بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى. واشهد ان نبينا محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين وصفوة الله من خلقه اجمعين. اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته والتابعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة المباركون فان مجلس هذا المتتابع بعون الله تعالى وبفضله ومنته وتوفيقه في رحاب بيته الحرام في مثل هذه الليلة الشريفة نجلس مجلسا نستكثر فيه من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في ليلة عظيمة كهذه ليلة الجمعة نصيب فيها من خيراتها وبركاته تمتثل فيها هدي نبينا صلى الله عليه وسلم وهو يندب امته اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فان ان صلاتكم معروضة علي وفي مجلس كهذا نتدارس حقوقه العظيمة على امته صلوات ربي وسلامه عليه ان اللسان يلهج وان القلب يعمر بالصلاة والسلام على الرسول المجتبى والنبي المصطفى. صلى الله عليه واله وسلم فنجمع الى فضل هذا المكان وبركته فضل هذا المجلس وشرفه وفضيلة هذه الصلاة وبركتها على النبي المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. الا فاستقبلوا ليلتكم هذه بوافر الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم واستمطروا صلوات ربكم عليكم بكثرة صلاتكم على نبيكم صلى الله عليه واله وسلم. وما يزال مجلسنا في مدارسة كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمة الله عليه وما زلنا كذلك في اواخر الباب الثالث من ثاني اقسام الكتاب الذي جعله في حقوق النبي عليه الصلاة والسلام والباب الثالث معقود لحق كبير هو التوقير والنصرة والتعظيم والاحترام. لنبينا صلى الله عليه وسلم. ونحن في اواخر في هذا الفصل المعقود في اعظام واكبار جميع اسبابه صلى الله عليه وسلم واكرام مشاهده وامكنته من مكة والمدينة ومعاهده وما لمسه عليه الصلاة والسلام او عرف به. وفيه ساق المصنف جملة من تلك المواضع والمعالم التي يشرع فيها تعظيمها واحترامها واجلالها احتراما واجلالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان اخر ذلك الحديث عن مدينته عليه الصلاة والسلام التي هاجر اليها واستقر بها. واحبها وتعلق قلبها بها صلوات الله وسلامه عليه. وحث الامة ايضا على حبها وسكناها. ورغب في فضائلها وخيراتها. ثم كان فيها مرقده عليه الصلاة والسلام ومدفنه وفيها تزوره الامة لتصلي وتسلم عليه صلى الله عليه واله وسلم بقي من هذا الفصل قطعة قبل الانتقال الى الباب الذي يليه في تصنيف القاضي عياض رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي جعل بيته الحرام امنا ومثابة. وزاده سبحانه تعظيما وتشريفا ومهابة والصلاة والسلام على من ضجت الحروف في في مدحه مصفوفة وعلى اله وصحبه اولي الفضل والنخوة والنجابة. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ما زمزمت وظفاء وغنت حمامة قال المصنف رحمه الله تعالى فصل ومن اعظامه واكباره اعظام جميع اسبابه واكرام مشاهده وامكنته من مكة والمدينة ومعاهده وما لمسه عليه السلام او عرف به. الى ان قال حكي عن بعض المريدين انه لما اشرف على مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم انشد يقول متمثلا رفع لنا رفع الحجاب لنا فلاح لناظر قمر تقطع دونه الاوهام. واذا المطي بنا بلغنا محمدا فظهورهن على الرجال حرام. قربننا من خير من وطئ الثرى. ولها علينا حرمة نعم تقدم في ليلة الجمعة الماضية ما ساقه المصنف رحمه الله وانشده لبعض الشعراء في ابيات اما قصد بها ذكر مشاعر القلب وخفق الفؤاد في الاقبال على مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم. وما يختلج القلوب من مشاعر الحب والتعلق والبهجة والفرح باتيان مدينته عليه الصلاة والسلام والانس بزيارتها والمجاورة بقربه صلى الله عليه وسلم عندما يقدم جموع الحجيج والمعتمرين والزوار. ذكر فيما سبق ابياتا المصنف رحمه الله وهي للمتنبي في في مدح سيف الدولة قال ولما رأينا رسم من لم يدع لنا فؤادا لعرفان الرسوم ولا لبى نزلنا عن الاكوار نمشي كرامة لمن بان عنه ان نلم به ركبا. واستعار هذا المعنى بعض الشعراء في التعبير عن مشاعر القلب عند القدوم الى مدينته عليه الصلاة والسلام. وذكر الان فيما سمعتم ان بعضهم ايضا انشد يتمثل رفع اجابوا لنا فلاح لناظر قمر تقطع دونه الاوهام. واذا المطي بنا بلغن محمدا صلى الله عليه وسلم والمراد بالمطي هنا ظهور الدواب التي تركب في الاسفار كالابل والنوق ونحوها. قال واذا المطي بنا بلغن غدا صلى الله عليه وسلم فظهورهن على الرجال حرام. يقصد النزول من على ظهورها واكمال المسافة مشيا قربننا من خير من وطأ الثرى ولهى علينا حرمة وذمام. وفيها من بديع المعاني التي يقصدها الشعراء انه جعل ظهور المطي والدواب حرام ركوبها ليس اكراما لذواتها بل قال قربننا من خير من وطأ الثرى يريد انها لما بلغت بهم تلك المنازل وقربتهم الى مدينته عليه الصلاة والسلام علت اقدارها وهي لا تعدو ان تكون نمطيا ورواحل لكنها لما شرفتهم ببلوغ تلك المنازل علت اقدارها. فترفعوا عن البقاء على ظهورها ركبانا قال ولها علينا حرمة وذمام وحكي عن بعض المشايخ انه حج ماشيا. فقيل له في ذلك فقال العبد الابق لا يأتي الى بيت مولاه راكبا لو قدرت ان امشي على رأسي ما مشيت على قدمي. هذا من ذاك الباب. وان اجلال مكة والمدينة في قلوب اهل الاسلام. واذ جلالهما انما هو لتعظيم الله عز وجل لهذين البلدين الكريمين مكة والمدينة وانه اذا قام بالقلب مشاعر التعظيم والاجلال فانما هو لتعظيم ما عظم الله. والله عز وجل قد قال ذلك ومن اعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه. وحرمات الله كل شيء له حرمة وقدر ومكانة. ومن اماكن المحرمة والمحترمة التي جعل الله لها في الشريعة حرمة وجلالة هذان الحرمان الشريفان مكة والمدينة وهذا المعنى الذي ذكره عن بعض المشايخ انه لما حج ماشيا وامتنع عن الركوب وتمثل هذا المعنى قال العبد الابق لا يأتي الى بيت مولاه راكبا. ان العبد اذا فر من سيده وابق يعني هرب عنه واختفى فانه مذنب عاص وعليه ان يعود. فماذا لو راجع نفسه وندم على اباقه عن سيده وهروبه. وهداه الله لان يعود معتذرا نادما يطلب العفو والصفح فماذا ستكون هيئته اذا قدم الى بيت سيده ومولاه ومالك رقبته؟ لن يأتيه في بمظهر ابهتي ولا الفخامة ولن يأتي ماشيا ولو كان يملك ظهرا يركبه تعبيرا عن ذله وانكساره وادبه واستعطافه ورغبته في نيل العفو والصفح اذا كان البشر يفعلون هذا مع البشر بين سادة وعبيد فما ظنكم بتصرف العبد المخلوق مع ربه وسيده وخالقه جل في علاه واخذ هذا المعنى البديع الذي يرمي ايضا الى معنى بعيد. اننا في هذه الحياة بذنوبنا وتقصيرنا وتفريطنا اننا كعبيد ابقين عن مولاهم ليس عن عمد واصرار فالعبد لا يزال يجاهد نفسه في الرجوع الى الله لكنه يصدق عليه انه حين المعاصي والاستكثار من للذنوب والاغراق في بحر المعاصي والخطايا انه كعبد اعرض عن ربه. فاذا حانت منه ساعة التوبة والندم او قدم الى بيت الله الحرام. لن تعلوه الا هذه المشاعر الانكسار الادب التعظيم لله ولبيته هذا بيته الحرام. هذا بلده الامين الذي اقسم الله به فتمثل هذا المعنى وانه اذا ما جاءت الساعة التي يعود فيها الى ربه فحقه الا يأتي الا صاغرا منكسرا يسيرا وعليه مظاهر الذل والضعف والافتقار الى الله. فلا يرى ان يكون راكبا في قدومه فعبر عن هذا المعنى فقال العبد الابق لا يأتي الى بيت مولاه راكبا. لو قدرت ان امشي على رأسي ما مشيت على قدمي ليس هذا تحريما لمباح ولا امتناعا عن شيء اذن الله تعالى به ولا يفهمن من هذا ايضا عدم جواز دخول بمكة والمدينة ركوبا لكننا نحكي صنيعا لبعض هؤلاء وما امتثلوه من المعاني ولها وجه بديع. ومن قام بقلبه مثل هذا المعنى فلا عتب عليه. هذا المعنى يا كرام الذي ساق فيه المصنف مشاعر بعض السلف في تعظيمهم للمدينة في حبهم لها وسيختم ايضا بابيات ختم بها الفصل القاضي عياض رحمه الله لكنه في الجملة في الجملة باب مشروع اعني حب المدينة واجلالها في القلب وشعور الفرح بمن كتب الله له زيارة المدينة زيارة المدينة فاتاها وهذا نجده جميعنا معشر المسلمين. في من يقصد مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأتي طيبة زائرا لايام او اسابيع او حتى لساعات. فيجد من مشاعر الانس والفرح بالبقاء والمكث والزيارة لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عجب فهي بلد عظيم مبارك طيب مطيب. وانما طابت بحلول المصطفى صلى الله عليه وسلم بها مهاجرا وبقاؤه بها ما بقي من حياته عليه الصلاة والسلام وهو الذي نزلت معه البركات والوحي وشريعة الله عز وجل وعبر كثير منهم عن هذا المعنى في مثل قول القائل ان قيل ان قيل طيبة ان قيل طيبة طابت نواحيها فذاك احمد اضحى نوره فيها صلى الله عليه وسلم. صلى الاله على المختار سيدنا في عنى رحمة الدنيا وهاديها. ويقول اخر يكاد الذي لو زار طيبة ساعة يرى الانس مثل الانس يمشي على الثرى يراه اذا هب النسيم معطرا باطيابها اوجاد مزن فامطرا. يراه اذا ما زار مسجدا احمد صلى الله عليه وسلم وسبح رب البيت فيه وكبر هناك تخضر المشاعر والرؤى ويجري دم العشاق في القلب اخضرا. هذه المعاني كلها تأتي في باب مشروع. اعني حبه عليه الصلاة والسلام لهذا البلد وفتحه باب حب هذا البلد لامته عليه الصلاة والسلام. اخرج البخاري في صحيحه. في كتاب العمرة وقد بوب له بابا فقال باب من اسرع ناقته اذا بلغ المدينة. وساق فيه بسنده رحمه الله. عن انس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قدم من سفر فابصر درجات المدينة يعني ابصر طرق وهل مرتفعة؟ وفي رواية فابصر دوحات المدينة. جمع دوحة وهي الشجرة العظيمة التي يستظل بظلها وفي رواية فابصر جدرات المدينة جمع جدار يعني مبانيها والمقصود انه دخل واقترب جدا من مساكن المدينة واحيائها. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة او لوحات المدينة او جدرات المدينة اوظع ناقته يعني اسرع السيرة. قال اوظع اناقته وان كان دابة حركها زاد الحارث بن عمير عن حبيب عن انس قال حركها من حبها يعني لشرط حبه للمدينة عليه الصلاة والسلام. اذا غاب عنها في سفر او غزوة وقدم راجعا الى المدينة فانه ما ان يبصر جدرات المدينة او درجاتها فانه يحرك دابته يسرع بها عليه الصلاة والسلام يقول في رواية الحارث ابن عمير من حبها من فرط حبه للمدينة عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك بدابته يحركها اسراعا للقدوم اليها ودخول طرقاتها والنزول بداره ومسجده بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام فلا جرب ان تحب الامة من بعده مدينته صلى الله عليه وسلم. وان تتعلق قلوبها بلده عليه الصلاة والسلام. ولو لم يكن لنا الا حبه صلى الله عليه وسلم لهذا البلد حق لنا ان نحبها لحبه عليه الصلاة والسلام. فكيف وقد تعلق بذاك البلد المبارك بركات وخيرات؟ وفيها ايضا مما يشعر به العبد المؤمن اذا زار طيبا من انس القلب وراحة الفؤاد وانشراح الصدر ما يزداد معه حبا لمدينته صلى الله عليه وسلم وقد قال الاول يا طيبة النور قلبي واله دلف انا المعنى على ابوابكم اقف يا طيبة الخير ميني على عجل طفلا اتيت وفي اضلاعه لهف. مذغبت عن حضنك الدافي وفي كبدي نار توقدوا لا تطفى ولا تقف برد الحنان على اكناف مهجتها عافقتها وعيوني دمعها سرف. هذه المشاعر التي ينطق بها الشعراء عبر الاجيال المعاصر منهم والسابق ومن تفيض به المشاعر حبا لمدينته صلى الله عليه وسلم قد سبقهم فيها الى ذلك شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم. حسان بن ثابت رضي الله عنه. وهو يحكي مشاعر القلب في مدينته صلى الله عليه وسلم في اللحظة التي فارقه فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم. ملتحقا بالرفيق الاعلى وهو يصف وابصار الصحابة ومشاعرهم وافئدتهم نحو مدينة طالما عمر فيها الحياة والانس وراحة القلب فيها بين رسول الله عليه الصلاة والسلام في قصيدته المشهورة التي يعرفها اغلبكم يقول فيها رضي الله عنه وارضاه طيبة رسم للرسول ومعهد منير وقد تعفو الرسوم وتهمد. ولا تنمحي الايات من دار حرمة بها منبر الهادي الذي كان يصعد وواضح ايات وباقي معالم وربع له فيه مصلى ومسجد بها حجرات كان ينزل وسطها من الله نور يستضاء ويوقد معالم لم تطمس على العهد ايوها اتاها البلاء فالاي منها تجددوا عرفت بها رسم الرسول وعهده وقبرا به واراه في الترب ملحد. ظللت بها ابكي الرسول فاسعدت عيون ومثلاها من الجفن تسعد. تذكروا الاء الرسول وما ارى لها محصي النفس فنفسي تبلدوا مفجعة قد شفها فقد احمد فظلت لالاء الرسول تعدد صلى الله عليه وسلم الى ان قال فبوركت يا قبر الرسول وبوركت بلاد سوى فيها الرشيد المسدد. وبورك لحد منك ضمن عليه بناء من صفيح منضد تهيل عليه الترب ايد واعين عليه وقد غارت بذلك اسعد الى اخر ما قال رضي الله عنه وارضاه يحكي فيها قلوب الصحابة في مدينته صلى الله عليه وسلم. والمراد من ذلك كله ان شعر الشعراء ومشاعر الفضلاء في حب مدينته عليه الصلاة والسلام انما هي تدفق في باب مشروع جاءت الشريعة بحب هذا البلد وحبه من حب المصطفى عليه الصلاة والسلام. اللهم قال القاضي وجدير لمواطن عمرت بالوحي والتنزيل. وتردد بها جبريل وميكائيل وعرجت منها الملائكة والروح يقصد المدينة. رحمة الله عليه. نعم وجدير وجدير لمواطن عمرت بالوحي تنزيل وتردد بها جبريل وميكائيل وعرج وعرج وعرجت منها الملائكة والروح وضجت بالتقديس والتسبيح واشتملت تربتها على جسد سيد البشر وانتشر عنها من دين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما انتشر مدارس ايات ومساجد صلوات ومشاهد الفضائل والخيرات وما عاهدوا البراهين والمعجزات ومناسك الدين ومشاعر المسلمين ومواقف سيد المرسلين ومتبوأ خاتم النبي نبينا صلى الله عليه وسلم وعلى عترته اجمعين. حيث انفجرت النبوة. واين فاض عبابها ومواطن مهبط الرسالة فاظ عبابها يعني كثر ماؤها وسيلها في العين الجارية شبه النبوة والوحي والخير والبركة والهدى الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه عز وجل وتدفق به الوحي متتابعا خلال سنوات مقامه بالمدينة في العشر السنوات الاخيرة من حياته عليه الصلاة والسلام انها كنبع تدفق بل انفجر تفاض خيرا وبركة ونورا وهدى لامته صلى الله عليه وسلم. واين فاض عبابها ومواطن اربط الرسالة واول ارض مس جلد المصطفى واول ارض مس جلد المصطفى ترابها. صلى الله عليه وسلم ان تعظم عرصاتها وتتنسم نفحاتها وتقبل ربوعها وجدرانها يقول رحمه الله ان تعظم عرصاتها يعني مواقفها ومشاهدها. كل هذا خبر لصدر الجملة التي قال في اولها وجدير لمواطن عمرت بالوحي والتنزيل ثم استطرد في وصف متتابع. يصف بركة ذلك البلد ومقامه ومكانته وما خصه الله تعالى به من الخيرات والبركات. ثم عطف كل ذلك فقال ان يعني جدير لهذه المواطن في مدينته صلى الله عليه وسلم ان تعظم عرصاتها. يعني ان يكون لها تعظيم واجلال والمراد بالتعظيم هنا تعظيم القلب لتلك البقاع. وتقديرها ومعرفة حرمتها. والنبي عليه الصلاة والسلام قد قرر لمدينته طيبة الطيبة احكاما حرمت فيها الحرمات وعظمت فيها. فجعل صلى الله عليه وسلم لمدينته من الحرمة كمثل ما جعل ابراهيم الخليل عليه السلام لمكة من الحرمة. وقد جعل ما بين لابتيها حراما ان ينفر صيدها او يقتل او ان تنتهك فيها حرمة مسلم او ان يصاد فيه صيد وجعل كل ذلك صلى الله عليه وسلم تعظيما لهذا البلد وجعل لها من احكام ما خصت به مصنفات في بيان فضائل المدينة واحكامها المتعلقة بحرمها. قال ان تعظم عرصاتها وتتنسم نفحاتها يعني ان التمس فيها المسلم اذا زار المدينة ان يتنسم فيها يعني ان يجد من بركتها وان يصيب من خيراتها وفضائله