قلتم احسن الله اليكم الناقد الخامس عشر رد مشكله الى اهله. فالمعظم للنعيم يعول على دهاقنته والجهابدة من اهله ولا يعرض نفسه لما لا تطيق خوفا من القول على الله بلا علم. والافتراء عن الدين فهو يخاف سخط الرحمن لن يخاف صوت السلطان. فان العلماء بعلم تكلموا وببصر نافذ سكتوا فان تكلموا في مشكل فتكلم بكلامهم سكتوا عنه فجسع كما وسعهم ومن اشق مشكلات الفتن الواقعة والنوازل الحادثة التي تتكاثر مع امتداد الزمن والناس وفي هذا الباب طرفان ووسط فقوم اعرضوا عن استفتاء العلماء فيها وفزعوا الى الاهواء والاراء يستمدون منها جعل الخطباء ودقة الشعراء وتحليلات السياسيين وابجافات المنافقين وقوم يعرضونها على العلماء لكنهم لا يرتضون قالهم ولا يرضون مقالهم فكأنهم طلبوا جوابا يوافق هوا في نفوسهم فلما لم يجدوه مالوا عنه والناجون من مال الفتن السارهون من وهج المحن هم من فزع على العلماء ولزم قولهم وان اشتبه عليهم شيء من قولهم احسن الظن بهم فطرح قوله واخذ بقولهم فالتجربة والخبرة كانوا احق بها واهلها. واذا اختلفت اقوالهم لزم قول جمهورهم وسوادهم. ايثارا للسلامة في السلامة لا يعلنها شيء وما احسن قول ابن عصام رحمه الله في ملتقى الاصول وواجبات في مشكلات الفهم تحسيننا الظن باهل العلم ومن المشكلة ترد زلات العلماء والمقالات الباطلة لاهل البدع والمخالفين. فانما يتكلم فيها العلماء الراسخون بينه الشاطبي رحمه الله وفي الموافقات وابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم واذا تعرضت الناشئة والدهماء للدخول في هذا الباب تولدت فتن كما هو مشاهد في عصرنا فانما نشأت كثير من الفتن. حين تعرض للرد على زلة العلماء والمقالات المخالفة للشريعة بعد بعض الناشئة لهما والجادة السالمة عرضها على العلماء الراسخين والاستمساك بقولهم فيها. ترى وفقه الله المعقد الخامس عشر من معاقد تعظيم العلم. وهو رد مشكله الى اهله. ومشغل العلم ما غمض منه وتعارضت فيه البينات. ومشكل العلم ما غمض منه وتعارضت فيه البينات. فمن تعظيم العلم رد ما كان على هذه الصفة من الغموض وتعارض البينات الى اهل العلم. والحال فيهم كما قال فالمعظم بالعلم يعول على دهاكنته والجهابذة من اهله لحل مشكلاته. والدهاقنة والجهابذة وصفان لاهل العلم الراسخين. فالدهاقنة جمع دهقان بكسر الدال وضمها. وهي عربت ومعناها قوي التصرف في حدة ومثلهم ايضا الجهابدة وهو جمع بكسر الجيم. والجيم هو النقاد الخبير ببواطن الامور. النقاد الخبير ببواطن الامور. فالمشكلات ترد الى هؤلاء المتصفين بصفة الخبرة والبصيرة والمعرفة بالعلم ثم ذكر ما يوجب الرد اليهم بقوله فهو يخاف سقطة الرحمن قبل ان يخاف صوت السلطان فالحامل له على الرد اليهم واحجامه عن القول في تلك المشكلات هو مخافة الله سبحانه وتعالى ان بشيء في دين الله فتعظم عليه التبعة في الدنيا والاخرة. ثم ذكر حال العلماء فقال فان اي من ائمة الهدى بعلم تكلموا وببصر نافذ سكتوا. فالعلماء بين كلامهم وسكوتهم على خير فانهم اذا تكلموا تكلموا بعلم حامل لهم على الكلام الذي تكلموا به اثباتا او واذا سكتوا كان موجب سكوتهم هو البصر النافذ اي العقل الكامل. فانهم يسكتون لامور يغفل عنها اكثر الناس ولا يدركونها. ثم قال فان تكلموا في مشكل فتكلم بكلامهم وان سكتوا عنه فليسعك ما وسعهم. فطالب النجاة عند الله يلزم هذا الاصل. فاذا وقعت مشكلة من المشكلات فتكلم فيها العلماء الراسخون تكلم بمثل ما تكلموا به. وان امسكوا فلم يتكلموا ما سكتوا فانهم بعلم يتكلمون وبعقل نافذ يسكتون ومن لم يمهر في العلم ولا كمل بصيرته في العقل ربما عاب الكلام تارة او عاب السكوت تارة اخرى. ثم ذكر ان من اشق المشكلات الفتن الواقعة والنوازل الحادثة التي تتكاثر مع امتداد الزمان. ثم بين اقسام الناس فيها فقال والناس في هذا الباب طرفان ووسق فهم ثلاثة اقسام. فالقسم الاول مذكورون في قوله قوم اعرضوا عن استفتاء العلماء فيها. وفزعوا الى الاهواء والاراء يستمدونها من هيجان الخطباء الى اخر ما ذكر. وذكر القسم الثاني بقوله قوم يعرضونها على العلماء اي ليظهروا لهم ما يوافق ما في نفوسهم. فان لم يجدوا هذا صارت حالهم كما قال لا يرتضون قال ولا يرضون مقالهم فكأنهم طلبوا جوابا يوافق هوى في نفوسهم. فان لم يجدوه مالوا عنهم. ثم ذكر القسمة الثالثة بقوله والناجون من نار الفتن السالمون من وهج المحن هم من فزع الى العلماء ولزم قولهم فان اشتبه عليه شيء من قولهم احسن الظن بهم. فطرح قوله واخذ بقولهم. فالتجربة والخبرة هم كانوا احق بها واهلها. واذا اختلفت اقوالهم لزم قول جمهورهم وسوادهم ايثارا للسلامة. فالسلامة لا يعدلها شيء والمراد بها السلامة الدينية التي ينجو بها العبد عند الله سبحانه وتعالى. فكم من امرئ هتك دينه بتجرؤه على القول في النوازل فوقع منه ما لم يحمد عاقبته في الدنيا ولا في الاخرة. ثم قال بعد من جملة المشكلات رد زلات العلماء. والمقالات الباطلة لاهل البدع والمخالفين. فانما يتكلم فيها العلماء الراسخون كما بينه الشاطبي في الموافقات وابن رجب في جامع العلوم. لانها من جنس المتشابه الذي يغمض على ما اكثر الناس ولا يترشح لمعرفة المتشابه الا من رسخت قدمه في العلم. فالمتكلمون في العلم مع الرسوخ يبينون المتشابهات من المحكمات. ومن جملة ما يتشابه المقالات الحادثة لاهل البدع والمخالفات فلا يتمكنوا من فصل الباطل عن الباطل وتمييز الحق الا من رسخت قدمه. فاذا ترشح لذلك من لم يكن على هذه الحال فانه ربما رد البدعة ببدعة او ولد من الخلاف شرا. وهذا لا يكون من العلماء فوكل هذه الوظيفة اليهم لاجل ملاحظة هذا الاصل وهو كون تلك المقالات لاهل البدع والمخالفين من ما يتشابه ولا يمكن ان يفصل فيه الا الراسخ في العلم. واشار الى هذا كما ذكرت ابن رجب في جامع العلوم والحكم في شرح الحديث السابع وكذلك الشاطبي في الموافقات وبينه في مواضع ايضا من الاعتصام واصل اثري محفوظ ففي سنن الدارم باسناد حسن في قصة القوم الذين يتحلقون في المسجد ان ابا موسى رضي الله عنه لما رآهم لم يبادرهم بالانكار وان كان توجس منهم مخيفة فلما لقي ابن مسعود رد الامر اليه فقال اني رأيت انفا امرا انكرته. والحمد لله لم ارى الا خيرا فهو تجاذب عنده الحق والباطل. فاحتاج الى الفزع الى عالم ارسخ منه من الصحابة. فهو كما اخبر رأى شيئا انكره لكنه منعه من الانكار انه لم يرى الا خيرا فانه رأى ناس يتحلقون فيذكرون الله وتعالى فرد الامر الى من هو عنده انسخ في العلم ومعرفة الدين وهو عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه فوقع منه ما وقع من الانكار عليهم والتشييد بهم كما سيأتي ذكر هذه القصة في اخر كتاب فضل الاسلام. والمقصود ان تعلم ان رد المقالات الباطلة لاهل البدع والمخالفين وظيفة العلماء الراسخين بالاثر والنظر وقد نص عليها غير واحد من اهل العلم والمتعلمون من طلاب العلم يسيرون بسير العلماء. فينقلون كلامه في رد البدع. فاذا حدثت بدعة جديدة او مقالة مخالفة لم يتسارعوا الى ردها بانفسهم وردوها الى العلماء الراسخين فانهم ربما ردوا البدع اتى ببدعة او ولدوا من الرد شرا كما يراه المرء في احوال الناس اليوم. فالمتقون الله سبحانه وتعالى هذا الاصل السني السني الاثرية ويردون هذه الوظيفة الى العلماء فانها واجب من واجباتهم ويسيرون بسيرهم والمتكلمون بهذه الكلمة اليوم من رد هذا الامر الى العلماء طائفتان. احداهما طائفة صفة حماة يريدون حماية الدين من ان يتطاول الاغمار والمبتدئون في العلم على رد المقالات لاهل البدع والمخالفين فيولدون بدعة من بدعة وشرا من شر. والاخرى طائفة جناة يريدون المنع من الرد على المبطلين بترويج هذا الاصل. والصادقون هم الذين يريدون اقامة هذا الاصل وفق ما جاء به الشرع قال ابن القيم رحمه الله تعالى في مدارس السالكين والكلمة الواحدة يتكلم بها اثنان يريد بها احدهما محو الحق ويريد بها الاخر ابطل الباطل ويدل على كل سيرته وحاله وما يدعو اليه. ثم ذكر الحالة التي صارت عليها الناس يوم بقوله واذا تعرضت الناشئة والدهماء للدخول في هذا الباب تولدت فتن وبلايا كما هو مشاهد في عصرنا فانما نشأت كثير من الفتن حين تعرض للرد على زلات العلماء والمقالات المخالفة للشريعة بعض الناشئة والاغمار والجادة السالمة عرضها على العلماء الراسخين والاستمساك بقولهم. والاغمار جمع غمر. بظم الغين وتفتح ايضا فيقال غمر وهو الجاهل الذي لم يجرب الامور ولم يطلع على حقائقها فان مثل هذا اذا تكلم في هذه الابواب من العلم افسد الدين. نعم