الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن. احمد الله تعالى واشكره واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله الله عليه وعلى ال بيته وصحابته وسلم تسليما كثيرا. وبعد اخوة الاسلام فمن رحام بيت الله الحرام ينعقد هذا المجلس المبارك المتكرر كل ليلة من ليالي الجمعة. في هذا اليوم التاسع عشر من شهر صفر سنة اربع واربعمائة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. نغتنم في مثل هذه الليلة الكريمة المباركة شرفها وفضلها ونورها وهداها. بفضل ما اراد الله لنا عز وجل من الجلوس في بيته الحرام وانتظار الصلاة الى الصلاة وجمع لنا عز وجل من بركة هذا المكان وبركة هذه الليلة ما نزداد به خيرا وبركة في مجلس نكثر فيه من صلاتنا وسلامنا على نبي الامة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم رجاء ان نكون من اول وفر الامة حظا هذه الليلة بامتثال قوله صلى الله عليه واله وسلم. اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. وان نكون كذلك من اوفر الامة حظا بذلك الاجر الكريم والموعود العظيم صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. فيا رب صلي وسلم وبارك عليه. عدد ما صلى عليه المصلون اصلي يا ربي وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عنه الغافلون. ان الصلاة على المختار لو كتبت احرف النور في سفر من الدر لشعشع الدر بالافاق مبتهجا وغرد السفر بالاسفار في فخري صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. وبعد فانه لما تم لنا بعون الله فضله ومنته وتوفيقه ليلة الجمعة الماضية. لما تم لنا ختم كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله الله عليه واله وسلم للامام القاضي عياض ابن موسى الي رحمه الله تعالى. فقد كان مجلس الليلة منعقدا لذكر مضامين الكتاب والعود على مجمله لبيان ما احتواه الكتاب وما ترابطت به فصوله وتناسق به ابوابه وقوفا على مضامين الكتاب. واستحضارا لجملة ما اودع فيه المصنف رحمه الله تعالى. من والدرر والاقسام والتصانيف البديعة حتى يكون لنا عونا على ان يكون فائدة العلم وتحصيله فانما افة العلم النسيان وحياة العلم المذاكرة. وبين يدي المرور على مضامين الكتاب والعود عليها جملة ها هنا مرور ايضا على شيء يسير من السيرة العطرة للمصنف الامام القاضي عياض. رحمه الله تعالى فانه احد علماء الامة البررة واوتادها الشامخة التي نفع الله عز وجل بها امة الاسلام. وكانت لسيرته العطرة رحمه الله والله تعالى ما جعل لهذا الكتاب وزنه بين تصانيف الشريعة التي اعتنى بها علماء الاسلام في بيان حقوق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ومكانته بين سائر المصنفات. واعلموا رحمكم الله ان الامام القاضي رحمه الله تعالى احد اعيان الامة في قرنها السادس الهجري. مغربي من بلاد المغرب مالكي المذهب الله تعالى امام فقيه قاض تولى القضاء نحوا من خمس وثلاثين سنة هو القاضي ابو الفضل عياض بن موسى ابن عياض ابن عمرون اليحصوبي الاندلسي ثم السبتي المالكي رحمه الله تعالى. كانت ولادته في مدينة سبتة توفي في مراكش بالمغرب سنة اربع واربعين وخمسمائة من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. وبعض الاشارات في الكتاب تشير الى انه صنف كتاب الشفا قبل نحو من عشرين سنة من وفاته رحمه الله تعالى في نحو الخمسمائة واثنين وعشرين من الهجرة عاش زمن دولتي المرابطين والموحدين في المغرب العربي. ونشأ رحمه الله على عفة وصيانة وصلاح وحرص على العلم وتحصيله حتى تبوأ امامة العلماء في زمنه رحمه الله. فعرف بين فقهاء مذهبه المالكي بالامامة والعلم والحديث والفقه وسائر مصنفاته بديعة. وكان رحمه الله الى جانب ذلك عظيم العبادة محييا لليل بالقيام كثير الصدقة والمواساة والاحسان الى الخلق من اكرم اهل زمانه. حاز رحمه الله الله من الرئاسة في بلده والرفعة ما لم يبلغه الا القلائل من الامة وما زاده ذلك الا تواضعا وخشية لله سبحانه وتعالى. قال الامام الذهبي رحمه الله عن الامام القاضي عياض قال واستبحر من العلوم وجمع والا وسارت بتصانيفه الركبان واشتهر في الافاق. وتواليفه نفيسة. رحمه الله. وقيل ايضا انه ولم يكن بمدينته سبتة في عصر اكثر تأليفا منه رحمه الله وكل تآليفه بديعة. ومن نظر في مصنفات الامام القاضي عياض وجد انه اذا الف كتابا في علم من العلوم او باب من الابواب وفن من الفنون كان كتابه عمدا في ذلك الفن ومرجعا في ذلك العلم وهذا في عدد من كتبه رحمه الله كمثل كتابه الشهير في شرح صحيح الامام اكمال المعلم بفوائد صحيح مسلم. اول شرح مكتمل على ابواب صحيح الامام مسلم رحمه الله تعالى وقد حوى فيه فوائد شيخه الامام الفقيه المازري رحمه الله تعالى الذي اسماه المعلم بفوائد مسلم اما كتابه القاضي عياض اكمال المعلم بفوائد شرح صحيح مسلم. وكان رحمه الله غاية في الحسن والابداع وكل من جاء من الائمة والعلماء ممن شرح صحيح الامام مسلم بعد القاضي عياض فانه يعتمد على كتابه ويرجع اليه وينقل عنه ويستفيد منه ذلك ان كتابه اضحى عمدة لكل من يأتي لشرح صحيح الامام مسلم رحمه الله تعالى ومثل ذلك ايضا كتابه رحمه الله تعالى في تراجم فقهاء الائمة المالكية الذي اسماه ترتيب مدارك وتقريب المسالك لمعرفة اعلام مذهب مالك. وكل فقهاء المذاهب الاربعة يعتنون بتراجم وجمع سير واخبار علماء المذهب تجد هذا عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. وذلك من اهل العلم ومن حسن صنيعهم وحفظ مآثر العلماء وتسطير اخبارهم وتخليد ذكرهم فان فيها فوائد جمة وعظات عظيمة ولها ايضا مقاصد علمية جليلة. وفك كل مذهب تبرز بعض المصنفات التي تعتني بتراجم واخبار وسير علماء ذلك المذهب. ومن اجل تراجم وسير واخبار علماء المالكين كتاب الامام القاضي عياض ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة اعلام مذهب مالك. وهو ايضا كالكتاب السابق اصبح مرجعا لكل من يأتي بعده. فانه ولا بد ممن يكتب في تراجم المالكية وفقهاء المذهب ان يرجع اليه وينقل عنه ويفيد منه. وهذا الذي تميز به الامام القاضي عياض رحمه الله تعالى في كتبه صنعه في بعض الموجزة المفردة مثل كتابه الذي وضعه في استنباط واستلهام فوائد حديث الصحيحين. حديث ام زرع وسمى كتابه بغية الرائد فيما في حديث ام زرع من الفوائد. وهو الحديث الذي كانت فيه عائشة رضي الله عنها تحكي بين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم شأن بعض النسوة من العرب مما يحكى ويستلطف ويستلمح فكان النبي عليه الصلاة والسلام منصتا لها حتى قال لها في اخر الحديث كنت لك كابي زرع لام زرع غير اني لا اطلق عليه والسلام. فاتى العلماء على هذا الحديث البديع المفيد الماتع فوظعوا عليه شروحات مفردة سوى الشرح الذي يتضمنه شروح دواوين السنة الكبار. فافرجوا شرح هذا الحديث بمفردات وافردوها بمصنفات. ولما ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري مسميا بعض الكتب التي شرحت حديث ام زرع اتى الى ذكر كتاب القاضي عياض بغية الرائد فقال عنه وهو اجمعها واوسعها واخذ منه غالب الشراح بعده. فكان صنيح القاضي عياض رحمه والله في كل تآليفه على هذا النحو. اذا الهمه الله فصنف كتابا او الف مؤلفا كان عمدة لكل من ان يأتي بعده فينقل عنه ويفيد منه. وهذا له دلائل ايها الاخوة الكرام. اولها فضل الله سبحانه وتعالى. وتوفيقه الذي يوزع فيه العلم كما وزع الرزق بين الخلق. ويوسع سبحانه وتعالى ويبسط لمن يشاء ويقدر لمن يشاء وله في ذلك سبحانه وتعالى الحكمة البالغة والمنة العظيمة. فان اهل العلم كانوا ولا يزالون في كل زمان ومكان. يفيد بعضهم من بعض. ويورث احدهم كتابا او كتبا وعلما. ولكن الله عز وجل لحكمته يكتب لمن شاء الخلود وشيوع الاثر والذكر والبقاء ويكتب لبعضهم دون ذلك والله عز وجل يختص برحمته من شاء وهو ذو الفضل العظيم. واما الدلالة الثانية في مثل هذا الذي يتلمح في سيرة الامام القاضي عياض رحمه الله فهو ان اهل العلم اذا اعتنى احدهم بكتاب يصنفه ودرس يشرحه فان الله عز وجل جاعل فيه من بركة والاثر والنفع بقدر ما تخلص فيه النيات اولا لوجه الله. وبقدر ما يحرر اهل العلم صنيعة في صنعتهم في تأليف او شرح او نظم حتى يكون له الخير والاثر والبركة. وهذا كثير عظيم بفضل الله تعالى في كتب اهل العلم وتراثهم الموجود في سيرة وتاريخ الاسلام. وكان كذلك الصنيع ذاته في كتاب القاضي عياض الذي تدارسناه على مدى سبقت كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. فان الكتاب بديع جدا. وفيه من الروعة وعظيم صنع المؤلف وافادته واجادته رحمه الله ما لا نحتاج الان الى اثبات شواهده وذكر دلائله وقد استعرظنا الكتاب فقرأناه بابا بابا وفصلا فصلا بل جملة جملة. ونفعنا الله تعالى بما وقفنا عليه من الفوائد والقواعد وما حرر فيه رحمه الله من النقول والنصوص والاستنباطات والشواهد فكان ذلك ايضا من اجل ما ورث الامام القاضي عياض رحمه الله من كتبه التي بقيت حافظة لذكره واسمه تأتي الامة اليوم بعد تسعمائة سنة من وفاته فتترحم عليه وتدعو له في رحاب بيت الله الحرام في اماكن فاضلة ازمنة مباركة فرحمه الله ورحم سائر علماء الامة البررة بخير وجزاهم بخير ما جازى به اهل العلم عن علمه وصنيعهم رحمهم الله جميعا. اما الكتاب الشفاء فهو بين كتب الامام القاضي عياض هو درة التاج. وواسطة العقد وهو بدر سماء مصنفاته. فانه رحمه الله تعالى حرر فيه شيئا عظيما وبذل فيه جهدا صرح وكلامه رحمه الله في الكتاب ايضا مشعر بذلك فانه بين ان ما جعله في الكتاب وما ضمنه فيه من فوائد والنفائس كان باذلا فيه غاية الجهد رحمه الله تعالى. فاتى العلماء من بعده فمنهم من شرحه ومن منهم من اختصره ومنهم من خرج احاديثه عناية بالكتاب وتتابعا على الاشادة به واعترافاته وامامة مصنفه الامام القاضي عياض رحمه الله تعالى. كتاب القاضي عياض الشفا اجل كتاب واجمعه واوسعه في تراث الامة الى اليوم فيما يتكلم عن حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم على امته. بل ان رحمه الله ابدع وابتكر هذا التصنيف في هذا الباب. فان اهل العلم منهم من كتب في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم من كتب في شمائله العطرة وهذا كثير وفير. لكن لا يعلم ان احدا كالقاضي رحمه الله اتى الى هذا الباب والتفت اليه بعناية فصنع منه صرحا علميا عظيما في هذا الكتاب اعني الحديث عن حقوق النبي عليه الصلاة والسلام. فانها جليلة وعظيمة ومبسوطة كثيرة في نصوص الكتاب والسنة لكن ان تجمع في كتاب واحد وان تبوب ثم تجمع لها الادلة ويجمع لها ايضا كلام العلماء و تبوب في تصنيف بديع فان هذا مما سبق اليه الامام القاضي عياض رحمه الله تعالى. وهو ذاته رحمه الله اوضح في مقدمة كتابه السبب الذي دعاه الى تأليف الكتاب فقال رحمه الله وكأنه يجيب سائلا سأله قال افإنك كررت علي السؤال في مجموع يتضمن التعريف بقدر المصطفى عليه الصلاة والسلام يجب له من توقير واكرام. وما حكم من لم يوفي واجب عظيم ذلك القدر؟ من لم يوفي واجب بعظيم ذلك القدر او قصر في حق منصبه الجليل قلامة ظفر. وان اجمع لك ما لاسلاف فينا وائمتنا في ذلك مما قال وابينه بتنزيل صور وامثال. فاجاب المصنف رحمه الله طلب هذا السائل ولبى رغبته وقام بواجب اهل العلم في البيان والعلم واجابة السائل ودلالة الحائر وارشاد المستفيد تم الكتاب رحمه الله في اربعة اقسام. كان السؤال لمن سأله عن حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم واسم الكتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. ويكفي في الكتاب قسم واحد من اقسام الاربعة التي بنى عليها الكتاب وهو ذكر حقوق رسول الله عليه الصلاة والسلام. لكن هذا القسم وقع في ترتيب الكتاب او ثانيا في ترتيب الكتاب. واما الاقسام الثلاثة القسم الاول قبله والقسمان الاخيران بعده كان كانت هذه الابواب والاقسام من اجل تتمة عقد هذا الكتاب المتلألئ. لانه قبل ان يتكلم عن حقوق رسول الله عليه الصلاة والسلام علي وعليك وعليك وعلى كل واحد في امته ابدع رحمه الله وفي تقديم فصل او قسم اول في الكتاب يعرف فيه بعظيم قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم مدخل مهم قبل ان تعرف ما لنبيك عليه الصلاة والسلام من الحقوق عليك اعرف اولا عظيم قدره على الصلاة والسلام فان ذلك مدعاة الى ان تعرف قدره العظيم. وتنزله مكانته اللائقة به عليه الصلاة والسلام. ثم تستجيب نفسك وتنشط روحك للوفاء بعظيم حقوقه والواجبات التي اوجب الله على لاجله عليه الصلاة والسلام. فكان القسم الاول من الكتاب بهذا العنوان. القسم الاول في تعظيم العلي الاعلى لقدر النبي المصطفى قولا وفعلا صلى الله عليه وسلم. هذا القسم الذي اراده المصنف مدخلا للكتاب وتمهيدا له استغرق منه نصف الكتاب. وهذا حري به رحمه الله. وكل من جاء يتكلم عن صفات النبي عليه الصلاة والسلام الخلقية او الخلقية او المعجزات والكمالات التي حباه الله تعالى بها مما تدل بمجموعها وافرادها واحادها على عظيم مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة من جاء بعد الامام القاضي عياض رحمه الله لا يستغني عن العودة الى هذا القسم من كتاب الشفاء. فهو مرجع عام وهو عمدة في هذا الباب فان هذا القسم الذي استغرق قرابة نصف كتاب الشفاء ابدع المصنف رحمه الله في بناءه على اربعة ابواب سيأتي ذكرها الان الماحا وايجازا. القسم الثاني قال فيما يجب على الاناء من حقوقه عليه الصلاة والسلام. هذا صلب كتاب وهو محوره ومرتكزه الاساس الذي من اجله اقبل رحمه الله على تأليف الكتاب. لكنه جعله بالقسم المشار اليه انفا. القسم الثالث تمهيد للرابع. وهو الحديث عن ما يجب للنبي عليه الصلاة والسلام وما يستحيل في حقه وتكلم ها هنا عن العصمة الالهية للانبياء عموما ولنبينا عليه الصلاة والسلام خصوصا وهل يصح او يجوز ان ينسب اليهم شيء من النقص في حق احدهم عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. وحرر ذلك ايضا جامعا فيه مواقف العلماء ومذاهبهم المختلفة في مسألة العصمة سواء كانت من الصغائر او الكبائر وقسمها ايضا الى عصمة في امور الدنيا وعصمة في امور الدين ميز ما لكل قسم من الاحكام فكان ايضا من ابدع ما صنف في الحديث عن عصمة الانبياء عليهم السلام. القسم الرابع هو احد لوازم الكتاب. لانك ان اردت ان تتعرف على حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلمت ان من اعظم حقوقه الاحترام والتبجيل والتوقير وعدم المساس بمقام النبوة او التعدي والتطاول فان هذا تدعي الحديث عن حكم من تجاوز هذا الحق وتعدى واساء فقال القسم الرابع في تصرف وجوه الاحكام كان في من تنقصه او سبه عليه الصلاة والسلام. وختم بهذا القسم كتابه البديع وجعل فيه رحمه الله تعالى من المسائل والاحكام والانواع والاصناف التي يختلف الحكم بالتنزيل على كل واحد منها تقسيما بديعا. قبل ان ننتقل الى الى بعض مضامين الاقسام الاربعة التي اودعها او بنى عليها المصنف رحمه الله كتابه السفر الجليل الشفاء في حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم اسمعوا رعاكم الله الى نبذة وطرف من ثناء العلماء على كتاب الشفاء لتعلموا ان احدكم اذا جعل هذا الكتاب في مكتبته او جعله جليسا له في بعض مجالسه او اقام عليه بعض حديثه ودروسه وخطبه فانما يأوي الى مأرز علم. ويأوي الى كتاب وسفر من خيرة علماء امة الاسلام فان كتابه رحمه الله كما تقدم عظيم القدر طارت شهرته في الافاق واقبلت عليه الامة جعل العلماء يشتغلون بكتابه مدارسة وشرحا ونظما وتخريجا واختصارا ولا يكاد يخلو زمن من المسلمين او قطر من اقطارها الا ولهم به عناية واشتغال به. واخوتنا المسلمون في المغرب العربي هم من اكثر الناس اهتماما واحتفاء بكتاب الشفاء. ومدارسة له واشتغالا به وتدريسا له. في المدارس والجوامع وعقد مجالس لختمه والاستجازة بالسند الى مؤلفه رحمه الله تعالى كما يصنعون في اعظم دواوين الاسلام كالصحيحين صحيحي البخاري ومسلم وسائر مصنفات الامة التي كتب الله عز وجل لها القبول. بل انه يذكر ان الامام القاضي نفسه رحمه الله كان يعاتب على شدة تعلقه بكتابه الشفاء واعتنائه به واقباله عليه اكثر من مصنفاته فينقل انه كان يجيب بتلكم بذلكم البيتين فقالوا نراك تحب الشفاء وتخبر فيه عن المصطفى فقلت لاني عليل الفؤاد وكل عليل يحب الشفاء. يشير الى كتابه رحمه الله تعالى قال الامام المقري المالكي رحمه الله لما ترجم للقاضي عياض واتى الى ذكر مؤلفاته قال فمنها كتاب الشفا الذي بلغ فيه الغاية القصوى وكان فيه لضروب الاحسان مرتشف. وحاز فيه قصب السبق وطار صيته شرقا وغربا وقد لهجت به العامة والخاصة عجما وعربا. ونال به مؤلفه من الرحمن قربى. قال فضائل هذا الكتاب لا تستوفى ورحم الله القائل كلهم حاولوا الدواء ولكن ما اتى بالشفاء الا رحمه الله تعالى. وقال الحافظ ابن العماد الحنبلي في كتابه شجرات الذهب في اخبار من ذهب. قال ومن مصنفاته كتاب الشفا الذي لم يسبق الى مثله. وقال حاجي خليفة رحمه الله في كتابه كشف الظنون. قال وهو كتاب عظيم النفع كثير الفائدة لم يؤلف مثله في الاسلام. يقصد في هذا الباب بالحديث عن حقوق رسول الله صلى الله عليه اله وسلم. وقال الخفاجي وهو احد شراح كتاب الشفا. قال هذا وان كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم كتاب قدره جليل وهو على جلالة مصنفه ادل دليل. وقال ايضا غير واحد في الثناء على الكتاب ان المؤلف ابدع فيه حتى سلم له العلماء بامامته ولم ينازعه احد ولا انكروا مزية السبق اليه. لذلك كان لاهل العلم من الحفاوة والعناية بالكتاب ما تكلم عنه الكثيرون واشادوا به رحمة الله على احيائهم وامواتهم جميعا ويبقى ان الكتاب كسائر كتب اهل العلم فيه من الحسنات والنفع والخير والبركة ما هو الاصل في الكتاب. ولانه وكتاب بشر وليس لاحد من البشر من هذه الامة او من غيرها عصمة الا لمن عصم الله من الانبياء والرسل فانه هو لابد ان يكون فيه من النقص والقصور او الخطأ والزلل ما هو سمة لازمة لكل البشر؟ فمن اهل العلم من اوجد لبعض مواضع الكتاب كالاعتراض على بعض احاديثه الضعيفة. والاشارة الى منهج اختار فيه المصنف رحمه الله رأيا باجتهاده كان الراجح عند غيره سواه. وامثلة هذا مما لا يخفى وهي ايضا مما لا تحط من قدر الكتاب ولا قدر مصنفه رحم الله الجميع. اما اقسام الكتاب الاربع التي نريد ايجازها في هذا المجلس والاستعانة لله عز وجل على استعراضها والالماحة اليها على وجه الاختصار والايجاز. فان الكتاب ان الكتاب جعل فيه المصنف رحمه الله كما تقدم على اربعة اقسام. القسم الاول الذي هو كما تقدم قريب من نصف الكتاب. خصه لبيان عظيم ما رفع الله اليه قدر مقام نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام. وعنون للقسم بقوله في تعظيم العلي الاعلى لقدر هذا النبي المصطفى قولا وفعلا صلى الله عليه وسلم. قال في مقدمة هذا الفصل لا خفاء على مارس شيئا من العلم او خص بادنى لمحة من فهم لا خفاء بتعظيم الله تعالى بتعظيم الله على قدر نبينا عليه الصلاة والسلام وخصوصه اياه بفضائل ومحاسن ومناقب لا تنضبط لزمام وتنويهه من عظيم قدره بما تكل عنه الالسنة والاقلام. ومن ذلك واتى رحمه الله على جملة مما جاء صريحا في كتاب الله سبحانه وتعالى وجعل كتابه منوعا على ابواب اربعة الباب الاول في ثناء الله عليه واظهاره عظيم قدره لديه. فذكر كيف ان الله في كتابه الكريم جاء بمدح وثناء لنبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام في ايات تتلى في القرآن الى يوم القيامة. يحفظها اهل الاسلام ويقرؤونها في الصلاة الصلاة ويتعبدون لله عز وجل بها. وان الله سبحانه وتعالى لم يجعلها في ايات خالدة الا لحكمة يراد منها ان تبقى في قلوب الامة معلومة محفوظة باقية في تعظيم الله جل جلاله لقدر نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم. كما كالمجيء المدح والثناء صريحا. لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليهما اعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. ولا يكاد يورد نصا رحمه الله الا ويورد فيه من التعليق اللطائف في ذلك النص ومعنى الاشادة فيه. وكيف تضمنت الاية معنى مدح وثناء واجلال لمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انتقل في فصول عشرة في هذا الباب الاول من هذا القسم في بيان كيف ان نصوص القرآن تنوعت وتعددت وهي على اختلافها تجتمع في قصد الله سبحانه وتعالى وارادته جل جلاله عظيم قدر نبيه عند خلقه صلوات الله وسلامه على النبي. وهذه الفصول العشرة متنوعة قد مررنا عليها في مجالس مضت ثم انتقل رحمه الله الى الباب الثاني في هذا القسم الاول بعدما ذكر ثناء الله وعظيم مدحه وثنائه على نبيه عليه الصلاة والسلام انتقل الى الباب الثاني لبيان تكميل الله تعالى له المحاسن خلقا وخلقا وقرانه جميع الفضائل الدينية والدنيوية فيه نسقا. قال رحمه الله تعالى اعلم ايها المحب بهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الباحث عن تفاصيل جمل قدره العظيم ان خصال الجلال والكمال في البشر نوعان. ضروري دنيوي اقتضته الجبلة وضرورة الحياة الدنيا. ومكتسب ديني وهو ما يحمد فاعله ويقرب الى الله تعالى زلفى. قال ثم هي ايضا على فنين منها ما يتخلص لاحد الوصفين ومنها ما يتمازج ويتداخل. ثم ذكر تقسيم هذه الامثلة الى ان قال في الفصل من هذا الباب. قال اذا كانت خصال الكمال والجلال ما ذكرناه. ووجدنا الواحد منا يشرف بواحدة منها او اثنتين يعني من تلك الخصال. يعني ذكر مثلا منها الدين والعلم والحلم والصبر والشكر والعدل والزهد والعفة والجود والشجاعة والحياء والمروءة والصمت والتؤدة والوقار وحسن الادب والمعاشرة التي جماعها حسن الخلق قال رحمه الله اذا كان الواحد منا يشرف بخصلة منها او اثنتين ان اتفقت له في كل عصر اما من نسب او جمال او قوة او علم او حلم او شجاعة او سماحة حتى يعظم قدره ويضرب باسمه الامثال يعني كما تقول في الكرم كرم حاتم الطائي وتقول مثلا حسان زمانه وفلان يضرب به المثل في العدل في القضاء وهذا في الشجاعة وهذا في الذكاء يقول اذا كان الواحد منا يشرف بخصلة او اثنتين ويتقرر له بذلك الوصف في القلوب اثره وعظمة وهو منذ عصور من خوال ورمم بوال فما ظنك بعظيم قدر من اجتمعت فيه كل هذه الخصال. الى ما لا ياخذه عد ولا يعبر عنه مقال ولا ينال بكسب ولا حيلة الا بتخصيص الكبير المتعال. من فضيلة النبوة الرسالة والخلة والمحبة والاصطفاء والاسراء والرؤيا يعني رؤية الله عز وجل والقرب والدنو والوحي والشفاعة والوسيلة والفظيلة والدرجة الرفيعة. والمقام المحمود والبراق والمعراج والبعث الى والاسود والصلاة بالانبياء والشهادة بين الانبياء والامم وسيادة ولد ادم ولواء الحمد والبشارة والنذارة المكانة عند ذي العرش والطاعة ثم والامانة والهداية ورحمة للعالمين. واعطاء الرضا والسؤل كوثر وسماع القول واتمام النعمة والعفو عما تقدم وتأخر وشرح الصدر ووضع الوزر ورفع الذكر وعز النصر ونزول السكينة والتأييد بالملائكة وايتاء الحكمة والكتاب والسبع المثاني والقرآن العظيم وتزكية الامة والدعاء الى الله وصلاة الله تعالى عليه والملائكة والحكم بين الناس بما اراه الله اصري والاغلال عنه والقسم باسمه. واجابة دعوته وتكليم الجمادات والعجم واحياء الموتى واسماع الصم ونبع الماء من بين اصابعه وتكفير القليل والشقاق القمر ورد الشمس وقريب الاعياد والنصر بالرعب والاطلاع اي على الغيب وظل الغمام وتسبيح الحصى وابراء الالام والعصمة من الناس الى ما لا يحويه محتفل ولا يحيط بعلمه الا مانيحه ذلك. ومفضله به سبحانه لا اله غيره. الى ما اعد له في الدار الاخرة من منازل الكرامة ودرجات القدس ومراتب السعادة والحسنى والزيادة التي تقف دونها العقول حاروا دون ادانيها الوهم. هذا الكلام الذي اوجز فيه المصنف رحمه الله ما بسطه ونثره بعد في الفصول في كل واحدة من تلك الخصال بالدليل والشاهد وموضع الاستنباط في كلام بديع. هو كما قلنا في صدر المجلس لا يعلم ان احدا من اهل العلم سبق او لحق بالمصنف رحمه الله في بديع صنعه وحسن ترتيبه وجمعه رحمة الله عليه ثم تتابع رحمه الله تعالى في بيان صفات النبي عليه الصلاة والسلام الخلقية والخلوقية وما حباه الله جل تعالى به ثم اتى على جملة من الصفات التي جمع له فيها المقام العظيم والقدر الرفيع وفي مثل قوله في في حسن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال واما الخصال المكتسبة من الاخلاق الحميدة والاداب الشريفة التي اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها وتعظيم المتصف بالخلق الواحد منها. فضلا عما فوقه اثناء الشرع على جميعها وامر بها. وتعظيم المتصف ووعد السعادة الدائمة للمتخلق بها. ووصف بعض بانه من اجزاء النبوة وهي المسماة بحسن الخلق والاعتدال في قوى النفس قال فجميعها قد كانت خلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. على الانتهاء في كمالها. والاعتدال الى غايتها حتى اثنى الله عليه بذلك. فقال سبحانه وانك لعلى خلق عظيم. قالت عائشة رضي الله عنها كان خلقه القرآن يرضى برضاه ويسخط بسخطه صلى الله عليه واله وسلم. قال كان فيما ذكره المحققون مجبولا عليها في اصل خلقته. واول لفطرته لم تحصل له باكتساب ولا رياضة الا بجود الهي وخصوصية ربانية وساق رحمه الله ما يتعلق بهذا الفصل والباب باكمله من بديع صنيعه رحمه الله تعالى. ثم انتقل رحمه الله الى باب ثالث في الكتاب قال فيما ورد من صحيح الاخبار ومشهورها بعظيم قدره عند ربه ومنزلته وما خصه به في الدارين من صلى الله عليه واله وسلم. وفي مثل هذا المقام نستحضر كلام الامام ابن القيم رحمه الله اذ قال سعادة العبد في ارين متعلقة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم. فيجب على كل من نصح نفسه واحب نجاته وسعادته ان يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهل به. ويدخل به في عداد اتباع وشيعته وحزبه قال والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم. والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. ومراد المصنف في الباب الثالث ما اورد من صحيح الاخبار والشواهد التي تدل على عظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم. فانه مذ اشرقت فوق الخلائق شمسه وقلوب وهم تمتاح من انواره. يا رب صل على الحبيب محمد ما صار مشتاق على اثاره. فان النصوص الواردة في فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان مكانته جزء مما اراد المصنف رحمه الله ابرازه لبيان عظيم قدره عند ربه المتعال. اما الباب الرابع من هذا القسم الاول في الكتاب وهو اخر الابواب فارادها تتميما لبيان مكانة رسول الله عليه الصلاة والسلام عند رب العزة والجلال. فابدع رحمه الله في تخصيص الباب لذكر معجزاته عليه الصلاة والسلام. وقد قال في غير ما موضع ان كان بعض الانبياء عليهم السلام خص بمعجزة او اثنتين او ثلاث معجزات عظمى تكون اية على نبوته ودلالة على صدق رسالته فان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد اوتي اضعاف اضعاف ما اوتيه الانبياء. قال وهذا وان كان من جهة ما دلالة على صدق رسالته حجة على نبوته فانها من وجه اخر دلالة على عظيم قدره وكرامته عند ربه عز وجل. قال الباب فيما اظهره الله تعالى على يديه من المعجزات وشرفه به من الخصائص والكرامات. فالمعجزات اعظم الدلائل على صدق الانبياء وقد قال في الحديث الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه قال ما من الانبياء نبي الا اعطي من اتي ما مثله امن عليه البشر. وانما كان الذي اوتيته وحيا اوحاه الله الي فارجو ان اكون اكثرهم تابعا يوم القيامة صلى الله عليه واله وسلم. وتم للمصنف رحمه الله بهذا الباب الرابع اول اقسام الكتاب الاربعة الذي استغرق نحوا من نصف الكتاب. اراد به ان يؤصل في قلب كل من يقرأ الكتاب من مسلم ومسلمة هذا الركن العظيم من اركان الايمان برسول الله عليه الصلاة والسلام. ارأيت عبد الله وانت اليوم في امته في القرن الخامس عشر من الهجرة. ارأيت رحمك الله انك اذا جئت تبحث عن مكان عظيم في قلبك تحتفي به بمحبة لنبيك عليه الصلاة والسلام. فماذا انت صانع؟ صدقني لن تحتاج الى بشيء اعظم من ان تتعرف على عظيم قدره ليزداد حبه في قلبك. عليه الصلاة والسلام اي والله فانك ان عرفته اكثر احببته اكثر. وان تعرفت على دقائق جوانب العظمة في حياته عليه الصلاة والسلام ازداد قدره في فؤادك. ولذلك فان اهل العلم اهل العلم العلماء بسيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام. والدارسون لسنته والمتشربون لهديه وشمائله هم من اصدق الناس حبا لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وبالعكس فكلما ضعف هذا الباب في قلب المسلم او بعد عنه خبا هذا الحب في فؤاده ولابد. شتان بين حب يستند الى دقائق التفاصيل التي يعرف فيها المحب شأن من يحب. وبين حب مجمل يقول احدهم اي والله انا احب رسول الله عليه الصلاة والسلام لكنه الحب الفطري الاصل في قلب كل مسلم ومسلمة. لا لا ليس هذا الحب كحب اذا قال صاحبه وانه يحب نبيه عليه الصلاة والسلام فانه يستطيع ان يمطرك من الاحاديث والقصص في السيرة والشواهد التي جعلته يعزز هذا القلب في حبه فيحكي لك موقفا من الحلم وثانيا من الشجاعة وثالثا من الكرم ورابعا وخامسا وسادسا وعاشر لأنه احتفظ في علمه ودراسته بكل ما يحمله على ذلك الحب الأتم الأكمل لرسول الله عليه الصلاة والسلام كلنا معشر المسلمين دعينا الى ان نبلغ تلك المرتبة العظيمة في المحبة. اي مرتبة حتى اكون احب اليه من