امام في الامة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومثل هذه الاوصاف امام الحق امام الهدى امام الدعوة امام الخير في الاصل الا يطلق الا على امام الامة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن بعده من العلماء والائمة والدعاة فهم بقدر امة وعلماء وفضلاء لكن لا ينصبون الى تلك الاوصاف على الاطلاق. قال ابو بكر الباقلاني ان المسألة من المعوصات يعني من المسائل العويصة التي اختلف فيها العلماء والادلة فيها متشابهة متقاربة متشابكة قال لان القوم لم يصرحوا باسم الكفر. فكما سمعت في الامثلة نفي القدر ونفي الصفات هم لا يصرحون بمقولة الكفر لكن قالوا قولا يؤدي اليه. نعم. احسن الله اليكم. قال واضطرب قوله في المسألة على نحو اضطراب قول امامه ما لك بن انس حتى قال في بعض كلامه انهم على رأي من كفرهم بالتأويل لا تحل مناكحتهم ولا اكل ذبائحهم ولا الصلاة على ميتهم ويختلف في مواريثهم على الخلاف في ميراث مرتد. وقال ايضا نورث ميته نورث ميتهم ورثتهم من المسلمين. ولا نورثهم هم من المسلمين. واكثروا ميله الى ترك التكفير بالمآل. وكذلك الضرب فيه وكذلك اضطرب فيه قول شيخه ابي الحسن الاشعري. واكثر قوله ترك التكفير. وان الكفر خصلة واحدة وهو الجهل بوجود الباري عز وجل. فلما قال قبل قليل عن الامام ابي بكر الباقلاني اضطرب قوله على نحو اضطراب لامامه ما لك بن انس ثم قال وكذلك اضطرب فيه قول شيخه ابي الحسن الاشعري فالامام مالك رحمه الله امام مذهبه. فالقاضي ابو بكر الباقي اللاني مالكي فقها اشعري عقيدة. ولهذا قال قول امامه مالك ثم قال قول شيخه ابي الحسن الاشعري رحم الله الجميع. يشير الى الاضطراب المنقول عن القاضي ابي بكر في المسألة فتارة قال لا تحل هناك ولا اكل ذبائحهم ولا الصلاة على ميتهم. وتارة قال نورث ميتهم ورثتهم. ولا نورثهم من المسلمين. واكثر ميلهم الى ترك التكفير بالمآل. نعم. وقال مرة من اعتقد ان الله جسم او المسيح او بعض من يلقاه في الطرق فليس بعارف به وهو كافر. ولمثل هذا ذهب ابو المعالي رحمه الله في اجوبته لابي محمد عبد الحق وكان فسأله عن المسألة فاعتذر له بان الغلط فيها يصعب لان ادخال كافر في الملة او اخراج مسلم منها عظيم في الدين. نعم لمثل هذا ذهب ابو المعاري ويقصد به امام الحرمين ابا المعالي عبدالملك بن يوسف الجويني رحمه الله. في مناظرة له مع ابي محمد عبد الحق ابن محمد ابن هارون شيخ المالكية السهمي الصقلي وقد التقى به في مكة وناظره وكانت هذه المسألة مما وقع فيها الحوار والمناظرة بينهما فسأله عن المسألة عن حكم تكفير المتأولين فاعتذر له بان الغلط فيها يصعب لان ادخال كافر في الملة او اخراج مسلم منها عظيم في الدين رحمه الله هذه من المسائل العويصة في الاسلام القضية يا اخوة تتعلق بتكفير من قال في الجملة اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تقرر في اصول قواعد العقائد اذ انه لا يحل الحكم بخروج مسلم ثبت دخوله في الاسلام بيقين لا يحل اخراجه الا الا بيقين. والحكم عليه بخروجه من الملة باحد امرين. اما بتصريحه بالردة عياذا بالله فهو الذي قد حكم على نفسه بالخروج من ملة الاسلام. والا فالطريق الاخر الذي هو اصعب المسالك واشدها وعورا ان يحكم عليه بصنيعه بقوله بفعله بانه قد خرج من الاسلام بتلك الافعال والاقوال هذا هو المركب الصعب الذي اعتذر عنه ابو المعالي بانه لا يرى فيه قولا لشدة المسلك. اخراج مسلم من الملة او ادخاله كافر فيها كافر لكنه يتكلف في مسألة موقفه من الاسلام والمسلمين ليحكم باسلامه لاي سبب كان قال هذا من الافتراء على دين الله ومن التقول ومرد ذلك يا كرام. تقرير هذه القواعد العظيمة جاءت بها اصول شرعية ضخمة تبين ان مسألة البقاء بقاء المسلم على على الاسلام هو الاصل المعتبر. وانه يقين ولا يزول هذا اليقين الا بيقين مثله او اشد. فاذا تقرر هذا فلا يملك احد ولا يحق لاحد ان يخرج احدا من المسلمين من دائرة الاسلام الا اذا ثبت ذلك عنده بيقين. ومن اجل ذلك اختلف الصحابة اول الامر رضي الله عنه في قتال مانعي الزكاة. وهم يرون انهم حتى قال عمر رضي الله عنه كيف اقاتل من قال لا اله الا الله فاجابه الصديق ان النبي عليه الصلاة والسلام قال امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله. فاذا قالوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحق الاسلام. الا بحقها. وافهمه رضي الله عنه ان من حقها القيام الاسلام وان مجرد النطق بالشهادتين مع ترك العمل بالكلية او تعطيل ركن من اركان الدين كفر صريح يجب القتال الى اخر ما كان من موقف الصحابة رضي الله عنهم. وكذا ما ثبت في حديث صحيح اخرجه الامام البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا واكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له امة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم فلا تغفر الله في ذمته. هذا الاصل الكبير جعل اهل العلم جيلا بعد جيل يعظمون هذه المسألة وهو الحكم بتكفير مسلم ثبت دخوله في الاسلام بيقين يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويؤدي زكاة ماله ويحج بيت الله الله الحرام قال عليه الصلاة والسلام فهو المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله هذا يعني ان امور المسلمين ان امور الناس محمولة على الظاهر. فمن اظهر شعار الدين اجريت عليه اهله ما لم يظهر منه خلاف ذلك. والحديث الذي اخرجه البخاري ايضا امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله فاذا قالوها وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماؤهم واموالهم الا بحقها وحسابهم على الله تعالى. ولهذا قال الامام الطحاوي في عقيدته قال ونسمي اهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ما داموا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معترفين وله بكل ما قال واخبر مصدقين. فذلك من تقرير اهل العلم لما دلت عليه نصوص المسألة في هذا الباب. فقول المصنف رحمه الله تعالى حكاية عن الامام ابي المعاني لما ناظره ابو محمد عبد الحق السهمي الصقلي قال اعتذر بان الغلط فيها يصعب لان ادخال كافر في الملة او اخراج مسلم في الدين هذا هو الحق الذي كان من اجله لاهل العلم مواقف يتبين فيها تفرقتهم رضي الله عنهم على ما تقدم ليلة الجمعة الماضية تفرقتهم بين الحكم على القول والحكم على القائل. بين الحكم على الفعل والحكم على فاعله ما كان القول او الفعل كفرا. او بدعة او فسقا. ولا يلزم منه ان يكون فاعله كافرا ولا فاسقا ولا مبتدعة ولا يحكم على الفعل ولا يحكم على الشخص بحكم الفعل الا اذا تحققت فيه الشروط وانتفت الموانع ان يكون عالما بما وقع فيه. والا يكون متأولا او جاهلا او مكرها او مخطئا. وقد ظهر له الحق ثم يصر على ذلك الفعل او القول فعندئذ يتنزل عليه حكم ذلك الفعل. اذا اقيمت عليه الحجة واستبان له الحق وهذا الذي يحصر كثيرا دائرة الحكم على الاشخاص. وهذا ما يدفع شبهة تثار على اهل السنة ان انهم قوم يوسعون دائرة التكفير او التبديع او التفسير. وحاشاهم انما هم يرفعون سياجا يحمون به عقيدة اسلام كما تقدم في صدر المجلس. ويذبون عن حياض الدين. لكنهم ليسوا حكاما على الخلق. ولا هم من يحكم بدخول الجنة الجنة ولا بدخول النار؟ انما هم يبينون الحق ولا علاقة لهم بالحكم على الاشخاص الا في مقام نستدعي ذلك. اما افراد الناس واحادهم ومجامعهم في البلاد والاقطار والامصار. فليس هو من لا من دواعي قولهم الحكم على الافعال. فاذا قالوا ان الفعل هذا كفر. لا يقال اذا هم يكفرون اهل الاسلام. واذا قالوا ان القول او الفعل هذا فسق او بدعة لا يلزم منه انهم يحكمون على اهل بلد او قطر او ناحية او اهل العالم بالبدعة والفسق والمعصية ففرق بين على الفعل والقول والحكم على فاعله وقائله. والكلام هنا في الحكم على اكفار هؤلاء المتأولين كما قال المصنف رحمه الله تعالى. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله وقال غيرهما من المحققين الذي يجب الاحتراز من التكفير في اهل التأويل فان استباحة دماء المصلين الموحدين خطر والخطأ في ترك الف كافر اهون من الخطأ في سفك في محجمة من دم مسلم واحد. محجمة يعني آآ كأس من كؤوس الحجامة التي يؤخذ منها قدر من الدم لا يتجاوز قبضة الاصابع قال الخطأ في ترك الف كافر اهون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم واحد حكمك على مسلم بالكفر يفضي الى اهدار دمه واستحلاله. وهذا عند الله عظيم عظيم لزوال الدنيا عند الله اهون من اراقة دم مسلم. هذا عظيم عند الله عز وجل. قال فان استباحة دماء المصلين موحدين خطر امر عظيم حرمته الشريعة وبينت خطر الاقدام عليه والتساهل في شأنه. نعم وقد قال عليه السلام فاذا قالوها يعني الشهادة فاذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحقها وحسابهم على الله. فالعصمة مقطوع بها مع الشهادة. ولا ترتفع ويستباح خلافها الا بقاطع قاطعا من شرع ولا قياس عليه العصمة يعني عصمة الانسان دمه وماله وعرضه بالاسلام يحصل له قطعا بمجرد نطقه بالشهادتين. فعصمته ثبتت قطعا فاذا ثبتت العصمة له قطعا لا ترتفع عن الا قطعا ولا ترتفع العصمة لدمه وماله الا بقاطع ولا قاطع من شرع ولا قيام عليه. فعندئذ تغلق الابواب دون الحكم على مسلم بخروجه من الملة الا اذا استتمت الاحكام الشروط وانتفت الموانع كما تقدم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله والفاظ الاحاديث الواردة في الباب معرضة للتأويل فما جاء منها في التصريح بكفر القدرية وقوله لا سهم لهم في الاسلام. وتسمية الرافضة بالشرك الله اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان لا اله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله الله اكبر نعم والفاظ الاحاديث والفاظ الاحاديث الواردة في الباب معرضة للتأويل ما جاء منها في التصريح بكفر القدرية وقوله لا سهم لهم في الاسلام. وتسميته الرافضة بالشرك واطلاق اللعنة عليهم وكذلك في الخوارج وغيرهم من اهل الاهواء والبدع فقد يحتج بها من يقول بالتكفير. وقد الاخر عنها بانه قد ورد مثل هذه الالفاظ في في الحديث في غير الكفرة على طريق التغليط. وكفر دون كفر واشراق دون اشراك وقد ورد مثله في الرياء وعقوق الوالدين والزوج والزور وغير معصية. هذا آآ شروع من المصنفين رحمه الله في عرض الموازنة بين الادلة للقائلين بتكفير اهل الاهواء المتأولين والقائلين بعدم تكفيرهم نأتي عليها في مجلس ليلة الجمعة القادمة باذن الله تعالى. واسمعكم ها هنا كلاما للامام ابن ابي العز شارح العقيدة الطحاوية فيما نحن فيه من اصل المسألة. قال رحمه الله في شرح كلام الطحاوي ولا نكفر احدا من اهل القبلة بذنب ما لم يستحق له ولا نقول لا يظر مع الايمان ذنب لمن عمله. قال رحمه الله اعلم ان باب التكفير وعدم التكفير باب عظمت الفتنة والمحنة فيه. وكثر فيه الافتراق وتشتت فيه الاهواء والاراء. وتعارضت فيه دلائلهم فيه في جنس التكفير اهل المقالات والعقائد الفاسدة المخالفة للحق الذي بعث الله به رسوله في نفس الامر او المخالفة لذلك في اعتقادهم قال فالناس فيه على طرفين ووسط من جنس الاختلاف في تكفير اهل الكبائر العملية طائفة تقول لا نكفر من اهل القبلة احدا. فتنفي التكفير نفيا عاما مع العلم بان في اهل القبلة المنافقين الذين فيهم من هو اكثر من اليهود والنصارى بالكتاب والسنة والاجماع. وفيهم من قد يظهر بعض ذلك حيث يمكنهم وهم يتظاهرون بالشهادتين. قال رحمه الله وايضا فلا خلاف بين المسلمين. ان الرجل لو اظهر انكار الواجبات الظاهرة المتواترة والمحرمات الظاهرة المتواترة ونحو ذلك فانه يستتاب. فان تاب والا قتل كافرا مرتدا والنفاق والردة مظنتهما البدع والفجور كما ذكره الخلال في كتاب السنة بسنده الى محمد ابن سيرين انه قال ان اسرع الناس ردة اهل الاهواء. وكان يرى هذه الاية نزلت فيهم. واذا رأيت الذين يخوضون في اياتنا فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره. قال ولهذا امتنع كثير من الائمة عن اطلاق القول بان لا نكفر احدا اذا بل يقال لا نكفرهم بكل ذنب كما تفعله الخوارج الى اخر كلامه رحمه الله تعالى. وللحديث في مجلس ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. انتهى مجلسنا ولم تنتهي ليلتكم ايها المباركون فالليلة ليلة الجمعة وفيها من مساحة للاكثار من الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ما تملأ به الصحائف وتستمطر به صلوات ربنا عز وجل بكل صلاة عشر صلوات. جاء النبي الى الانام بفيضه. والكون ازهر بالفؤاد وروضه صلوا عليه وسلموا فلعلنا يوم القيامة نرتوي من حوضه. فاللهم صل سلم وبارك عليه اتم صلاة وازكى سلام يا ذا الجلال والاكرام. واجعلنا الهي بالصلاة والسلام عليه من اصدق امته له حبا ومن اشدهم يوم القيامة منه قربا ومن اكثرهم لسنته طاعة واتباعا يا يا اله الاولين والاخرين كريم. اللهم ارزقنا شفاعته واحشرنا في زمرته. واحينا على سنته وامتنا على سنته. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعة وشفاء من كل داء يا رب العالمين. واجعل لنا ولامة الاسلام من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا. ومن كل بلاء ان عافية يا ارحم الراحمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين كل شيء في الحرم المكي يدعو للشوق. ومن ذلك دروس الحرم العلمية وكراسي العلماء. فماذا لو قربنا لك كهذه المجالس لتعيش في رحابها وانت في بيتك. على قناة التوجيه والارشاد الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي تستطيع ان تكون احد حضور مجالس العلم في المسجد الحرام مباشرة ولحظة بلحظة. حيث يمكنك حضور المجلس ومتابعة الدرس واخذ العلم عن اهله وكأنك هناك. للمتابعة اشترك الان