بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى. واشهد لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى. واشهد ان سيدنا ونبينا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله. امام الانبياء وخاتم المرسلين. وصفوة الله من خلقه اجمعين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. يا رب صل على نبيك ما بدا نور الصباح واشرقت افاق يا رب صل على نبيك ما هفى قلب المحبين. وحنت الاشواق الليلة هي ليلة الجمعة وفيها يقول المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم جمعة فان صلاتكم معروضة علي. فاعدد صلاتك يا محب على حبيبك صلى الله عليه وسلم. واقدم بصلاة عظيمة وفيرة ينبض بها قلبك حبا وايمانا وطاعة وشوقا ووفاء لرسول الهدى ونبي الرحمة وسيد الورى صلوات ربي وسلامه عليه وانا لنحسب ان مجلسنا هذا الذين تدارسوا فيه حقوقه العظيمة صلوات ربي وسلامه عليه لمن اعظم الاسباب الباعثة على كثرة الصلاة والسلام عليه في هذه الليلة العظيمة المباركة ونحن في رحاب بيت الله الحرام مستجمعين مع شرف المكان شرف المجلس وفضيلة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم الايمان به عليه الصلاة والسلام حق عظيم صدر به المصنف رحمه الله القسم الثاني من ابواب الكتاب وهو الحديث عن حقوق المصطفى عليه الصلاة والسلام ثم كان الحديث عن محبته ولزومها وعلاماتها. وكان ثالث الابواب حديثا عن توقير المصطفى صلى الله عليه وسلم وتعظيمه ونصرته ومؤازرته على حد قول الله عز وجل انا ارسلناك شاهدا ومبشرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. وقد مضى فيما تقدم من فصول هذا الباب. الحديث عن معنى التوقير والاحترام والتعزير لرسول الله صلوات ربي وسلامه عليه. وقد وقف بنا الحديث ليلة الجمعة الماضية عند الفصل الذي ساق فيه المصنف رحمه الله عادة الصحابة وشأنهم رضي الله عنهم في تعظيم المصطفى صلى الله الله عليه وسلم واجلاله وتوقيره. عقب ذلك المصنف رحمه الله الامام القاضي عياض رحمة الله عليه بذكر فصول في كيفية تحقق الاحترام والاجلال والتوقير لرسول الله عليه الصلاة والسلام بعد مماته. فيما فعله الصحب رضي الله عنهم في زمانهم وما تبعهم به التابعون وخير القرون رضي الله عنهم مما يحق لنا ويليق وبنا في مثل زماننا ان نقتدي فيه ونتأسى بصنيع السلف رحمة الله عليهم في تحقيق هذا المعنى من التوقير والاجلال والاحترام والتقدير والتعزير لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فافتح اذنيك جيدا واسمع الى صنيع السلف. واسأل نفسك اين نحن من هؤلاء لتدرك ان امرا عظيما وقر في صدورهم رضوان الله عليهم. كان نابعا من محبة صادقة وايمان عظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم انشأ في حياتهم هذه المعاني العظام من توقير المصطفى من احترام رسول الله صلى الله الله عليه وسلم من اجلاله من مهابته ولو كانوا بعد مماته فانهم كانوا يعيشون هذا المعنى في حياتهم بجملة من المواقف والاثار ساقها المصنف رحمه الله في الفصل الذي نشرع فيه في مجلس الليلة بعون الله بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وعند ذكره وتعظيم اهل بيته وصحابته. هذا العنوان وهو من صنيع المحقق في ذكر عنوان مناسب للفصل بحسب ما اورد فيه المصنف القاضي عياض. والا فان المصنف رحمه الله اكتفى قوله فصل وشرع من قوله واعلم ان حرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته الى اخر كلامه. واعلم ان اتى النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم كما كان في حال حياته. وذلك عند ذكره عليه السلام وذكر حديثه وسنته وسماع اسمه وسيرته. ومعاملة اله وعترته وتعظيم اهل بيته وصحابته صلى الله عليه وسلم. اللهم صلي وسلم. هذا كلام مهم. وتقعيد متين. نحتاج الى التذكير به على للدوام ان ما يتعلق بحرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. المتحققة في اوفر ما يكون حال حياته هي كذلك بعد مماته. لا ينقص من حرمته بمماته صلى الله عليه وسلم مثقال ذرة. ولا يفوت على الامة من حق الاحترام والاجلال والتوقير بعد مماته عليه الصلاة والسلام مقدار شعرة. فكل ما كان مطلوبا موفورا معظما حال حياته عليه الصلاة والسلام في شأن خاصة نفسه واجلاله وسنته وشريعته وما جاء به عن ربه كل ذلك على السواء. حال حياته وبعد مماته عليه الصلاة والسلام. يقول رحمه الله واعلم ان حرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وتوقيره وتعظيمه صلى الله عليه وسلم. لازم كما كان في حال حياته. وذلك عند ذكره صلى الله عليه وسلم. وذكر حديثه وسنته صلى الله عليه وسلم وسماع اسمه وسيرته صلى الله عليه وسلم ومعاملة اله وعترته وتعظيم اهل بيته حابتي عليه صلاة ربي وسلامه الى يوم الدين. نعم. وقال ابو ابراهيم اسحاق التجيبي واجب على كل مؤمن متى ذكره او ذكر عنده ان يخضع ويخشع ويتوقر ويسكن من حركته ويأخذ في هيبته واجلاله بما كان يأخذ به نفسه لو كان بين يديه. ويتأدب بما ادبنا الله به وما الذي ادبنا الله به امة الاسلام مع رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ جملة من الاداب لا تقدم بين يدي الله ورسوله اترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض. ان الذين يغضون اصواتهم عند رسول الله اولئك الذين اذا امتحن الله قلوبهم للتقوى. ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون. لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعض بعضكم بعضا اداب ادبنا الله بها نتعامل بها مع نبينا صلى الله عليه وسلم. كل ما كان من ذلك موجود حال حياته فله ايضا متسع في مجال الرحب لنا. معشر امته بعد مماته عليه الصلاة والسلام. يقول التجيبي رحمه الله واجب على كل مؤمن متى ذكره او ذكر عنده عليه الصلاة والسلام ان يخضع ويخشع اي خضوع؟ اي قال ويتوقر ويسكن من حركته ويأخذ في هيبته واجلاله بما كان يأخذ به نفسه لو كان بين يديه بالله عليك لو اكرمك الله وكنت بين يديه عليه الصلاة والسلام ولو لحظة من العمر في الحياة. كيف كنت تفعل؟ تأدب واحتراما وهيبة واجلالا وتوقيرا. ما كنت تفعله لو كنت بحضرته صلى الله عليه وسلم فانك تفعله اليوم اذا سمعت اسمه او ذكرت سيرته او جاء ما يتعلق بشأنه وان تتوقر وتسكن في حركتك وتأخذ نفسك بمجامع الادب الذي ستفعله لو كنت جالسا في مجلسه عليه الصلاة والسلام. هذا البعد يا كرام الافق الفسيح الذي كان ينظر اليه سادتنا من السلف ممن جاء بعد الصحابة ولم يدرك شرفها ادركوا ان هذا نوع عظيم من التوقير. اذا تحقق في القلوب وجدت اثره في الحياة. ثم اياك ان تظن انها مظاهر انك تعتني في جلستك وهيئتك وحركتك وكلامك هذا جزء نابع من صميم القلب ومثل هذا صدقوني اي والله لن تجدوه الا امرأ مباركا. يعظم السنة لانه يحب صاحبها. ويوقر السنة لانه يوقر صاحبها عليه الصلاة والسلام مثل هذا هو اعظم الناس حبا للسنة وتطبيقا لها واستنانا بها وتمسكا بها عليها بالنواجذ واحياء لها ونشرا لها بين العالمين ودلالة للناس عليها. مثل هذا هو اعظم من تقع عينك ويفرح به قلبك ان تراه محبا للسنة داعيا اليها بحركاته وسكناته بعباراته واقواله وافعاله لا تسأل عن امرئ وقر حب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلبه واستقر في فؤاده تعظيم السنة. سترى السنة شيئا عظيما في حياته. اذا لندرك يا كرام اننا متى اردنا صوري الى ان نرتقي تطبيق السنن والحفاظ عليها. واحيائها في النفوس في المجتمعات الامم. فانها ولا بد ان تمر من هذا الباب اي باب حبه عليه الصلاة والسلام واجلاله. وتوقيره واحترامه وتعظيمه وهيبته. متى توفرت المحبة والمهابة والتوقير والاجلال لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان مثل ذلك لسنته تماما ستكون سنته عندك معظمة. وتكون ذات وقار وهيبة في نفسك. في حياتك. في المجتمع من حولك. فلا اترضى ان تمر بسنة مرور الكرام لا تلقي لها بالا. ولا ترضى ان ترى سنته عليه الصلاة والسلام تتجاوز ويغفل عنها الناس تغار عليها فتنطلق حثا وتذكيرا بها ودعوة للناس اليها مثل هذا صدقوني لن ينشأ عند امرئ الا اذا وقر في قلبه حب النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره كما اراد الله الله لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه صلوات ربي وسلامه عليه قال القاضي ابو الفضل وهذه كانت سيرة سلفنا الصالح وائمتنا الماضيين رضي الله عنهم اجمعين يعني في عظيم عنايتهم بالادب بعد مماته عليه الصلاة والسلام وسيحكي لك الان مواقف واثارا مشرقة هي من درر حياة السلف رحمة الله عليهم في تحقيق هذا المعنى توقيرا واحتراما وتأدبا لما ادبنا الله به مع نبينا عليه الصلاة والسلام. قال القاضي عياض حدثنا القاضي ابو عبدالله محمد بن عبد الرحمن الاشعري ابو القاسم احمد ابن بقي الحاكم وغير واحد في فيما اجازونيه قال قالوا وحدثنا ابو العباس احمد بن عمر بن دهاث. قال حدثنا ابو الحسن علي بن فهر. قال حدثنا ابو بكر محمد بن احمد بن الفرج قال حدثنا ابو الحسن عبدالله بن بن المنتاب قال حدثنا يعقوب بن اسحاق بن ابي اسرائيل قال حدثنا ابن حميد قال ناظر ابو جعفر امير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ابو جعفر المنصور الامام الخليفة العباسي. نعم فقال له مالك يا امير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فان الله عز وجل ادب قوما فقال لا ارفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض. ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون ومدح قوما فقال ان الذين يغضون اصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم التقوى لهم مغفرة واجر عظيم. وذم قوما فقال ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون. وان حرمته ميتا كحرمته حيا صلى الله عليه وسلم كان لها ابو جعفر وقال يا ابا عبدالله ااستقبل القبلة وادعو ام استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة ابيك ادم عليه السلام الى الله تعالى يوم القيامة بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله. قال تعالى ولو انهم اذ ظلموا اذ ظلموا جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما نعم هذه القصة التي ساقها المصنف رحمه الله تعالى بسنده فيما كان بين الامام الخليفة العباسي بجعفر المنصور امير المؤمنين وبين الامام مالك ابن انس رحمة الله عليهما امام دار الهجرة. القصة لا يصح اثبات وهي موضوعة وسندها لا يستقيم به اثبات رواية. يقول شيخ الاسلام عن القصة انها باطلة لا اصل لها. ولذلك تضمنت القصة بعض الجمل التي لا يقول بها اهل العلم. في مثل قوله وقد سأله ابو جعفر استقبل القبلة وادعو ام استقبلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وادعو لا يختلف اثنان من اهل العلم ان من ادب الدعاء التوجه الى القبلة وان استقبال القبلة عند الدعاء من مستحبات الدعاء بل من اسباب اجابته. وكون الامام ما لك رحمه الله يفتي مثل ذلك ويجيب فهذا مستبعد عن مثله من ائمة الاسلام. وعلى كل حال فمضمون القصة ما جاء في محتواها انه كانوا يتعاملون بهذا التأدب فيما بينهم ويتواصون عليه الا ان القصة اذا لم تثبت فلا سبيل الى الاحتجاج بها وحتا فيما اورده في الاية لما قال انه وسيلتك ووسيلة ابيك يوم القيامة الى الله تعالى وامره وذكر الاية ولو انهم اذ ظلموا انفسهم الى اخرها. ويمكن ان يستشهد لمثلها هذا المعنى بما صح من الروايات من الاثار من القصص والاخبار. كما تقدم في مجلس سابق فيما اخرج البخاري رحمه الله تعالى بسنده في صحيحه عن السائب بن يزيد قال كنت قائما في المسجد فحصبني رجل يعني رماني بالحصباء وهي الحصاة التي يفرش بها ارض المسجد. قال فحصبني رجل فنظرت فاذا عمر بن الخطاب وعمر انذاك خليفة رضي الله عنه. قال فقال اذهب فاتني بهذين واشار الى اثنين كانا في المسجد قال فجئته بهما. فقال ممن انتما او قال من اين انتما؟ قال من اهل الطائف. فقال عمر رضي الله عنه لو كنت ما من اهل البلد جعتكما ترفعان اصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكر عمر رضي الله عنه والقصة صحيحة وقد اخرجها الامام البخاري رحمه الله انكر عليهما رفع الاصوات وانما عذرهما بما ابدياه انهما من خارج البلد يعني غرباء. ليست الغربة هي العذر بل رأى انهما لم يحظيا من العناية بمثل هذا الادب في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال لو كنت ما من اهل البلد لاوجعتكما لكنه عذرهما بحكم الغربة والقدوم وربما كان عذرا من الجهل بعدم العناية بتحقيقها هذا الادب فلم يرظى رظي الله عنه وهو الخليفة انذاك وامير المؤمنين ما رضي وهو جالس في المسجد ان يسمع اصواتا ترتفع نظر رضي الله عنه الى ان قبر النبي صلى الله عليه وسلم هناك على مقربة منهم بجوار روضته فانه لا يليق ورفع الصوت وان رفع الصوت هناك بمثابة رفع الصوت بحضرته حيا عليه الصلاة والسلام. فرفض هذا الصنيع وادب القوم ثم حفظت الرواية هذا الادب وينقل الينا بعد اكثر من الف سنة من حدوث هذه القصة. لنتأدب بمثل ذلك ولنعلم انهم رضي الله عنهم كانوا يحتفون جدا بالعناية بمثل هذا ما قال منهم قائل ان الاية ان الذين يغضون اصواتهم عند رسول الله انها خاصة بحياته صلى الله عليه وسلم بل نظروا الى ان الادب هذا متحقق في حياته كما هو متحقق بعد مماته صلوات ربي وسلامه عليه وقال مالك وقد سئل عن عن ايوب السخ السختياني؟ اني محدثكم عن احد اني ما حدثتكم اني ما حدثتكم عن احد الا وايوب افضل منه قال وحج حجتين فكنت ارمقه ولا اسمع منه غير انه كان اذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى ارحمه فلما رأيت منه ما رأيت واجلاله للنبي صلى الله عليه وسلم كتبت عنه اسمعوا رعاكم الله الى طرف من الاخبار والقصص والمواقف التي كان يعيش فيها ساداتنا من السلف عظيم الادب مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. عند روايته عند كتابته. عند سماعه. عند التحديث به. فاذا كان مجلس يذكر فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فحقه الادب والاحترام والخضوع لانهم يتعاملون مع حديثه صلى الله عليه وسلم وما سيذكر الان في المواقف هي عن ائمة اهل الحديث سادة الدنيا من حفظوا لنا ميراث المصطفى صلى الله عليه وسلم. كانوا اوفر الامة حقيقة من التعظيم لرسول صلى الله عليه وسلم. كانوا اكثر الامة عناية بهذا الادب. واعظم الامة اجلالا للسنة وحبا لصاحبها صلى الله عليه وسلم ولا تعجب هؤلاء قوم مالك وايوب وابن المنكدر وجعفر بن محمد الصادق وغيرهم في من يرد ذكره الان. لا تعجب قضوا اعمارهم وافنوا حياتهم في البحث عن السنن والرواية والرحلة اليها وطلب الحديث وسماعه وحفظه وتدوينه. كانوا ينفقون اعمارهم قبل اموالهم من اجل طلب حديث من حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم. يرتحلون من الشرق الى الغرب في رحلة تمضي فيها الايام والاسابيع والشهور من اجل ان يسمعوا حديثا او اثنين يصل به سندهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. هل كانت حياة اهل الحديث هل كانت سيرة اهل الحديث؟ هل كان تاريخ المحدثين في الاسلام الا صفحة مشرقة تحكي جيلا بل اجيالا عاشوا تعظيما للسنة واجلالا لها وحبا لصاحبها عليه الصلاة والسلام. تقرأ في اخبارهم ما هو اقرب الى الخيال والله. في عظيم لما عاشوا به حياتهم وافنوا به اعمارهم وبذلوا فيه النفيس والنفس من اجل الوصول الى خبر يتصل به سندهم برسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرون الدقة والصواب والتوثق في اثبات الحديث وصحة السند واستقامته لا شيء يغريهم في ذلك كله لا مال ولا دنيا ولا منصب ولا جاه. كانوا يرون ان الذي يحظون به اعظم من ذلك كله تدري ما هو؟ ان طلبه سند برسول الله صلى الله عليه وسلم يسعه ان يقول بكل فخر واعتزاز حدثني فلان عن فلان عن فلان ان الله صلى الله عليه وسلم قال كذا. فمن له بمثل هذا اتظن ان مثل هذا عنده يمكن ان تقابله بشيء من متع الحياة. وحظوظها الزائلة ومهجها الفانية. والله ان احدهم كان بالحديث الواحد يرحل اليه الايام والليالي والاسابيع والشهور اشد فرحا من فرحة ذي المال بماله وذي الجاه بجاهه وذي السلطان بملكوته كانوا اعظم فرحا. لانهم يرون ان الذي حازوه بالرحلة والطلب والسماء شيء عظيم بل هو شرف حتى قال قائلهم يا سادة عندهم للمصطفى نسب رفقا رفقا بمن عنده للمصطفى حسب اهل الحديث هم اهل النبي وان لم يصحبوا نفسه انفاسه صحبوا كانوا يشعرون انهم في الرواية والسماع والانتقال واتصال السند برسول الله صلى الله عليه وسلم ان لم يصحبوا نفسه انفاسه هذه عنده متعة الحياة. فعندما تسمع اخبار القوم لا تستكثر عليهم شأنا اقاموا عليه حياتهم كلها يقول مالك وقد سئل عن ايوب ومالك هو مالك امام دار الهجرة صاحب المذهب المتبوع منذ ذلك الزمان والى اليوم. يقول وقد سئل عن الامام ايوب وهو من ائمة وسادات المحدثين علما وثقة وصدقا في الرواية وامامة في الحديث يقول اني ما حدثتكم عن احد الا وايوب افضل منه مالك يقول هذا الكلام ثم قال وحج حجتين فكنت ارمقه ولا اسمع منه. كان الائمة الكبار يتحرون في الرواية. ولا يرظون باخذ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من اي احد ان لم يكن اماما معتبرا ان لم يكن اهلا لان يؤخذ عنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول فرمقته سنتين يرصده هو في الحج ويراه ولكن لا يأتي اليه ويسمع منه. يريد ان يتوثق من حاله حتى يراه اهلا للاخذ عنه. قال فكنت وارمقه ولا اسمع به غير انه كان اذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى ارحمه قال فلما رأيت منه ما رأيت واجلاله للنبي واجلاله للنبي صلى الله عليه وسلم كتبت عنه لم يكن تشددا من الامام مالك رحمه الله لكن كان يرى علامة جديرة بصاحبها ان يقرأ في ثناياها تعظيما تليق بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجلالا يحمل على توقير انسان يعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم وقال مصعب بن عبدالله كان مالك اذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لونه يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه. فقيل له يوما في ذلك فقال لو رأيتم ما رأيت لما انكرتم علي ما ترون ولقد كنت ارى محمد ابن المنكدر وكان سيد القراء لا يكاد يسأله احد عن حديث ابدا الا يبكي حتى نرحمه ولقد كنت ارى جعفر بن محمد الصادق وكان كثير الدعابة والتبسم. فاذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم مصفرا وما رأيته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الا على طهارة وقد اختلفت اليه زمانا فما كنت اراه الا على ثلاث خصال. اما مصليا واما صامتا واما يقرأ القرآن. ولا يتكلم فيما لا يعنيه. وكان من العلماء والعباد الذين يخشون الله عز وجل هذا الامام ما لك رحمه الله يحكي ايضا صفحات فيما رآها من شيوخه في من روى عنهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال مصعب بن عبدالله ومصعب بن عبدالله هذا هو حفيد حفيد عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنهم جميعا. فهو مصعب بن عبدالله ابن مصعب ابن ثابت ابن عبد الله ابن الزبير. يقول كان مالك اذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لونه انحني حتى يصعب ذلك على جلسائه. فقيل له يوما في ذلك يعني سئل عن حاله هذا الذي يعتريه اذا اراد ان يذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم فقال لو رأيتم ما رأيت لما انكرتم علي ما ترون ولقد كنت ارى محمد بن المنكدر وكان سيد القراء لا يكاد يسأله احد عن حديث ابدا الا يبكي حتى نرحمه وهو الذي يقول فيه الامام ابو حاتم البستي يقول عن محمد بن المنكدر كان من سادات القراء لا يتمالك البكاء اذا فقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالله عليك ما الذي يبكيه محمد بن المنكدر والامام مالك وما سيذكر عن محمد عن جعفر بن محمد؟ ما الذي يبكي هؤلاء هل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآن يهز القلوب وتخشع له الجوارح وتذرف له العيون ام في حديثه صلى الله عليه وسلم من الروعة والجلال كمثل ما في كلام الله. لا هذا ولا ذاك. لكن حسبك انهم يذكرون عند سرد الحديث وروايته وسماعه انهم يتداولون حديث اعظم الخلق واشرفهم على ربهم عز وجل صلى الله عليه وسلم. وانه حديث نبي الامة الحري به من الاحترام والتقدير والمهابة والاجلال ما ينبغي ان يكون ثم لربما خالط بعضهم شعور ان الحديث الذي بينهم فيه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم راويان او ثلاثة او اربعة فاتهم به شرف الصحبة. فربما حزن بعضهم لذلك. فادركته العبرة وبكى ربما شعر بعضهم ان الفرحة التي تحتويه بذكره لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كتب الله له من الشرف حسابي الى الرواية واتصال السند برسول الله صلى الله عليه وسلم يحمله على شعور تمتزج فيه المشاعر. فتفيض عينه وبكاء يقول ولقد كنت ارى والكلام ايضا للامام مالك ولقد كنت ارى جعفر بن محمد وجعفر بن محمد الصادق هو ابن علي ابن الحسين ابن علي ابن ابي طالب سليل ال بيت الا صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم جميعا. قال وكان كثير الدعابة والتبسم فاذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم قال وما رأيته يحدث الا على طهارة. اذا حدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال وقد اختلفت اليه يقول الامام ما لك يعني ترددت عليه كثيرا للسماع والرواية قال فما كنت اراه الا على ثلاث خصال اما قليا واما صامتا واما يقرأ القرآن. ولا يتكلم فيما لا يعنيه وكان من العلماء والعباد. الذين يخشون الله عز وجل يا قوم اين نحن من هؤلاء اين حالنا من احوالهم اين الادب الذي ادبنا الله كما ادبهم به اين نحن مما ارتقوا اليه ووصلوا في تعظيمهم واجلالهم لحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام بل انظر كيف يتوارثون هذا الادب هذا مصعب يحكي عن الامام مالك. والامام مالك يسأل عن ايوب ويجيب رحمه الله عما رأى من شيوخه عن محمد بن المنكر كدير عن جعفر ابن محمد الصادق كانوا يتوارثون الادب. هذا الامام مالك لما كان تلميذا وقد عاش عند هؤلاء وتردد على شيوخه واساتذته. ورأى من حالهم الادب مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عاش هذا الادب فرآه طلابه فيه كان يحكى في مجلس الامام ما لك في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بطيبة. وهو يجلس ويحدث ويروي لهم سنن النبي صلى الله عليه وسلم. يحكى شيء عظيم من الهيبة والجلال في مجلس الحديث عند الامام مالك في المسجد النبوي. كان مالك اذا جلس رحمه الله بل كان اذا خرج كما سيذكر المصنف طرفا من صنيع الائمة. كان لا يخرج من داره الى المسجد الى مسجد رسول الله. صلى الله عليه وسلم ليقعد في مجلس الاقراء والتعليم والتحديث لا يخرج الا على طهارة. لابسا احسن ثيابه متطيبا يتعمم يلبس الثياب البيض يقبل فيتصدر المجلس ويتحلق حوله كل طالبي حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن كان يرحل اليه الامام ما لك رحمه الله من كل اقطار الدنيا. تدري فماذا يجدون في مجلسه؟ يجدون قبل الحديث يجدون الادب يجدون التعظيم يجدون التوقير لسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. كانوا لا يرجؤ احدهم لا يجرؤ ان في مجلس الامام مالك حديثا ولا ان يرفع صوته ولا يسمع في مجلس الامام ما لك رحمه الله صوت تصفح الورى حتى هذا ما تسمعه يتصفحون الورق تصفحا رقيقا. ولا يسمع في مجلسه صوت بري القلم. وهم يكتبون ويحتاج احدهم اذا انكسر قلمه او بلية ان يبريه حتى يعاود الكتابة. كل ذلك ما يرى وترى العشرات والمئات جلوسا في مجلسه رحمة الله عليه وهم مطرقون كأن على رؤوسهم الطير تأدبوا بادب شيخهم وتأدب رحمه الله بادب شيوخه ممن لقي كيف كانوا يتوارثون هذا الادب كيف كانوا ينقلونه جيلا بعد جيل؟ يعلمون يقينا ان هذا من الدين الذي يجب تعظيمه في القلوب. وان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وان سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبغي ان تكون في القلوب في غاية التعظيم والاجلال. وانت فوق الرموش والعين وعلى الرؤوس تقديرا واجلالا واحتراما. لم لا؟ هذه سنة رسول الله. وهذا حديث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هذه المواقف حكاها الامام ما لك رحمه الله وهو واحد من عداد مئات وعشرات والوف المحدثين في الامة الذين تناقلوا هذا وتوارثوه عندما تحكى هذه المواقف يا كرام فانها تعكس صفحة مشرقة لنا اولا. وتوقظ في دواخلنا شيئا مفقودا ثانيا. وتحملنا ثالثا على حث الخطى وعلى التشمير وعلى شد العزائم والنهوض للوصول الى هذا المقام فانهم ما وصلوا اليه من فراغ رضوان الله عليهم اجمعين ولقد كان عبدالرحمن بن القاسم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم فينظر الى لونه فينظر الى لونه انه نزف منه الدم. ولقد جف لسانه في فمه هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا حفيد ابي بكر الصديق رضي الله عنه عبدالرحمن بن القاسم بن محمد بن ابي بكر الصديق. يذكر النبي صلى الله عليه وسلم فينظر الى لونه كأنه نزف منه الدم. وقد جف لسانه في فمه هيبة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولا ولقد كنت اتي عامر بن عبد الله بن كنت اتي ولقد كنت اتي عامر بن عبدالله بن الزبير اذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع ولقد رأيت الزهري وكان من اهنأ الناس واقربهم. فاذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه ما عرف ولا عرفته ولقد كنت اتي صفوان ابن سليم وكان من المتعبدين المجتهدين. فاذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم بكى فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه وروي عن قتادة انه كان اذا سمع الحديث اخذه العويل والزويل يعني البكاء والتأثر من سماع الحديث. مرة اخرى يا قوم اين نحن من هؤلاء اي مقام عظيم للتعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ولسنته ولحديثه وقر في قلوبهم واي مرتق ارتقى اليه هؤلاء الكرام رضي الله عنهم في شدة التعظيم والتوقير. والله انك لتحسب ان انفقهوا تماما معنى قول ربنا سبحانه لتعزروه وتوقروه وعرفوا تماما معنى التوقير كيف يكون. وادركوا جيدا انهم وان لم يظفروا بالصحبة فانه لا يزال لهم في ان يكون لهم حظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم توقيرا واحتراما. وتأدبا بسائر ما ادبنا الله عز وجل به مع نبيه عليه الصلاة والسلام ولما كثر على مالك الناس قيل ولما كثر على مالك على مالك الناس قيل له لو جعلت مستمليا يسمعهم فقال قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي وحرمته حيا وميتا سواء. عليه الصلاة والسلام لما كثر الناس على مالك كثر الناس عليه يعني كثر الحضور عنده وطلابه وتلاميذته والمرتحلون اليه من الافاق للسماع منه واتصال السند بحديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد كانت الجموع في مجالس العلم والوعظ والخطاب اذا اتسعت لا يسمع فيها حديث المتحدث لسعة المجالس ولكثرة الحضور ولم تكن مكبراته صوت ولم تكن ادوات يستعان بها على ابلاغ الصوت الى العشرات والمئات الحاضرين. فكيف كانوا يفعلون؟ كانوا في مجالس الحديث خاصة يستعملون الاستملاء ومعناه ان يحدث الشيخ بالحديث جملة جملة ويسكت بين كل جملة واخرى من اجل ان يأخذ جملته احد الطلاب الجالسين في المنتصف ويسمى المستملي فينقل الجملة الى الصفوف التي وراءه. فيسمع الصوت بتناقل الجمل عبر المستملين واحدا بعد واحد. فربما كان في المجلس خمسة مستملين او عشرة او اكثر او اقل بحسب سعة المجالس. وكان هذا شائعا وكان هذا ايضا مستعملا من اجل الا يفوت بعض الطلاب الحاضرين شيء مما يسمعه الناس من حديث المحدث وكلام الشيخ روايته وهم يكتبون خلفه فقيل للامام ما لك لما كثر الناس علي لو جعلت مستمليا يسمعهم يعني ماذا لو اتخذت بعض طلابك يساعد في ابلاغ الصوت عن طريق الاستملاء يأخذ الجملة من فم الشيخ وهو ينتظره حتى يبلغها لمن وراءه ثم يعود للجملة التالية وهم يكتبون فقال قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي وحرمته ميتا كحرمته حيا عليه الصلاة والسلام المستملي يحتاج رفع صوت فهو يرفع صوته ليسمعه المستملي ثم المستملي يرفع صوته ليبلغ من وراءه انظر كيف راعى رحمة الله عليه ان رفع الصوت هنا في مجلس العلم والرواية والتحديث وان كان من اجل اسماع الطلاب والمتعلمين والتلامذة من اجل اسماعهم جمل الحديث والرواية الا انها كانت واقعة في مسجده عليه الصلاة والسلام فهي داخلة في عداد لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي هذا ادب كريم هذه لفتة عظيمة وحدها هذه الجملة كانت ادبا من هذا الامام الفذ رحمة الله عليه انظر كيف حفظتها الكتب وترويها على انها فقه عظيم من امام جليل كالامام مالك رحمة الله عليه. قال يقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا قالوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي وحرمته حيا وميتا سواء. صلى الله عليه واله وسلم. اللهم صلي وسلم وكان ابن سيرين ربما يضحك فاذا ذكر عنده حديث النبي صلى الله عليه وسلم خشع وكان عبدالرحمن بن مهدي اذا قرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم امرهم بالسكوت وقال لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ويتأول انه يجب له من الانصات عند قراءة حديثه ما يجب له عند سماع قوله صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام. محمد بن سيرين كان من اكثر الناس انسا وانبساطا وسرورا وضحكا وتيسرا مع اصحابه. كان ربما يضحك فاذا ذكر عنده حديث النبي صلى الله عليه وسلم خشع. وكان موصوفا رحمه الله بالدعابة والتبسم. والمباسطة وكثرة المزاح. وهي طبيعة في بعض الناس رغم امامته وجلالته رحمة الله عليه. لكن الطبع يكون في بعض الناس على هذا النحو. ورغم ذلك فلن يكن طبعه لينزعه رحمة الله عليه عن ادب عظيم. وما كان طبعه ليسري عليه فيخل بجانب الادب في مجلس الرواية حديث فاذا ذكر عنده حديث النبي صلى الله عليه وسلم خشع. وكان عبدالرحمن بن مهدي وهو ايضا سيد من سادات الحفاظ امام ثقة رحمة الله عليه. كان وهو من اقران الامام الشافعي واضرابهم في تلك الطبقة العظيمة من ائمة الاسلام. كان اذا قرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم امرهم بالسكوت ولا يقبل ان يتحدث احد في مجلسه وهو يلقي على مسامعهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم ويقول لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ويتأول يعني يفسر الاية انه يجب له من الانصات عند قراءة حديثه صلى الله عليه وسلم ما يجب له عند سماع قوله صلى الله عليه وسلم هذه جملة اثار هذه مواقف هذا ابن مهدي وابن سيرين وذاك قتادة ومالك وصفوان بن سليم والزهري وعامر بن عبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن ابي بكر وسواه ممن ذكر المصنف بعض اخبارهم في هذا الفصل عاشوا حياتهم متمثلين بهذا الادب في التعظيم والتوقير فماذا عني وعنك رعاك الله ماذا عن تصرفاتنا ممارساتنا بالا نلتفت الى الوراء ونقول فرطنا او تساهلنا. دعونا نتحدث عما ينبغي لنا فعله. يا كرام لكل منا ولد او زوجة او صاحب او تلميذ او صديق او جار. ولا يخلو احدنا من حديث واياه ولا يخلو حديث المسلم في الجملة من ان يأتي على لسانه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم. اما بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم واما بذكر سنة من سنته صلى الله عليه وسلم. او التذكير بحديث من احاديثه العطرة او سياق شاهد من سيرته النظرة صلى الله عليه وسلم ويبقى التلبس بهذا الادب متوفرا في كل تلك المواقف على السواء. بوسعك عبدالله ان يكون لك في شأنك هذا الامر الذي سمعت طرفا منه من حال القوم وان يكون لك من العناية بالادب عند ذكره وذكر حديثه او جريانه على لسانك او سمعك صلى الله عليه وسلم من الادب ما يليق بك. حتى لو كان المجلس مجلس انس وانبساط ومرح وضحك ومزاح. لا حرج لكن متى عرض في المجلس وفي الحديث ذكره او ذكر حديثه صلى الله عليه وسلم فينبغي ان نتلبس الادب ليس هذا تقلبا في الحال هذا محمد ابن سيرين كان ربما يضحك. فاذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم خشع هذه واحدة والثانية بوسعنا جميعا يا كرام ان نزرع في انفسنا ثم فيمن تحت ايدينا من حولنا هذا الادب الكريم ماذا عن اولادنا ماذا عن ازواجنا في البيوت؟ ماذا عن اصحابنا في المجالس؟ والله انه بوسع كل واحد منا ان يلقيه ادبا يأخذهم به اخذا رفيقا ويزرع في بنيه انه كلما جرى في مجلسنا حديث يذكر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فينبغي ان يكف الضاحك عن ضحكه وذله عن لهوه حتى يظهر لنا من الادب في السمت والمجلس والسمع وتناول الحديث ما كان اننا نعيش في صحبته بمجلسه عليه الصلاة والسلام ليست هذه دعوة الى مفارقة المرح والانبساط والسرور وان يكون احدنا على الدوام في مبدأ الجد ومأخذ العزم وبالتالي فنظيق على انفسنا كثيرا من الواسعات في الحياة كلا ليس شيء من هذا قط لكنه لكل مقام مقال ولكل حدث ما يناسبه ونحن نتحدث عن ادب شرعي وليس حديثا عن فضلة ولا عن كمال في كمالات الحياة. يا كرام نؤدب اولادنا ادبا اكيدا امور لا نرى لهم جواز تجاوزها في الطعام والشراب في المزاح لا نقبل لاولادنا حتى في سبيل المزاح ان يتعدى احدهم على كبير في الاسرة كبير سن او كبير منصب. ونعد هذا تجاوزا للحياء والادب وهذا من حسن ما يصنعه الاباء والامهات في تلقين الادب للاولاد من البنين والبنات. كذلك في الطعام والشراب. ولا نرضى ان يظهر احدهم امام الناس بمظهر يخل فيه بالادب فينسب التقصير في ادبه الى امه وابيه. وانهم ما اعتنوا بتربيته هذا عرف عند الناس جميعا وعندما يرى الاولاد متلبسين بلبوس الادب في العبارات والتعامل والمواقف والطعام والشراب وفي حديثهم واختلاطهم بالناس وفي المجامع يحمد الولد في تربيته وينسب الفضل لامه وابيه في ذلك كله ايه كل هذه اداب اجتماعية واعراف كريمة تتوارثها المجتمعات المسلمة فكل ما ذكرت وامثاله واضعافه اعظم ام الادب مع ما يتعلق بنبي الله صلى الله عليه وسلم اعظم ادب اللباس ادب الطعام والشراب اهم ام ادبنا في التعامل مع ما يتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ادب احدهم في التعامل مع جده وخاله وعمه وابيه وامه ومع اخيه الاكبر واخته الكبرى اهم واعظم واجل. ام تأديبهم بما يتعلق من الادب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ايها الفضلاء ايها الكرام النبلاء يا جميع من تعتنون بتأديب اولادكم حسنا صنعتم. وكريما لاولادكم ورثتم. لكن من تمام ذلك ومن رأسه همي ان تكون العناية بغرس هذا المعنى من التعظيم لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوبهم. في نفوسهم الطرية دعهم ينشؤون قد شب احدهم على حب السنة وتعظيمها. واجلالها وتوقيرها. والله لتبصرن فيه استقامة سوية تقرب عينك فرق بين ان تؤدبه في الطعام الا يأكل بشماله او يعبث في الاطباق او يأكل من امام الناس ويلوث الصفرة فرق بين ان تقول له يا ولدي هذا عيب وما يليق وسيذمك الناس واستحي وبين ان تقول له نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا نبينا ادبنا بكذا. قال لعمر ابن ابي سلمة يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك. فرق في الادب نفسه بين ان بالحياء والخجل ونظرة الناس وذمهم وبين ان تربطه بادب النبي صلى الله عليه وسلم. فينشأ معظما سنة لانك عظمتها في قلبه. ينشأ محبا لها لانك حببته اليها. ينشأ حريصا عليها لانك زرعتها في قلبه بعناية هكذا هي التربية. ظربت مثالا للاباء والامهات مع اولادهم. قل مثل ذلك في الاستاذ مع تلاميذه. والشيخ مع طلابه الجمعة مع اهل مسجده وكلنا كذلك. والصديق مع صديقه والزوج مع زوجته. والمرأة مع زوجها. الكل في هذا في التداعي في التواصي في التنادي باقامة هذا الادب والحرص عليه. بالتنادي والتواصي على هذا المعنى الكريم هذا جزء من ديننا هذا من ادبنا في المجتمعات هذا من شعيرتنا التي نمتثل بها امر الله ونحقق بها مقصدا من مقاصد رسالته صلوات الله وسلامه عليه لما قال الله له انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه ثم اعلموا رعاكم الله انه بقدر ما يتحقق في حياتنا في المجتمعات المسلمة من هذا الادب من التعظيم والتوقير والاحترام لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ولسنته صلى الله عليه وسلم سيرته صلى الله عليه وسلم. والله بقدر ما نحفظ في قلوبنا وحياتنا ومجتمعاتنا من الادب هذا العظيم من التعظيم والتوقير والاجلال بقدر ما ننجح في تطبيق هذه السنن والتمسك بها. والقيام بها حق القيام واشاعتها في المجتمعات وبثها في الامم سنقصر كثيرا ان شعرنا بضعف وعجز تجاه بث سنة سيد البشر عليه الصلاة والسلام الى البشرية جمعاء نعجز ونقصر واول خطوات التقصير فينا هو عجزنا عن توفير هذا الادب الكبير لا تبحث عن نشر سنته والحديث عنها والظهور في وسائل الاعلام لتقول للناس السنن كذا وكذا وحياة النبي عليه الصلاة والسلام تمثلت في كذا وكذا لن ننطلق الى الامام. ما لم ننطلق من المنطلق الصحيح وتوفير القاعدة الام والمدخل الاهم والبوابة الاساس هو ان يتوفر هذا الادب في دواخلنا اولا ونورثه لمجتمعاتنا اولادنا طلابنا ازواجنا اهلينا جيراننا وكل المجتمع من حولنا. ان يعرف الجميع القدر العظيم لمقام النبي صلى الله عليه وسلم ولسنته التي عظم الله شأنها ولمقامه الذي الزمنا الله في سبيله واتباع سنته عليه الصلاة والسلام. اذا هي قبل الاقتداء والاستنان تعظيم عظيم. قبل الانطلاق في التمسك بالسنن حرص عليها توقير جليل. قبل الحديث الى المجتمعات البشرية مسلمها وكافرها عن السنن وتطبيقها ونشرها هو حديث عن توقيرها عن احترامها عن حبها عن اجلالها في القلوب قبل ان نخاطب مسلما قصر في سنة فتجاوزها واهمل سنة وتركها. قبل ان تقول له ها هنا سنة حري بك ان تفعلها لك ان تقول له ثمة سنة فقدت الادب معها. ما اهمل مسلم سنة الا لما نقص تعظيمه في قلبه ما تجاوز سنة الا لما ظعفت مكانتها في قلبه. حقيقة ينبغي ان نعترف بها. ارأيت الى كثير من السنن قصرنا فيها في الحياة في شأننا في لباسنا في حياتنا في اخلاقنا صدقوني قبل ذلك التفريط كان تفريط بدأ بالقلب اولا كان شيء من التقصير في توفير هذا التعظيم العظيم هذا الاجلال الكبير. هذا الفارق بيننا وبين اسلافنا الكرام. بين ساداتنا الصحب فالتابعين ومن جاء بعدهم رضي الله عنهم جميعا. كانوا اصدق منا حبا وكانوا اصدق منا تعظيما. وبالتالي فكانوا اصدق منا تطبيقا واستنانا وتمسكا لما حققوا الاول تحقق لهم الثاني. ولما فرطنا في الاول تفرط الثاني عندنا تبعا له هي دعوة الى انطلاق المسار مما ينبغي الانطلاق منه. الحديث عن هذه المنطلقات في حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم ايمان صادق ومحبة عظيمة وتوقير جليل لرسول الله عليه الصلاة والسلام نعم فصل فصل في سيرة السلف في تعظيم رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته قال القاضي عياض حدثنا الحسين بن محمد الحافظ قال حدثنا ابو الفضل بن خيرون قال حدثنا ابو بكر ابو بكر البرقاني وغيره قال حدثنا ابو الحسن الدارقطني قال حدثنا علي ابن مبشر قال حدثنا احمد بن سنان القطان قال اخبرني يزيد ابن هارون قال اخبرني المسعودي عن مسلم البطيء عن عمرو ابن ميمون قال اختلفت الى ابن مسعود سنة سنة فما سمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا انه حدث يوما فجرى على لسانه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم علاه كرب حتى رأيت العرق يتحدر عن جبهته ثم قال هكذا ان شاء الله او فوق ذا او ما دون ذا او ما هو قريب من ذا وفي رواية فتربد وجهه. وفي رواية وقد تغرغر عيناه وانتفخت اوداجه. نعم آآ عقب المصنف رحمه الله بهذا الفصل الذي نجعله في مجلس ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. وهو يذكر فيه شيئا اخص مما سبق. لما انقضى الحديث عن تعظيم السلف للنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته عند ذكر اسمه او عند الادب بذكر حديثه خص هذا الفصل التالي بشأنهم في تعظيم الرواية للحديث على وجه الخصوص وهو يسوق في هذا ايضا جملة من الاثار المشرقة عن سلف الامة رحمة الله عليهم نجعلها لمجلس ليلة الجمعة المقبلة بعون الله تعالى. واقبلوا ما بقي من ليلتكم ويوم غدكم الجمعة على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. واستكثروا من خيراتها وبركاته. وحوزوا ما بطياتها من شرف عظيم يبقى المؤمن المحب اهلا لنيلها. ان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بركة وخير واجر ومثوبة وجزاء حسن. شرف الصلاة على النبي عظيم. ومقامها عند الاله وعليه صلى الصالحون وسلموا ان الصلاة على النبي نعيم صلى الله عليه واله وسلم وليكن من حظكم هذه الليلة بالاستكثار من الصلاة والسلام عليه. صلى الله عليه وسلم تجديد الشوق والحب الدفين. وبعث الى التمسك بسنته القويمة وسيرته العطرة عليه الصلاة والسلام. فمن اكثر من ذكره والصلاة عليه تقرب من حبه حبه صلى الله عليه وسلم قائد لكل خير وفضيلة وهدى. فيا رب صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمنا وزدنا علما يا رب العالمين. اللهم احينا مسلمين وتوفنا مسلمين والحقنا اللهم بالصالحين. اللهم احينا على وامتنا عليها وبعثنا في زمرة صاحبها صلى الله عليه وسلم. واحشرنا في زمرته واكتب لنا شرف شفاعته يا اكرم الاكرمين. اللهم انا نسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم. ونعوذ بك يا رب من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم صل على نبينا افضل صلاة وسلم عليه اشرف تسليم وانزل عليه من البركات يا رب العالمين ما هو اهل له. اللهم انا نشهدك على حبه فاكمل لنا محبته بالتعظيم والاجلال والاستنان واتباع سنته يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انا نسألك من كل خير خزائنه بيدك ونعوذ بك من شر كل ذي شر انت اخذ بناصيته. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا واهدي ضالنا وتقبل منا الهنا من ارادنا والاسلام والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه. واجعل كيده في نحره واجعل تدميره في تدبيره يا ذا الجلال اكرام. اللهم احفظ علينا امننا وايماننا وسلامتنا واسلامنا. ووفقنا لما تحب وترضى وخذ بنواصينا الى البر والتقوى واللهم امنا في الاوطان والدور واصلح وارشد وسدد الائمة وولاة الامور يا اكرم الاكرمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه به اجمعين والحمد لله رب العالمين