بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن. احمد الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمد ان عبد الله ورسوله امام الانام وصفوة الله من خلقه اجمعين. صلى الاله على الحبيب بفضله وحباه قدرا في الانامي جسيمة يا ايها الراجون منه شفاعة صلوا عليه وسلموا تسليما. صلوا وسلموا عليه صلاة وسلاما تابعة تتابع انفاسكم تتنزل عليكم من ربكم عشر صلوات بكل صلاة واحدة منكم على نبيكم صلى الله وعليه وسلم صلوا وسلموا عليه في ليلة عظيمة مباركة. قال فيها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. فاعرضوا صلاة تسركم يوم تلقون ربكم صلاة وسلاما ملؤها الحب الصادق والطاعة والوفاء لهذا النبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم. وبعد ايها الكرام فما يزال مجلسنا هذا بفضل الله متتابعا. في مدارسة كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض بن موسى الي رحمة الله عليه وقد وقف بنا الحديث ليلة الجمعة الماضية في هذا الباب الذي جعله المصنف رحمه الله تعالى في مطلع القسم الثالث من الكتاب. وهو الباب الذي اراد فيه تقرير اصل عظيم تقرر في قواعد عقائدنا معشر المسلمين. وهو الاحتفاظ بالقدر اللائق للانبياء الكرام عليهم الام في قلوب امة الاسلام قدرا يليق بمقامهم عليهم صلاة الله وسلامه قدرا يحفظ لهم معرفتهم بمقام بربهم ومعرفتهم باليقين الذي ملأ الله تعالى به قلوبهم. فقد كانوا اعرف الخلق بالله جل جلاله. بل كانوا وهم من يقود الخلق الى الخالق ويدلهم عليه. فكانت قلوبهم عليهم السلام وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. كانت اطهر القلوب واوعاها وازكاها واشرفها. فما كانت تحمل فيها الا صافي العقائد وتمام اليقين الجازمة بما يحق لله سبحانه وتعالى من الاسماء الحسنى والصفات العلى. وقد نزه الله تلك القلوب الطاهرة صلى الله عليها وسلم نزه الله تلك القلوب الطاهرة من اي شك او جهل او ريب يقدح في معرفتهم بخالقهم سبحانه وتعالى كيف هو جل جلاله قد اصطفاهم واجتباهم؟ كيف وقد بعثهم وارسلهم ليكونوا دلالة خلقي عليه سبحانه وتعالى. هذا الاصل العظيم افرد له المصنف رحمه الله تعالى هذا الفصل الاول من الباب الاول في هذا القسم من الكتاب في حكم عقد قلب النبي صلى الله عليه وسلم من وقت نبوته. واراد في تمام تقرير هذه العظيمة رحمة الله عليه اراد ان يبين بعض الاشكالات التي ربما ترتاد بعد الافهام بعض الافهام من بعض النصوص الشرعية. وساق في ذلك جملة منها. وقف بنا الحديث ليلة الجمعة الماضية. عند قول صنفي رحمه الله تعالى في شأن نبي الله الكريم يونس عليه السلام وما جاء في حقه من بعض الايات في مثل قوله سبحانه وتعالى وذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه. فنادى في الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. قال الله فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين. والذي دعا المصنف رحمه الله تعالى الى سياق هذه الاية الكريمة. هو حديثه رحم الله عما سبقه من اشكال تعلق بقول برواية وردت في حديث النبي عليه الصلاة والسلام لما نزل عليه الوحي اول مرة لقد خشيت على نفسي وما جاء في بعظ طرق ذلك الحديث والفاظه انه عليه الصلاة والسلام حزن حزنا غدا انه مرارا كي يتردى من شواهق الجبال. وبين ضعف هذه الرواية سندا. ونكارتها متنا. وانه لا يصح نسبتها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وان ورودها مدرجة في رواية عند الامام البخاري في الصحيح. انما هو ومن قول بعض الرواة وليست جزءا من الحديث المرفوع الذي صح عند الامام البخاري على شرطه رحمه الله ثم ساق في ضمن جوابه عن تلك الجملة في الحديث انه ربما يكون معنى رغبته او خشيته عليه الصلاة والسلام حزنه الذي احاط به حتى كاد ان يتردى من شواهق الجبال انه خاف ان ذلك الانقطاع من الوحي كان لامر سبب لامر او سبب صادر عنه فخشي ان يكون عقوبة من الله ففعل ذلك بنفسه وان ذلك قبل ورود الشرع بالنهي عن قتل النفس والانتحار. هذا جواب كما مر بكم ليلة الجمعة الماضية انما هو على فرض بصحة الرواية والا فقد اغنى الجواب بضعفها وردها عن التعرظ لبيان معنى الاجابة عنها. وجعل في سياق بشواهد هذا المعنى المحتمل علميا قال ونحو هذا فرار يونس عليه السلام. خشية تكذيب قومه له لما وعدهم او لما وعدهم به من العذاب واورد الاية الكريمة فظن ان لن نقدر عليه فنادى في الظلمات ان لا اله الا لا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. مر الحديث عن معنى الاية الكريمة وما يتعلق بها. ثم مر ايضا جواب المصنف نقله عن الائمة في تقرير معناها وقف بنا الحديث في اثنائها فنعود من اول كلام المصنف ربطا للسابق باللاحق بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء وسيد المرسلين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. اما بعد قال المصنف رحمه الله تبارك وتعالى هذا ونحو هذا فرار يونس عليه السلام خشية تكذيب قومه له لما وعدهم به من العذاب وقوله الله تعالى في يونس عليه السلام فظن ان لن نقدر عليه الاية معناه ان لن نضيق عليه قال مكي طمع في رحمة الله والا يضيق عليه مسلكه في خروجه. وقيل حسن ظنه بمولاه انه لا يقضي عليه العقوبة. وقيل نقدر عليه ما اصابه. وقد قرأ وقد قرأ نقدر عليه نعم يعني وقد قرأ فظن ان لن نقدر عليه. ومر بكم المعنى انه يراد فظن ان لن يقدر عليه اي نقضي عليه عقوبة بسبب فعلته تلك. نعم. وقد قرأ نقدر عليه بالتشديد وقيل نؤاخذه بغضبه وذهابه. وقال ابن زيد معناه افظن ان لن نقدر عليه على الاستفهام ولا يليق ان يظن بنبي ان يجهل صفة من صفات ربه. وكذلك قوله اذ ذهب مغاضبا. الصحيح مغاضبا لقومه لكفرهم وهو قول وهو قول ابن عباس والضحاك وغيرهما. لا لربه عز وجل اذ مغاضبة الله اداة له ومعاداة الله كفر لا تليق بالمؤمنين فكيف بالانبياء؟ كل ذلك قد مر ليلة الجمعة الماضية. وذا النون اذ ذهب مغاضبا قيل المعنى مغاضبا لقومه وهو الذي نقله المصنف هنا رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما والضحاك وغيرهما. وان قول من قال من العلماء فظن او وذا النون اذ ذهب مغاضبا لربه ليس فيه ما يقدح على ما يتبادر الى الافهام. لان المغاضبة لله ليست غضبا من الله بل لاجل الله فقول من قال مغاضبا لربه ليس فيه ما يقدح كما بين ذلك القرطبي ونقلنا قوله رحمه الله الله تعالى اذ ذهب مغاضبا لربه يعني غضبا لاجل الله. لانهم كفروا بالله وما قبلوا الرسالة ولا الدعوة الى توحيده سبحانه وتعالى. وقيل مستحيا من قومه ان يسموه بالكذب او يقتلوه كما ورد في خبر وقيل مغاضبا لبعض الملوك فيما امره به من التوجه الى امر امره الله به على لسان نبي اخر قال له يونس غيري اقوى عليه مني فعزم عليه فخرج لذلك مغاضبا. وتقدمت ايضا الرواية التي اوردها بعض المفسرين في هذا السياق وان قوله مغاضبا اي لقومه ولملك قومه لما كلف بامر رأى انه لا يلزمه فخرج يونس عليه السلام. نعم. وقد روي عن ابن عباس ان ارسال يونس عليه السلام ونبوته انما كانت ونبوته ونبوته انما كانت بعد ان نبذه الحوت. واستدل من الاية بقوله فنبذناه ارائي وهو سقيم وانبتنا عليه شجرة من يقطين وارسلناه الى مئة الف او يزيدون ويستدل ايضا بقوله ولا تكن كصاحب الحوت. وذكر القصة. ثم قال فاجتباه ربه فجعله من الصالحين فتكون هذه القصة اذا قبل نبوته. ختم المصنف رحمه الله تعالى الجواب عن الاشكال الوارد في شأن قصة يونس عليه السلام بهذا الجواب. ان كل ما كان من قصة يونس عليه السلام انما كانت قبل ان يكون نبيا قبل نبوته وعندئذ فلا اشكال اصلا يرد. لان قصة خروجه والتقام الحوثي له ودعائه لله نجاه من ذلك الغم كل ذلك كان قبل ان يكون نبيا ويبعث. نقل هذا قولا عن ابن عباس مروي قال وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان ارسال يونس عليه السلام ونبوته انما كانت بعد ان نبذه الحوت. اذا ولما التقمه الحوت ما كان نبيا بعد. هذا قول ينقله المصنف رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما. قال واستدل من الاية بقوله فنبذناه بالعراء وهو سقيم وانبتنا عليه شجرة من يقطين وارسلناه الى مائة الف او يزيدون فامنوا فمتعناهم الى حين. اذا متى كان الارسال؟ بعد ان اخرجه الله من بطن الحوت. قال يستدل ايضا بقوله تعالى في سورة القلم ولا تكن كصاحب الحوت وذكر القصة. اذ نادى وهو مكظوم لولا ان نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم. فاجتباه ربه فجعله من الصالحين. ومعنى اجتباه وفاة اذا كان الاصطفاء وكان الارسال على ما تدل عليه ظاهر الاية انه كان بعد ان خرج من بطن الحوت قال فتكون هذه القصة اذا قبل نبوته. وعندئذ فلا اشكال يقدح في شيء من حال الانبياء عليهم السلام. لان القصة عندئذ كانت قبل نبوته وارساله عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. لكن ظاهر الاية هذا ليس هو الراجح لان المعنى الذي دلت عليه الايات انه انما خرج والتقمه الحوت وقد كان نبيا ولهذا ذكر الله سبحانه وتعالى شأنه في سياق نبوته. وان يونس لمن المرسلين. اذ ابق الى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين. كل ذلك وهو على حال النبوة والرسالة. وكذلك قول الله سبحانه وتعالى ولا كن كصاحب الحوت اذ نادى وهو مكظوم. لكن معنى قوله تعالى وارسلناه الى مئة الف او يزيدون هو الارسال الثاني بعد وخروجه من بطن الحوت ونجاه الله. فارسله الله مرة اخرى الى قومه. فاحتمل وصبر لانه انما تعجل في للمرة الاولى لما ضاق صدره بقومه ولذلك جاء التوجيه لنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم فاصبر لحكم ربك لا تكن كصاحب الحوت لانه تعجل عليهم وضاق صدره لكفرهم بالله. كيف يخبرهم عن الله ثم لا يستجيبوا كيف يدلهم على الله ثم يتأخرون؟ فضاق صدره لذلك وحزن لموقف قومه فخرجوا التقمه الحوت فكانت قصته عليهم والسلام. وكل ذلك ايضا غير قادح. لانه لم يكن منه عليه السلام شيء يقدح شكا في علاقته بربه او صدق بوعد الله له لكنها القصة التي اراد الله ان تكون مضرب المثل. ولا تكن كصاحب الحوت اذ نادى وهو مكظوم. لولا اان تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم. فاجتباه ربه فجعله من الصالحين. ولذلك نقل القرطبي وغيره وابن كثير ان قول ابن عباس رضي الله عنهما فاجتباه ربه اي فارسله ثانية ولا ينافي هذا كونه نبيا عليه السلام على الحال الاولى. ووقوع القصة بعد نبوته ايضا ليس قادحا في شأن النبوة ومقامات الانبياء عليهم السلام. تم للمصنف رحمه الله كلامه عن قصة يونس عليه السلام والاشكال الذي ورد واجاب عنه فينتقل الى اشكال اخر يتعلق بحديث اخرجه الامام مسلم في صحيحه من حديث الاغر المزني رضي الله عنه قال فان قيل فما معنى قوله عليه السلام؟ انه ليغان على قلبي فاستغفر الله في كل في كل يوم مئة مرة وفي طريق اخر في اليوم اكثر من سبعين مرة. هذا الحديث بلفظه الاول اخرجه الامام مسلم في الصحيح من حديث المزني رضي الله عنه يقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم انه ليغانوا على قلبي اردوغان ان يصيبه الغين والغين بالنون هو بمعنى الغين بالميم. ما الغيم؟ الغيم هو السحاب مجتمع فيحجب السماء او ضوء الشمس. الغيل هو الغيم بنفس المعنى. فقوله ليغانوا على قلبي ان يجتمعوا على قلبي غين اي غيم. قال فاستغفر الله في كل يوم مئة مرة. واللفظ الاخر عند الشيخين او عند البخاري من حديث ابي هريرة استغفر الله في اليوم اكثر من سبعين مرة. بعيدا عن الاستغفار الوارد في حديث هنا وانه عليه الصلاة والسلام يستغفر الله كل يوم سبعين مرة او مائة مرة وقف العلماء عند معنى لفظة وانه تغانوا على قلبي وبعض العلماء لما رأى الحديث يوهم ما يورد اشكالا امسك عن الكلام ينقل عن الاصمعي رحمه الله قوله لو كان غير قلب النبي صلى الله عليه وسلم لتكلمت عليه. يقول لو كان الحديث يتعلق بغير قلبه عليه الصلاة والسلام لتكلمت. لكنه امسك عن الكلام خشية ان افهم من الكلام ما يساء به نسبة ما لا يليق بمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونقل السيوطي ايضا رحمه الله في شرحه على الحديث قال عن بعض اهل العلم هذا من المتشابه الذي لا يخاض في معناه وينبغي ان يورد اللفظ هو يقال معنى الغين كذا ولا يخوضون في معنى الحديث لكن المصنف رحمه الله قرر ليس اجابة ولا اثنتين بل ثلاثا اربعا في معنى الحديث بما يزول عنه الاشكال اين الاشكال؟ ماذا لو قال قائل انا انسان يقع في كثير من الضعف. والحجب التي تحجب قلبي عن الله فانا استغفر الله كل يوم سبعين مرة او مئة مرة. لو قالها عالم وامام وفقيه ورجل من الموصوفين بالصلاح والتقى لقلت هو قولوا هذا تواضعا والا فهو عالي القدر. ويعرفه الناس بالظاهر انه بينه وبين الله صلة وصلاح طقا وكذا وكذا لكن ان تكون صادرة عن النبي والاصل في الانبياء العصمة. ثم ان يكون الانبياء في حالات الكمال ثم يقول انه ليغان على قلبي ما الذي يحجب قلبه عليه الصلاة والسلام؟ اذنوب ومعاصي؟ ام شهوات ام شبهات تحجبه عن الله يقول فاستغفر الله هذا موطن الاشكال. الذي جعل بعض اهل العلم يمسك عن الكلام في الحديث خشية ان يشرح الحديث فيفهم قاصر النظر منه سوء مقام ينسب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. اذا بقي ان نفهم فما معنى الحديث اذا الحديث صحيح واخرجه الامام مسلم رحمه الله ما معنى وانه ليغان على قلبي؟ فاستغفر الله ما الذي كان يصيب قلبه عليه الصلاة والسلام؟ فيدعوه الى الاستغفار. كلنا ندرك انه ليس ذنوبا ولا ولا شيئا مما لا يليق بالانبياء فما هو اذا؟ يسوق المصنف رحمه الله جملة من الاجابات المتعلقة بهذا الحديث ايها الكرام. نعم. قال رحمه الله فاحذر ان يقع ببالك ان يكون هذا الغين وسوسة او ريبا وقع في قلبه عليه السلام بل اصله بل اصل الغين في هذا ما يتغشى القلب ويغطيه. قاله ابو عبيدة واصله من غين السماء وهو اطباق الغيم عليها. وقال غيره والغير شيء يغش القلب ولا يغطيه كل التغطية كالغيم الرقيق الذي يعرضوا في الهواء ولا يمنعوا ضوء الشمس. اذا في اللغة الغين مثل الغين. الغيم سحاب رقيق يحجب ضوء الشمس او يخفف عنها لكنه لا يسد الافق في السماء. غيم عابر يذهب ويأتي. فالغين الذي يغشى القلب هو بهذا المعنى هذا من حيث اللغة ما يغشي القلب ويغطيه. نعم. وكذلك لا يفهم يفهم من الحديث انه يغان على قلبه مئة مرة او اكثر مئة مرة او اكثر من سبعين مرة في اليوم اذ يعني لما قال عليه الصلاة والسلام انه ليغان على قلبي فاستغفر الله في كل يوم مائة مرة. المئة مرة هذه للاستغفار فار ام للغيل الذي يصيب القلب؟ الاستغفار اذا لا تفهم انه يغان على قلبه في اليوم مئة مرة. لا انما هو استغفار اذا العدد المذكور اكثر من سبعين مرة او مائة مرة انما هو لعدد مرات الاستغفار الذي نبينا عليه الصلاة والسلام يستغفر الله فيه كل يوم. نعم. وكذلك لا يفهم من الحديث انه يغان على قلبه مئة مرة او اكثر من سبعين مرة في اليوم اذ ليس يقتضيه لفظه الذي ذكرناه وهو اكثر الروايات. وانما هذا عدد لا للغيب فيكون المراد بهذا الغين اشارة الى غفلات قلبه وفترات نفسه وسهوه عن مداواة الذكر ومشاهدة الحق بما كان صلى الله عليه بما كان صلى الله عليه وسلم دفع اليه من مقاساة البشر. نعم. اذا الغين هو والغيب حتى تفهم الحديث عبد الله على وجه صحيح لا تكلف فيه وليست حمية لحبيب القلب صلى الله عليه وسلم ولو فعلناه لكان يستحق ذلك لكننا امة علم. وديننا وشريعة ربنا انما هي مفهومة واضحة بحيث نحتاج ان نغطي شيئا او نخفي شيئا يقدح فيه اهل الاديان الاخر ويذمنا او يعيبنا عليه حاشا. هذا حديث يتكلم فيه نبينا عليه الصلاة والسلام عن نفسه فيقول انه ليغان على قلبي. الغين هو شيء يغطي القلب. نعم يقول عليه الصلاة والسلام انه يجد شيئا يغطي قلبه يحجبه عن ربه. فلذلك هو يستغفر الله. اذا هو غطاء القلب هو شيء يغشى القلب. فيحجبه عن ماذا؟ حجاب كل قلب بحسبه ايها الكرام لي قلب ولك قلب. والذي يغطي قلبي او يغطي قلبك في فترات الغشيان الذي يأتيها ويغطي عليك كل قلب بحسبه. فالقلوب القلوب التي يأتيها هذا الغيم فيحجبها عن الطاعة ستنصرف الى اين؟ الى المعصية. والقلوب التي يأتيها هذا الغيم فيغشيها. او يغطيها عن ذكر الله فتقع في الغفلة غين كل قلب بحسبه. تعال الى قلب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. وهو اكمل القلوب واعلاها واشرفها وازكاها صلوات الله وسلامه عليه. على اي حال كان قلبه؟ على حال الكمال والصلة لا وتمام الانس بذكر ربه ومناجاة مولاه عليه الصلاة والسلام. فاذا حل الغيم الذي يغشى قلبه فيستغفر الله لم يكن غينا يغشى قلبه الى غفلة او معصية او الى شيء من الاثام حاشاه صلى الله عليه وسلم لكن تدري ما الذي كان يؤلم قلبه عليه الصلاة والسلام انه تحل عليه فترات تحجبه عن امام صلته بربه كما يحب ويهوى. عن تمام تعلقه بذكره واستغراقه في انسه بصلته ربي لم؟ لانه كان يعيش حياته ليس لنفسه عليه الصلاة والسلام. بل يحمل فيها هم امتي. انا وانت نحمل هم اسرة فيها زوجة وبضعة اولاد يتعلق بمرض احدهم او دراسته او مستقبله او زواجه فترانا من قال القلب والعقل لا يكاد احدنا يبصر طريقه وهو يمشي. ويرى الشيء امامه ولا تقع عليه عيناه. فما بالك بمن هما ليس اسرة بل هم امة عليه الصلاة والسلام. يحمل هم الكافر والمسلم على حد سواء. يحمل هم من الصحابة الحاضرين رضي الله عنهم وهم من يأتي بعدهم الى يوم القيامة عليه الصلاة والسلام. هذا القلب كانت تعتريه من ما يحمله من الهم لحظات وفترات لا يجد فيها تمام صلة قلبه بربه على حال الكمال الذي يستغرق فيه استمتاعا ذكرا ومناجاة ودعاء فيجد هذا الما في قلبه عليه الصلاة والسلام فيستغفر الله هذه هي القلوب الكاملة صلى الله عليه وسلم. ليغانوا على قلبي ليس معناها انصراف القلب الى معصية ولا شهوة محرمة ولا زلة ولا شيء من حفر الشيطان. لكن معناه عدم بقاء القلب على حال الكمال. في صلته بربه وكان الذي يصرفه او يغشيه او الذي يغان عليه بسببه هم الرسالة والدعوة وشأن الاعداء والاصدقاء وحياته التي عاشها صلوات الله وسلامه عليه شغلا متصلا وهما متتابعا ومع ذلك يقول الله له فاذا فرغت فان والى ربك فارغب. ما عرف عليه الصلاة والسلام راحة الجسد ولا هناءة البدن ولا لذة العيش. لانه ما عاش صلوات الله وسلامه عليه بل عاش لامته عليه الصلاة والسلام. فيكون المراد قال فيكون المراد بهذا الغيم اشارة الى غفلات قلبه وفترات نفسه وسهوها عن مداواة مداومة الذكر ومشاهدة الحق لما كان صلى الله عليه عليه وسلم دفع اليه من مقاساة البشر وسياسة الامة ومعاناة الاهل ومقاومة الولي والعدو مقاومة الولي ابوه يعني سواء كان من يعامله ويقوم لاجله وليا مؤمنا صالحا مستجيبا او كان عدوا معاندا كافرا معارضا محاربا كان عليه الصلاة والسلام يعمل للامة كلها للموافق والمخالف للمؤمن والكافر اما المؤمن فيحرص عليه الصلاة والسلام على تثبيت الايمان في قلبه وازدياد الهدى في صدره. وتثبيت قدميه على الايمان والحق. واما الكافر فقد عليه الصلاة والسلام اشد الناس حرصا على قذف نور الهداية في قلبه واستجابته لدعوة ربه كان يجد عليه الصلاة والسلام في لصنوف المقاساة والمعاناة مع قلوب البشر ما كان ربما حمل قلبه على عدم بلوغه الكمال في صلته لربه وذكره ومشاهدة الحق. ومقاومة الولي والعدو ومصلحة النفس وكل وكل من اعباء يديه اي وما كلفه من اعباءه من اعباء اداء الرسالة وحمل الامانة وهو في كل هذا في طاعة ربه عبادة خالقهم ولكن لما كان صلى الله عليه وسلم ارفع الخلق عند الله مكانة واعلاهم درجة واتمهم به معرفة وكانت حاله عند خلوص قلبه وخلو همته وتفرده بربه واقباله بكليته عليه ومقامه هنالك ارفع حاليه رأى عليه السلام حال فترته عنها وشغله بسواها غضبا من علي غضا من علي حاله غضا من علي حاله وخفضا من رفيع مقامه فاستغفر الله من ذلك. وهذا اولى وجوه الحديث واشهرها والى معنى ما اشرنا به مال اليه كثير من الناس وحام حوله فقارب ولم يرد وقد قربنا ومعناه وقد قربنا غامض معناه وكشفنا للمستفيد محياه وهو مبني على جواز الفترات والغفلات والسهو في غير في طريق البلاغ على ما سيأتي. هذا من دقيق كلام المصنف الامام القاضي عياض رحمه الله. ومن ادق مواضع كلامه رحمه الله والله في هذا السفر المبارك ولذلك حمله عنه من بعده اجلة العلماء في شرح الحديث. فانهم عالة عليه في تقرير هذا المعنى النفيس وقد قال ها هنا وهذا اولى الوجوه اولى وجوه الحديث واشهرها والى معنى ما به مال اليه كثير من الناس وحام حوله فقارب ولم يرد. يقصد رحمه الله ان من وقف عليه من من سبقه من العلماء كان مقاربا لكنه رحمه الله اوتي مزيد بيان فافصح عنه بعبارة ناصعة تتلألأ ويسطر بمداد من الذهب قال رحمه الله ولكن لما كان صلى الله عليه وسلم ارفع الخلق عند الله مكانة واعلاهم درجة واتمهم به معرفة. وكانت حاله عند خلوص قلبه وخلو همته وتفرده بربه واقباله بكليته عليه. ومقامه هنالك ارفع حاليه. رأى عليه سلام حال فطرته عنها وشغله بسواه غظا من علي حاله وخفظا من رفيع مقامه فاستغفر الله من ذلك. هذا كلام دقيق وهو في غاية النفاسة. وان قوله اني لاستغفر الله ليس من ذنب الم به وحاشاه عليه الصلاة والسلام ولكن من نزول عن حال الكمال والترقي كما قال هنا غضا من علي في حاله وخفضا من رفيع مقامه. فرأى انه صلى الله عليه وسلم يستغفر الله عن ترك الكمالات ليس لاختيار اراده عليه الصلاة والسلام بل لما هجم على قلبه من هم الرسالة واعباء الدعوة وشغلها الامة الموافق والمخالف فكان هذا الهم المجتمع يؤاكل قلبه الكريم عليه الصلاة والسلام ويخطف فيه همته وصلته العظيمة بربه. فربما اصاب قلبه شيء من الغين والغشاء الذي حجبه عن مقام الكمال وليس عن طاعة الله ولا ذكره بالكلية لكنه عليه الصلاة والسلام كما هو شأن الكمل يرون في النقص اليسير غظاظة لا ترتقي لها هممهم وهذا شأن اصحاب الكمالات فصلى الله عليه واله تسلم. وذهبت طائفة من ارباب القلوب ومشيخة المتصوفة ممن قال بتنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا جملة واجله ان يجوز عليه في حال سهو او فترة الى ان معنى الحديث ما ما يهم ويغم فكره من امر امته عليه السلام لاهتمامه بهم. وكثرة شفقته عليهم فيستغفر لهم جواب ثان نسبه المصنف رحمه الله الى طائفة من ارباب القلوب ومشيخة المتصوفة. واراد بهم من يشتغل باعمال القلوب واحوال النفوس ولهم في هذا تقرير يخالفون به من سواهم الى ان المعنى قريب من المعنى الاول لكن المراد بغين يغشى القلب ليس شيء صرف قلبه عليه الصلاة والسلام ام عن حالات الكمال وان الغفلة والسهو ينزه عنها الانبياء عليهم السلام وهذا مذهب من يقول بالعصمة مطلقا وقد بينا في صدر هذا القسم ان هذا من قولة بعض المتأخرين خلافا لما يقرره المحققون تبعا لسلف الامة الكرام على كل حال تقريرهم يقول انه معنى يغان على قلبي اي ما يهم خاطره عليه الصلاة والسلام ويغم فكره من امر امته. فالذي كان يغشى قلبه هو الهم. والفكر الذي يتعلق الدعوة بالامة بالبلاغ بالدعوة بالوحي بتبليغ الرسالة من كثرة شفقته عليه الصلاة والسلام على امته استغفروا للامة يعني كلما تذكر حال امته واطبق على قلبه الكريم صلى الله عليه وسلم الشفقة فيستغفر ليس لنفسه بل لامته. ورأوا في الحديث موردا محتملا لهذا. انه ليغان على قلبي فاستغفر الله في كل يوم مائة مرة. قالوا معنى الحديث استغفروا الله لامتي. مائة مرة. معنى محتمل لكن الاول اظهر وارجح والله اعلم. قالوا وقد يكون الغين هنا على قلبه السكينة التي تتغشاه لقوله تعالى فانزل الله سكينته عليه. ويكون استغفاره عليه السلام عندها اظهارا للعبودية والافتقار وقال ابن عطاء هذا جواب ثالث. وذهب الى معنى اخر قال اليس الغين من معنى الغين شيء يغشى القلب ستقول بلى هو كذلك في اللغة. قال اعلم رعاك الله ان الذي كان يغشى قلبه عليه الصلاة والسلام سكينة تتنزل عليه نربي. هنا يصرف معنى اللفظ في الحديث. الى ان قوله ليغان على قلبي ليس شيئا ذميما بل شيئا محمودا. وان الذي يغام على قلبه عليه الصلاة والسلام هي رحمة الله. والسكينة. قال الله فانزل الله سكينته عليه. فكانت سكينة تتنزل على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم. يأتي سؤال هنا طيب اذا كانت سكينة تنزل على قلبه هل يستغفر الله؟ قال بلى قال فيستغفر الله شكرا. اما قالت له امنا رضي الله عنها لما رأته يقوم الليل حتى تتفطر قدماه فماذا قال عليه الصلاة والسلام قال افلا اكون عبدا شكورا؟ قالوا مقامات ايضا مقامات الكمالات في حال البشر وفي عبوديتهم لله انهم انما يستغفرون ليس تخلصا من الذنوب ولا محور للاوزار بل مزيدا لاظهار شكري لله جل جلاله واعترافا بحقه الواجب جل جلاله فيكون معنى الاستغفار ها هنا اظهار للعبودية الافتقار قالوا وقد يكون الغين هنا على قلبه. السكينة التي تتغشاه لقوله تعالى فانزل الله سكينة عليه ويكون استغفاره عندها اظهارا للعبودية والافتقار. هذا جواب ثالث وهو دون الجوابين السابقين ولهذا رتب المصنف رحمه الله الاجوبة على هذا النحو تباعا. وقال ابن عطاء استغفاره وفعله هذا تعريف لامته تعريف لامته بحملهم على الاستغفار. نعم وقال غيره وقال غيره ويستشعرون الحذر ولا يركنون الى الامن. ما من شك ايها الكرام ان الحديث في ذاته اصل عظيم. اسهب فيه دماء الاسلام في تقرير معان عظيمة بالغة العناية للامة. بالله عليك اذا كان قدوتك واسوتك ونبيك في امتك صلوات الله وسلامه عليه. يقول لك انه يستغفر الله في اليوم مائة مرة. وفي رواية اكثر من سبعين مرة بالله اذا كان هذا حاله فماذا عني وعنك؟ ما الاحرى بي وبك؟ ان نكون اولى والله. كان عليه الصلاة والسلام يعلمنا بفعله بقوله بشأنه كله صلى الله عليه وسلم. تخيل بالله عليك لو كنت صحابيا جالسا معه عليه الصلاة والسلام بين صحابته الكرام. وتغشى مجلسه لتصيب من نور الوحي والهداية التي يجدها الصحابة في مجالسه عليه الصلاة والسلام. فيدهشك انك تسمع استغفاره في المجلس الواحد بهذا من الذي سيقع في قلبك؟ بماذا ستنصرف من ذلك المجلس؟ والله لتقومن بدرس عظيم انك مهما ابلغت صلاحا وعبادة وتقى وامامة ومهما اوتيت من الخير لكنك دون رسول الله عليه الصلاة والسلام فيملأ قلبك تعظيما لربك. وانك بحاجة الى دوام الاستغفار. والاعتراف بالتقصير وانك مهما فعلت عبد الله لا تزال عبدا فقيرا الى ربك وهو الغني سبحانه. معترفا بالتقصير وهو الكريم فيحملك ذلك على مزيد اجتهاد في طاعة ربك ومولاك وافتقارك الى رحمته وطرقك لبابه الكريم. هكذا كان عليه الصلاة والسلام قال رحمه الله استغفاره وفعله هذا تعريف لامته بحملهم على الاستغفار. قال بعض اهل العلم علم بعض اهل العلم خوف الملائكة والانبياء عليهم السلام خوف اعظام. وان كانوا امنين من العذاب لما امن الله من خلقه كالملائكة والانبياء والرسل لما امنه من العذاب. فمما الخوف اذا؟ ليغفر لك الله وما تقدم من ذنبك وما تأخر ثم تجده صلى الله عليه وسلم في مقامات العبودية في الصلاة في الصيام في الحج في الطواف في السعي في دعاء شديد الافتقار. عظيم الانكسار. كثير الدعاء شديد الالحاح والتضرع اما كل ذلك هو لا شيء يخاف منه. امن العذاب؟ قالوا خوفهم خوف تعظيم واجلال لله عز وجل. هذا خوف اعلى درجة من خوف العقوبة. عندما تكون خائفا من عقاب فتلتزم الادب. وتقف عند عند الحد لانك تخاف من حلول العقاب بك. لكن عندما تأمن من العقاب ثم مع ذلك لا تزال محترما. لا تزال معظما هذا ما اجل لان خوفك ليس من خوف العقاب الذي سيقع. لكنه خوف تعظيم واجلال. وهذا الذي يوصف به خوف الملائكة والانبياء عليهم السلام. قال غيره يستشعرون الحذر ولا يركنون الى الامن. مع انهم امنوا لكن مقامهم في صدق وعلو منازلهم عند ربهم عز وجل جعلهم يحملون هذا المعنى. وقد يحتمل ان تكون هذه حالة خشية واعظام تغشى قلبه. فيستغفر حينئذ شكرا لله وملازمة لعبوديته قال في ملازمة العبادة افلا اكون عبدا شكورا نعم وهذا قريب من المعنى السابق ان معنى الغين السكينة التي تغشى قلبه او يكون حالة الخشية والاعظام وهي قريبة من السابق. وعلى هذه الوجوه وعلى هذه الوجوه الاخيرة يحمل ما روي في بعض طرق هذا الحديث عنه عليه السلام انه ليغان على قلبه في اليوم اكثر من سبعين مرة فاستغفر الله نعم اذا هذا ايظا من المحامل والوجوه التي تحمل عليها تلك الالفاظ وفي الرواية في قوله انه ليغان على قلبي وقد اوتيت باكثر من جواب من اكثر من وجه رعاك الله فقط ليبقى الاصل المتقرر الذي اراد المصنف رحمه الله في هذا فصل تقريره من اكثر من وجه وهو شأن الكمال الذي جعل الله قلوب الانبياء عليهم السلام فيما اعتقدت بربها سبحانه وتعالى على الاكمل الوجوه واتمها. نعم. فان قلت فما معنى قوله تعالى ال محمد عليه السلام ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين. وقوله لنوح عليه السلام فلا ما ليس لك به علم اني اعظك ان تكون من الجاهلين. انتقل المصنف رحمه الله بعد اتمامه الجواب عن الاشكال السابق في حديث صحيح مسلم الى هذا الاشكال وهو السابع في هذا الفصل على الترتيب في النصوص التي اوردها. قال فان قلت فما على قوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين. هل هذا النهي الالهي هو نهي للنبي عليه الصلاة والسلام ان يكون على حال الجاهلين وكذلك قوله لنوح عليه السلام اني اعظك ان تكون من الجاهلين. نعم. فاعلم انه لا يلتفت في ذلك الى قول من قال في اية نبينا عليه السلام فلا تكونن ممن يجهل ان الله لو شاء لجمعهم على الهدى. وفي اية نوح لا تكونن ممن يجهل ان وعد الله حق لقوله وان وعدك حق. وان وعدك الحق. وان وعدك الحق. اذ فيه اثبات الجهل بصفة من صفات وذلك لا يجوز على الانبياء. مرة اخرى سيقرر رحمه الله انه لا يصح تقرير معنى الايات الواردة في حق الانبياء والرسل عليهم السلام على ما يوهم الغض من منازلهم او القدح بالذات فيما يتعلق بعقائدهم عليه ام السلام تجاه ربهم جل جلاله. لما تقول لشخص اياك ان تكون من الجاهلين. فيها تعريض انك ربما اتيت على بعض اوصاف اولئك الجاهلين فانا احذرك ان تكون كشأنهم وحالهم. يقول ليس هذا المعنى اراد رحمه الله ايضا بيان المعنى المتقرر في الايتين فيما يتعلق بنبينا صلى الله عليه وسلم ونبي الله نوح عليه السلام المقصود والمقصود وعظهم الا يتشبهوا في امورهم بسمات الجاهلين كما قال اني اعظك وليس في اية منها دليل على كونهم على تلك الصفة التي نهاهم الله عن الكون عليها. نعم اني اعظك يعظ الله عز وجل نوحا عليه السلام ان يكون فيه شيء من صفات الجاهلين او التشبه بامورهم وسماتهم وخصائصهم. كما قال الله عز وجل لنبينا عليه الصلاة والسلام ولا تطع منهم اثما او كفورا. هذا التوجيه الالهي للانبياء الكرام. انما هو على الكمالات التي ارادهم الله عز وجل عليها ليكونوا قدوة لاممهم واسوة لمن بعثوا اليهم لا تطع منهم اثما او كفورا ليس فيه شيء من المعنى انه عليه الصلاة والسلام مال الى اولي الاثم والكفر حتى يقال ان هذا نهي لانه قد بدأ يسلك في ذاك الطريق لكنه التوجيه للسداد في شأن الانبياء عليهم السلام. قال والمقصود وعظهم ان لا اتشبهوا في امورهم بسمات الجاهلين. اني اعظك وليس في اية منها دليل على كونهم على تلك الصفة التي نهوا عنها فكيف واية نوح قبلها فلا تسألني ما ليس لك به علم. فحمل ما بعدها على ما قبلها اولى لان مثل هذا قد قد يحتاج الى اذن. اذا فلا تسألني ما ليس لك به علم. وكل ما ليس لك به علم انت جاهل به. فالجهل هنا هو منافاة العلم. وان تفسر اخر الاية وتمامها باولها وما قبلها في السياق اولى وهو الذي تتقرر به قواعد التفسير. فلا تسألني ما ليس لك به علم اني اعظك ان تكون من الجاهلين فيكون معنى الجهل هنا ليس الجهل بالله. ولا بصفاته لكن السؤال عما لا يعلمه الانسان وقوع في شيء يجهله فجاء النهي عنه لهذا المعنى. فقد تجوز اباحة السؤال فيه ابتداء فنهاه الله وان يسأله عما طوى عنه علمه واكنه من غيبه فنهاه الله ان يسأله عما طوى عنه علمه واكنه من غيبه من السبب الموجب لهلاك ابنه. ثم اكمل الله تعالى نعمته عليه باعلامه ذلك بقوله انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح حكى معناه مكي. كذلك امر نبينا عليه السلام في الاية الاخرى التزام الصبر على اعراض قومه. ولا ولا ولا يحرج عند ذلك. ولا يحرج عند ذلك يعني لا طيبه الحرج وهو ضيق الصدر والانزعاج. نعم. ولا يحرج عند ذلك فيقارب حال الجاهل بشدة التحسر حكاه ابو بكر نفورك. وقيل معنى الخطاب لامة محمد صلى الله وقيل معنى الخطاب لامة محمد صلى الله عليه وسلم وقيل معنى الخطاب لامة محمد صلى الله عليه وسلم اي فلا تكونوا من الجاهلين. حكاه ابو محمد مكي وقال مثله في القرآن كثير. فبهذا الفضل وجب القول بعصمة الانبياء منه بعد النبوة قطعا. نعم. اما قوله ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين اي لا تكونن يا محمد في التزامك بالصبر على اعراض قومك لا تقارب حالة الجاهلين بشدة التحسر على اعراضهم. لان الله قال وان كان كبر عليك اعراضه. فان استطعت ان تبتغي نفقا في الارض. او سلما في السماء فتأتيهم باية لماذا جاء الخطاب في الاية؟ لولا ان الله عز وجل اراد تثبيت فؤاد المصطفى صلى الله عليه وسلم اللمم واراد تنفيس همه تدري مما؟ من شفقته على امته يقول الله له فلعلك باخع نفسك على اثارهم يعني لا تهلك نفسك على تكذيبهم على حزنك على صدهم واعراضهم على شفقتهم عليهم بسبب تكذيبهم. كفاك يا محمد امتثالك لامر ربك. لا تهلك نفسك حزنا عليهم وشفقة عليهم لان الذي ما كتب الله لها الهداية سيموت شقيا. فلماذا يتفطر قلبك؟ هذا التوجيه الالهي انما هو تنفيس لهم عليه الصلاة والسلام. وان كان كبر عليك اعراضه. فان استطعت ان تبتغي نفقا في الارض او كل من في السماء فتأتيهم باية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين لا تتحسر يا محمد فتكون بحسرتك تلك بتقطيع قلبك حزنا عليهم واشفاقا عليهم ان تكون سالكا حال الجهال شدة التحسر على فوات الفائت. فامره الله عز وجل ان يرفق بنفسه عليه الصلاة والسلام. وان يكون ممتثلا امر ربه في اكتفاء بالتبليغ وان ما عليه الا البلاغ عليه الصلاة والسلام. قال ولا يحرج عند ذلك ولا يصيبه الحزن يقطع قلبه صلى الله عليه وسلم وقيل معنى الاية فلا تكونن من الجاهلين الخطاب له والمراد امته صلى الله عليه وسلم على ما تقرر كثيرا في ثنايا هذا الفصل من اوله في الاجابة عن جملة من الايات ولهذا قال ومثله في القرآن كثير في مثل قوله تعالى فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك فلا تكونن من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا بايات الله فتكون من الخاسرين. ونقل هناك ونقل هناك عن جملة من اهل العلم سلفا وخلفا ان المعنى خطاب امته على على سياق او على على مثال قوله سبحانه وتعالى ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك ان اشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين. فهذا وامثاله في القرآن يكون الخطاب فيه لرسول الله صلى الله عليه سلم والمراد امته. وعلى كل وجه من تلك الاجابات المتكررة ينتفي الوهم. والاشكال الذي قد يرد على بعض الاذهان ان القول في الاية فلا تكونن من الجاهلين يمكن ان يكون فيه غظ او قدح من مقام النبي صلى الله عليه وسلم. فان قلت فاذا قررت عصمتهم من هذا وانه لا يجوز عليهم شيء من ذلك. فما معنى اذا وعيد الله وعيد الله لنبينا صلى الله عليه وسلم على ذلك ان فعله. وتحذيره منه كقوله لان اشركت عملك ولتكونن من الخاسرين. وقوله تعالى ولا تدعو من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك. فان فعلت فانك اذا من الظالمين. اذا ما تقولون في مثل هذه الايات؟ اجيبوا لو قال لك قائل يا اخي هذه اية فيها تهديد فيها وعيد رسول الله عليه الصلاة والسلام لان اشركت يا محمد ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين. ما الجواب الجواب ان تقول هذا الخطاب هو توجيه للامة كلها انه ليس في مقام التوحيد. والحفاظ عليه التحذير من الشرك وشدة الوعيد عليه ليس في هذا الباب بين الله وبين احد من خلقه حسب ولا نسب. ها هنا لا محاباة لكنه من باب ان تقول ان تقول لمن عندك وفيهم من هو عزيز عندك كريم عليك. ان تقول للحاضرين حتى لو كان فلان لما قال نبينا عليه الصلاة والسلام والله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. اكان يريد ان يقطع يدها اكان يتهمها بالسرقة؟ لا لكنك لما تأتي لاعلى الامثلة عندك مثالا ثم توجه الكلام اليه وتقول حتى لو كان هذا من سيفعله فانه لا يعفى. هذا ليس قدحا فيه. وليس ذما له. لكنها رسالة الى الاخرين تقول انكم لستم باولى منه في السلامة من العقاب عند الاتيان بمثل هذا الباب والله عز وجل قد نزههم واعلى شأنه وعصمهم فليس في شيء من ذلك اطلاقا قدح ولا نسبة سوء او او شيء من سوء الظن الى مقام الانبياء عليهم السلام. وقوله تعالى ولولا ان ثبتني ولا تدعو من دون الله وقوله قال ولا تدعو من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك. فان فعلت فانك اذا من الظالمين. وقوله تعالى ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا اذا اذا لاذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا وقوله لاخذنا منه باليمين وقوله وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله الاية وقوله فان يشأ الله يختم على قلبك وقوله وان لم تفعل فما بلغت رسالته اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين. فاعلم وفقنا الله واياك انه صلى الله عليه وسلم لا يصح ولا يجوز عليه ان لا يبلغ وان يخالف امر ربه ولا ان يشرك به ولا يتقول على الله ما لا يحب او يفتري عليه او يضل او او يضل او يختم على قلبه او يطيع الكافرين لكن الله تعالى امره بالمكاشفة والبيان في البلاغ للمخالفين. وان ابلاغه ان لم يكن بهذه السبيل فكأنه ما فطيب نفسه وقوى قلبه بقوله والله يعصمك من الناس. كما قال لموسى وهارون لا تخافا انني معكما لتشتد بصائرهم في الابلاغ واظهار دين الله ويذهب عنهم خوف العدو المظعف النفس واما قوله تعالى ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم قطعنا منه الوتين وقوله اذا لاذقناك ضعف الحياة وضعف الممات. فمعناه ان هذا جزاء من فعل هذا وجزاؤك لو كنت ممن يفعله وهو لا يفعله. نعم ترتيب الوعيد او العقاب على شرط لا يدل على نسبة ذلك كالشخص الى حصول الشرط في حقه. لما تقول لشخص ان فعلت كذا حصل كذا. لا يدل الكلام اطلاقا على وقوع هذا الفعل منه وهو لا يفعله. لكن الكلام لما ياتي الى من هو الامثل والاكمل فيكون الغير مقصودا من باب باولى وهذا المقصود في تلك الايات التي جاء فيها مثل هذا الشر ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين دلالة على صدقه في تبليغ الوحي عليه الصلاة والسلام. وعلى تمام اداء ما يأتيه به امين الوحي جبريل عليه السلام من الله بالايات والسور لا يزيد عنها ولا ينقص عليه الصلاة والسلام. نعم وكذلك قوله وكذلك قوله وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله. فالمراد به غيره كما قال ان تطيعوا الذين كفروا يردوك يردوكم على اعقابكم فتنقلبوا خاسرين. وقوله فان يشأ الله يختم على قلبك ولئن اشركت ليحبطن عملك وما اشبهه فالمراد به غيره وان هذه حال من اشرك والنبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز عليه هذا. وقوله اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين. فليس فيه انه اطاع والله ينهاه عما يشاء ويأمره بما يشاء. كما قال ولا تطرد ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة العشية يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين وما كان طردهم عليه السلام ولكن ولا ولا كان من الظالمين. يعني فيبقى هذا التوجيه الالهي الكريم ليس فيه دلالة على وقوع شيء ان من تلك المنهيات في حقه صلى الله عليه وسلم وتم بهذا كلام المصنف رحمه الله في هذا الفصل اديموا الصلاة على نبيكم صلى الله عليه وسلم فالليلة مباركة. وهذا الشهر المحرم شهر حرام. يا رب صل على الحبيب محمد ما هاج شوق في فؤاد محبه يا رب هذا شوقنا بحنا به يا رب فابعثنا غدا في ركبه صلى الله عليه وسلم اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. وعلمنا يا ربي ما ينفعنا وانفعنا بما لم تنع وزدنا علما يا رب العالمين. اللهم احفظ علينا امننا وايماننا وسلامتنا واسلامنا. ووفقنا لما تحب ارضى وخذ بنواصينا الى البر والتقوى. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا واهد ضالنا. واصلح قلوبنا يسر امورنا واقض حوائجنا ونفس كرباتنا يا اكرم الاكرمين. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد افظل صلاة واتمها وسلم عليه يا ربي ازكى سلام واعطر تحية وارزقنا يا رب بالصلاة والسلام عليه حبا صادقا واتباع قال لسنته واستمساكا لهديه. اللهم فاحيينا على سنته وامتنا على سنته. واحشرنا في زمرته وارزقنا شفاعته نحن وازواجنا ووالدينا وذرياتنا والمسلمين اجمعين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلي يا ربي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى والرسول المجتبى نبي الهدى وسيدي الورى محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين