بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. له الحمد في الاخرة والاولى. واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المصطفى ونبيه المجتبى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ائمة الهدى ما ضل بالخبر اليقين وما غوى ابدا ولم ينطق حديثا عن هوى. بل جاء بالغيث فلم يذر شبرا على وجه البسيطة ما ارتوى صلوا بلا شح عليه وسلموا ما لاح نجم في السماء وما وهذه الليلة المباركة ليلة الجمعة حرية بان نملأها صلاة وسلاما على الحبيب المصطفى الله عليه وسلم وهو القائل اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. فان صلاتكم معروضة علي ولعل مجلسنا المبارك هذا في رحاب بيت الله الحرام. ونحن نتصفح كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمة الله عليه لعله ان يكون من خير ما يحمل احدنا على الاستكثار من الصلاة والسلام عليه صلوات ربي وسلامه عليه. وما زال حديثنا موصولا في القسم الثاني من الكتاب في ذكر حقوقه العظيمة على امته صلى الله عليه وسلم وحقوقه عظيمة جليلة وفيرة. وقد تقدم في البابين الاولين ذكره حق قين من الحقوق العظيمة اما اولهما فالايمان به وطاعته واتباع سنته صلى الله عليه وسلم. ومضى ذكر فصول هذا الباب ثم كان ثاني الابواب في الحقوق في ذكر لزوم محبته صلى الله عليه وسلم. وليشرع الليلة في الباب الثالث لذكر حق متجدد من حقوقه صلى الله عليه وسلم وهو تعظيم امره ووجوب توقيره وبره عليه الصلاة والسلام الحمد لله الحمد لله الذي جعل دراسة السيرة النبوية شفاء للقلوب والارواح وسببا السعادة والفلاح وعوضا عن كل ما فات وراح. والصلاة والسلام على نبينا محمد للشمائل الباطنة والفضائل الباهرة الزاهرة وعلى اله واصحابه الاخيار والتابعين لهم باحسان الى يوم القرار اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين اما بعد فهذا هو مجلسنا التاسع والثلاثون بعد المئة من المجالس العامرة في هذه البقعة الشريفة الطاهرة. وباسانيدكم المتصلة كنسيم الرياض. الى بالشفاء للقاضي عياض رحمه الله تعالى قال في الباب الثالث من القسم الثاني في تعظيم امره وبتوقيره وبره. قال الله تعالى يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا مبشرا ونذيرا وقال سبحانه لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتقدروه وتوقروه. هذا الباب الثاني كما اسلفت وهو يأتي بعد بابين ذكر فيهما ترتيب الحقوق له عليه الصلاة والسلام. ذكر في الباب الاول الايمان طاعة والاتباع ثم ذكر في الباب الثاني المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا الباب الثالث في تعظيم امر ووجوب توقيره وبره. تعظيمه صلى الله عليه وسلم يا امة محمد صلى الله عليه وسلم حق نبينا علينا عليه الصلاة والسلام من حقوقه الواجبة علينا احترامه وتعظيمه وتوقيره عليه الصلاة والسلام يقول الامام البيهقي رحمة الله عليه التعظيم اعلى منزلة من المحبة يقول رحمه الله التعظيم اعلى منزلة من المحبة. لان المحبوب لا يلزم ان يكون معظما لان المحبوب لا يلزم ان يكون معظما. كمحبة الوالد لولده فانه يحبه محبة تكريم لا محبة تعظيم بخلاف محبة الولد لابيه. فانها تدعوه الى تعظيمه. ثم قال رحمه الله والرجل يعظم يتمتع به من الصفات العلية ولما يحصل من الخير بسببه. اما المحبة فلا تحصل الا بوصول خير من المحبوب الى من يحبه. انتهى كلامه رحمه الله. يريد ان يقول اننا عندما نعظم شخصا نعظمه لسببين نعظمه لصفات اتصف بها تستحق التعظيم ونعظمه لخير يكتبه الله على يديه فيحصل بسببه يستحق التعظيم. يقول لكن المحبة لن تكون الا من خير يحصل بسببه وصول شيء الى المحب من خلال المحبوب. ولهذا افترقت معنى التعظيم افترق معنى تعظيم عن معنى المحبة هكذا هو معنى تعظيمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ما سيأتي ذكره في الباب الان لاحظ كيف ابتدأ المصنف رحمه الله الباب بذكر النصوص التي وردت في الدلالة على تعظيم المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول الله له انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله اللام للتعليم وهذا نص واضح في المقصد من رسالته صلى الله عليه وسلم لما ارسله الله الله هو الذي قال لتؤمنوا بالله ما ارسله الا لنؤمن به لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه ما ارسله الا لنعزره على ما سيأتي معنى التعزير بعد قليل وهو الاحترام التبجيل والتقدير والنصرة وتوقروه هو ايضا من التبجير والاحترام. يقول الله انه ارسله من اجل ان نؤمن به. من اجل ان نعزره من اجل اي ان نوقره. اذا هذا مقصد جليل من مقاصد ارساله عليه الصلاة والسلام نبيا لامته ان تتحقق فينا هذه المعاني السؤال الان لماذا يعظم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ما الدواعي الى تعظيمه عليه الصلاة والسلام باي شيء استحق العظمة صلوات ربي وسلامه عليه. لمعان كثيرة ولامور عديدة عظيمة ذكرها العلماء تباعا في ذكر جوانب او حوامل المسلم ودوافعه لمحبته وتعظيمه لرسوله الا عليه الصلاة والسلام اقرأ على مسامعكم طرفا من كلام الامام ابن القيم رحمه الله في بيان هذا المعنى لماذا نعظمه الصلاة والسلام بل قل لما امرنا الله بتعظيمه؟ يقول رحمه الله ومما يحمد عليه صلى الله عليه وسلم ما جبله الله عليه من مكارم الاخلاق وكرائم الشيم. فان من نظر في اخلاقه وشيمه صلى الله عليه وسلم علم انها خير اخلاق الخلق واكرم شمائل الخلق فانه صلى الله عليه وسلم كان اعظم الخلق واعظمهم امانة واصدقهم حديثا واجودهم واسخاهم واشدهم احتمالا واعظمهم عفوا ومغفرة وكان لا يزيد شدة الجهر عليه الا حلما. كما روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما. انه قال في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة محمد عبدي ورسولي سميته المتوكل ليس بفظل ولا غليظ ولا سخاب بالاسواق ولا يدفع ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح ولن اقبضه حتى اقيم به الملة العوجاء بان يقولوا لا اله الا الله وافتح به اعينا عميا واذانا صما وقلوبا غلفا. وارحم الخلق وارأف بهم واعظم الخلق نفعا لهم في دينهم ودنياهم وافصح خلق الله وافصح خلق الله واحسنهم تعبدا عن المعاني الكثيرة بالالفاظ الوجيزة الدالة على قال واصبرهم في مواطن الصبر واصدقهم في مواطن اللقاء واوفاهم بالعهد والذمة واعظمهم مكافأة على جميل باظعافه واشدهم تواظعا واعظمهم ايثارا على نفسه واشد الخلق ذبا عن اصحابه وحماية تلهم ودفاعا عنهم واقوم الخلق بما يأمر به واتركهم لما ينهى عنه واوصلوا الخلق لرحمه فهو احق بقول القائل برد على الادنى ومرحمة وعلى الاعادي مارن جلد. صلوات الله وسلامه عليه انتهى كلام ابن القيم رحمه الله وخلاصته انه انما اوجب الله علينا تعظيمه عليه الصلاة والسلام من اجل ما جبله الله عليه من الصفات العليا. ففيه من الصفات ما ارتقى به الى العظمة عليه الصلاة والسلام. عظمة البشر فهو اعظم بني ادم. منزلة ومكانة وخلقا ومرتبة ومناقب حباه الله بها صلوات الله وسلامه عليه. عندما يعظم العظماء لمناصب يعتلونها وحكم وسلطان وجاه فليس شيء في المناصب البشرية اعظم من نبوة يكرم الله بها من شاء من العباد واذا كان العظماء يكرمون بعظيم ما يؤتى احدهم من عقل وفكر وفهم وذكاء فان نبينا صلى الله عليه وسلم كان اسمى من ذلك كله. واذا كان العظماء يعظمون لاخلاقهم وصفاتهم وجميل ما يحمده الناس في فلا احد اعظم ممن قال الله عنه وانك لعلى خلق عظيم. عليه الصلاة والسلام. وبالجملة فاي جانب من جوانب العظمة التي يعظم بها البشر في المنازل ويستحقون بها التعظيم بين الناس في الحياة فان لنبينا صلى الله عليه وسلم اعظم واوفر حظ من تلك العظمة في كل جوانبها. ولهذا وجبت له التعظيم والاجلال والاحترام والتقدير وسائر هذه المعاني من تمام محبتنا له عليه الصلاة والسلام ان تكون محبة مقرونة بالتعظيم والاجلال لان الله قال امنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. كيف نعظمه عليه الصلاة والسلام؟ وما الذي يتحقق به في حياة العبد تعظيمه لنبيه عليه الصلاة والسلام. هذا ما سيأتي في كلام المصنف. وسيورد فيه النصوص. ويسوق فيه اثار السلف. ثم يعطي صفحة مشرقة من تعظيمهم رضوان الله عليهم لنبينا عليه الصلاة والسلام. قبل ان ندخل في تفاصيل هذا الباب المهم لنا جميعا ايها الكرام فانه من اجل الحقوق التي ينبغي ان تستقر في القلوب وان تعيشها النفوس المؤمنة قبل ذلك استشعر رعاك الله ان هذا الباب وما يتبعه من فصول في تقرير تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم انما هو تقرير لتحقيق حق عظيم عظمه رب العزة والجلال. فان الله عظم نبيه عليه الصلاة والسلام. وامر بتعظيمه وتوقيره ونصرته واحترامه واجلاله صلى الله عليه واله وسلم وقد مر بكم في فصول كثيرة عديدة في اوائل الكتاب. كيف اعلى الله شأن نبيه عليه الصلاة والسلام؟ وكيف رفع قدره؟ وكيف فبوأه لمنازل الشريفة الرفيعة. ثم اثبت ذلك في كتابه جل جلاله. ليكون قرآنا يتلى الى يوم القيامة. تتعاقب والاجيال وتتوارد الامم واذا بحقه العظيم وقدره الكريم صلى الله عليه وسلم ثابت يتلى في كتاب الله تحفظه وتتلوه الالسنة ويتلى في المحاريم وتسمعه القلوب قبل الاذان. ليستقر في القلوب معنى كبير من معاني عقيدتنا معشر المسلمين. بدأ المصنف رحمه الله بهذه الاية انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. نعم. قال رحمه الله تعالى وقال تعالى يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله. وقال سبحانه يا ايها الذين امنوا ولا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط اعمالكم ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون. ان الذين يغضون اصواتهم لرسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى. لهم مغفرة واجر عظيم ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون. وقال حالة لا تجعلوا دعاء بينكم كدعاء بعضكم بعضا. فاوجب الله تعالى تعذيره وتوقيره والزم اكرامه وتعظيمه. صلى الله عليه وسلم. اذا هذه ايات سمعتها راعاك الله يأمر الله تعالى فيه اهل الاسلام باحترام وتوقير وتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا الامر كما قال ابن القيم رحمه الله وكل محبة وتعظيم للبشر فانما تجوز تبعا لمحبة الله وتعظيمه كمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه. فانها من تمام محبة مرسله وتعظيمه. فان امته يحبونه لمحبة الله له. ويعظمونه ويجلونه لاجلال الله له. فهي محبة لله من موجب محبة الله وكذلك محبة اهل العلم والايمان ومحبة الصحابة رضي الله عنهم واجلالهم تابع محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم فامر الله عز وجل للعباد امر تعبد والزام باحترام وتوقير رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم تأتيك الايات من القرآن ام تعلمنا الادب كيف نتعامل معه صلى الله عليه وسلم. ادبا نحافظ فيه على معنى التوقير والاحترام والامر كما تقدم في الليالي السابقة ان كان الحديث عن حق يبذله المسلم وفاء لنبيه صلى الله عليه وسلم. فلا تظنن ان المسألة منحصرة في صحبه الكرام رضي الله عنه وان الباب هذا قد اغلق بزوال جيلهم رضي الله عنهم لقد ادوا ما عليهم محبة ونصرة وتوقيرا واحتراما لكنها حقوق واجبة على كل مسلم ومسلمة الى يوم القيامة. وجئت اليوم انا وانت مسلمين فيجب علينا اداء هذا الحق العظيم وان نكون له محبين عليه الصلاة والسلام. ولسنته متبعين طائعين. ولمقامه عظيم موقرين مجلين محترمين اما جيل الصحابة فقد فعلوا ما بوسعهم حتى شهد الله لهم بالرضوان ويبقى علينا معشر المسلمين جيلا بعد جيل التواصي بهذا الاصل وتقريره واحياؤه في النفوس المؤمنة توقيره عليه الصلاة والسلام واحترامه واجلاله اصل من اصول الشريعة. يقول المصنف رحمه الله فاوجب الله وتوقيره بقوله سبحانه لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. قال والزم اكرامه وتعظيمه صلى الله عليه وسلم. نعم قال رحمه الله تعالى قال ابن عباس رضي الله عنهما تعزروه اي تجلوه. وقال المبرر رحمه الله تعزروه تبالغوا في تعظيمه. وقال الاخفش تنصرونه. وقال الطبري تعين وقرأ تعززوه بزائين من العز. نعم. قال ابن عباس تعزروه اي تجلوه وقال المبرد تبالغ في تعظيمه. اعلم رعاك الله ان معنى التعزير اسم جامع للنصرة والتأييد والمنع من كل ما يؤذي. كل شيء يحصر به النصرة والتأييد وحماية من تريد من كل اذى يراد به هذا داخل في معنى التعزير اما التوقير فهو اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الاجلال والاكرام وانه من معاني التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه من كل ما يخرجه عن حد الوقار هذه المعاني التي يشير اليها اهل العلم تبين المعنى الدقيق الفارق بين معنى تعزروه ومعنى توقروه التعزير اذا نصرة وتأييد ودفاع وذب. والتوقير اجلال واحترام. وتوقير ومهابة وانزال المنازل اللائقة بالموقر. والله قد امرنا ان نجمع بينهما. له عليه الصلاة والسلام فقال وتعزروه وتوقروه. قال الاخفش معنى تعزروه اي تنصرونه. وقال الطبري تعينونه. يقول ابن السمعاني ايضا رحمه الله تعزروه اي تعظموه وتوقروه اي تفخموه وتبجلوه. ثم ذكر قراءة من القراءات الشاذة وتعززوه بزائين من العز يعني ان تحفظوا له مكانة يزداد بها اعزازا صلوات الله سلامه عليه قال رحمه الله ونهي عن التقدم بين يديه بالقول وسوء الادب بسبقه بالكلام على قول ابن عباس رضي الله عنهما وغيره وهو اختيار ثعلب. انتقل رحمه الله الى معنى الاية التالية يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله لاحظ ان المفعول في الاية محذوف لا تقدموا ماذا؟ ما ذكرت الاية ما الذي نهينا عن تقديمه ما قال لا تقدموا قولا ولا حكما ولا رأيا حذف المفعول لقصد التعميم. لا تقدموا شيئا قط سواء كان امرا او نهيا او ادبا او ذوقا او عرفا او عادة او هوى كل ما يمكن ان يخطر على البال. لا يجوز تقديم شيء على مراد الله ومراد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نهينا عن التقدم بين يديه بالقول وسوء الادب بسبقه بالكلام على قول ابن عباس وغيره وقال بعضهم لا قدموا شيئا قط ولا تتكلموا قبل كلامه ولا تتحدثوا بين يديه ولا يسبق بالكلام صلوات ربي وسلامه عليه. نعم. قال رحمه الله قال سهل بن عبدالله رحمه الله لا تقولوا قبل ان يقول واذا قال فاستمعوا له وانصتوا معنى قوله سبحانه لا تقدموا بين يدي الله ورسوله. قال لا تقولوا قبل ان يقول واذا قال فاستمعوا له وانصتوا نعم قال رحمه الله ونهوا عن التقدم والتعجل بقضاء امر قبل قضائه فيه. وان يفتاتوا بشيء ان في ذلك من قتال وغيره من امر دينهم الا بامره. ولا يسبقوه به. والى هذا يرجع اولو الحسن ومجاهد والضحاك والسدي والسدي والثوري رحمهم الله. ثم وعظهم وحذر وحذرهم قال فكذلك فقال واتقوا الله ان الله سميع عليم. قال الماوردي اتقوا يعني في التقدم وقال السلمي اتقوا الله في اهمال حقه وتعظيم حرمته انه سميع لقوالكم بفعلكم انه سميع لقولكم انه سميع لقولكم عليم بفعلكم. نعم. كل هذه النقول يا كرام في بيان معنى قول ربنا عز اسمه يا ايها الذين امنوا والخطاب لي ولك وللمؤمنين كافة والله عز وجل من فوق سبع سماوات يؤدبنا بهذه الاداب في سورة الحجرات والتي تسمى سورة الاداب وجاء مطلع هذه الاداب في السورة الكريمة الادب مع الله. والادب مع نبي الله صلى الله عليه وسلم يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله وقد فهمت معنى لا تقدموا ثم جاء الامر واتقوا الله قيل هذا تحذير ووعيد بكل من تجاوز هذا الادب فاغفله ان يتقي يوما يلقى فيه الله فيحاسبه على عدم التزام ما امر الله وقيل معناه اتقوا الله يعني اتقوا ان تتقدموا شيئا. مما حذر الله ونهى فقال لا تقدموا. وقوله ان الله سميع عليم وختم الاية بهذين الاسمين فيهما احياء معنى المراقبة لله اي اعلم عبد الله انه ان هوى بك نفسك فاثرت شيئا وقدمته وزلت القدم وتجرأت النفس فانتبه فان الله سميع عليم جل جلاله والسميع العليم يحيط بافعال العباد. وهو عليهم رقيب. ولاعمالهم حفيظ وهو بهم شهيد لجلاله فاذا اتوا بين يديه ووقفوا للحساب فان الكل معروض والله عز وجل يربط على القلوب المؤمنة تمام الزامي لامره بتذكيرهم بهذا المعنى الكريم لاسمه العظيم جل في علاه قال رحمه الله ثم نهاهم عن رفع الصوت فوق صوته والجهر له بالقول كما يجهر بعضهم لبعض ويرفع صوته وقيل كما ينادي بعضهم بعضا باسمه قال ابو محمد مكي لا اي لا تسابقوه بالكلام. انتقل رحمه الله الى تفسير قوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا اصواتكم فوق صوت النبي. ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ما الادب في هذه الاية؟ الادب في رفع الصوت عذب الله الامة الا يرتفع صوت احدهم على صوت رسول الله. صلى الله عليه وسلم لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ثم قال ولا تجهروا له بالقول. يقول القاضي عياض رحمه الله نهاهم عن رفع الصوت فوق صوته. والجهر له بالقول كما يجهر بعضهم لبعض ويرفع صوته. احدنا اذا حدث صاحبه ناداه وصاح به واذا اراد ان يمازحه دخل ذلك علو صوت وارتفاع في الضحك والكلام والنداء والمسامرة والحديث وكل ذلك من الواسعات في المباح الذي لا حرج فيه. لكنه في مقام الادب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فان هذا مما نهينا عنه قال الله عز وجل يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول. حمل بعض اهل العلم هذا الادب على المعنى الحسي. يعني اذا تكلمت لا يرتفع صوتك فوق صوته. عليه الصلاة والسلام. واذا تحدثت بحضرته او خاطبته لا تجهر له بالقول كما يجهر بعضكم لبعض وحمل بعضهم معنى الاية على الادب المعنوي وان رفع الصوت او الجهر كما يشمل الصوت حقيقة يشمل موقف العبد ومقام السنة ومقام نبيه صلى الله عليه وسلم في فؤادي وفي قرارة لنفسه وانه لا ينبغي ان يعلو شيء فوق مقامه عليه الصلاة والسلام عندك. فاذا حدثتك نفسك وهواك وداخلك بامر تعلم تماما انه خلاف هديه عليه الصلاة والسلام. ثم قدمته فقد رفعت صوت نفسك وهواك فوق صوته عليه الصلاة والسلام وجعلته مقدما مطاعا واثرته وهذا كله مما حذر اهل الاسلام منه. قال رحمه الله وقيل كما ينادي بعضهم بعضا باسمه لا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض. كما ينادي بعضكم بعضا باسمه ويناديه يقول مقاتل الله في تفسير الاية لا تسموه اذا دعوتموه يا محمد ولا تقولوا يا ابن عبد الله ولكن شرفوه فقولوا يا نبي الله يا رسول الله. هذا الادب الذي يأتي من فوق سبع سماوات احيانا هو لادب عظيم. والله لو كان امرا يسيرا ولو كان في الشريعة لوزن له ما نزل به وحي من القرآن يتلى. ولا بعث الله به امين الوحي جبريل عليه السلام. ليثبتها في اية تتلى الى يوم القيامة فاعلم انه طالما نزل بها الوحي فهو امر عند الله عظيم. وهذا الادب مع النبي صلى الله عليه وسلم مما ينبغي التواصي به والحرص عليه والتزامه. نعم قال رحمه الله تعالى قال ابو محمد مكي اي لا تسابقوه بالكلام وتغلظوا له بالخطاب ولا اتنادوه باسمه نداء بعضكم لبعض؟ ولكن عظموه ووقروه ونادوه باشرف ما يحب ان ينادى به به يا رسول الله يا نبي الله وهذا كقوله تعالى في الاية الاخرى لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا على احد التأويلين وقال غيره لا تخاطبوه الا مستفهمين. لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا. يعني كما ينادي احدكم صاحبه كيف يناديه؟ يناديه فيرفع صوته ليسمعه. مثل هذا لا يقال في الادب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. احدنا اذا نادى صاحبه نادى باسمه المجرد يا فلان ولا يفعل هذا في الادب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. الله يقول ولا تجهروا له بالقول جهر بعضكم لبعض ويقول في اية النور لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا. وقيل في المعنى الثاني من الاية اي لا تخاطبوه الا مستفهمين يعني عندما يخاطب احدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فان من الادب ان يتكلم معه كما يتكلم الولد مع ابيه والتلميذ عند استاذه اترى كيف يفعل احدهم؟ عندما يريد ان يناقشه لا يتكلم الا مستفهما. يعني وجهوا خطابه على صيغة سؤال يظهر فيه ذل التعلم امام عز المعلم. وذل الولد امام عظمة الاب. هكذا ينبغي ان يكون الادب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لانه في مقام الاب وليس لانه في مقام المعلم بل يقول الحليمي الشافعي رحمة الله عليه كلاما جميلا وحاصله قوله رحمه الله فمعلوم ان حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم اجل واعظم واكرم والزم لنا واوجب علينا من حقوق السادات على مماليكهم والاباء على اولادهم لان الله تعالى انقذنا به من النار في الاخرة وعصم به لنا ارواحنا وابداننا واعراضنا واموالنا واهلينا واولادنا في العاجلة. وهدانا به كما اذا اطعناه ادانا الى جنات النعيم. فاية نعمة تواسي هذه النعم. واية منة تداني هذه المنن يقول رحمه الله ثم انه جل ثناؤه الزمنا طاعته وتوعدنا على معصيته بالنار ووعدنا باتباعه فاي رتبة تضاهي هذه الرتبة؟ واي درجة تساوي في العمل هذه الدرجة؟ فحق علينا اذا ان نحبه صلى الله عليه وسلم. ونجله ونعظمه صلى الله عليه وسلم. وانهابه اكثر من اجلال كل عبد سيده وكن لولد والده. وبمثل هذا نطق الكتاب. ووردت اوامر الله جل ثناؤه. قال الله عز وجل الذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون اخبر ان الفلاح انما يكون لمن جمع الى الايمان به تعذيره. ولا خلاف في ان التعزير ها هنا التعظيم. وقال سبحانه انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. قال فابانا ان حق الله صلى الله عليه وسلم في امته ان يكون معزرا موقرا مهيبا. ولا يعامل والمباسطة كما يعامل الاكفاء بعضهم بعضا يقول ابن القيم رحمه الله كان السلف الطيب الصالح يشتد نكيرهم وغضبهم على من عارض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي او قياس او استحسان او قول احد من الناس كائنا من كان ويهجرون فاعل ذلك وينكرون على من يضرب له الامثال ولا يسوغون غير الانقياد له والتسليم والتلقي بالسمع والطاعة ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتى يشهد له عمل او قياس او يوافق قول فلان وفلان بل كانوا بقوله وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم. وبقوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما وحاصلوا مساق المصنف هنا رحمه الله. في ذكر تفسيرات هؤلاء من اهل العلم. في معنى لا تجهروا له بالقول. في معنى لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي. يحمل هذا الادب الكبير. ويعود السؤال مرة اخرى. لا ترفعوا اصواتكم لا تجهروا له بالقول اهذا خاص بصحابته؟ وزمن حياته صلى الله عليه وسلم؟ لانه لا يتأتى لنا مناداة والجهر بين يديه ولا رفع الصوت فوق صوته. قال اهل العلم بل هذا متحقق في الامة من بعده. فاذا سمع حديثه صلى الله عليه وسلم يغظ الصوت في مجلسه واذا قرأ امره ونهيه صلى الله عليه وسلم ان قادت القلوب ادبا واحتراما وخضوعا واستسلاما وانقاد الاذان الصاغية استقبالا واجلالا واكبارا لحديث وسنة وهدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم نعم. قال رحمه الله تعالى ثم خوفهم الله تعالى بحبط اعمالهم انهم فعلوا ذلك وحذرهم منه قوله سبحانه ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون. ارأيتم عظمة هذا الامر وفداحته في ميزان الشريعة رفع الصوت فوق صوته عليه الصلاة والسلام طريق يؤدي الى حبوط العمل والعياذ بالله ما هو هذا هل بلغ الامر بصاحبه ان يخسر عمله وايمانه ثم يأتي يوم القيامة لا رصيد له من الطاعات لاي شيء تدري ليس لانه سجد لغير الله. ولا لانه اشرك بالله لكن لانه اساء الادب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع الصوت فوق صوته وجهر له بالقول كجهر بعضنا لبعض. يقول الله ان تحبط اعماله. حذار ان يفعل هذا مسلم فيقع فيما الله منه ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون. كم كان لهذه الاية وقع في نفوس الصحابة رضي الله عنهم؟ والله منها قلوبهم وخاف بعضهم ان عمله وهو بين يديه صلى الله عليه وسلم من حيث لا يشعر ويخشى ان يكون في كلامه وحديثه وحواره ومخاطبته ومناجاته قد يرتفع صوته فيقع فيما حذر الله هذا مع تمام سلامة قلوبهم رظي الله عنهم. وحسن مقاصدهم رضي الله عنهم. وصدق ما حملته نفوسهم من للنصرة والايمان والتعظيم والوفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فلنحن من بعدهم في الامة اولى والله. بهذا الخوف والحذر ان تصيبنا الاية من حيث لا نشعر. وان نقع في هذا المحذور من غير ان ينتبه احدنا. يسوق المصنف طرفا مما كان السلف في نزول هذه الاية. نعم. قال رحمه الله تعالى وقيل نزلت الاية في وفد من بني تميم وقيل في غيرهم اتوا النبي صلى الله عليه وسلم فنادوه يا محمد يا محمد اخرج الينا فذمهم الله تعالى بالجهل ووصفهم بان اكثرهم لا يعقلون. في قوله تعالى ان الذين ينادونك من وراء لحجرات اكثرهم لا يعقلون ولو انهم صبروا حتى تخرج اليهم لكان خيرا لهم. والله غفور رحيم قيل انهم كانوا من البادية قوم اعراب وليسوا من صحابته ممن عاش بين يديه وتربى على يديه وعرف الادب في التعامل معه صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فالادب هو الادب ولو كان المخاطب ها هنا قادم من البادية لم يتعلم ولم يفقه ولم يفطن الى مثل تلك المراتب في الادب. لكنه في مقام التعامل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبغي ان يبقى هذا الادب محفوظا. قال الله ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون. قال المصنف وصفهم بالجهل وان اكثرهم لا يعقلون. هذا لانهم جاؤوا فقالوا يا محمد يصيحون باصواتهم وهو عليه الصلاة والسلام داخل الحجرة في بيته فاتوا وقالوا يا محمد اخرج الينا وهذا يقال كما يفعل احدنا اذا جاء باب انسان يناديه يريد لقاءه ومقابلته طرق الباب صاح به يا فلان او يا ابن فلان او يا ابا فلان انا بالباب اخرج الي اريدك اقابلك احدثك. كل هذا ان كان يصوغ بيننا وبين بعضنا لكنه لا يسوغ ادبا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله تعالى وقيل نزلت الاية في محاورة كانت بين ابي بكر وعمر رضي الله عنهما بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم واختلاف جرى بينهما حتى ارتفعت اصواتهما. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما. عن ابن ابي مريكة رضي الله عنه قال كاد الخيران ان يهلكا. من الخيران؟ ابو بكر وعمر؟ ابو بكر وعمر يقول كاد الخيران ان يهلكا ابو بكر وعمر رضي الله عنهما لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفد بني تميم اشار احدهما بالاقرع بن حابس التميمي الحنظلي اخي بني مجاشع. واشار الاخر بغيره يعني اشار ابو بكر باحدهم من الوفد ان يكون متحدثا بين يديه عليه الصلاة والسلام. واشار عمر برجل اخر فاختلف الرأيان في ترشيح رجل من الوفد ان يكون متحدثا متكلما فقال ابو بكر لعمر انما اردت خلافي. قال عمر ما اردت خلافك؟ فارتفعت اصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون. الى قوله سبحانه ان الذين يغظون اصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة واجر عظيم قال ابن ابي مليكة قال ابن الزبير فكان عمر بعد اذا حدث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث حدث كاخي السرار لم يسمعه حتى يستفهمه بعد ان نزلت الاية كان لا يتحدث الا كما يحدث الرجل بالسر لصاحبه. حتى يحتاج النبي عليه الصلاة والسلام الى معاودة السماع فهي استفهام ماذا قلت؟ اعد الكلام حتى يسمع منه ما قال هذا الادب ان كان يتأدب به ابو بكر وعمر فبالله ماذا عني وعنك عبد الله ان كان هؤلاء الكبار السادة وهم قمران في سماء الامة المحمدية يرون ان الاية تخاطبهم فماذا عني وعنك نحن اولى والله يا كرام ان تمتلئ دواخلنا بهذا الادب الكريم للنبي العظيم صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله وقيل نزلت في ثابت ابن قيس ابن شماس خطيب النبي صلى الله عليه وسلم في مفاخرة بني تميم وكان في اذنيه صمم فكان يرفع صوته. فلما نزلت هذه الاية اقام في منزله وخشي ان يكون حبطا عمله ثم اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله لقد خشيت ان اكون هلكت. نهانا الله ان نجهر بالقول وانا امرؤ جهير الصوت. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم. يا ثابت اما ترضى ان تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل جنة وقتل رحمه الله ورضي عنه يوم اليمامة. ثابت ابن قيس ابن شماس خطيب النبي صلى الله عليه وسلم كما كان حسان ابن ثابت شاعر النبي صلى الله عليه وسلم. ومعنى ان يكون خطيب النبي صلى الله عليه وسلم انه المتحدث بين يدي الوفود اذا اقبلت فانه من المفاخر اذا اقبلت وفود العرب على بعضها ان يقوم قائمهم وخطيبهم متحدثا في ظهر الوفد الاخر فصاحة هذا الوفد وبلاغته ورجاحة عقله من خلال حديث خطيبهم فتخيل ان يكون ثابت ابن قيس خطيب النبي صلى الله عليه وسلم وكان جهير الصوت رضي الله عنه فاذا تحدث كان لصوته ارتفاع وقيل ان سبب ذلك ضعف في اذنيه لا يسمع فيحتاج اذا تكلم ان يرفع صوته وعلى كل حال فلما نزلت الاية لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون بقي رظي الله عنه واحتبس في منزله فما خرج واقام وافتقده النبي عليه الصلاة والسلام فلما سئل قال اخشى يا رسول الله ان اكون هلكت. نهانا الله ان نجهر بالقول وانا امرؤ الصوت يخشى رضي الله عنه اذا اتى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم فتكلم كعادته ولا يقصد رفع صوته لكن لان جهير الصوت يخشى ان يقع فيرتفع صوته ويعلو فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بشره النبي صلى الله عليه وسلم بهذه البشارة اما ترضى ان تعيش حميدا وتقتل شهيدا؟ وتدخل الجنة فكان شهيدا في يوم اليمامة رضي الله عنه في حروب الردة. الحديث ساقه المصنف رحمه الله ها هنا من طريق ابن جرير الطبري وهو في الصحيحين بمعنى الحديث الذي اورد المصنفون رحمه الله. قال رحمه الله وروي ان ابا بكر رضي الله عنه لما نزلت هذه الاية قال والله يا رسول الله لا اكلمك بعدها الا كاخي السرار وان عمر رضي الله عنه كان اذا حدثه حدثه كاخي السرار ما كان يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا بعد هذه الاية حتى يستفهمه فانزل الله تعالى فيهم ان الذين يغضون اصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة واجر عظيم. اما اثر ابي بكر رضي الله عنه انه كان قال لا اكلمك بعدها الا كاخي السرار فلا صحوا عنه رضي الله عنه لكنه عن عمر ثابت كما مر بكم في حديث الصحيحين لما اختلف هو وابو بكر رضي الله عنهما فارتفعت اصواتهما فكان لا يحدثه الا كاخي السرار يعني كما يحدث الرجل بالسر صاحبه حتى يسمع ما كان يسمع النبي صلى الله عليه وسلم حتى يستفهمه. هذا الادب يا كرام الذي ادب الله به صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجدت مواقفهم هذا ابو بكر وعمر وثابت ابن قيس وغيرهم من الصحب الكرام رضي الله عنهم. حمل الصحابة هذا الادب فادبوا به من بعدهم في الصحيحين من حديث عمر رضي الله عنه كما روى البخاري في الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه بل في قصة عمر رضي الله عنه لما كان في المسجد وقد روى الحديث بعض اصحابه انهم كانوا ذات يوم في مسجده صلى الله عليه وسلم قال فما علمت الا باحد يحسبني. يقول السائب ابن يزيد كما في رواية البخاري. كنت قائما في المسجد فحصبني رجل يعني ضمان بحصباء المسجد. فنظرت فاذا هو عمر بن الخطاب فقال اذهب فاتني بهما واشار الى رجلين قال فذهبت فجئته بهما فقال من انتما فقال من الطائف او قال من اهل الطائف فقال لو كنتما من اهل البلد لاوجعتكما ترفعاني اصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الادب ادبوا به الناس في مسجده عليه الصلاة والسلام. فلا يقبل احدهم ان يرفع الصوت وهو بجوار قبره عليه الصلاة والسلام فيدخل في الاية لا ترفعوا اصواتكم. يقول الشيخ الامين الشنقيطي رحمه الله ومعلوم ان حرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كحرمته في ايام حياته صلى الله عليه وسلم. يقول واسمع رعاك الله يقول وبه تعلم ان ما جرت به العادة اليوم من اجتماع الناس قرب قبره صلى الله عليه وسلم في صخب ولغط واصواتهم مرتفعة ارتفاعا مزعجا كله لا يجوز ولا يليق واقرارهم عليه من المنكر ورأى رحمه الله انه من الادب يا قوم اذا اتى احدنا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان في الروضة او امام الحجرة للسلام والزيارة او اتى للصلاة ان يشعر انه قرب قبره وهو صلى الله عليه وسلم فيه فالادب الادب واذا ادب الله صحابته بعدم رفع الصوت فنحن اولى اذا نحن بجوار قبره عليه الصلاة والسلام في مسجده اولى بعدم رفع الصوت. ويتأكد هذا اذا اشتد الزحام. وتكاثر الناس للسلام واتوا بين الفروض يعبرون من امام الحجرة لالقاء السلام. فيكون من الزحام والمدافعة فحذاري عبدالله ان يشغلك شيء عن هذا الادب في ذلك المقام. وانت تلقي السلام عليه صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه رضي الله عنهما والمقصود انه ادب لا يزال باقيا. لم ينتهي بانتهاء جيل الصحابة رضي الله عنهم. ولا يزال احدنا يتأدب به ويؤدي به اولاده واهل بيته والناس من حوله. فاذا سمعت صوتا مرتفعا حولك عند مسجده وفي روضة وقرب قبره صلى الله عليه وسلم فقل لاخيك تأدب رعاك الله فهذا قبره عليه الصلاة والسلام والله امرنا بالادب عنده وعدم رفع الصوت وغض البصر وغض الصوت عنده عليه الصلاة والسلام قال رحمه الله تعالى وقيل نزلت ان الذين ينادونك من وراء الحجرات في غير بني تميم نادوه وباسمه وروى صفوان بن عساف رضي الله عنه بينما النبي صلى الله عليه وسلم في سفر اذ ناداه اعرابي بصوت له جهوري. ايا محمد ايا محمد؟ فقلنا له اغضض من صوتك. فانك قد نهيت عن عن رفع الصوت. اخرجه الترمذي والنسائي وصححه الترمذي. وهو في السياق نفسه سواء كان سبب النزول وافتوا بني تميم او حادثة ابي بكر وعمر او غير ذلك. فان القصة هنا انهم كانوا في سفر فناداه اعرابي بصوت جهوري ايا محمد ايا محمد وحتما ما اراد برفع صوته الا الاسماع. لانهم في سفر والمكان مفتوح والصوت يذهب في الفضاء فاذا ترفع صوتك لاسماع من تنادي لم يكن قصدك اساءة الادب ولا انتقاص المنادى برفع الصوت لكنه يراد ايصال الصوت حتى يدركه فيسمع النداء. ومع ذلك قالوا اغضب من صوتك فانك قد نهيت عن رفع الصوت فما الذي يفعله احدهم اذا؟ يبقى متأدبا بهذا الادب. واذا اراد مناداته او اللحاق به او الحديث معه صلى الله عليه وسلم يبقى الادب ادبا. بغض الصوت عنده وعدم الجهر او رفع الصوت فوق صوته عليه الصلاة والسلام قال رحمه الله تعالى وقال الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تقولوا راعنا قال بعض المفسرين هي لغة كانت في الانصار نهوا عن قولها تعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم وتبجيلا له. لان معناها ارعنا نرعى فنهوا عن قولها اذ مقتضاها كأنهم لا يرعونه الا برعايته لهم. بل حقه ان يرعى على كل حال وقيل كانت اليهود تعرض بها النبي ابيها للنبي صلى الله عليه وسلم بالرعونة فنهي المسلمون عن قولها قطعا للذريعة ومنعا للتشبه للتشبيه بهم في قولها لمشاركة اللفظ وقيل غير هذا في الاية التي ختم بها المصنف رحمه الله هذا الفصل يا ايها الذين امنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب اليم. هذا دب اخر الا يقول للنبي عليه الصلاة والسلام راعينا ذكر الصنف رحمه الله هنا معنيين احدهما انها كلمة كانت الانصار تقولها في كلامها. وانها تقصد معنى راعنا انه يقول احدهم للاخر راعني اي اعطني رعايتك واهتمامك حتى اعطيك مثلها كانما تقول له احترمني وقدر مقالتي حتى اقابلك بمثل ذلك فكان النهي ها هنا لان هذا لا يليق. وحق النبي صلى الله عليه وسلم ان يراعى وان يحترم على كل حال لا على سبيل المقابلة ولا المقايضة وانه راعنا نرعك ابدا بل المراعاة له صلى الله عليه وسلم على كل لحال فكان هذا احد الوجوه المحتملة للنهي في الاية لا تقولوا راعينا وذكر المصنف في المعنى الثاني انها كلمة كانت تقولها اليهود تعريضا بالنبي صلى الله عليه وسلم والرعونة هي الحماقة هي الصلف هي شيء من الهوج الذي يقع فيه الجاهل بطيشه فيقال له ارعن في اللغة وانهم استخدموا الكلمة تعريظا واتوا بحروف مقاربة لها فاذ يقول راعنا انهم يجعلون في طي هذه الكلمة مذمة له صلى الله عليه وسلم. وشيئا من القدح لا يستطيعون التصريح به فيستعملون هذا المعنى المبطن. فلما كانت المعنى في الكلمة تحتمل هذا الايراد الذميم الذي كان اليهود قبحهم الله يفعلونه نهي المسلمون عن ذلك قطعا للذريعة وعدم تشبه بهم في كلمة يستعملونها وان كانوا يقصدون بها المعنى الذميم والصحابة لا يريدون ذلك قطعا لكن تغلق هذا الباب لينتهي دابر الامر وتبقى الكلمة ممنوعة. وان شاركوهم في اللفظ وقيل غير هذا. ولهذا جاء في اية الم ترى الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون ان تضلوا السبيل والله اعلم باعدائكم وكفى وليا وكفى بالله نصيرا. ثم ذكر الله عز وجل عنهم تحريف الكلم. عن مواضعه وانهم يقولون راعينا. وجعل هذا من تحريفهم للكلام وان السوء الذي يفعلونه بهذا القصد انما هو لخبث نفوسهم. وفساد معتقدهم وحقد صدورهم فنهى الله عن ذلك اهل الاسلام. فذكره صنيعا لليهود اولا. وذكره في سورة البقرة ادبا بالنهي عنه. يا ايها الذين امنوا لا تقولوا راعينا النهي ها هنا هو ادب ولا يزال متعلقا بادب الخطاب والكلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. كل هذه الاداب القرآنية التي ادب الله بها امة الاسلام هي لتوفير حق اكبر من الاحترام والتقدير هابتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم اقول فاذا كان هذا الادب القرآني الذي جاءت به النصوص ادب عبارة وادب كلام وادب لسان. ومع هذا يأتي في قرآني واضحا جليا لتأدب الامة به فما ظنكم عباد الله؟ ما ظنكم اهل الاسلام؟ ما ظنكم امة محمد صلى الله عليه وسلم بما هو فوق ذلك من الادب معه. من الادب مع سنته من الادب في احترام ما جاء به صلى الله عليه وسلم الادب مع حديثه وسنته ومع امره ونهيه ومع الاستقامة على شريعته اجل اعظم ان كانت العبارة وقولة اللسان واللفظة بالكلام يحاسب عليها القرآن. والله عز وجل يتوعد العباد اذا تجاوزوا الادب في خطابهم وكلامهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فما ظنك بالادب عند احترام سنته وتعزيرها وتوقيرها وتبجيلها عند اعلاء راية السنن والفخر بها والدعوة اليها وحث الناس عليها. ما بالك بمن اساء الادب في الكلام معه صلى الله عليه وسلم. وارتفع صوته والله يتوعده ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون فما ظنكم بمن يسيء الادب مع سنته صلى الله عليه وسلم انتقاصا بها واستخفافا واحتقارا واستهزاء بها او بمن يطبقها ويفعلها ويقتدي بها. حذاري يا كرام. باب السنة في الشريعة شريف جليل عظيم. واحترام مطلب والادب مع النبي صلى الله عليه وسلم على كل حال جاء في القرآن والسنة موفورا. وهذا فصل سيعقب به في كلام المصنف رحمه الله نماذج لاقوال السلف وعباراتهم من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم لاظهار كيف عاشوا هذا المعنى تعظيما وتوقيرا لسنته ولقوله عليه الصلاة والسلام نأتي عليها تباعا في ليالي الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى الا استكملوا ليلتكم بمثل ما استفتحتموها من كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم مستشعرين حقه العظيم وقدره الكريم صلوات ربي وسلامه عليه قاصدين بالصلاة عليه علو الدرجات وتكفير السيئات وصلاة ربكم عليكم من فوق سبع سماوات واضاءت بك الدنيا فعشت ممجدا وغبت عن الدنيا وما زلت سيدا عليك سلام الله في كل خفقة وقد ماتت الاسماء الا محمدا. فاللهم صلي وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين اللهم اكتب لنا من خيرات الدنيا والاخرة ما ترضى به عنا وترفع به درجاتنا وتكفر بها عن سيئاتنا. ربنا اتنا في الدنيا حسنة سنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد. وعلى اله صحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين