بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين وحبيب رب العالمين. وصفوة الله من خلقه اجمعين اللهم وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا الى يوم الدين وارض اللهم عن ال بيته وصحابته والتابعين وارض معهم بعفوك وكرمك يا اكرم الاكرمين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا. وزدنا علما يا رب العالمين وبعد ايها الاخوة المباركون فها هي ليلة الجمعة قد اقبلت واقبلت معها انفاس المحبين عاطرة بكثرة الصلاة والسلام على حبيب القلوب وسعدها وبهجة الارواح وانسها. سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم تسعد القلوب هذه الليلة بكثرة الصلاة والسلام عليه. وهي تتذكر على الدوام قول حبيبها صلى الله عليه وسلم اكثروا من الصلاة صلاتي علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فان صلاتكم معروضة علي والذي يتذكر ان صلاته على نبيه صلى الله عليه وسلم تبلغ حبيب قلبه عليه الصلاة والسلام. وتعرض عليه انه اشد حرصا على ان تكون صلاته كثيرة متتابعة متدفقة حبا وشوقا وايمانا بهذا النبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم. وان مجلسكم هذا ايها الكرام الذي نتذاكر فيه كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمة الله عليه لهو من الدوافع التي تحمل احدنا في هذه الليلة الشريفة وفي هذا كان المبارك على الاستكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. وقد وقف بنا الحديث في اوائل الباب الاول من القسم الثاني من الكتاب في الايمان به عليه الصلاة والسلام وحبه وطاعته واتباع سنته صلوات ربي وسلامه عليه مضت بنا عدة فصول وقف بنا الحديث عما ورد من السلف والائمة في شأن اتباع السنة والاقتداء بهدي المصطفى فسيرته عليه الصلاة والسلام. وكان هذا بابا حافلا وفصلا عظيما. تبين فيه لنا صورة لحياة السلف ومنهجه المبارك الذي عاشوا فيه صفحة مشرقة عظيمة من تعظيم السنة تعظيما لصاحبها عليه الصلاة والسلام واجلالها اي ما اجلال والوقوف عندها والاخذ بها والعض عليها ودعوة الخلق اليها ثم رفع الرؤوس بها فرحا واعتزازا وانتماءا لهذا الدين الكريم والنبي العظيم صلى الله عليه وسلم. مضت بنا جمل من عبارات السلف المشرقة واقاويلهم التي كانت ولم تزل قواعد تمثل منهجا لهذه الامة التي تختفي اثر نبيها عليه الصلاة والسلام لا تفضلوا ولا تقدموا ولا تبدلوا عليه شيئا سواه. لعلمها ان الله اصطفاه واجتباه. ثم امر باتباع سنته وجعله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا. وعى سلفنا الكرام هذا المنهج العظيم. فتمثلوه في حياتهم مضت بنا جملة من المواقف فيها عبارات القوم كما جاء في احاديثها تقدم بعضها لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما ولسائر السلف كالحسن البصري وابن شهاب الزهري وعمر ابن عبدالعزيز فظلا عن الخلفاء كعمر وابي بكر وعثمان رضي الله عنه هم جميعا وابن مسعود وابي ابن كعب وان بعضهم على بعض يتوافق قولهم ان الاقتصاد في السبيل والسنة خير من الاجتهاد في خلافها او في الاحداث والابتداع ومتابعة الاهواء. ما زال في ذلك الفصل بقية نأتي عليها في مجلس الليلة ان شاء الله وما اعقبه المصنف بذكر عاقبة مخالفة امره عليه الصلاة والسلام وما يلحقها من الضلال والشقاء عياذا بالله حمدا لله حمدا لمن شفى بالسنة النبوية الغراء والسيرة المصطفوية الزهراء قلوبا كانت من على شفاك ووفق من احبهم فعرفهم قدر حبيبه المصطفى واجتباهم للقيام بحقوقه كما اقام به اهل الوفاء فهم في رياض سيرته العطرة ينعمون وفي حياض محبته النظرة يحظرون. صلى الله عليه وعلى اله الابرار واصحابه الاخيار والتابعين لهم باحسان الى يوم القرار فهذا هو المجلس الثلاثون بعد المئة اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين وباساندكم المتصلة الى كتاب الشفا للقاضي ابي الفضل عياض بن موسى الي رحمه الله تعالى قال فصل فيما ورد عن السلف والائمة من اتباع سنته والاقتداء بهديه وسيرته صلى الله عليه وسلم وعن عطاء رحمه الله في قوله تعالى فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول اي الى كتاب الله وسنة رسول الله. اين فمن بعده صلى الله عليه وسلم؟ لم يزل المصنف رحمه الله يورد اقاويل السلف من الصحابة والتابعين فمن بعدهم رضي الله عنهم جميعا وسلك بنا سبيلهم. تلك العبارات التي تبين كما اسلفت منهج الامة. في اتباع سنة نبينا عليه الصلاة والسلام والاستمساك بهذه السنن وعدم التبديل عنها او التحريف او التغيير. يقول ها هنا في تفسير عطاء رحمه الله تعالى لقوله تعالى فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول. ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير واحسن تأويلا فسر رحمه الله الرد الى الله بالرد الى كتابه. والرد الى الرسول صلى الله عليه وسلم بالرد الى سنته. وهذا معنى صحيح وعليه تتوافق عبارات المفسرين وان اختلفت الفاظهم. رد الذي امرنا به امة الاسلام عند التنازع والاختلاف. من اجل كم ينبغي ان يكون الى الله والى رسوله عليه الصلاة والسلام. والرد الى الله يعني الى حكمه. وحكم الله انما هو في كتابه العظيم. والرد الى الرسول صلى الله عليه وسلم يعني الرد الى سنته. وما اشتملت عليه من الاحكام والشرائع. ما كان فصلا ينبغي ان يكون الاحتكام اليه. فتبين من ذلك يا كرام شيئان مهمان اولهما ان السنة لا تقل شأنا عن كتاب الله الكريم في هذا المعنى. اعني وجوب الاحتكام اليها والتنازع عند الفصل اليها ووجوب قبول ما جاء فيها فهذا اصل شرعي كبير ينبغي ان يكون عند امة الاسلام لا امتراء فيه ولا تردد. اما الامر الثاني فان الله عز وجل جعل هذا امرا متسلطا علينا جميعا اهل الايمان. قال فان تنازعتم في في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر فعلق هذا على ايماننا امة الاسلام. واننا متى ارتبطنا بالايمان وتحققنا به؟ وجب علينا لا محالة ان الى الله والى رسوله يعني الى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وهذا شرط لتحقق الايمان كما قال الله عز وجل فالمقصود اذا ان هذا يأتي في سياق التأكيد على مكانة الاحتكام الى السنة والعمل بها منزلة القرآن في الانفصال اليها والتحاكم اليها والرضا بما اشتملت عليه والاكتفاء بها عما سواها قال رحمه الله تعالى وقال الشافعي رحمه الله ليس في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اتباعها. يقول امام اهل السنة امام الامام الشافعي رحمه الله ليس في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اتباعها. يعني ليس لنا فيها خيار اخر ان جاءتك السنة عبد الله فليس لك الا ان تتبعها ليس لك ان تتأمل او تتردد او تشاور نفسك وهواها هل تأخذ بها او لا تأخذ؟ ان بلغتك السنة ليس لك الا اتباعها. يقول ليس في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اتباعها. وهذه العبارة من الامام رحمه الله تأتي في سياق كلام كثير في جمله رحمة الله عليه وهو يؤصل لهذا المعنى في بيان مكانة وشرفها وضرورة تنزيلها من النفس منزلة الاحترام والالزام والاخذ بها دون ان يكون للنفس فيها هوى او اختيار وله في هذا كلام عظيم رحمه الله. وسائر كتبه يؤصل فيها لهذه القضية الكبرى. ان تكون السنة وحاكمة وان يكون الرجوع اليها. وانه متى جاءتنا السنة فليس لنا الخيار. ومن كلامه رحمه الله ان قال فاعلم الله اسفي هذه الاية ان دعاءهم الى الله ورسوله ليحكم بينهم دعاء الى حكم الله. لان الحاكم بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا سلموا لحكم النبي صلى الله عليه وسلم فانما سلموا له بفرض الله وانه كما هم ان حكمه حكمه على معنى افتراضه حكمه وما سبق في علمه جل ثناؤه من اسعاده اياه بعصمته وتوفيقه وما شهد له به من هدايته واتباعه امره فاحكم فرظه بالزام خلقه طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. واعلامهم انها طاعته. فجمع لهم ان اعلمهم ان الفرظ عليهم اتباع امره وامر رسوله صلى الله عليه وسلم معا. وان طاعة رسوله طاعته. ثم اعلمهم انه فرض على رسوله صلى الله عليه وسلم اتباع امره جل ثناؤه. ويقول ايضا رحمه الله ان الله فرض على الناس طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وحتم على الناس اتباع امره فلا يجوز ان يقول فلا يجوز ان يقال لقول انه فرض الا لكتاب الله ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وذلك لما وصفنا من ان الله جل ثناؤه جعل الايمان برسول الله صلى الله عليه وسلم مقرونا بالايمان به وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام مبينة عن الله عز وجل معنى ما اراد. ودليلا على خاصه وعامه ثم قرأ الحكمة بها بكتابه فاتبعها اياه. ولم يجعل هذا لاحد من خلقه غير رسوله صلى الله عليه وسلم. انتهى كلامه رحمه الله قال رحمه الله تعالى وقال عمر رضي الله عنه ونظر الى الحجر الاسود والله انك حجر لا تنفع ولا تضر. ولولا اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. ثم قبله رضي الله عنه. اثر عمر رضي الله عنه هذا صحيح مشهور وهو مما اخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين اتى الى الحجر الاسود فطاف وقبله وما زالت الامة تقبل الحجر الاسود لكن ان سألت نفسك يوما لماذا تقبل الحجر وما الذي يجعلك تلثمه وتقبله فرحا وتعبدا لله جل جلاله ما الفرق بينه وبين سائر الحجارة بل ما الفرق بينه وبين حجارة الكعبة المحيطة به عن يمينه وعن شماله وفوقه واسفل منه لا شيء الا معنى واحد ان قلت هو حجر من حجارة البيت المعظم البيت العتيق بيت الله الحرام فكل حجارة الكعبة ذلك هو شيء واحد فقط ان النبي عليه الصلاة والسلام خصه بتقبيله اياه ولم يقبل سائر الحجارة. فكان له هذا الشرف فلاحظ معي منذ ان قبله عليه الصلاة والسلام بالله عليك كم من فم مسلم قبله كم اقبلت الافواه؟ والله لن يحصي احد عدد الافواه التي اكبت على هذا الحجر تقبله لا تقبله الا اقتداء نبيها صلى الله عليه وسلم. هذا معنى عظيم. وحتى تقرب لك الصورة فان حجارة الكعبة لو اردنا معنى التعظيم فيها لمعنى كونها داخلة في بناء بيت الله فكل حجارة الكعبة يحب ويعظم ويجل لكنه لم يكن الا لهذا الحجر هذا عمر رضي الله عنه منذ ذلك الزمان يقرر هذا المعنى يأتي الى الحجر فيقبله ويقول والله اعلم والله اني لاعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ولقائل ان يقول لكنني اقبل الحجر التماسا للاجر الوارد فيه فان مسح الحجر يحط الخطايا. وان تقبيله يكون لصاحبه شاهدا ففي الحديث الذي صححه بعض اهل العلم عن الحجر الاسود انه يأتي يوم القيامة وله لسان ينطق به. يشهد على من استلمه بحق. يبقى السؤال قائما من الذي اعلمك بهذا؟ ومن الذي دلك على فضل الحجر؟ وانه نزل من الجنة وان مسحه يحط الخطايا وان تقبيله استلامه يشهد لك به يوم القيامة. ما دلنا على ذلك الا النبي صلى الله عليه وسلم. فعدنا مرة اخرى في جوف هذه العبادة الى معنى الاقتصار على ما جاءنا من بابه عليه الصلاة والسلام ولو قبل الحجارة الاخرى لقبلناها تبعا له صلى الله عليه وسلم ولو التزم سائر اجناب الكعبة واركانها لفعلنا مثله عليه الصلاة والسلام. استلم الركن اليماني ولم يقبله. فنقتصر في ركن اليماني على استلامه دون تقبيل. وجاء الى الحجر فقبله واستلمه بمحجنه وقبل المحجن. فنفعل كما فعل الصلاة والسلام. هذا درس كبير يا اخوة. ونحن نفعلها في عباداتنا. لكن دعونا نلقن انفسنا هذا المعبيب المصطفى العظيم اننا في حياتنا نوقفها في كل خطواتها وتعبداتها على طريق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. فما وجدنا فيه اثر خطاه اتبعناه واقتفيناه وما لم نجد فيه اثرا لخطواته عليه الصلاة والسلام. ولا اثرا لممشاه في ذلك الطريق. ونريد به الوصول الى عبادة يقبلها الله فلا ولا حب ولا كرامة لا عبادة يمكن ان نسلك فيها خطوة او ان نقطع فيها طرفا من تقرب الى الله ما لم يسلكه قبلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانه دليلنا الى الله. ودليلنا الى الله هو الذي يدلنا على الطريق الذي يوصلنا الى فاي طريق عبد الله لا تجد فيه اثرا لخطى نبيك صلى الله عليه وسلم فاتركه وانصرف عنه راشدا غفر الله لك مهما قال لك كن انها عبادة ومهما قيل لك انها ثواب واجر وطاعة. ومهما قيل لك لكنها كذا وكذا. ما لم تجد في ذلك الطريق. اثرا عليه الصلاة والسلام فدعه وانصرف عنه فان خطاه في ابواب العبادات صلى الله عليه وسلم معلومة سورة جعلها الله عز وجل بيانا ومعلما وطريقا مرشدا للامة. فاي عبادة ترجوها واي طاعة تبحث عن ثواب واي حسنة تريد ان تثقل بها ميزانك ما لم يكن عليها ختم النبي صلى الله عليه وسلم فازهد فيها. وابحث عما فيه طريق السنة واضحا جليا فانه الطاعة التي يقول عنها عمر لولا اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. نعم. قال رحمه الله تعالى وروي عبدالله بن عمر رضي الله عنه يدير ناقته في مكان فسئل عنه من اللطيف ايضا يا اخوة في هذا المعنى الذي هو الاقتصار على السنة لانها سنة وان التعبد وان كان ظاهره طاعة وعبادة وقربة لا حاجة الى البحث فيها ولا الى النظر فيها الاثر اللطيف الذي يروى عن امام السنة وسيد التابعين سعيد ابن المسيب رضي الله عنه ورحمه. وقد كان من كبار سادات التابعين وائمة السلف يقول رأى سعيد بن المسيب رحمه الله رجلا يصلي بعد طلوع الفجر اكثر من ركعتين. يكثر فيهما الركوع والسجود بعد طلوع الفجر والذي ينبغي او السنة الثابتة انه اذا طلع الفجر فهي سنة الفجر لا غير. فرآه يكثر من الصلاة بعد طلوع الفجر يكثر اكثر من ركعتين ويكثر فيهما الركوع والسجود. فنهاه سعيد بن المسيب فقال له الرجل يا ابا محمد يعذبني الله على الصلاة يعني تنهاني عن الصلاة؟ قال يا ابا محمد يعذبني الله على الصلاة؟ فقال له سعيد بن المسيب لا ولكن يعذبك على خلاف في السنة ليست الصلاة لانها عبادة ستكون عذابا. لكنها ان كان ظاهرها العبادة وليست من طريق سنته عليه الصلاة والسلام فهي مخالفة والمخالفة للسنة هي التي نهاه عنها. وليس عن الصلاة لانها صلاة. انظر كيف تعاملوا مع هذا المبدأ. ان الطاعات والعبادات ابواب القربات ينبغي ان تكون صادرة عن طريقه عليه الصلاة والسلام والا فمهما كان ظاهرها طاعة وعبادة وحسنة واجر وثواب فلا يكون ذلك كافيا. نؤكد على هذا الكلام يا كرام لان كثيرا من امة الاسلام يحملهم الحب والشوق والرغبة في الاجر والحرص على الثواب على طرق ابواب لا يتبينون فيها ثبوت السنة من عدمها ويتعجلون فيها طريقا يسلكون فيه خطوات ويصعدون فيه درجات يظنون انهم يتقربون الى الله وربما كان الامر في ذلك على خلاف ما يريدون. فاذا بهم لا يزدادون الا بعدا. لانهم يسلكون طريق ابتداع واحداث وشيء من ولا تقربوا العبد من ربه بل تباعده. ولا سبيل الى التمييز بين الطريقين. الا الاحتكام الى السنة. فما ثبتت فيه السنة وما كان عليه فعل النبي عليه الصلاة والسلام وقوله فهو الذي يقتصر عليه ويرجى فيه الثواب وما عداه فلا قال رحمه الله ورؤي عبدالله بن عمر رضي الله عنه يدير ناقته في مكان فسأل عنه فقال رضي الله عنه لا ادري الا اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله ففعلته. هذا اثر ابن عمر رضي الله عنهما لما ادار ناقته في مكان سئل عن حكمة صنيعه هذا ما الذي حمله على ذلك؟ وما الذي جعله يصنع ذلك؟ فقال لا ادري الا اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم افعله ففعلته اثر ابن عمر هذا صفحة من قصة كبيرة عاشها هذا الصحابي الكريم. عبدالله بن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وعن ابيه رجل عظيم عاش على السنة حبا عظيما وتعلقا شديدا حتى صار مضرب المثل رضي الله عنه وارضاه وله في ذلك المواقف التي يندهش لها المرء حقا والله يا اخوة شيء عظيم يثير العجب قصص عمر في اتباع السنن شيء مثير للدهشة والتعجب والاستغراب لا تعجب ان كان يدير ناقته في مكان فيسأل فيقول لا ادري الا اني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ففعلت. يكون في طريق قافلة الى مكة في حج ونحوها في سلك نحو شجرة بعينها فيقصدها فيأتيها فيذهب عندها ويقضي حاجته فيسأل عن هذا التخصيص لذلك المكان فليس له جواب الا انه رأى النبي عليه الصلاة والسلام لما صحبه كان يأتي عند تلك الشجرة وكان يصلي عند ذلك المكان فيتقصد تلك المواضع يحمله شيء عظيم قام في قلبه لا تدري ما هو. لانه هو يقول عن نفسه لا ادري الا اني رأيته فعل ففعلت هذا شيء عظيم يا اخوة. هو نفسه رضي الله عنه ربما ما استطاع في بعض المواقف التعبير عن ذلك الشعور. لكننا والله نجزم انه حب بلغ اعلى مراتبه واسماها. في قلب هذا الصحابي الكريم. وكان مثلا من بين سائر الصحابة الذين كانوا على هذا الطريق الشريف. ولذلك علت اقدارهم وثقلت موازينهم واعلى الله شأنهم. والله ليس من قلة. بلغ الله بهم تلك المرتبة العظمى فكانوا خير القرون. وكانوا اشرف الامة وكانوا اعظم جيل بل يكفيهم ان الله اصطفاهم ليكونوا صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم. هذا حسبهم والله والله الذي لا اله الا هو انا لنوقن ان الله لو علم في خيرا او فيك. وانا نستحق ان نكون في عداد صحابته لاختارنا الله لذلك لكن يقدر الله لكل امرئ ما هو خير له وما هو انفع له وما هو خير له اذا لقي الله عز وجل هذا ابن عمر رضي الله عنهما ومواقفه في ذلك عظيمة عديدة كبيرة مشهورة رضي الله عنه وارضاه. ليس هذا وحدها فقط هو نفسه رضي الله عنه يروي حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به؟ يبيت ليلة او ليلتين الا ووصيته مكتوبة عنده يقصدوا عليه الصلاة والسلام الحث على كتابة الوصية وانه لا ينبغي ان تمر على الانسان المسلم ليلة او ليلتان ما كتب وصية وعنده حقوق للناس او له حق عند الناس او ديون او وصايا ونحو ذلك ان يثبت ذلك. ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلة او ليلتين الا ووصيته مكتوبة عنده. يقول ابن عمر فوالله ما مرت علي ليلة منذ سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ووصيتي مكتوبة عندي كم عاش ابن عمر بعده عليه الصلاة والسلام؟ سنوات طوال. وانت تعلم انه يعمد الى تغيير الوصايا وتغيير ما يكتب كل ما تغير غيرت له الايام دين قضاه يمحوه من الوصية استجد له في امره حق اثبته على الدوام هو يقسم بالله انه ما مرت عليه الينا الا ووصيته مكتوبة عنده. الا ترى هذا جهادا؟ الا تراه التزاما عظيما بسنة يعيشها رضي الله عنه وارضاه؟ قد منه صنيع ابي هريرة رضي الله عنه لما يقول ثلاث اوصاني بهن خليلي صلى الله عليه وسلم ويذكرها ان يوتر قبل ان وركعتي الضحى وان يصوم ثلاثة ايام من كل شهر. سنن مستحبات لكن تدري ماذا يقول ابو هريرة؟ يقول ثلاث اوصاني بهن خليلي صلى الله عليه وسلم فانا لا ادعهن حتى اموت بالله عليك هل تجد السنة في قلبك قد بلغت هذا المبلغ وهل تشعر انك اقمت في قلبك ميزانا عظيما لكل شيء بلغك عن سنة حبيبك صلى الله عليه وسلم فجعلتها في حياتك مبدأ تعيش عليه الى ان تموت قصص ابن عمر وابي هريرة وانس وجابر وعائشة وسائر الصحابة. كلهم والله رضوان الله عليهم كانوا مضرب المثل ابن عمر رضي الله عنهما هو نفسه الذي سمع النبي عليه الصلاة والسلام مرة يقول في مسجده ورأى امتلاء المسجد بالرجال جالي في اوله والنساء في اخره. ورأى ازدحام النساء على الابواب في الخروج بعد الصلاة. وما اعجبه ان يزاحم النساء رجال ولهذا كان من سنته عليه الصلاة والسلام الاستبطاء في الخروج من المسجد بعد الصلاة ريثما يخرج النساء فقال ذات يوم لو جعلنا هذا الباب للنساء واشار عليه الصلاة والسلام الى باب في مؤخرة مسجده. قريب من موقع الصفة اليوم في مسجده عليه الصلاة والسلام. وهو الموضع المسمى اليوم النساء يقع خلف باب جبريل عليه السلام الواقع خلف باب البقيع. هو اسمه باب النساء اليوم. يقول عليه الصلاة والسلام لو جعلنا هذا الباب للنساء تحدث بها امام اصحابه لكنه ما اصدر امره ولا اعلن عليه الصلاة والسلام بذلك انما حدث بها رغبة فمات عليه الصلاة والسلام ولم يجعل ذلك الباب مخصصا للنساء ليست هنا القصة القصة ان ابن عمر وهو يروي هذا الحديث يقول مولاه نافع يقول فما رؤيا ابن عمر يدخل من ذلك الباب حتى مات يا اخي كان حسبهم ان يعلموا ان يعلموا ان النبي عليه الصلاة والسلام يهوى شيئا او يرغب في شيء هذا اذا كانوا استشعروا هواه وامنيته ورغبته بالله عليك ما موقفهم عندما يعلمون فعله؟ الصريح وقوله واضح ايزهدون فيه؟ كلا والله حتى المشاعر النبوية كانوا يرصدونها. ثم ماذا؟ ثم يحملون انفسهم على ما يرصدونه من مشاعره عليه الصلاة والسلام قال لو جعلنا هذا الباب كانت كافية عند ابن عمر فما رؤي ابن عمر يدخل من ذلك الباب حتى مات. يحضر انس مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاما فيه دبا ويراه يتتبع الدباء من حول الصحفة. يقول انس فما زلت احب الدباء من يومئذ عجيب يا اخي والله لو جئت تتبع هذه المواقف العظيمة من الصحب الكرام رضي الله عنهم يثير عندك دهشة وعجبا. دهشة وعجبا لانهم بلغوا بقلوبهم حبا صادقا ما زلنا نراه عنا انفسنا بعيدا. وحملوا انفسهم على حب صادق واتباع دقيق في في كل شيء فاذا كانوا في ادق القظايا على هذا النحو فكيف هم بكبار الامور في الحياة والامر العظيم الذي يدهشك ان الفارق الكبير بيننا وبينهم يجعلنا ننظر الى انفسنا فنسائلها صراحة اي حب نتحدث عنه في قلوبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بل قل اي زهد صرنا نمارسه بالبعد والتقلل في سنته صلى الله عليه وسلم اتحدث عن نفسي وكل يذكر نفسه في هذا الباب قدر كبير والله يا اخوة من السنن زهدنا فيها وفرطنا وتكاسلنا ثم يكون عذر احدنا لنفسه لا بأس انها سنة صرنا نزهد لانها سنة فاذا ليست واجبة اذا لن يعاقبنا الله. يا اخي اهل الحب لرجبيهم اهل الحب لنبيهم صلى الله عليه وسلم يتحدثون بقانون غير قانون الثواب والعقاب يعيشون قانون الحب لنبيهم عليه الصلاة والسلام فيدركون ان اتباعهم لفعله وقوله وتتبعهم واقتفائهم صفيهم لاثاره يحملهم عليه حب عظيم. يقودهم بلهف نحو السنن بحثا وتنقيبا. ثم اذا ظفروا بشيء وامسكوا بسنة فلا والله هي حب قلوبهم وغمض اعينهم ونبض صدورهم هي سنة لا يمكن ان يفرط فيها احدهم العيش على السنة عندهم احب من غيرها. والموت على السنة عندهم احب من العيش على غيرها. وهكذا. واضحى هذا فلن تجدوا في سائر انحاء حياتهم لن تعجب من قصة ابن عمر ان يدير ناقته فيسأل فيقول لا ادري هو ابن عمر رضي الله عنهما يصبغ بالصفرة قيل يصبغ الثوب وقيل يصبغ الشيب في شعره فيسأل فيقول لاني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة فانا احب ان اصبغ بها يأتي البيت عند الكعبة فيطوف ولا يستلم من البيت الا الركن اليماني والحجر الاسود دون الركنين الاخرين لانهما جزء من الكعبة والحطيم وراءهما كما تعلمون. فيسألوا ولن يكون له جواب الا قوله رضي الله عنه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلم هذين الركنين فانا استلم هذين الركنين يسأل رضي الله عنه عن نعل اكرمك الله يلبسها تسمى النعل السبتية. فيقول لاني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها فانا احب احب ان البسها سينتهي المجلس ولن ينتهي ذكر الاثار المواقف القصص التي يحياها احد الصحابة مثل ابن عمر رضي الله عنهما فكيف يريدنا ان نستقصي اثار القوم جميعا ومواقفهم على تعددها واختلافها اختم بهذه العبارة. يذكر الذهبي في ترجمة ابن عمر نقلا عن مولاه نافع رحمه الله يقول لو نظرت الى ابن عمر رضي الله عنه في شدة اتباعه واقتفائه لاثار النبي صلى الله عليه وسلم لقلت هذا مجنون تعجب يقول لو رأيته لقلت هذا مجنون مجنون السنة الذي تعلق قلبه بها ولم يصبح في حياته شيء احب اليه من السنة. يغمض عينيه على السنة ويفتحها عليها يا اخوة كم بيننا وبين تلك المراتب متى يمكن والوصول اليها كيف السبيل الى تحقيقها كيف بقلوب يمكن ان تسعد في اهنأ حياة وامتعها اذا تقلبت في نعيم السنن. وهي من سنة الى سنة ان اكلت فعلى وان شبعت فعلى سنة ان شربت او لبست ان دخلت او خرجت ان قمت او قعدت كل شيء تفعله تقتفي فيه السنن هكذا ستفهم مقولة سفيان الثوري رحمه الله عندما قال ان استطعت الا تحك رأسك الا باثر فافعل ما كان مبالغا لكن يقصدون حتى هذه القضايا الصغيرة ان وجدت فيها اثرا وسنة فالزمها ولا ينبغي لك تجاوزها الجواب باختصار لن نسلك هذا السبيل الا بخطوات اولها شيئان كبيران يا كرام. احدهما هذا الذي نحن فيه. ملء القلوب حبا نبي كريم يستحق اكمل الحب عليه الصلاة والسلام. فانه والله متى احبته القلوب وعمرت بهذا الحب وتعلق شغاف القلوب بسيرته وسنته وهديه عليه الصلاة والسلام لن تتعب والله في حث النفوس على الاتباع دعوى الاقتداء اعني واعني ما اقول ان اي نقص او قصور او زهد نلتمسه في حياتنا في السنن فهو والله من يقابله نقص في الحب شئنا ام ابينا لان الحب الصادق لا يمكن ان يقود صاحبه الا الى طاعة تامة واتباع اكمل والخطوة الثانية التي لابد منها بعد هذا الحب الوافر الذي تعمر به القلوب لنبيها عليه الصلاة والسلام هي البحث عن السنن هو تعلمها. اجل فانك لن تعرف السنة وتطبقها حتى تعلم موضعها. اذا تعلم السنن وطلب العلم والسؤال الكبير دوما في كل شيء عندما تريد ان تفعل ان يقوم في قلبك هذا السؤال جليا ما الذي كان يفعله حبيبي صلى الله عليه وسلم اسأل وابحث وصل الى الجواب فان رأيته فعل شيئا فبوسعك ان تفعله تماما كما كان يفعل صلى الله عليه مسلما هذا مثال لامثلة عديدة حفلت بها حياة الصحب الكرام رضي الله عنهم وسلك بنا سبيلهم قال القاضي رحمه الله وقال ابو عثمان الحيري رحمه الله الحيري نسبة الى الحيرة وقال ابو عثمان الحيري رحمه الله من امر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة ومن امر الهوى على نفسه نطق بالبدعة. من امر السنة على نفسه معنى امرها ما كنا نتكلم فيه قبل قليل. ان تكون هي الحاكم ان تكون هي المنطلق ان تكون شعارك. اذا قمت واذا قعدت اذا نمت واذا استيقظت ان يكون شعارك السنة. من امر السنة على نفسه تدري ما معنى امر السنة على نفسه؟ يعني الا يكون لنفسه من هواها واختيارها ورغباتها من حظوظها لن يكون لها شيء في المقام مقابل السنة. فاذا جاءت السنة فدع كل شيء وراءها. من امر السنة على قولا وفعلا نطق بالحكمة يؤتى الحكمة. وكيف لا يؤتى الحكمة؟ رجل نزل نفسه في حياته قولا وفعلا منزلة سنن نبيه صلى الله عليه وسلم وارتضى لحياته هدي اكمل البشر صلى الله عليه وسلم؟ الن يعيش الحكمة؟ بلى والله. اذا امر الحكمة في نفسه قولا وفعلا. قال ومن امر الهوى على نفسه نطق بالبدعة وصدق والله رحمه الله من امر الهوى وجعل قائده وديدنه في حياته هوى نفسه سواء كان هوى شهوة شهوة طعام شهوة مال شهوة فرج شهوة اذن وعين وسائر انواع الشهوات واتبع نفسه هواها وجعل هذا تنوي في الحياة لن يكون طريقه الا مظلما. وسيأوي عياذا بالله الى مستنقع البدع والمحدثات سيبتعد عن السنن عن الدين شيئا فشيئا فاذا وقع في شراك البدع والمحدثات فلا يأمن والله ان يقذف به ابليس اجاركم الله في حفر الشرك والخرافة والبعد وصرف العبادة لغير الله. هو هذا مبدأ الوقوع في الغواية التنكب لسنة صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله تعالى وقال سهل الدستور رحمه الله وصول مذهبنا ثلاثة. الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الاخلاق والافعال والاكل من الحلال واخلاص النية في جميع الاعمال. يقول سهل رحمه الله اصول مذهبنا ثلاثة. ويشير به الى ما عرف عنه رحمه الله. في الزهد وظرب المثل في الورع والتعبد والصلاح والتقوى والتي وصل اليها امثاله رحمة الله عليهم اجمعين يقول من يسألني عن منهجي؟ عن مذهبي عن طريقتي يقول فانها ترجع الى ثلاثة اصول. اولها الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الاخلاق والافعال. هذا اصل عظيم. وذكر ما يقابله وهو الاصل الثاني اخلاص النية في جميع العمل ولا شك ان الاخلاص واتباع السنة قوام العمل وركن القبول وشرط العمل الصالح الذي يرفع الى الله. اضاف رحمه الله شيئا ثالثا هو احد اهم مفاتيح النجاح والفلاح والسعادة في الدارين. الاكل من الحلال اجتناب الحرام في المطعم والمشرب والملبس رب اشعر اغبر رب اشعث اغبر يمد يديه الى السماء يا رب يا رب طعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فانى يستجاب لذلك اكل الحرام والعيش على الحرام يسد الابواب في وجه العبد ويبعده عن الله مهما بلغ في حياته من اجتهاد في طاعة او استكثار من الصالحات يقرب بها نفسه او يظن انه يقربها. الاكل من الحلال يأتي ثالث الثلاثة بعد اخلاص العمل لوجه الله الكريم والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله وجاء في تفسير قوله تعالى والعمل الصالح يرفعه انه الاقتداء برسول الله الله عليه وسلم لم نسند المصنف رحمه الله تفسير الاية الى احد بعينه لكن عامة ما جاء عن المفسرين من والخلف في تفسير الاية اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. فالله عز وجل يرفع العمل الصالح للعبد والعمل الصالح عام. وهو جنس يشمل سائر العمل الصالح الذي جاءت به الشريعة. ولا شك ان العمل لن ان يكون صالحا حتى يكون صاحبه مقتديا فيه برسول الله صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله تعالى وحكي عن احمد بن حنبل رضي الله عنه قال كنت يوما في جماعة تجردوا ودخلوا الماء استعملت الحديث تجردوا يعني تجردوا من لباسهم حتى ربما كان ذلك سببا في انكشاف العورات الفخذ واسفل من السرة ونحوها قال فاستعملت الحديث من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يدخل الحمام الا بمئزر ولم اتجرد فرأيت تلك الليلة قائلا لي يا احمد ابشر فان الله قد غفر لك باستعمالك السنة وجعلك يا اماما يقتدى بك قلت من انت؟ قال جبريل. هي حكاية ساقها المصنف وختم بها الفصل ليست حديثا يحتكم اليه ولا حاجة الى بحث عن سندها. ثم هي حكاية تذكر لاستملاح معناها اضافتها وتكون في هامش الفصل وليس في صلبه ولا متنه ولذلك اخرها المصنف لكن لما ذكرت عن امام عظيم من ائمة الاسلام كاحمد رحمه الله اوردها. وبغض النظر عن كون الذي سمعه احمد رحمه الله هو جبريل عليه السلام او غيره او تصح القصة او لا تصح حسبنا ان الباب العظيم بما فيه من النصوص الواردة واثار السلف المشرقة تؤكد المعنى العظيم ام انه ما اتبع عبد طاعة الله والزم نفسه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والله الا اضاء وجهه واشرق قلبه سعد في حياته هذا امر عظيم هي سنة من سنن الله. عندما يستقيم العبد ويحظى ويسعد باتباع السنة في حياته سيعيش والله اسعد حياة واهناها وعندها سيكون عيشه اطيب العيش. لانه رضي لنفسه ما رضي الله لنبيه. عليه الصلاة والسلام. لما اتم المصنف رحمه الله وهو هذا الفصل اعقبه بفصل يقابله تماما وهو تتمة له. فان السنة ان كانت اتباعا وهداية وكانت سعادة ونجاة فان مخالفة السنة لا تكون الا على العكس من ذلك تماما. فمخالفة السنن بدعة وضلال وشقاء وتنكب طريق السنن غواية وحرمان. وكل عبد زهد في السنة او اعرض عنها او قدم غيرها عليها سيجد لا محالة من شؤم هذا التبديل والتغيير او الاعراض والترك بقدر ما يقع اجارنا واجاركم الله. فجعل المصنف رحمه الله تتمة الفصل الذي تم هذا الفصل الذي يشرع فيه الان ان مخالفة امر عليه الصلاة والسلام ضلال وبدعة وشقاء. نعم قال رحم قال القاضي عياض بن موسى ورحمه الله تعالى فصل في ان مخالفة امره صلى الله عليه وسلم وتبديل سنته ضلال وبدعة قال ومخالفة امره وتبديل سنته ضلال وبدعة متوعد من الله تعالى عليه بالخذلان والعذاب. قال الله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم. وقال ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم. وساءت مصيرا هاتان ايتان من اشد ما جاء في كتاب الله الكريم في عاقبة كل من رظي الابتعاد عن السنة والعياذ بالله او اعرظ عنها او اصر على مخالفتها اما الاولى فقوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره يعني عن امره عليه الصلاة والسلام ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم هما امران احدهما اشد من الاخر الذي يخالف امره عليه الصلاة والسلام متوعد والعياذ بالله بان يصاب بالفتنة او العذاب الاليم وقد فسر الامام احمد رحمه الله الفتنة هنا في الاية بانها الشرك وقد يستعظم انسان في المبدأ هذا القول ايمكن لمن يخالف السنة ان يعاقبه الله بالشرك هي خطوات يا كرام. وصاحب الشرك لن يقع في الشرك ابتداء الا بنت خلال هذا الباب بالادبار عن سنته عليه الصلاة والسلام. فيأتيه الشيطان ويتلقفه فيفتح له باب البدع والمنكرات والمخالفات فاذا استرسل مع شيطانه اين تظنه سيقوده الى روضة من رياض الجنان ابدا والله. ليس الا الى حفر النيران الى الشرك عياذا بالله هو ذلك لكنه سيقول كل امرئ مسؤولا عن نفسه ومن رضي فسلم رقبته للشيطان واعطاه حبلها وزمامها يقودها ثم يرمي بها في مهاوي البدع والمحدثات والمنكرات لا يأمن ان يصاب بفتنة. فاذا وقع في شرك وبلية وشيء من صرف العبادة لغير الله فيما يظن المسكين انه لا يزال على طريق العبودية. وانه يستكثر من حسنات. قال او يصيبهم عذاب اليم. اما الاية الاخرى فقوله عز وجل ومن يشاقق الرسول المشاقة هنا المخالفة الاصطفاف امام السنة مخالفة واعراضا. ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى. ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت نصيرا. ايتان فيهما وعيد عظيم. ان مخالفة السنن ومشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم كفيلة والعياذ بالله ان تجعل صاحبها من اهل النار نصره جهنم وساءت مصيرا واجعل له متوعدا بالفتنة والعذاب الاليم اجارنا الله جميعا والزمنا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله حدثنا ابو محمد عبد الله ابن ابي جعفر عبد الله قال حدثنا ابو محمد عبد الله ابن ابي جعفر وعبد الرحمن ابن عتاب بقراءتي عليهما. قال حدثنا ابو القاسم حاتم ابن محمد قال حدثنا ابو الحسن القابسي قال حدثنا ابو الحسن ابن مسرور الدباغ قال حدثنا احمد بن ابي سليمان قال حدثنا سحنون بن سعيد قال حدثنا ابن القاسم قال حدثنا مالك هو الامام مالك رحمه الله امام المذهب صاحب والمصنف رحمه الله يسوق هذا الحديث بسنده اليه قال حدثنا مالك عن العلاء ابن عبد الرحمن عن ابيه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج الى المقبرة وذكر الحديث في صفة امه في صفة امته وفيه فلا يدادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال فاناديهم الا هلم الا هلم. فيقال انهم قد قد بدلوا بعدك فاقول فسحقا فسحقا فسحقا. نسأل الله السلامة الحديث اخرجه الامام مسلم في صحيحه ومالك في موطئه واخرج البخاري بنحوه. الحديث هذا مشهور بحديث الحوظ وقد مر بكم في مجالس ماضية فصل في ذكر الحوض وصفته ضمن الفصول التي جاء بها المصنف في ذكر الكرامات والخصائص التي اكرم الله بها نبينا صلى الله عليه وسلم حديث الحوض الذي تشتاق اليه النفوس المؤمنة ان ترد عليه يوم القيامة جعلنا الله واياكم من والديه جميعا. حديث الحوض وارد في الصحيحين بالفاظ عدة وروايات متفرقة وفي غير الصحيحين بما هو اكثر تعددا في الرواية والالفاظ. وهذا حديث ابي هريرة رضي الله عنه لما ذكر النبي الحوض صلى الله عليه وسلم قال في اخر الحديث فليذادن رجال عن حوضي يزادن يعني يطردن ويبعدن يعني يأتي رجال من امته يقبلون على الحوض يريدون الاستقاء منه في ذلك اليوم العظيم فيطردون قال فلا يذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعيد الظال. البعير الظال الذي فر من اهله وهرب وهو شارد لا يعرف مصاحبه فيذاد البعير الضال يعني يفر هربا وشرودا لا يمكن امساكه ولا اللحاق به. قال فاناديهم الا هلم الا هلم لا يدري ما الذي يبعدهم اذا هم مقبلون على الحوض فيدبرون ويبعدون ولا يدري انه ابعاد لهم وليس ابتعاد من تلقاء انفسهم. هم يريدون الحوض يريدون السقيا في احوج ما يكونون من الظمأ الذي تقطعت له الحناجر من شدة الهول والفزع قال يذادون عن الحوض فيناديهم الا هلم الا هلم؟ فيقال انهم قد بدلوا بعدك هذه القاضية يا امة الاسلام. قال انهم قد بدلوا بعدك بدلوا ماذا بدلوا دينه وسنته في بعض ارفاد الحديث ورواياته الاخرى انهم قد ارتدوا على اعقابهم وهذه قالت في الرواية انهم قد بدلوا. وفي رواية اخرى عند البخاري في صحيحه انك لا تدري ما احدثوا بعدك في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه لما قال ليريدن علي اقوام اعرفهم ويعرفوني يقول ليريدن يعني على الحوض ليريدن علي اقوام اعرفهم ويعرفوني ثم يحالوا بيني وبينهم. فاقول انهم مني. فيقال انك لا تدري احدثوا بعدك وعليه فاقول سحقا سحقا لمن غير بعدي قال اهل العلم المراد بالحديث في المحرومين من ورود الحوض اصناف اولهم المرتدون بعد موته صلى الله عليه وسلم وعادوا الى الكفر بعد اسلام والحديث صريح في تناولهم انهم قد دلو وفي رواية قد ارتدوا على اعقابهم. والفئة الثانية اهل النفاق من زمنه عليه الصلاة والسلام. فانهم كانوا يظهرون الاسلام. ولهذا قال رجال اعرفهم ويعرفوني فيذادون عن الحوض فهم ايضا من صنف من يبعد عنه من حوضه وهم من امته بل من رجاله ومن اصحابه عليه الصلاة والسلام والفئة الثالثة التي يستشهد بها على هذا الحديث في السياق هي فئة اهل الاهواء والبدع والمحدثات وهي الدائرة الاوسع فكل انسان من امته اوقعه الشيطان في الاحداث والابتداع ومخالفة السنن حذاري حذاري فان النبي صلى الله عليه وسلم يقال له عن فئام من امته يوم القيامة انك الا تدري ما احدثوا بعدك مات ولم يدري عليه الصلاة والسلام انه سيأتي من امته من يظن انه على خير فاذا هو على ابواب من البدع والمحدثات في ذكر او عبادة او صلاة او قرآن او حج او اعتمار. العبادة المشروعة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم باوصافها وهيئاتها وكل ذلك محفوظ ثابت صحيح يقول عليه الصلاة والسلام لما يخبر بسبب ابعادهم عن حوضه فاقول فسحقا فسحقا فسحقا هذه والله اشد ايقاعا في القلب ليس يكفي ابعادهم وحرمانهم فاذا به عليه الصلاة والسلام يزيدهم من قوله سحقا سحقا يعني بعدا وهلاكا وانهم سبب في ابعاد انفسهم وحرمانهم من الخير العظيم في ذلك اليوم العظيم. وانه عليه الصلاة والسلام لم يزل حتى اخر لحظة يحرص ويشفق ويحب الخير لامته عليه الصلاة والسلام. وهو يريد ورودهم على الحوض واستقاءهم منه في ذلك الموقف العظيم لكن القضية الفاصلة وهو من اسوأ ما جاء في مخالفة السنن وشؤمها هي وحديث سبق في ليلة الجمعة كل امة يدخلون الجنة الا من ابى. قالوا ومن يأبى يا رسول الله؟ قال من اطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد ابى عندما يعلن مسلم حاشاكم عندما يعلن مسلم انه معرض عن سنة نبيه عليه الصلاة والسلام. يعلنها بلسان حاله او بلسان مقامه نطق بها او عاش عليها دون ان ينطق لكن حياته ناطقة بانه معرض عن السنن. مبدل مغير محدث هو زاهد فيها هذا يصدق عليه لا تدري ما احدثوا بعدك. يصدق عليه من اطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد ابى. هي نصوص يا كرام قامت بها علينا الحجة. وكان من تمام نصحه عليه الصلاة والسلام لامته ان يبين لها هذا الطريق المهم وهذا المعلم وان يحذرها من خلافه لان وراءه عاقبة مشؤومة لا يرضاها مسلم لنفسه والله وحري بنا ان نعلنها ناصحين لكل امته صلى الله عليه وسلم ان الخير كل الخير في الاقتصار على سنته وقد مضت بكم عبارات الصحابة اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة قال رحمه الله تعالى وروى انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من رغب عن سنتي فليس مني وقال عليه الصلاة والسلام من ادخل في امرنا ما ليس منه فهو رد. ارأيت؟ كل طريق تخالف به السنة هو موعود بهذا الامر الذي تقدم انفا. من رغب عن سنتي هذا الاعراض سواء كانت الرغبة عن السنة تقليلا من شأنها او ظنا ان الخير والاجر والثواب الاكبر في غيرها. تدري لمن قال عليه الصلاة والسلام من رغب عن سنتي قالها لثلاثة من اصحابه ارادوا الاجتهاد في الطاعة. قال احدهم انا اصلي ولا انام. وقال الثاني لا اصوم ولا افطر وقال الثالث انا لا اتزوج النساء. والله ما قالوها استخفافا بالسنة. ولا احتقارا لها حاشا والله ما اعرضوا عنها رغبة في العصيان ولا في اتباع الهوى ولا في الغرق في الشهوات لا ما ارادوا الا اجتهادا في طاعة. فيقول لهم من رغب عن سنتي فليس مني. هو طريق يا كرام لا تظن انها ان الخطاب معني به العصاة واصحاب الشهوات والغارقون في الحرام. نعم هم مقصودون بهذا الخطاب وهم فئة من مخالفي سنته وعصاة امته عليه الصلاة والسلام. لكن صدقني حتى من يظن ان قدميه لا تزال على طريق طاعة لكن من غير اتباع سنة. هو ايضا ذاته يوجه له الخطاب. من رغب عن سنته. اذا فالاعراض عن السنة والرغبة وعنها تارة تكون لغلبة المعصية على القلب وحب الشهوات مثلا وتارة تكون ظنا ان غير السنة فيه خير اكثر وثواب اعظم. فان من تمام النصح لامته صلى الله عليه وسلم تبليغهم هذه الدلالة التي حذر منها عليه الصلاة والسلام كل معرض عن سنته وكل راغب عنه عن سنته الى غيرها. سواء كان الاعراض او شيئا من دوافع العصيان والمخالفة واتباع الشيطان او كانت على ضد ذلك ونقيضه فيما يظن اصحابها انهم على خير انهم على طاعة انهم على عبادة. فان هذا الحديث كما سلف قيل لثلاثة من اصحابه راموا الاجتهاد في الطاعة والاستكثار من العبادة ومع ذلك فلم يكن حسن مقصدهم كافيا ولم تكن نية احدهم لم تكن نية احدهم في الخير والازدياد من الحسنات لم تكن عذرا يقبل به صنيعهم ذلك. حتى هم لما اتوا الى حجراته عليه الصلاة والسلام فسألوا عن عمله فاخبروا جاءت الرواية تقول كانهم تقالوها. رأوا عمله الصلاة والسلام شيئا يسيرا. تدري فماذا صنعوا؟ قالوا هذا نبي قد غفر الله له. ما تقدم من ذنبه وما تأخر. لكن مساكين اصحاب ذنوب وعصيان وتقصير. ونحن احوج الى مزيد من الحسنات والطاعات اتوا من هذا الباب لا غير لا والله ما وقع في قلوبهم انتقاص للسنة. ولا احتقار لشأنها لكن سماه النبي صلى الله عليه وسلم رغبة عن ابنته قال من رغب عن سنتي فليس مني. وانظر الى هذا الحكم وهو شديد الوقع ولا شك ان الراغب عن سنته ايصلح ان يكون في عداد امته؟ من رغب عن سنتي فليس مني. من الذي سيكون منه؟ عليه الصلاة والسلام؟ اصحاب سنته متمسكون بها اتباعها الحريصون عليها المجتهدون في تطبيقها ونشرها واحيائها وبثها واعلانها ورفع راياتها هذه فئة كريمة هي التي تنتمي اليه صلى الله عليه وسلم. جعلنا الله واياكم من اربابها اللهم اعمر قلوبنا بطاعتك واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم. اللهم احينا على السنة وامتنا عليها يا ذا الجلال والاكرام. واحشرنا في زمرة صاحبها عليه الصلاة والسلام واوردنا حوضه واسقنا منه شربة لا نظمأ بعدها ابدا. يا كريم يا منان. الليلة كريمة عظيمة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم شرف وفخر وذخر واجر. شرف الصلاة على النبي عظيم. ومقامها اعند الاله كريم وعليه صلى الصالحون وسلموا ان الصلاة على النبي نعيم. فصلوا وسلموا عليه صلى الله عليه وسلم في كل ساعة وان واجعلوا لها نصيبا وافرا في ليلتكم فالليلة جمعة. ويوم غدكم فغدا هو الجمعة. والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ملؤها الخيرات والبركات والاجور والحسنات فصل يا ربي وسلم وبارك على حبيبك المصطفى ونبيك المجتبى ما تعاقب الليل والنهار وصلي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته المهاجرين والانصار. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. نعوذ بك يا ربي من من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك