بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. له الحمد في الآخرة والأولى جل جلاله وعم نواله. وتقدست اسماء ولا اله الا هو سبحانه وبحمده لا نحصي ثناء عليه واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله المصطفى ونبيه المجتبى. امام الهدى وسيد الورى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد ايها الكرام فان الليلة المباركة ليلة الجمعة ليلة عظيمة وخير كبير وشرف عظيم وكثير من خيرها وشرفها وبركتها ينال بما شرع الله لنا معشر المسلمين. في مثل هذه الليلة المباركة الاوان الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هذه الليلة. ويوم الجمعة من افضل اعمالنا واكدها واحبها عند ربنا ومليكنا جل في علاه. والنبي صلى الله عليه وسلم قد دلنا وارشدنا الى باب من ابواب الخير والاجر ورضا الله وصلاة ربنا علينا من فوق سبع سماوات فقال صلى الله عليه وسلم ان من افضل ايامكم يوم الجمعة فاكثروا من الصلاة علي فيه. وقال صلى الله عليه وسلم اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. فان صلاتكم معروضة علي. وقال عليه الصلاة والسلام فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. صلى عليك الله يا نور الهدى. ما صح غيث او تهاطل جود صلى عليك الله في ملكوته ما اهتز غصن او تحرك عود. وما يزال هذا المجلس يا كرام متتابعا في تقديم صفحات من كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمه الله. وما زلنا منذ جمعتين سابقتين نتحدث عن وجه من وجوه اكرام رسول الله عليه الصلاة والسلام. وتوقير رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبري رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك في صحابته الكرام رضي الله عنهم برا بهم وحبا لهم واحتفاظا مكانتهم واجلالا لاقدارهم. كل ذلك لانهم صحبه الكرام رضي الله عنهم وارضاهم. فمن احب رسول الله صلى الله عليه وسلم احبهم. ومن وقر النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وقرهم ومن احب النبي صلى الله عليه وسلم ونصره وعزره واجله كان له مثل ذلك مع صحابته الكرام رضي الله عنهم جميعا مجلس الليلة ختام المجالس السابقة في هذا الفصل العظيم هو مجلس يعكس صفحة من صفحات الحب والوفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حبا ووفاء لصحبه الكرام رضي الله عنهم. الذين افنوا اعمارهم حبا له وفداء اللهو وتضحية من اجل دينه ونصرة له صلوات ربي وسلامه عليه. فحفظ التاريخ سيرهم وخلد المجد واخبارهم رضي الله عنهم جميعا. هذه الصفحات التي ساق فيها المصنف رحمه الله. جملة من نصوص الشريعة قات مشرقة للسلف رضوان الله عليهم في بيان هذا الاصل العظيم. حتى غدا علما من اعلام العقائد عند اهل السنة وبابا كبيرا واصلا جليلا من اصول الاعتقاد في ديننا معشر المسلمين. الا يكون لصحابة المصطفى صلى الله عليه وسلم الا الاجلال والاحترام والمكانة والوقار كما اراد الله لهم وكما اصطفاهم واختارهم من بين خلقه ليكونوا صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد عليه افضل واتم التسليم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى فصل من توقيره وبره صلى الله عليه وسلم توقير اصحابه وبرهم ومعرفة حقهم والاقتداء بهم وحسن الثناء عليهم والاستغفار لهم والامساك عما شجر بينهم ومعاداة من عاداهم والاضراب عن اخبار المؤرخين وجهلة الرواة وضلال الشيعة والمبتدعين القادحة في احد منهم. وان يلتمس لهم فيما نقل عنهم من مثل ذلك فيما كان بينهم من الفتن احسن التأويلات. ويخرج لهم اصوب خارج اذ هم اهل ذلك ولا يذكر احد منهم بسوء ولا يغمص عليه امره بل يذكر حسناته وفضائلهم وحميد سيرتهم. ويسكت عما وراء ذلك. الى ان قال وقال ايوب السختي وقال ايوب السختياني من احب ابا بكر فقد اقام الدين. ومن احب عمر فقد اوضح السبيل. ومن عثمان فقد استضاء بنور الله. ومن احب عليا فقد اخذ بالعروة الوثقى. ومن احسن الثناء على اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد برئ من النفاق. ومن انتقص منهم احدا فهو مبتدع مخالف سنة مخالف السنة والسلف الصالح. واخاف الا يصعد له عمل الى السماء. حتى يحبهم جميعا فيكون قلبه سليما وقف بنا المجلس ليلة الجمعة الماضية عند مقولة الامام ايوب السختياني رحمة الله عليه وهو احد اعلام السلف وساداتهم وعلمائهم. يقول رحمه الله مبينا هذا الاصل العظيم. محتفظا بمكانة الصحابة جميعا على الجملة ولبعض احادهم وافرادهم على وجه الخصوص. فانه قد خص ابا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم جميعا لانهم الاربعة الخلفاء. وهم ذروة سنام الصحابة واعلاهم منقبة واجلهم منزلة رضي الله عنهم جميعا. وتفضيل بعضهم على بعض ليس ازراء بالاخرين. وتخصيص بعضهم بما خصته الشريعة به من المناقب ليس حطا من اقدار الاخرين سواهم. فكلهم رضي الله عنهم شركاء في فضل الصحبة وشرفها. وفي الصدق للاسلام وفي اصطفاء الله لهم هذا المعنى الكبير كانوا فيه شركاء. لكن ذلك لا يناقض ان يمتاز بعضهم على بعض بما خصهم الله به وكل ذلك انما يثبت بصحيح الاثر الذي يثبت به الدليل. فذكر ابا بكر وعمر وعثمان وعلي بخصائص وعبر عنهم بعبارات ونوع لهم في الثناء بما يليق بمقامهم. من احب ابا بكر فقد اقام الدين. ومن احب عمر فقد اوضح السبيل ومن احب عثمان فقد استضاء بنور الله. ومن احب عليا فقد اخذ بالعروة الوثقى ثم عمم على الصحابة رضي الله عنهم فقال ومن احسن الثناء على اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد برئ من نفاق هذا الاصل فما الذي يقابله؟ يقابله تهمة في الدين ولابد ورزية وبلية تصاب بها عقائد بعض من ينتسب الى الاسلام اذا ما تخطت به القدم في المهاوي فقدح في احد منهم رضي الله عنهم. يقول ومن انتقص منهم احدا فهو مبتدع مخالف السنة والسلف الصالح. واخاف الا يصعد له عمل الى السماء حتى يحبهم جميعا ويكون قلبه سليما مضت النصوص والاثار الدالة على هذا الباب. على هذا الاصل العظيم وما يزال المصنف رحمه الله يسوق من عباراتهم اقاويلهم ما يؤسس في قلوبنا يا اهل الاسلام. هذا الاصل العظيم اي اصل حب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم السماح لاحد في الامة ان ينتقصهم او يشوه سمعتهم او يذكرهم بما يثلبهم او ينقص ما حباهم الله به. يا قوم هؤلاء فئام من البشر اثنى الله عليهم في كتابه ومدحهم وزكاهم واثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهل بعد هذا من عدالة؟ وهل فوق هذا من ورتبة وشرف ثم تنزل الايات من القرآن في حكم الله لهم بالرضوان ودخول الجنان في ايات تتلى الى يوم والقيامة فما الذي يبقى بعد ذلك لاحد فيه مطعن ان ينتقصهم او يسبهم او يشتمهم ليسوا معصومين ولا ملائكة ولا رسلا هم بشر وفيهم المخطئ والمصيب وفيهم العاصي والمذنب كما هو في سائر البشر لكن الله خصهم بهذه الرتبة فيحتفظ لهم بالحب والاجلال. حبنا واجلالنا وتوقيرنا. ليس ادعاء لعصمة احد منهم. ولا دعوة بانهم وصلوا درجة الملائكة الكرام عليهم السلام. ولا نظاهي بهم الانبياء والرسل عليهم السلام. لكنهم حتما ليسوا في الامة كمن جاء بعدهم وليس يساويهم في فضلهم احد وقد قال عليه الصلاة والسلام خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وجعل كل من جاء بعدهم دونهم في الرتبة وانه يليهم وليس يسبقهم. ويتبعهم وليس يتقدم عليهم رضي الله عنهم جميعا. نعم وفي حديث خالد بن سعيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا ايها الناس اني راض عن ابي بكر له ذلك ايها الناس اني راض عن عمر وعن علي وعن عثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبدالرحمن بن عوف وابو وابي عبيدة فاعرفوا لهم ذلك. ايها الناس ان الله غفر لاهل بدر والحديبية ايها الناس احفظوني في اصحابي واصهاري واختاني. لا يطالبنكم احد منهم بمظلمة انها مظلمة لا توهب في القيامة غدا. الحديث الذي ساق المصنف فيما سمعت قد اخرجه الطبراني في معجمه وقال الهيثمي فيه جماعة لم اعرفهم يشير الى جهالة بعض رواة هذا الحديث وهو لا يصح بهذا على طريقة المحدثين. وان كان ما فيه قد تقرر في جملة من النصوص الاخرى الصحيحة سواه. فانه ذكر العشرة المبشرين بالجنة ايها الناس اني راض عن ابي بكر ايها الناس اني راض عن عمر وعن علي وعن عثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وابي عبيدة هؤلاء العشرة المبشرون بالجنة ثم خص اهل بدر والحديبية ثم قال احفظوني في اصحابي واصهاري واختاني اصحابه صحابته اصهاره ازواج بناته واختانه كذلك ازواج بناته عليه الصلاة والسلام واصهاره من كان من ال بيوته وزوجاته رضي الله عنهن جميعا. والحديث ان لم يصح سندا فما فيه من الجمل قد ثبت في كثير من الاحاديث الصحيحة ايوا وقال وقال رجل للمعافى ابن عمران اين عمر بن عبدالعزيز من معاوية؟ فغضب وقال لا يقاس لا يقاس باصحاب النبي صلى الله عليه وسلم احد معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وامينه على وحي الله المعافى ابن عمران. احد سادات السلف وزهادهم وعبادهم وقد سأله رجل اين عمر ابن اين عمر ابن عبد العزيز من معاوية؟ يعني تفضيلا لعمر ابن عبدالعزيز على معاوية. ومعاوية ابن ابي سفيان رضي الله عنه صحابي وهو من كبار الصحابة سنا وقدرا وان تاخر اسلامه رضي الله عنه وعمر بن عبدالعزيز على جلالة قدره وسمو مكانته وشريف سمعته وما عرف به من العدل والزهد والديانة والامامة وقد ولي الخلافة فمعاوية خليفة وعمر خليفة الا ان عمر لم يحظى بشرف الصحبة فلما سئل المعافى ابن عمران المعافى ابن عمران سئل عن التفضيل بين عمر ابن عبد العزيز ومعاوية لم يقبل بهذه وجعل هذا الباب غير قابل للنقاش. فسئل فقال لا يقاس باصحاب النبي صلى الله عليه وسلم احد معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وامينه على وحي الله معاوية رضي الله عنه صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم لان امة حبيبة بنت ابي سفيان اخته. وهي زوج النبي صلى الله عليه وسلم وام من امهات المؤمنين ولهذا فان بعض السلف يقول على قياسا على هذا الباب يقول معاوية خال المؤمنين بمعنى ان اخته ام حبيبة ام المؤمنين وهو اخوها وماذا يكون اخو امك الا ان يكون خالا لك؟ فيقال في بيان منقبته انه خال المؤمنين اشارة الى ان اخته زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم هو بعد ذلك بعد ان اسلم ما زال في مقربة من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فكان احد كتاب الوحي وكان ممن يستدعيه النبي عليه الصلاة والسلام ليدون الايات اذا نزلت ويكتبها. فكان من كتابه وامناء وحي الله عز وجل عند الله صلى الله عليه وسلم. فعاش معاوية رضي الله عنه حياته سيدا شريفا مطاعا. في الجاهلية وفي الاسلام كان هو قائد كتيبة قريش يوم بدر وهو الذي يقود القافلة بالاموال في ذهابها الى الشام وفواتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذهابها وهو الذي نجى بها بعدما فر بها عندما اعترضها او اراد النبي عليه الصلاة والسلام اعتراضها يوم بدر. ثم لما عزمت قريش عن القتال بقي معاوية فمعاوية قائد وسيد ومطاع وذو امرة بقي كذلك حتى تأخر اسلامه وتاب الله عليه فاسلم مع من اسلم من اهل مكة مؤخرا فحسن اسلامه رضي الله عنه. ثم كان له من المناقب ان ولي امرة الشام زمن الخليفة عثمان. رضي الله عنه هو ارضاه واستمرت به الامارة في منطقة الشام حتى مقتل الخليفة عثمان. ثم كانت الفتنة التي وقعت بين الصحابة زمن الخليفة علي رضي الله عنه. لما انشبت الفتنة اظفارها في الصحابة. فيقتل الخليفة ويقوم بين الصحابة قائم القتال والحرب والمناوشة وتراق بينهم بعض الدماء. وسعى فيها الاوباش والغوغاء والعامة وكان في من دخل فيها من الصحابة الكبار معاوية وعلي وعمرو بن العاص وبعض الصحابة الكبار رضي الله عنهم فجعل معاوية طرفا مقابلا لعلي رضي الله عنه. فكان آآ يقود آآ فرقة من الصحابة يخالفون عليا في الرأي تجاه قتلة عثمان. فيما كان يرى علي رضي الله عنه الانتظار والتؤدة والامهال حتى اهدأ نيران الفتنة وتخف عاصفتها. كان يرى معاوية ومن معه ان التأني في ذلك لا يزيد اولئك ارباب الا اضراما للفتن. والا اذية للمسلمين فكانوا يطالبون بتعجيل القصاص وتقصي اثارهم وتتبعهم فكان خلاف الرأي هذا منشبة لمبادئ فتنة وقى الله المسلمين شرها بعدما بدأت بداياتها. فكل من جاء يزعم الانتصار لعلي رضي الله عنه وال البيت رضي الله عنهم جعل من موقف معاوية رضي الله عنه سببا للثلج في معاوية والحط من قدره. خصوصا ان المسألة ما انتهت. فاذا مات علي رضي الله عنه واستشهد كانت الامور بين بين الحسن ابنه وبين معاوية. ثم الت المسألة الى صلح بين الحسن بن علي رضي الله عنه وتنازله عن الخلافة والامرة والحكم لمعاوية. ثم استتب الامر له كل هذا كان يقع بين الصحابة وهم صحابة. وبعضهم على بعض فضل وقدر وخير ومكانة. لكن من يزعم الانتصار لعلي وال البيت يجعل من موقف معاوية سلبا وظلما وازراء بعلي وانتقاصا من قدره وانتزاعا للخلاف من ابنه الحسن وفي ذلك قدر من تشويه التاريخ بين الصحابة والاساءة لبعضهم ونسبة بعضهم الى ظلم او عدوان او بغي وكل ذلك من الزور والبهتان الذي لا يليق على اثر ذلك كان بعض الناس يخوض في مثل هذا الكلام كيف يقارن معاوية رضي الله عنه بغيره. خصوصا ممن بلغ شأوا بعيدا في الصلاح والديانة والتقوى او الامامة والخلافة كعمر بن عبدالعزيز حتى ان بعضهم يقول في عمر هو خامس الخلفاء الراشدين ايصوغ ان يعد عمر وهو المتأخر عن معاوية ان يعد خامسا اذا اردنا ان يكون للخليفة للخلفاء الاربعة اذا ان يكون لهم خامس فالاولى ان يكون معاوية الاقرب منهم زمنا وتاريخا وصحبة او يكون الاقرب عمر ابن عبدالعزيز المتأخر رتبة وزمانا ومكانة فكان هذا يثار نقاشا ويقال بين يدي بعض اهل العلم. فكان يقال فقال السائل للمعافى ابن عمران اين عمر بن عبدالعزيز من معاوية وفي السؤال تضمين لتفضيل عمر وانه اعلى بل انه يفوقه بمراتب فيقول اين عمر ابن عبدالعزيز من معاوية فقال وقد غضب لا يقاس باصحاب النبي صلى الله عليه وسلم احد معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وامينه على وحي الله ويذكر ايضا عن بعض السلف وينسب في بعض المراجع لعبدالله بن مبارك رضي الله عنه ورحمه انه لما سئل عن مثل هذه المسألة اجاب رحمه الله فقال غبار دخل في انف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضهم بلفظ غبار وطأته قدما معاوية. مع رسول الله صلى الله عليه وسلم افضل من افضل من عمل عمر ابن عبد العزيز يعني في النهاية الا يقاس احد في الامة بعد الصحابة بهم. والا يفاضل بينهم وبين غيرهم. ولهذا فقد تقرر طوق الحديث الصحيح خير قرني انه لا احد يفوق جيل الصحابة ولا يسبقهم رضي الله عنهم. وان كان في بعض احاد من جاء بعدهم له من الفضل والمكانة والشرف والمرتبة ما يفوق به بعض احادي الصحابة. والكل عند الله عز وجل بميزان التقوى. والله قد قال ان اكرمكم عند الله اتقاكم ولن يحرم احد في الامة بفضله وصلاحه وتقواه وعمله واجتهاده لن يحرم ثوابه عند الله لانه ولم يكن صحابيا لكنه في الجملة لم يتجاوز مكانة الصحابة ويفوق قدرهم رضي الله عنهم جميعا واتي النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة رجل فلم يصلي عليه. وقال كان يبغض عثمان فابغضه الله الحديث عند الترمذي وقال في احد رواته ضعيف جدا في الحديث فلهذا لا يثبت الحديث وقال عليه السلام في الانصار اعفوا عن مسيئهم واقبلوا من محسنهم. والصحيحين البخاري ومسلم ثناء النبي عليه الصلاة والسلام على هذه الفئة الكريمة من اصحابه الانصار اهل المدينة من الاوس والخزرج من فتحوا قلوبهم قبل دورهم ومن بذلوا انفسهم قبل اموالهم نصرة لله رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتفظ لهم نبينا عليه الصلاة والسلام بمحبة عظيمة. واوصى بهم وصاية بليغة. فمن احب رسول الله صلى الله عليه وسلم احبهم ومن اخذ بوصيته صلى الله عليه وسلم حفظ لهم قدرهم. ماذا قال؟ يقول صلى الله عليه وسلم كما في رواية مسلم ان الانصار كرشي وعيبتي. يعني هم جماعتي وخاصتي واقرب الناس الي يقصد نصرتهم ايواءهم فدائهم تضحيتهم بذلهم رضي الله عنهم جميعا. يقول ان الانصار كرشي وعيبتي وان الناس سيكثرون ويقلون يعني سيكثر الناس ويقل الانصار وصدقت نبوءته صلى الله عليه وسلم فانه ما انتشر لهم انساب ولا تفرعت بهم الاجيال كما في غيرهم من القبائل قال ان الناس سيكثرون ويقلون. فاقبلوا من محسنهم واعفوا عن مسيئهم ماذا تريد اكثر من هذا ان يوصي النبي عليه الصلاة والسلام بهذه الفئة من اصحابه انه وان اساء بعضهم فينبغي التجاوز عنه والعفو وان من اتى منهم باحسان ولو قل فليقبل وفي رواية البخاري رحمه الله قال صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر وكان اخر مجلس جلسه متعطفا ملحفة ملحفة على منكبيه. كان هذا قبيل وفاته عليه الصلاة والسلام. في اخر جلسة جلسها على المنبر امام امة يقول صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر وكان اخر مجلس جلسه متعطفا ملحفة على منكبيه قد عصب رأسه بعمامة دسمة يعني لما اعتراه الالم والوجع قد تعصب بعمامة اصابها الدهن من شدة ما كان يجده عليه الصلاة والسلام وما كان ايضا يتعاطاه من الادهان والزيت ونحوه فحمد الله واثنى عليه ثم قال ايها الناس الي يعني اقتربوا اليه قال فثابوا اليه واجتمعوا. ثم قال اما بعد فان هذا الحي من الانصار يقلون ويكثر الناس فمن ولي شيئا من امة محمد صلى الله عليه وسلم. فاستطاع ان يضر فيه احدا او ينفع فيه احدا فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم فكانت هذه من المناقب الجليلة للانصار من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويأتي هذا الحديث في سياق الفصل الذي وفيه اليس تفهم من هذا الحديث ان من توقير رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نحفظه في صحابته الانصار ليس من برنا برسولنا صلى الله عليه وسلم. ومن عظيم حبنا له صلى الله عليه وسلم. ومن تقديرنا قدر كلامه وصيته وما امر الامة به ان نحفظ وصيته في صحابته تلك نصوص عامة وهذه خصوصية لبعض اصحابه كالانصار رضي الله عنهم جميعا وقال صلى الله عليه وسلم احفظوني في اصحابي واصهاري فانه من حفظني فيهم حفظه الله في الدنيا والاخرة اخر ومن لم يحفظني فيهم تخلى الله منه. تخلى الله منه. ومن تخلى الله منه يوشك ان يأخذه اخرجه الطبراني ايضا في معجمه. وقال الهيثمي في رواة اسناده فيه ضعفاء جدا وقد وثقوا فالحديث وان لم يصح الا انه كما تقدم يبقى ما فيه من الجمل ثابت بغيره من النصوص الصحيحة الثابتة وقال عليه السلام من حفظني من حفظني باصحابي كنت له حافظا يوم القيامة. من حفظني في اصحابي رواه عطاء بن ابي رباح مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يثبت والمرسل ضعيف. قال من حفظني في اصحابي كنت له حافظا يوم القيامة والنصوص السابقة تغني عنه وقال مالك رحمه الله وقال من حفظني في اصحابي وقال من حفظني في اصحابي ورد علي الحوض ومن لم يحفظني في اصحابي لم يرد علي الحوض ولم يرني الا من بعيد. واحد رواة اسناده متهم بالكذب فلا يثبت الحديث ايضا كسابقه وقال مالك رحمه الله هذا النبي صلى الله عليه وسلم مؤدب الخلق الذي هدانا الله به وجعله للعالمين يخرج في جوف الليل الى البقيع فيدعو لهم ويستغفر كالمودع لهم. وبذلك امره الله وامر النبي صلى الله عليه وسلم بحبهم وموالاتهم ومعاداة من عاداهم. نعم ينسب القاضي عياض رحمه الله الى الامام ما لك بن انس رحمة الله عليه هذه المقولة. وقد تقدم في هذا الفصل عن الامام ما لك رحمه الله جمل من العبارات فاقت اما غيره من السلف وكلهم يعرف للصحابة فضله. الا ان الامام مالكا رحمه الله وهو امام المدينة وامام دار الهجرة هجرة وقد كان عالم اهل الاسلام في زمانه واليه ترتحل العالم لتسألها عن امور دينها حتى شاع المثل لا يفتى ومالك في المدينة. فانه لما عاش في اكناف بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونشأ بين احفاد الصحابة فهو التابعين عرف ما لهذا الجيل من القدر والمكانة. وارتوى ورضع ونشأ رحمة الله عليه على هذه المعاني العظام فتشرب بها واخذ يبثها علما يبذله للامة ينصح بها في هذا الباب الكبير العظيم وهو القائل كما سبق الجمعة الماضية من غاضه اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر. تأول اية الفتح محمد رسول الله الى ان قال الله عز وجل ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطأه فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار. وهو القائل ان من لم يحتفظ في قلبه بمحبة ومودة لاصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس له حق في فيئ المسلمين لانه لا تصدق عليه الاية الكريمة في الحشر والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم. هو القائل وهو المنقول عنه ها هنا رحمه الله قوله هذا النبي صلى الله عليه وسلم مؤدب الخلق الذي هدانا الله به وجعله رحمة للعالمين يخرج في جوف الليل الى البقيع فيدعو لهم ويستغفر كالمودع لهم. يقصد اخر مرة خطت فيها قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم خارج اسوار حجرات ازواجه فانه كانت الليلة التي عاد فيها حجرته. وعائشة رضي الله عنها تنتظره فوجدها تقول وا رأس فقال عليه الصلاة والسلام بل انا ورأسه. ثم كان لزامه الفراش صلوات ربي وسلامه عليه ياما المتتابعات حتى قضى نحبه ولحقه بالرفيق الاعلى عليه الصلاة والسلام. فما الذي فعله؟ اتى احدا وزار الشهداء وسلم عليهم وصلى عليهم. وكان هذا اخر ما خطته قدماه في البقيع. بان اتى اليهم وليس في قيعي الا صحابته رضي الله عنهم المقبورون هناك. منذ ان قدم المدينة وحتى مات صلى الله عليه وسلم فاتى البقيع وزارهم وسلم عليهم يقول ويستغفر كالمودع لهم ودعهم لما التحق بالرفيق الاعلى عليه الصلاة والسلام. هذا الصنيع منه صلى الله عليه وسلم ماذا تقرأ فيه عبد الله ماذا تجد في نبض مشاعر المصطفى صلى الله عليه وسلم وعظيم احاسيسه ووفائه الكبير لهذا الجيل من صحابته انهم موتى في البقيع وهم رهن القبور فيمر بهم يدعوا لهم ويستغفروا ويعود صلى الله عليه وسلم رضي ان يكون اخر زياراته في حياته في الدنيا ليس للاحياء من صحابته الذين ما زالوا يصلون معه في المسجد ويصفون خلفه لكنه لاولئك الذين سبقوه والتحقوا بالدار الاخرة فاتى اليهم ان كان هذا وفاؤه صلى الله عليه وسلم لصحابته رضي الله عنهم فماذا عن وفاءنا نحن لهم اليس وفاؤنا لهم وفاء لرسولنا صلى الله عليه وسلم؟ اليس اعترافنا بفضلهم ومكانتهم هو اقرار لما حفظناه منه صلى الله عليه وسلم من عهود الوفاء والمحبة لصحابته الكرام. يقول الامام ما لك الله وبذلك امره الله وامر النبي صلى الله عليه وسلم بحبهم وموالاتهم ومعاداة من عاداهم يشير الى جملة سابقة كثيرة وفيرة في النصوص الواردة في هذا الفصل وروي عن كعب ليس احد من اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الا وله شفاعة يوم القيامة وطلب من المغيرة ابن نوفل ان يشفع له يوم القيامة. كعب الاحبار يهودي اسلم فهو ممن عاش الديانتين ولم يزل له في اليهودية مكانة باعتباره حبرا من احبارهم وعالما من علمائهم اسلم فحسن اسلامه رضي الله عنه وادرك الديانتين اليهودية والاسلام ثم كان له في الاسلام اسهام في العلم ونقد ما حفظه من كتاب موسى عليه السلام في التوراة وما نقله من النصوص التي يشهد فيها بالحق الذي شرح الله صدره له. يقول ليس احد من اصحاب صلى الله عليه وسلم الا وله شفاعة يوم القيامة يقول هذا ارتجالا وليس رفعا للحديث الى النبي صلى الله عليه وسلم. ومثل هذا من علم الغيب وامر الاخرة. ولا قالوا باجتهاد الرأي وكعب لو كان صحابيا لحكم بمثل هذه المقولة بحكم الرفع لانها انما تنسب في حكم ما اينسب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لكنه يقصد في الجملة ان مكانتهم وما خصوا به جعل لهم من حظ الشفاعة ما ليس لغيرهم فان حملت هذا اللفظ على معنى الشفاعات التي فتح الله ابوابها واذن بها لمن شاء من عباده مثل الشهداء ومثل الصالحين الذين يشفعون في من اراد الله لهم ان يشفعوا. ومثل ما ورد ممن خصهم الله به من اهل الصلاح والايمان فان كان هذا ثابتا لاحاد الامة. فل ان يثبت للصحابة رضي الله عنهم من باب اولى. والا فان بعض من اخرج الرواية تفضها عنده ليس احد من الامة او من ال محمد صلى الله عليه وسلم الا وله شفاعة يوم القيامة. ولهذا اسرع عنه انه كان يطلب من المغيرة ابن نوفل ان يشفع له عند ربه يوم القيامة قال سهل بن عبدالله التوستري لم يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم من لم يوقر اصحابه ولم يعز ولم يعز اوامره مقولة سهل هي من بناء الحكم على لازمه فانه اذا انتفى الملزوم انتفى اللازم ولابد. قال سهل بن عبدالله لم يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم من لم اصحابه. ما علاقة هذا بذاك لانه من وقره عليه الصلاة والسلام وقر اصحابه. فان انخرم هذا عند احد كان هذا انخراما في توقيره لرسول الله صلى الله عليه وسلم وماذا تقول رعاك الله في من لا يوقر النبي صلى الله عليه وسلم في من لا يحتفظ له باجلال ولا احترام ولا قدر ولا مكانة. مثل ذلك لم يبق له في الاسلام موضع قدم فجعل رحمه الله توقير الصحابة من توقير رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن ازال هذا من عقيدته واخلى عنها قلبه لم يبقى له ايضا في الاسلام موضع. قال لم يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم. من لم يوقر اصحابه ولم يعز اوامره لان الله لما بعثه عليه الصلاة والسلام قال له انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. فجعل هذا من مقاصد البعثة ومن اغراض الرسالة انا ارسلناك لاجل ذلك. لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. فمن لم وحقق التعزير والتوقير ومعنى التعزير النصرة. والتوقير الاحترام والاجلال. من لم يحقق معنى التعزير والتوقير لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانه لم يوف بالغرض الذي بعثه الله لاجله. ولم يحقق مقصد الرسالة الذي بعثه الله من اجله ان كان هذا توقيرا له وقد علمت ان توقيره في توقير اصحابه. وان اجلال صحابته وحبهم والاحتفاظ قدرهم انما هو شعبة وفرع عن حبنا له صلى الله عليه وسلم. فاي انتقاص لهم واي انحطاط لاقدارهم وهو قدح في توقير العبد لنبي الله صلى الله عليه وسلم. فلهذا جعل المسألة مرتبطة فقال رحمه الله لم يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم من لم يوقر اصحابه ولم يعز اوامره اتم ها هنا المصنف رحمه الله ما اراد. من سياق النصوص في هذا الباب وعطفها بالاثار الواردة عن سلف الامة. من الصحابة والتابعين. ثم عن من جاء بعدهم من ائمة الاسلام وعلماء الامة الابرار يقرر لنا اصلا عظيما في عقيدتنا معشر المسلمين. ان اهل السنة والجماعة لا يرظون ان يقدح احد في صحابة نبيهم صلى الله عليه وسلم. واننا امة الاسلام ما زلنا نرى في الصحابة الكرام رضي الله عنهم انهم بوابة هذا الدين عنهم ورثنا القرآن. ومن طريقهم حملنا رواية السنة والحديث والاحكام والحلال والحرام فمن كسر هذا الباب او هدمه او اغلقه او احرقه او خلعه فليس له الى الاسلام طريق فانهم طريق وبابته وهم مهده الذي منه انتقل الينا. وعنهم ورثنا الدين كله جملة وتفصيلا. ادركوا يا قوم ان اي دعوة وغرض وملة ومذهب يجعل من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم عدوا وينصب بينه وبينهم عداوة ثم لا يزال يعتقد فيهم انتقاصا او انحطاطا او مذمة او اساءة انما هي هدم مبطن للدين باسره. وتقويض لشعائر الاسلام. وعبث بالاحكام من الحلال والحرام للدين بالجملة. اعلموا يا كرام ان خلاف المسلمين على اختلاف طوائفهم. ان اختلافهم مع كل من يعادي صحابة النبي صلى الله عليه وسلم. ليس خلافا في مسألة فقهية ليس كالخلاف الذي يكون بين العلماء في مسائل تتعلق بالوضوء والطهارة والصلاة والدعاء والطواف والحج والعمرة ذاك باب وهذا باب. الخلاف في قضايا الفقه ومسائل الدين وكثير من احكام البيع والشراء والعبادات والمعاملات كل ذلك خلاف سائغ واحتمله العلماء ولهم فيها اجتهادات مبنية على استنباطات وادلة واجتهاد هم عليه مأجورون كل ذلك في كفة والحديث عن الخلاف بين المسلمين وبين من ينتسب الى الاسلام منتقصا الصحابة الكرام بسب وشتم فظلا عن ان يكون تكفيرا واخراجا لهم من الملة. الخلاف ها هنا ليس خلافا محتملا. ليس الى فن سائغا ليس خلافا في قضية تقبل النقاش. هذا خلاف مع من يطعن في دينك عبد الله. مع من يتهمك في اسلامك مع من يرى ان مات انت عليه من الحلال والحرام والدين والعبادة انها جزء لا استقرار له. لانك تأخذ دينك عن قوم هم في نظره محل طعن في ديانتهم وعدالتهم وشرفهم وامانتهم. وهو يرى ان انك على دين باطل لانك بنيته على رواية في السنن وعلى قرآن تنقله عن هؤلاء وهم عنده محط انتقاص بل واخراج من الملة وتكفير واستهزاء وسخرية ونسبة لهم الى كل نقيصة والى كل سلب سالب وظلم وزور كل ذلك يا كرام ينبغي ان يفهم ان الخلاف مع مثل هؤلاء ليس خلافا في باب من ابواب الشريعة بل في اصل من اصوله له واقتلاع من جذوره. ولهذا فان ما سمعت من مقولات السلف لم تكن مبالغة في الدفاع عن الصحابة بل كان وعيا وادراكا ثاقبا وفهما تاما لان هذا الباب هو هدم للاسلام وتقويض لاركانه وحرق لكل شعائره فلا يبقى في الاسلام بقية. فوقفوا رحمة الله عليهم سدا منيعا وحصنا مغلقا دون التطاول على الصحابة ليس تقديسا ولا ادعاء للعصمة لهم كما تكرر مرارا لكنه ادراك انه هدم لابواب الدين وانه زلزلة وخلخلة لاركانه وانتزاع له من جذوره. فاذا ما ظفر بك الشيطان حاشاك فاذا ما ظفر الشيطان باحد واوقع في قلبه بغض الصحابة واعتقاد النقيصة فيهم وانهم لا يليق بهم الاكل سوء ومذمة وظلم وزور بالله عليك ايقبل ان يروي حديثا يكون راويه ابو بكر او يعمل بمسألة تنقل فيها الرواية والحكم عن عثمان وعمر اي يقبل ان يروي حديثا يرويه عائشة او جابر او ابو هريرة رضي الله عنهم جميعا. كل هذا لن يكون. وهذا الواقع في فقه تلك الطوائف. فانهم لا البتة في مسائل الحلال والحرام والفقه والعبادات والمعاملات لا يمكن ان تجد في مراجعهم وكتبهم رواية عن عائشة رضي الله عنها ولا عن ابيها الصديق ابي بكر ولا عن عمر ولا عن عثمان ولن تجد فيها رواية عن ابي هريرة. فاذا كان هؤلاء حملة الاسلام ورواة الدين. وقد استبعدناهم من القبول فمن اين ستأخذ دينك وما المصدر الذي سيستقى منه الحلال والحرام هي فجوة يا كرام يراد بها هدم الدين لقد فطن السلف. وادرك العلماء هذا المعنى الكبير فكانت العبارات التي قررت هذا المعنى الكبير العظيم. اخرج الامام احمد في فضائل الصحابة. وابن ابي شيبة وابن ماجة في سنن وابن ابي عاصم في السنة وغيرهم عن ابن عمر رضي الله عنهما. وهو صحابي فاسمع الى ما يقول عن الصحابة يقول لا تسبوا اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام احدهم ساعة خير من عمل احدكم عمره ساعة من الصحابة في مقامهم في نصرتهم في تضحيتهم وفدائهم للنبي صلى الله عليه وسلم خير من عمل احدكم عمره جاء رجل الى ابن المبارك وقد تقدمت بك الرواية عما قريب. فسأله امعاوية افضل؟ ام عمر بن عبدالعزيز؟ فقال لتراب في منخري معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير وافضل من عمر ابن عبد العزيز جاء رجل الى ابي زرعة الرازي رحمه الله الامام المحدث فقال يا ابا زرعة انا ابغض معاوية فقال لي ما؟ قال لانه قاتل عليا فقال ابو زرعة ان رب معاوية رب رحيم وخصم معاوية خصم كريم يقول انت الان تدعي بغضك لمعاوية بسبب قتاله لعلي فقال له اما رب معاوية فرب رحيم واما خصم معاوية يعني علي خصم معاوية خصم كريم فما دخولك انت بينهما رضي الله عنهم اجمعين فما الذي سيحمله بغضك على ان تحمل في قلبك انتقاصا لصحابي تلقى به ملامة وعتبا او وزرا. والامام واحمد رحمه الله قد قال اذا رأيت رجلا يذكر اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء فاتهمه على الاسلام. تدري لما نقل المسألة من الصحابة الى الاسلام قلت لك هم فهموا المسألة وادركوا تماما انه ليس وراء الطعن في الصحابة الا هدم الاسلام يقول اذا رأيت رجلا يذكر اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء فاتهمه على الاسلام والامام عبدالرحمن بن الامام ابي حاتم الرازي رحمة الله عليه يقول ايضا في مقدمة كتابه الجرح والتعديل. فاما اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل وهم الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونصرته واقامة دينه واظهار حقه فرضيهم له صحابة وجعلهم لنا اعلاما وقدوة فحفظوا عنه صلى الله عليه وسلم ما بلغهم عن الله عز وجل وما سن وشرع وحكم وقضى وندب وامر ونهى وحضر وادب ووعوه واتقنوه في الدين وعلموا امر الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهم منه واستنباطهم عنهم. فشرفهم الله عز وجل بما من عليهم. واكرمهم به من وضعه اياهم موضع القدوة فكانوا عدول الامة وائمة الهدى وحجج الدين ونقلة الكتاب والسنة هذا كله تقرير لما تقدم مرارا. ان اسلافنا من علماء الامة الابرار ادركوا تماما رحمة الله عليهم ان المسألة متعلقة بادراك هذا الباب الكبير العظيم. وفي كلام الامام الطحاوي وقد تقدم سابقا في مختصره المتين في العقيدة يقول رحمه الله ونحب اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا نفرط في حب احد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الحق يذكرهم ولا نذكرهم الا بخير وحبهم دين وايمان واحسان. وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ويقول الامام ابن ابي زيد القيرواني رحمة الله عليه ايضا في مقدمة كتابه فيما جعله في رسالته وهو يحكي طريقة درج عليها الائمة وتتابعوا. يقول رحمه الله وان خير القرون القرن الذي رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تمام وامنوا به ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. وافضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون. ابو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم اجمعين. وان لا يذكر احد من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم الا باحسن ذكر والامساك عما شجر بينهم وانهم احق الناس ان يلتمس لهم احسن المخارج ويظن بهم احسن المذاهب هذا وغيره كثير ولما ذكر بين يدي عمر بن عبدالعزيز مسألة الخوض في فتنة الصحابة. وما وقع بين علي ومعاوية ومن معهما رضي الله عنهم جميعا. قال تلك فتنة عصم الله منها سيوفنا فلنعصم منها السنتنا. ويذكر عنه وعن الحسن البصري مقولة تشبه تلك انها دماء طهر الله منها سيوفنا. والمراد ان من عصمه الله عز وجل فلم يشهد تلك الفتنة حاضرا ببدنه ولم تتلطح يده باراقة دم صحابي رضي الله عنهم جميعا. فالاولى به ان يطهر لسانه عن الخوض فيما حصل بينهم من الفتن لان لا يبوء باثم او وزر من جراء انتقاصه لبعض الصحابة او طعنه في بعض من شهد الله له بالرضوان فيكون قد تحمل وزرا لا طاقة له به يوم يلقى الله. ومن جميل ما قرر علماء الاسلام كافة. وشيخ الاسلام خاصة في جمل تقرب ذلك القدر الكبير العظيم من مكانة الصحابة ما قاله واوجز منه جملا. يقول رحمه الله ومن اصول اهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم والسنتهم لاصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما وصفهم به الله في قوله والذين ومن بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك الرحيم وطاعة للنبي صلى الله عليه وسلم في قوله لا تسبوا اصحابي. فوالذي نفسي بيده لو ان احدكم انفق مثل احد ذهبا ما بلغ مد احدهم ولا نصيبه. ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والاجماع من فضائلهم ومراتبهم فيفضلون من انفق من قبل الفتح وقاتل على من انفق بعده وقاتل. ويقدمون المهاجرين على ويؤمنون بان الله قال لاهل بدر وكانوا ثلاثمئة وبضعة عشر اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وبانه لا يدخل النار احد بايع تحت الشجرة. كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بل قد رضي الله عنهم ورضوا عنه وكانوا اكثر من الف واربعمائة. ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة كالعشرة وكثابت ابن قيس ابن شماس وغيرهم من الصحابة. ويقرون بما تواتر به النقل عن امير المؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وعن غيره من ان خير هذه الامة بعد نبيها ابو بكر ثم عمر ويثلثون بعثمان ويربعون بعلي كما دلت عليه الاثار وكما اجمع الصحابة. وذلك انهم يؤمنون بان الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي. ومن طعن في خلافة احد من هؤلاء الائمة فهو اضل من حمار اهل اهله كما ينقل عن الامام احمد. قال ويحبون اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصيته صلى الله عليه وسلم. حيث قال يوم غدير خم. اذكركم الله الله في اهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي. وقال للعباس عمه وقد اشتكى اليه ان بعض قريش يجفوا بني هاشم والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابته صلى الله عليه وسلم. الى ان قال ويتولون ازواج رسول الله صلى الله عليه وسلم امهات المؤمنين. ويؤمنون بانهن ازواجه في الاخرة خصوصا خديجة رضي الله وعنها ام اكثر اولاده واول من امن به وعضده على امره وكان لها منه المنزلة العالية. والصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما التي قال فيها فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ويتبرأون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم. ومن طريقة النواصب الذين يؤذون اهل البيت بقول او عمل ويمسكون عما شجر من الصحابة ويقولون ان هذه الاثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه والصحيح منه فيه معذورون اما مجتهدون مصيبون واما مجتهدون مخطئون. فصلوا وسلموا على الله من كان هؤلاء صحابته واصطفاهم الله له صحبة ونصرة واعتمادا فاللهم صلي وسلم وبارك عليه وارض اللهم عن ال بيته وعن صحابته المهاجرين والانصار وارزقنا الهي حبهم وموالاتهم ومعرفة قدرهم واحشرنا في زمرتهم يا اكرم الاكرمين. اللهم انا نشهدك حب الصحابة حبا لنبينا صلى الله عليه وسلم واجلال لهم وتوقيرهم برا بنبينا صلى الله عليه وسلم. فاملأ قلوبنا يا الهي ايمانا وتعظيما واجلالا وتوقيرا. واجعلنا يا ربي مما سلمت قلوبهم فارتقت منازلهم واحشرنا في صحبة المصطفى صلى الله عليه وسلم مع النبيين والصديقين والشهداء ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اديموا ليلتكم وغدكم الجمعة بالصلاة والسلام عليه صلى الله وعليه وسلم تظفر بالحسنات والدرجات والاجر المقيم. وصلاة ربكم عليكم من فوق سبع سماوات. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين