بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه احمد الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين وحبيب الله وصفوته من خلقه اجمعين صلوات ربي وسلامه عليه. وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. صلى الله ربي وسلم وبارك عليه في كل حين وال. وصلى الله ربي وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما مزيدين في هذه الليلة الشريفة المباركة. التي قال عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. فاللهم زده صلاة وسلاما وبركة عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد ايها الكرام فما يزال مجلسنا هذا موصولا بعون الله تعالى وتوفيقه في مجالس هذا السفر المبارك كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمه الله تعالى وقد وقف بنا الحديث ليلة الجمعة الماضية في تتمات الباب الاول الذي ذكر فيه وجوب الايمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوب طاعته ووجوب اتباع امره عليه الصلاة والسلام. وتلك اعظم الواجبات ورأسها. واهمها ومدخلها اذ ان كل واجب يأتي تبعا لهذا الواجب العظيم. ولما كان هذا الباب اعني باب الايمان به وطاعته واتباعه عليه الصلاة والسلام هو كالمدخل لسائر الواجبات اعتنى المصنف رحمه الله بذكر ما يتعلق بهذه الفصول من الادلة في الكتاب والسنة واثار السلف وصنيعهم رضوان الله عليهم وسلك بنا سبيلهم. الى ان وقف بنا الحديث في خاتمة هذا الباب في فصل فيه بيان عاقبة مخالفة السنة. والزهد فيها والاعراض عنها وتنكب الهدي النبوي وما ينال صاحبه اجارنا واجاركم الله من سوء عاقبة او من شؤم او من ضلال وشقاء وغواية هي عاقبة من اعرض عن سنن النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. ومن زهد عنها ومن رغب عنها ومن بدلها بغيرها او من فضل غيرها عليها كل ذلك جاء محكوما في الشريعة ليكون هذا منهجا جليا واضحا لنا امة الاسلام ان اكمل الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وان اعظم طريقة واسعد حياة يمكن ان يعيشها انسان بشر في هذه الحياة ليست الا ان تكون في ظلال حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم والنصوص في هذا كثيرة وما تقرر في هذا الباب ايضا كثير وفير وطيب مبارك. عنون المصنف رحمه الله اخر فصول هذا الباب الاول في ان مخالفة امره صلى الله عليه وسلم. وان تبديل سنته ظلال لصاحبه وبدعة تقود صاحبها الى مزيد من الشؤم والشقاء والبعد عن الله جل وعلا. ساق المصنف في هذا عددا من النصوص وقف بنا الحديث في اثنائها نستأنف بداية الفصل لنربط السابق باللاحق بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل الحب فطرة. والصلاة والسلام على من حبه للقلب بسطة وعلى اله وصحبه ما تتالت قطرة. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ما اهل بحج وعمرة. قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في ان مخالفة امره صلى الله عليه وسلم وتبديل سنته ضلال وبدعة. الى ان قال وروى ابن ابي رافع عن ابيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لالفين احدكم متكئا على اريكته. يأتيه الامر من امري مما امرت به. او نهيت عنه فيقول لا ادري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه زاد في حديث المقدام الاوان ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله نعم حديث ابي رافع رضي الله عنه هذا الذي سمعتم قبل قليل جاء به المصنف رحمه الله عقب ما تقدم من حديث انس وغيره يريد ان يبين ان اي وجه يا امة الاسلام يسلك به المسلم طريقا يبتعد فيه عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانها داخلة في عاقبة بهذا الشؤم الذي حذر منه الكتاب والسنة اي طريق يسلكه المرء يبتعد به عن سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو غواية فهو ضلال فهو شقاء وقد يكون هذا السبيل على اكثر من وجه ربما كان هذا السبيل اعراظا يعني تركا مطلقا لسنته عليه الصلاة والسلام. واورد فيه حديث انس رضي الله عنه من رغب عن سنتي فليس مني. وتقدم تم بكم ليلة الجمعة الماضية ايها المباركون انه من رغب عن سنتي الاعراض عن السنة ليس بالضرورة ان يكون صاحبه فاسقا ان يكون غاويا ان يكون غارقا في الحرام والشهوات وهو بذلك يزهد في السنن قد يكون هذا وقد يكون على خير وطاعة متى قالها صلى الله عليه وسلم من رغب عن سنتي فليس مني قالها لثلاثة نفر جاءوا يقودهم الشوق نحو الطاعة والحرص على العبادة والرغبة في القرب من الله حتى قال احدهم انا اصلي ولا انام وقال الثاني انا اصوم ولا افطر وقال الثالث انا لا اتزوج النساء فما كانوا اصحاب ظلال ولا انحراف ولا شهوة محرمة ولا فسق ولا معصية حاشاهم رضي الله عنهم ومع ذلك فقد السلام. من قال لهم عليه الصلاة والسلام من رغب عن سنتي فليس مني. فمن كان يرغب في التعبد والطاعة والاستنان فيقال له دونك طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم الزمهم لا تجاوزه تمسك به واكتفي به ومن باب اولى ان يقال لفئة العصاة والظلال والغارقين في الشهوات وهم في ذلك الحال يتركون ويزهدون ويخسرون كثيرا من السنن في طريق البعد عن الله جل وعلا. اولئك ايضا يقال لهم من رغب عن سنتي فليس مني هذه سبيل من سبل البعد عن السنن هو الاعراض. سبيل اخر قال فيه صلى الله عليه وسلم من ادخل في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد هذا التبديل هذا الاحداث هذا الابداع هذا ان نحل ببدعة مكان سنة. وان نأتي بشيء محدث في الدين ما احدثت في الاسلام محدثة ولا بدعة الا اميتت مكانها سنة. شئنا ام ام ابينا امة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلكم والله من اعظم افات وشؤم وعواقب البدع والمحدثات انها هدم لسنن المصطفى صلى الله عليه وسلم في حياة امته وفي مجتمعات بني الاسلام. عندما تغشى تغشى البدع والمحدثات مجتمعا من مجتمعات الاسلام فثق تماما انها كانت على حساب سنن من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا كان الاحداث بهذه المثابة فهذا سبيل اخر اجاركم الله من سبل الابتعاد عن السنن فربما كان اعراضا وربما كان تبديلا واحداثا وابتداعا. هذا الذي سمعتم في حديث ابي رافع الان سبيل ثالث ووجه ثالث من وجه البعد من وجوه البعد عن السنن. يقول فيه عليه الصلاة والسلام لا الفين احدكم متكئا على اريكته يأتيه الامر من امري مما امرت به او نهيت عنه فيقول لا ادري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه. تدري ما هذا هذا الاستخفاف بالسنن اجارك الله هذا الاستهانة بشأن سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذه اللامبالاة. هذه قلة الادب وانعدام وضعف التعظيم والتوقير لرسول الله صلى الله عليه وسلم عياذا بالله يحمل صاحبه على الا يقيم في السنة وزنا عياذا بالله والا يرفع بها رأسا اجارنا الله. يقول عليه الصلاة والسلام لا الفين احدكم اياكم ان يأتي عليكم يوم ارى فيه واحدا منكم معشر امته عليه الصلاة والسلام. لا الفين احدكم متكئا على اريكته ويشير عليه الصلاة والسلام الى هيئة التكبر والتجبر واللامبالاة متكئا على اريكته والاريكة كالسرير المقعد الممتد كالسرير متكئا على اريكته. يأتيه الامر من امري مما امرت به او نهيت عنه تبلغه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى على خطأ على معصية على بدعة على ضلالة فينصح فيقال له اخي ما هكذا امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عليه الصلاة والسلام كذا ونهانا عن كذا واوجب علينا كذا فيدل على سننه عليه الصلاة والسلام يأتيه الامر من امري مما امرت به او نهيت عنه فما موقف صاحبنا هذا يقول لا ادري يعني لا ادري ما الذي تقوله وما هو موقعه في الشريعة لا ادري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه. يزعم انه يقتصر على الاخذ بما جاء في القرآن. وهذا تعريض بل تصريح برد السنة وانه يقول بلسان حاله ومقاله لن اقبل سنة وبيني وبينك كتاب الله فان كان عندك اية من كتاب الله ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه اترى ان كل حكم في الشريعة جاء منصوصا عليه بالحكم في كتاب الله في اية وسورة ان كان هذا المراد فالقائل في هذا الحديث الذي حذر منه صلى الله عليه وسلم سالك سبيل غواية وضلالة وهو كذلك وقد وجد في الامة فئات تتبع هذا المنهج المشؤوم. ويزعمون انهم انفسهم بالقرآنيين وانهم فئة لا تأخذ الا بالقرآن. وليس هذا موضع بسط الرد على هذه الضلالة وهذه الغواية وهذا الانتكاس في فهم كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام. لكن ان كانوا اخذين بما في القرآن صدقا فان في القرآن قوله جل وعلا وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. وفي كتاب الله قوله جل وعلا وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم. وان كانوا مكتفين بما في القرآن فدونهم قوله عز وجل فلا وربك لا يؤمنون. حتى يحكموا فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. الى اخر ما هنالك والمقصود ان هذا مسلك اخر من مسالك البعد عن السنن. قال في امرنا الاول اعراظا من رغب عن سنتي. وكان الثاني تبديلا تباعا واحداثا من احدث في امرنا او من ادخل في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد. وهذا السبيل الثالث استهانة اخفاف وكلها تقود نحو الاعراض عن السنن تقود نحو الابتعاد عنها وذلك مسلك حذرت منه الشريعة. يقول صلى الله عليه وسلم لا الفين احدكم متكئا على اريكته يأتيه الامر من امري مما امرت به او نهيت عنه. فيقول لا ادري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه. الحديث هذا الذي تقدم معنا قبل مجلسين او اكثر اورد له المصنف رحمه الله في رواية من حديث المقدام وفيه زيادة والحديث الذي اخرجه الترمذي وابن ماجة وصححه الالباني الا اني اوتيت الكتاب ومثله يقول عليه الصلاة والسلام الا اني اوتيت الكتاب ومثله معه ما مثله السنة التي اوحى الله بها اليه الا اني اوتيت الكتاب ومثله معه. لا يوشك رجل شبعان لا اريكته يقول عليكم بهذا القرآن. فما وجدتم فيه من حلال فاحلوه. وما وجدتم فيه من حرام فحرموه هذا اللفظ اخرجه احمد وابو داوود وصححه الالباني وحديث المقدام عند الترمذي وابن ماجة وفيه زيادة في اخره ما وجدتم فيه من حلال فاحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه. قال الا وانما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله يعني فلا سبيل لمن يزعم انه سيأخذ باحد شطري هذا الوحي المبارك ويترك الاخر. الاوان ما حرم الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله فتبين اذا يا كرام انه لا يستقيم لي ولك ولا لاي مسلم الى يوم القيامة ان يأخذ بالقرآن حتى يأخذ بالسنة معها. فالسنة اما تأكيد لما في القرآن. واما بيان لمجمل جاء في القرآن. واما تتمة وبيان وتشريع لما جاء اصله في القرآن فهي اذن مكملة له. وقد قال الله عز وجل له وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم فجعل الله له عليه الصلاة والسلام بيان القرآن وتفصيل مجمله وبيان احكامه وتفصيل كل شيء جاء فيه في الشرائع عبادات ومعاملات. فلا يستقل احد بالاخذ بالقرآن لانه لا يتم له الاخذ به حتى يضم اليها شطرها الاخر وهي سنته صلى الله عليه وسلم وقال عليه السلام وجيء بكتاب في كتف في كتف كفى بقوم حمقا او قال ضلالا ان يرغبوا عما جاء به نبيهم الى غير نبيهم. او كتاب غير كتابهم فنزلت او لم يكفهم انا انزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم. ان في ذلك لرحمة وذكرى لقومي يؤمنون. الحديث مرسل والارسال نوع من ضعف الحديث. وفيه يذكر عليه الصلاة والسلام فئة من ومن امته وصفهم بالحمق او بالظلال وما وصفوا بالحماقة ولا الظلال الا للصنيع الذي ذكرهم به في هذا حديث وهو قوله ان يرغبوا عما جاء به نبيهم الى غير نبيهم. او كتاب غير كتابهم لانه ما من مسلم يعرض عما جاء في القرآن الا وقد اخذ بما جاء في غيره لا محالة. وما اعرض رجل عن سنة الا اخذ غيرها من هدي البشر وسنن البشر غيره عليه الصلاة والسلام. وذلك هو وصف الحماقة ان يدع الاكمل الى الناقص وان يدع التام الى الذي لا يزال فيه ضعف ونقص ولا يترك امرؤ شريعة ربه ووحيه وسنة نبيه الله عليه وسلم الا ابتلي بما دون ذلك فيقلد نفسه ومنهجه وفكره وحياته وقلبه شيئا بالدود لا محالة. ومن استبدل الذي هو ادنى بالذي هو خير. كان موصوفا بالحماقة والضلال. وهذا المقصود به في الحديث وقال عليه السلام هلك المتنطعون هذا سبيل الرابع من الاعراض عن السنن الغلو والمبالغة وهذا المنهي عن ولو كان في طريق خير وطاعة ورشاد. الغلو مذموم في الشريعة في كل انحاءه. افراطا وتفريطا. هلك المتنطعون والتنطع هو الغلو والمغالاة والتجاوز في الحد. حتى من اراد الاخذ بالسنن فبالغ فيها. واولئك الثلاثة الذين جاءوا الى النبي عليه الصلاة والسلام وسألوا عن عمله بعض اهل بيته فلما اخبروا بصنيعه في عبادة ربه كانهم تقالوها. فقال بعضهم انا اصلي ولا ارقد وقال الثاني انا اصوم ولا افطر. حملهم على ذلك الرغبة في الازدياد من القرب والطاعة لكنه تنطع لانه خروج عن الحد المشروع. فما الميزان يا كرام لان يقال في امر هو غلو او تفريط او تشدد. الميزان هو هديه عليه الصلاة والسلام. فما كان على حد هديه فهو القصد وهو السنة وهو الاعتدال وهو الحكمة وهو الخير والرحمة كلها وما كان دون ذلك اقل منه فهو تقصير. وتفريط واهمال. وما زاد على ذلك فهو الغلو والتنطع الذي حذر منه الاسلام الميزان يا كرام وهذا امر في غاية الاهمية ان يقرر لبني الاسلام تدري متى نصف الفعل او الشخص او القول او الفعل بانه تشدد بانه تنطع بانه تزمت بانه غلو اخي الكريم ليس الميزان هواي ولا هواك ولا هو حال المجتمع في تدينه ضعفا او قوة تقدما او تأخرا المقياس والميزان الذي يحتكم اليه هو سنة عليه الصلاة والسلام فابدا والله لا نسمح لان يوصف فعل او قول صادر عن مشكاة السنة وهو من افعاله او اقواله عليه الصلاة والسلام لا نرضى والله ان يوصف بانه تزمت او تشدد او تنطع طالما كان في حدود هديه عليه الصلاة والسلام. ومن وصفه بذلك فقد اخطأ وما فهم لا يليق بل لا يصح ان يوصف شيء بالتنطع والغلو والتشدد الا اذا تجاوز الحد. اي حد ليس حدي ولا حدك هو حد رسول الله صلى الله عليه وسلم. هي المسطرة التي نحتكم اليها. هي المعيار الذي ينبغي ان ننصبه ونتحاكم اليه وعندئذ يمكن ان نزن انفسنا قبل ان نزن الاخرين. لنرى واقع حياتنا وحالنا افراطا او تفريطا او كان اقتصادا وسنة وسواء سبيل. الميزان في ذلك ان يقف احدنا بخلقه بمعتقده بعبادته بتعامله باخلاقه ظع نفسك على ميزان رسول الله صلى الله عليه وسلم. فان رأيت نفسك في الاعتقاد والاخلاق والعبادة والمعاملات على سنته عليه الصلاة والسلام او قريبا منها مجاهدا نفسك في استكمال ما نقص فانت على خير والى خير وابشر بخير ومن كان دون ذلك وقد وقف على الميزان فرأى قصورا واهمالا وتفريطا ونقصا. فحري به ان يأخذ نفسه نحو الكمالات اياك ان يأتيك الشيطان وانت تبحث عن تكميل النقص من السنن التي تجدها في نفسك في قلبك وعقيدتك واخلاقك وعبادتك عملتك اياك ان يأتيك الشيطان فيزين لك او يوحي اليك ان استكمالك للسنن يعني انضمامك الى وصف المتشددين او المتنطعين او اصحاب الغلو؟ لا ابدا. لن يكون البلوغ الى سنته عليه الصلاة والسلام تنطعا ولن يكون تشددا ولا تزمتا. انما التنطع والتشدد والتزمت في مجاوزة ذلك في ابتغاء حد اعلى من حده عليه الصلاة والسلام فلو قال قائل اذا كان صلى الله عليه وسلم يصوم احيانا ويترك احيانا فانا اصوم الدهر باكمله. واذا كان صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ويرقد بعضه فانا اقومه اكمله ويقول ثالث انا سافعل كذا وكذا. فاتوا الى تلك الابواب وظنوا انهم بمزيد اجتهاد فوق ما ثبت عندنا من فيه صلى الله عليه وسلم يظنون انهم بذلك يتقربون الى الله ابدا. فهذا هو الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام هلك المتنطعون. يا كرام التنطع قد يكون في طاعة وعبادة. في قرآن وصلاة وذكر. قد يكون في ما يظهر لصاحبه انه قربة الى الله لكنه متى تجاوز حده صلى الله عليه وسلم. وسنته صلى الله عليه وسلم وهديه الذي شرعه لنا بقوله وفعله صلى الله عليه وسلم فقد خرجنا عن السنة الى الى المزيد عليها والى التنطع فيها وتفصيل ذلك يطول لكن لسنا سنقول كل من زاد في مقدار ذكر او قرآن او عبادة دخل في حد التنطع لان هديه عليه الصلاة والسلام قائم على امرين احدهما مجمل والاخر مفصل. اما المجمل فالدلالة على ابواب القرب والعبادات والطاعات فاي عبادة وطاعة جاءت على غير جنس ما شرع لنا صلى الله عليه وسلم فليس ذلك من هديه ولا من الطريق المقرب الى الله واما المفصل فانه صلى الله عليه وسلم بين لنا كيف نعبد الله وكيف نذكر الله وكيف نتقرب الى الله فدلنا على جمل من الاذكار والعبادات والقرب والطاعات بعضها حد لنا مقدارها وبعضها فتح لنا بابها فما فتح لنا فيه الباب مثل الاكثار من ذكر الله. يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا فهل يقول احد انني لو جلست اذكر الله في اليوم عشرة الاف مرة هل يكون هذا تنطعا؟ الجواب كلا لان هذا مما فتح لنا فيه الباب واتيح لنا التنافس للازدياد فيه فهذا باب فتح وهو من هديه عليه الصلاة والسلام. ولو قال قائل انا سالزم نفسي بورد اصلي فيه على النبي صلى الله عليه في كل يوم وليلة الف مرة او اكثر او اقل. لن يقال في هذا تنطع لانه هو القائل اكثروا من الصلاة علي صلى الله عليه وسلم فهذه الابواب لا يوصف الاستكثار فيها بانه مجاوزة للحد هذا التفريق يا كرام من اجل ان يتبين لنا ان التنطع الذي قد يقع في العبادات اما بمخالفة اصل من اجناس العبادة التي ما شرعها لنا عليه الصلاة والسلام او تجاوز حد قد حدد لنا قدرا فيزداد فيه صاحبه كعدد الركعات والصلوات مفروضة والاذكار المقيدة بادبار الصلوات. فالزيادة عليها خروج عن نص وحد مشروع يدخل صاحبه في عداد والازدياد المذموم. اذا هذه مسالك يا كرام كلها تجعل صاحبها في البعد عن السنن. ما كان اعراضا او بديلا او استهانة واستخفافا او غلوا وتنطعا. كل ذلك ذمته النصوص فيما سمعت. وكلها فيه ما يدل على اربابها والتحذير من سلوكها وقال ابو بكر الصديق رضي الله عنه لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به الا عملت به اني اخشى ان تركت شيئا من امره ان ازيغ. رضي الله عنك يا ابا بكر يقول هذا وهو الصديق رضي الله عنه. ولفظه هذا في الصحيحين يقول لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به الا عملت به لست تاركا شيئا كان يعمله الا عملت به. ثم يقول اني اخشى ان تركت شيئا من امره ان ازيغ بالله عليكم هذا ابو بكر الصديق رضي الله عنه يخشى الزيغ ان ترك شيئا من امره صلى الله عليه وسلم. وهو الذي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وشهده القرآن بالرضوان وله النصوص التي تدل على ايمانه. وصديقيته رضي الله عنه وبعض ايات القرآن قيل انها نزلت في شأنه خاصة تتلى الى يوم القيامة. والذي جاء بالصدق وصدق به اولئك هم متقون الذي جاء بالصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق به ابو بكر رضي الله عنه وما لاحد عنده من نعمة تجزى الا ابتغاء وجه ربه الاعلى. ولسوف يرضى قيل هو ابو بكر رضي الله عنه وغيرها من المواقف حسبك هجرته مع النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم حسبك لو وضع ايمان الامة في كفة وايمان ابي بكر في كفة لرجحت كفة ابي بكر. كل ذلك يستصعب حصره في هذا المقام. لكن الشاهد ان يقول رضي الله عنه اني اخشى ان تركت شيئا من امره ان ازيغ. والله يا اخوة ها هنا وقفتان مهمتان. هذا ابو بكر رصيده العظيم من الايمان بما معه من السبق بما معه من الفضل والاجر وما سبق به رضي الله عنه سبقا بعيدا لا يدركه به احد الى يوم القيامة ما التفت الى شيء من رصيده في الايمان ولا السبق ولا الصديقية ولا الرضوان ولا الشهادة بالجنة. ما رأى نفسه قد حجز في الجنة ثم ان يصاب فيما بقي من حياته بعد ممات النبي صلى الله عليه وسلم ما امن والله ان يصاب بابتلاء او فتنة يزيغ بها فينحرف او يضل. اذا كان هذا ابو بكر فبالله ماذا عني وعنك؟ ماذا انا وانت لماذا ذهب بعضنا الى انه ان اوتي خيرا وطاعة واوتي القرآن او العلم الشرعي او الانفاق في الخير او نصرة الاسلام او اي باب من ابواب فضل الله الذي يؤتيه من يشاء. يظن انه قد بلغ شأوا بعيدا. ثم اذا ابتلي بشيء من التقصير والتفريق وجد لنفسه عذرا بانه لا يزال على رصيد كبير من الخير والفضل والاحسان والبر. يا اخي اين نحن في ابي بكر ونحن لو جمعنا جميعا لما وزنا شيئا بكفة ابي بكر رضي الله عنه اترانا بالله عليك بعيدين عما قال اني اخشى ان تركت شيئا من امره ان ازيغ. والله يا اخوة هذا درس كبير لي ولك. لتعلم انه مهما وفقك الله لخير وطاعة وبر واحسان. ووصفك الناس بالصلاح واقتدوا بك واثنوا عليك خيرا ساق الله لك من المبشرات والخيرات لا تذهب ابدا الى ظن انك قد بلغت المنتهى وانك بمأمن لانك لو سلط عليك الشيطان فزاغ بك عن السنة فانك تخشى من الزيغ. وما علمنا الله في القرآن ربنا لا تزغ قلوبنا ها بعد اذ هديتنا الزيغ لا يكون الا بعد هداية الا بعد استقامة الا بعد صلاح وفلاح والله ما خشي الصالحون والاولياء والبررة والمتقون على شيء اعظم من خشيتهم على ما اتاهم الله من ايمان وصلاح وبر وتقوى ان يسلبوا ذلك عياذا بالله ان يحرموه في اواخر اعمارهم ان يختم لهم بسوء عاقبة اجارنا واجاركم الله. هذا ابو بكر يقول اني اخشى ان تركت شيئا من امره ان ازيغ اذا كان يقول هذا ابو بكر فنحن والله اولى. الدرس الثاني في عبارة الصديق رضي الله عنه يقول هذا وقد بلغ ما بلغ فما الذي يحمله على ان يقول تلك المقالة؟ اتقصير وتفريط ابصره في حياته؟ والرجل هو الثاني في الامة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم وهو الخليفة الاول في تاريخ الاسلام وهو الذي خلف النبي عليه الصلاة والسلام في قيادة امته وحكمها والسير بها نحو ما يرضي الله. يقول ذلك لانه قد الزم نفسه بهذا المبدأ العظيم. انك لا يزال في نزعة يحاول الشيطان ان يأخذها بعيدا عن طريق الله وطريق رسوله صلى الله عليه وسلم. اذا فحياتنا نحن الملأ بالتقصير والتفريط هي اولى والله بالوجل والخشية والزيغ. ما الذي ابصره ابو بكر في حياته ليعاتب نفسه بتلك المعاتبة ما الذي رآه رضي الله عنه في سيرته في يومه وليلته في طاعته وعبادته واخلاقه؟ ما الذي ابصر لا نبصر نحن في حياته الا الكمال رضي الله عنه الكمال الذي اخذ نفسه فيه بما عهد به اليه نبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم. وقد كان من اقرب الناس اليه بل وزيره ذراعه الايمن رظي الله عنه اذا نحن ونحن نشهد على انفسنا بقدر كبير من التفريط والتقصير اليوم لا صليت سنة ولا اتممت ذكر الصباح والمساء وما اتممت وردي من كتاب الله وعصيت الله ببظر حرام ببصر حرام وسمع حرام وفرطت في في بعض الواجبات وتساهلت في بعض المحرمات. لا يزال في كل يوم وليلة عندي حزمة من التفريط والتقصير والاهمال من بلغ الكمال يقول اني اخشى. فمن كان غارقا في التقصير ماذا سيقول والله يا اخوة متى استيقظ فينا هذا الشعور ومتى احيينا في دواخلنا هذا الهاجس اننا اننا بحاجة الا ان نرتقي لانفسنا نحو الاكمل وان نأخذها اخذا رفيقا نحو سننه عليه الصلاة والسلام. مع يقين تام يستقر في قلوبنا واعماق افئدتنا انه سيظل احدنا مجاهدا نفسه الى اخر لحظة من الا يجد سنة الا اخذ بها والا يجد ويبصر في حياته موضع تقصير ولو قدر شبر الا سارع في تداركه ومحاولة استكمال عله عله ان يظفر بان يوقع الخطى على اثر الخطى ويقتفي سنن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا يزال في مقولة ابي بكر رضي الله عنه هذه مزيد من الوحي الذي فيه اشارات وايحاءات وايماءات تلقي بظلالها على القلوب الندية الطرية. يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في تأصيل هذا الاصل العظيم. ومكانة السنة في المسلم ووزنها في يومه وليلته. وكيف ينبغي ان يعيش معظما للسنة حتى تكون شيئا عظيما وراية خفاقة لا يزال يمشي تحت ظلالها. يقول رحمه الله ومن تدبر احوال العالم وجد كل صلاح في الارض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك فسببه مخالفة الرسول الله عليه وسلم والدعوة الى غير الله ومن تدبر هذا حق التدبر وجد هذا الامر كذلك في خاصة نفسه وفي غيره عموما وخصوصا ولا حول ولا قوة الا بالله انتهى كلامه رحمه الله هكذا تعيش القلوب المؤمنة ابصارا ويقظة وبصيرة تعرف فيها مواقع الخطى وتبصر فيه وزنها وتعرف انها لا يزال امامها طريق واسع ودرب فسيح لان تأخذ نفسها نحو استكمال ما فيها من نقص وقصور وتفريط. هذا الاستكمال يا كرام لن يكون الا بالاخذ بسننه عليه الصلاة والسلام ناقص والله كلنا انا وانت ناقص من لا يزال في حياته مواضع خالية من السنن ناقص والله وهنيئا لمن ابصرته عيناك. او ان وجدت ذلك من نفسك محبا للسنة. باحثا عنها حريصا عليها متمسكا بها اخذا بها لا ينتظر ان يقال له حلال وحرام او واجب ومعصية حسبك ان تدله على ان هذا من سننه صلى الله عليه وسلم لتبصر بعد ذلك الحرص والحب والطاعة والاقتداء التي قد الزم نفسه منازلها واستقام عليها حتى يصل بنفسه وحياته وميزان عمله الى اكمل ما يحب ان يلقى الله تعالى عليه. لما تم كلام المصنف رحمه الله في هذا الباب الاول بفصوله متعددة في وجوب الايمان به صلى الله عليه وسلم. وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم والتحذير من مخالفته او الاحداث في دينه او تبديل سنته صلى الله عليه وسلم عقب ذلك بالباب الثاني الذي نشرع فيه في مجلس الليلة في لزوم محبته صلى الله عليه وسلم المحبة يا كرام وسيلة ام غاية محبتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسيلة او غاية يعني هي بذاتها مقصودة ام هي طريق يوصل الى غيره حبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كلا الامرين هو في ذاته غاية ان تحب نبيك صلى الله عليه وسلم هذا مطلب وهي عبادة تؤجر عليها وهو اصل عظيم من اصول الدين تغرسه في قلبك وتسقيه بماء المحبة لنبيك صلى الله عليه وسلم. ثم هي وسيلة الى امور عظام تقع ورائها ولما رأى المصنف رحمه الله منزلة المحبة اتى بها في هذا الموضع. تحديدا بعد بيان اصل الاصول وهو الايمان والطاعة واوجبوا الواجبات وهو هذا المعنى. فاتى بالمحبة للدلالة على ان الايمان بالنبي صلى الله عليه وسلم له ثمرة هي محبته من عرفه حقيقة احبه صلى الله عليه وسلم وهذه ثمرة عظيمة فما استزاد مسلم من دراسة السيرة والشمائل المحمدية والتعرف على الاخلاق النبوية الا اينعت ثمار المحبة في قلبه لنبيه صلى الله عليه وسلم فاذا المحبة ثمرة المعرفة به عليه الصلاة والسلام. والعلم بسيرته عليه الصلاة والسلام. ومعرفة شأنه وخصائصه عليه الصلاة والسلام وهي في الوقت ذاته يعني المحبة ان كانت ثمرة لذلك فهي بذرة لامر اخر بذرة للطاعة والاتباع والانقياد تريد ان تكون في حياتك اكمل طاعة واتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان كان نعم فيجب عليك ان تكون اكثر حبا بل له صلى الله عليه وسلم لن يقودك الى تمام الطاعة وكمال الاستنان وتمام الانقياد والاقتداء لن يقودك اليه شيء اعظم من حب عظيم توفره في قلبك لنبيك الكريم صلى الله عليه وسلم. وكلما كنت اكثر حبا له كنت اكثر استمساكا بسنته والله واكثر عظا عليها بالنواجذ. واكثر حرصا عليها ان تنزع روحك من جسدك احب اليك ومن ان تفارق سنة من سننه صلى الله عليه وسلم وانت حي تتنفس الهوى. وان تكون السنة في اتباعها البحث عنها والوقوف عليها الذ اليك واحب الى قلبك من متع الحياة باسرها. هذا لا يتحقق ولا يمكن ان يعيشه الانسان الا اذا عمر قلبه بحب عظيم. حب ليس هو عبارة تقال باللسان. هو خفق قلب. هو نبض مشاعر هو اعتصار فؤاد كلنا يعرف ما الحكم. وهو اوضح من ان يعرف هو شعور يعيشه الانسان عندما يحب انسانا مثله. في حب زوجته او اباه او امه او ولدا من اولاده او يحب ما شاء عندئذ يدرك ان المحبة هذه مشاعر قلب قد يتعسر عليه ان يترجم عنها باللسان. او يصفها بالبيان. هي مشاعر تجعله في غاية الفرح والسرور. وربما بكى وربما ضحك وربما اصابه شيء من خليط المشاعر. ليس وراءها الا وقود المحبة التي اشتعل فتيلوها في القلب هذه المحبة التي كلنا يعيش بعض مشاعرها لاي انسان كائنا من كان في هذه الحياة. مطلوب في شعيرة في شريعتنا معشر المسلمين ان نجعل الموضع الاكبر من حب البشر في قلوبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم تلك النصوص في هذا المعنى حديثنا في هذا الفصل بل حديث المصنف رحمه الله ورفع قدره ونور قبره حديثه في هذا الباب بفصوله الاتية هو من اعظم ما يمكن ان تجده. هذا باب في غاية المتعة. سنقضي فيه ان شاء الله تعالى مجالس عدة. هو متعة هذا الكتاب لانها حديث القلب عن حبيب القلب صلى الله عليه وسلم. فما عساه يمكن ان يكون؟ وما تظنون فيه من سطور الشوق والحب الدفين الذي نطقت به النصوص وترجمته حياة اسلافنا الكرام رضوان الله عليهم ستجد حياة عجيبة مدهشة عاشها اسلافنا من الكرام ومن تبعهم من التابعين رضي الله عنهم جميعا كانوا يعيشون فيها معنى الحب الصادق لرسول الله صلى الله عليه وسلم رصدت الروايات ونقلتها في زمن لم تكن فيه العدسات وتلتقط المشاهد. ولم تكن فيه وسائل النقل والتثبت حاضرة لكن الرواية والرصد حفظ قدرا كبيرا من هذا الحب العظيم الصادق الذي عاشه ذلك الجيل العظيم. انطلق هذا الحب في تلك النفوس العظام من نصوص ابتدأ المصنف رحمه الله بسردها. في بيان لزوم المحبة واننا امام حبه عليه الصلاة والسلام لسنا مخيرين. هل هو حب بالاكراه ايجب ان نحبه صلى الله عليه وسلم؟ اي نعم يجب ان تحبه لكن صدقني لن تكره على حبه بل سيكرهك قلبك على ان تحبه. والله متى عرف القلب قدر المصطفى صلى الله عليه عليه وسلم سيجد نفسه منقادا لا محالة الى ان يحب من لا يجب ان يقدم عليه في حب القلب احد. عليه الصلاة والسلام اعني من البشر وعندئذ ستجد ما نأتي به في هذه النصوص هو ما عناه السلف رضي الله عنهم لما ترجموا المحبة بان رأس الطيران الذي يحلق به الطائر. واعمال القلوب على اختلافها من العبادات انحاء كثيرة. فتكون المحبة قاعدته الوسطى لان الخوف والرجاء. الذي لا بد منهما لكل امرئ مسلم في عبادته لربه حبا خوفا ورجاء يقع الحب متوسطا بينهما فالمحبة اذا هي وقود المسير. هي مجداف الابحار وشراع المركب الذي نعبر به بحر الحياة وحياتنا كمركب على على متن البحر فشراعها الذي يمكن ان يدفع به الهواء حتى تستمر في الابحار هو هذا المعنى الكبير والمجداف الذي يحرك به صاحب المركب حتى ينتقل الى الشاطئ الاخر ويعبر بحر الحياة نحو الاخرة انما هو هذا المعنى الكبير. ها هنا حديث في المحبة التي هي نور القلب وبهجة الصدر وانس الفؤاد. ومتعة الارواح ان يكون الحديث عن وقود تحتاجه القلوب في الى الله حبا له وحبا لرسوله صلى الله عليه وسلم حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم هو رأس مال العابدين. ومنهاج المتقين هو وقود حياة الصالحين. الحديث ها هنا يا كرام ليس ترفا ليس مشاعر شاعر ولا خيال اديب. الحديث هنا عن نصوص في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم توجب علينا ان نحيي هذه العبادة في القلوب وينبغي ان يكون حب الله اعظم محبوب في القلب على الاطلاق وان يكون حب رسول الا صلى الله عليه وسلم اعظم محبوب من البشر ينبغي ان يتربع على عرش القلوب عند كل مسلم ومسلمة ثم احبب ما شئت بعد ذلك من زوجة وولد ومال وطعام ومباح من المباحات. احبب ما شئت من امور اياك ها هنا جملة من النصوص ابتدأها المصنف رحمه الله في بيان لزوم المحبة. وانها اصل من اصول وانها شرع عظيم وانها احد القواعد الراسخة في عقائدنا معشر المسلمين ينبغي ان نتحدث عنهم كل حين وينبغي ان نفيض عنه الحديث وان نبثه ونشيعه في الافاق وان يتحدث المسلمون عن انهم امة يتعبدون لله بالحب بحبهم لربهم وحبهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم لا يساومنا غيرنا يا من سائر الامم على وجه الارض اننا امة لا تمتلك من المشاعر رصيدا كافيا. وان ليس لها في القلوب قدرا تنافس به الامم التي تهين في بحر الحب والعشق والغرام. نحن امة نتعبد لله بحبه جل وعلا. نحبه حبا يثيبنا ربنا عليه ونحب نبيه صلى الله عليه وسلم حبا ايضا يثيبنا ربنا عليه. ثم هذا الحب له جل وعلا. والحب لنبيه صلى الله عليه وسلم هو فاتحة الخير. هو بوابة الصلاح والفلاح والسعادة والضياء والاشراق. هي السبق البعيد انما سبق السابقون في طريق الولاية والصلاح والقربة والمنازل الرفيعة في الدنيا والاخرة بقدر ما سبقوا في هذا الباب العظيم لما وقر حب الله في قلوبهم تهاوت امامهم كل صروح الشهوات والشبهات. لما علا صرح المحبة لله ولرسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوبهم عجز الشيطان ان يتسلق اسوارها ليقذف بهم في خندق او حفرة من الشهوات المحرمة والمستنقعات الاثمة اذا هو حصن كبير تأوي اليه قلوب المسلمين. ان يكون حب الله عامرا في قلب العبد. وان يكون حب نبيه صلى الله عليه وسلم مضيئا مشرقا ايضا في قلب العبد. فهو والله بذرة الخير والصلاح. النصوص الاتية في هذا الباب وفي مطلعه كما ساقه المصنف رحمه الله لاجل تأصيل هذا المعنى العظيم الذي تعيشه امة الاسلام في عبوديتها لربها سبحانه وتعالى الباب الثاني في لزوم محبته عليه السلام. قال الله تعالى قل ان كان اباؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله. فتربصوا حتى يأتي الله بامره. والله يهدي القوم الفاسقين. كل هذه المحبوبات في كفة. اجمع كل ما يمكن ان يحبه قلبك. اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم هذا البشر الاقارب بالدرجة الاولى الاباء والابناء والاخوة والازواج والعشيرة ثم قال واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها هذه محبوبات التملك والمال والعقار والارصدة والبنوك والاموال والتجارات والارباح كل ذلك ضم بعضه الى بعض حب البشر من الاقارب والوالدين والزوجة والاولاد والاموال والتجارات كل ذلك اجعله مجموعا. يقول الله عز وجل ان كان ذلك ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا بالله اتجد وعيدا يهز القلوب اقوى من هذا ما الجريمة المقترفة في الاية ليس ارتكاب كبيرة ما جاءت الاية تهدد وعيدا على زنا او ربا او خمر او سرقة على ماذا جاء هذا التهديد والوعيد على حب قدمته في القلب على حب الله ورسوله والجهاد في سبيله ادركت الان عن ماذا نتكلم نتكلم عن قضية عظيمة لها وزنها الثقيل في شريعة الاسلام ان كان كل ذلك ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بامره والله لا يهدي القوم الفاسقين وختم الاية بعدم هداية من وصفهم الله بالفسق اشعار بان هذا مسلك الفسقة. سبحان الله ما تحدثت الاية عن ارتكاب الكبائر ولا الانغماس في المحرمات ولا الوقوع في الشهوات تكلمت عن هذا الكبير لانه تدري متى يقع المسلم العبد المسكين متى يقع في الكبائر تدري متى يستزله الشيطان في الشهوة الحرام عندما يضعف حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم. عندما يطغى حب المال واموال اقترفتموها تجارة تخشون كسادها ومساكن عندما يطغى حبها في القلب عندئذ سيأكل الربا ولا يبالي. ويغش ويكذب ويأكل الحرام وينكر الحقوق ويدفع الاموال بالباطل ويأكلها بالباطل. لانه قد تربع الحب هذا في قلبه فطغى كذلك سيكون الانسان منجرفا الى كل معصية الى كل رذيلة الى كل اثم وخطيئة متى خمدت نار المحبة في قلبه به لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. فالاية تتحدث عن اصل هذا الوعيد القرآني يا امة القرآن ما جاء من فراغ وليس هو تهديدا ووعيدا عظيما الا على امر عظيم والله ان هذه المحبة متى لم تعطى حقها لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام فستكون الجناية الكبيرة ان يكون حب الازواج في القلب اكثر حب الاولاد حب الاباء الاخوة العشيرة الاموال التجارة المساكن السيارات الارصدة كل ذلك ان كان في الحب في في حبه في القلب اكبر ستكون الجناية العظيمة. وتدري من المجني عليه هو انت والله. عندما حب هذه الاشياء في القلب فسكون الخاسر هو صاحب هذا القلب. لانه سيخسر شيئا عظيما. لهذا جاء الوعيد ليهز القلوب والمؤمنة فتبصر ان احبب ما شئت عبد الله وتلك امور ما حرمت ما حرم الاسلام ان يحبها القلب. ما حرم الله ان حب الاباء ولا الابناء ولا الازواج ولا التجارة ولا الاموال كيف يحرمها الله؟ وقد قال سبحانه زين للناس حب الشهوات وقد قال المال والبنون زينة الحياة الدنيا ما حرم الله شيئا فطر القلوب عليه لكن الذي توعدت عليه الاية ان يكون هذا احب فاليكم الكلام على الميزان على المعيار ان يبقى حب هذه المحبوبات بقدرها وان يكون الحب الاعظم والاكبر والقائد والمسيطر في القلب الذي له الحكم والغلبة والامر والنهي هو حب الله حب رسوله صلى الله عليه وسلم فكفى بهذا حظا وتنبيها ودلالة وحجة على الزام محبته. ووجوب فرضها وعظم خطرها واستحقاقه لها عليه السلام. اذ قرع تعالى من كان ماله واهله وولده احب اليه من الله ورسوله واوعدهم بقوله تعالى فتربصوا حتى يأتي الله بامره ثم فسقهم بتمام الاية واعلمهم انهم ممن ضل ولم يهده الله قال القاضي عياض اخبرنا ابو علي الغساني الحافظ فيما اجازنيه وهو مما قرأت قرأته على غير واحد قال حدثنا سراج ابن عبد الله القاضي قال حدثنا ابو محمد الاصيلي قال حدثنا قال حدثنا ابو عبد الله محمد بن يوسف قال حدثنا محمد بن اسماعيل هذا هو الامام البخاري رحمه الله محمد بن اسماعيل والمصنف يسوق الحديث بسنده اليه قال حدثنا يعقوب ابن ابراهيم قال حدثنا ابو علية حدثنا ابن علية قال حدثنا ابن علية عن عبد العزيز ابن صهيب عن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولده ووالده والناس اجمعين. وعن ابي هريرة نحو نعم هذا ايضا من الاصول العظام التي تبين مكانة المحبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم اما في قلب العبد المؤمن يقول عليه الصلاة والسلام والحديث في الصحيحين من رواية انس ومن رواية ابي هريرة ايضا عند البخاري لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولده ووالده والناس اجمعين هذا النفي لا يؤمن اخبار من نبينا صلى الله عليه وسلم بانه لا يتحقق ايمان احدنا حتى يحقق هذا المعنى. وحتى هنا للغاية. فما لم نبلغ الغاية لن نحقق الايمان حتى اكون احب اليه. ما قال حتى يحبني ليس المطلوب مطلق المحبة. بل المطلوب المحبة المطلقة الكاملة حتى اكون احب اليه من ولده ووالده واجمعين ذكر الولد والوالد خصوصا لانهما احب ما يمكن ان يحبه قلب الانسان فالوالد اصله والولد فرعه ولن يحب احد شيئا من الاقارب اعظم من هذين وهما اقرب ما يكون الى الانسان ثم عمم قال والناس اجمعين. ربما احب بعض المحبين شخصا واخر لا يكون ولدا ولا والدا. فجاء النفي مطلقا لقوله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولده ووالده والناس اجمعين اجمعين. طيب اذا احببته عليه الصلاة والسلام اكثر من الولد والوالد. ما ذكر حب النفس هنا في الحديث فهل اذا احببته اكثر من والدي وولدي؟ لكن نفسي ما زالت احب الي. هل اكون حققت الموعود في الحديث؟ سيأتيك رواية عمر الاتي قريبا لما قال عليه الصلاة والسلام حتى اكون احب اليه من نفسه فتحقق من الحديثين معا انه ويجب ان يحب احدنا نبيه صلى الله عليه وسلم اكثر من حبه لنفسه فاذا احبه اكثر من نفسه كان كل المحبوبات تأتي عقب ذلك تبعا له على التوالي. هذا النفي يا كرام لا يؤمن احد حتى اكون احب اليه من ولده ووالده والناس اجمعين. ليس نفيا للايمان الذي يوصل صاحبه الى كفر كلا ليس حكما بالخروج من الملة كلا. ما قال لا يؤمن بمعنى انه قد كفر وخرج من ملة الاسلام. لكن اراد عليه الصلاة والسلام ان تحقق الايمان وكماله لا يتم لقلب عبد حتى يحقق المحبة الكاملة. وقد قال حتى اكون احب اليه من ولده ووالده ليعود في والناس اجمعين وعن انس رضي الله عنه وعنه عليه السلام ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان ان يكون الله ان يكون الله رسوله احب اليه مما سواهما. وان يحب المرء لا يحبه الا لله. وان يكره ان يعود في الكفر كما يكره ان يقذف في النار. فحديث انس رضي الله عنه ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان حديث فيه وقفات مهمة قد لا يتسع ما بقي من مجلس الليلة لعرضها فلعلها ان تكون في مجلس ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. وهذا الباب وما فيه من فصول متتابعة فيها حديث عن هذا الاصل العظيم في محبته صلى الله عليه وسلم. ولعلها مطلع وفاتحة بان يكون احدنا في ليلة جمعته ويوم جمعته يعيش في غبرة معتن. وصلى الله عليه وسلم مستكثرا من الصلاة والسلام عليه فيحوز اجرا ورفعة وصلاة من ربه جل وعلا. يا من يريد مجامع الاحسان ويروم مغفرة من الرحمن ادم الصلاة على الحبيب المصطفى فعليه صلى الله في القرآن فهي السعادة ان اردت سعادة وهي الهدى للفتى الحيران وهي الشفاء للاستقام وذي الظنى وهي الرواء لغلة الظمآن. وبها دنو العبد من محبوبه ووصاله والفوز بالرضوان فابي قد سأل الحبيب عن الدعاء كم منه اجعل للنبي العدنان؟ فاجابه ما شئت. قال الربع بل نصف الدعاء لا بل لك الثلثان. قال الحبيب كما تشاء. وان تزد فلك الهنا بمنازل الاحسان. قال ابن كعب فالدعاء جميعه يهدى اليك من المحب الفاني فاتته من طه الحبيب بشارة توم وتحظى بالغفران صلوا عليه وسلموا كي تسعدوا والاله الواحد الديان. فاللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا ونسألك اللهم علما نافعا ورزقا واسعا وعملا صالحا متقبلا وشفاء من كل داء يا رب العالمين. اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها يا رحمن الدنيا والاخرة ورحيمهما نسألك برحمتك التي وسعت كل شيء ان تهدي قلوبنا، وان تصلح شؤوننا، وان ترحم موتانا، وان تشفي مرضانا، وان تهدي ضالنا وان توفقنا لما تحب وترضى اله الحق يا سميع الدعاء. اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا رجاء ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. الهنا وخالقنا اصرف عنا شر الاشرار. وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار يا رحمن يا رحيم. اللهم فانا بك نحول وبك نصول وبك نجول. ولا حول لنا ولا قوة الا بك انت ولانا فنعم المولى ونعم النصير. نعوذ بك اللهم من زوال نعمتك وتحول عافيتك. وفجاءة نقمتك وجميع سخطك يا ارحم الراحمين ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين