قلتم احسن الله اليكم المعقد الثامن عشر التحفظ في مسألة العالم. فرارا من مسائل الشر وحفظ الهيبة العالم. فان من السؤال ما به التشغيب وايقاظ الفتنة واشاعة السوء. ومن انس منه العلماء هذه المسائل لقي منهم ما لا يعجبه. كما هو معك في اي متعلم فلابد من التحفظ في مسألة العالم ولا يفلح في تحفظه فيها الا من اعمل اربعة اصول اولها في سؤاله لماذا يسأل؟ فيكون قصده من سؤال التفقه والتعلم للتعنت والتهكم. فان من ساء قصده في سؤاله العلمي وهو يمنع ومنفعته وفي الناس من يسأل وله في سؤاله قصد باطل يريد التوصل به الى مقصود له. فاذا غفل عن المفتي وقتاهما يريد فرح بي وشاع. واذا انتبه الى قصده حال بينه وبين مراده وزجره عن غيره. قال القرافي رحمه الله تعالى في كتاب الاحكام سئلت مرة عن النكاح بالقاهرة هل يجوز ام لا؟ فارتبت وقلت له اي للسائل ما افتيك حتى تبين لي ما المقصود بهذا الكلام فان كل احد يعلم ان عقد الفتاح بالقاهرة جائز. فلم ازل به حتى قال انا اردنا ان نعقده خارج القاهرة نعم. لان استحلال يعني مفتاح تحليل النكاحات المحرمة فجئنا الى القاهرة فقلت له لا يجوز لا بالقاهرة ولا بغيرها ووقع مثل هذا لابي العباس ابن تيمية حفيد في فتوى تعلق باهل الذمة ذكرها تلميذ البعض ابن القيم رحمه الله في كتابه اعلام الموقعين ردت عليه غير مرة في وجه غير الوجه السابق فكان يقول لا يجوز حتى قال في اخر مرة هي المسألة معينة وهي قالت في عدة قوالب. اما الاصل الثاني في التبطل اتعب ما لا نفع فيه اما بالنظر الى حالك او بالنظر الى المسألة نفسها. سأل رجل احمد بن حنبل رحمه الله عن يأجوج ويأجوج اسلمونهم؟ فقال هل احكمت العلم حتى تسأل عن ذا السؤال عما لم يقع ما لا يحدث به كل احد وانما يخص به قوم دون قوم. اما الاصل الثالث بل يتحين طيب نفسه قال سألت ابا الطفيل مسألة فقال ان لكل ما قال من مقالة. وسأل رجل مبارك رحمه الله عن حديث وكان عبدالرحمن بن ابي ليلى يكره ان يسأل وهو يمشي. اما الاصل الرابع فتيقظ السائل في اخراجه في سورة الحاجة متأدبة ويقدم الدعاء للشيخ في خطابه ولا تكون مخاطبته له كمخاطبته اهل السوء. واخلاق العوام قال جعفر ابن ابي عثمان كنا عند يحيى ابن معين فجاءه رجل مستعجل فقال يا ابا زكريا حدثني بشيء اذكرك به. فقال يحيى اذكرني انك سألتني ان احدثك فكيف لم افعلوا؟ واذا تأملت السؤالات الواردة عن اهل العلم اليوم فرأيت في كثير منها سلب التحفظ وسفساف الادب فترى من يسأل متهكما حتى يسألوني عما لم يقع او ما وقع ولا ينفع لا يتخير وقت الايراد المناسب ولا يتوقفون في عرض المطالب. فسؤالاتهم مفاتيح الفتن واسباب المحن وويل لهم مما يصنعون. وما احوج هؤلاء الى مقالة زيد ابن اسهم لما سأله رجل عجيب فخلط عليه فقال زيد اذهب فتعلم كيف تسأل ثم تعال فسل وكم هم المحتاجون اليوم الى مثل ما قالت زيد ابن اسلم ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثامن عشر من معاقد تعظيم العلم. وهو التحفظ في مسألة العالم. اي حفظ النفس عن الخطأ فيها. اي حفظ النفس عن الخطأ فيها. بالتوقي والاحتراز في القول. وموجبه هو المذكور في قوله فرارا من مسائل الشغب وحفظا لهيبة العلم. والشغب بسكون الغين وهو وتهييج الشر وتحريكه. فيتحفظ المتعلم في مسألة العالم بان لا يقع في شيء ينشأ منه شر او يتجرأ على سؤال يهتك به هيبة العالم. ثم ذكر ان المفلح في السؤال فيه هو من اعمل اربعة اصول. اولها الفكر في سؤاله لماذا يسأل؟ اي شيء يحمله على هذا السؤال فيكون قصده من السؤال هو التفقه والتعلم. لا التعنت والتهكم. فمن ساء قصده في سؤاله حرم بركة العلم ومنع منفعته. ثم ذكر من احوال الناس ان منهم من يسأل وله في سؤاله قصد باطل يريد التوصل به الى مقصود له باطل. كالمذكور في المسألتين المعروضتين على ابن تيمية الحفيد والقرافي فان السائلين لهما عوضوا تلك المسائل ولهم قصد باطل خفي ولكن هذين الرجلين بكمال علمهما وقوة عقلهما تمكنا من معرفة قصد السائلين. ثم ذكر الاصل الثاني وهو التفطن الى ما يسعى عنه فلا يسأل عن شيء الا شيئا ينفعه اما ما لا ينفعه فانه لا ينبغي ان يسأل عنه. كالسائل الذي قال لاحمد سائلا له ايجوج ومأجوج مسلمون هم؟ فقال رحمه الله احكمت العلم حتى تسأل عن هذا اي احكمت العلم كله حتى تسأل عن هذه المسألة التي لا تنتفع بها. ثم ذكر الاصل الثالث وهو الانتباه الى صلاحية حال الشيخ للاجابة عن سؤاله. فيتخير من اوقات قوته ونشاطه ما يعرض فيه عليه سؤال وان رآه مغموما او مهموما او مشغولا في طريق او حال لم يبادره بالسؤال. ثم ذكر العصر الرابع وهو تيقظ السائل الى كيفية سؤاله بان يخرجه في صورة حسنة متأدبة فيقدم الدعاء للشيخ ويبجله في خطابي اي يعظمه ولا يخاطبه مخاطبة العوام. العوام واخلاط الخلق. ثم ذكر الداهية الملهية في سؤالات اهل العصر فقال واذا تأملت السؤالات الواردة على اهل العلم اليوم رأيت في كثير منها سلب التحفظ وسفساف الادب اي رديء الادب. فاستفساه من كل شيء رديئه. ثم ذكر من احوالهم ما جاء في قوله فترى من يسأل متهكما او يسأل محتقرا يسألون عما لم يقع او ما وقع ولا ينفع لا يتخيرون وقت الايراد المناسب ولا يتلطفون في عرض المطالب. فسؤالاتهم مفاتيح الفتن واسباب المحن وويل لهم مما يصنعون. ثم ذكر قول زيد ابن اسلم لما خلط له سائل في سؤاله فقال زيد اذهب فتعلم كيف تسأل ثم تعالى فسل. فمعرفة ادب السؤال من الاداب اللازمة طالب العلم للعالمين المحققين الشاطبي وابن القيم فصلان نافعان في هذا. فاما الشاطري ففي اخر كتاب الموافقات واما ابن القيم ففي اعلام الموقعين وهما فصلان حقيقان بالافراد. شدة حاجة الناس اليهما في احكام السؤال في وادابه. نعم