احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقلة الرابع عشر ان فضل العلماء عظيم ومنصبهم منصب جليل لانه ما باب الروح والشيخ اب للروح كما ان الوالد اب للجسد. وفي قراءة ابي بن كعب رضي الله عنه النبي اولى بالمؤمنين بالانفس وهو اب لهم والابوة المذكورة في هذه القراءة ليست ابوة انما هي الابوة الدينية الروحية. فالاعتراف حق واجب قال شعبة ابن حجاج رحمه الله كل من سمعت منه حديثا فانا له عبد واستنبط هذا المعنى من القرآن محمد ابن علي فقال اذا تعلم الانسان من العالم واستفاد منه الفوائد فهو له عبد. قال الله تعالى واذ قال موسى لفتاه هو يوشع ابن لوط ولم يكن مملوكا له وانما كان متلمذا له متبعا له فجعله الله فتاه لذلك. وقد امر الشرع برعاية حق العلماء كرما لهم قال احمد رحمه الله في المسند حدثنا هارون قال حدثنا ابن وهب قال حدثني ما لك بن الخيل الزيادي عن ابي عباد الصامت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من امتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه. امسك ابن عباس رضي الله عنهما يوما بركاب زيد ابن ثابت رضي الله عنه فقال زيد اتمسك لي وانت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس رضي الله عنهما انا هكذا نصنع بالعلماء ونقل ابن حزم اجمع على توقير العلماء واكرامهم. والبصير من الاحوال السلفية يقف على حميد احوالهم في توقيف علمائهم فقد كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اذا جلسوا اليه كانما على رؤوسهم الطير لا يتحركون. وقال محمد ابن سيرين رحمه الله رأيت عبدالرحمن بن ابي ليلى واصحابه ويزودونه ويشرفونه مثل الامير. وقال يحيى الموصلي رحمه الله غير مرة وكان باصحابه من هو التوقير له اذا رفع احد صوته صاحوا به فمن الادب اللازم للشيخ على المتعلم مما يدخل تحت هذا الاصل التواضع له والاقبال عليه وعدم الالتفات عنه. ومراعاة ادب الحديث معه. واذا حدث عنه عظمه من غير غلو. بل ينزله لان لا يشينه من حيث اراد ان يمدحه. وليشكر تعليمه ويدعو له. ولا يظهر السغناء عنه ولا يؤذيه بقول او فعل ولا في ذنبه على خطأه اذا وقعت منه زلة. واما ومما تناسئ الاشارة اليه هنا باختصار وجيز معرفة الواجب ازاء زلة العادم هو ستة امور الاول التثبت في تصوير الزلة منه والثاني التثبت في كونها خطأ وهذه وظيفة العلماء الراسخين فيسألون عنها والثالث كنت باعي فيها والرابع التماس العذري له بتأويل سائغ. والخامس بذل النصح له بلطف وسر لا بعنف وتشهير. والسادة تحض جنابه فلا تهدم في قلوب المسلمين ومما يحذر منه واما ان تصرفه لعلماء ما صورته التوقيع فالازدحام على العالم والتضييق عليه والجاء فما ماته شيء ابن بشير رحمه الله المحدث الثقة الا بهذا فقد ازدحم اصحاب الحديث عليه فطرحوه فكان سبب موته رحمه الله. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الرابع عشر من معاقد تعظيم العلم وهو اكرام اهل العلم وتوقيرهم. اي اجلالهم واكبارهم لما لهم من الفضل العظيم والمنصب الخطير فهم اباء الروح كما قال فالشيخ اب للروح كما ان الوالد اب للجسد فالابوة الروحية هي الابوة في تلقي العلم وحمله. ثم ذكر عن شعبة قوله كل من سمعت منه حديثا فانا له عبد اي انا ممتن له حتى اصير له بمنزلة المملوك فانه ملكه بما اليه من الخير في تعليمه. وذكر استنباط هذا المعنى من القرآن من كلام محمد بن علي الاجهوي رحمه الله انه قال اذا تعلم الانسان من العالم واستفاد منه الفوائد فهو له عبد. قال الله تعالى واذ قال موسى فتاه وهو يوشع ابن نون ولم يكن مملوكا له. وانما كان متلمذا له متبعا له فجعله الله فتاه ذلك ثم بين ان الشرع امر برعاية حق العلماء اكراما لهم وتوقيرا واعزازا وذكر حديث ابن الصامت رضي الله عنه عند احمد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس من امتي ثم ذكر افرادا منها قوله ويعرف لعالمنا حقه. فالعالم له حق اثبتته الشريعة. ومن حسن الديانة وكمال الايمان معرفة ذلك الحق له. وذكر من المأثور عن الصدر الاول. فاتفق لابن عباس رضي الله عنه انه امسك بركاب زيد ابن ثابت اي امسك له بالناقة التي يريد ركوبها. فالركاب اسم واحد من الابل التي يتخذها الناس مراكب. وكان ابن عباس متلمذا لزيد ابن ثابت اخذا عنه تأدب معه بتوقيره واجلاله على هذه الحال. ثم نقل اجماع اهل العلم على توقير العلماء واكرامهم عن ابن حزم الاندلسي ثم قال والبصير بالاحوال السلفية اي بما كان عليه سلف الامة يقف على حميد احوال في توقير علمائهم. فمن عرف سيرة السلف الصالح من الصحابة والتابعين واتباع التابعين رأى من حميد احوالهم ما يدل على كمال الاعتناء بحق العالم. ثم قال فمن الادب اللازم للشيخ على المتعلم مما يدخل تحت هذا الاصل التواضع له والاقبال عليه وعدم الالتفات عنه ومراعاة ادب الحديث معه. الى اخر ما ذكره من جملة الاداب التي تكون اقامتها من اداء حق المعلم على المتعلم. ثم ذكر نبذة في معرفة الواجب تجاه زلة العالم فان بذور الزلة من العالم هو من الجبلة الانسانية والفطرة البشرية فلا يخلو عالم من زلة فاذا وقعت من عالم زلة كان الادب معه استعمال الامور الستة المذكورة. واولها التذبذب في صدور الزلة منه اي التحقق من كون المنقول عنه واقعا منه. فكم من شيء ينسب الى احد من العلماء لا يصح عنهم. وثانيها التثبت في كون تلك الزلة خطأ. وهذه وظيفة العلماء الراسخين فيسألون عنها فان الامر كما قال الاول وكم من عائب قولا صحيحا وافته من الفهم السقيم. فالحكم على شيء بانه زلة منوط بالعلماء الراسخين المميزين منازل الاقوال والافعال. وثالثها ترك اتباع فيها اي لا يتابع العالم في تلك الزلة ولا يبيح صدورها منه موافقته فيما قاله او فعله ورابعها التماس العذر له بتأويل سائغ اي طلب عذر له بتأويل سائغ مقبول فان لا يتعمد صدور الخطأ منه واذا صدر منه شيء طلب وجه من وجوه الفهم يحمل عليه حفظا وخامسها بذل النصح له بلطف وسر لا عنف وتشهير. لان المقصود من بيان زلات كفه عن خطأه ولا يتحقق هذا الكف الا باللطف والاسرار. واما العنف والاشهار فانه ما قوى نفسه ونفوس اتباعه على المبالغة في الثبات على تلك الزلة. فينشأ من ذلك شر كثير. والناصح للمسلمين يبتغي ايصالهم الى الخير فيتلطف في اصلاح تلك الزلات والخلل الواقع فيهم وسادسها حفظ جنابه قدره فلا تهدر كرامته في المسلمين فتبقى مرتبته محفوظة فالزلة التي وقعت منه مما قسمه الله عز وجل على الناس باعتبار جبلاتهم. فاذا وقعت من عالم زلد لم تكن وسيلة لاسقاطه وسلما للحق عليه بل تحفظ مقامته وتعرف ركبته ومنزلته مع بيان خطأه. ثم ختم بالتحذير مما يقع من بعض الناس وهو في صورته الظاهرة توقير ومآله الاهانة والتحقير. كالذي اتفق بهشيم ابن بشير ان اصحاب الحديث اجتمعوا عليه تعظيما له وهو راكب على حماره فسقط على رأسه ومات من تلك رحمه الله. نعم