بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله اولا واخرا وباطنا وظاهرا. الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والجلال والاكرام واشهد ان نبينا محمدا عبد الله ورسوله صفوة الانام. صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته الائمة الاعلام فدته نفسي فما نفس تشابهه ما مثله بشر والناس اشباه القلب حن له والعين ترقبه. صلوا عليه فقد اوصاكم الله. وهذه ليلة الجمعة معشر المؤمنين ليلة مباركة تزداد بركتها بكثرة الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فتزداد بركة هذه الليلة الشريفة وتعظم اجورها وتتنزل من ربكم صلوات تترى باضعاف عشرا من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. فاللهم صلي وسلم وبارك عليه. وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد ايها الكرام فما يزال مجلسنا هذا بفضل الله عامرا في رحاب بيته الحرام وقرب كعبته المعظمة تدارسوا صفحات من حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. من سفر عظيم جليل لامام مبارك. هو كتاب القاضي عياض رحمة الله عليه. وقد تم لنا في المجلس الاخير اتمام القسم الثاني من الكتاب وبه تم منتصفه تقريبا ولنربط السابق باللاحق ايها المباركون. فان القسم الثاني من الكتاب الذي تم لنا في المجلس السابق كان المصنف رحمه الله قد خصه لبيان ما يجب من الحقوق للنبي صلى الله عليه وسلم على امته. وجعل ذلك في ابواب اربعة الايمان به وطاعته واتباع سنته صلى الله عليه وسلم. ثم لزوم محبته صلى الله عليه وسلم ثم تعظيم امره وتوقيره وبره صلى الله عليه وسلم ثم الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم فجعل هذه الابواب الاربعة جماعا لحقوقه على امته عليه الصلاة والسلام وبها استوفى الكلام في القسم الثاني من الكتاب وهذا القسم الثاني كان قد سبق بقسم اول ايضا بابواب اربعة اجاد فيه المصنف رحمه الله تعالى في بيان مقدمات تبين عظمة قدر المصطفى عليه الصلاة والسلام. لان انما يستبين لك عظمة حقه عليك اذا عرفت عظيم قدره عند ربه جل وعلا. فكان القسم من الكتاب تعظيم العلي الاعلى لقدر النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا اورد فيه من الابواب ثناء الله عليه وتكميل الله له المحاسن خلقا وخلقا. عليه الصلاة والسلام. وورود الاخبار بعظيم قدره عند ربه. ثم ختمه بالمعجزات والخصائص والفضائل والكرامات التي حباه الله تعالى بها. تم بهذا قسمان من الكتاب وبقي فيه قسمان اخران. اما القسم الثالث الذي نشرع فيه الليلة ان شاء الله فجعل فيه بيان ما يجب وما يستحيل في حقه عليه الصلاة والسلام. ما يجوز وما يمتنع من اضافة الاوصاف البشرية اليه صلى الله عليه وسلم. هذا القسم على طوله هو مسائل علمية دقيقة فيها الحديث عن مقام الانبياء عليهم السلام. وكيف انهم بشر فوق مرتبة البشر المعتادة. لكنها لا تتجاوز البشرية الى مقام اخر. لا الملائكية ولا الالوهية. وهذا التحرير يحتاجه اسلموا ليجمع فيه بين النصوص التي جاءت في حقوق الانبياء واخبارهم عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة واتم في هذا القسم يأتي الحديث عن العصمة للانبياء عليهم السلام. ما معناها؟ ما حدودها؟ ثم ما الحديث عن السهو والنسيان في حق الرسل الكرام عليهم السلام. وما يتعلق بذلك من الامور الدنيوية والدينية. وما يعتريه من الاحوال البشرية من مرض وسحر واذى وكيد ونحو ذلك يأتي تباعا في هذا القسم الثالث الذي نشرع فيه ليلة ان شاء الله تعالى. اما القسم الرابع من الكتاب الذي ختم به المصنف رحمه الله فقد اورد فيه اورد فيه حكم تنقصه او سبه صلى الله عليه وسلم. وما يترتب على ذلك والنصوص والوعيد الشديد الذي ان حكم هذه الزلة والخطيئة الكبيرة كما سيأتي بيانها ان شاء الله تعالى. فنشرع في ثالث اقسام الكتاب وهو ثالث ارباعه الاربعة لنشرع فيما يتعلق بهذا الباب العلمي من بيان ما يجب وما يمتنع ويجوز او يستحيل في حق الانبياء والرسل عليهم جميعا وعلى نبينا افضل صلاة واتم سلام بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى القسم الثالث فيما يجب للنبي صلى الله عليه وسلم وما يستحيل في حقه او يجوز عليه وما يمتنع او يصح من الاحوال البشرية ان تضاف اليه. هذا الباب يا كرام كما قلت لكم ترى الخلط فيه بين المنتسبين الى الاسلام. فاعتنى الائمة رحمهم الله تعالى بالتحرير العلمي لمبحث العصمة. ما معنى العصمة العصمة من الفعل عصم اي منع وحفظ قال الله عز وجل والله يعصمك من الناس يعني يمنعك من كيدهم واذاهم يحفظك من شرهم واعتدائهم هذه عصمة فهل عصم الله الانبياء والرسل من كل صغيرة وكبيرة؟ من كل زلة وذنب وهفوة من كل غفلة وسهو صيام هذه مباحث العصمة. اعتنى الائمة العلماء رحمة الله عليهم بتحريرها. وبيان معناها وحدودها وبيان النصوص الواردة في قصص الانبياء واخبارهم عليهم السلام كل ذلك لبيان ما الذي ينزه عنهم الانبياء عليهم السلام اجلالا لهم. وما الذي لا يعتبر وقوعه قدحا ولا منقصة في حقهم فهل معنى ذلك ان كل ما يمكن ان ينسب من خصائص البشرية يعد قدحا او نقصا؟ وكذا الحديث عن مسائل طال فيها الجدل مثل السحر وهل هو واقع بالانبياء عليهم السلام؟ والمعاصي والذنوب والخطايا هل تصدر من احاديث عليهم السلام وماذا عن النسيان والسهو؟ سواء فيما يتعلق بالامور الدينية والشرعية والعبادات تبليغ الشريعة والوحي او ما يتعلق بالامور الدنيوية في الكسب والمعاش ومع الاسرة والزوجة والاولاد وسائر امور الحياة كل ذلك اعتنى العلماء ببيانه تمام الاعتناء. وهذا ما سنقضي فيه مجالس متتابعة في المصنف رحمه الله تعالى في هذا القسم الثالث من الكتاب. وقد جعل فيه بابين احدهما في بيان ما بهذه الامور الجائزة او الممتنعة فيما يتعلق بالامور الدينية والباب الاخر فيما يتعلق بالامور الدنيوية تحقيقا لقضية وسط بين طرفين. بشرية الانبياء والرسل عليهم السلام. مع اصطفائهم ونصبهم للامم عليهم السلام. فبشريتهم تثبت لهم صفات البشر. فقد كانوا يتزوجون ويأكلون ويشربون كانوا يمرضون ويضحكون ويبكون ويحزنون ويفرحون. فيعتريهم ما يعتري البشر ولانهم صفوة ومصطفون من رب الجلال وجعلهم قدوة للبشر وللامم جميعا فهذا يقتضي اقدارهم عليهم السلام. وتنزههم عما لا يليق بهم من المناقص او القدح والمثالب والعيوب التي يمكن ان تقدح في مقام النبوة والرسالة. فهذا القسم من الكتاب وما فيه من مسائل علمية محررة النفيسة تعتني ببيان هذه القضايا. وذكري النصوص الواردة فيها. وبيان موقف العلماء فيما يتعلق بما للانبياء ونحن امة محمد صلى الله عليه وسلم. يعنينا يعنينا ان نحتفظ في قلوبنا وان نقرر في عقائدنا حبا عظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وتوقيرا واجلالا له عليه الصلاة والسلام ووفاء بحقه العظيم علينا جميعا صلى الله عليه وسلم. هذا الوفاء وذاك التوقير والبر ذلكم الاجلال والاحترام ينبغي ان يبنى عندنا ايها المسلمون على اسس علمية متينة. نفهم فيها هذا المقام العظيم وهذا القدر الرفيع له عليه الصلاة والسلام في قلوبنا في عقائدنا لئلا زعزعها الشبهات او تعبث بها بعض الاقاويل الباطلة. وبعض الشبهات التي ترمى كيدا واساءة او صدا او او شيئا مما يراد بصرف المسلمين عن دينهم ومواقع عقيدتهم. ولنفهم ايضا كيف يجاب عن بعض الاسئلة والاشكالات التي ربما تقذف في هذا الباب. فكلام المصنف رحمه الله تعالى في هذا القسم بتمهيده الذي نشرع فيه الليلة تأصيل علمي نحتاج اليه جميعا امة الاسلام لابقاء القدر العظيم والوفاء الكريم اللائق بحق نبينا صلى الله عليه واله وسلم وهو جزء فيما سار فيه المصنف رحمه الله في هذا الكتاب من معالم الحقوق النبوية وقدره صلى الله عليه وسلم في قلوب امته لنزداد له حبا ووفاء واقتداء ثم نكون اكثر امته طاعة له واستنانا بسنته واستمساكا بهديه الاكمل صلوات الله وسلامه عليه قال تعالى وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل ان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين. هذه الاية في سورة ال عمران والتي جاءت في احداث غزوة احد لما اشيع ان محمدا قتل صلى الله عليه وسلم فدب الوهن في قلوب بعض الصحابة. وتسلل الشيطان الى نفوسهم. نزلت الاية الكريمة. وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل. انظر كيف اثبت الله له مقام الرسالة. ووصفه بهذا الوصف العظيم ادخلت من قبله الرسل ثم انظر كيف اعقب ذلك ببيان البشرية التي لا تدفع الصفات والاحوال البشرية افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم؟ نعم هو رسول المصطفى. ونبي مجتبى عليه الصلاة والسلام لكنه بشر يوشك ان يموت ولئن كان خبر موته في احد كذبة اشتراها الاعداء في الغزوة لكن الموت حق. وقد قال الله في سورة عمر انك ميت وانهم ميتون. فجاءت الاية تثبيتا لقلوب اهل الايمان. افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم فجاءت الاية والايات التالية الان لبيان هذا المعنى المشتمل على المقامين. مقام النبوة فهم اعلى من سائر البشر واثبات البشرية لهم لان النبوة لا تفارق وصف البشرية لكنها ترتقي بهم في على مراتبها وقال تعالى ما المسيح ابن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل وامه صديقة كانا يأكلان الطعام. انظر كيف نبين لهم الايات ثم انظر انا يؤفكون. هذا عيسى ابن مريم عليه السلام رح الله وكلمته القاها الى مريم انظر كيف وصفت الاية ايضا هذا المعنى في نبي الله عيسى عليه السلام. ما المسيح ابن مريم الا رسول فاثبتت الرسالة قال وامه صديقة كانا يأكلان الطعام. فهم بشر يأكلون كسائر البشر جاء هذا ردا على مقولة النصارى الكافرة التي تثبت نبوة التي تثبت تثبت بنوة عيسى عليه السلام لله تعالى الله عما يقول. والايات قبلها لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة. فجاءت الاية ردا ما كان لعيسى عليه السلام ولا لغيره من رسل الله الكرام عليهم الصلاة والسلام. ما كان لاحد منهم ان يعتلي مقام البشرية. ولا ادعاء وهي لكنه الغلو والافتراء الذي تقع فيه الامم. ما المسيح ابن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل وامه صديقة كان يعني هو وامه يأكلان الطعام. انظر كيف نبين لهم الايات ثم انظر اني افكون. فالمعنى الذي قررته الاية في حق نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام هو المعنى ذاته سابقا في اية ال عمران في حق نبينا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال تعالى وما ارسلنا قبلك من المرسلين الا انهم ليأكلون الطعام ويمشون في الاسواق. ذاك محمد صلى الله عليه وسلم وذاك عيسى عليه السلام. ثم جاءت الاية لوصف جميع الرسل الكرام عليهم السلام بهذا الوصف. وما وصلنا قبلك من المرسلين الا انهم ليأكلون الطعام ويمشون في الاسواق. فهم كسائر البشر يحتاجون الى بحثا عن حوائجهم وسعيا في كسب معاشهم والتماسا لتحقيق اغراضهم. هم رسل كرام. نعم الذي ميزهم هم عسائل البشر وحي ارتقى بهم الى الملكوت الاعلى. وارتبطوا مباشرة باللعب بالملكوت الاعلى والوحي سماوي ويأخذون عن الله تعالى مباشرة. فكان هذا هو الذي ارتقى به الانبياء عن سائر الامم. قال الله تعالى ما ارسلنا قبلك من المرسلين الا انهم ليأكلون الطعام ويمشون في الاسواق وقال تعالى قل انما انا بشر مثلكم يوحى الي انما الهكم اله واحد بشر مثلكم فاثبت البشرية يوحى الي فاثبت الذي اختص به صلى الله عليه وسلم بالاصطفاء والنبوة والرسالة فمحمد صلى الله عليه وسلم وسائر الانبياء من البشر ارسلوا الى البشر ولولا ذلك لما اطاق الناس مقاومتهم والقبول عنهم ومخاطبتهم. ولولا ذلك لولا ان الرسل الكرام عليهم السلام من جنس البشر ما اطقنا نحن ايها البشر مقاومتهم. يعني ما اطقنا ولا استطعنا ولا تحملنا القيام معهم. ولا اخذ عنهم ولا الحديث واياهم ترى. لو كان نبي امة من الامم ملكا من ملائكة السماء اكان يتأتى له الجلوس معهم؟ والنوم معهم والاكل والشرب معهم والخروج والذهاب معهم. ثم ان يزاوجهم من جنسهم فينكح من نسائهم ويكون له ولد واصهار واقارب وارحام هذا لا يكون والله عز وجل من رحمته بخلقه لما اراد ان يبلغ رسالته جل جلاله للعباد اصطفى من البشر وليس من الملائكة لسبب واحد ان يكون الاخذ عنهم ممكنا. وان يكون الاقتداء بهم ممكنا لان لا يقول بعض العصاة والعتاة والمعاندين دين كيف نؤمر باتباع نبي؟ هو ليس من جنس البشر له من الخصائص والتفرد والتميز ما ليس لمثلنا. كيف نؤمر ان نكون مثله في الصبر مثلا ان نكون مثله في الايمان ان نكون مثله في الاعتراف بحق العبودية والنصب في طاعة الله. هو ملك ونحن بشر لكان هذا كلاما يقال فجاءت هذه من الله جل جلاله رحمة بالعباد وقطعا وقطعا للحجة عليهم. واقامة للادلة والبراهين قال قال المصنف رحمه الله ولولا ذلك لولا ان الرسل بشرا لولا ذلك ان الرسل كانوا بشرا لما اطاق الناس مقاومتهم والقبول عنهم ومخاطبتهم. لكن الله لرحمته جعلهم بشرا مثلهم يأخذون عنهم ما منع الناس ان يؤمنوا اذ جاءهم الهدى الا ان قالوا ابعث الله ملكا رسولا فماذا كان الجواب؟ قل لو كان في الارض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا. لو كنتم ملائكة لجاءتكم ملائكة لكنكم بشر فلا يرسل اليكم الا بشر مثلكم. هذا مقام مهم. ينبغي تقريره لانه مهما عظمنا مقام الانبياء عموما عليهم السلام. ومقام نبينا صلى الله عليه وسلم خصوصا فينبغي الا نتجاوز هذا القدر اي قدر قدر البشرية لهم عليهم السلام. مهما عظمناهم مهما احترمناهم مهما فرضنا لهم من الاجلال والتوقير والعظمة لكنه لا ينبغي ان نتجاوز بها مقاما وصفهم الله تعالى به وقدرا خصهم الله تعالى به النبوة مع البشرية. نعم قال تعالى ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا. اي لما كان الا في صورة البشر الذين يمكنكم خاطبتهم ومخالطتهم اذ لا تطيقون مقاومة الملك ومخاطبته ورؤيته اذا كان على صورته اما الملائكة على صورتهم عليهم السلام فلا يمكن للبشر ان يتحملوا عنهم الاخذ والمقابلة والنظر والرؤيا لعظمة لعظمة خلق الملائكة عليهم السلام. اما قال عليه الصلاة والسلام يوما لاصحابه اذن لي ان اتكلم او اصف احد الملائكة من حملة العرش. فوصفهم عليه الصلاة والسلام بما عليه خلقهم من العظمة العظيمة جدا وان احدهم يعني الملائكة من حملة العرش ما بين شحمة اذنه وعاتقه يخفق الطير مسيرة خمسمائة عام فملائكة بهذه العظمة انى لبشر ان يعيشوا بينهم او يقابلوهم وصف عليه الصلاة والسلام رؤيته لجبريل عليه السلام. واذا جبريل عليه السلام باسطا جناحيه في الافق فساد ما بين المشرق والمغرب كيف يكون للملائكة لو كانوا رسلا ان يعيشوا بين البشر قال المصنف رحمه الله اذ لا تطيقون مقاومة الملك ومخاطبته ورؤيته اذا كان على صورته. ولهذا ان جبريل عليه السلام لما كان يأتي الى النبي عليه الصلاة والسلام ليراه الصحب الكرام رضي الله عنهم انما كان يتمثل في صورة بشر فيأتي في هيئة رجل مسافر شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه اثر السفر ولا يعرفه منهم احد. وربما جاء في صورة الصحابي الجليل دحية بن خليفة الكلب رضي الله عنه فلا يفطن الصحابة الى انه ملك لولا اخبار النبي صلى الله عليه وسلم لهم وهكذا. اما الصورة الملكية فشيء عظيم ولو كانت الملائكة رسلا الى البشر لما تحققت مقاصد الرسالة من معايشتهم عنهم والاقتداء بهم لكن نبينا عليه الصلاة والسلام لما كان بشرا تدري ما الذي نلناه؟ نلنا كل شيء تعلمنا منه عليه الصلاة والسلام كل شيء. لانه كان زوجا وكان ابا. وكان عليه الصلاة والسلام له اقارب وارحام وله اصدقاء واعداء. تعلمنا منه صفة الطعام والشراب والمنام والاستيقاظ والخلاء ومعاشرة الازواج. تعلمن من منه صلى الله عليه وسلم كيف نفعل حال الغضب والرضا عند الفرح وعند الحزن؟ تعلمنا منه البكاء عليه الصلاة والسلام والتعامل مع المواقف الشداد والظروف الصعبة تعلمنا منه صلى الله عليه وسلم ماذا نصنع اذا رأينا الهلال وسمعنا الديك صرنا كذا ورأينا كذا وتعاملنا مع كذا. كل ذلك ما كان ليكون لو لم يكن بشرا صلى الله عليه وسلم لو كان ملكا لما انفتحت كل هذه الابواب. اليوم لن يمر بك موقف في الحياة ولا حالة تعتريك الا ولك في سيرته صلى الله عليه وسلم متسع ان تقتبس منه هديه وصدق الله لما قال لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة ابدا والله لا يمكن ان يدعي احد ان موقفه الذي مر به والحادثة التي حلت به والظرف الذي يمر به انه شيء فريد ما سبق لاحد مثله مهما كانت ظروفك عبد الله واحوال حياتك عبد الله والمواقف التي تمر بنا عباد الله والله لن تخرجا في مجملها عن مواقف مر مثلها برسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا من عظيم لطف الله بنا ورحمته بنا سبحانه وتعالى. ان يكون لنا نبي كريم عظيم عليه الصلاة والسلام. اصطفى الله واجتباه واختاره وهداه ثم هيأ له المقام الاعلى فمهما تعددت بنا الظروف واختلفت بنا الاحوال فانا واجدون في هديه صلى الله عليه وسلم ما الذي يمكن ان نتأسى به فيه؟ وان نقتدي به وان نمشي على من وان نترسم خطاه عليه الصلاة والسلام فنكون امة مطيعة متبعة تتقفى اثر نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم. ولهذا قال الله عز وجل ولو جعلناه ملكا. اي النبي لو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا ايضا لن يخرج عن البشرية ليتحقق المقصد من بعثة الانبياء والرسل عليهم السلام. وقال تعالى قل لو كان في الارض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا. اي لا يمكن في سنة الله ارسال الملك الا لمن هو من جنسه. او من خصه الله تعالى واصطفاه وقواه على مقاومته كالانبياء والرسل فالانبياء والرسل عليهم السلام وسائط بين الله تعالى وبين خلقه. يبلغونهم اوامره ونواهيه ووعده ووعيده ويعرفونهم بما لم يعلموه من امره وخلقه وجلاله وسلطانه وجبروته نعم هذه وظيفة الانبياء والرسل عليهم السلام. هم وسائط يبلغون اممهم دين الله وشريعته والحلال والحرام وطريق الجنة والنار والوعد والوعيد. الانبياء والرسل اعرف الخلق بالخالق جل وعلا ولانهم اعرفوا البشر بربهم فقد كانوا ادلة للامم على عظمة الله وجلال الله وكمال الله وكانوا يعرفون الامم كيف كيف يعيش البشر العبودية الحقة لله تعالى هذه اساس وظيفة الانبياء والرسل عليهم السلام. ولانهم كذلك فقد جعل الله تعالى لهم من وصف البشرية مع وصف النبوة ما يحقق هذا المقام العظيم والمقصد الجليل فظواهرهم واجسادهم وبنيتهم يعني الانبياء والرسل عليهم السلام. متصفة باوصاف البشر طارئ عليها ما ايطرأ على البشر من الاعراض والاسقام والموت والفناء ونعوت الانسانية. نعم. هذا ظاهر الانبياء. يقصد ظواهر الاجساد والبنية والحياة المعتادة. هم متصفون باوصاف البشر. يطرأ عليهم ما يطرأ على البشر من الاعراظ والاسقام يعني من الامراض والادواء والاحوال والضحك والبكاء والمرض والحزن والفرح والموت والفناء وسائر نعوت الانسانية واصافيها لانهم بشر فظواهرهم اجسادهم حياتهم لا تخرج عن نمط البشرية بحال وارواحهم وبواطنهم متصفة باعلى من اوصاف البشر. نعم. اما بواطنهم. اما قلوبهم اما ارواحهم عليهم السلام فهذا الذي امتازوا به عن سائر البشر. لهم قلوب لا كقلوب سائر البشر. لان الله اصطفاه وجعلها انية لوحيه والنبوة والرسالة. فكانوا بهذا اعلى من سائر البشر في مقام لا يمكن ان له بشر لا باجتهاد في طاعة ولا بولاية ينالها ولا كرامة يحصلها يبقى للانبياء والرسل عليهم مقام لا يبلغه البشر باي باب من الابواب قط. ومهما اعتلت رتب البشر صلاحا وتقى وامامة هدى وولاية وعلما فانهم مهما بلغوا انما هم تحت الانبياء والرسل عليهم السلام مرتبة ومنزلة ومزيدة وشرفا. من اعلى البشر؟ الشهداء الصديقون الصالحون الاولياء العلماء. الزهاد والعباد كل كل اولئك انما يتنافسون لا في مراتب النبوة بل في الاقتداء والتشبه بالانبياء عليهم السلام. وافضل البشر اقربهم شبها بالانبياء اكثرهم تأسيا بالرسل. اعظم البشر مقاما عند الله واليقهم وصفا بالصلاح والامامة والدرجات العلى من كان اقرب الى الانبياء درجة. من كان اشبههم سمتا اقربهم منهم هديا. هؤلاء انما ينالون الفضل والشرف والكرامة عند الله عز وجل بقدر قربهم من الانبياء والرسل فان فانى ان يكون لاحدهم منافسة لهم في مقامهم او صلة بهم هذا الكلام يقال دحظ لشبهة ربما تعلقت بها بعض القلوب من جهل وبعد عن اصول عندما يظن انه يمكن ان يبلغ بعض الصالحين والاولياء درجة يفوقون فيها مرتبة الانبياء وحاشا. هذا لا يمكن ان يكون لان الله لما اصطفى الانبياء جعل اصطفائهم واجتبائهم منة وكرامة ارتقت بهم عن سائر البشر عليهم جميعا وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. اذا فظاهر الانبياء واجسادهم وبنيتهم على هيئة البشرية. اما ارواح والبواطن فمتصفة باعلى من اوصاف البشر وارواحهم وبواطنهم متصفة باعلى من اوصاف البشر. متعلقة بالملأ الاعلى متشبهة بصفات الملائكة سليمة من التغير والافات. لا يلحقها غالبا عجز البشرية. ولا ضعف الانسانية. اذ لو كان بواطنهم خالصة للبشرية كظواهرهم لما اطاقوا الاخذ عن الملائكة ورؤيتهم لهم ومخاطبتهم اياهم ومخالطتهم كما لا يطيقه غيرهم من البشر. نعم جعل الله تعالى في بواطن الانبياء عليهم السلام القدرة ما يحملهم على الاتصال بالملائكة. اليس يلقى احدهم جبريل عليه السلام؟ وغيره من الملائكة الكرام فيبلغهم الوحي عن الله؟ اليسوا يتحملون ذلك؟ وسائر البشر لا طاقة لهم بذلك. وانما هذا لما اصطفاهم الله تعالى به ولهذا يذكر ايها الكرام في قصة نبينا صلى الله عليه وسلم في حادثة شق صدره لما كان صبيا ارض عن في ديار بني سعد تذكر حادثة شق الصدر في تلك المرحلة من صباه وطفولته عليه الصلاة والسلام على انها من ارهاصات النبوة. وتهيئة لها فشق صدره عليه الصلاة والسلام. ونقع قلبه في طسط بما ماء زمزم وغسل واعيد ثم التئم صدره عليه الصلاة والسلام ليكون باطنه وقد نزع منه حظ الشيطان ليكون مهيئا لقلب ذاك قلوب البشر يتصل بالوحي ويتلقى كلام الله. ويبلغ رسالة الله. هذا القدر هو الذي تختلف فيه الانبياء. ونبينا عليه الصلاة والسلام كان ايضا من ذلك المعنى بالمقام الاسمى صلوات ربي وسلامه عليه. اللهم صلي وسلم ولو كانت اجسامهم وظواهرهم متسمة بنعوت الملائكة وبخلاف صفات البشر لما اطاق البشر ومن اليهم مخالطتهم كما تقدم من قول الله تعالى فجعلوا من جهة الاجسام والظواهر مع البشر. ومن جهة الارواح والبواطن مع الملائكة. هذا من لطيف كلام الامام المصنف القاضي عياض رحمه الله. قرر لك ان الانبياء عليهم السلام بشر في صفاتهم ونعوتهم واحوالهم في الظاهر لكنهم اعلى من البشر قدرا واقرب الى معنى احوال الملائكة الكرام عليهم السلام باطنا. ليس على المعنى المطابقة بل قرب كما قال هم اقرب الى احوال الملائكة ما حال الملائكة خلق كريم لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون. لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون. هم اقرب الى هذا المعنى من البشرية في البواطن فعندما نقرر هذا المعنى ندرك ان الله ما جعل للانبياء والرسل عليهم السلام ما جعل بواطنهم كظاهرهم في البشرية ليتأتى لهم الاخذ عن الملائكة ومقابلتهم ومخالطتهم. وما جعل سبحانه وتعالى ظواهرهم كبواطنهم على هيئة هم اقرب الى الملائكة لان لا يحال بينهم وبين الامم في الاخذ عنهم. فكما قال رحمه الله جعلوا من جهة الاجسام والظواهر مع البشر ومن جهة الارواح والبواطن مع الملائكة هذا جمعا بين الوصفين الكريمين البشرية والنبوة والرسالة للانبياء عليهم السلام. كما قال عليه السلام لو كنت متخذا ام من امتي خليلا لاتخذت ابا بكر خليلا. ولكن اخوة الاسلام لكن صاحبكم خليل الرحمن. ها هنا يا كرام بعض ادلة استشهد بها المصنف رحمه الله على تقرير هذا المعنى اي معنى ان النبي صلى الله عليه وسلم كاخوته من الانبياء السابقين عليهم السلام. على هيئة البشر واوصاف البشرية ونعوتها فيما ايتعلق بالظواهر فيما يتعلق بسائر اوصاف الحياة. وتعتريهم من الاحوال والاوصاف ما يعتري البشر ايفارقونه في هذا القدر ابدا. ولهذا كانوا يتزوجون النساء ويولد لهم اولاد. قال الله عز وجل ولقد ارسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم ازواجا وذرية. هذا القدر لا يختلفون فيه عن البشر عليهم السلام هذا حكى الله عن بعض الامم في سورة ابراهيم قالت رسلهم افي الله شك فاطر السماوات والارض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويوخركم الى اجل مسمى. انظر كيف اعترظت اقوامهم؟ قالوا ان انتم الا بشر مثلنا فكأنهم انتقصوهم بالبشرية يعني ما الذي يميزكم؟ كيف تدعون الاصلاح وتفترضون الوصاية على الامم ان انتم الا بشر مثلنا تريدون ان تصدونا عما كان يعبد اباؤنا فاتونا بسلطان مبين. انظر كيف الجواب؟ قالت لهم رسلهم نحن الا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده. نعم ما انتفت عنهم البشرية ولا نفوها عن انفسهم ما قالوا لا. لسنا مثلكم. قالت لهم رسلهم ان نحن الا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده. وما كان لنا ان نأتيكم بسلطان الا باذن الله الى اخر الاية. هذا المعنى الذي يتقرر تنزلوا عليه بعض النصوص الشرعية ومنها قوله عليه الصلاة والسلام كما في هذا الدليل. لو كنت متخذا من امتي خليلا لاتخذت ابا بكر خليلا فماذا كان ابو بكر في حياة رسول الله؟ صلى الله عليه وسلم؟ كان صاحبه الوفي وصديقه المقرب وصاحبه في الهجرة ومن فداه بنفسه وماله. وهو القائل عليه الصلاة والسلام ان من امن الناس علي بماله واهله ابو بكر او في ماله وصحبته ابو بكر. ما كان ابو بكر رضي الله عنه يدخر شيئا يملكه او وسعته يداه وتملكه روحه الا جعلها بين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام. حاز السبق رضي الله عنه وفاز رضي الله عنه ومع ذلك اسمع الى مقولته عليه الصلاة والسلام لو كنت متخذا من امتي خليلا تدري ما الخليل الخليل اعلى درجات الصحبة التي تتخلل محبته شغاف القلب هذا اعلى درجات العلائق بين الاصحاب والاصدقاء الخليل فالخلة اعلى الدرجات اعلى من مجرد الصحبة اعلى من مجرد الرفقة قال لو كنت متخذا من امتي خليلا لاتخذت ابا بكر خليلا ولكن اخوة الاسلام. يعني يبقى الذي بيني وبين ابي بكر الاخوة التي كانت في الاسلام. السؤال لماذا لماذا لم يحظى ابو بكر رضي الله عنه بخلة الحبيب عليه الصلاة والسلام؟ لسبب واحد ان الخلة التي تتخلل القلب في قلب رسول الله عليه الصلاة والسلام ما كانت للمخلوق بل للخالق جل وعلا. قال لكن صاحبكم هم خليل الرحمن يعني نفسه عليه الصلاة والسلام. فهذا المقام وهي من البواطن واحوال القلب. التي قال عنها المصنف انفا اعتلى فيها صلى الله عليه وسلم سائر البشر. فكانت خلة قلبه معلقة بربه جل وعلا وكانت محبته التي تربط بها نياط القلب وتتخلل شغاف الصدر ليست الا لخالقه وربه جل وعلا. ويبقى لابي بكر رضي الله عنه محبته وله مودته وله اخوته رضي الله عنه وارضاه. وشاهدوا الحديث ان لنبينا عليه الصلاة والسلام في امر باطنه ما يتميز به عن البشر في هذا المعنى الكريم الذي جعله الله عز وجل من خصائص الانبياء عليهم السلام. وكما قال صلى الله عليه وسلم تنام عيناي ولا ينام قلبي. هذا ايضا شاهد دون اخر والحديث في الصحيحين ولفظه ان عيني تنامان ولا ينام قلبي. كان يغفو عليه الصلاة والسلام. ويعرف انه قد نام فاذا حضرت الصلاة قام ولا يتوضأ. ثم بين لاصحابه معللا ذلك بقوله ان اي نية تنامان ولا ينام قلبي النوم عند الفقهاء ليس حدثا لذاته ينقض الطهارة لكنه مظنة الحدث لان النائم يفقد حسه ولا يدرك شعوره فربما ربما خرج منه شيء ينقض الطهارة وهو لا يدري. فلما كان النوم مظنة الحدث اقيم مقام الحدث. فمن نام واستغرق في نومه قيل له انتقضت طهارتك وعليك تجديدها والنبي عليه الصلاة والسلام ليس فيه هذا المعنى. اما قلبه فلا ينام. تدري لم لانه معلق بربه متصل بالملكوت الاعلى. اليس ينام فيرى رؤيا في المنام والرؤيا وحي فكيف تعتبر نومه تعتبر نومه نوم قلب لم يكن نوم قلب هو نوم عين. ولهذا قال ان عيني تنامان ولا ينام قلبي ايظا شاهد ثان على ان بواطن الانبياء تفارق احوال البشرية من هذا المعنى وقال صلى الله عليه وسلم اني لست كهيئتكم اني اظل يطعمني ربي ويسقيني. هذا شاهد ثالث قاله صلى الله عليه وسلم في شأن الصيام لما نهى اصحابه عن الوصال كانوا يواصلون ومعنى الوصال ان يوصل احدهم صوم يوم بيوم اخر لا يفطر بينهما. فاذا من الفجر فادركه المغرب اتم صيامه وبقي متصلا بصوم اليوم الذي يليه. ويسمى هذا وصالا قال عليه الصلاة والسلام وقد كان اصحابه يواصلون نهاهم عن الوصاء. ثم قال ايكم اراد ان يواصل فليواصل الى السحر فجعل اخر اجل يأذن لهم فيه بالاسلام. ان يواصلوا صيامهم ان يكون السحر. لم السحر لاجل تناول طعام السحور فيكون الفيصل بين صوم يوم ويوم ولو اكلة السحا وشربة ماء او مذقة لبن او تمرة يأكلها فلم يأذن عليه الصلاة والسلام بوصان يوم بيوم في الصيام. هنا قال الصحابة في مقام التعلم يا رسول الله انك تواصل هل هذا اعتراض لا هو تعلم هم تعلموا ان لهم في رسول الله اسوة. ورأوه يواصل عليه الصلاة والسلام فارادوا التعلم نهاهم عن وصال يوم بيوم. وقال ايكم اراد ان يواصل فليواصل الى السحر قالوا انك تواصل يا رسول الله يعني نحب ان نفعل مثلك فانظر الى الجواب. قال عليه الصلاة والسلام اني لست كهيئتكم اني ابيت يطعمني ربي يسقيني هذه خصوصية هذا امر باطن. ليس لاحد من البشر هذا لمقام الانبياء والرسل. والحديث ايضا متفق عليه في الصحيحين فاثبت صلى الله عليه وسلم انه وان كان في الظاهر صائما مثلهم ممتنعا عن الطعام والشراب لكنه في الباطن قال لست كهيئتكم. لم يكن مشابها لهم ولا في هيئتهم. قال اني اظل او قال اني ابيت يطعمني ربي ويسقيني. فلا تسأل عن الطعام الذي كان يأكل والشراب الذي كان يشرب. قال بعض واهل العلم ربما كان المراد الطعام المعنوي والشراب المعنوي يعني الاكتفاء. بمعنى انه لا يشعر ولا يحس جوع ولا عطش وهذا امر في قدرة الله جل جلاله. اما كانت مريم ابنة عمران في المحراب يأتيها الرزق يسألها زكريا انى لك هذا؟ قالت هو من عند الله. قال كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا. قال يا مريم انى لك هذا قالت ومن عند الله هذا في طعام محسوس تأكله وتشربه. ان الله يرزق من يشاء بغير حساب. ومن علماء من قال انه لم يكن طعام حس وشراب حس بل هو معنوي بمعنى الاكتفاء وعدم الشعور بالحاجة الى طعام ترى ومن حصل له هذا المعنى مثل الانبياء والرسل ربما صعب وصفه ان يكتفي الانسان وهو في مقام البشرية ان يكتفي باتصاله بربه وانسه به في ذكر او مناجاة او دعاء او وحي كما هو حال الانبياء فيرتقي احدهم عن شعور الحس بجوع او عطش ولو كان صائما. وهذا المقام يحصل لكثير من الناس في احوال شغل فقد يكون المرء جائعا او شديد العطش يبحث عن طعام وشراب وبينما هو كذلك في لحظة يطير فيها دهشة ينسى جوعه وعطشه. اليس كذلك؟ ياتيه فزع مثلا في خبر او حادثة او موقف يرى فيه الموت امامه. فمن دهشة عقله يطير شعوره بالجوع والعطش. اذا هذا وارد في احساس شر. عندما يحل بالمشاعر ما يغلب ما يغلب على احساس البدن فيغطي عليه. وهكذا كان الانبياء والرسل في صلتهم بربهم وتلذذهم بهذه الصلة العظيمة والملكوت الاعلى الذي كانت ارواحهم تحلق في ما يغنيهم عن الطعام والشراب. قال عليه الصلاة والسلام اني لست كهيئتكم اني اظل يطعمني ربي ويسقيني عليه الصلاة والسلام فهذه شواهد ثلاثة اراد بها المصنف رحمه الله اثبات معنى ما قرره ان للرسل والانبياء ظواهر متصفة بصفات البشر وان لهم بواطن هي اقرب الى حال الملائكة تفارق البشرية من معان عدة هذا بعضها ذكر منها لو كنت متخذا من امتي خليلا لاتخذت ابا بكر ولكن اخوة الاسلام لكن صاحبكم خليل الله. تنام عيناي ولا ينام وقلبي لاني لست كهيئتكم اني اظل يطعمني ربي ويسقيني صلوات ربي وسلامه عليه فبواطنهم منزهة عن الافات. مطهرة من النقائص والاعتلالات. وهذه جملة لم يكتفي بما مضمونها كل يكتفيها وهذه جملة لن وهذه جملة لن يكتفي بمضمونها كل ذي همة بل الاكثر يحتاج الى بسط وتفصيل على ما نأتي به بعد هذا الباب في البابين بعون الله. وهو حسبي ونعم الوكيل. لما اتم نصنف رحمه الله تعالى هذه المقدمة التي ارادها مقدمة لقسم كبير ذي بابين في كتابه في بيان معنى عصمة الانبياء والرسل عليهم السلام رآها جملة مقتضبة تصلح ان تكون مدخلا في بيان هذا معنى الوسط بين بشرية الانبياء ونبوتهم عليهم السلام. وان للبشرية خصائصها وان للنبوة ايضا صفات فيها المتعلقة بها. هذا التوسط ينبغي احكام العلم به. بحيث لا يسلب عن الانبياء مقام النبوة تبي مقتضى البشرية ولا يتجاوز بهم مقام البشرية بدعوى نبوتهم واصطفائهم وتميزهم عليهم السلام. وهذا المقام ظلت فيه بعض الطوائف وغلطت فيه فادعت فيه وقررت ما لا يصح باجتماع الادلة. ومن هنا جاء العلماء وتحريرهم لهذه المسألة. وما سيأتينا في ابواب هذا القسم من الكتاب وفصوله المتعددة تدور حول معنى عصمة الله للرسل عليهم السلام. وقد تقدم يا كرام ان معنى العصمة المنع فعصمة الله للرسل منعهم من ماذا منعهم من ماذا منعهم من الخطأ من الكبائر من الزلل فاذا كانت العصمة للانبياء بهذا المعنى وهو منع الله تعالى لهم وحفظهم عليهم السلام عما لا يليق بنبوتهم ورسالتهم فان خلاصة ما سيأتينا في فصول القسم من الكتاب يدور على النقاط الاتية. اولا ما يتعلق بمقام الرسالة وتبليغ الوحي فقد انعقد اجماع الامة بلا خلاف على عصمة الانبياء والرسل عليهم السلام وان الله جل جلاله تكفل لهم بما يحفظ لهم اداء الرسالة وبما يحققون به مقاصد البعثة فلا ينسون شيء بان اوحاه الله اليهم ولا يخطئون في تبليغ رسالة بلغهم الله اياها. الا يظن احد ان نبيا يخطئ في تبليغ الامة رسالة كلفه الله بها ولا عبادة اوحى الله بها اليه. هذا لا يمكن ان يكون. وعلى هذا انعقد اجماع امة الاسلام كل الطوائف والملل والمذاهب بلا استثناء. ولهذا قال الله لنبيه عليه الصلاة والسلام سنقرؤك فلا تنسى الا اشاء الله والمستثنى هنا ما ينسخ من القرآن والاحكام والشريعة. فما اراد الله نسخه فانساه نبيه. واما احفظه فقد تكفل الله به؟ لا تحرك به لسانك لتعجل به. ان علينا جمعه يعني في صدرك. وقرآنه فاذا قرأناه فاتبع قرآنه. فالانبياء والرسل لا يكتمون شيئا من الوحي. ولا يغيرون شيئا من الدين. ولا يبدلون شيئا في شريعة الله يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله قد الانبياء عن هذا المعنى الذي هو الكذب او التقصير او التبديل او التغيير في تبليغ ما اوحى الله تعالى بهم اليه. بل انظر كيف جاء الوعيد لابيان ان هذا لا يمكن ان يكون من الانبياء قال الله عز وجل انه لقول رسول كريم. وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين. فما منكم من احد عنه حاجزين. هذا مبالغة في الاثم ان هذا لم يكن ولن يكون من احد من الانبياء فضلا عن ان يكون من خاتمهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. هذا المعنى المتقرر فيما يتعلق بتبليغ الرسالة. ولهذا لما اراد بعظ بعظ الكفرة من رسول عليه الصلاة والسلام شيئا من هذا المعنى نزل الوحي لاغلاق هذا الباب يقول الله لنبيه قل ما يكون لي ان ابدله من تلقاء نفسي. ان اتبع الا ما يوحى الي. اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم. فاغلق هذا الباب فكان مقتضى العصمة صيانتهم وحفظهم عليهم السلام من الخطأ في لتبليغ الرسالة او من التغيير والتبديل او من نسيان شيء اوحي به اليهم عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة اتموا السلام واما النقطة الثانية في خلاصة هذا الباب فتتعلق بالعصمة عن الخطأ والمعصية ولها تفصيل ايضا. اما الكبائر من الذنوب والمعاصي فان الله ايضا قد عصم منها الانبياء والرسل عليهم والسلام. قبل البعثة وبعدها على الصحيح. فلا يعرف لنبي من الانبياء كبيرة الم بها ولا معصية من الكبائر والفواحش واقعها حاشاهم عليهم السلام. فكبائر الذنوب هم عنها منزهون. اما قبل البعثة فلان تكون البعثة مؤهلة لهم. وان يكونوا اهلا لتحمل الرسالة. اذ لو كانوا مشاركين اقوامهم في التلطخ بالكبائر والذنوب والفواحش والمعاصي لما قبلت عنهم الامم دعوى الرسالة ولا تلقوها عنهم لكن انظر الى نبينا عليه الصلاة والسلام مثلا لما اوحي اليه وقد كانوا لا ينعتونه الا بالصادق الامين ولا يعرفون عنه عليه الصلاة والسلام شيئا مما كانوا يقترفون من المعائب والنقائص والمسالب والسيئات فعظم مقامه في قدره عندهم عليه الصلاة والسلام. فلما بعث ما كان لهم من حيلة الا الاتهام بالكذب وهذا ابلغ في اقامة الحجة على الانبياء والرسل. هذا في الخطأ والذنوب والمعاصي والكبائر. اما ما يتعلق بالرسالة والوحي من الصغائر والذنوب فهل يقع من الانبياء والرسل شيء من صغائر الذنوب والمعاصي هذا الذي قرره محقق اهل الاسلام من العلماء على اختلاف المذاهب ان هذا جائز وقوعه منهم دون اقرارهم عليهم السلام على شيء من ذلك. وبه تلتئم الادلة. قال الله في حق ابينا ادم عليه السلام وعصى ادم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى. وقال في حق موسى عليه السلام فوكزه موسى فقضى عليه. قال من عمل الشيطان انه عدو مضل مبين. قال ربياني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له انه هو الغفور الرحيم ان كان هذا في حق موسى عليه السلام قبل النبوة على الراجح يعني قبل ان يبعث ويصطفى بالرسالة. وقال عز وجل ايضا في حق داوود عليه السلام فاستغفر ربه وخر راكعا وانام فغفرنا له ذلك وان له عندنا لزلفى وحسن مئاب لما تعجل الحكم عليه السلام قبل السماع من الخصمين. هذه النصوص وغيرها تدل على امكان وقوع ذلك. فاهل كما يقول شيخ الاسلام متفقون على ان الانبياء معصومون فيما يبلغونه عن الله تعالى وهذا مقصود الرسالة هذا المقصود انهم لا يمكن ان يقع منهم شيء من التقصير في تبليغ الوحي. قال الامام ابن حزم رحمه الله ذهبت جميع فرق اهل الاسلام من اهل السنة والمعتزلة وعدد غيرهم انه لا يجوز البتة ان يقع من نبي اصلا معصية بعمد لا صغيرة ولا كبيرة. ونقول انه يقع من الانبياء السهو عن غير ويقع منهم ايضا قصد الشيء يريدون به وجه الله تعالى والتقرب به فيوافق خلاف مراد الله تعالى الا انه تعالى لا يقرهم على شيء من هذين الوجهين. وقال ابن حزم ايضا والانبياء عليهم السلام لا يعصون الله تعالى الله اكبر الله اكبر يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ان القول بان الانبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول اكثر علماء الاسلام وجميع الطوائف الى ان قال وهو ايضا قول اكثر اهل التفسير والحديث والفقهاء. بل لم ينقل عن السلف والائمة والصحابة والتابعين وتابعيهم الا ما يوافق هذا القول. يعني عدم عصمتهم من الاقرار على الصغائر. وهو جواز وقوعها دون اقرار الله تعالى لهم عليها. ولهذا جاء العتاب الكريم للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم في غير ما موضع في القرآن. يا النبي لما تحرم ما احل الله لك ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض. تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخرة. والله عزيز حكيم. لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم عذاب عظيم. ومثله قوله تعالى عبس وتولى ان جاءه الاعمى. لكن هذا كما تقدم ليس اقرارا بل هو تصويب واستدراك. ويبقى للرسل الكرام هذا المقام العظيم الرفيع. يقول شيخ الاسلام واما من نقل عنهم من طوائف الامة بالقول بالعصمة مطلقا. واعظمهم قولا لذلك الرافظة. فانهم يقولون بالعصمة حتى ما يقع على سبيل النسيان والسهو والتأويل. وتفترضه الرافضة في ائمتهم فيدعون لهم العصمة وهذا لا يصح ثم اخذ عنهم من اخذ من فقهاء المذاهب نسبة هذا الى الانبياء وجاؤوا لكل دليل او الصين فيه اثبات مثل قوله تعالى وعصى ادم ربه يا ايها النبي لما تحرم ما احل الله لكم نحو هذا؟ فذهبوا يتأولونها بتكلف على انها ليست خطأ وليست شيئا عليه عليهم السلام واما ذلك فليس بقادح في حال ابدا لمقام الانبياء والرسل. بعض الناس استعظم مثل هذا هل يجوز ان ننسب للانبياء سهوا وخطأ؟ الجواب يا كرام تقدم. اما في مقام التبليغ والرسالة فلا يصدر عنهم بحال اما في الامور الدينية فما وقع منهم من ذلك فان الله عز وجل لا يجعل ذلك اقرارا وبهذا امرنا باتباع الانبياء والرسل لانهم لا يقرون على الخطأ. ولن يكون هذا شيئا يمكن ان يؤثر في شيء من مقامهم. هذه الاخطاء ليست تنافي كما لهم عليهم السلام بل لا يزدادون بعدها الا رتبة وعلو قدر ورفعة ما كان. وبالتالي فلا اشكال في هذا المعنى ابدا واما الامور الدنيوية في من باب اولى كان النبي عليه الصلاة والسلام ربما اشار على بعض اصحابه بامر يتعلق بشيء من دنياه مثل وتأبير النخل وتلقيحه ويتراجع عن ذلك عليه الصلاة والسلام فيكون منهم ايضا شيء من عدم طابت الصواب في مسائل الدنيا مع سداد رأيهم وكمال عقلهم عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة واتم التسليم. لا يزال في هذا القسم تقية تأتي معنا في مجالس مقبلة ان شاء الله تعالى. وعليكم ايها الكرام بملئ ليلتكم وجمعتكم غدا بما تستنزلون به صلوات ربكم عليكم اعني الصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم نور اضاء بصير فاضاءني لما تبعت خطى الحبيب محمدا فكأنما استطعت شموس في دمي وكانما قمر السماء تعدى فصل يا ربي وسلم وبارك على حبيبك المصطفى ونبيك المجتبى افضل صلاة واتم تسليم. وبلغنا يا ربي بالصلاة عليه منازل العلا واكرمنا بصحبته في الدنيا والاخرة. اللهم احينا على سنته وامتنا على سنته واحشرنا في زمرته واكرمنا ووالدينا وازواجنا والمسلمين جميعا بشفاعته صلى الله عليه وسلم. ونسألك اللهم علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا واهد ضال لنا وتقبل منا يا ذا الجلال والاكرام اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا اشهد ان لا اله الا الله