احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد السابع اي مبادرة الى تحصيله واغتنام سن الصبا والشباب فان وزهرة اما ان تصير بسلوك المعالي ثمرة. واما ان تذبل وان مما تثمر به زهرة العمر. المبادرة الى تحصيل العلم وترك الكسل والعيش واغتنام سن الصبا والشباب امتثال الامر باستباق الخيرات كما قال تعالى فاستبقوا خيرات وايام الحداثة فاغتنمها الا ان الحداثة لا تدوم. قال احمد ما شبهت الشباب الا بشيء كان في فسقط والعلم في سن الشباب اسرع الى النفس واقوات تعلقا ولصوقا. قال الحسن البصري رحمه الله العلم في الصغر الحجر فقوة بقاء العلم في الصغر كقوة بقاء النفس بالحجر فمن اغتنم شبابه نال اذ به وحمد عند به سواه ان اغتنم سن الشباب يا فتى عند المشيب يحمد القوم السرى. واضر شيء نعل الشباب التسويف وطول الامل فيسوف احدهم ويركب بحر الاماني ويشتغل باحلام اليقظة. ويحدث نفسه ان الايام المستقبلة ستفرغ له من الشواغل وتصفو من المكدرات والعوائق والحال المنظورة ان من كبرت سنه كثرت شواغله وعظمت قواطعه مع ضعف الجسم ولن تدرك الغايات العظمى بالتلهف والترجي والتمني. ولست بمدرك ما فات مني ولا بنيت ولا لوني. ولا يؤتاه ما سبق ان الكبير لا يتعلم. بل هؤلاء اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا كبارا ذكره البخاري رحمه الله في كتاب العلم في صحيحه. وانما يعسر التعلم في الكبر كما بينه الماء في ادب الدنيا والدين لكثرة الشواغل وغلبة القواطع وتكاثر العلائق. فمن قدر على دفعها عن ادرك العلم. وقد وقع هذا لجماعة من نبلاء طلبوا العلم كبارا. طلبوا العلم كبارا فادركوا منه قدرا عظيما منهم القفال الشافعي رحمه الله دخل المصنف وفقه الله المعقد السابع من معاقد تعظيم العلم وهو المبادرة الى تحصيله اي المسارعة الى تلقيه. ويكون ذلك بما ارشد اليه بقوله. واغتنام سن الصبا والشباب لان للعمر زهرة هي الشباب فاذا اغتنمها المرء اثمرت واذا لم يغتنمها ذبلت وذهبت ومما تثمر به زهرة العمر في العلم المبادرة الى تحصيله بان يسارع اليه ويبادر به نفسه في حال الصغر. وذكر قول الشاعر وايام الحداثة فاغتنمها. الا ان الحداثة لا تدوم. لان الحداثة سن القوة فيكون للانسان في بدنه ما يعينه على تحصيل مطلوبه من العلم. واتبعه بقول احمد ابن حنبل ما شبهت الشباب الا بشيء كان في كمه فسقط. اي فهو سريع التقضي. بمنزلة شيء كان يحمله الانسان معه ثم سقط منه ثم ذكر ان العلم في سن الشباب اسرع الى النفوس واقوى تعلقا ولصوقا. فمن بادر العلم في سن الشباب قوي العلم في نفسه وثبت كقوة ثبات النقص في الحجر. فمن اغتنم شبابه نادى اربه وحمد عند به صراخ كما قلت في بيت يتيم الاغتنم سن الشباب يا فتى عند المشيب يحمد القوم الثرى اي المسيرى في الليل ثم ذكر مما يضر الشباب في اخذ العلم التسويف وطول الامل فيرجو احدهم انه سوف يحفظ وسوف يقرأ وسوف يلازم الشيخ الفلاني حتى يمضي عليه عمره وهو يؤمل في الايام تقبلتي شيئا ثم لا يفعله. كما قال فيسوف احدهم ويركب بحر الاماني ويشتغل باحلام اليقظة واحلام اليقظة تركيب يراد به ما لا حقيقة له. واحلام اليقظة تركيب يراد به ما لا حقيقة له. فيكون في حال تضاف الى احلام اليقظة فهي خيال زائف لا رواء ولا ظل له ثم ذكر ما عليه الخلق في الحال المنظورة اي في الحال المشاهدة في واقع الناس في طلب العلم ان من كبرت سنه كثرت شواغله قواطعه مع ضعف الجسم ووهن القوى. فاذا تقدم بك العمر لم تزل قواك في ضعف وقواطعك في كثرة فيصعب ذلك عليك طلب العلم. وليس المذكور في هذه الجملة يراد به منع حصوله العلم في حال الكبر بل ذلك ممكن لكن مع شرط التقلل من الشواغل ومنازعة العوائق وقطع العلاء فاذا طلب العلم مع الكبر على هذه الحال من قطع العلائق ومدافعة العوائق والتقلل من اشغال امكن للمرء ان يدركه. قال البخاري رحمه الله في كتاب العلم من صحيحه وتعلم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بارا فان دين الاسلام لما خطبوا به كانوا كبارا كحال ابي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ثم كان لهم من العلم والايمان بالدين ما ليس لغيرهم لانهم اقبلوا على معرفة الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم اقبالا كليا فمن كانت هذه حاله مع الكبر من صدق الاقبال على العلم والتقلل من الشواغل ومنازعة العوائد امكن ان يطلب العلم ولو كان كبيرا وهذا مذكور في تراجم جماعة من اهل العلم منهم القفال الشافعي فانه طلب العلم في حال الكبر فصار من ائمة مذهب الشافعية الذين يشار اليهم ولا يزال هذا في قرون الامة ان فيهم من يطلب العلم مع حال الكبر ومع ذلك يتمكن منه حتى ينسب الى التقدم فيه. فالكبر ليس مانعا من طلب العلم. وانما شرطه التقلل من الشواغل وقطع العلائق ومدافعة العوائق. فاذا وجد هذا امكن للانسان ان يطلب العلم وان ينبذ فيه وان يؤخذ عنه ان ينسب الى التقدم فيه مع كونه لم يطلبه الا كبيرا. نعم