اما بعد فان معرفة جوامع الاحكام وفوارقها من اهم العلوم واكثرها فائدة واعظمها نفعا لهذا جمعت في رسالتي هذه ما تيسر من جوامع الاحكام ووصولها ومما تفترق فيه الاحكام الافتراق حكمها وعللها. وقسمتها قسمين. القسم القسم الاول في ذكر تجتمع فيه الاحكام من الاصول والقواعد. وانتقيت القواعد المهمة والاصول الجامعة. وشرحت كل واحدة منها شرحا يوضح معناها ومثلت لها من الامثلة التي تتفرع عنها ما تيسر والقسم الثاني اتبعت ذلك بذكر الفوارق بين المسائل المشتبهة والاحكام المتقاربة وذكر التقاسيم المهمة فاقول في القسم الاول مستعينا بالله راجيا منه الاعانة والتسهيل القاعدة الاولى الشارع لا يأمر الا بما مصلحته خالصة او راجحة ولا منها الا عما مفسدته خالصة او راجحة. هذا الاصل شامل لجميع اذا هنا هنا مصلحة وهنا مفسدة والمصلحة اما خالصة ليس فيها مفسدة واما راجحة يعني يشتمل تشتمل على مفاسد لكنها قليلة بالنسبة للمصالح هذا القسم مأمور به هذا القسم يكون مأمورا به المفاسد اما مفاسد خالصة واما مفاسد راجعة يعني مفسدته خالصة ما فيها ما فيه مصلحة اطلاقا واما فيه مفسدة وفيه مصلحة لكن المفسدة ارجح وعلى هذا تدور الاوامر والنواهي الاوامر تدور على ايش على المصالح الخالصة او الراجحة والنواهي تدور على المساسك الخالصة او الراجحة نعم هذا الاصل شامل لجميع الشريعة لا يشد عنه شيء من احكامها. لا فرق بينما تعلق بالاصول او ما يتعلق اللقب ما تعلق المشكل ما معناه اصل مخطوب ما تذكر شي اصل مخطوف نعم لا فرق بين ما تعلق بالاصول او بالفروع. وما تعلق بحقوق الله وحقوق عباده. قال الله تعالى ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. يعظكم لعلكم فلم يبق عدل ولا احسان ولا صلة الا الا امر به في هذه الاية الكريمة ولا فحشاء ومنكر متعلق بحقوق الله. ولا بغي على الخلق في دمائهم واموالهم واعراضهم الا نهى عنه ووعظ عباده ان يتذكروا ما بهذه الاوامر ووعظ عباده ان يتذكروا ما في هذه الا وما في هذه الاوامر وحسنها ونفعها. فيمتثلوها ذكروا ما في النواهي من الشر والضرر فيجتنبوها. وقال تعالى قل امر ربي بالقسط ويقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون قوله تعالى ان الله يأمر بالعدل والاحسان الامر بالعدل واجب والامر بالاحسان سنة وفيه دليل على جواز استعمال في معنيه او ان شئت فقل استعمال اللفظ المشترك في في معنيين لان الامر مشترك بين الواجب والمستحب ففي هذه الاية قال ان الله يأمر بالعدل وهو واجب والاحسان وهو سنة وايجار ذي القربى هذي الصلة يعني اعطاء القريب حقه وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي الفحشاء والمنكر فيما يتعلق بحق الله والبغي فيما يتعلق بحق المخلوق وهو العدوان على الخلق فهو سبحانه وتعالى ينهى عن هذا وهذا ثم بين انه يعظنا بهذه القاعدة والاصل العظيم الامر بالعدل والاحسان والنهي عن المنكر وعن الفحشاء والمنكر والبغي لعلكم تذكرون لعل هنا للتعليق اي لاجل ان تتذكروا وتتعظوا وقال تعالى قل امر ربي بالقس يعني بالعدل واقيموا وجوهكم هذي جملة معطوفة على محل قل امران وليست معطوفة على قوله بالقس واقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه اي ادعوا الله مخلصين له الدين ثم قال كما بدأكم تعودون يعني انه سيعيدكم كما بدأكم ولا يعجزه الاعادة لانه لم يعجزه الابتلاء نعم فقد جمعت هذه الاية وصولا مأمورات ونبهت على حسنها فما جمعت التي بعدها اصول المحرمات ونبهت على قبحها. وهي قوله تعالى قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق. وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله ما لا تعلمون ولما ذكر الله الامر بالطهارة للصلاة قوله وقد جمعت هذه الاية اي اية لا قل امر ربي بالقصر لان الله يوم البعث جمعت بين الامر والنهي. آآ اما الاية الثانية فهي قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن يعني ما كان ظاهر الفحشه وما كان خفيا وقيل ما ظهر اي ما اظهرتموه وما بطن اي ما اخفيتموه وما دامت الاية تنمو معنيين فلتكن شاملة لهما لان هذه قاعدة مهمة في التفسير وكذلك في الحديث اذا كان النصف محتملا لمعنيين على السواء ولا مرجحا لاحدهما الاخر وجب ان نحمل نعم ولا منافاة بينهما وجب ان يحمل عليهما كل نص من القرآن والسنة اذا كان يحتمل المعنيين لا مرجح لاحدهما الاخر ولا منافاة بينهما فانه يجب ان يحمل النص عليهما جميعا اذا ما ظهر وما بطن يكون معناها ما ظهر فحشه وما خفي ما اظهر واعلن الناس وما اخفي عنهم والاثم والبغي بغير الحق الاثم اي ما يكون به الاثم وهو العقاب والبغي بغير الحق اي ما يكون به البغي على الناس والعدوان عليهم وقوله بغير الحق وصف مبين للواقع لانه ليس هناك بغي بحق وان تشركوا يعني وحرم عليكم ان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطان في اي نوع من الشراكة في عبادتهم في ربوبيته في اسمائه وصفاته وقول ما لم ينزل به سلطانا وصف مبين للواقع. لان جميع الشرك ليس فيه سلطان اي دليل وان تقولوا على الله ما لا تعلمون ان تقولوا على الله في ذاته او اسمائه او صفاته او احكامه. ما لا تعلمون افهمتم؟ فمن قال ان الله كيفيته كذا وكذا فقد قال ما لم يعلم ومن قال ان اسماء الله تبارك وتعالى لا تدل على المعاني وانما هي على مجردة فقد قال ما لم يعلمه ومن قال في صفاته انه لا يثبت منها الا كذا وكذا والباقي يجب ان ينفى فقد قال على الله ما لم يعلم ومن ومن قال هذا حلال وهذا حرام ولم يكن فيه دليل فقد قال على الله ما لم يعلم المهم ان القول على الله يتضمن القول عليه في ذاته واسمائه وصفاته واحكامه هذه الاية هل هي من باب الترقي او من باب التدني بمعنى هل اعظم ما فيها ما ذكر اولا اولا فاولا او ان من من اقل ما فيها ما ذكر اولا فاولا الظاهر الثاني لان الشرك لو كان المراد الذكر الاعلى لكان يذكر الشرك هو الاول لكنه من باب ذكر الادنى فالادنى اذا وان تقولوا على الله ما لا تعلمون. اعظم من الشرك ووجهه ان الشرك تصرف في فعل العبد واما القول على الله بما لا يعلم فهو تصرف في حق الله وثانيا ان القول على الله بلا علم اعظم تأثيرا في الغير من الشرك بالله لان المشرك ظرره على نفسه لكن الذي يقول الله ما لا يعلم ضرره على نفسه وعلى غيره فضرره متعدي ولهذا صرح ابن القيم رحمه الله ان القول على الله بلا علم اشد من الاشراك بالله نعم ولما ذكر الله الامر بالطهارة للصلاة من الحدث الاكبر والاصغر. وذكر طهارة الماء ثم طهارة ثم التيمم عند العدم او الضرر بمرض ونحوه. قال تعالى ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون. فاخبر ان اوامره وشرائعه من اكبر نعمه العاجلة المتصلة بالنعم الاجلة ثم تأمل ثم تأمل قوله تعالى وقضى ربك الا تعبده الا اياه وبالوالدين احسانا الى وقوله ذلك مما اوحى اليك ربك من الحكمة وقوله قل تعالوا واتلوا ما حرم ربكم عليكم الى قوله وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله وقولا واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. الى قوله ومن يكمل الشيطان له قرينا فساء قرينا انظروا الى هذه ايات لو ذهبنا نتكلم عليها لطال بنا الوقت. لكن اتكلم على قوله وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه هل القضاء هنا قضاء كوني او قضاء شرعي هذا قضاء شرعي لانه لو كان قضاء كونيا لعبده الناس كلهم ولكنه قضاء شرعي يعني انه عز وجل كتب علينا الا نعبد الا الله وهذا ربما يفعله بعض الناس ولا يفعله الاخرون اما قوله تعالى وقظينا الى بني اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الارض مرتين فهذا قضاء كوني لان الله لا يقضي شرعا بالفساد بل هو لا يحب الفساد سبحانه وتعالى وقوله تعالى فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته الا دابت الارض هذا قضاء كونه طيب