ببقائه فيها. وبزيارته لها ولو كانت سويعات معدودة. او طالت اياما وسنين عديدة ان يكون بقاؤه في مدينته صلى الله عليه وسلم ومجاورته للنبي صلى الله عليه وسلم بقاء ومجاورة ادب واحترام وتعظيم للبلد الذي يرقد فيه نبي الامة صلى الله عليه وسلم وقوله ان تقبل ربوعها وجدرانها يقصد به المعنى المجازي. يعني ان تكون في مثابة ومنزلة من يقبل حبا تعظيما واجلالا والا فلا يقصد احد تقبيلا جدران المدينة وربوعها على الحقيقة لكن المعنى ان دافع هذا التقبيل هو حب يملأ القلب هو تعلق يشغل الفؤاد فيجعل هذا مقامه في قلب المؤمن بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم يا دار خير المرسلين ومن به هدي الانام وخص بالايات عندي لاجلك لوعة وصبابة تشوق متوقد الجمرات وعلي عهد ان ملأت محاجري من تلكم الجدران والعرسات والعرصات لاعفرن مصون شيبي بينها من كثرة التقبيل والرشفات لولا العوادي والاعادي زرتها ابدا ولو سحبا على الوجنات لكن ساهدي من حفي لتحيتي لقطين تلك الدار والحجرات ازكى من المسك المفتق نفحة تغشاه بالاصال والبكرات. وتخصه بزوال بزواكي الصلوات ونوام التسليم والبركات صلى الله عليه وسلم. جعل المصنف رحمه الله الابيات خاتمة لهذا الفصل المعطر البديع. يصف فيها تعظيم مدينته عليه الصلاة والسلام وحبها في قلب المؤمن اجلاله لها يا دار خير المرسلين يقصد طيبة يا دار خير المرسلين صلى الله عليه وسلم ومن به هدي انام وخص بالايات عندي لاجلك لوعة وصبابة. اللوعة الحرقة في القلب بسبب شدة الحب وفرطه والصبابة ايضا رقة الشوق وحرارته المنبعثة في الفؤاد يريد ان يقول ان بقلبه من الحب والاشتياق ما جعل قلبه يشتعل كالجمر المتوقد في قلب صاحبه. وهي معاني يعبر عنها الشعراء عادة في الحب والغزل والعشق والغرام. قال عندي لاجلك لوعة وصبابة وتشوق متوقد الجمرات وعلي عهد ان ملأت محاجري يعني عينه ان ملأت محاجري من تلكم الجدران والعرصات يعني ان يسر الله لي وكتب لي اكتحال عيني برؤية المدينة والقدوم اليها. وعلي عهد ان ملأت محاجري من تلكم الجدران والعرصات لاعفرن مصون شيبي بينها من كثرة التقبيل والرشفات. يعني يلثم ترابها تقبيلا تعبيرا عن الحب والاشتياق على المعنى المجازي المتقدم انفا. قال لولا العواد والاعادي. لولا الصوارف لولا الظروف لولا اقوام الحياة التي تصرف الانسان نحو مشاغله. ومتطلبات العيش ولولا الامانة التي يكلف بها الانسان في اهله في زوجه في اولادي في نفقة من يمون في واجب الوظائف التي يتولاها المرء في مجتمعه في امته. لولا العوادي والاعادي لولا تلكم الظروف والصوارف والاحوال لولا العوادي والاعادي زرتها ابدا يعني المدينة لكنت دائما مترددا عليها زائرا لها مقيما بها. لم؟ من فرط الحب والاشتياق وتعلق القلب. بمدينة الحبيب صلى الله عليه وسلم لولا العوادي والاعادي زرتها ابدا ولو سحبا على الوجنات. يقول ولو جئت مسحوبا على وجهي ان لم اجد ما يوصلني وما اركب عليه للوصول الى المدينة. ولو جئت سحبا على الوجه وحبوا من اجل بلوغ هذه المدينة حبا لها واشتياقا اليها. لولا العوادي والاعادي زرتها ابدا. ولو سحبا على الوجنات ساهدي من حفيل تحيتي. يعني من عظيم ما املك من التحية ومن جليله وكثيره ونفيه وغاليه لكن ساهدي من حفيل تحيتي لقطين تلك الدار والحجرات. يقصد النبي صلى الله الله عليه وسلم يعني المقيم بتلك الحجرات ازكى من المسك المفتق نفحة تغشاه بالاصال والبكرات وتخصه بزواك الصلوات ونوام التسليم والبركات صلى الله عليه واله وسلم هذه هي نهاية فصل جعله المصنف رحمه الله تعالى خاتمة الباب الثالث وكان الباب الثالث مخصوصا للحق الثالث من حقوقه صلى الله عليه وسلم على امته. وقد جعلها المصنف في اربعة ابواب الباب الاول وقد مضى انفا في الايمان به صلى الله عليه وسلم وطاعته. وجعل الباب الثاني في حبه صلى الله عليه وسلم والتمسك بسنته. وجعل الباب الثالث في توقيره. ونصرته واحترامه واجلاله صلى الله عليه وسلم. وفي كل باب من الابواب الثلاثة التي تمت كان يورد المصنف رحمه الله من الفصول ما يشرح هذا الحق الكبير وما يعضده من النصوص من الايات والاحاديث. ومن صنيع السلف ومن عباراتهم المتلالعة كالدرر. بما هذا المعنى في قلوبنا اهل الاسلام ما هو ان لنبينا صلى الله عليه وسلم من المكانة العظيمة التي بوأه الله اياها ما يستوجب حقوقا عظيمة هذه الحقوق هي واجبة علي وعليك وعلى كل مسلم في الامة لنبينا صلى الله عليه وسلم. هي من مقتضى الاسلام ومن لوازم الشهادة ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا خيار لنا فيها ولا ينبغي التواني فيها بل التواصي والتنادي والتداعي واحياء هذه المعاني في قلوبنا اهل الاسلام. كانت تلكم ابواب ثلاثة. والباب الرابع الذي نشرع فيه الليلة وجعله خاتمة الحقوق الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. فانه من اعظم الحقوق واجلها. لكن هذه الابواب التي تمت بمعانيها المتعددة وكان خاتمتها الباب الثالث في وجوه تعظيمه ونصرته وتوقيره واجلاله صلى الله عليه وسلم جعل فيه جملة من المعاني منها النصرة وعدم التقدم بين يديه عليه الصلاة والسلام او سوء الادب بسبقه بالكلام او رفع الصوت فوق صوته او مناداته باسمه المجرد صلى الله عليه واله وسلم. وساق من هدي السلف من الصحابة رضي الله عنهم في حياته عليه الصلاة والسلام وهم اجل من ادب الله في تعاملهم مع النبي صلى الله عليه وسلم. وساق ايضا من هدي السلف بعد مماته عليه الصلاة والسلام ليبين لنا انه لا يزال في حقنا امة الاسلام واجب هذا الادب باقيا الى قيام الساعة وان التأدب بالاحترام والنصرة والتوقير والاجلال والادب معه عليه الصلاة والسلام سيبقى ما بقيت الحياة وما بقي مسلم يقول اشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وساق ايضا من اثار السلف وعباراتهم ما تخشعظ له الابدان وما تظرب له الامثال وما ينصب معالم تتعلم منها الاجيال في امة الاسلام كيف يسوقون في ويرفعون صروح الادب مع نبي الامة صلى الله عليه وسلم اننا نحرص اشد الحرص على تربية اولادنا بنينا وبنات وناشئتنا واجيالنا على الادب في كل مناحي الحياة واقل ذلك وايسره الادب في التعامل مع الوالدين مع الاجداد مع الاباء والامهات في التعامل ايضا مع الكبار في المجتمع ذوي المناصب والجاه والاقدار. كل ذلك مما تحتفظ به الامة من القيم. والمثل والاخلاق الفاضلة التي لا تزال الامة تتوارثها جيلا بعد جيل. فان كان هذا ادبا تحرص الامة على بقائه. فان من اجل معاني الادب الادب مع الله والادب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتلكم اداب ادبنا الله بها امة الاسلام. فيندرج هذا المعنى في توقيره صلى الله عليه وسلم في هذا الاصل الشرعي الكبير. كيف نحييه في القلوب؟ كيف يكون احدنا في حياته؟ وان لم يكن ابيا شرف بالصحبة ولا اكتحلت عينه بالرؤيا الا ان له بابا من الادب مع سنته وشريعته وحديثه صلى الله عليه وسلم يبقى محفوظا وواجبا يؤدى من كل مسلم عن نفسه ثم يورث ذلك لمن حوله. وختم ذلك المصنف رحمه الله بان من معاني التوقير والادب والتعظيم والاحترام لنبينا صلى الله عليه وسلم هو حب واحترام وتعظيم كل ما اتصل به. فيلحق بذلك اهل بيته. وازواجه وذريته صلى الله عليه وسلم. ويلحق بذلك صحابته الكرام رضي الله عنهم حبا لهم واعترافا بفضلهم واحتفاظا بقدرهم وبالامساك عما شجر بينهم ويبقى المسلم وسليم الصدر رفيع القدر لهم رضي الله عنهم وارضاهم وختم هذا بالفصل الذي اتممناه الليلة في تعظيم واكرام مشاهده وجميع اسبابه. واخر ذلك الحديث عن مدينته الطيبة الطيبة كل ذلك يا كرام يعظم ويحترم تعظيما واحتراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والا ما بلغت تلك المعاني هذا المبلغ العظيم لولا صلتها بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم. فاحبوا نبيكم وعظموه صلى الله عليه وسلم. واكرموا مقامه في القلوب وامتثلوا امر الله لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. واجعلوا في سبيل ذلك كله كلما اتصل به صلى الله عليه وسلم في حب حبا له عليه الصلاة والسلام. ويوقر توقيرا له صلى الله عليه وسلم ويعظم ويجل ويتأدب معه كل ذلك بناء على الواجب من الحق العظيم له صلوات ربي وسلامه عليه دوما الى يوم الدين. هذا كان تتمة الباب الثالث. ويشرع المصنف بعدها رحمه الله في رابع ابواب الكتاب. وهذا ابو الرابع هو خاتمة القسم الثاني فان القسم الثاني من الكتاب هو حقوقه صلى الله عليه وسلم على امته وكان الباب الاول الذي امضينا فيه ما شاء الله لنا من المجالس هو في تأصيل وبيان القدر الرفيع والمنزلة الشريفة التي بوأها الله محمدا صلى الله عليه وسلم. وجعل فيه يعني في في القسم الاول من الكتاب جعل فيه من الابواب والفصول ما ابدع فيه المصنف رحمه الله واجاد. في بيان عظيم قدره عليه الصلاة والسلام عند ربه عز وجل ومكانته العظيمة التي بوأه الله اياها. فلما تم القسم الاول ها هو ذا في خاتمة في القسم الثاني في الحقوق لما تبين لك عظيم القدر بنى على ذلك عظيم الحق الواجب له عليه الصلاة والسلام. لانه كلما تأصل في قلب المسلم مكانته عليه الصلاة والسلام عنده عظيم قدره صلى الله عليه وسلم كان ذلك عونا له على القيام بحقه الواجب عليه الصلاة والسلام فهذا الباب الرابع في ذكر الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم باعتبارها من حقوقه علينا امة الاسلام اجل هذا باب جليل الباب الرابع من القسم الثاني يتضمنوا حقا عظيما من حقوقه الكريمة على امته صلوات ربي وسلامه عليه. هذا من اجل الحقوق واعظمها اجرى من افضل الابواب الواجبة وايسرها على الامة اداء. هذا خاتمة ابواب القسم الثاني وهي حقوقه عليه الصلاة والسلام جعلها المصنف رحمه الله في بيان معانيها. فطيبوا معشر الكرام بهذا المجلس ما يعقبه في الابحار فيما قرره المصنف في هذا الباب. وقد جعل فيه فصولا عدة في ذكر معنى صلوا عليه وسلموا تسليما صلى الله عليه وسلم. معنى الصلاة والسلام عليه. هذه التي طالما نطقت بها الالسن ولا تسقط من الصلوات فرضا ولا نفلا. ويذكرها العبد صبحا ومساء كسوق المصنف معناها يبين فضلها يسرد النصوص الواردة في شأنها. ثم يبين اجرها وثوابها. ويعقب ذلك بالمواضع التي تشرع فيها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بين رحمه الله الذم والوعيد في التقصير في هذا الواجب وفي البخل بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم فصول بديعة انتظمت في هذا الباب الرابع في ذكر الصلاة عليه والسلام صلى الله عليه واله وسلم. فسيبقى هذا الباب بفصوله مرتعا تطيب بها نفوس المحبين له صلى الله عليه وسلم وهم لا يزيدهم مثل هذا الباب الا استكثارا من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وحق انا والله يا كرام وسيجد احدا احدنا انه رغم ما كان يملأ به حياته من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم فيما مضى من عمره الا انه سيكون اكثر حرصا واشد اقبالا واستكثارا كلما وقف على المعاني المتضمنة في معنى الصلاة والسلام عليه. صلى الله عليه وسلم. وفي وافر الاجر والمثوبة التي جعلها الله في طيات الصلاة والسلام على نبيه صلى الله عليه واله وسلم. نشرع الليلة في مقدمته رحمه الله في هذا الباب نسردها تباعا فيما كتب الله لنا من مجالس مقبلة ان شاء الله تعالى الباب الرابع في ذكر الصلاة عليه والتسليم وفرض ذلك وفضيلته. قال تعالى ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وقال ابن عباس رضي الله عنه معناه ان الله وملائكته يباركون على النبي صلى الله عليه وسلم وقيل ان الله يترحم على النبي صلى الله عليه وسلم وملائكته وملائكته وملائكته يدعون له. قال المبرئ واصل الصلاة الترحم. فهي من الله رحمة ومن الملائكة رقة واستدعاء بالرحمة من الله صدر المصنف رحمه الله هذا الباب الرابع في ذكر الصلاة عليه والتسليم وفرض ذلك وفضيلته صلى الله عليه وسلم بالاية الام في هذا الباب ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك عليه روى البخاري رحمه الله في صحيحه معلقا قال ابو العالية صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء وقال ابن عباس رضي الله عنهما يصلون يبركون هكذا ذكره البخاري معلقا عن ابن عباس وابي العالية وقال الترمذي رحمه الله وروي عن سفيان الثوري وغير واحد من اهل العلم قالوا صلاة الرب الرحمة. وصلاة الملائكة استغفار هذه طالما سمعتها عبد الله ان الله وملائكته يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم طالما رددها الخطباء في خطب الجمعة وطالما قالها العلماء والدعاة والمتحدثون في حديثهم في مجالسهم في دروسهم وحلقهم معنى الاية ان الله عز وجل ذكر عن نفسه سبحانه وتعالى انه يصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم وذكر ايضا عن ملائكته الكرام عليهم السلام انهم يصلون ايضا على نبيه صلى الله عليه وسلم هل ادركت عبد الله ما معنى ان يصلي الله على نبيه صلى الله عليه وسلم يقول ابو العالية صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة. يعني ما زال ربك عز وجل يرفع قدر نبيه صلى الله عليه وسلم بالثناء عليه عليه الصلاة والسلام عند اهل السماء بين الملائكة الكرام عليهم والسلام ويثني عليه رفعة لقدره واجلالا لمكانته عند اهل سماواته قال وصلاة الملائكة الدعاء يدعون للنبي عليه الصلاة والسلام وقد مر بك قول الترمذي فيما ساق عن الثوري وغير قال صلاة الرب الرحمة وصلاة الملائكة الاستغفار قال المصنف هنا قال ابن عباس معناه ان الله وملائكته يباركون على النبي. فجعل معنى الصلاة تبريك يعني الدعاء بالبركة. وقيل ان الله يترحم على النبي صلى الله عليه وسلم وملائكته يدعون له هذا ذكره المصنف رحمه الله نقلا عن امام المفسرين الامام الطبري رحمه الله تعالى. قال المبرد واصل الصلاة الترحم فهي من الله رحمة ومن الملائكة رقة واستدعاء للرحمة من الله. مجمل القول يا كرام ان صلاة الله على نبيه عليه الصلاة والسلام تكون بمعنى رحمته عز وجل بعبده. وتكون بمعنى ثنائه عليه في الملأ الاعلى. وتكون بمعنى تخصيصه بشرف وذكر ورفع بقدره ومكانته عند اهل سمائه عليه الصلاة والسلام وان صلاة الملائكة تدور حول معنى الدعاء والاستغفار وطلب الرحمة من الله لنبيه عليه الصلاة والسلام. اما الله عز وجل فانه يصلي على نبيه يعني يرفع قدره بالثناء عليه ويخصه بمزيد فضل وفخر وشرف ورفعتي مقدار هذا المعنى المتقرر يدفعك دفعا عبد الله الى ان تمتثل بعدها امر الله يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. عندما يقع بقلبك ويستقر هذا المعنى. ان الله عز وجل قد صلى عليه وسخر ملائكته بالصلاة عليه. فاعلم انه من تمام الشرف لك ان تلحق بهذا الركب فتكون مصليا. على النبي صلى الله عليه وسلم. اما هو عليه الصلاة والسلام فقد اغناه الله بصلاته عليه واغناه والله بتسخير الملائكة للصلاة عليه اعلمت الان ان قوله يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. ليس لحاجته صلى الله عليه وسلم لصلاته وصلاتك عليه فربك قد صلى علي لكنها شرف لي ولك وذخر لي ولك واجر لي ولك ان نصلي ونسلم عليه صلى الله عليه وسلم. والله يا اخوة تنالوا من الشرف والخير والاجر والفضل بقدر ما نستكثر من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم هذا باب من الخيرات والبركات فتح لنا امة الاسلام. باب من الشرف نتنافس فيه امة الاسلام بالاستكثار من الصلاة سلامي على نبي الامة صلى الله عليه وسلم. هذه واحدة. اما الثانية فمن استقر بقلبه عظيم حقه صلى الله عليه وسلم على امته وعظيم تضحيته وجهاده في تبليغ دعوته وعظيم ما امضى به عمره حتى لحق بربه من اجل امته صلى الله عليه وسلم. فانه والله لن يبقى في القلب مثقال ذرة الا وهي تنبض بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وفاء بحقه. واداء لبعضي لبعضي لبعض ما يجب له على امته عليه الصلاة والسلام والا فوالله لو اجتمعت الامة على لسان رجل واحد وقلب رجل واحد يصلون ويسلمون صلى الله عليه وسلم لا والله ما وفته حقه عليه الصلاة والسلام فشيء من الوفاء تعبر به القلوب والالسنة بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. ها هنا تدرك ان تقصيرنا وتراخينا قلة حيلتنا في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم هو تقصير فوق تقصير هو تأخير فوق تأخير هنا تدرك لما يقبل اهل العلم المحبون له صلى الله عليه وسلم يلهجون بالصلاة والسلام عليه كثيرا تكرارا اناء الليل اطراف النهار ثم هم يغتنمون المواضع الفاضلة والازمنة الفاضلة بالاستكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم انما هو شيء من الادراك لهذا المعنى. يقول الامام القرطبي رحمه الله في الاية ان الله وملائكته يصلون على النبي يقول رحمة الله عليه هذه الاية شرف الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم وموته. يعني في حياته وبعد مماته. فبقيت هذه الاية شرفا الى ان قال رحمه الله والصلاة من الله رحمته ورضوانه ومن الملائكة الدعاء والاستغفار. ومن الامة الدعاء والتعظيم لامره صلى الله عليه واله وسلم ويقول الامام ابن كثير رحمه الله تعالى ايضا في هذه الاية ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. يقول رحمه الله والمقصود من هذه الاية ان الله اخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه صلى الله عليه وسلم عنده في الملأ الاعلى بانه يثني عليه سبحانه عند الملائكة المقربين وان الملائكة عليهم السلام تصلي عليه. ثم امر تعالى اهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه من اهل العالمين العلوي والسفلي جميعا. فصلى الله ربي وسلم وبارك عليه بديع المعنى الذي اشار اليه ابن كثير رحمه الله اهل السماوات اهل الملأ الاعلى يصلون عليه ربنا سبحانه وملائكته عليهم السلام فبقي نحن اهل العالم السفلي اهل الاسلام انسا وجنا من امته صلى الله عليه وسلم فنجتمع بالصلاة عليه مع اهل العالم العلوي في هذا الشرف العظيم. يلتحق بهذا الشرف. من اكرمه الله بالاستكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم ويتأخر من تأخر في هذا الباب. ابقانا الله واياكم دوما في خير واقدام بالاستكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وقد ورد في الحديث صفة صلاة الملائكة على من جلس ينتظر الصلاة. اللهم اغفر له اللهم ارحمه هذا دعاء اراد ان يبين اصل معنى صلاة الملائكة. كيف فسرنا صلاة الملائكة بالدعاء قال لانه ورد في غير ما نص ان ملائكة السماء عليهم السلام انما تصلي على العباد بمعنى الدعاء. في الحديث الصحيح عند البخاري ومسلم لا يزال احدكم في صلاة ما انتظر الصلاة والملائكة تصلي عليه ما دام ينتظر الصلاة ما معنى تصلي عليه فهذا نص يفسر وهو شارح قال تقولوا اللهم اغفر له. اللهم ارحمه. فبين الحديث ان معنى صلاة الملائكة الدعاء لمن تصلي عليه بمثل هذه الجمل اللهم اغفر له اللهم ارحمه ففسر صلاة الملائكة بالدعاء وهذا من تفسير النص بالنص ومن تفسير القرآن بما ورد في سنته عليه الصلاة والسلام وهو من اعلى واعظم ما يرجى اليه في تفسير النصوص الشرعية بعضها ببعض. ومنه ايضا اية سورة غافر الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم. ويؤمنون به ويستغفرون للذين امنوا ربنا وسعت كل رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وادخلهم جنات عدن وعدتهم ومن صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم انك انت العزيز الحكيم. وقهم السيئات ومن سيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم. فالملائكة تدعو لاهل الايمان وسخرها الله عز وجل عونا وارد ان تكون لاهل الايمان مما يستجلب به الخير للعبد. فصلاة الملائكة اذا دعاؤها وقد جعلها الله عز عز وجل بهذا المعنى عونا لاهل الاسلام من عباده وقال بكر القشيري الصلاة من الله تعالى لمن دون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة. وللنبي صلى الله عليه وسلم تشريف وزيادة تكرمة. نعم. هذا المعنى الذي نقله القاضي عياض عن بكر القشيري. قال الصلاة من الله على بادي درجتان. فالدرجة الاولى هي صلاة من الله على نبيه صلى الله عليه وسلم خاصة والاخرى صلاة على من كتب الله له ان يصلي عليه قال فالصلاة من الله على النبي تشريف وزيادة تكريما وصلاة الله على من دون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة من الله على عباده. فالسؤال وهل يصلي ربك على نبيك صلى الله عليه وسلم؟ الجواب اجل انت بامكانك ان تنال صلاة ربك عليك اذا صليت على نبيك صلى الله عليه وسلم وفي الحديث الصحيح فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. فربك يصلي عليك اذا صليت على نبيك صلى الله عليه وسلم فلاحظ معي انت تقول اللهم صلي وسلم عليه هذه ثنتان واحدة لنبيك والاخرى لك فانت اذا قلت اللهم صل وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم انت تطلب من الله ان يصلي عليه. هذه له عليه الصلاة والسلام والاخرى لك يثيبك الله عليها لانك صليت عليه فتنزل عليك عشر صلوات من ربك بصلاة واحدة على نبيك صلى الله عليه وسلم. فصلاة له صلى الله عليه وسلم وصلاة لك انت. صلاة ربك عز وجل تغشاك صلاة ربك شرف وفخر تفريج للهموم تنفيس للكربات رحمة الله اذا ادركتك ما بقيت بساحتك ضائقة في الحياة لا كربة ولا هم ولا غم ولا مصيبة ولا بلاء. ليس بمعنى ان تنقلب الحياة الى نعيم دائم سرمدي فذاك في الجنة ولكن ستبقى الحياة رغم مكدراتها ومنغصاتها في ظل رحمة الله ايسر في مكابدة واطيب هناءة بالعيش لانك في كنف رحمة مولاك وربك واذا اردت رحمة ربك فاطرقها من اوسع ابوابها بالصلاة والسلام على نبيك صلى الله عليه واله وسلم. يقول رحم الله الصلاة من الله لمن دون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة. وللنبي صلى الله عليه وسلم تشريف وزيادة تكرمة. نعم وقال ابو العالية صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء. تقدم آآ تفسير ابي العالية رحمه الله تعالى بمعنى صلاة الله على نبيه صلى الله عليه وسلم وصلاة الملائكة فيما اخرجه البخاري رحمه الله معلقا في صحيحه قال ابو العالية صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء وقال ابن عباس رضي الله عنهما يصلون يبركون. فذكر معنيين احدهما عن ابن عباس وان الصلاة بمعنى البركة والاخر عن ابي العالية ان الصلاة من الله الثناء. وتقدم قبل قليل ان الصلاة من الله لمن دون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة ولا صلى الله عليه وسلم تشريف وزيادة تكريمة ولا يزال المصنف رحمه الله يقرر هذا المعنى في صدر هذا الباب. وفيه فصول عديدة متتابعة في تقرير هذا المعنى الجليل من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. ولتدركوا يا كرام ان الرحمة التي تغشى العبد بالصلاة على نبيه صلى الله وعليه وسلم انما هي لان الله يصلي عليه فانت اذا صليت على نبيك حظيت بشرف صلاة ربك. واذا كانت صلاة ربك عليك سبحانه وتعالى رحمة شاك فاعلم ان الحياة انما تهنأ وتطيب في ظل رحمة الله. واي حياة تبعد عنها الرحمة وتفارقها في حياة العبد فانما هي والله نكد وضيق وضنك. هكذا هي الحياة اذا فارقتها رحمة الله ما نحن عباد الله لولا رحمة الله ما الحياة لولا رحمة الله رحمة الله انحلت بساحتك. وفي حياتك ضيق صدر وكربة وهم ومريض وميت ودين وشقاء وهم وتفكير وعيش ومطالب شتى في الحياة. فان حلت رحمة الله تيسرت لك وفتحت لك الابواب وانجلت عنك الكربات لانك في رحمة الله رحمة الله يا كرام يطلبها العباد في الدنيا وفي القبر وفي الاخرة في الدنيا لتسعد الحياة لتهنأ وتطيب في القبر لتزول عنه الكربات وفتنة القبر وعذاب القبر وفي الاخرة فلن يدخل عبد الجنة الا برحمة الله قال لن يدخل احد منكم الجنة بعمله قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمته. ادركت والان اننا في مسيس الحاجة الى رحمة الله هذه الرحمة يا كرام تطلب من اوسع ابوابها بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. اوما انتم اننا في صلاة الجنازة في التكبيرة الاولى نقرأ الفاتحة فانها ركن الصلاة وفي التكبيرة الثانية قبلت الشروع في الدعاء للاموات بطلب الرحمة نقدم بين يدي ذلك الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم هل فطنتم اننا قبل ان نطلب الرحمة للاموات؟ فاننا نطرق الباب بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. هذا معنى في التشريع يأتي لمقاصد وانت اذا دخلت بيت الله المساجد جئت تشهد الصلاة جماعة تدخل بقدمك تذكر الله فتسمي ثم تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله لانك تريد ان تقول بعدها اللهم افتح لي ابواب رحمتك تريد الرحمة؟ فانظر كيف طلبتها؟ بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. واذا خرجت من المسجد تبتغي البيت والمنزل والسوق وهو العيش وشتى ابواب الحياة وتسأل الله من فضله فانك ايضا تقول بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم افتح لي ابواب فظلك فانت تطرق باب الرحمة داخلا وباب الفضل خارجا ولا تطرقه الا بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. الليلة ليلة الجمعة وغدا هو يوم الجمعة. وانما تستمطر رحماتها وبركاته. بذكر الله اهو طاعته وعبادته وبالاكثار من الصلاة والسلام على نبيه صلى الله عليه واله وسلم. فدته نفسي فما نفس تشابه ما مثله بشر والناس اشباه القلب حن له والعين ترقبه صلوا عليه فقد اوصاكم والله ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما فاللهم صل وسلم وبارك عليه يا رب كما تحب ان يصلى ويسلم عليه. وصل يا ربي وسلم وبارك عليه كما امرتنا يا رب الصلاة والسلام عليه وبلغنا الهي بالصلاة والسلام عليه الدرجات العلى والمنازل الرفيعة. حقق لنا بها المنى وفرج عنا الكربات واجب لنا الدعوات يا كريما قريبا سميعا مجيبا. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء اجعل لنا الهي ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم وارحم موتانا واشفي مرضانا واهدي ضالنا وتقبل منا انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار