بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. تتابعت الائك وتكاثرت نعماؤك فلك الحمد حتى ترضى ولك الحمد اذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا. سبحانك وبحمدك لا نحصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. جل جلاله وتقدست اسماؤه واشهد ان سيدنا ونبينا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله. امام الانبياء وخاتم المرسلين وحبيب الله وصفوته من خلقه اجمعين. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته والتابعين ان تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد فها هي ذي ليلة الجمعة اقبلت. لتقبل معها اشواق المحبين صلاة وسلاما نبيهم صلى الله عليه وسلم. صلاة وسلاما تمتلئ بها القلوب محبة وتنبض ايمانا. وتزدان بها حائف نورا واشراقا بالصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. تزداد القلوب محبة لحبيبها عليه الصلاة والسلام. وتقترب الافئدة من نبيها صلى الله عليه وسلم. وهي تستشعر بالصلاة والسلام عليه صلى الله وعليه وسلم مزيدا من الوفاء واداء لحقه العظيم عليه الصلاة والسلام. بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم تزدان النفوس وتشرق الارواح وربها عز وجل يصلي عليها بصلاتها على نبيها صلى الله عليه وسلم من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. وما زال مجلسنا هذا ايها الكرام في مدارسة كتاب الشفاء. بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمة الله عليه احد احد العمل الصالح احد الاعمال الصالحة التي نتقرب بها الى ربنا في مجلس علم وبانتظار الصلاة الى الصلاة في رحاب بيت الله الحرام وفي ليلة الجمعة نستكثر فيها من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. ايها المباركون الايمان بنبينا عليه الصلاة والسلام اول الحقوق الواجبة له التي صدر بها المصنف رحمه الله تعالى هذا القسم الثاني من الكتاب. ثم كان الحديث عن محبته صلى الله عليه وسلم في ثاني ابواب هذا القسم باعتباره ثاني الواجبات على امته له صلى الله عليه وسلم ثم وقف البنى الحديث في الباب الثالث عند التعظيم والتوقير والاحترام لتؤمنوا بالله ورسوله عزروه وتوقروه ثم كان الحديث عن الادلة التي دلت على وجوب احترام المسلمين لنبيهم عليه الصلاة والسلام وتعظيمهم لجنابه صلى الله عليه وسلم وتعظيم امره ونهيه تبعا. تعظيما لما امرنا الله عز وجل تعظيمه وقد عظم الله شأنه واعلى قدره عليه الصلاة والسلام. تعظيما لا يتم لنا الايمان الا به وهو احد مقاصد رسالته وبعثته عليه الصلاة والسلام. وقد قال الله عز وجل انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. فكان التعزير والتوقير على ما تقدم في السابق ليلة الجمعة الماضية ان التعزير اسم جامع لنصرته وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه عليه الصلاة والسلام وان التوقير هو الاسم الجامع الذي يشمل كل وجوه الاجلال والاكرام والتشريف والتعظيم لمقامه عليه الصلاة والسلام تعظيم وتوقير جاء به المصنف في ثالث الابواب لبيان حق عظيم من حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وسيرا على منهاج السلف رحمة الله عليهم ورضي عنهم وسلك بنا سبيلهم. فانهم كانوا على اعلى هذا اقام اداء للحق العظيم في التوقير والاحترام والاجلال لنبينا صلى الله عليه وسلم. وقد جعل رحمه الله الفصل التالي الذي نتدارسه في مجلس الليلة في بيان هذا المنهج الذي سلكه اسلافنا الاوائل من الصحابة رضي الله عنهم في بيان مواقفهم الممتلئة توقيرا واحتراما واجلالا وتعظيما لنبينا عليه الصلاة والسلام. نقرأ هذه الاخبار ونمر على تلك الاثار نقتفي اثارها ونتعلم من منهاجها ونقف على هدي السلف الاول من صحبه عليه الصلاة والسلام. وتربى على يديه وعاش نزول الوحي وفهم مراد الله وعلموا كيف يعظمون امر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكيف ينصرونه صلى الله عليه وسلم؟ وكيف يوقرونه هو يحترمونه عليه الصلاة والسلام. وهذا الفصل مهم لي ولك عبد الله. لاننا اذ نعلم ونسمع وندرك امر الله لنا بالتوقير والاحترام والتعظيم والاجلال لرسول الله صلى الله عليه وسلم. تأتي هذه الاخبار لتوضح لنا المنهج وتكشف لنا السبيل وليقتدي المؤمن المحب لنبيه عليه الصلاة والسلام بمنهاج الصحابة رضي الله عنهم في بيان هذا المعنى العظيم واداء هذا اجب الكريم. انها صفحة مشرقة في حياة سلف الامة. وهي منارة شامخة يقتدي بها كل من جاء بعدهم فكل من رام التعظيم الاتم والاحترام الاجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فلينظر كيف صنع الصحابة رضي عنهم وكيف عاشوا حياتهم وتقف ها هنا على اخبار تزيدك دهشة وعجبا ان احدهم رغم صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورغم معايشتهم له واختلاطهم به واذهابهم واتيانهم واكلهم وشربهم وجهادهم وسفرهم وارتحالهم وصلاتهم معه عليه الصلاة والسلام الا ان مزيد الالفة هذا الذي كان بينهم وبينه صلى الله عليه وسلم ما زادهم في مقام الاحترام الا احتراما. ولا جعلت الخلطة والالفة تعاملهم معه صلى الله عليه وسلم الا على مزيد من الاجلال والتوقير والاحترام. على خلاف ما يكون بيننا معشر البشر. فان احدنا قد يألف اخر فمن شدة الفه له تزول كثير من امارات ومعالم الاجلال والاحترام على سبيل التبسط وتيسر المعاملة فترتفع الكلفة ويزول كثير من عوامل الهيبة والاجلال لكن الصحب الكرام رضي الله عنهم على مدى صحبتهم له صلى الله عليه وسلم يستوي في ذلك متقدمهم ومتأخرهم في الاسلام. وسابقهم واخرهم في الاسلام كانوا جميعا على حد سواء في عظيم التعظيم له صلى الله عليه وسلم. وفي تمام الاحترام له صلى الله عليه وسلم وفي اكمل الاجلال لمقامه الكريم صلى الله عليه وسلم. صدقا والله قوم وعت قلوبهم كلام الله. وادركوا الله فعاشوا حياتهم وفق ما يريد الله جل جلاله. وكان من ذلك عظيم شأنهم رضي الله عنهم. مع نبيهم صلى الله عليه سلم فان ضربت مثال للحب الاكمل له عليه الصلاة والسلام فلا تتجاوز جيل الصحب الكرام رضي الله عنهم. وان اردت ضربة اروع الامثلة في الفداء والتضحية والطاعة والامتثال او في الاحترام والاجلال ستجده اكمل ما يكون في حياة هذا الجيل المبارك اخي الكريم الذي اصطفاه الله ليكون صاحبا لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم. هذا الفصل الذي ساق فيه رحمة الله عليه طرفا من اثار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وارضاهم ليكون من ليكون معلما ليكون مرآة نبصر فيها احوالنا. ونكرر ما تكرر في المجلس السابق مرارا. ان التعظيم والاحترام والاجلال شيء لم يتفرد به الصحابة رضي الله عنهم. ولا امروا به وحدهم بل الامر لهم وللامة من من بعدهم الى يوم القيامة غير ان ما كان عليهم قد ادوه. فضرب به المثل وحفظه التاريخ. وشهد الله عز وجل لهم بالرضوان ويبقى الواجب المناط بي وبك عبدالله من الايمان والاحترام والطاعة والاجلال له صلى الله عليه وسلم وادى وفق ما امر الله جل جلاله. فبدأ المصنف رحمه الله بفصل فيه صنيع الصحابة رضي الله عنهم ليثني بتعظيم النبي عليه الصلاة والسلام بعد مماته كما هو الواجب الذي جاءت به نصوص الشريعة في هذا الباب حمدا لمن شفى بالسنة النبوية الغراء والسيرة المصطفوية الزهراء قلوبا من الهلكة على شفا ووفق من احبهم فعرفهم قدر حبيبه المصطفى واجتباهم للقيام بحقوقه كما قام به اهل الوفاء. فهم في رياض سيرته العطرة ينعمون وفي حياض محبته النضرة يحضرون. صلى الله عليه وعلى اله واصحابه الابرار لهم باحسان الى يوم القرار. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه جميع المسلمين اما بعد فهذا هو المجلس الاربعون بعد المئة من المجالس العامرة في هذه البقعة الطاهرة الشريفة وبيسانيدكم المتصلة ورواياتكم المتسلسلة الى كتاب الشفا للقاضي بالفضل عياض ابن موسى ليحصبي رحمه الله تعالى قال في الباب الثالث في تعظيم امره ووجوب خيره وبره فصل في عادة الصحابة في تعظيمه عليه السلام واجلاله عليه السلام جلاله وتوقيره. قال القاضي رحمه الله حدثنا القاضي ابو علي الصدفي وابو بحر الاسدي بسماع عليهما في اخرين في اخرين. في اخر قالوا حدث قالوا حدثنا احمد ابن عمر قالوا حدثنا احمد بن الحسن حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا ابراهيم بن سفيان قال حدثنا مسلم قال حدثنا محمد ابن المثنى وابي معن الرقاشي واسحاق ابن منصور قالوا حدثنا الضحاك ابن مخلد قال حدثنا حيوة ابن شريح قال حدثني يزيد ابن ابي حبيب عن ابي شماسة المهري قال حضرنا عمرو بن العاص رضي الله عنه فذكر حديثا طويلا فيه عن عمرو قال وما كان احد احب الي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا اجل في عيني منه وما كنت اطيق ان املأ عيني منه ضلالا له ولو سئلت ان اصفه ما اطقت لاني لم اكن املأ عيني منه. صلى الله عليه عليه وسلم. هذه اولى الصفحات المشرقة في حياة الصحابة رضي الله عنهم في تعظيمهم في احترامهم في اجلالهم في لرسول الله صلى الله عليه وسلم. اسمع قصة عمرو بن العاص رضي الله عنه. والحديث صحيح اخرجه الامام مسلم رحمه الله يسوق الحديث من طريقه بسنده اليه وفي الحديث قصة ان عمرو بن العاص رضي الله عنه حضرته الوفاة فجعل يذكر احواله التي مر بها مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل الاسلام وبعد الاسلام. ويذكر ان الله امتن فامهله ومد له في العمر حتى تاب الله عليه فاسلم. وانه لو هلك على كفره لكان على ضلال وشقاء. ثم يذكر رضي الله عنه هذا المقطع الذي اجتزأه المصنف ها هنا في هذا الفصل لبيانه موضع الشاهد من مراده رحمه الله ولهذا قال فذكر حديثا طويلا فيه عن عمرو الى ان قال وما كان احد احب الي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم عمرو يقول هذا الكلام وهو متأخر الاسلام لكنه ادرك في السنوات الاخيرة من صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم تكن الا سنوات معدودات. مقارنة بالمسلمين الاوائل مقارنة بالصحابة كالخلفاء الراشدين الاربعة. او كابن مسعود وغيرهم ممن اسلم في البدايات لم يكن اسلام عمرو يحمل سنوات ممتدة طويلة في مكة قبل الهجرة ولا في المدينة بعد الهجرة ولم يشهد كثيرا من الامور التي تزيده محبة واجلالا وتعظيما. لكن حسبه ان ادرك في السنوات اليسيرة التي صحب فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد اسلامه ما جعله يعلنها صراحة. يقول رضي الله عنه ما كان احد احب الي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعجب كيف استحوذ حب النبي عليه الصلاة والسلام على قلبه رغم السنوات القليلة التي ادركها بعد اسلامه لانه رسول الله صلى الله عليه وسلم واي امرئ يمكن ان يكتب الله له شرف الصحبة لنبي الله صلى الله عليه عليه وسلم فيعيش معه يوما او اثنين ولا يمتلئ قلبه حبا له عليه الصلاة والسلام. فكيف اذا صحبه في مواقف واحداث متتابعة يرى فيها من وجوه العظمة ما يأسر قلبه حبا للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ابانا عمرو رضي الله عنه عن وجهين عظيمين اسرا قلبه من جانبين احدهما الحب والثاني التعظيم والاجلال يقول رضي الله عنه ما كان احد احب الي من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا اجل في عيني منه. ذكر تعظيما وذكر محبة. وقد تقدم بكم ليلة الجمعة الماضية كلام الامام البيهقي رحمه الله في ان التعظيم ليس هو المحبة بل هي شيء اخر يقول الامام البيهقي رحمه الله التعظيم اعلى منزلة من المحبة. لان المحبوب لا يلزم ان كون معظما كمحبة الوالد لولده. فانها محبة تكريم لا محبة تعظيم بخلاف محبة الولد لابيه فانها تدعوه الى تعظيمه. الى ان قال والرجل يعظم لما يتمتع به من الصفات العلية ولما يحصل به من الخير بسببه. اما المحبة فلا تحصل الا بوصول خير من المحبوب الى من يحبه ان التعظيم شيء سوى المحبة وعمرو ها هنا رضي الله عنه يذكر انه قد اجتمع له في قلبه الامران لرسول الله صلى الله عليه وسلم حب وتعظيم. ليس هذا فقط بل انه يحكي انه فاز بمحبة ما سبقه في بقلبها احد الا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وان التعظيم الاجلال لم يكن احد يعلو فيه قدرا في قلبه على الله صلى الله عليه وسلم ما كان احد احب الي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا اجل في عيني منه ثم قال يحكي وقع هذا الاجلال والمهابة والاحترام. يقول وما كنت اطيق ان املأ عيني منه جلالا له يرمقه بالبصر فاذا وقعت عيناه عليه ما استطاع ان يطيل النظر في ان يحد ببصره مرأى رسول الله صلى الله عليه لم يقول رضي الله عنه اجلالا له ولو سئلت ان اصفه ما اطقت لاني لم اكن املأ عيني منه. فصلى الله عليه وسلم هذا موقف حكاه عمرو فلا تظن انه وحده كان بهذه المثابة رضي الله عنه. لكن ربما كان هو الذي استطاع التعبير عن هذا شعور والا فكثير من الصحابة رضي الله عنهم يحكي في وصفه لرسول الله صلى الله عليه وسلم جملا من الاوصاف فيها الجلال والجمال فيها الهيبة والوقار فيها التعظيم ثم يثني احدهم بقوله ما رأيت احدا قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم. ما رأيت احسن منه قط صلى الله عليه وسلم. ان تعبيرهم بمجمل والجلال يحكي ان مزيدا من الدقة والتوصيف ما كان يطيقه كل احد. وعمرو ابن العاص رضي الله عنه رجل من سادات قريش ومن عظمائها في الجاهلية وفي الاسلام. فرجل من ذي السيادة والمكانة والاحترام والرأي والكلمة المسموعة فليس رجلا عابرا وليس كعامة الناس. ومع ذلك رغم ما له من المكانة والحفاوة والسيادة في قومه الا انه رأى ان التعظيم الذي وقر في قلبه لنبي الله صلى الله عليه وسلم ما كان يأذن له بمزيد بصر ونظر يملأ به عينه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا الاجلال يا كرام سيملأ القلب عند صاحبه فيفيض احتراما وطاعة وامتثالا. هذا التعظيم مطلب يا كرام. علينا جميعا ان نعيشه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. نعم لسنا بصحبته ولم نظفر برؤيته. لكن تعظيمنا له ينبغي ان يحملنا على هذا المحمل ذاته. ان يكون يجعل احدنا يعرف قدره امام رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيقف عند امره ونهيه. ويعظم شأنه وسنته وسيرته عليه الصلاة والسلام. تعظيما لا يجرؤ فيه المسلم على ان يقدم شيئا صادرا من اي مكان كان على امر ثبت عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا موقف هذا مشهد يحكيه عمرو بن العاص عن نفسه رضي الله عنه وفي مزيد ايضا من المواقف عن غيره من الصحابة رضي الله عنهم جميعا. قال رحمه الله تعالى وروى الترمذي عن انس رضي الله عنه من هو ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج على اصحابه من المهاجرين والانصار وهم جلوس فيهم ابو بكر وعمر رضي الله عنهما. وعمر فيهم ابو بكر وعمر رضي الله عنهما فلا يرفع احد منهم بصره اليه الا ابا بكر وعمر. الا ابو بكر الا ابو بكر وعمر فانهما كانا ينظران اليه وينظر اليهما. ويبتسمان اليه ويبتسم اليه ويتبسمان ويتبسمان اليه ويتبسم اليهما. الحديث اخرجه الترمذي واحمد وغيرهما وفي هي ضعف لضعف بعض رواته وهو يفيد في الرواية انه ما كان احد من الصحابة يقدر على رفع بصره بالنظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى ابي بكر وعمر. ولو صح هذا لكان يحمل على بعض المحامل لكنه في سند ضعف كما سمعت. نعم قال رحمه الله وروى اسامة بن شريك رضي الله عنه قال شريك وروى اسامة بن شريك رضي الله عنه قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه حوله كان على رؤوسهم الطير وفي حديث صفته اذا تكلم اطرق جلساؤه كانما على رؤوسهم الطير نعم كانما على رؤوسهم الطير الحديث بروايتين ساقهما المصنف احداهما فيما اخرج ابو داوود وصححه بعضهم. والثانية فيما رواه الحسن بن علي عن ابيه في صفة النبي صلى الله عليه وسلم. وذكره الترمذي في الشمائل من حديث الحسين عن ابيه وفي كلتا الروايتين يوصف الصحابة وهم جلوس بحضرته صلى الله عليه وسلم بهذا التشبيه كانما على رؤوسهم الطير وهذا مثل تظربه العرب لشدة السكون وقلة الحركة لان الطير لا يسكن ولا يقف الا على شيء ثابت ولو تحرك ادنى حركة لطار الطائر فلا يقف على جذع او جدار او خشبة الا اذا كانت ثابتة ساكنة فاذا تحركت طار عنها فيقال في في كلام العرب ظربا للمثل اذا ارادوا وصف انسان في شدة سكونه وخضوعه وعدم حركته يقال كأن على رأسه الطير يعني لم يتحرك وظل ساكنا فوصف الصحابة رضي الله عنهم في الروايتين كلتيهما انهم كانوا بحضرته صلى الله عليه وسلم اين سواء كانوا في المسجد او كانوا معه في صلاة الجمعة او تحلقوا حوله في مجلس يقول اذا كانوا عنده وهم حوله واذا تكلم اطرقوا كأنما على رؤوسهم الطير اتدري كيف يفعل الاولاد مع ابيهم اذا اجتمعوا في مجلس وله من المكانة في قلوبهم والاحترام والاجلال ثم اذا اضاف الى ابوته لهم مزيدا من الاوصاف كالمناصب العلية والمراتب السنية كان يكون عالما وشيخا واماما او يكون مسؤولا كبيرا وذا جاه وامرة وحكم. كيف يفعلون بحضرته اذا كانوا حوله في مجلس او اذا اتوه يزورونه او كيف يطرقون انصاتا له وكيف يكونون في غاية الادب والاحترام والاجلال بين يديه هكذا هم الصحابة رضي الله عنهم بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا عجب فانهم جلوس بين يدي اعظم البشر عند ربه عز وجل وهم جلوس بين يدي رسول الله وكفى صلى الله عليه وسلم. واذا كان عند الانسان في قلب به مشاعر احترام وادب واجلال. فان لم تكن في هذا المقام فاين تكون واذا لم يكن ذو الادب والمكانة والاجلال والاحترام والوقار والمهابة. اذا لم يكن يستطيع التعبير عن محبته لا له ومهابته لمثل هذا المقام فانى يكون؟ كانوا رضي الله عنهم اذا جلسوا عنده انصتوا واذا تكلموا استمعوا اذا تحدث اليهم رمقوه بابصارهم واسماعهم فتحوا القلوب قبل الاذان لحديثه عليه الصلاة والسلام. ولهذا نقلوا الروايات نقلوا الاحاديث والالفاظ والجمل والعبارات. وكانوا في ذلك على اتم الحرص رضي الله عنهم. كيف لا؟ وهم يعلمون انهم يسمعون يخرج من بين شفتيه صلى الله عليه وسلم وهم يدركون ان جلوسهم معه صلى الله عليه وسلم ليس روضة من رياض الجنان فحسب بل باب من ابواب الجنة يشرعون دخولي فيها يدلهم على طاعة وخير وهدى وبركة. ويأخذ بأيديهم وينجيهم من الهلكة والاذى وكل ما يمكن ان يكون عليهم سوءا او نكالا. علموا رضي الله عنهم انهم بحضرته صلى الله عليه وسلم يستمتعون بصحبته اقرب اروع الامثلة رضي الله عنهم في ادبهم واجلالهم واحترامهم. مرة اخرى سنقول اما انهم رضي الله عنهم فعلوا الذي كان عليهم وبقيت هذه اثارهم دروسا لنا معشر المسلمين نتأسى ونتعلم ونقتدي ونتربى كيف نعيش الادب مع نبينا صلى الله عليه وسلم وقد عاشوها رضي الله عنهم على اتم وجه واكمل حال قال رحمه الله تعالى وقال عروة ابن مسعود رضي الله عنه حين وجهته قريش عام القضية الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى من تعظيم اصحابه له ما رأى وانه لا يتوضأ الا ابتدر وضوءه وضوءه. الا ابتدروا وضوءه وكادوا يقتتلون عليه ولا يبصق بصاقا ولا يتنخم نخامة الا تلقوها باكفهم بها وجوههم واجسادهم. ولا تسقط منه شعرة الا ابتدروها. واذا امرهم بامر ابتدروا امره واذا تكلم خفضوا اصواتهم عنده وما يحدون اليه النظر تعظيما له. صلى الله عليه وسلم. اللهم صلي وسلم. فلما رجع الى قريش قال يا معشر قريش اني جئت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه والنجاشي في ملكه واني والله ما رأيت ملك في قوم قط مثل محمد صلى الله عليه وسلم في اصحابه وفي رواية قال ان رأيت ملك ان رأيت ملكا قط يعظمه اصحابه ما يعظم محمدا اصحابه. وقد رأيت قوما لا يسلمون ابدا. لا يسلمونه. وقد رأيت قوما لا يسلمونه ابدا. عليه الصلاة والسلام. هذا يا اخوة من اعجب ما قيل في وصف حال الصحابة في الادب والتعظيم والاجلال والهيبة والاحترام لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والحديث رواه بخاري وهو يحكي ويحكي مشهدا مما حصل في صلح الحديبية سنة ست من الهجرة. ولذلك قال حين وجهته قريش عام القضية يعني عام الحديبية فانكم كما تعلمون انه عليه الصلاة والسلام لما اتى من المدينة محرما سنة ست من الهجرة يريد العمرة الهدي بين يديه واراد ان تعلم قريش انه ما اتى لحرب ولا قتال. فلما اتى الحديبية وهو ادنى الحل من الحرم قرب مكة منعته قريش وظلوا في تفاوض حتى كانت شروط صلح الحديبية الذي عاد على اثره صلى الله عليه وسلم. ورجع الى مدينتي على ان يحج من العام القابل وانه يلتزم بالشروط التي كانت بينه وبين قريش. كان عروة ابن مسعود احد في ذلك الصلح بين قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان ممثلا لوفد قريش انذاك. وقد بعثت قريش غير واحد كان اخرهم سهيل بن عمرو وعلى يديه تم الصلح. وعلى كل حال. فعروة ابن مسعود رجل خبير بالمفاوضات وامور السياسة وله دربة وممارسة وقد وفد على الملوك ودخل على العظماء ولهذا ذكر في الرواية انه اتى قيصرى وكسرى والنجاشي فرجل له الممارسة في التفاوض مع العظماء والكبراء والقادة. يقول وهو يحكي فيما رأى عندما رجع الى قريش وشد من من دهشته وعجبه ما رآه من المواقف التي ما عهدت انتهى العرب وليس عند العرب في التعامل مع ساداتهم وكبرائهم وعظمائهم ما تفعله العجم من مزيد التبجيل والاحترام او التبرك او والمبالغة في التعظيم لكنه رأى شيئا اثار الدهشة والعجب فحكاه فاثبته التاريخ وحفظ رواية ينقل لنا باصح الاسانيد في كتاب كصحيح البخاري رحمه الله. يقول رأى من تعظيم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى. وانه لا يتوضأ الا ابتدروا وضوءه والوضوء اسم للماء الذي يتوضأ به. فاذا توضأ عليه الصلاة والسلام وبقي من فضلة الماء الذي يتوضأ به بقية ابتدروه يعني تسابقوا الى اخذه والانتفاع به بالوضوء او الاغتسال او الشرب وغيره قال وكادوا يقتتلون عليه ولا يبصقوا بصاقا ولا يتنخم نخامة الا تلقوها باكفهم فاذا بصق صلى الله عليه وسلم ابتدروها باكفهم فلا تسقطوا على الارض بل تسقط في كف احدهم يمد يده يأخذها يقول فدلكوا بها وجوههم واجسادهم هذا الصنيع منهم رضي الله عنه تبرك صحيح به صلى الله عليه وسلم تبرك بريقه وتبرق بعرقه صلى الله عليه وسلم وتبرك بشعره صلى الله عليه وسلم ليس لانه اقرهم على ذلك فحسب. بل كان يعطيهم من شعره اذا حلق عليه الصلاة والسلام. وستأتيك الرواية انه لم ما حلق رأسه في النسك صلى الله عليه وسلم وزع شعره وهو يحلقه فوزع نصفه على الصحابة واعطى نصفه الاخر لطلحة لابي طلحة رضي الله عنه فانصرف به. كانوا يحرصون على ان يكونوا اقرب ما يكونون منه عليه الصلاة والسلام سلام ولو ظفروا باثر من اثاره كانوا اشد ما يكونون حرصا عليه. يقول ولا تسقط منه شعرة الا ابتدروها اه اتظن ان حرصهم على التبرك ببصاقه او بشعره صلى الله عليه وسلم كان مظهرا صوريا وشكليا ابدا. ولهذا قال واذا امرهم بامر ابتدروا امره كانوا على اتم الامتثال ظاهرا وباطنا. كانوا على اقرب احوالهم منه صلى الله عليه وسلم. في الامور الحسية والمعنوية على حد سواء. كانوا يضربون اروع الامثلة. فمن اراد ان يتعلم كيف يكون المقام للمؤمن المحب الصادق لرسول الله صلى الله عليه وسلم فليمعن في اخبارهم وسيرهم رضي الله عنهم. وليتصفح مواقفهم في صحبتهم له في سيرته صلى الله عليه وسلم يجد اروع الامثلة يجد مواقف واحداثا فيها غاية الادب فيها الامتثال فيها صدق الطاعة فيها اكمل الايمان والحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن تعلم فليتعلم من الصحابة رضي الله عنهم وارضاهم ابتدارهم لوضوئه وابتدارهم لبصاقه ولخامته او عرقه صلى الله عليه وسلم هو تماما كابتدارهم لامره ونهيه. عليه الصلاة والسلام. فكانوا اشد الناس امتثالا لامره وابعد الناس ابتعادا عن نهيه عليه الصلاة والسلام يقول واذا تكلم خفضوا اصواتهم عنده وما يحدون اليه النظر تعظيما له انظر يا رجل من الذي رصد هذه المشاهد الذي رصدها رجل كافر جاء مفاوضا في قضية سياسية في صلح الحديبية ولو وقف على ثغرة او زلة لطار بها فرح. ولما رجع لم يكن من شأنه ان يحكي ما الذي شد دهشته؟ كان حسبه اذا رجع من مفاوضته ان يحكي ما الذي خرج به من المفاوضة. لكنه انتقل الى شيء ملك عليه قلبه وعقله دهشة استدعي التأمل فرجع يحكي لقريش فيقول يا معشر قريش اني جئت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه والنجاشي في ملكه واني والله ما رأيت ملكا في قوم قط مثل محمد صلى الله عليه وسلم في اصحابه وفي رواية ان رأيت ملكا يعني ما رأيت وان هنا نافية ان رأيت ملكا ما رأيت ملكا قط يعظمه اصحابه ما يعظم اصحاب محمد محمدا صلى الله عليه وسلم وقد رأيت قوما لا يسلمونه ابدا. يعني اياكم ان تفكروا في قتالهم. صحيح كانوا الفا وخمس مئة او الفا واربع مئة لكن يقول اياكم ان تفكروا في قتال. هؤلاء الخمس عشرة مئة الذين معه سيموتون دونه واحدا تلو الواحد يقول وانهم لا يسلمونه ابدا. لقد رأى من مظاهر التعظيم والاجلال ما لم تره عيناه وقد اتى عند كسرى ملك فارس واتى عند قيصر عظيم الروم واتى عند النجاشي ملك الحبشة وهم ملوك ولهم من عظمة الملك وابهة ملك وسائر مراسم الملك ما يحصل عند الملوك والعظماء والامراء. ونبينا صلى الله عليه وسلم ما كان ملكا مطاعا ولا كان حاكما اميرا لا بجاه ولا سلطة ولا نفوذ. بل كان فوق ذلك كله بمراتب. كان نبيا يؤتاه الوحي من رب العزة والجلال كان يأتيه الملك من السماء كان متصلا بوحي بين البشر ورب البشر علم الصحابة انهم ليس مع عظيم من عظماء البشر بل مع نبي مصطفى. اصطفاه الله واجتباه واتاه الوحي. علموا انهم في مقام تعظيمهم لا يعظمونه خوفا من سطوة او جور او ظلم او عقاب لا يعظمونه طمعا في دنيا بيديه ولا مال يؤتاه احدهم بتملق وتزلف ونفاق ومدح وثناء. علموا انهم انما يعظمونه تعظيما حب له عليه الصلاة والسلام تعظيم طاعة له صلى الله عليه وسلم تعظيم مؤمن محب وجد نفسه امام نبيه صلى الله عليه وسلم وقلبه فطر بين يديه حبا لهذا النبي عليه الصلاة والسلام واقتداء واستنانا لقد ضربوا اروع الامثلة في تعظيم عظيم والله وهذا عروة ابن مسعود وهو يحكي هذا الوصف ويرجع الى قريش ليقول لهم يا جماعة لقد رأيت شيئا ما رأيته على بساط الملوك والسادة والرؤساء لا في الشرق ولا في الغرب لا عند العجم في شمال الجزيرة عند كسرى ولا قيصر ولا عند النجاشي شيء لم اره قبل انهم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم حكى من تلك الامثلة والنماذج والمشاهد ما سمعت قليل ابتدارهم على وضوئه عليه الصلاة والسلام تسابقهم على التقاط بساقه اذا بصق ونخامته اذا تنخم تدليك وجوههم وايديهم بها. ليس مجرد مظهر اجوف لكنهم مع ذلك اسرع الناس اليه نصرة واكثرهم له حبا واعظمهم له طاعة ولهذا قال في نهاية ما قال واني رأيتهم يقول والله ما رأيت ملكا قط مثل محمد وقد رأيت قوما لا يسلمونه ابدا. لم يكونوا على اتم الاستسلام مهما كان حولهم من ظروف الحرب والقوة والعتاد لان الذي معهم فيما رآه في مشاهد حكاها لقريش لم يكن شيئا يقاومه سلاح ولا قتال ولا عتاد تدركون يا كرام ان الحب العظيم والتعظيم المملوء اجلالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع بصاحبه اعظم مما تصنعه الوسائل الحسنى والادوات الملموسة. انا نتكلم يا كرام عما يرقى بي وبك. في درجات الايمان واتباع السنة درجات ودرجات عالج فؤادك واملأه حبا وتعظيما صادقا لنبيك صلى الله عليه وسلم وسترى الفرق يقينا والله كلما نجح احدنا ووفق بفظل الله الى ان يملأ فؤاده وقلبه حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما صادقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تسأل بعد ذلك عن صدق طاعته وتمامه بايمانه وعظيم امتثاله وشدة استنانه برسول الله عليه الصلاة والسلام. من كان يريد ان يكون من سنته هي اقرب عليه الصلاة والسلام. من كان يريد الى ان يكون الى حبه اعظم صلى الله عليه وسلم. فليبدأ من هذا المنطلق يملأ فؤاده وصدره الحبا وتعظيما واجلالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن هنا جاءت النصوص يا كرام امرة بهذه المعاني لانها عتبات اساس. مداخل مهمة. من لم ينجح في تأسيسها لن يؤتى الكمال في طريق الطاعة محبتي والاستنان وهذا الوصف الذي حكاه عروة لم يحكيه عن واحد ولا اثنين. لقد وفد وحول النبي صلى الله عليه وسلم يوم حديبية نحو من الف واربعمائة او الف وخمسمائة من الصحابة رضي الله عنهم وارضاهم جميعا قال رحمه الله تعالى وعن انس رضي الله عنه قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق تحلقه يحلقه والحلاق يحلقه وقد اطاف به اصحابه. فما يريدون ان تقع شعرة الا في يد رجل الا في يد رجل منهم يعني. وحق لهم رضي الله عنه يتسابقون على شعرات من رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كانوا يعلمون انها شعرات مباركة من رأس مبارك من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانوا في نصهم على مثل ذلك يحكون هذا الامر ويشاهده من جاء بعدهم من جيل التابعين. ولما اعطى النبي صلى الله عليه وسلم انما شعراته لما حلقها لاصحابه ووزعها بينهم كانوا يحرصون على اقتنائها وعلى المحافظة عليها وتنتقل من يد الى يد حفظا عليها وتبركا بها كانت شعرات كما يحكي انس رضي الله عنه يقول كانت عندنا شعرات من رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدناها عند ابي طلحة وقد قلت لكم اعطى نصف شعره لابي طلحة رضي الله عنه. ووزع نصفه الاخر بين بقية الصحابة رضي الله عنهم. وانس رضي الله عنه ربيب لابي طلحة وابن زوجته تربى عنده. وهو يحكي انه وجد هذا الشعر فاحتفظ به واقتناه. يقول عبيدة وهو يحكي هذا الموقف عن انس وهو يرويه لهم. يقول عبيدة من التابعين رضي الله عنه يقول لان تكون عندنا شعرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم احب الينا من الدنيا وما فيها. هذا شعره عليه الصلاة والسلام ويذكر ان خالد بن الوليد رضي الله عنه كان يجعل منها شعرات في خوذته التي يقاتل بها ويجاهد في سبيل الله يرى ان انها بفضل الله وببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم. يستجلب بها من الله التوفيق والنصر والتأييد. وكان الامام احمد الله وهو امام اهل السنة. ومن يضرب به المثل في الثبات في المحنة. كان حافيا بمثل هذا. وله شعرات ظفر بها مما تناقلتها الايدي فظفر بها بعدد يسير بقيت عنده. فلما حضرته الوفاة رحمة الله عليه اوصى ان تدفن معه او في كفنه لتكون في قبره وفعل به كما امر رحمة الله عليه. ويبقى ان نقول الذي فعله الصحابة ومن بعد التابعون في التبرك بشعره صلى الله عليه وسلم او باثره انما هو لما ثبت انه اثر له صلى الله عليه وسلم واما اليوم بعد تطاول القرون وفناء كثير من تلك الاثار المتصلة به عليه الصلاة والسلام فلا يثبت بحال ان يقال هذا شعره او هذا لباسه وتلك بردته او هذا نعله صلى الله عليه وسلم لا يثبت انه لا يستقيم اثبات ذلك بحال. بعد الف واربع مئة سنة وزيادة لا يمكن ان يقال ان الشعرة الموجودة هنا او هناك فظلا عن ان يقال ظفيرة الشعر التي يفترى فيها بالكذب على نسبتها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يهيم العامة ويقعون فيها في كثير من الخرافة والدجل والكذب والافتراء. ليس الممنوع هو التبرك بشعره صلى الله عليه وسلم انما الممنوع اثبات ان يكون هذا المذكور والموجود هنا او هناك ان يكون منسوبا حقيقة له صلى الله عليه عليه واله وسلم. فهذا الفارق بينما يشهده الناس اليوم في بعض المتاحف وبعض الاماكن والبلدان وما يحكى عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم في تبركهم وعنايتهم بشعره عليه الصلاة والسلام قال رحمه الله تعالى ومن هذا لما اذنت قريش لعثمان رضي الله عنه في الطواف بالبيت حين وجهه النبي صلى الله عليه وسلم اليهم في القضية ابى. وقال ما كنت لافعل حتى ما كنت لافعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم. اخرج البيهقي هذه الرواية في قصة صلح الحديبية فان النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم ومنع من دخول مكة ونزل بالحديبية وبدأت المفاوضات بعث عثمان ابن عفان رضي الله عنه لمكانته في قريش لوجاهته لعظيم منزلته عندهم وانه لا يخشى عليه اذى لو كان بين ايديهم. فلما اتى عثمان رضي الله عنه وظل يفاوضهم احتبسوه عندهم مدة فقلق رسول الله صلى الله عليه وسلم على شأن عثمان. وهو لا يدري ما حل به. فدعا اصحابه الى البيعة على القتال والنصرة فبايعوا رضي الله عنهم واحدا تلو واحد. فوضع النبي صلى الله عليه وسلم كفه. في كفه الاخرى وقال هذه عن عثمان بايع صلى الله عليه وسلم عن عثمان بيده الشريفة عليه الصلاة والسلام واما عثمان بمكة فان قريشا ابقته وظلت تفاوضه. وجعلت من ابقائها عليه عندهم رضي الله عنه مزيدا من محاولتي للضغط في التفاوض مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عله ان يقبل بما يريدون ويستجيب لشروطهم. في تلك الاونة وعثمان بمكة قد دخلها وهو ممن هاجر اولا وعلى اقل حال فانت تحكي لمن غاب من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن مكة من المهاجرين وقدموها يوم الحديبية سنة ست فهم على الاقل غابوا عن مكة ست سنوات وغابوا عن بلادهم وبيوتهم وعن موطني ولادتهم ونشأتهم وعن كثير من المشاعر التي عاشوها في هذا البلد فكيف فهو بلد الله الحرام وبعد هذا الغياب والانقطاع يظفر عثمان فاتى مكة ودخل الكعبة فعرظت عليه قريش ان يطوف اذنت له فامتنع رضي الله عنه فيما روى البيهقي امتنع ان يطوف ولم يطف بها بعده رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما كنت لافعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم اخبرني الان لو طاف عثمان ايكون قد فعل شيئا خطأ هل وقع في حرام هل يقال انه اتى مكروها في الشريعة؟ الجواب لا بل انه فتح له باب ليس لعبادة فقط بالطواف بالكعبة. بل لكثير من فيض المشاعر والحب والحنين لكعبة ولدوا عندها وتربوا حولها ونشأوا بها. ثم دارت بهم الايام فخرجوا مهاجرين. واذا بكفر اهل مكة يحول بينهم وبين اتيان الكعبة والدخول عندها فلما يظفر يمتنع ولو فعل رضي الله عنه ما كان ليعاب ولا ليثرب عليه ولا لينسب الى خطأ ولا لسوء ادب لكن الادب حمله على مزيد من العناية بالالتفات الى معان لولا الادب والتعظيم والاجلال ما كان يلتفت اليها. يقول ما كنت لافعل ما كنت لافعل حتى يطوف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يضرب المثل بالولد مع ابيه والتلميذ مع استاذه فلا يشرب الماء حتى يسقي شيخه كما يحكي الربيع بن سليمان يقول ما كنت اجرأ ان اشرب الماء الشافعي ينظر الي هيبة له. اذا يفعل هذا التلميذ مع استاذه والولد مع والديه فان رضي الله عنهم تجاوزوا هذا بمراحل في مقام تعاملهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى في المواقف النادرة كما حصل لعثمان رضي الله عنه في دخوله مكة ووجد الفرصة للطواف بالكعبة الا انه استحضر مقام الادب والتعظيم كيف وقد جاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم ممنوع من الدخول بالحديبية موقوف هناك افاطوف وقد بعثني مفاوضا مثل هذا لا يكون؟ قلت لك ولو فعل ما نسب الى خطأ رضي الله عنه لكن واب شيء ومقام الادب في تمام المواقف والكمال شيء اخر قال رحمه الله تعالى وفي حديث طلحة رضي الله عنه ان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لاعرابي ينجاهل سله عمن قضى نحبه. وكانوا يهابونه ويوقرونه. فسأله فاعرض عنه صلى الله عليه اطلع طلحة رضي الله عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ممن قضى نحبه الحديث فيما اخرج الترمذي وابو يعلى وصححه بعض اهل العلم الشاهد فيه ان الصحابة كما يقول هنا كانوا اذا ارادوا السؤال عن شيء لا يتجرأون من مهابتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فماذا يفعلون؟ كانوا يظفرون بقدوم الاعرام فيعطونهم السؤال ليسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانوا يحبون ان يعرفوا معنى الاية من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. فارادوا السؤال فاعطوا السؤال لاعرابي قالوا سله عن من قضى نحبه. قال وكانوا يهابونه ويوقرونه. وهذا موضع الشاهد في الرواية قال فسأله الاعرابي فاعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنه اذ طلع طلحة يعني ابن عبيد الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ممن قضى نحبه والمتبادر في الاية اولا ان من قضى نحبه يعني من مات واستشهد. فما هذا ممن قضى نحبه؟ فكيف يكون طلحة وهو حي ممن قضى نحبه؟ قال اهل العلم طلحة وهو احد العشرة المبشرين كان قد الزم نفسه اذا لقي العدو ان يصدق الله في القتال ولا يفعل الا ذلك. وعاش حياته باذلا نفسه. فقد قضى نحبه وان كان حيا. وبذل نفسه والا تزال في بقية والحديث ايضا قال الحافظ ابن حجر ثبت عن عائشة رضي الله عنها ان طلحة رضي الله عنه دخل على النبي صلى الله وعليه وسلم فقال له انت يا طلحة ممن قضى نحبه. اخرجه ابن ماجة هو الحاكم والحديث في عداد مناقب طلحة ابن عبيد الله رضي الله عنه وارضاه قال رحمه الله تعالى وفي حديث قيلة قالت فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا القرفصاء ارعدت من الفرق وذلك هيبة له وتعظيما صلى الله عليه وسلم هذا طرف من حديث طويل حديث حسن حسن اسناده الحافظ ابن حجر ووثق رجاله الحافظ الهيثمي. والحديث على طوله فيه ان قيلة رضي الله عنها حكت رأت فيه النبي صلى الله عليه وسلم لما اتت اليه ورأته اول مرة ارعدت من الفرق. يعني اصابتها رعدة يعني شيء من الرجفة والوجل والخوف والقلق واضطراب الاعداء واضطراب اعضاء جسدها. فطمأنها النبي صلى الله عليه وسلم وما اصابها مثل هذا الفرق لا لانه موصوف بالظلم والجبروت الذي يمكن ان يخاف منه لكنها الهيبة والجلال وقد رأته جالسا عليه الصلاة والسلام. لكن فعلت ذلك هيبة وتعظيما حتى قال لها النبي صلى الله عليه وسلم في الرواية يا عليك السكينة. يعني لا شيء يستدعي القلق ولا الخوف ولا الرعدة التي اصابتها. هي ايضا مظهر من مظاهر عظيم والاجلال التي كان يجدها الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله في حديث المغيرة وفي حديث المغيرة رضي الله عنه كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعون بابه بالاظافير. هذا ايظا مشهد من مشاهد الادب. من مشاهد التعظيم. صورة لما كان عليه الصحب رظي الله عنهم اذا اتوا بابه عليه الصلاة والسلام يقرعون بابه بالاظافير. مع شدة انخفاض الصوت المسموع وان كان في الحديث ظعف لكن انه لون من الادب الذي ادبهم الله به كما مر ليلة الجمعة الماضية. ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون ولو انهم صبروا حتى تخرج اليهم لكان خيرا لهم. والله غفور رحيم. في مقابل من اثنى الله عليهم ان الذين اصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة واجر عظيم. قال رحمه الله قال البراء بن عازب رضي الله عنه لقد كنت اريد ان اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الامر فاؤخره سنين من هيبته صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام. هذه الرواية ان صحت فليس المراد بها تأخير الامر الذي يجب معرفته ويحتاج السائل لكن المراد ان التعظيم والاجلال يحولان بينه وبين الف الحديث واستمرار السؤال المتتابع عنده عليه الصلاة والسلام. فاما ما يحتاج اليه احدهم فلم يكن ليؤخره يوما فضلا عن ان يكون سنين. اذا تعلق بذلك حق وعبادة واجبة على العبد لربه عز وجل. هذه صفحات مشرقة من تعظيم الصحابة الكرام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلينا ان نسلك سبيلهم تعظيما له واجلالا عليه الصلاة والسلام وفي الفصل التالي في ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله فصول من تعظيمه بعد مماته عليه الصلاة والسلام. الا فاعلموا ان من التعظيم الذي تحمله القلوب ان تفيض صلاة سلاما عليه صلى الله عليه وسلم خصوصا في ليلة الجمعة ويوم الجمعة. يا رب صل على الحبيب محمد ما هاج شوق في فؤاد محبه يا ربي هذا شوقنا بحنا به يا رب فابعثنا غدا في ركبه صلى الله وعليه وسلم اديموا الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم تظفر بالخيرات والرحمات وتغنم البركات وصلاة رب من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. فصل يا ربي وسلم وبارك عليه عدد نجوم السماء. وذرات الرمال المطر يا رب صلي وسلم وصلي وسلم صلاة وسلاما دائمين ابدا. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. اللهم احينا مسلمين وتوفنا مسلمين والحقنا اللهم بالصالحين. اللهم اغفر لامواتنا وارحمهم رحمة واسعة. سعة سمائك وارضك يا ذا الجلال والاكرام اشفي مرضانا واهدي ضال لنا وتقبل منا انك انت السميع العليم. واجعل لنا الهي ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب ذاب النار اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا وحبيبنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله لرب العالمين