بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين واشهد ان سيدنا ونبينا وحبيبنا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله صادق الوعد الامين اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة المؤمنون فان مجلسنا المبارك هذا في رحاب بيت الله الحرام ما زال يتتابع بنا في هذه الليلة الكريمة المباركة لنجمع شرف الزمان الى شرف المكان. مستكثرين به من شريف العمل الصالح الذي يقربه الى الله في ليلة كهذه حظنا فيها في هذا المجلس الاكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القائل اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. صلى عليك الله يا من شرح الصدور وطيب الافاق. ان لم نكن من من رآك فاننا طوقا اليك كنوعانق الاشواق. فيا رب صل وسلم وبارك عليه. صلاة وسلاما دائمين متتابعين ابدا نرقى بها في اعلى الدرجات وننجو بها من الضركات وتفرج عنا بها الكربات ثم ان مجلسنا هذا ما زال يتابع ما صنفه الامام القاضي عياض رحمه الله تعالى في هذا السفر العظيم كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. وقد شرعنا في مجلسنا السابق في القسم في الثالث من الكتاب واول ابوابه في فصله الاول فيما يتعلق بعصمة النبيين جملة ونبينا صلى الله عليه وسلم خاصة فيما يتعلق بالامور الدينية وعصمتهم عليهم صلوات الله وسلامه الا تنعقد عقائد قلوبهم الا على تمام معرفة الله وعدم مناقضته من شك او جهل او تردد فيما يتعلق بالاعتقاد بالله واسمائه وصفاته وفاته وتمام التوحيد وكماله. وقد شرع المصنف في بيان هذا الاصل وبين وقوع اجماع المسلمين عليه الا يكون في عقائد الانبياء عليهم السلام. فيما يتعلق بالتوحيد والعلم بالله وصفاته بالواء بما اوحي اليهم الا ما كان على غاية المعرفة ووضوح العلم واليقين. والانتفاء عن الجهل بشيء ان ذلك او الشك او الريب فيه. وانهم عليهم الصلاة والسلام قد عصموا من كل ما يضاد لمعرفة بذلك واليقين وبعد ما قرر هذا رحمة الله عليه انتقل الى بيان اجوبة عن اشكالات ربما وردت على هذا الاصل فيما توهمه ظواهر بعظ النصوص. وقد ابتدأ رحمه الله تعالى باول ذلك في بيان معنى قوله تعالى اعلى لسان الخليل ابراهيم عليه السلام قال اولم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبي. وقد بين رحم الله تعالى من وجوه ستة معنى الاطمئنان القلبي الذي ذكره الخليل عليه السلام. وانه ابدا لا ينصرف الى معنى وقوع شك او تردد في ايمانه بقدرة الله. لكنه على معنى تم ايضاحه في المجلس السابق ثم انتقل رحمه الله الى موضع اخر وهو قوله سبحانه وتعالى مخاطبا نبينا صلى الله عليه وسلم فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين. ولا تكونن من الذين كذبوا بايات الله فتكون من الخاسرين. قال عقبها رحمه الله فاحذر ثبت الله قلبي وقلبك ان يخطر ببالك ما ذكره بعض المفسرين عن ابن عباس رضي الله عنهما او غيره من اثبات شك للنبي صلى الله عليه وسلم فيما اوحي اليه وانه من بشر مثل هذا لا يجوز عليه جملة عليه السلام او لا يجوز عليه حمله. عليه الصلاة والسلام. ثم بين رحمه الله وجوها في بيان المراد من الاية الكريمة. وان قوله فان كنت في شك ليست تتناول اثبات وقوع قلبه كريم عليه الصلاة والسلام في الشك ولا ان الاية جاءت لاجل هذا لكنها على محامل تقدم بعضها في مثل قوله ان المراد غيره عليه الصلاة والسلام والخطاب له. المراد قل يا محمد للشاك ان كنت في شك الى اخر اخر الاية وان تمام تأكيد هذا المعنى والتأويل قوله في السورة نفسها سبحانه وتعالى في اخر السورة قل يا ايها الناس ان كنتم في شك من ديني فلا اعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن اعبد الله الذي يتوفاكم. وقيل المراد بالخطاب العرب وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم. الخطاب له والمراد غيره عليه الصلاة والسلام. كما في به فلا تكفي مرية مما يعبد هؤلاء. الا ترى ان اخر الاية ولا تكونن من الذين كذبوا بايات الله فتكون من من الخاسرين هو المكذب عليه الصلاة والسلام من قبل قومه. فكيف ينهى عن ان يكون مكذبا؟ فلا يستقيم حبل الاية الا على ان يكون المراد بالخطاب غيره. وختم هذا المعنى بالاستشهاد بمثل قوله تعالى في مثل هذا السياق في الايات الرحمن فاسأل به خبيرا. الخطاب له عليه الصلاة والسلام فاسأل به خبيرا. هل المقصود ان يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم خبيرا بربه سبحانه وتعالى. بل الخبير هو عليه الصلاة والسلام بربه. وهو اعلم البشر بالله جل جلاله. فكان هو المسؤول الخبير في الاية. وان المستخبر السائل غيره. ففهمنا اذا انه ربما جاءت الايات بمثل هذا السياق بمثل هذه الصيغ ان يكون الخطاب له عليه الصلاة والسلام والمراد امته او بعض امته او المكذبون من امته كل ذلك جاء مثله في كتاب الله الكريم فيكون حمل الاية الكريمة عليها ليس مستغربا ولا خارجا عما جاء في سياق الايات القرآنية. وقف بنا الحديث عند هذه الاية للاستشهاد بها على معنى الاية الكريمة. ولا يزال للمصنف رحمه الله تمام كلام في الاية قبل ان ينتقل الى اية سواها لبيان وجه الاشكال ودفعه لتقرير هذا الاصل. اي اصل انه لا يجوز ان يعتقد في شأن الانبياء عليهم السلام. فيما يتعلق بعقائد قلوبهم ومعرفتهم بالله سبحانه لا تمام اليقين والا صفاء المعتقد والا التوحيد الخالص. والا فلماذا بعثوا انبياء ورسلا؟ ولماذا كانوا لقدول لاممهم قدوات واسوة الا لانهم بلغوا في هذا المقام شأنه الاعظم اللائق بهم عليهم السلام. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء وسيد المرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال الامام القاضي عياضا رحمه الله في القسم الثالث في الباب الاول فيما يختص بالامور الدينية والكلام في عصمة نبينا وسائر الانبياء صلوات الله عليهم وسلامه قال رحمه الله تبارك وتعالى ومثل هذا قوله تعالى واسأل من ارسلنا من قبلك من رسلنا فجعلنا من دون الرحمن الهة يعبدون المراد به المشركون والخطاب مواجهة للنبي صلى الله عليه وسلم قاله القتيب قاله القتبي نعم قال ومثل هذا يعني ومثل ما سبق في قوله الرحمن فاسأل به خبيرا. جاء قوله سبحانه واسأل من ارسلنا من قبل من رسلنا. في سورة الزخرف واسأل الامر لمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم هيا افهم معي الان واسأل يا محمد من ارسلنا من قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن الهة يعبدون. الامر بسؤاله الامر له ان يسأل من ارسل من قبله من الرسل هل هذا الامر لجهل عنده عليه الصلاة والسلام يراد به بهذا السؤال تحصيل علم لامر كان يجهله ثم في اي شيء اجعلنا من دون الرحمن الهة يعبدون؟ اكان قضية كهذه ليؤمر بسؤال الانبياء الذين جاءوا قبله. اذا كيف تفهم الاية؟ قال ومثل هذا قوله تعالى او اسأل من ارسلنا من قبلك من رسلنا المراد به المشركون. كيف يكون المراد المشركون كيف يكون المراد في الاية هم المشركون؟ والله يقول واسأل ما قال واسألوا هذا على القاعدة السابقة الخطاب له والمراد غيره من امته عليه الصلاة والسلام. اذا فهمت هذا زال عنك الاشكال. فان كنت في شك مما انزلناه اليك يعني هل ان كنت يا محمد في شك فاذهب لتسأل ما يزيل عنك الشك حاشاه عليه الصلاة والسلام الا ان المعنى الخطاب له والمراد امته. فان قلت كيف يستقيم هذا؟ قال لك جاء مثله في ايات كريمة في عدد من السور الرحمن فاسأل به خبيرا. هو الخبير المسئول. فلا يكون سائلا ابدا. لكن المراد بالسؤال غيره. واسأل من ارسلنا من قبلك من رسلنا المراد المشركون والخطاب مواجهة للنبي صلى الله عليه وسلم. نعم وقيل المعنى سلنا عمن ارسلنا من قبلك فحذف الخافض وتم الكلام. ثم ثم ابتدأ الكلام اجعلنا من دون الرحمن الاية؟ الى اخرها على طريق الانكار اي ما جعلنا حكاه مكي؟ نعم. وقيل المعنى واسأل من ارسلنا من قبلك من رسلنا هنا وقف تام على هذا التأويل الثاني للاية والمراد واسأل عمن ارسلنا واسأل من ارسلنا بمعنى واسأل عمن ارسلنا فحذف حرف الجر الذي هو عن. قال هذا معنى قوده قذف الخافض وتم الكلام. اذا واسأل من ارسلنا يعني واسأل يا محمد عمن ارسلنا. من قبلك من رسلنا. اذا سيسأل من سيسأل الله عز وجل ليعلم خبر من جاء قبله من الامم. يقول هنا تم الكلام ليكون السؤال اجعلنا ليس هو السؤال المطلوب ايراده لكن لتكون جملة اجعلنا من دون الرحمن جملة مستأنفة لا علاقة لها بقوله قبلها واسأل فيقول اجعلنا من دون الرحمن الهة يعبدون استفهام الانكار يعني ما جعلنا من دون الرحمن الهة يعبدون. وهذا وجه من التأويل حسن يزول به الاشكال ونسبه المصنف رحمه الله الى الامام مكي بن ابي طالب القيسي رحمه الله تعالى وقيل امر النبي صلى الله عليه وسلم ان يسأل الانبياء ليلة الاسراء عن ذلك. فكان اشد يقينا من ان يحتاج الى السؤال فروي انه قال لا اسأل قد اكتفيت قاله ابن زيد هذا جواب ثالث في الاية الكريمة ان قوله سبحانه واسأل من ارسلنا يعني اسأل يا محمد الانبياء قبلك الذين ارسلناهم. اين يسألهم؟ واين وكيف يسألهم؟ اين لقيهم عليه الصلاة والسلام في حياته تقيهم في حادثة الاسراء فيكون المعنى واسألهم يعني في قصة الاسراء وقد لقيهم وخاطب بعضهم صلوات الله وسلامه عليهم جميعا كما في غير ما حديث صحيح في الصحيحين وغيرهما من دواوين السنة الكثيرة. فيما تواتر من قصة الاسراء والمعراج. قال امر ان يسأل الانبياء ليلة الاسراء عن ذلك ومع ذلك ما سأل عليه الصلاة والسلام فكان اشد يقينا من ان يحتاج الى سؤال روي انه قال لا اسأل قد اكتفيت. هذا القول نسبه المصنف الى التابعي الجليل ابن زيد. وهو كما ذكره الطبري في تفسيره ايضا ونسبه البغوي لابن عباس والزهري وسعيد بن جبير. فهؤلاء كبار ائمة سلف من المفسرين يذكرون ان المعنى متعلق بقصة الاسراء واسأل يا محمد من ارسلنا من قبلك من رسلنا يعني لما لقيهم ليلة الاسراء عليهم الصلاة والسلام. ومع ذلك فما سبت في رواية صحيحة ولا ضعيفة انه لما لقي ابراهيم الخليل عليه السلام ولا موسى وعيسى عليهما السلام. ولا زكريا ويحيى عليهما السلام ولا غيرهما من الانبياء ما ورد في رواية صحيحة ولا ضعيفة انه سأل هذا السؤال هل جعل الله من دونه الهة تعبد؟ فما كان بحاجة الى استفهام وسؤال لكن الاية لمزيد تقرير لقضية عظمى هي توحيد الله عز وجل الله ما بعث نبيا الا بها ولا امر الا بتحقيقها ولا ارسل الرسل وانزل الكتب الا لاقامتها ولا نصبت الجنة والنار ووضع الصراط الا من اجلها قضية توحيد الله جل جلاله. اجعلنا من دون الرحمن الهة يعبدون واسأل يا محمد كل الامم السابقة. فهي تماما كقوله تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. تختلف الاساليب القرآنية في تقرير هذه القاعدة الكبرى في الحياة. وهي قضية توحيد الله فجاءت مرة بالتقرير ولقد بعثنا وجاءت مرة بصيغة الامر بالسؤال واسأل من ارسلنا من قبلك من رسل والمؤدى في كل تلك الاساليب واحد هو تقرير قضية التوحيد الكبرى. فليس في شيء من ذلك اثبات نقص بعلمه عليه الصلاة والسلام بهذه المسألة. وحاشاه صلوات الله وسلامه عليه. يقال مثل هذا الكلام ايها المسلمون من اجري ان تنجلي الشبهات وتزول الاشكالات. وليتقوى المسلم عامة. وطالب العلم خاصة فيما يحتاج اليه من علمية يجيب عنها عما يرد في كتاب الله الكريم. نعم وقيل سل امم من ارسلنا هل جاؤوهم بغير التوحيد وهو معنى وهو معنى قول قول مجاهد والسدي والضحاك وقتادة. وقيل هذا معنى الرابع في الاية في تأويل قوله واسأل من ارسلنا من قبلك من رسلنا. واسأل من ارسلنا يعني اسأل امم من ارسلنا. فاذا كان سؤال متوجها الى الامم لن يكون السؤال لهم باثبات قضية التوحيد لكن السؤال هل جاءتكم الانبياء بغير قضية التوحيد هذا المعنى قول مجاهد والسدي والضحاك وقتادة قال الامام شيخ المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله مرجحا ما يقارب هذا المعنى فقال سل كتب الذين ارسلنا قبلك من الرسل فانك يا تعلم صحة ذلك من قبلنا. فاستغنى بذكر الرسل عن ذكر الكتب. اذ كان معلوما ما معناه انتهى كلامه رحمه الله قال والمراد بهذا والذي قبله اعلامه بما بعثت به الرسل. وانه تعالى لم يأذن في عبادة غيره لاحد ردا على مشركي العرب وغيرهم في قولهم ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى. والمراد بهذا بهذه الاية الكريمة والذي قبله يعني الاية التي ما زال المصنف رحمه الله في تمام بيان معناها فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين المراد بالايتين شيء واحد. ما هو؟ هو الرد على مشرك العرب وغيرهم هو اعلامه صلى الله عليه وسلم بما تطابقت عليه وتتابعت عليه بعثة الرسل جميعا عليهم السلام على ماذا تتابع؟ اختلفت الامم تفاوتت في القرون تعاقبت اجيال بعثت رسل فنيت امم وبادت امم اختلف فكل شيء في الحياة بقيت القضية التي منذ ان خلق الله ادم الى اليوم الى قيام الساعة لا تتبدل ولا تتغير. تدري ما هي هي القضية الكبرى في الوجود توحيد الله سبحانه. افراده بالعبادة يختلف كل شيء في الحياة يذهب ويزول. ويبقى هذا الحق المطلق الذي لا يتغير ولا يتبدل ولا يزول ولا يحول. اسأل فان كنت في شك مما ارسلناه اليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك واسأل من ارسلنا من قبلك من رسلنا المراد بالسؤال تقريره هذه القضية واعلامه بما بعثت به الرسل وان الله ما امر الا بتوحيده ردا على مشرك العرب وغيرهم لما في عبادتهم للاصنام ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى وكذلك قوله تعالى والذين اتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين. انتقل رحمه الله الى اية ثالثة وتأملوا معي لما يقول الله لنبيه عليه الصلاة والسلام فلا تكونن من الممترين. ايش معنى ممترين الممترين جمع ممترن. من هو الممتري الامتراء هو الشك لما يقول الله لنبينا عليه الصلاة والسلام فلا تكونن من الممترين. هل يمكن ان يفهم مسلم ولو للحظة ان نبينا عليه الصلاة والسلام عاش من حياته لحظة في الشك والامتراء. فنهاه الله لا تكونن من الممترين اطلاقا هذا لا يمكن ان يفهمه مسلم لكن كيف سافهم سياق الاية الكريمة فلا تكونن من الممترين؟ نعم فلا تكونن من الممترين اي في علمهم بانك رسول الله. وان لم يقروا بذلك وليس المراد به شكه فيما فيما ذكر في اول الاية. نعم وقد يكون ايضا على مثل ما تقدم اي قل يا محمد لمن امترى في ذلك لا تكونن من الممترين بدليل قوله اول الاية افغير الله ابتغي حكما وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلا. والذين اتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين. وان النبي وان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب ذلك غيره هذان وجهان فلا تكونن من الممترين يعني لا تشكن يا محمد في علمك انك رسول الله حق قا وان كذبك الناس من حولك جميعا. احيانا ونحن بشر رغم ثقتك ويقينك وصدقك وجزمك بشيء تقوم انت عليه. لكنه يغالبك احيانا مخالفة الناس من حولك فتشعر في بعض اللحظات شعورا منطقيا يعود عليك بالسؤال. اترى كل الناس يمكن ان يكونوا خطأ وانا على صواب. احيانا يأتيك هذا الشعور مهما اكنت على يقين في صواب ما انت عليه. لكن من اجل كثرة مخالفة الناس من حولك لك. ومعارضتهم لك تأتيك لحظة شعور بسؤال منطقي تسأل به نفسك ايمكن ان يكونوا جميعا على خطأ وانا وحدي على صواب لاحظت انه عليه الصلاة والسلام في لحظة من اللحظات يختلف الامر عليه فجأة من اجلال واحترام ومهابة وتوقير. شاب ما عرف الا بالنزاهة والصدق. والطهارة والعفاف. ولا يسمى في مكة وشوارعها واحيائها الا بالصادق الامين فجأة لما قال لهم انا رسول من الله اليكم؟ قالوا كذاب وقالوا ساحر وقالوا شاعر وقالوا مجنون واتهموه الاباطيل ثم تدري من اتهمه قومه عشيرته عمه ابناء عمومته اقرب الناس اليه من كان يرفعه الى العلياء احتراما وثقة واجلالا فجأة انقلبوا عليه احيانا لاننا بشر قد يعترينا مثل هذا الشعور. معاودة للسؤال. ايمكن ان يتفقوا جميعا ويتواطؤوا على خطأ واكون انا على صواب فيأتي مثل هذا التقرير فلا تكونن من الممترين لا ينبغي ان يعتريك افتراء وشك في صدق نبوتك. وانك رسول الله حقا. وليس المراد شك وقع في بعثته والوحي الذي نزل اليه وان الله قد بعثه من فوق سبع سماوات. وقد يكون وجه ثان في الجواب كما تقدم في الايتين السابقتين ان كنت في شك مما انزلنا اليك. والاية واسأل من ارسلنا. الخطاب له والمراد غيره عليه الصلاة والسلام اي قل يا محمد لمن امترى. لا تكونن من الممترين. ثم عوض هذا المعنى باول الاية افغير الله ابتغي حكما وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلا اليست هذه في غاية اليقين؟ امر ان يقول هذا الجواب افغير الله ابتغي كما اذا هو في تمام الثقة والصدق واليقين حتى اقامها حجة في المناظرة. من كان يقول افغير الله ابتغي حكما يقال له في اخر الاية فلا تكونن من الممترين لا ابدا هذا لا يستقيم. من يقول افغير الله ابتغي حكما هو اوثق الناس بربه. اليس كذلك؟ هو اصدقهم في وعده. اذا كيف تفهم اخر الاية فلا تكونن من الممترين الا ان تقول امر عليه الصلاة والسلام ان يقولها حجة دحظا لكل من يخالفه ويشك في امره ان اثبت هداك الله. وانتبه وافتح قلبك للحقائق فلا تكونن من الممترين وانه عليه الصلاة والسلام يخاطب بذلك غيره. نعم وقيل هو تقرير وقيل هو تقرير كقوله تعالى لعيسى عليه السلام اانت قلت للناس اتخذوني وامي من دون الله وقد علم انه لم يقل. قيل هو تقرير فلا تكونن من الممترين ليس المراد حقيقة النهي ليس المراد حقيقة النهي بل المراد اثبات القضية وانه ليس من فئة ومن وقع في الشك وحاشاه عليه الصلاة والسلام حتى لا تقول ان هذا تأويل وتكلف في معاني الاية بما لا تحتمله لكنه جاء مثله من جنسه في قوله سبحانه وتعالى لعيسى عليه السلام. واذ قال الله يا عيسى ابن مريم اانت قلت للناس اتخذوني وامي الهين من دون الله لما سأله الله اكان عيسى عليه السلام حقيقة قال هذه الكلمة؟ هل دعا الناس الى عبادته وعبادة امه مريم من دون الله؟ الجواب قطعا ما كان هذا. فلماذا يسأله الله؟ ليكون الجواب قال سبحانك ما يكون لي ان اقول ما ليس لي بحق. اذا كيف ستفهم السؤال؟ اانت قلت للناس اتخذوني؟ قال ليس الا تقريرا. يعني نحن نعلم يا عيسى انك لم تقل لكن من اجل ان يكون الجواب مسموعا للبشرية فيكون فيه من التكذيب لاول من كذب في هذه الفري وهم قومه عليه السلام. في من الهوه ليأتوا يوم القيامة كل النصارى الذين الهوا عيسى عليه السلام. والهوا امه وقالوا انه ثالث ثلاثة او قالوا انه ابن الله تعالى الله ليسمعوا الجواب على سمع الخلائق جميعا يوم القيامة والله الله يسأل عيسى عليه السلام يا عيسى ابن مريم اانت قلت للناس اتخذوني وامي الهيني من دون الله؟ فيقول عليه السلام سبحان ما يكون لي ان اقول ما ليس لي بحق تكذيب لهم فيما افتروه وعاشوا عليه قرونا متتابعة يضلون ويضلون البشرية بالوهية عيسى عليه السلام فليس المراد بالسؤال كشف حقيقة الجواب. لنعلم انه حقيقة هل قال او لم يقل لكنه تقرير للقضية فكذلك سيكون المعنى فلا تكونن من الممترين نعلم يا محمد انك لست من اهل الافتراء لكنها قضية ينبغي ان تقرر على مسامع المشركين والمكذبين والمعاندين. ممن خالف رسالته وكذبوا نبوته عليه الصلاة السلام وقيل معناه ما كنت في شك فاسأل تزداد طمأنينة وعلما الى علمك ويقينا وقيل ان كنت تشك فيما شرفناك وفضلناك به فسلهم عن صفتك في الكتب ونشر فضائلك وحكي عن ابي عبيدة ان المراد ان كنت في شك من غيرك فيما انزلناه. هذه وجوه اخرى فلا تكونن من الممترين يعني ما كنت في شك يا محمد فاسأل ان كان سيعتريك الشك ويعترضك الشيطان في الطريق فاسأل لتزداد طمأنينة وعلما الى علمك ويقينا اذا فلا تكونن من الممترين اي ازدد يا محمد صلى الله عليه وسلم. ازدد من السؤال فيما يبعث في قلبك مزيدا من الطمأنينة والثقة بالله. وقيل المعنى فلا تكونن من الممترين. يعني ان كنت تشك فيما شرفناك وفضلناك به فاسألهم عن صفتك في الكتب السابقة. في التوراة والانجيل وما بعث به ووصف من الفضائل والمناقب الحميدة الصلاة والسلام. هذا المعنى ليذهب الشك عن معنى الابتراء انه في عقيدته وايمانه بالله وحاشاه لتكونن من المبتلين في مشارفك وفضلك لا تكونن من المبتلين لتزداد طمأنينة حكي عن ابي عبيدة ان المراد ان كنت في شك من غيرك فيما انزلناه. وليس الشك منه عليه الصلاة والسلام. وجوه ووجوه من التأويلات معنى الاية وليس التأويل هنا بمعنى صرف اللفظ صرف اللفظ عن معناه لتكلف المعنى البعيد الذي ينفك به من الاشكال لكن المراد هنا بالتأويل. بيان المعنى الصحيح المستقيم. مع لفظ الاية وسياقها. ومع المراد من بما لا يتعارض مع الاصول المقررة ورعاية مقام الانبياء عليهم السلام. تم كلام المصنف عن هذا الموضع الثالث اذا تم كلامه عن ثلاثة ايات قال بلى ولكن ليطمئن قلبي كانت الاولى ثم انتقل الى اية فان كنت في شك مما انزلناه اليك واجاب عنها. ثم انتقل ثالثا الى قوله فلا تكونن من الممترين عنوها كما اجاب عن سابقاتها ليس بجواب بل باجابات اربع وخمس وست لمزيد تقرير لما قرره العلماء في معاني تلك الايات الكريمات ينتقل المصنف الان الى موضع الرابع من القرآن. وفيه اية ربما اوهم ظاهرها ايضا اشكالا فيحتاج الى جواب يا اهل الاسلام هذا مجلس علم وكلام المصنف رحمه الله في هذا الفصل من دقائق العلم ومن مسائله التي تحتاج الى فهم وانما ينبغي فهمها اولا لتحصين النفوس علميا. ثانيا لاجابة من يعتريه شك او شبهة او اشكال. ثالثا لنكون جندا من جند الله. يذب عن كتاب الله وعن مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يتسلل المشككون والمغرظون والمسيئون الى امتنا الى ديننا الى قرآننا الى نبينا صلى الله الله عليه وسلم ولا يصل الى شيء من اغراضهم الفاسدة. وانما تواجه الحجج بامثالها. والاشكالات باجابات علمية. من اجل ذلك استمروا هذا الفصل في نسق علمي محرر دقيق. تمت الاجابة عن ايات ثلاثة وينتقل المصنف رحمه الله اه الى هذه الاية الرابعة فاسمع وعي رعاك الله قال رحمه الله فان قيل فما معنى قوله حتى اذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا على قراءة التخفيف قلنا المعنى في ذلك ما قالته عائشة رضي الله عنها معاذ الله معاذ الله ان تظنها معاذ الله معاذ الله والله ان تظن ذلك الرسل بربها. تأملوا قبل ان تفهموا جواب عائشة رضي الله عنها افهموا وجه الاشكال. في اخر سورة يوسف السلام حتى اذا استيأس الرسل استيأس الرسل يعني بلغوا درجة من اليأس من ايمان اقوامهم وتصديقهم وظنوا من هم الرسل وظنوا انهم قد كذبوا بني الفعل على ما لم يسمى فاعله. يعني وقع الكذب معهم كذبوا يعني اخلفوا الوعد بالنصر اخلفوا الوعد بالتمكين لاول وهلة يتبادر الفهم الخاطئ ان الرسل جاءهم الوعد بالنصر والتمكين جاءهم الوعد بالثبات جاءهم الوعد بالمعجزات جاءهم الوعد بكل ما من شأنه تمكينهم ثم اكتشفوا انهم قد كذبوا. من الذي كذبهم الذي وعدهم وهذا لا يمكن ان يكون لان المعنى انهم كذبوا الله في صدق وعده هذا معنى الاشكال حتى اذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا يعني اخلفوا الوعد والوعد كان من الله فلا تفهمن ابدا ان الانبياء والرسل وقع منهم ولو لحظة في حياتهم انهم ظنوا بربهم انه اخلف الوعد. تعالى الله وحاشى الرسل عليهم السلام لكن الاية بقراءة التخفيف وهي قراءة الجمهور الكوفيين الاربعة وابي جعفر من العشرة قراءة نصف القراء العشرة انهم قد كذبوا. وانما قال على قراءة التخفيف. لان قراءة التشديد وظنوا انهم قد كذبوا لا اشكال فيها. من الذي كذبهم؟ اقوامهم. لكن لما تقول فمن اظلم ممن كذب على الله وكذب فكذب غير كذب. لما تقول كذبت يعني وقعت في خلف للوعد كانك تقول اخلفت الوعد من قبل من كذبك الوعد. وظنوا انهم قد كذبوا. فينبغي ان تفهم وجه الاشكال. قلنا المعنى قلنا المعنى في ذلك ما قالته عائشة رضي الله عنها معاذ الله ان تظن الرسل بربها ان تظن ذلك معاذ الله ان تظن ذلك الرسل بربها وانما معنى ذلك ان الرسل لما استيأسوا ظنوا ان من وعد النصر من اتباعهم كذبوهم. وعلى هذا اكثر المفسرين. تقول عائشة معاذ الله ان تظن ذلك الرسل بربها ان تظن ايش ان الله اخلف الوعد معهم عليهم السلام. قالت لكن معنى ذلك ان الرسل لما استيأسوا ظنوا ان من وعدهم النصر من اتباعهم كذبوهم وظنوا انهم قد كذبوا ليس من قبل الله تعالى الله. لكن ظنوا انهم قد كذبوا من قبل من من قبل اتباعهم ممن وعدهم بالنصر. فثمة انبياء اتبعهم بعض من اتبع ووعدهم بالنصر. فلما حصحص الحق واستعلت الامم وحانت ساعات الحرب رأوا انه لا قبل لهم بمواجهة الاعداء فانخذلوا. فيكون عندئذ موقع الرسل قد كذبوا ممن من اتباعهم ممن وعد بالنصر لكنهم خذلوهم لاي سبب كان. قالت وانما معنى ذلك ان الرسل لما استيأسوا ظنوا ان من وعدهم النصر من اتباعهم كذبوهم. قال وعلى هذا اكثر المفسرين. نعم وقيل ان الظمير في ظن عائد على الاتباع والامم لا على الانبياء والرسل. وقيل ان الضمير في ظنوا حتى اذا الرسل قف وظنوا ليس المعنى الرسل وظنوا يكون الظمير عائدا على اتباعهم واممهم. يعني وظنت امتهم واتباعهم انهم قد كذبوا فيكون الظن المذموم واقعا ممن؟ من الاتباع ومن الامم وليس من الانبياء والرسل عليهم والسلام وانه يمكن ان يقع من البشر لحظة ضعف الظن بان الله اخلف الوعد. هذا يحصل لضعاف الايمان. ويحصل في ساعات الامتحان. ويحصل في ساعات القلق الكبرى. موسى عليه السلام لما خرج مطاردا من فرعون وملأه ووصل الى البحر ماذا قال اصحاب موسى قالوا انا لمدركون ينظرون الى الاسباب. يا اخي البحر من امامهم وفرعون والعدو كله من خلفهم. انت لو كنت مكانهم ماذا كنت ترى ستقول انا لمدركون. لكن شأن الانبياء. موسى عليه السلام تلك اللحظة ماذا قال في الجواب؟ قال كلا. ليش كلا؟ يا اخي البحر امامنا والعدو خلفنا. قالوا انا لمدركون. موسى عليه السلام لما قال كلا كان عنده وحي تلك اللحظة؟ الجواب لا لكن من اين قال كلا؟ والله قالها من رصيد عظيم من صدق الايمان بالله وحسن الظن بالله واليقين فيما عند الله وتمام التوكل على الله. قال كلا ان معي ربي سيهدين ثم جاء الوحي فاوحينا اذا لما قال الكلمة ما كان عنده وحي. ثم جاء الوحي فاوحينا الى موسى ان اضرب بعصاك البحر فانفث فكان كل فرق كالطود العظيم. ما اشبه موقفه عليه السلام بموقف نبينا عليه الصلاة والسلام. في الغار هو وابو بكر اثنين الله ثالثهما ويصل البحث وقريش ترصد وهما في الغار. في غار ثور هنا بمكة ويقف احد مشركي قريش على فم الغار يقول ابو بكر يا رسول الله لو ان احدهم نظر تحت قدميه لابصارنا لحظة تظن انه قد انتهت بك كل الاسباب في الحياة لا شيء يردهم عنك انظر جواب النبي عليه الصلاة والسلام قال يا ابا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما وفي القرآن قال لا تحزن ان الله معنا. ماذا كان معه من الاسباب لحظتها؟ من الاسباب لا شيء لحظتها لم يكن عنده في يديه من الاسباب شيء. لكن والله كانت ثقته بربه وصدق توكله في قلبه اعظم من الاسباب التي لو كانت بيده هذا هو التوكل التام. ان تكون في ثقتك بربك اعظم ثقة مما في يدك قال لا تحزن ان الله معنا فانجلى الكرب وحفظ الله نبيه عليه الصلاة والسلام وصاحبه في الغار قال فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله العليا. انبياء ورسل بلغوا هذا المقام. اتظن للحظة انه مهما احاطت بهم الاسباب واغلقت امامهم الابواب ان يظنوا لحظة ان الله يخذلهم لا والله حاشاهم عليهم السلام. فينبغي ان تفهم الاية وظنوا انهم قد كذبوا اما ان تقول الظن وقع ممن من الاتباع من الامم منا نحن معشر الامم وفينا ضعف الايمان وفينا الخذلان وفينا النقص اين مهما بلغنا من الصلاح والتقى الضعف الذي لا يمكن به ان نبلغ درجة الرسل الكرام عليهم السلام؟ او تقول ان معنى الاية انه انهم قد كذبوا يعني ظنوا ان اممهم ومن وعدهم بالنصر قد خذلوهم. هل تظن اننا نفعل كل ذلك في الاية الكريمة تكلفا ولين لاعناق النصوص. وركوبا للمراكب الصعبة فيها لا لشيء. لا والله. لكن لاجل ان نفهم سياق واية كريمة بما يستقيم مع ما تقرر من قواعد الشريعة ومنطلقاتها الكبرى. تقول عائشة رضي الله عنها اذى الله ان تظن ذلك الرسل بربها. اذا حققت هذه القاعدة فانطلق ستجد من ازالة للاشكالات وانفتاح ابواب الاجابات ما يزيح هذا الاشكال. نعم. وقيل ان الضمير وقيل ان الضمير في ظنه عائد على الاتباع والامم على الانبياء والرسل وهو قول ابن عباس والنخعي وابن جبير وابن جبير وجماعة من العلماء وبهذا المعنى قرأ مجاهد كذبوا بالفتح. فلا تشغل بالك من شاذ التفسير بسواه. مما لا يليق بمنصب العلماء فكيف الانبياء قرأ مجاهد وقراءته شاذة ليست في العشرة حتى اذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا من الذي كذب؟ ليس الانبياء بل المراد الاتباع اذا ستفهم ان وظنوا انهم قد كذبوا يمكن ان ينصرف في معنى الضمير على العود على الاتباع من الامم وليس على الانبياء وبه جاءت قراءة مجاهد وظنوا انهم قد كذبوا. مستحيل ان يكون كذبوا هم الرسل. لانه هم المبعوثون بالرسالة قال فلا تشغل بالك من شاذ التفسير بسواه مما لا يليق بمنصب العلماء فكيف كلمة نفيسة من القاضي عياض رحمه الله. يا اخي والله نحن نحن نجل علمائنا اذا بلغوا درجة في الرسوخ العلم والفضل ان نجلهم عن خطأ شنيع كهذا. ولو وقفنا على كلمة لاحدهم او عبارة لقلت ابدا مستحيل ان يقصد هذا الكلام فاذا قال لك السائل ليش؟ تقول يا رجل هذا عنده من العلم والدراية والفقه في دين الله والبصيرة بشريعة الله مما لا يمكن ان يقول معه ان هذا حرام او هذا حلال خطأ يخالف فيه كل الايات والنصوص والابواب الدالة في الشريعة اذا كنا نجل العلماء عن خطأ فادح في مسائل فقهية. فضلا عن ان تكون عقيدة في رب الارباب جل جلاله. نجل علماء والائمة فكيف نفعل مع مقام الانبياء؟ هؤلاء سادات البشر هؤلاء صفوة الامم هم رسل الله جل جلاله ونحن اذ نفعل ذلك لا نقدسهم لا والله لكننا ننزلهم منازلهم اللائقة بهم عليهم السلام هي العصمة التي كمل الله تعالى بها بواطنهم قبل ظواهرهم. لو قيل لك ما رأيك في رواية شاذة ظعيفة تقول ان نبيا من انبياء الله فعل كذا وكذا. فيما ينسب من النقائص والمعائب والفواحش. والمشي عريانا والكلام الساقط. ابدا لن ولست بحاجة الى ان تبحث وتنقب وتفتش لترد هذه الفدية عن نبي من الانبياء في نسبة سلوك او حركة او وفعلي او فاحشة او سقطة من القول او الفعل اليه. اعلم رعاك الله عندما تذب عن مقام الانبياء في نسبة العقائد والجهل بالله فهو اعظم من ان تذب عنهم دفعة نقيصة وعيب من الاقوال والافعال. هذه قضايا اكبر فكيف قام الانبياء كما قال المصنف رحمه الله وكذلك ما ورد في حديث السيرة ومبتدأ الوحي في قوله صلى الله عليه وسلم لخديجة لقد خشيت على نفسي ليس معناه الشك فيما اتاه الله بعد رؤية الملك. ولكن لعله خشي الا تحتمل قوته مقاومة الملك واعباء الوحي فينخلع قلبه او تزهق نفسه وهذا على ما ورد في الصحيح انه قاله بعد لقائه الملك او يكون ذلك قبل لقياه الملك واعلام الله تعالى له بالنبوة لاول ما ما عرضت عليه من العجائب وسلم عليه الحجر والشجر وبدأته المنامات والتباشير كما روي كما روي في بعض طرق هذا الحديث ان ذلك كان اولا في المنام. ثم اري في اليقظة مثل ذلك تأنيسا له عليه السلام لئلا يفجأه الامر مشاهدة ومشافهة فلا تحتمله لاول حالة فلا تحتمله لاول حالة بنية البشرية. نعم في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها وهو من اوائل حديث البخاري في صحيحه بل ثالث احاديثه على الاطلاق قصة بدء الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفيه تقول عائشة رضي الله عنها اول ما بدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي. الرؤيا الصالحة فكان لا يرى رؤيا الا وقعت مثل فلق الصبح ثم حبب اليه التحنث وهو التعبد. فكان يتحنث في غار حراء الليالي ذوات العدد ثم ذكرت قصة لقاء جبريل عليه السلام واتيانه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقصة ابتداء نزول الوحي واضاءة الكون بنور الرسالة. اقرأ باسم ربك الذي خلق. في الرواية انه عليه الصلاة والسلام لما رجع الى خديجة خائفا رضي الله عنها خائفا مذعورا قليقا مما رأى مما شاهد مما سمع وهو لا يعي بعد تمام الامر والقضية وانه اصطفاء رباني وانتقال من الحياة تلك في ظلمات الجاهلية الى نور الاسلام وانه سيكون عليه الصلاة والسلام حامل هذا النور الى البشرية جمعاء. وانه يكون المصطفى من خلق الله في تلك اللحظة على الاطلاق ما كان يعي تماما بعد تمام الحدث واحاط به الهول والخوف والذعر فجاء الى خديجة فقال لقد خشيت على نفسي ليس معناه الشك فيما اتاه الله بعد ان رأى جبريل عليه السلام. خشيت على نفسي يخشى من ماذا؟ يخشى انه وقع في بشيء مما يمكن ان يعاقبه الله عليه؟ الجواب لا فلا يقعن انسان في جزء من لفظة في رواية ذات سياق فتورث عنده اشكالا. قال المصنف رحمه الله ليس معناه الشك فيما اتاه الله بعد رؤية الملك. اذا ما معنى خشيت على نفسي؟ قال لعله خشي الا تحتمل قوته مقاومة الملك واعباء الوحي فينخلع قلبه او تزهق نفسه. وهذا المعنى المتبادر حقيقة لما رأى ما رأى وها له ما رأى صلى الله عليه وسلم اتى خائفا يخشى يخشى انه ببنية البشرية لا يقوى على مقابلة الملائكة المخلوقين من نور مبعوثين بالوحي وعلى رأسهم امين الوحي جبريل عليه السلام خشي الا تحتمل قوته مقاومة الملك واعباء الوحي فينخلع قلبه او تزهق نفسه. خشي من ذلك عليه الصلاة والسلام. فاذا هو خشية على نفسه الا يطيق تحمل اولى ما هو بصدده. قال المصنف وعلى وهذا على ما ورد في الصحيح انه قاله بعد لقائه الملك يعني بعدما رأى جبريل عليه السلام هنا جواب ثان ان يكون قوله خشيت على نفسي قاله قبل ان يلقى جبريل عليه السلام وسيأتيك ببعض الروايات وهذه منطقة في كلام المصنف فيها تتبع علمي دقيق. وما زال العلماء الحديث كالحافظ ابن حجر والقسطناني وكثير ممن شرح الحديث في البخاري يرجع الى تقرير القاضي عياض في هذه المسألة لانه ابدع جاد فيما صنف رحمه الله. يقول ربما كان قوله خشيت على نفسي قبل ان يلقى جبريل عليه السلام. السؤال هو قبل قصة الوحي في غار حراء هل كان عليه الصلاة والسلام يرى شيئا او يسمع شيئا او يحس شيئا الجواب نعم في احاديث السيرة وقصصها كان يقول اسمعوا نورا ارى نورا فكانت ارهاصات بالنبوة كانت تهيئة لقلب المصطفى صلى الله عليه وسلم. لان الوحي لو جاءه فجأة لقي جبريل عليه السلام بهيئته الملائكية فجأة لكان ربما ليس في طاقة البشر تحمل مثل ذلك فكان ذلك من الارهاصات السابقة. وسيأتيك بعض الروايات بعد قليل قال وان الله لما اراد اعلامه بالنبوة كان يسلم عليه الشجر والحجر وتعرض عليه العجائب. بدأته المنامات اما قالت عائشة اول ما بدأ به من الوحي الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا الا وقعت مثل فلق الصبح. الشيء الذي اليوم صباحا حدث امامه كان رآه البارحة في منامه والشيء الذي يراه الليلة في منامه يقع غدا في صبيحته كما رأى كانت هذه ارهاصات كانت تهيئة ما معناها؟ معناها انك يا محمد لست على طريق البشرية المعتادة وان لك وشأنا اخر وانه يراد لك ان تكون على غير ما عليه القوم جميعا والبشرية كلها على وجه الارض في ذلك الاوان. وفعلا كانت النبوة كانت الرسالة كان الوحي فكان ما يراه صلى الله عليه وسلم ارهاصا لامر عظيم وحدث جليل سيقع وهو انه بالنبوة عليه الصلاة والسلام. فكان اولا في المنام ثم اري في اليقظة مثل ذلك تأنيسا له عليه الصلاة والسلام لئلا يفجأه الامر مشاهدة ومشافهة فلا تحتمله لاول حالة البشرية نعم قال وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها اول ما بدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة. قالت ثم حبب اليه الخلاء وقالت الى ان جاءه الحق وهو في غار حراء الحديث. والحديث في الصحيحين تأييد لمعنى ما قرر المصنف رحمه الله وعن ابن عباس مكث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة سنة. يسمع الصوت ويرى الضوء سبع سنين ولا يرى شيء مكث بمكة خمس عشرة سنة يسمع الصوت ويرى الظوء سبع سنين ولا يرى شيئا. يسمع الصوت ويرى الضوء سبع سنين ولا يرى شيئا مكث يا اخوة سبع سنوات عليه الصلاة والسلام يسمع صوتا ويرى ضوءا يسمع صوت ماذا؟ يسلم عليه الشجر والحجر يلتفت فاذا هذا ليس بالشيء المعتاد لكنه لا يرى شيئا. يرى الضوء من حوله يعبر كالطيف يخيل اليه لا يرى لو ان احدنا وقع له مثل ذلك ماذا سيظن ان به مسا من الجن. اليس كذلك؟ بلى. ان به شيء غير معتاد. ولهذا يبحثون له عن من يرقيه ورقية قد يكون سحرا او مسا وكذلك كان الامر في بداية بعثته عليه الصلاة والسلام على ما سيأتيك الان وبعض اصحاب السير كان يذكر انه يرتقي او يرقى عليه الصلاة والسلام قبل نزول الوحي. لانه كان يرى اشياء عجبا ويحس باشياء عجيبة. كل ذلك كان من ارهاصات النبوة. اذا لو قلت ان قوله خشيت على نفسي كان قبل ان يرى جبريل عليه السلام. ستفهم ما معنى تلك اللحظة على نفسي انه كان يرى اشياء عجيبة ويحس ويسمع ويرى شيئا عجيبا فكان يخاف عليه الصلاة والسلام ان يكون امرا مكروها يصيبه باذى وسوء صلوات الله وسلامه عليه قال وعن ابن عباس مكث النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سنة يسمع الصوت ويرى الضوء سبع سنين ولا يرى شيئا. وثمان سنين يوحى اليك. قال مكث الحديث الذي ذكره عن ابن عباس اخرجه مسلم في الصحيح وانه عليه الصلاة والسلام مكث بعد البعثة ثماني سنوات يوحى اليه. وقال اما السبع السنوات قبلها فكان يسمع الصوت ويرى ولا يرى شيئا يعني لا يرى شيئا من الوحي ولقاء جبريل عليه السلام. والصحيح الذي تقرر في السيرة النبوية انه بكث مكث بمكة بعد البعثة والمشهور الذي عليه جل العلماء انه عليه الصلاة والسلام انما مكث بمكة بعد ان اوحي اليه وبعث ثلاث عشرة سنة وليس ثمان سنين كما جاء في رواية ابن عباس هذه عند صحيحه عند مسلم في صحيحه وهذا محمول اي رواية ابن عباس على شيء من تقريب العدد. والا ففي رواية انس ايضا رضي الله عنه انه مكث عشر سنين بمكة عشر سنين بالمدينة والصحيح انه ثلاث عشرة سنة بمكة وعشر سنين بالمدينة وهذا على تقريب العدد وجبر الكسر والا في صحيح ما تقدم لا يزال للمصنف في تتمة جوابه عن هذا الحديث في الرواية لقد خشيت على نفسي مزيد تقرير واستطراد التنبيه يا كرام ان مجلس هذا الدرس المبارك يقف بهذا اللقاء قبل الحج لنعاود بعد الموسم ان شاء الله تعالى اشتغالا في الايام المقبلة بما يعين اخوتنا الحجيج والحديث اليهم عن النسك وادائه ومقاصده. تقبل الله منا ومنكم. لا زالت ليلتكم عامرة بكثرة الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عبق اللسان بذكر احمد وانتشى قلبي وحنت مقلتي برؤاه ما حيلة المشتاق الا ذكره؟ فبذكره يعطى المحب مناه صلوا وسلموا عليه صلى الله عليه وسلم صلاة وسلاما تملأون بها ليلتكم. وتتبركون بها في جمعتكم وتستنزلون بها من صلاة ربكم عشر صلوات. من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا. فيا رب صلي وسلم وبارك عليه. كما تحب ان يصلى ويسلم عليه وبلغنا يا ربي بالصلاة والسلام عليه منازل الابرار ودرجات الصالحين وشفاعته وورود حوضه صلى الله عليه وسلم يا منان يا كريم نحن ووالدينا وازواجنا وذرياتنا اللهم تقبل من الحجاج حجهم ويسر لهم نسكهم واعنا واياهم على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يا رب العالمين. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم احفظ علينا امننا وايماننا وسلامتنا واسلامنا لما تحب وترظى وخذ بنواصينا الى البر والتقوى. اللهم انا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك. والسلامة من كل لاثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك وحبيبك رسولنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين