عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي اخرج المرعى فجعله غثاء احوى احمد الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له جل جلاله وعز ثناؤه وتقدست اسماؤه سبحانه وبحمده لا نحصي ثناء عليه واشهد ان سيدنا ونبينا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله. امام الهدى وسيد الورى ختموا النبيين وحبيب رب العالمين وصفوة الله من خلقه اجمعين. صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين والتابعين لهم ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اقبلت ليلة الجمعة امة الاسلام واقبل معها الخير العميم والاجر الكبير في ثنايا ذكرنا لربنا الكبير المتعال. وصلاتنا وسلامنا على المصطفى والرسول المجتبى نبي الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه واله وسلم. يا رب اسعدنا برؤية وجهه فالشوق زاد مع الحياة توقدا صلى عليك الى هنا. ما اشرقت شمس وما لبى دون النداء فاستكثروا جمعتكم هذه من صلاتكم وسلامكم على امام الهدى وسيدي الورى رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم. وهذا المجلس عسى ان يكون باب خير ومجلس ذكر ورحمة. واجر عظيم من ربنا الكريم ونحن في رحاب بيته الحرام في هذه الليلة الكريمة المباركة ليلة الجمعة. ما زال مجلسكم ايها المباركون موصول بالحديث عن تلك الفصول العظام الممتلئة تعظيما لذي الجلال والاكرام. وتعظيما لدينه وشعائره التي عظم الله شأنها ورفع قدرها في كتابه الكريم حرمة دينه سبحانه وتعالى وحرمة كتابه وحرمة نبيه صلى الله عليه واله وسلم. تلك الحرمات عظيمها والشعائر وتقديرها التي افاض فيها المصنف رحمه الله. الامام القاضي عياض في هذا السفر المبارك الذي تدارسه كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. افاض فيها المصنف رحمه الله وذكر وقرر كلام اهل العلم وما تقرر من قواعد الشريعة ونصوصها بوجوب تعظيم تلك الحرمات. واعزاز تلك الشعائر في ديننا امة الاسلام وما مضى من الفصول تأكيد وتعظيم لهذا الاصل الجليل العظيم في ديننا وشريعتنا معشر المسلمين تأكيدا وتقريرا على اننا امة ربانية عظيمة مهيبة مهابة تجل دين الى الله وتعظمه وتوقيره وتقف عند حدوده سبحانه وتعالى. واذا كانت امة بهذه المثابة ترعى تعظيم ربها وخالقها وتجل دينها وشريعته واحكامه والحلال والحرام. فانها امة خير. وسيؤول امرها الى خير. مهما تغيرت بها ظروف وتمادى بها الزمان. الفصل الذي نتدارسه الليلة ذو صلة بالفصل الذي تدارسناه ليلة الجمعة الماضية. فان الحديث هناك فيما مضى كان عن فصل ساقه المصنف رحمه الله الله تعالى في بيان وتقرير حكم المفتري الكذب على الله عز وجل بادعائه الالوهية والعياذ بالله. او بادعاء الرسالة وان الله بعثه واو ينفي ان يكون الله عز وجل ربا وخالقا له. وهذا الكلام والقول والفعل بما تضمنه من كفر صريح ساق فيه المصنف رحمه الله كلام اهل العلم في بيان اثر ذلك في منافاته لتعظيم الله سبحانه وتعالى. اما فصل الليلة الذي نتدارسه فحديثه ذو صلة به وهو حكم من تكلم بما زل به اللسان. وسكان سخيفا من اللفظ وتجاوزا فيه استخفاف بمقام الالوهية العياذ بالله وفيها ارسال اللسان على عواهينه واتباع زلله بما يؤدي الى الاستخفاف بعظمة الخالق وجلالة المولى سبحانه وتعالى وايضا فهذا الفصل ممتلئ من النصوص والاثار ومواقف علماء الاسلام في بيان شدة هذا الامر وعظمة اثره على صاحبه ومؤداه الى الكفر والخروج من ملة الاسلام عياذا بالله تعالى. والكلام كله في فصل الليلة وفصل الليلة الماضية وما سبق وما يلحق ذو صلة بحديث المصنف عن حقوق قول الله صلى الله عليه وسلم فان تعظيم المصطفى عليه الصلاة والسلام فرع عن تعظيم الذي ارسله رب العزة والجلال. وتعظيم الله عز وجل مستوجب تعظيم دينه. وتعظيم كتابه نبيه صلى الله عليه واله وسلم. فمن ضيع الاصل ضيع الفرع ولابد ومن اهمل تعظيم الله عياذا بالله اودى به الى ضياع كل تلك الحرمات والاستخفاف بشأنها والتعدي على حدودها نسأل الله العافية والسلامة وها هو ذا فصل نستهل في مجلس الليلة سائلين الله لنا ولكم علما نافع وعملا صالحا ورزقا واسعا وهو ولي ذلك والقادر عليه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الامين نبينا محمد اشرف الخلق اجمعين وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولنا ولوالدينا وللسامعين فصل في حكم من تكلم من سقط القول وسخف اللفظ ممن لم يضبط كلامه. واهمل لسانه بما يقتضي الاستخفاف بعظمة ربه وجلالة مولاه قال المصنف رحمه الله واما من تكلم من سقط القول وسخف الكلام ممن لم يضبط كلامه واهمل لسانه بما يقتظي الاستخفاف بعظمة ربه وجلالة مولاه. او تمثل في بعض الاشياء ببعض ما عظم الله من ملكوته او نزع من الكلام لمخلوق بما لا يليق الا في حق خالقه غير قاصد للكفر والاستخفاف. ولا عامد للالحاد به فان تكرر هذا منه وعرف به دل على تلاعبه بدينه. واستخفافه بحرمة ربه وجهله بعظيم وكبريائه وهذا كفر لا مرية فيه وكذلك ان كان ما اورده يوجب الاستخفاف والتنقص لربه. ارأيتم يقول رحمه الله وهذا كفر لا مرية فيه اذا كان المتكلم قد زل به القدم وتخطى به اللسان. فقال قولا من سخف اللفظ ما لا يضبط به كلامه. مما يقتضي الاستغفار فاف بعظمة الله وجلالته سبحانه او تمثل ببعض الاشياء ببعض ما عظم الله من ملكوته يعني نسب الى نفسه من عظمة الالوهية والذات الالهية ما لا يليق الا بالله. او نزع من الكلام لمخلوق بما لا يليق والا في حق خالقه فجاء يتمدح ويتملق نفاقا ورغبة في الحصول على شيء من عرض الدنيا فارسل كلامه وتطاول بلسانه فنسب الى المخلوق ما لا يليق الا بالخالق من صفات العظمة والجلال والكبرياء والغنى والملك والتدبير ونحو ذلك قال غير قاصد للكفر والاستخفاف ولا عامد للالحاد. فان تكرر هذا منه وعرف به دل على تلاعبه به بدينه واستخفافه بحرمة ربه وجهله بعظيم عزته وكبريائه وهذا كفر لا مرية فيه ومرد ذلك ايها المباركون ان الايمان بالله سبحانه وتعالى اصله وبناؤه على تعظيم الله في القلب. واجلاله عز وجل. قال الله عز وجل تكاد السماوات يتفطرن وتنشق الارض وتخر الجبال هدا ان دعوا للرحمن ولدا. قال الضحاك بن مزاحم رحمه الله وفي تفسير قوله تعالى تكاد السماوات يتفطرن منه قال يتشققن من عظمة الله فما نحن ايها البشر بازاء خلق السماوات والارض والله يقول لخلق السماوات والارض اكبر من خلق الناس. فهذا الخلق الاكبر يكاد يتشقق من عظمة الله فكيف بقلوب العباد كيف بالسنتهم؟ كيف بجوارحهم عندما تتجرأ فتتعدى على عظيم حرمة الله ما حالها؟ ان كانت السماوات العظام الطباق التي رفعها الله بغير عمد تكاد تتشقق من عظمة الله كيف بالبشر فكيف بعبد حقير فقير ناقص يتعدى على خالقه العظيم سبحانه وتعالى فاصل الايمان تعظيم الله عز وجل في القلب يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله قال فمن اعتقد الوحدانية في الالوهية لله سبحانه والرسالة لعبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. ثم لم يتبع هذا الاعتقاد موجبه من الاجلال موجبه من الاجلال والاكرام الذي هو حال في القلب. يظهر اثره على الجوارح بل قارنه الاستغفار والتسفيه والازدراء بالقول او بالفعل كان وجود ذلك الاعتقاد كعدمه اذا ايمانه بالله وبالرسالة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان لم يصاحبه تعظيم. بل صاحبه ازدراء وتسفيه قال كان ذلك الاعتقاد كعدمه وكان ذلك موجبا لفساد ذلك الاعتقاد ومزيلا لما فيه من المنفعة والصلاح ارأيت اذا من اين؟ قال اهل العلم ان اتيان تلك الكبائر واقتحام تلك المهالك خروج من الاسلام لان فعله او قوله ذلك الامر الشنيع ينافي حقيقة الايمان ولو قال انه مؤمن ولو زعم انه مسلم طالما صدر عنه ذلك التنقص والازدراء والتسفيه والمنافاة لتعظيم الله عياذا بالله. فاذا ذلك من صاحبه دل على الا وجود للايمان في قلبه. ولا بقية للاسلام في فؤاده. وان ذلك القول او الفعل قد اتى على كل ما يزعمه من مزاعم البقية في الاسلام او الانتماء للدين ولذلك قال ابن القيم ايضا رحمه الله في مكانة تعظيم الله عز وجل في القلب. قال هذه المنزلة يعني تعظيم الله تابعة المعرفة تابعة لمعرفة العبد بربه قال رحمه الله فعلى قدر المعرفة يكون تعظيم الرب تعالى في القلب واعرف الناس به اشدهم له تعظيما واجلالا وقد ذم الله من لم يعظمه حق عظمته ولا عرفه حق معرفته ولا وصفه حق صفته. قال تعالى ما قم لا ترجون لله وقارا قال ابن عباس ومجاهد ما لكم لا ترجون لله عظمة وقال سعيد بن جبير ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته وروح العبادة هو الاجلال والمحبة. فاذا لا احدهما عن الاخر فسدت فسدت العبادة ولا يبقى في القلب عبودية لصاحبها. تعظيم الله انما يتحقق باثبات ما اثبت الله لنفسه بما يليق به سبحانه من غير تحريف ولا تعطيف تعطيل ولا تكييف ولا تثبيت. ولا تشبيه وتمثيل فمن انكر ما اثبت الله لنفسه او شبه الله تعالى الله بشيء من صفات خلقه فما عظم الله عز وجل. ومن زالت عظمة والله من قلبه ما بقي شيء فيه لتعظيم دينه وشريعته ولا لتعظيم ما عظم الله من الرسل والانبياء الملائكة والكتب والشرائع والحلال والحرام. فمن لم يعظم الله لن يعظم شيئا مما عظمه الله. من اسماء الله الحسنى المجيد الكبير العظيم ذو الجلال والاكرام. معنى هذه الاسماء لمن امن بها وعرفها حق معرفتها ان الله سبحانه وتعالى الموصوف بصفات المجد والكبرياء والعظمة والجلال الذي هو اكبر ومن كل شيء كم مرة نقول في اليوم والليلة الله اكبر الله اكبر من كل شيء واعظم من كل شيء واجل واعلى. فاذا استقر التعظيم والاجلال في القلب فحاشاه والله مهما بلغ به الحال ان تزل به القدم فينطق بقوله او يفعل بفعله ما يتعدى به على مقام الذات الالهية او يجردها من التعظيم الواجب اللائق بها. كما اثبت الله سبحانه لنفسه في كتابه وما ذكره له رسوله صلى الله عليه اله وسلم يقول العلامة الشيخ محمد الامين الشنقيطي رحمه الله ان الانسان اذا سمع وصفا وصف به خالق السماوات والارض وصف به خالق السماوات والارض نفسه او وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم فليملأ صدره من التعظيم ويجزم بان ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والجلال والشرف والعلو ما يقطع جميع علائق اوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين. فيكون القلب منزها معظما له جل وعلا غير متنجس باقذار التشبيه. هذا موجب تعظيم الله. وهذا نبينا رسول الامة صلى الله عليه وسلم. يربي امته على وبتعظيم الله بقوله وفعله. فلا والله ما رؤي عليه الصلاة والسلام في صلاة ولا عبادة ولا دعاء ولا جهاد لا قائما ولا قاعدا ما رؤي الا معظما لله وربى امته على هذا التعظيم وزرع في قلوبها معاني التعظيم الحق للحق سبحانه وتعالى. لتتربى امته وتتعلم هذا المبدأ الكبير الذي هو اصل العبودية. في الابدان والقلوب. هذا حديث ابن مسعود رضي الله عنه لما قال جاء حبر من الاحبار الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال يا محمد انا نجد ان الله يجعل السماوات على اصبعي والاراضين على اصبعي والشجر على اصبعي والماء على اصبعي والثرى على اصبع وسائر الخلق على اصبع فيقول انا الملك فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة. والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما في الاية ما يدل على ان عظمة الله اعظم مما وصف ذلك الحبر. مع ان الوصف حق واقره رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه لا يزال دون الوفاء بوصف عظمة الخالق التي لا يحيط بوصفها كلام متكلم ولا اعبارة بليغ ولا وصف واصف تعالى الله. في الاية تقرير لعظمة الله تعالى وتعظيمه لذاته العلية. وما يستحق من الصفات وان لربنا الكبير المتعال سبحانه وتعالى. قدرا عظيما. فيجب على كل مؤمن ان يقدر الله حقه قدره هذه المقامات من تعظيم الله توجب على قلوب العباد ان ترعى هذا. فيبقى دونها خرط القتاد. بل دونها الموت وخروج الارواح من الصدور احب اليها واهون من ان تتجرأ السنتها على التفوه بنصف كلمة فيها شيء من القبح والجرم والشناعة او التعدي على مقام الالوهية. اما بنسبة ما لا يليق الى الخالق سبحانه. او بنسبة صفاته العلية الى خلقه الضعفاء العاجزين هذا كله من التعدي لكن من امتلأ قلبه بالتعظيم وادرك هذا الاصل العظيم فلا والله ما تزل به القدم مهما بلغ في ان يبلغ ذلك المهوى السحيق اجارنا الله واياكم. لما قال الاعرابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانا نستشفع بالله عليك قال النبي عليه الصلاة والسلام سبحان الله سبحان الله فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه اصحابه. ثم قال ويحك اتدري ما الله ان شأن الله اعظم من ذلك. انه لا يستشفع بالله على احد من خلقه. يعني ولا حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث عند ابي داوود في السنن الله اعظم من ان يتخذ وسيلة يستشفع بها بل كل شيء يتوسل به الى الله وليس العكس فمقام الله اعظم تعلم الصحابة ذلك الشأن العظيم واقتفوا اثره وكانوا ومن تبعهم باحسان ممن يعظم الله حق تعظيمه غمرت قلوبهم باجلال الله. هذا ابن عباس رضي الله عنهما يقول لبعض اصحاب المراء والجدل اما علمتم ان الله عز وجل اما علمتم ان لله عبادا اصمتهم خشية الله سبحانه وتعالى كان اهل العلم اشد الناس اتباعا لهذا الاثر العظيم من هدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم في عبارات كانت تقطر تعظيما لله يتربى عليها ابناء الامة في ان يتعلموا من مشكاة النبوة ومن اقاويل علماء السلف ما يتعلمون به تعظيمهم لربهم عز وجل. قال عون ابن عبد الله ليعظم احدكم ربه ان يذكر اسمه في كل شيء حتى يقول اخزى الله الكلب وفعل الله به كذا وكذا يقول حتى هذه العبارة ما يليق ان تقولها في دعاء سخيف يتعلق بشيء حقير فتجري اسم الله على لسانك فيما لا ان تذكره لقد بلغوا مبلغا عظيما في ان يتناولوا تعظيم الله عز وجل في السنتهم وعباراتهم وكلامهم. يقول الخطابي رحمه الله كان بعض من ادركنا من مشايخنا قل ما يذكر اسم الله تعالى الا فيما يتصل بطاعته سبحانه وتعالى. وستأتي في عبارات المصنف رحمه الله على شيء من كلام اهل العلم في هذا الباب والمراد ان نعلم ان تقرير اهل العلم لكفر من زلت به القدم تسفه به اللسان فتطاول على مقام الالوهية انه ليس مبالغة ولا غلوا ولا تكفيرا بل هو وصف لحقيقة من خلع لباس الاسلام ورداءه فهوى والعياذ بالله في مقام الكفر منافاته ومناقضته عظيم الله جل جلاله الله اليكم. قال المصنف رحمه الله وقد افتى ابن حبيب واصبغ ابن خليل من فقهاء قرطبة بقتل المعروف بابن اخي عجب وكان خرج يوما فاخذه المطر فقال بدأ الخراز يرش جلوده ابن حبيب واصبغ ابن خليل من كبار فقهاء المالكية في زمانهم رحمة الله عليهم جميعا. وهم من علماء القرن الثالث الهجري في امة الاسلام. وكانوا من كبار فقهاء الاندلس وديارها انذاك والذي وقع في القصة ان هذا المذكور المعروف بابن اخي عجب وهو اسمه يحيى بن زكريا. كان احد من وصف بالتجبر والعتو والكبر والعياذ بالله عز وجل وكان له صلة صهر وقرابة بالحاكم الاموي الاندلسي انذاك وهو عبدالرحمن بن الحكم وزوجة عبدالرحمن بن حكم بل هو هو رابع ملوك بني امية في الاندلس احدى زوجاته يقال لها عجب وهي عمة هذا المذكور هنا في هذه القصة هي عمته وزوجة السلطان والخليفة الاموي الرابع من ملوك بني امية في الاندلس عبدالرحمن بن الحكم فبلغ به العتو والكبر ان قال يوما وقد اخذه المطر قال بدأ الخراز يرش جلوده وصف الوصف القبيح بتلك العبارة فبلغت العلماء. والمراد بالخراز الذي يخيط الجلود ويصنع منها ما يستعمل من حذاء ولباس ونحوه فبلغت العبارة فقهاء الاندلس فكان الموقف الذي تسمعون الان. نعم وكان بعض الفقهاء وكان بعض الفقهاء بها ابو زيد صاحب الثمانية وعبد الاعلى بن وهب وابان بن عيسى قد توقفوا عن سفك دمه واشاروا الى انه عبث من القول يكفي فيه الادب من فقهاء الاندلس انذاك ابو زيد صاحب الثمانية وعرف بصاحب الثمانية لانه الف كتابا ثمانية كتب من سؤال المدنيين للامام ما لك فعرف بابي زيد صاحب الثماني واسمه عبدالرحمن بن ابراهيم القرطبي. فقيه محدث امام عالم وايضا عبد الاعلى بن وهب وابان بن عيسى. هؤلاء لما عرضت عليهم تلك المقولة الفاجرة الاثمة. توقفوا عن سفك دمه واكتفوا بانه عبث وسفاهة من القول يكفي فيها الادب والتعزير يسجن او يظرب او يحبس حتى يرتدع عن ذلك واكتفوا بهذا في شأنه نعم وافتى بمثله القاضي حينئذ موسى ابن زياد. قال فقالت هؤلاء اربعة ابو زيد وعبد الاعلى وابان. وقاضي الاندلس انذاك موسى ابن زياد اكتفوا بتعزيره وتأديبه ولم يروا ان عبارته تلك تستوجب اكثر من ذلك في التأديب والتعزير. نعم فقال ابن حبيب دمه في عنقي ايشتم ايشتم رب عبدناه ثم لا ننتصر له انا اذا لعبيد سوء. وما نحن له بعابدين وبكى. ورفع المجلس الى الامير بها عبدالرحمن بن الحكم الاموي وكانت عجب عمة هذا المطلوب من من حظاياه من حظاياه يعني من اقرب ازواجه اللاتي يحبهن الامير عبدالرحمن ابن حكم واعلم باختلاف الفقهاء فخرج الاذن من عنده بالاخذ بقول ابن حبيب وصاحبه وامر بقتل المذكور فقتل وصلب الفقه وصلب بحضرة الفقيهين وعزل القاضي لتهمته بالمداهنة في هذه القصة ووبخ ووبخ ووبخ بقية الفقهاء وسبهم هذا موقف علماء الامة وحكامها لما امتلأت القلوب بتعظيم الله فكانت لا ترى تجاوزا ولا تقبل باستخفاف على مقام الالوهية. يقول ابن حبيب دمه في عنقي ايشتم رب فتنة ايشتم رب العبد ناه ثم لا ننتصر له ان اذا العبيد سوء وما نحن له بعابدين. فلما بلغ ذلك الامير رغم ان المذكور هو احد اقارب احب زوجاته اليك. واعلم باختلاف الفقهاء فامر بالاخذ بقول ابن حبيب وامر بقتل ابن اخي. وامر قتل ابن اخي عجب وصلب وعزل القاضي الذي لم يفت بقتله لتهمته بالمداهنة في هذه القصة ووبخ بقية الفقهاء الذين اكتفوا بمجرد تأديبه وان ذلك لا يوجب تعديا على حد الله او استجابا للقتل نسأل الله السلامة. والمراد ايها انه متى استقر في الامة هذا التعظيم العظيم الواجب لربنا الكبير العظيم سبحانه وتعالى علمت ان هذا هو اقل ما يفعله العباد توقيرا لربهم وخالقهم وسيدهم ومولاهم سبحانه وتعالى. ارأيتم لو كان مشتوم او المستهزئ به احد العظماء في النفوس مثل الاباء والامهات ومثل الملوك والسلاطين والعظماء ومثل كل من له مقام عظيم والله ما يقبل ان يشتم بالكلام او ينتقص بالقدر او ان يوصف بوصف قبيح وتنزل عليه اشد العقوبات ردعا له وزجرا لامثاله. فكيف بالحديث عن رب الاربى؟ وملك الملوك ومن تدين له الدنيا بما فيها تعظيما واجلال بل كما قال الله تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا. فكل المخلوقات جعل الله عز وجل فيها من تعظيمه سبحانه وتعالى ما هو اولى بابن ادم الذي خلقه الله لعبادته وجعل عبادته سبحانه قائمة على ركن التعظيم له في القلوب. فهم اولى بنو ادم اولى من السماوات والارض وسائر ما خلق الله. لان بني ادم هو المكلف بعبادة الله. وعبادة الله قائمة على تعظيمه سبحانه وتعالى. فهذا موقف ذكره المصنف رحمه الله عز وجل بواقعة من الموقع التي عاشتها الامة فسجلت سطرا مذهبا من تعظيم الله والوقوف بحزم مع كل من يتطاول على الذات الالهية نسأل الله السلام الله اليكم قال المصنف رحمه الله واما من صدرت عنه من ذلك الهنة الواحدة والفلتة الشاردة. يعني من قال ذلك مرة فلتة لسان وعبارة هفوة كانت غير مقصودة نعم واما من صدرت عنه من ذلك الهنة الواحدة والفلتة الشاردة ما لم يكن تنقصا وازراء. فيعاقب عليها ويؤدي بقدر مقتضاها وصنعة معناها وصورة وصورة حال قائلها وشرح سببها ومقارنها هذا من الاعتدال فيما قرره المصنف رحمه الله فليست كل عبارة فيها شيء من سوء الادب توجب الكفر او القتل لكنه كما قال من صدرت منه زلة وهفوة غير مقصودة وفلتة شاردة. لم يكن فيها تنقص او ازراء. فهذا يعاقب ويؤدب بقدر مقتضاها. مقتضى العبارة. وبقدر شناعة معناها. وبصورة حال قائلها اهو من الموقرين اهو من العقلاء؟ ام هو من السفهاء والاوغاد؟ ام هو من الاوباش والمعروفين بالقحة وسوء الادب وسلاطة اللسان مع الله ومع خلق الله. فهذا يختلف باختلاف المقام. باختلاف القائل والمقام وزلة اللسان فينزل لكل منزلته بقدره اللائق به. وان كان لا يستوجب القتل لعدم اشتماله على تنقص وازدراء كما قال يصنف رحمه الله فانه لا يسلم من تأديب وتعزير وتوبيخ ونكال يكون معبرا عن تعظيم الامة لخالقها وربها سبحانه وتعالى احسن الله اليكم. قال رحمه الله وقد قال ابن القاسم رحمه الله قد سئل وقد سئل ابن القاسم رحمه الله عن رجل نادى رجلا باسمه فاجابه لبيك اللهم لبيك فقال ان كان جاهلا او قاله على وجه سفه فلا شيء عليه قال القاضي ابو الفضل وشرح قوله انه لا انه لا قتل عليه. والجاهل يزجر ويعلم. والسفيه يؤدب. ولو قالها على اعتقاد انزاله منزلة ربه لكفر. هذا مقتضى قوله. نعم هذا موقف اخر سئل ابن القاسم الامام الفقيه المالكي رحمه الله عن رجل نادى اخر باسمه فاجابه لبيك اللهم لبيك هذا اذا حملت اللفظ على ظاهره فهو كفر صراح لأنه جعل المنادي ربا والها فقال له لبيك اللهم وهو لا يقصد ذلك. قال ان كان جاهلا او قال على وجه سفه فلا شيء عليه. لا شيء عليه يعني لا قتلى وليس معناه انه لا حرج ولا ذم يلحقه ولا عتب ولا عقاب بل المراد انه لا يستوجب بكلمته تلك الكفر ولا القتل. قال والجاهر الجاهل يزجر ويعلم. والسفيه يؤدب. اذا لا عذر بان تقول هو سفيه فيترك او تقول هو جاهل فيترك عندما نقول عمن يقول مثل ذلك او يصدر عنه ذلك. عندما نقول عنه سفيه وجاهل فانما هي اوصاف يلتمس بها يلتمس بها درء القتل عنه لا مطلق العقاب والتأديب فان سلم من القتل فلا بد له من زجر قال رحمه الله الجاهل يزجر والسفيه يؤدب اما لو قالها على الاعتقاد لبيك اللهم ويريد ان المنادي الذي يجيبه هو كالرب له والاله قال لو قالها على اعتقادي انزاله منزلة ربه لكان هذا معنى قول ابن القاسم الذي شرحه المصنف رحمه الله تعالى احسن الله اليكم. قال المصنف رحمه الله وقد اسرف كثير من من سخف وقد اسرف كثير من سخفاء الشعراء ومتهميهم في هذا الباب. واستخفوا عظيم هذه حرمة فاتوا من ذلك بما ننزه كتابنا ولساننا واقلامنا عن ذكره ولولا انا قصدنا نص مسائل حكيناها لما ذكرنا شيئا مما يثقل ذكره علينا مما حكيناه في هذه الفترة مما حكيناه في هذه الفصول واما ما ورد في هذا من اهل الجهالة واغاليظ واغاليظ اللسان كقول بعظ الاعراب رب العباد ما لنا وما لك قد كنت تسقينا فما بدا لك انزل علينا الغيث لا ابى لك باشباه في اشباه لهذا من كلام الجهال. يقول المصنف رحمه الله تعالى في هذا الباب الذي نتحدث فيه عن تعظيم الله ووجوب حفظ اللسان عن سفه القول وساقطه الذي يجرد فيه الكلام من تعظيم الله عز وجل. يقول يتنبه الى ان بعض سفهاء الشعراء هم اكثر الناس وقوعا في ذلك بسبب ما ما يجري على الالسنة من المبالغة والمجازفة والتهور الذي ربما وقع فيه بعضهم. فاذا كان من والسفهاء وقليل الديانة كان مظنة وقوع ذلك منهم اكثر نسأل الله العافية. قال وكان منهم من اسرف في هذا الباب واستخفوا بعظيم هذه الحرمة فاتوا بما ننزه كتابنا ولساننا واقلامنا عن ذكره وصدق رحمه الله لو جئت تحصي زلل الشعراء وسقطهم في هذا الباب الشنيع لسودت الكتاب ولاصممت الاذان ولاظلمت القلوب من شدة ما تسمع من السخف والتعدي على مقام الالوهية غير انه رحمه الله لما يريد ان يحكي بعض الوقائع وكما ذكر قبل قليل في كلام ابن اخي عجب زوجة الحاكم الاموي لولا انه يريد ان ينقل واقعة ليحكي لك شاهد من شواهد تاريخ الامة لما اورد الحكاية لكنه يريد اثبات الشواهد على ان تاريخ الامة حافل وموقف علمائها مشرف وانها امة ما زالت تتوارى راية التعظيم لله عز وجل الى يوم الناس هذا والى يوم القيامة. وعلى الامة ان تحيي هذا المعنى في قلوب اجيالها وناشئتها قال ولولا انا قصدنا نص مسائل حكيناها لما ذكرنا شيئا مما يثقل ذكره علينا مما حكيناه في هذه الفصول اجل فهذا معنى التعظيم لله وهذا معنى التكبير والتسبيح لربنا سبحانه وتعالى. الله اكبر. تكبيرنا في الاذان الذي يتجاوز خمسين مرة كل يوم وليلة في الاذان والاقامة تكبيرنا الذي نعده بالعشرات في ركعات الصلاة كل يوم وليلة. اين نذهب به اين نذهب لربنا الكبير الذي كبرناه في الاعياد وفي الجمع في الفطر وفي الاضحى ان لم يكن تكبيرا يعني تعظيما لله في القلوب. تعظيما لله في الحياة تعظيما لله. في تأديب كل متطاول على ما قام الذات الالهية فاين نذهب بذلك التكبير ما وقع التسبيح الذي نسبح به الله كل يوم وليلة عشرات ومئات المرات كل يوم بعد كل صلاة تسبحون الله ثلاثا وثلاثين. فضلا عما تسبحونه به سبحانه في كل ركعة من الركوع والسجود اوما علمتم ان تسبيح الله تنزيهه سبحانه عما لا يليق به ننزه الله. فكيف نقبل بان يتطاول واغدوا سفيه وقح على مقام الذات الالهية ما مقام التسبيح في الحياة اذا؟ والتكبير؟ والله لو مستت منازل الاباء والامهات والملوك منا والعظماء ابتعدت الان فاهتزت المنابر فكيف برب الارباب فكيف بخالق الخلق ومدبر الكون المحيي المميت ذي الجلال والاكرام الكبير المتعال هو اعظم من عظم سبحانه وتعالى في هذا الخلق كله وفي الملكوت الاعلى والاسفل ما عظم شيء في الكون بقدر تعظيم الله ولا عد جرم في ازدراء التعظيم اعظم من الازدراء لمقام الالوهية والتطاول عليه نسأل الله السلامة. قال المصنف رحمه الله في معنى اسراف هؤلاء السخفاء من الشعراء والذين استخفوا بعظيم حرمة تعظيم الله قال ما ورد من اهل الجهالة كقول بعظ اعراب رب العباد ما لنا وما لك قد كنت تسقينا فما بدا لك انزل علينا الغيث لا ابى لك. بل هو الذي لا اب له ولا ام ولا مروءة ولا دين ولا خلق قال في اشباه لهذا من كلام الجهال. ومن اشهر ما تداوله ميراث وموروث العرب في شعره وادبهم قول ابن هانئ الاندلسي وقد مضى ذكره يغلو في مدح آآ ممدوحه معز الدين الفاطمي قال ما شئت لا ما شاءت الاقدار فاحكم فانت الواحد القهار وكانما انت النبي محمد وكانما انصار كالانصار انت الذي كادت تبشرنا به في كتبها الاحبار والاخبار اذ اطبق اهل العلم على ذمه ووصفه بقبيح القول وتحميله وزر ما قال. فمهما بلغ المتكلم في مدح او تملق او نفاق او حتى كذب وزلة لسان فان اللذات الالهية في تعظيمها حدا. من تجاوزه فقد تحمل تبعة ذلك في الدنيا قبل الاخرة. وانما يذكر هذا الكلام لبيان هذا الاصل العظيم وعدم جواز التساهل او التراخي او غض الطرف عما يفعله الاوغاد والجهال وسائر من يتطاول به القلم او اللسان او القصيدة او المقالة التي تتناه تتكاثر وتنتشر في الافاق اولها الناس دون ان يقال له اتق الله ودون ان يقال لاهل العلم وان يقال لاولي الامر بالاخذ على ايدي هؤلاء وردعهم لانه تعظيم لله واداء لما اوجب الله على عباده الذين ارتضى لهم سبحانه وتعالى هذا الاسلام وارتضوه جل جلاله ربا لهم. فمقام التعظيم عظيم. والواجب على الامة رعايتها وما يحكيه المصنف. رحمه الله مما عاشته الامة في هذا الارث العظيم الذي ما زالت تتوارثه الى يوم الدين احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله ومن لم يقومه ثقاف تأديب الشريعة والعلم في هذا الباب. فقل ما يصدر الا من جاهل يجب وتعليمه وزجره والاغلاظ له عن العودة الى مثله قال ابو سليمان الخطابي وهذا يقومه ثقاف تأديب الشريعة. الثقاف الالة التي تستخدم لتقوم بها بعض اسلحتي تتقوم بها الرماح اذا انثنت الرماح او التوت يستخدم لها الة تسمى الثقاف من خشب او من حديد حتى تعود الى الرماح استوائها واستقامتها فهكذا عبر بالمجاز عن ان بعض اخلاق البشر وبعض احوالهم يحصل فيها من الاعوجاج ما يحتاج الى تقويم حتى يعود الى الاستقامة فمن زلت به القدم يحتاج الى تأديب. قال من لم يقومه ثقاف تأديب الشريعة والعلم في هذا الباب سيصدر منه مثل ما سمعت نعم فقلما يصدر فقلما يصدر الا من جاهل يجب تعليمه وزجره والاغلاظ له عن العودة الى مثله قال ابو سليمان الخطابي وهذا تهور من القول. والله عز وجل منزه عن هذه الامور كلها وقد قال رحمه الله وقد روينا عن عون ابن عبد الله انه قال ليعظم احدكم ربه ان يذكر اسمه في كل شيء حتى يقول اخزى الله الكلب وفعل به كذا وكذا قال وكان بعض من ادركنا من مشايخنا قل ما يذكر اسم الله تعالى الا فيما يتصل بطاعته. والتقليل من ايراد بسم الله على الالسنة نوع من التعظيم ولا شك ولهذا قال الله عز وجل لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم. يعني لا كفارة لكنه قال ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم. يا اخي مو كل شيء تحلف عليه. لا والله. وبلى والله. وحلفت عليك بالله الا تعشيت عندي وتغديت عندك يقول من تعظيم الله الا تجري اسم الله عز وجل على كل شيء يسوء ما يسوى فكانوا بعظهم يقول عن عوف ابن عبد الله ليعظم احدكم ربه ان يذكر اسمه في كل شيء حتى يقول اخزى الله الكلب وفعل به كذا وكذا ليس هذا منعا للدعاء ولكن دعوة الى الا يكون اسم الله عز وجل على لسان العبد الا في طاعة ويكبره ويسبحه ويحمده او يكون في دعاء اللهم اني اسألك كذا واعطني كذا وارزقني كذا. اما ان يكون على لسانه يمينا لاغيا او مرة مستهجنة فان هذا مما يعظم به اسم الله ولهذا قال القاضي عياض كان بعض من ادركنا من مشايخنا قلما يذكر اسم الله تعالى الا فيما يتصل بطاعته اما في سائر الكلام فيجلون اسم الله سبحانه وتعالى عن استعماله لان لا يكون مستهانا او مبتذلا ويكون له من التعظيم في القلوب والالسنة ما يليق به. ارأيتم اذا بلغ العبد هذا المقام حتى في الدعاء او في ذكر اسم الله عز وجل في الكلام المعتاد الا يتجرأ على ان يمر اسم الله على لسانه الا محفوفا بالتعظيم والاجلال والمهابة اذا بلغ هذه المنزلة فلا والله لا يقرب فضلا عن ان يقع فيما وقع فيه من ضرب به المثال وذكرت احواله من سوء العبارة والفجاجة والفظاظة في ان يتناول اسم الله او ينسب اليه ما لا يليق ازراء وتسفها وانتقاصا نسأل الله السلامة. فهي اذا تربية للقلوب. قبل الالسنة والاقلام تربية للنفوس على تعظيم الله عز وجل. وهذا يبتدأ اولا بان يعرف المرء مقام ربه العظيم مؤمنا به بعظمته وباسمائه وصفاته سبحانه وتعالى. ومن قرأ القرآن واعيا. ومر على احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقلب حاضر لملأ قلبه تعظيما لله جل جلاله بما ملئ في نصوص الكتاب والسنة. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وكان بعض من ادركنا من مشايخنا قل ما يذكر اسم الله تعالى الا فيما يتصل بطاعته وكان يقول للانسان جزيت خيرا وقلما يقول جزاك الله خيرا. اعظاما لاسمه تعالى ان يمتهن في غير قربة. اما جزاك الله خيرا فقد ثبت في السنة من حديث اسامة بن زيد رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من صنع اليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد ابلغ في الثناء. والحديث صحيح اخرجه الترمذي وابن حبان وغيرهما فهذا لا ينبغي ان يكون ايضا محمولا على المبالغة في الابتعاد عن اجراء اسم الله سبحانه وتعالى على اللسان ما ثبت به النص اذا فلا حرج ان يقول جزاك الله خيرا لانها عبارة قد وردت بها السنة وما عدا ذلك فلا شك ان الاقتصاد في اجراء اسم الله سبحانه وتعالى على اللسان هو من دواعي التعظيم ولا شك. وان هذا ان كان في سياق ما يحمل المرء عليه نفسه قلبه ولسانه واقواله وافعاله تعظيما لله عز وجل فلا شك ان هذا من دواعي الخير ومن بشائر ما يسلك به المرء بنفسه في درب السلامة تعظيما لله عز وجل. نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله وحدثنا الثقة ان الامام ابا بكر الشاشي كان يعيب على اهل الكلام كثرة خوضهم فيه تعالى وفي ذكر صفاته اجلالا لاسمه تعالى. ويقول هؤلاء يتمندلون بالله عز وجل وينزل الكلام في هذا الباب تنزيله في باب ساب النبي صلى الله عليه وسلم على الوجوه التي فصلناها. والله الموفق الامام ابو بكر الشاشي القفال رحمه الله تعالى وهو من ائمة الفقهاء العلماء الذين كانوا مرجع الفقه والفتوى في زمانهم كان يعيب على اهل الكلام والمراد بهم الذين اشتغلوا بعلم المنطق والفلسفة فاجروها في ابواب الاعتقاد حتى جرهم ذلك الى تنزيل قواعد منطق الفاسدة على ابواب الاعتقاد وادلتها خصوصا فيما يتعلق بباب الاسماء والصفات لله تعالى الله. فاذا تلك القواعد الفاسدة اودت بهم الى نتائج مختلة مصادمة لما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة. كمثل ما وقع لجل الفرق المنتسبة للاسلام الذين خاضوا في باب الاسماء والصفات فكان ذلك مدعاة الى نفي بعض الصفات او كلها او تأويلها او تعطيلها او القول بتشبيهها نسأل الله السلامة فمذلة القدم هناك كان مبدأها ما هو؟ الجرأة على الخوض فيما يتعلق بالذات الالهية ولو عظموا الله لكفوا عن ذلك ولامسكوا باقلامهم والسنتهم عن ما حصل لهم من الاسترسال فيما لا ينبغي لهم الخوظ فيه. كان يقول ابو بكر الشاشي رحمه الله قال هؤلاء يتمندلون بالله عز وجل وكلمة تمندل عند العرب معناها استخفاف واستهانة وهي مأخوذة من كلمة المنديل. فانك لما تستعمل المنديل لتمسح به عرق او تزيل به بعض القذر والاذى اصبح المنديل في يدك اداة ممتهنة تستعملها في كل شيء تريد التخلص من اذاه فاذا قال انسان عن اخر انه تمندل بنا يعني ازدر بنا واستخف بشأننا ولم يعظم لنا مكانة ولا منزلة الهؤلاء الذين خاضوا في ابواب الاسماء والصفات فوقعوا في ذلك الموقع البعيد من نسبة ما لا يليق الى الله او فيما اثبته الله لنفسه ممن خاب من اهل علم الكلام قال هؤلاء يتمندلون بالله عز وجل والمقصود به الازدراء والانتقام والاستخفاف غير اللائق بالله عز وجل. وهذا اصل عظيم فاذا قيل ما هو معنى التعظيم لله عز وجل؟ الذي يمكن ان يعصمك عبد الله من ان يكون لك لا قدر الله زلتك قدم يمكن ان يسحبك بها الشيطان في شيء من مهاوي الاستخفاف او الانتقاص لمقام الالوهية فاعلم رعاك الله ان مبدأ ذلك كما تقدم في كلام ابن القيم رحمه الله وشيخه ابن تيمية رحمه الله وسائر علماء رحمة الله عليهم مبدأ ذلك ملء القلوب بالله تعظيما له سبحانه وقد مر بكم ليلة الجمعة الماضية قول الله سبحانه وتعالى في غير ما اية وما قدروا الله حق قدره ما قدروا الله حق قدره فمرد ذلك الافتراء والبعد بل رأس رأس الاستخفاف بعظمة الله الكفر به عياذا بالله واعظم الخلق على وجه الارض انتقاصا لمقام الالوهية وجرأة عليها. وازدراء بعظمة الخالق. كل من كفر بالله عز وجل من لم يعرف الله ولم يعبد الله هم اشد البشر تعديا على حق الله. قال اتدرون ما حق الله على العباد قال حقه ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا هذا اعظم الحقوق فمتى اختل عند البشر فقد زالت اعظم الحقوق عنده عياذا بالله وهو تعظيم الله. ما عظم الله من اشرك به ايخلق الله ويعبد غيره ايسوق الرزق ويطلب سواه ايدبر الكون سبحانه ويحيي ويميت ويشفي ويمرض ويقدر ويفسح ويقبض ويبسط يكون المدعو غيره سبحانه الله وتعالى الله عن ذلك ولهذا فان ابشع صور الظلم قال ان الشرك لظلم عظيم اعظم الظلم الكفر بالله. اكبر الكبائر الشرك بالله. قال ان تجعل لله ندا وهو خلقك عجيب شأن ابن ادم الكافر عندما يسوقه عقله الى دراسة العلوم ومعرفة الاختراعات واكتشاف الصناعات وتطوير الحياة ولا يقوده عقله الى ان يوحد الله ويؤمن به ويصرف له العبادة خالصة لوجهه الكريم ثم كل ما نزل عن ذلك من الكفر بالله والاشراك به فانه داخل في عداد الانتقاص من تعظيم الله بقدر ما يقع للعبد من بعده عن طريق الله. فالذنوب والمعاصي وغشيان الكبائر والتساهل في الفرائض والتعدي على حدود الله. ولهذا قال الحسن البصري رحمه الله ما عصى الله الا جاهل لا يقصد بالجاهل هنا الامي الذي ما قرأ ولا كتب ولا دخل مدرسة وما حصل على شهادة. يقصد الجاهل بعظمة الله والله لو عظم الجاهل هذا ربه ما اجترأ على معصيته ما فينا معصوم وكلنا ذاك الخط المذنب الذي يعود ويستغفر ويتوب ولكن شتان بين من زالت عظمة الله من قلبه فاستخف بالحرمات وغشي الكبائر بلا مبالاة. فهو من معصية الى اختها. ومن كبيرة الى اكبر منها لا يرعوي. ولا يلتفت ولا يستغفر اية الله اكبر الا ان محمدا هذا اعظم مقامات التعظيم واولها ملء القلوب بمعرفة مقام ربها وخالقها ثم يجري العبد بعد ذلك قلبه وفؤاده وجوارح بدنه على القيام بحق خالقه. تعظيما له واكثارا من ذكره سبحانه وتقربا اليه بمرضاته فتراه متقلبا بين تلاوة كلامه والوقوف بين يديه وكثرة دعائه والتضرع اليه فمن الهمه الله كثرة ذكره وجد حلاوة ذلك في قلبه. ومن لزم كتابه سبحانه واشتغل به ملأ قلبه وتعظيما وحياته بركة ونورا وهداية. وهكذا الشأن في الاستكثار من الطاعات هي اخذة بيد العبد. على الثبات على التعظيم لربه العظيم سبحانه وتعالى. ثم اعلموا ان المجافاة عن المعاصي والاثام درب قويم تحفظ به القلوب من الاستخفاف والازدراء بمقام ربنا العظيم سبحانه. وكلما جاهد المرء نفسه في درب الغواية والشهوات المحرمة انا لذلك من الاثر العظيم في مزيد من ثبات قلبه على التعظيم لله. وهكذا ما يزال العبد في استكثار من الطاعات ومجاهدة للنفس عن الهوى والشهوات المحرمة حتى يقوم قائم التعظيم في قلبه على سوقه فيشتد يؤتي ثماره اكلا طيبا باذن الله والكلام الذي ذكره المصنف عن ابي بكر القفال الشاشي رحمه الله هو الذي نقل عن الائمة رحمة الله عليهم في رفض الخوض في باب الاسماء والصفات تكييفا بما لا تبلغه العقول وقصة الامام مالك رحمه الله الشهيرة لما سأله احدهم عن قول الله الرحمن على العرش استوى كيف استوى فكان موقف الامام ما لك بازاء هذا السؤال ما قال الراوي فما رأيته وجد من شيء كوجده من مقالته. يعني ما رأيته غضب كغضبه من ذلك السؤال. قال وعلاه الرحظاء يعني العرق واطرق القوم فجعلوا ينتظرون الامر به فيه ثم سري عن مالك يعني تخفف عنه ما اعتراه من الحالة العصيبة. فقال الكيف غير معلوم والاستواء غير مجهول والايمان به واجب. والسؤال عنه بدعة واني لاخاف ان تكون ضالا ثم امر به فاخرج فتأمل ما اصاب الامام مالكا رحمه الله من شدة الغضب وتصبب العرق اجلالا وتعظيما لله في مجلسه في مسجد رسوله لله صلى الله عليه وسلم. وانكارا لهذا السؤال عن كيفية الاستواء لا عن معنى الاستواء. لان العقول لا تدرك كيفيات اثر الله عز وجل بعلمها ومثل ذلك ما جرى للامام احمد رحمه الله لما مر مع ابنه عبد الله على قاص يقص والمقصود بالقصاص بعض الوعاظ على قلة علم كانوا يجلسون فيقصون على الناس قصص وعظ ولربما قالوا قولا بغير علم يقص على الناس حديث النزول الالهي فقال اذا كان ليلة النصف من شعبان ينزل الله عز وجل الى سماء الدنيا بلا زوال ولا انتقال ولا تغير حال. قال عبد الله فارتعد ابي واصفر لونه ولزم يدي وامسكته حتى سكت ثم قال قف بنا على هذا المتخرص فلما حاذاه قال يا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم اغير على ربه عز وجل منك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني لا تتجاوز ولا تبلغ بكلامك ما يحمل يحمل على الازدراء قصدت او لم تقصد اذا فهذا المقام الذي ذكره المصنف رحمه الله تقرير لما توارثته الامة جيلا بعد جيل تعظيما لله. فاكثروا من ذكر وعظموه في قلوبكم والزموا شريعته واستكثروا من طاعته وكفوا عن محارمه فان ذلك سبيل الى مزيد من تعظيم الله في قلوبكم بل سلوه التعظيم. سلوه ان يملأ قلوبكم تعظيما له عز وجل. وعظموا ما عظم الله. الا وان مما عظم الله دينه وشريعته ونبيه صلى الله عليه وسلم. ومن عظيم ما عظم الله من العبادات فعظم اجرها الصلاة والسلام على نبيه صلى الله عليه عليه واله وسلم فاستكثروا منها فانما تصيبون خيرا عظيما. صلوا على الهادي البشير وسلموا وتلمسوا الهدي المنير وعظموا ما قيمة الدنيا اذا لم تغنموا حب النبي وتعلموا وتعلموا. فاللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد ازكى الصلاة واتم سلام يا ذا الجلال والاكرام. واملأ قلوبنا بتعظيمك واجلالك وخشيتك يا ذا الجلال والاكرام اللهم اجعلنا من اقرب من تقرب اليك ومن اوجه من توجه لديك واخصهم زلفى لديك يا رب العالمين. اللهم الزمنا عتبة العبودية وارزقنا السعادة الابدية وادفع عنا وعن كل مسلم كل شر وبلية. اله الحق يا سميع الدعاء. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل يا ربي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى والرسول المجتبى. نبينا محمد بن عبدالله وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين. كل شيء في الحرم المكي يدعو للشوق ومن ذلك دروس الحق العلمية وكراسي العلماء. فماذا لو قربنا لك هذه المجالس لتعيش في رحابها وانت في بيتك؟ على قناة التوجيه والارشاد الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي. تستطيع ان تكون احد حضور مجالس العلم في المسجد الحرام مباشرة ولحظة بلحظة حيث يمكنك حضور المجلس ومتابعة الدرس واخذ العلم عن اهله. وكأنك هناك. للمتابعة اشترك الان