احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد الحادي عشر صيانة العلم عما يشين مما يخالف المروءة ويخرمها بل لم يصن العلم لم يصنه العلم قاله الشافعي رحمه الله ومن اخل بالمروءة بالوقوع فيما يشين فقد استخف بالعلم فلم يعظم ثم وقع في البطالة فتفضي به الحال الى زوال اسم العلم عنه. قال وهب ابن منبه رحمه الله لا يكون البطال من الحكماء لا يدرك العجم بطال ولا كاسل ولا ملول ولا من يأنف البشر. وجماع المروءة كما قاله ابن تيمية الجد في وتبعه حفيده في بعض فتاويه استعمال ما يجمله ويزينه وتجنب ما يدنسه ويشينه. قيل لابي سفيان ابن عيينة قد استنبطت من القرآن كل شيء فاين المروءة فيه؟ فقال في قوله تعالى خذ العفو وامر واعرض عن الجاهلين ففيه المروءة وحسن الادب ومكارم الاخلاق. ومن الزم ادب النفس للطالب تحليه بالمروءة وما يحمل عليها وتنكبه خوارمها التي تخل بها كحلق لحيته فقد عده في خوارم المروءة. ابن الهيتمي الشافعية وابن عابدين من الحنفية او كثرة التفات في الطريق وعده من خوارمها ابن شهاب الزهري وابراهيم النخاعي من المتقدمين او مد الرجلين في مجمع الناس من غير حاجة ولا ضرورة داعية. وعده من الخوارج جماعة منهم ابو بكر الطرطوشي من المالكية وابو محمد ابن قدامة وابو الوفاء ابن عقيل من الحنابلة او صحبة الاراذل والفساق والمجان والبطالين وعد من خوارم المروءة جماعة. منهم ابو حامد الغزالي وابو بكر ابن الطيب من الشافعية. والقاضي عياض الي من المالكية او مصارعة الاحداث والصغار وعده من الخوارج منهما وابن نجيم من الحنفية. ومن اخل وهو ينتسب الى العلم فقد افتضح عند الخاص والعام ولم ينل من شرف العلم الا الحطام ذكر المصنف وفقه الله المعقد الحادي عشر من معاقد تعظيم العلم. وهو صيانة العلم اي حفظه وحمايته عما يشين اي يقبح. ثم بين البشين المقبح فقال مما يخالف المروءة يخرمها فكل شيء كان مخالفا المروءة خادما لها فان العلم يحفظ ويحمى عنه واستفتح بيان هذا المعقد بالكلمة المأثورة عن الشافعي رحمه الله انه قال من لم يصن العلم لم يصنه العلم اي من لم احفظ العلم قائما بحقه فان العلم لا يحفظه. ومن جملة حفظ العلم رعاية الموءة فيه عن خوارمها. ثم ذكر ان من اخل بالمروءة بالوقوع فيما يشين فقد استخف بالعلم فلم يعظمه وقع في البطالة فتفضي به الحال الى زوال اسم العلم عنه فيخرج من العلم ولا ينسب اليه ولا الى وينسب الى البطالة والمجانة وذكر قول وهبي بن منبه رحمه الله لا يكون البطال من الحكماء اي لا يكون الماجن المشتغل بالباطل معدودا في اهل الحكمة والعلم. ثم ذكر معنى حفظ المروءة عن ابن تيمية الجد وحفيده احمد ابن عبد الحليم ابن عبد السلام انهما قالا استعمال ما ويزنه وتجنب ما يدنسه ويشينه. فمدار المروءة على امرين. فمدار المروءة على امرين احدهما استعمال المجمل المزين. استعمال المجمل زين والاخر اجتناب المقبح المشين. والاخر اجتناب المقبح المشين. ثم ذكر استنباط سفيان ابن عيينة المروءة من القرآن في قوله تعالى خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين. ثم قال ومن الزم ادب النفس للطالب بالمروءة يعني اتصافه بها. قال وما يحمل عليها وتنكبه خوارمها التي تخل بها. وخوارم هي مفسداتها واصل الخرم هو الشق فكانها تشق المروءة وتفسدها ثم ذكر جملا مما قل بالمروءة مأثورا عن اهل العلم من الاوائل كحلق اللحية او كثرة الالتفات في الطريق او مد الرجلين بمجمع من الناس من غير حاجة ولا ضرورة او صحبة الاراذل والفساق والمجان والبطالين او مصارعة الاحداث والصغار. فكل تلك امور المذكورة مما ينبغي ان يتجافاه ملتمس العلم الا يخل بمروءته فيزول اسم العلم عنه. ثم قال بعد من اخل بمروءته وهو ينتسب الى العلم فقد افتضح عند الخاص والعام. اي يحصل له من فضيحة بخلع اسم العلم عنه ما لا يغيب عن احد من الناس حتى يشهر بذلك عند خواص الناس وعوامهم ثم قال ولم ينل من شرف العلم الا الحطام. فالمتهتكون في مروءاتهم لا ينالون من شرف العلم الا فتاتا كالفتات الذي يلقى كالامور التي يحصلها الناس من شهادات او رئاسات او غيرها مع تلبسهم بما يخل بمروءاتهم فهؤلاء لم يصيبوا من العلم على الحقيقة الا حطاما لا ينتفعون به. فغاية شهادته في العلم او رئاسته في العلم ان ينتفع بها في الدنيا. واما في الاخرة فانه ربما حرمها لعدم اقامتها على الوجه المحبوب المرضي عند الله سبحانه وتعالى