ولد ووالده والناس اجمعين. كلنا مدعو الى ان يبلغ تلك الرتبة. وكلنا يجاهد نفسه في هذا الطريق. لكن صدقوني لن يجد المحب شيئا اعظم يعينه على ان يبلغ تلك المرتبة العظيمة مثل هذا الباب. معرفة قدر رسول الله عليه الصلاة والسلام فانها والله تملأ قلبك حبا له واجلالا وتعظيما ووفاء بحقه العظيم صلوات الله وسلامه عليه لما فرغ المصنف رحمه الله من ذلك القسم بابوابه الاربعة وفصوله المتعددة وابدع فيها وجمع واستوعب رحمه الله تعالى انتقل الى صلب الكتاب. القسم الثاني فيما يجب على الانام من حقوقه عليه الصلاة السلام. قال فيه المصنف القاضي عياض رحمه الله وهذا قسم لخصنا فيه الكلام في اربعة ابواب. على ما ذكرناه في اول الكتاب ومجموعها مجموع ايش؟ مجموع الحقوق التي تجب علي وعليك وعلى كل مسلم مسلمة الى يوم القيامة حقوقا لرسول الله عليه الصلاة والسلام. قال ومجموعها في وجوب تصديقه واتباع في سنته وطاعته ومحبته ومناصحته وتوقيره وبره وحكم الصلاة عليه والتسليم وزيارة قبره صلى الله عليه واله وسلم. فجعل ابوابا في هذا القسم ايضا هي متابعة كل ما ابدع فيه رحمه الله في ابراز تلك الفضائل والخصائص وعظيم قدره. فجعل الباب الاول في الايمان ووجوب الطاعة والاتباع وجمع في ذلك من النصوص والشواهد والاثار ما هي حجة لكل مسلم يرجو النجاة لنفسه والسلام والسعادة في الدارين ويرجو صدق الطاعة والاتباع وانتهاج هدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولهذا كان مقاما عظيما في الكتاب ايضا اودع فيه المصنف رحمه الله من النصوص والشواهد والاثار ما يدل لذلك ثم انتقل الى الباب الثاني في لزوم محبته صلى الله عليه واله وسلم. واخبر بالحديث الذي سمعته قبل قليل لا يؤمن احد احدكم حتى اكون احب اليه من ولده ووالده والناس اجمعين. واورد حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لانت احب الي من كل شيء الا نفسي التي بين جنبي. في مصارحة لا مواربة فيها وهو ايضا حزم من رسول الله عليه الصلاة والسلام للفاروق عمر فقال له لن يؤمن احدكم قم حتى اكون احب اليه من نفسه. فقال عمر والذي انزل عليك الكتاب لانت احب الي من نفسي التي بين جنبي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم الان يا عمر. يعني الان بلغت حقيقة الايمان لم ما حقق في قلبه تقديما محبة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وفي ذلك ايضا من الثواب الذي هو ما يتمناه كل مسلم. حتى انا وانت. على ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وتقصيرنا في طاعاتنا وعباداتنا وتفريطنا في جنب الله وسائر ما نحن نقر ونعترف به من تقصير وقصور وزلل سيبقى باب المحبة هذا مدخلا نتبوأ به اعلى المراتب بفضل الله وبرحمته لا بكدنا ولا اجتهادنا ولا اسابق عملنا الصالح. الحديث الذي اخرجه الشيخان في الصحيحين. واخرجه غيرهم ايضا من عدة طرق وروايات وهو ان النبي صلى الله عليه واله وسلم في الحديث الذي اخرجه انس الذي رواه انس قال جاء رجل الى النبي عليه الصلاة والسلام فقال متى الساعة؟ فقال يا فقال متى الساعة؟ فقال يا رسول فقال ما قال النبي عليه الصلاة والسلام ما اعددت لها؟ فقال الرجل ما اعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة ولكني احب الله ورسوله. قال النبي صلى الله عليه وسلم انت مع مع من احببت ونحن والله ما اعددنا لاخرتنا من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة لكن نحب النبي صلى الله عليه وسلم ونحب ابا بكر ونحب عمر ونحب عثمان وعلي ونحب انس راوي الحديث ونرجو وبفضل الله ان نكون معهم. هذا في اثر صدق المحبة التي يجب ان تمتلئ بها القلوب لرسول الله صلى الله عليه وسلم قوله انت مع من احببت كما يقول الحافظ ابن حجر اي انت ملحق بهم حتى تكون من زبرتهم. فبالله عليكم اي تقصير وتفريط يمكن ان نقع فيه في حياتنا اشد من هذا. ان قصرنا في العمل لضعف همة او قلة حيلة فلسنا من اصحاب الليل ولا القرآن ولا العلم ولا الخير بالله عليكم ان نقصر في حب نملأ به القلب لرسول الله صلى الله عليه وسلم انهض رعاك الله سبقك السابقون. وفازوا بصدق محبتهم لا والله ما بلغوها باعمالهم لكن بلغوها بشيء عظيم وقر في قلوبهم. مثل هذا الباب يا كرام الذي يجد فيه احدنا وقودا تنهض به النفوس وتتقد في مسيرها الى الله والدار الاخرة. في الحديث الذي اخرج الطبراني ان يشاهدا لحديث انس قال صفوان بن قدامة هاجرت الى النبي صلى الله عليه وسلم فاتيته فقلت يا رسول الله ناوي نيتك ابايعك قال فناولني يده. فقلت يا رسول الله اني احبك فقال له المرء من احب. وروي هذا الحديث بهذا اللفظ عن عبد الله ابن مسعود وابي موسى وانس وعدد من اهل العلم ومن الصحابة الكرام رضي الله عنهم انت مع من احببت هذه هي السلوى والله لي ولك. هذه هي البشرى التي تعوض بها القلوب التي حرمت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي ترجو ان تجتمع به في الاخرة وترجو ان تراه وتجلس اليه فتكتحل العيون برؤيته وتأنس بصحبة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. في الحديث الذي اخرج الترمذي واحمد وغير واحد في شواهد لهذا الحديث كان ايضا دلالة عظيمة على نحو ما سبق. وفي حديث انس رضي الله عنه وآآ ذكره المصنف ايضا في هذا الحد في هذا الباب قال من احبني كان معي في الجنة صلوات الله وسلامه عليه. واما ما يخص المتأخرين في الامة من هذا الباب على التحديد فما رواه المصنف بسنده رحمه الله في فصل قال ما روي عن السلف والائمة من محبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشوقهم له واورد فيه حديث الامام مسلم في الصحيح عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اشد امتي لي حبا ناس يكونون بعدي. يود احدهم لو رآني باهله وماله عن عبدة بنت خالد بن معدان قالت ما كان خالد يأوي الى فراش الا وهو يذكر من الى رسول الله صلى الله عليه وسلم والى اصحابه من المهاجرين والانصار يسميهم ويقول هم اصلي وفصلي الله اكبر اشهد ان لا اله الا الله حي على الصلاة يا ساتر يا رب وفي هذا الفصل من عظيم ما يروى عن السلف والائمة رحمة الله عليهم من صدق محبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشوقهم اليه ما ساقه المصنف ايضا رحمه الله تعالى عن عبدة بنت خالد بن معدان. وخالد بن معدان امام جليل من ائمة التابعين ثقة امام عابد. تقول عن ابيها ما كان خالد يأوي الى فراش. الا وهو يذكر من بشوقه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم والى اصحابه من المهاجرين والانصار يسميهم ويقول هم اصلي وفصلي واليهم يحن قلبي طال شوقي اليهم فعجل ربي قبظي اليك حتى يغلبه النوم ويروى عن ابي بكر رضي الله عنه انه قال للنبي صلى الله عليه وسلم والذي بعثك بالحق لاسلام ابي طالب كان اقر لعيني من اسلامه يعني اباه ابا قحافة وذلك ان اسلام ابي طالب كان اشد حبا لقلب رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم. فكانوا يجعلون المحبوب الى النبي عليه الصلاة والسلام محبوبا لدى احدهم. عندما يتجاوز حبك في قلبك لان تحب ما يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك مرتبة عظيمة. ونحو ذلك ما يروى عن عمر ابن الخطاب لما قال للعباس رضي الله عنهما جميعا قال له ان تسلم احب الي من ان يسلم الخطاب لان ذلك احب الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وساق المصنف رحمه الله طرفا من ذلك الباب في شواهد واثار السلف رحمة الله عليهم في صدق حبهم واستمساكهم عظيم هذا الباب لمكانته واثره في قلوبهم ايمانا وحبا لرسول الله عليه الصلاة والسلام. حتى قال بعد ذلك اصلا عظيما قال في علامات محبته صلى الله عليه وسلم واورد فيه عبارات نافعة وجملا عظيمة هي نبراس وميزان ومعيار ينبغي ان نحتكم اليه امة الاسلام لان نعرف صدق محبتنا لرسول الله عليه الصلاة والسلام من اجل ان لا تكون المحبة شعارات زائفة او عبارات خاوية ان تكون دلالة صدق على صنيع في الحياة يقوم يشهد لصاحبه بحبه لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم حتى يكون صدقا لسان حال احدنا هو المقدم في نفسي على نفسي واهل بيتي واحبابي وخلاني صلى الله عليه وسلم. وهذا الفصل لجلالة قدره وما بعده من المباحث نجعلها ايضا في عرض بقية مضامين ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. قال انس رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وما عدا الارض شخص احب الينا منه عليه الصلاة والسلام ونحن بوسعنا ان نبلغ بحبنا ما لم تبلغه اعيننا برؤيته صلى الله عليه وسلم. لكننا سنحشد من امور تدفع النفوس لتبلغ ذلك المقام العظيم. عسى الله ان يبلغنا ذلك المقام الكريم. واملأوا جمعتكم في هذه الليلة بكثرة الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. صلى عليك الله ما واد جرى. ما اشرقت شمس روض ازهرا ما طافت الارواح من شوق ومن حب تلبي الله في ام القرى. فيا رب صلي وسلم وبارك على حبيب المصطفى ورسولك المجتبى ازكى صلاة واتم سلام يا حي يا قيوم. وبلغنا الهي بالصلاة والسلام عليه مراتب المحبين الصادقين في اتباعه والاستمساك بسنته. اللهم فاحينا على سنته وامتنا على سنته. واحشرنا في يا رب العالمين. اللهم اورظنا حوضه واكرمنا بشفاعته نحن ووالدينا وازواجنا وذرياتنا يا رب العالمين وعلمنا اللهم ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين كل شيء في الحرم المكي يدعو للشوق ومن ذلك دروس الحرم العلمية وكراسي العلماء. فماذا لو قربنا لك كهذه المجالس لتعيش في رحابها وانت في بيتك. على قناة التوجيه والارشاد الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي تستطيع ان تكون احد حضور مجالس العلم في المسجد الحرام مباشرة ولحظة بلحظة. حيث يمكنك حضور المجلس ومتابعة الدرب واخذ العلم عن اهله وكأنك هناك. للمتابعة اشترك الان