بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك حمدا يملأ الارظ والسماء وما وما شئت ربنا من شيء بعد. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان سيدنا ونبينا قرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله. امام الهدى وسيد الورى. حبيب القلوب وانسها وبهجة الارواح بعدها صلوات ربي وسلامه عليه. لم تعرف الدنيا كحب محمد حبا تجاوز في تساميه المدى لم يذق في العمر لذة حبه انى له يلقى لحب موردا يا رب اسعدنا برؤية وجهه فالشوق زاد مع الحياة توقدا. صلى عليك الهنا ما اشرقت شمس وما لبى المصلون النداء ليلة الجمعة المباركة امة محمد صلى الله عليه وسلم. وفيها يقول حبيبكم صلوات الله وسلامه عليه اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. ولحسبنا ان هذا المجلس وبارك في رحاب بيت الله الحرام. يبعثنا على الاستكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونحن تدارسوا هذا السفر المبارك كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمة الله عليه وما زال تدارسنا لهذا الكتاب حتى اتينا على فصول الباب الاول من ثالث اقسام الكتاب. وفيه المصنف رحمه الله تعالى كما مضى جملة مما تتعلق بقواعد عقيدة تتعلق بشأن الانبياء عليهم وهو عصمتهم مما يقدح في ايمانهم بالله او معرفتهم تمام المعرفة بعظيم اسمائه وصفات وما يجب له جل جلاله. تقدم كلام المصنف رحمه الله في الفصل الماضي حتى تم الكلام. بذكر مواضع يورث ظاهرها اشكالا واجاب عنها تباعا. فكان من نفيس ما حرر رحمه الله تعالى في هذا الكتاب. فلما تم له وذلك الفصل بكامل ما اورد فيه من النصوص والاثار والتقعيد والاجابات. وهو ما يتعلق بشأن عقيدة الانبياء السلام وما يتعلق بهم بعد البعثة والنبوة. وانه يستحيل في حقهم عليهم الصلاة والسلام شيء مما يقدح بالايمان مال او خلل العقائد او الشك في الله او الجهل به سبحانه وتعالى. وانهم اعلم البشر بربهم فلا يتصور ان يكون شيء ومن القوادح واردة عليهم عليهم عليهم السلام. ولما تم له ذلك الفصل يشرع الان في فصل نتدارسه الليلة في عن هذه المسألة وهي عصمة الانبياء مما يقدح في ايمانهم. او معرفتهم بربهم او ما يورث الظن او الوهم بشيء يتعلق بجهل او قدح بتمام ايمانهم في حكم هذه المسألة قبل النبوة للانبياء. ان ان استقر عندنا انه بعد النبوة يستحيل في حقهم شيء من تلك القوادح. وتقررت تلك القاعدة واستدل لها رحمه الله واجاب عما قد يشكل عليها من ظواهر النصوص واتى بالجواب عنها. فهل يمكن ان نقول ان ذلك بعد النبوة انهم اصبحوا انبياء ام لا قبل النبوة فهم بشر كسائر البشر. يرد عليهم ما يرد على غيرهم. وانه هل يجوز ان يقال في الانبياء عليهم السلام قبل النبوة ان احدهم كان على شيء من قوادح الايمان بالله او في شيء مما يعذب ناقض التوحيد او هل تلوث شيء من عقائد الانبياء عليهم السلام بشيء من لوثات الشرك والجاهلية والكفر بالله عز وجل هذا الفصل هو لبيان هذه المسألة في حكم عصمة الانبياء في شأن عقيدتهم في الله سبحانه قبل ان يكونوا انبياء قبل نبوتهم واصطفائهم قبل اختيارهم للرسالة عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. وكما كان الاصل السابق حافلا بدقائق المسائل والايات والاجابات ونقد كلام العلماء فكذلك هو الشأن في فصل هذه الليلة ان شاء الله تعالى. الحمد لله الذي جعل السيرة النبوية شفاء للقلوب والارواح وسببا للسعادة والفلاح. والصلاة والسلام على نبينا محمد ذي الشمائل الباطنة والظاهرة والفضائل الباهرة الزاهرة. وعلى اله واصحابه الاخيار والتابعين لهم باحسان الى يوم القرار. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين اما بعد فهذا هو مجلسنا الثامن والستون بعد المئة في سنته الخامسة من المجالس العامة في هذه البقعة الشريفة الطاهرة. وباسانيدكم المتصلة كنسيم الرياض الى كتاب الشفا للقاضي عياض رحمه الله تعالى قال فصل في عصمة الانبياء قبل النبوة من الجهل الله تعالى وصفاته. واما عصمتهم من هذا الفن قبل النبوة فلناس فيه خلاف من هذا الفن يقصد رحمه الله ما اشار اليه في الفصل السابق. يعني عصمتهم مما يتعلق بنواقض التوحيد او الجهل بالله او الشك في شيء من معاني الايمان باسمائه وصفاته او الريب في ذلك كله ما يتعلق بهذا الفصل قال اما عصمتهم من هذا الفن. يعني عصمتهم من ذلك النوع من العقائد الباطلة. والمنحرفة من جهل وشك وريب يتعلق في عقيدتهم ومعرفتهم وايمانهم بربهم. قال فلناس فيه خلاف خلاف اهل العلم تجاه هذه المسألة. هل الانبياء قبل النبوة معصومون؟ ام العصمة متعلقة بالنبوة اذا ثبتت النبوة ثبتت معها العصمة. من اهل العلم من قال ان العصمة متعلقة بالنبوة. فهم قبل النبوة ابوتي ليسوا بمعصومين. ولا يقدح ابدا هذا في نبوتهم. فلا يستدل بشيء من النصوص او الاثام التي قد تحمل في روايتها ان بعض الانبياء عليهم السلام كان ينسب الى شيء من ذلك قبل ان نبيا. هذا الفريق من اهل العلم يقول ان ثبت شيء من ذلك فليس قادحا في نبوتهم. لان العصمة انما هي بعد النبوة وليست قبلها فما كان قبل النبوة فلا يمكن ان يكون قادحا في نبوة الانبياء ولا عيبا يمكن ان يقدح في نبوتهم عليهم السلام. والفريق الاخر من اهل العلم واليه ذهب القاضي عياض. وسيقرره في هذا الفصل ان العصمة في هذا باب اعني الشك في الله او الجهل به او الشرك به سبحانه وتعالى. فالانبياء منه معصومون قبل النبوة وبعدها اما قبل النبوة فلانها ارهاصات. ومن اختاره الله ليكون نبيا يعصمه جل جلاله. ان يقع في شيء من لوثات الشرك او الجاهلية او عبادة غيره سبحانه وتعالى. قد لا يكون ذلك على مقام الكمال لكنه يعصمهم من تلك السوءات وان هذا ما دلت عليه النصوص والاثار وما يمكن ان يستدل ايضا به عقلا كما سيقرره المصنف هنا رحمه الله تعالى قال رحمه الله تعالى والصواب واما عصمتهم واما عصمتهم من هذا الفن قبل النبوة للناس فيه خلاف. والصواب انهم معصومون عليهم السلام قبل النبوة من الجهل بالله وصفاته والشك في شيء من ذلك. وقد تعاضدت الاخبار والاثار عن الانبياء بتنزيههم عن هذه النقيصة منذ ولدوا ونشأتهم على التوحيد والايمان بل على اشراق بل على اشراق انوار المعارف ونفحات الفاط الطاف السعادة. كما نبهنا عليه في الباب الثاني من القسم الاول من كتابنا هذا ولم ينقل احد من اهل الاخبار ان احدا نبأ واصطفئ مما عرف بكفر واشراك قبل ذلك ومستند هذا الباب النقل وقد استدل وقد استدل بعضهم بان القلوب تنفر عن من كانت هذه سبيله وانا اقول ان قريشا قد رمت نبينا عليه السلام بكل ما افترته وعير كفار الامم انبيائها بكل ما امكنها واختلقته مما نص الله تعالى عليه او نقلته الينا الرواة ولم نجد في شيء من ذلك تعييرا لواحد منهم برفضه الهته وتقريعه بذمه بترك ما كان قد جامعهم عليه ولو كان هذا لكانوا بذلك متبادرين وبتلونه في معبودهم محتجين ولكان ابيخهم له بنهيهم عما كان يعبد قبل افظع واقطع في الحجة آآ ولكان توبيخهم بنهيهم عما كان يعبد قبل قبل افظع واقطع في الحجة من توبيخه بنهيهم عن تركهم الهتهم. وما اكان يعبد اباؤهم من قبل؟ قال رحمه الله تعالى وقد تعارضت الاخبار والاثار عن الانبياء بتنزيههم عن هذه النقيصة منذ ولدوا. يشير الى ان ما ورد من النصوص في ذلك اخبارا واثارا تدل على ان الانبياء عليهم السلام منزهون عن تلك النقائص المتعلقة بالقدح في الايمان بالله. شكا او جهلا او ريبا او اشراكا. نزههم ربنا عز وجل عن ذلك قال رحمه الله بل ان الله هيأ لهم قبل النبوة ما يصلح ان يكونوا عليه بعدها فكان في احوالهم قبل النبوة من اشراق انوار الايمان في قلوبهم والنأي بهم عن مشاركة اقوامهم وما حباهم الله من اللطف الذي احاطهم به ليكونوا حملة لرسالته سبحانه وتعالى ما سبق اليه بيان المصنف في الباب الثاني من اول اقسام الكتاب وفيه ذكر في تكميل الله عز وجل المحاسن للنبي عليه الصلاة والسلام خلقا وخلقا. قال وان ان بعض اهل العلم استدل على ان القلوب تنفر عمن كانت تلك سبيله. يعني ماذا لو افترضنا ان نبيا من الانبياء عليهم السلام كان قبل قبل نبوته كواحد من قومه يعاقر الخبائث والفواحش ويعبد الاصنام ثم بيأتي بين عشية ضحاها يوحى اليه ويصبح نبيا فيأتي يعظ قومه وينهاهم ويأمرهم ويأمرهم بعبادة الله. يقول لو كان كذلك فان العقل ينفر من مثل ذلك والقلب لا يقبل على النصح وعظة ودلالة من كان يوما ما مثلهم متلطخا تلك الاوحال يقول هذا دليل عقلي ان هذا يستحيل معه ان يكون شأن الانبياء عليهم السلام قبل النبوة على شيء من تلك النقائص ان الرجل ليقدح في سيرته لو كان يوما من حياته منسوبا الى شيء من الفواحش والاثام الفظائع وسيء الاخلاق. فكيف اذا كان ينسب الى ما هو اعظم من تلك الفواحش والاثام؟ الى الشرك بالله. الى باسمائه وصفاته هذه اقبح وافظع واشنع. يقول رحمه الله وانا اقول ان قريشا قد رمت نبينا صلى الله الله عليه وسلم بكل ما افترته. ماذا قالوا؟ قالوا ساحر وقالوا كذاب وقالوا شاعر وقالوا مجنون. وقال قائلهم في ثقيف اما وجد الله غيرك ليبعثه الينا؟ يقول الاخر انا افعل كذا ان زعمت ان الله قد بعثك. في جمل من ساقط القول رموه بكل النقائص. الان هل تجدون في القرآن اية؟ او في روايات السيرة رواية صحيحة او ضعيفة فيها ان قريشا عيرته بكفره كمثلهم قبل النبوة او بعبادته للاصنام مثلهم او مشاركته لهم لا يوجد فدل على انه لم يقع منه صلى الله عليه وسلم في علاقته بربه وتوحيده له وامساكه عن ما كان عليه قومه من الشرك والجاهلية والضلالة لو كان شيء من ذلك موجودا لما وفرته قريش في تعييرها وافتراض وكذبها وكذلك الشأن في الانبياء السابقين عليهم السلام. يقول وعير كفار الامم انبيائها بكل ما امكنها مما نص الله تعالى عليه او نقلته الينا الرواء ولم نجد في شيء من ذلك تعييرا لواحد منهم برفضه لو كان كان يعبدها قبل النبوة. وتقريعه بذمه بترك ما كان قد جامعهم عليه. لو كان كذلك لوجدتها مسبة قريش على نبينا عليه الصلاة والسلام. ولو وجدتها حجة يستعملونها ما تركوا سبيلا حتى الافتراء والكذب. لكنهم ما هذه التهمة او الفريا. فدل ذلك على تنزه الانبياء عليهم السلام عن مثل ذلك الامر العظيم. وهذا من عصمة الله عز وجل للانبياء عليهم السلام ايضا قبل ان يكونوا انبياء. يقول ولو كان هذا يعني لو وقع هذا من الانبياء من مشاركة اقوامهم بالشرك وعبادة الاصنام او الجهل بالله ونحو ذلك لكانوا بذلك مبادرين وبتلونه في معبوده محتجين ولكان توبيخهم له بنهيهم عما كان يعبد يعني عما كان يعبد وهو معهم كان افظع واقطع في الحجة من توبيخه بنهيهم عن تركهم الهتهم وما كان يعبد اباؤهم من قبل انك امدا لن تجد في القرآن اية. انهم يقولون له ما لك تنهانا عن عبادة الهتك؟ لانه ما كان يعبدها. ما قال وتنهانا عما كان يعبد اباؤنا لقالوا اتنهانا عما كنت تعبد انت؟ لكنك لا تجد هذا في القرآن. ارأيت كيف ان الاقوام على تعاقب الامم لم نجد في امة واحدة اتهامها لنبيها عليه السلام بانه كان مشاركا لهم في كفرهم في جاهليتهم في شركهم. هذا جزء من دلالتك على تاريخ الانبياء السابقين فلك ان تقول لو كان هذا قد وقع من بياء عليهم السلام لوجدتها نوعا من المعاندة من قومه الكفرة وشأن المكذبين في تعيير الانبياء عليهم السلام لكن هذا لم يوجد فدل على انه لم يقع منهم عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. قال الله تعالى ففي اطباقهم على الاعراض عنه دليل على الاعراض عنه يعني عن هذا الاتهام عن نسبة الانبياء الى الشرك الى عبادة الاصنام الى مشاركتهم في جاهليتهم. ففي اطباقهم على الاعراض عنه دليل على انهم لم يجدوا سبيلا اليه. اذ لو كان لنقل ولما سكتوا عنه. كما لم يسكتوا عند تحويل القبلة وقالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها كما حكاه الله عنه. هذا مثال لما كان عليه الصلاة والسلام يصلي الى قبلة بيت المقدس ثم تحولت القبلة الى الكعبة كما قال الله قد نرى تقلب وجهك في السماء. فلنولينك قبلة ترضاها ماذا فعلت اليهود تشغيبا؟ وبماذا شاركهم المنافقون؟ قالوا ما ولاهم عن قبلتهم. قبلتهم التي كانوا عليها يعني النبي عليه الصلاة والسلام واصحابه. لماذا تركوا قبلتهم؟ ما قالوا قبلتنا. لانه كان يشاركهم فيها. وقبلتهم الى بيت المقدس فانظر كيف لو انهم كيف انهم لو وجدوا طريقا ينسبونه الى شيء كان يشاركهم لفعلوا كما قالوا في القبلة ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ما قالوا قبلتنا التي كانوا عليها فنسبوا القبلة لانه كان يصلي اليها فعلا. فلو وقع منه صلى الله عليه وسلم او من احد الانبياء السابقين عليهم السلام. مشاركة اقوامهم ولو جزءا من حياتهم ولو يوما من حياتهم لو كانت فيها مشاركة في عبادة الاصنام والاوثان تلطخ باوحال الجاهلية لوجدتها تشنيعا وتوبيقا واحتجاجا من اقوامهم كما يحكي القرآن في مجادلاتهم واطروحاتهم التي يواجهون بها الانبياء عليهم السلام. قال رحمه الله تعالى وقد استدل القاضي القشيري على تنزيههم عنها هذا بقوله تعالى واذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم واخذنا منهم ميثاقا غليظا. وقوله تعالى واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم. لتؤمنن به ولتنصرنه قال فطهره الله في الميثاق. وبعيد ان يأخذ منه الميثاق قبل خلقه ثم يأخذ ميثاق النبيين الايمان به ونصره قبل مولده بدهور. ويجوز عليه الشرك او غيره من الذنوب. هذا ما لا يجوزه الا ملحد. هذا معنى كلامه. هذا معنى كلامه اي القاضي القشيري وهو بكر بن العلاء وينقل عنه المصنف رحمه والله في بعض المواضع استدل على هذه المسألة بايتين في القرآن اللتين اخبرتا ان الله خذا الميثاق على الانبياء في الاية الاولى يقول الله تعالى في سورة الاحزاب واذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن موحي وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم واخذنا منهم ميثاقا غليظا. ما هذا الميثاق الذي اخذه الله على الانبياء هو ميثاق الايمان به سبحانه. وميثاق الوفاء بتبليغ الرسالة. وميثاق مناصرة بعضهم لبعض. وان يبعث احدهم مصدقا لمن سبق مجددا دعوته الى الى الامم ما دعت اليه الانبياء من قبل. هذا هو الميثاق الغليظ الايمان لله والدعوة الى توحيده وتبليغ رسالته وشرائعه وانقاذ الامم من الجاهلية من الظلام من الظلال الى الايمان الى النور الى الهداية. هذا هو الميثاق وفي الاية الاخرى يقول الله تعالى في سورة ال عمران. واذ اخذ الله ميثاق النبيين ما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه. متى كان هذا الميثاق هذا ليس عند بعثتهم هذا قبل. ولذلك يؤخذ الميثاق على الانبياء يقول فطهره الله في الميثاق. اذا ما هذا مأخوذا اذا كان هذا الميثاق مأخوذا على الانبياء قبل بعثتهم بل قبل خلقهم ووجودهم في الكون. دل هذا على سابقة وان الله اصطفاهم واجتباهم فطهرهم وزكاهم سبحانه وتعالى ويبعد او قال وبعيد ان يأخذ منه الميثاق قبل خلقه ثم يأخذ ميثاق النبيين بالايمان به ونصره قبل مولده بدهور عليه الشرك او غيره من الذنوب هذا ما لا يجوزه الا ملحد يعني من اراد ان يضرب القرآن بعضه ببعض او يناقضه لان القرآن صريح في بيان هذا المعنى فلا يستقر ايمان الا على معنى عصمة الانبياء عليهم السلام عن الشرك بالله او الكفر به او الجهل به جل في علاه. يقول رحمه الله وكيف يكون ذلك وقد اتاه جبريل عليه السلام وشق قلبه صغيرا واستخرج منه علقة. وقال هذا حظ الشيطان منك. ثم غسله وملأ له حكمة وايمانا كما تظاهرت به اخبار المبتدأ المبدأ. وقد تقدم الكلام على حادثة شق صلوات الله وسلامه عليه في موضع سابق من هذا الكتاب فيما حباه الله تعالى به من العناية واحاطه به من ولاية وهيأه لما يكون عليه امر النبوة قبل ان يبعث صلى الله عليه وسلم. وحادثة شق صدره جرت له لما كان طفلا صغيرا مسترضعا في ديار بني سعد. وحدثت له عليه الصلاة والسلام قبل حادثة الاسراء. واتاه جبريل عليه السلام شق صدره وغسله قبل قبل قصة الاسراء والمعراج. وبعض اهل العلم يقول ان حادثة شق الصدر تكررت الى اربع مرات حسب اختلاف الروايات اينما كانت مرتين او ثلاثا او اربعة فحادثة شق صدره الشريف صلى الله عليه وسلم تحمل الة واضحة بينة على ان قلبه الطاهر صلوات الله وسلامه عليهم قد غسل بماء الايمان والحكمة ونزع انه علقة الشيطان اي حظه من ذلك القلب الكريم. فما نشأ ذلك القلب المحمدي الا على ايمان. ولا نما ولا وكبر الا على صفاء ونقاء. من قدح فيه شيء من قوادح الكفر والجاهلية والضلالة. بل ما ملئ منذ صغره وصباه وطفولته صلوات الله وسلامه عليه الا ايمانا ونقاء وطهرا نزهه الله تعالى به. فلما اشرقت عليه شمس رسالة ونبئ وبعث عليه الصلاة والسلام تلألأ ذلك القلب بنور الوحي واشرقت فيه تلك المعاني وبعث عليه الصلاة والسلام كلام نبيا رسولا اطهر قلب وازكاه. واشرف صدر وانقاه صلوات الله وسلامه عليه. بعث فزاده الله على نقاء وطهرا على طهر وصفاء على صفاء. فما كان صدره عليه الصلاة والسلام وقلبه الكريم عليه الصلاة والسلام الا مستودعا لطهارة في ايمان بالله وتنزه عما اجمع عليه ذلك الشعب وذلك القوم في تلك الفترة ومن الكفر من الجاهلية من الضلال من التعلق بغير الله. فاحادثة شق الصدر دليل على ما ذهب اليه طائفة من العلماء المصنف رحمه الله على عصمة النبي عليه الصلاة والسلام من الشرك والجهالة والكفر بالله قبل نبوته عليه الصلاة السلام يقول رحمه الله ولا يشبه عليك بقول ابراهيم في الكوكب والقمر والشمس هذا ربي. من هنا سيسرد المصنف رحمه الله بعض مواضع الاشكالات. التي تحمل في اياتها او في اثارها شيئا احيي ظاهره بان نبينا عليه الصلاة والسلام او احد من سبقه من الانبياء الكرام عليهم السلام قد اتى شيئا من امور الجاهلية او وقع في شرك وكفر بالله ابتدأ باشهر تلك المواضع المشكلة وهي قصة ابراهيم عليه السلام في سورة الانعام لما رأى الكواكب فلما جن علي الليل رأى كوكبا قال هذا ربي. فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر. هذه المواضع من الايات ربما اورثت اشكال هذا الاشكال قد يزداد بما ينقل عن بعض اهل العلم ان ابراهيم عليه السلام قال ذلك في فترة من حياته قبل النبوة وانه كان يعتقد شيئا من ذلك وان هذا التأمل في تلك الكواكب ورآها في افولها وذهاب بنورها وضوئها لا يستقيم معها ان تكون الهة ان ذلك كان تأملا قاده الى توحيد ثم بعث بعدها نبيا هذا موضع اشكال ولنصنف يقرر كما تقدم معك الان ان الانبياء معصومون حتى قبل نبوتهم. اذا كيف نفهم قول ابراهيم عليه السلام في الكوكب في القمر في الشمس هذا ربي. كيف قالها وكيف كان يواجه قومه بما كانوا يعبدون من الاصنام والاوثان او حتى من الكواكب السيارة. نعم. ولا يشبه عليك قال ولا يشبه عليك بقول ابراهيم لا يشبه يعني لا يكون هذا موضع شبهة عندك. او لا يثير احدهم هذا الكلام شبهة عندك فلا يشبه عليك به بقول ابراهيم في الكوكب والقمر والشمس هذا ربي. فانه قد قيل كان هذا في سن الطفولية وابتداء النظر والاستدلال وقبل لزوم التكليف. هذا احد الاجابات ان ابراهيم عليه السلام فيما نقله القرآن عنه قال في طفولته وصباه قبل بلوغ سن التكليف. وما كان كذلك فليس محل تكليف ولا عتب ولا على صاحبه فيه مذمة ولا نقص. ان كانت افعال الطفولة خارجة عن دائرة التكليف. قال وذهب معظم الحذاق من العلماء المفسرين الى انه انما قال ذلك مبككا. لقومه لقومه مبككا لقومه مستدلا عليهم مبكتا لقومه يعني موبخا لهم مقرعا لهم. ان ابراهيم عليه السلام لما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي قالوا انما قالها لقومه استدراجا. يقول تعالوا انا معكم هذا ربي. فلما غاب قال كيف يغيب الاله؟ لما قرأ القمر والقمر اشد ضوءا من النجوم والكواكب الاخر. قال لهم انا اوافقكم الان هذا ربي. فلما افل قال لان لم يهدني ربي يعني كيف يكون هذا الها؟ لما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر. فلما افلت قال يا قوم اني بريء مما تشركون. اذا عليه السلام هذا ربي في الكوكب والقمر والشمس ما قالها من باب الاحتجاج والايمان والاستدلال لكن قالها مقارعة لقومه توبيخا لهم تبيتا لهم قالها محتجا عليهم وذلك من طرق المناظرة والجدل ان تنزل المناظر مع خصمه فيما يقوله او يعتقده او يستدل به ليثبت له بطلان هذا القول او ذلك الدليل هذا معنى قوله ذهب معظم الحذاق من العلماء المفسرين الى انه انما قال ذلك مبككا لقومه قومه ومستدلا عليهم يعني وليس متأملا ولا مستدلا لنفسه عليه السلام. قال رحمه الله وقيل معناه والاستفهام الوارد مورد الانكار والمراد فهذا ربي. المراد لما جن عليه الليل اكوكبا؟ قال هذا ربي ليس على الاخبار بعد الاستفهام. فانه يقول لقومه اهذا ربي؟ فلما افل قال الا احب الافلين القمر اعاد السؤال اهذا ربي؟ قالوا فهذه جملة خبرية وردت مورد الاستفهام. والاستفهام انكاري لقومه في مقام المناظرة والاحتجاج. لان الله قال بعده وتلك حجتنا اتيناها ابراهيم على قومه نعم قال رحمه الله قال الزجاج قوله هذا ربي اي على قولكم كما قال اين شركائي اي عندكم هذا جواب ثالث. قال الزجاج قوله هذا ربي يعني على قولكم انتم وليس على قولي انا. لما رأى القمر الرمة رأى الكوكب لما رأى الشمس قال هذا ربي يعني على اعتقادكم وعلى قولكم كما في قوله سبحانه وتعالى وفي في في لربنا جل جلاله للكثرة والمشركين يوم القيامة وبمناديهم اين شركائي؟ لما يقول الله اين شركائي؟ هل يثبت الله عز وجل لنفسه شركاء كيف يقول الله للكفرة يوم القيامة اين شركائي؟ ليس لله شريك فكيف يقول الله اين شركائي؟ اي عندكم اي بزعمكم وليس هذا دليلا ابدا على ان الله عز وجل اثبت شركاء معه تعالى الله. لكن اين شركائي يعني في زعمكم؟ في عبادتكم في عقائدكم الفاسدة كما كنتم تعبدون فهكذا قول ابراهيم عليه السلام قال هذا ربي يعني بزعمكم في عقيدتكم في ظنكم كما ما تقولون؟ يقول رحمه الله ويدل على انه لم يعبد شيئا من ذلك ولا اشرك قط بالله طرفة عين قول الله تعالى عنه اذ قال لابيه وقومه ما تعبدون. ثم قال افرأيتم ما كنتم انتم واباؤكم الاقدمون. فانهم عدو لي الا رب العالمين. لو كان عليه السلام فعلا كان يعبد تلك الكواكب والاقمار والشمس كيف يقول الله عنه اذ قال لابيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد اصناما فنظل لها عاكفين. لو كان يشاركهم ايقول لهم ماذا تعبدون؟ ما تعبدون ثم يقول في الاية الاخرى افرأيتم ما كنتم تعبدون؟ انتم واباؤكم الاقدمون فانهم عدو لي. اذا ما واقع عليه السلام في حياته يوما الشرك قط ولا عبد غير الله. هذا يؤكد لك ان قوله في تلك الايات هذا ربي ليس اعتقادا منه لكنها اما مناظرة واحتجاجا وتبكيتا لقومه واما تنزلا مع الخصم واما استفهام جاء في صيغة خبر هذا ربي يعني اهذا ربي كما تزعمون؟ وبذلك يستقيم فهم الاية ويزول الاشكال. يبقى السؤال. هذا نوع من التكلف في الجواب لاثبات مسألة نعتقدها اهل الاسلام. وهي عصمة الانبياء عن الشرك والكفر. والجهل بالله قبل النبوة؟ الجواب لا هذا جمع بين النصوص والاية في ظاهرها الاحتمال. يعني لو قال قائل ولو كان غير مسلم. لو قال لك انا اجد اية عند لكم في القرآن ان ابراهيم عليه السلام كان مشركا. ثم اورد لك ايات سورة الانعام. فلما رأى القمر بازغا قال ربي قال هذا هو الان ابراهيم عليه السلام يثبت ربوبية القمر والكوكب والشمس في الايات الثلاث فماذا سيكون الجواب الجواب يا كرام هو ان تقول احد الاجابات الواردة مستدلا بما اجتمعت عليه النصوص الاخرى. ولهذا يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره والحق ان ابراهيم عليه السلام كان في هذا المقام مناظرا لقومه لهم بطلان ما كانوا عليه من عبادة الهياكل والاصنام. ويقول علامة الشيخ الشنقيطي رحمه الله في تفسيره اية يقول وقوله عليه السلام هذا ربي محتمل لانه كان يظن ذلك. انه كان يعتقد ذلك كما روي عن ابن عباس وغيره ومحتمل لانه جازم بعدم ربوبية غير الله لكن هذا ربي في زعمكم الباطل. او انه حذف اداة الاستفهام. استفهام الانكار. والقرآن يبين بطلان الاول وصحة الثاني. يقول القرآن بجمع الايات الواردة في شأن ابراهيم عليه السلام تبين بطلان الاول وصحة الثاني الاحتمالين الاحتمال الاول انه كان يعتقد ربوبية الكواكب. على ظاهر الاية هذا محتمل الاية محتملة ومحتملة لانه لا يعتقد ذلك ابدا وهو جازم ببطلان ربوبية غير الله فالاية تحتمل هذا وذا. يقول الشنقيطي رحمه الله والقرآن يبين بطلان الاول وصحة الثاني اقرأ ايات القرآن الاخر سيبين لك بطلان الاحتمال الاول وهو اعتقاده او ظنه ربوبية الكواكب. ويؤكد صحة الثاني وهو جزمه ببطلان تلك الربوبية للاصنام للكواكب للشمس للقمر. يقول رحمه الله في تتمة كلامه. اما بطلان الاول والكلام هنا دقيق في كلام الامام الشنقيطي رحمه الله. يقول اما بطلان الاول فالله نفى كون الشرك الماضي عن ابراهيم عليه السلام. فالله نفى كون الشرك الماظي عن ابراهيم عليه السلام في قوله وما كان من المشركين في عدة ايات ان ابراهيم كان امة قانية لله حنيفا ولم يك من المشركين. وهكذا في غير اية في سورة ال عمران وفي النحل وغيرها. وما كان هذا نفي الكون الماضي. يعني ما كان في الماضي من المشركين يقول الشنقيطي رحمه الله ونفي الكون الماضي يستغرق جميع الزمن الماضي. فثبت انه لم يتقدم تم عليه شرك قط. وما كان من المشركين يعني لم يكن في ماضي حياته مشركا. هذا النفي يستغرق جميع الزمن الماضي في حياة ابراهيم عليه السلام فدل اذا انه في كل عمره ما سبق في حياته شرك لله عز وجل. يقول رحمه الله واما كونه جازما موقنا بعدم ربوبية غير الله فقد دل عليه ترتيب قوله تعالى فلما جن عليه الليل رأى كوكبا. متى جاء قوله فلما جن عليه الليل وقع بعد قوله وكذلك نوري ابراهيم ملكوت السماوات والارض يقول رحمه الله رتب بالفاء على قوله وكذلك نري ابراهيم ملكوت السماوات والارض الله اراد ان يريه الملكوت. اراد الله ان يريه ربوبيته. هل تتوقع فهما هكذا ان الله يريد ان يطلع نبيه الخليل على ربوبيته واياته العظمى في الكون فيقول ابراهيم في القمر في الشمس في الكوكب هذا ربي يقولها اعتقادا لا المقام مقام عرض ايات يثبت بها ربوبية الخالق جل وعلا. فهذا الترتيب ايضا يدلك على ان السياق في الايات يدل على هذا المعنى. قال رحمه الله فدل ذلك على انه قال موقنا ومناظرا ومحاجا لهم كما دل عليه قوله تعالى وحاجه قومه قال اتحاجوني في الله وقد هداني وقوله تعالى وتلك اتيناها ابراهيم على قومه والعلم عند الله تعالى. انتهى كلامه رحمه الله. واراد ان سياق الايات في سورة الانعام ايضا لا تساعد على فهم ان ابراهيم عليه السلام قال ذلك موقنا بل قالها مناظرا محتجا على قومه فانتفى الاشكال وبحمد الله ولا يفهمن احد ان ابراهيم عليه السلام وقع يوما في حياته او ساعة في عمره عليه السلام في شيء من ذلك من اعتقاد ربوبية الشمس او القمر او الكوكب. قال رحمه الله وقال انه اذ جاء ربه بقلب سليم اي من الشرك. وقوله واجنبني وبني ان نعبد الاصنام. نعم ايات تدل ايضا على تنزيه ابراهيم عليه السلام وهو خليل الرحمن عن الشرك والجاهلية والكفر بالله اذ جاء ربه بقلب سليم فاثبت الله له ومدحه واثنى عليه بسلامة قلبه وسلامة القلب انما هي من اعظم ادوائها وامراضها قومها وبلائها نسأل الله العافية في الشرك بالله جل جلاله. والكفر به سبحانه او تعلق القلب بغيره اعتقاد نفع او ظر او تدبير للكون كل ذلك قد حمى الله نبيه ابراهيم واثنى عليه بقوله اذ جاء ربه بقلب سليم. وقوله في الاية الاخرى واجنبني وبني ان نعبد الاصنام. دعوة نبي والله قد استجاب فحماه وجنبه هو وبنيه عبادة الاصنام قال رحمه الله تعالى فان قلت فما معنى قوله؟ لان لم يهدني ربي لاكونن من القوم الضالين هذا ايضا في تتمة ايات سورة الانعام. لم فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي. فلما افل قال لان لم يهدني قيل اكونن من القوم الظالين. هل هذا دعاء من ابراهيم عليه السلام؟ ان يكون في ركاب وعداد الظلال من لانه قال لان لم يهدني ربي لاكونن هل هو يقول ذلك اقبالا منه على هذا الشأن عليه السلام؟ قيل قيل انه الا انه يعني اي المعنى ان المعنى. انه ان لم يؤيدني الله بمعونته اكن مثلكم في في ضلالتكم وعبادتكم على معنى الاشفاق والحذر والا فهو معصوم في الازل من الضلال. نعم هذا شأن انبياء صدق الاعتصام بالله. ومن الاعتصام بالله ان يقول المؤمن المعتصم الموقن بربه عز وجل. يا رب لولا لظللت لولا نعمتك لزغت عندما تنسب ثباتك على الحق وهدايتك للايمان الى فضل الله وانك لولا فضل الله عليك ومنته بك واحسانه اليك لكنت في ركاب الجهلة والظلال والزائغين عن الحق فقوله السلام لان لم يهدني ربي لاكونن من القوم الظالين. يعني ان لم يؤيدني الله بعونه اكن مثلكم في الظلال. وعبادة الاصنام قالها على معنى الاشفاق والحذر والا فالعصمة ثابتة في حقه عليه السلام لم يقع في شيء من ذلك الضلال. قال رحمه الله فان قلت فما معنى قوله؟ وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من ارضنا او لتعودون كنا في ملتنا الاية ثم قال بعد ذلك عن الرسل قد افترينا على الله كذبا ان عدنا في بعد اذ نجانا الله منها هذا موضع اشكال اخر. لفظة العود في هاتين الايتين. وقال الذين كفروا اول رسلهم لنخرجنكم من ارضنا او لتعودن في ملتنا. اسمع لتعودن. انت متى تقول للشخص ستعود مرة ثانية اذا كان قد جاء مرة اولى اذا قول الكفرة لرسلهم لتعودن في ملتنا يعني كنتم من قبل معنا فكونكم اذهبتم الى الايمان فهم يهددونهم ستعودون. هذا العود قد يفهم منه حصول سابق لان العودة عادة يكون للمرة الثانية. وهكذا قوله في شأن شعيب عليه السلام قد افترينا الله كذبا ان عدنا في ملتكم بعد اذ نجانا الله منها. كأن المعنى كنا في ملتكم. فنجانا الله فلو مبنى مواطئتكم الان سنفتري على الله كذبا بالعودة الى ملتكم بعد اذ نجانا الله. اذا هل كان شعيب على الكفر عليه السلام؟ هل كان على ملة قومه بدلالة قوله قد افترينا على الله كذبا ان عدنا في ملتكم. اذا كان على ملتهم قبل هكذا يشكل ظاهر الاية. موضع الاشكال هنا في الايتين هو لفظة العود. وفيها سيكون جواب المصنف. فلا يشكل عليك لفظا العود وانها تقتضي انهم انما يعودون الى ما كانوا فيه من ملتهم. فقد تأتي هذه اللفظة في كلام العرب لغير ما ليس له ابتداء بمعنى السيرورة. هنا يزول الاشكال. ليس دائما تقول العرب عاد الشيء بمعنى تكرر ثانية بل تقول العرب عادة بمعنى صار ولم يكن شيء من ذلك سابقا صار بمعنى التحول وليس بمعنى اكرار المجيء او تكرر الوقوع. فاذا ثبت هذا لغة انت فالاشكال. قد افترينا على الله كذبا ان عدنا في ملتكم يعني ان صرنا في ملتكم او لتعودن في ملتنا لتصيرن في ملتنا فاذا اذا كان العود بمعنى الصيرورة انتفى الاشكال لانه لا يلزم منه حصول سابق فيما مضى. كما جاء في حديث في حديث جهنميين عادوا وحمماء ولم يكونوا قبل كذلك. حديث الجهنميين الذي اخرجه الشيخان البخاري ومسلم المراد به اخر من يخرج من جهنم من اهل الايمان فيصيرون الى الجنة. وانهم يدخلون نهرا يغتسلون فيه. قال ثم يعودون حمما يعني صاروا سوادا كالفحم. قال يعودون ليس معناها انهم كانوا كذلك فعادوا. لكن عادوا او فيعودون حمما يعني يصيرون فهذا دليل على ان العودة في اللغة كما جاء في الحديث يأتي بمعنى الصيرورة وليس بمعنى التكرر في الوقوع ثانية بعد مرة سابقة ومثله قول الشاعر تلك المكارم لا قعبان من لبن لا قعبان لا قعبان من لبن شيبا بماء شيبة بماء فعاد بعد ابوالا. يقول الشاعر وبعض الشراح ينسبه لامية ابن ابي السلط يقول تلك المكارم على في مقام الفخر في الجاهلية. تلك المكارم لا قعبان من لبن. القعبان مثنى قعب وهو الاناء الكبير قدح غليظ ضخم يقول هذه المكارم وليس الان الكبيران من اللبن شيبة بماء يعني مزج وخلط بماء ليكثر فتملأ منه الاقداح الكبار فعاد بعد ابوالا. يقول الشاهد في هنا في قوله فعاد بعد ابوال اللبن اذا وخلط بماء كثير فيصير مآله الى البول وليس المقصود في قوله فعادى بعد ابوال من العود وهو التكرر مرة ثانية وما كان قبل ذلك كذلك. يعني ما كان اي قعباء اللبن ما كان قبل ذلك بولا حتى تفهم من قوله فعاد بعده ابوال انما معناه فصار بعد ذلك ابوالا تدرها الاجساد فتخرج منها. قال رحمه الله تعالى فان قلت فما معنى قوله؟ ووجدك ما معنى قوله؟ فما معنى قوله ووجدك ضالا فهدى هذا موضع ثالث انتقل اليه المصنف رحمه الله في سورة الضحى في مساق الامتنان لرسولنا عليه الصلاة والسلام الم يجدك يتيما فاوى؟ بلى كان يتيما عليه الصلاة والسلام اي يتم الاب اولا ثم يتم الام الم يجدك يتيما فاوى؟ ووجدك ضالا فهدى؟ بلى كان ضالا فهداه الله. فالسؤال الان هنا ما معنى الضلال؟ وجدك ضالا هل هذه الاية اثبات على انه كان قبل النبوة عليه الصلاة والسلام في ظلال الشرك والجاهلية في ظلال عبادة الاصنام في ظلال الكفر والوثنية في ظلال الجاهلية التي كانت تعيش هنا جواب المصنف رحمه الله عن معنى الاية فان قلت فان قلت فما معنى قوله ووجدك ضالا فهدى ليس هو من الضلال الذي هو الكفر. قيل ضالا عن النبوة فهداك اليها. قاله الطبري. وقيل بين اهل الضلال فعصمك من ذلك وهداك للايمان والى ارشادهم. ونحوي عن السد وغير واحد وقيل ضالا عن شريعتك التي لا تعرفها فهداك اليها. والضلال ها هنا التحير. ولهذا كان عليه السلام يخلو بغار حراء في طلب ما يتوجه به الى ما يتوجه به الى ربه ويتشرع به حتى هداه الى الاسلام قال معناه القشيري وقيل لا تعرف الحق فهداك اليه وهذا مثل قوله تعالى وعلمك ما لم تك تعلم تكن تعلم. قال قاله علي بن عيسى. قال ابن عباس لم تكن له ضلالة معصية. طيب هذه جملة اجابات. نقلها المصنف رحمه الله عن عدد من اهل العلم. وانت عبد الله تقرأ وتسمع كثيرا في سورة الضحى الم يجدك يتيما فاوى صلى الله عليه وسلم؟ ووجدك ضالا فهدى. ظاهر الاية اثبات ضلال انا عليه النبي صلى الله عليه وسلم فامتن الله تعالى عليه بهدايته تماما كاليتم الذي كان عليه صلى الله عليه وسلم فامتن الله عليه بالايواء. الم يجدك يتيما؟ فاوى. ووجدك ضالا فهدى. ووجدك عائلا فاغنى ثلاث منن امتن الله تعالى بها في سياق ايات سورة الضحى. اعلم رعاك الله انه لم يكن لنبينا صلى الله عليه سلم قبل نبوته قبل بعثته لم يكن له عليه الصلاة والسلام ضلالة معصية وقد عصمه ربه جل وعلا لم يقترف سجودا لصنم ولم يعبد الهة ولم يطف بوثن ولم يتقرب لغير الله بل انه عليه الصلاة السلام كان ينأى عما كانت تعيشه قبيلته وعشيرته هناك الى قمة غار حراء يبتعد حيث الفراغ حيث الاختلاء ربي يتوجه يناجي يدعو يسأل الله ما تلوث بشيء من ذلك حبب اليه عليه الصلاة والسلام التحنث في غار حراء يعني التعبد فكان يخرج الليالي ذوات العدد يبيت هناك مختليا بربه في صفاء ذلك الكون في بعد عن صخب المدينة في ارتفاع على قمة الغار يناجي اله السماء قد عصمه الله قبل ان يبعث قبل ان يكون نبيا حتى اتاه الحق ونزل عليه جبريل عليه السلام بالوحي. اذا ما معنى قوله ووجدك ضالا فهدى؟ هنا اجابات عدة. قيل وجدك بين اهل الضلال وجدك ضالا يعني تعيش بين اهل الضلال فعصمك من ذلك وهذه هداية حقيقية ان يعيش عليه الصلاة والسلام بين امة كافرة مشركة وثنية ثم يعصمه الله عز وجل عن مشاركتهم هل هذه الا هداية من الله؟ فامتن الله يا علي ووجدك ضالا يعني مظنة ضلال بعيشك وكونك بين قوم وعشيرة تعيش في عمق الضلال فهدى يعني عصمك وهداك الى الايمان. وقال الطبري فيما رجح ليس ظلال الكفر بل ظلال عن النبوة. وجدك ضالا يعني لم تهتدي بعد الى النبوة فهداك اليها. ونقل ايضا ضالا عن شريعتك التي لا تعرفها فهداك اليها وهي قريبة من المعنى الذي رجح الطبري وقيل هنا الضلال بمعنى الحيرة ودل عليه حديث غار حراء وكيف كان يذهب عليه الصلاة والسلام حتى اتاه الوحي وقيل وجدك ضالا يعني لا تعرف الحق فهداك اليه. في مثل قوله وعلمك ما لم تكن تعلم فامتن الله عليه بان اتاه ما لم يكن في حسبانه عليه الصلاة والسلام ولم يكن يعلم طريقه فانها نبوة ووحي وشريعة واصطفاء وكل ذلك كان صلى الله عليه وسلم ضالا عنه يعني لا يعرف طريقه يقال ضلت طريقا فضال الطريق يسمى ضالا. ليس من ضلال الهداية بل من ضلالة الطريق. فلم يكن يعرف عليه الصلاة والسلام طريق النبوة ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان. وعلمك ما لم تكن تعلم. فعلا ما كان يعلمها. فعدم العلم هنا ضلال عنه يعني عدم معرفة به وليس هذا كما ترى في شيء من معنى ضلال المعصية. او ظلال الكفر او الجاهلية هذه المعاني ايد بتلك الشواهد تعينك على فهم يستقر به قلبك طمأنينة وثقة تنتفي عنه الشبهات والاشكالات في معنى قوله و وجدك ضالا فهدى. وقيل هدى اي بين امرك بالبراهين. وقيل وجدك ضالا بين مكة مدينة فهداك الى المدينة وقيل المعنى وجدك فهدى بك ضالا. وعن جعفر بن محمد رحمه الله ووجدك ضالا عن محبتي لك في الازل. اي لا تعرفها. فمننت عليك بمعرفتي. هنا معاني اخر اخر اخرها المصنف رحمه الله لكونها ليست في قوة ما سبق. قيل وجدك ضالا بين مكة والمدينة فهداك الى المدينة. يعني اما في طريق الهجرة او في اختيارها للهجرة. وقيل المعنى وجدك فهدى بك ضالا. ووجدك ضالا فهدى. والتقدير ووجد فهدى ضالا فهو مفعول مقدم للفعل هدى وليس وجد. ووجدك ضالا فهدى يعني ووجدك فهدى ضالا. يعني ببعثتك ومعنى وجدك اي اختارك واصطفاك بالبعثة. وهذا معنى قد تقدم ايضا في صدرك كتاب عن بعض اهل العلم. وعن جعفر بن محمد قال وجدك ضالا عن محبتي لك في الازل. يعني انت لا تدري يا محمد محبة الله لك لا تدري عن محبة الله لك في الازل. فعرفه الله اياها وامتن به عليه ذلك قال في صدر السورة والضحى والليل اذا سجى ما ودعك ربك وما قلى. كيف يودعك رب احبك؟ كيف يكون القلب من رب اصطفاك وقدر لك حبا في الازل. ثم جاء الامتنان الم يجدك يتيما؟ قال رحمه الله وقرأ الحسن بن علي رحمه الله ووجدك ضال فهدى اي اهتدى بك. هذه قراءة شاذة تنسب للحسن ابن علي. ووجدك ضال فهدى فالظلال هنا منسوب الى المهتدي به عليه الصلاة والسلام من امته. لكنها قراءة شاذة الا ان فيها يزول به هذا الاشكال؟ وقال ابن عطاء ووجدك ضالا اي محبا لمعرفة والضال المحب كما قال وانك لفي ضلالك القديم اي محبتك القديمة. ولم يريدوا ها هنا في الدين اذ لو قالوا ذلك في نبي الله لكفروا. قال ابن عطاء ووجدك ضالا يا محمد اي محبا. فهل الضلال محبة؟ او هل الحب ضلال؟ الجواب نعم هو يأتي في اللغة كذلك يقال للمحب ضال لشدة ما يتعلق بقلبه من الحب الذي يضل به عن غيره ولهذا قال بنو يعقوب لابيهم عليه السلام لما استشعر قرب يوسف وقد شم ريح قميصه قالوا تالله انك لفي ضلالك القديم. لفي ضلالك القديم. ما ضلاله القديم عليه السلام؟ حبه الشديد ليوسف وتعلقه وبه فقولهم في ضلالك يعني في محبتك العتيقة لابنك يوسف. هذا الضلال عبر به عن المحبة ولم يريدوا الظلال في الدين فكيف يريدون ظلالا ينسبونه لابيهم وهو نبي؟ ولو كان كذلك لكان كفرا وكذلك شأن امرأة العزيز انا لقادوا قد شغفها حبا انا لنراها في ضلال مبين. ارادوا به المحبة التي لم تعد تختفي معالمها واثارها يوسف عليه السلام ومثله عند هذا قوله انا لنراها في ضلال مبين. اي محبة بينة. وقال الجنيد وقال الجنيه ووجدك متحيرا في بيان ما انزل عليك فهداك لبيانه لقوله تعالى وانزلنا اليك الذكر لتبينوا لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون. هذا كذلك من معنى الحيرة وجدك ضالا اي حائرا فان من ايدل الطريق يوصف بالضلال وليس هو ضلال الايمان او الهداية الى الكفر والعياذ بالله. وقيل ووجدك لم احد بالنبوة حتى اظهرك فهدى بك السعداء ولا اعلم احدا قال من المفسرين ها هنا فيها ضل عن الايمان. لم ينقل احد من المفسرين ان قوله تعالى ووجدك ضالا من ضلال الكفر او الشرك عياذا بالله ولا للمصنف تتمة في كلامه في سياق هذه الاية وغيرها من الايات. عطروا جمعتكم ايها الكرام بالصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم صلاة تستنزلون بها من ربكم عشر صلوات بكل صلاة عليه صلى الله عليه وسلم. يا رب على نبيك ما بدا نور الصباح واشرقت افاق يا رب صل على نبيك ما هفى. قلب المحب وحنة اشواق فصل يا ربي وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما تملأ بها حياتنا نورا وقلوبنا ايمانا ورزقنا بركة وحياة لا كلها سعادة يا اكرم الاكرمين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا. وزدنا علما يا رب العالمين. اللهم احينا على حبه سنته وامتنا على حبه وسنته واحشرنا غدا في زمرته صلى الله عليه وسلم. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وقنا يا رب شر الاشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار انت خير حافظا وانت ارحم اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد اذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا وعلمنا الهنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزد لا علما يا رب العالمين اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا واهد ضال لنا وتقبل منا انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم. وصل يا ربي وسلم وبارك على حبيبك المصطفى ونبيك المجتبى محمد ابن عبد الله. وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين