احسن الله اليكم قلتم رحيم حفظكم الله تعالى المعقل التاسع عشر شغف القلب بالعلم وغلبته عليه فصدق الطلب له يوجب ومحبته وتعلق القلب به. ولا ينال العبد درجة العلم حتى تكون لذته الكبرى فيه. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في مفتاح دار السعادة ومن لم يغلب لذة ادراكه وشهوته على لذة جسمه وشهوة نفسه لم ينل درجة العلم ابدا وانما تنال لذة العلم بثلاثة امور ذكرها ابو عبد الله ابن القيم رحمه الله في كتابه السارق احدها بذل ايها الجهد وثانيها صدق الطلب وثالثها صحة النية والاخلاص ولا تتم هذه الامور الثلاثة الا مع دفع كل ما فيشغل عن القلب. ومن صبر هذه اللذة في احوال السابقين من علماء الامة رأى عجبا فلسان احدهم ما لذتي الا رواية مسند قد قيلت بفصاحة الالفاظ. ومجالس فيها تحل سكينة ومذاكرات معاشر الحفاظ ان لذة العلم فوق لذة السلطان والحكم التي تتطلع اليها نفوس كثيرة. وتبذل لاجلها اموال الوفيرة وتسفك دماء غزيرة بات ابو جعفر سفي مهموما من ضيق البال وسوء الحال وكثرة العيال وقع في خاطره فرع من فروع مذهبي وكان حنفيا فاعجب به فقام يرقص في داره ويقول اين الملوك ابناء الملوك اين الملوك وابناء الملوك؟ اذا خاض في بحر التفكر خاطري على ذرة من معضلات المطالب ملوك الارض في نيل ما حووا. لا بالكتائب. ولهذا كانت الملوك لذة العلم وتحس فقدها وتطلب تحصيلها. منصور الخليفة العباسي المشهور الذي كانت ممالكه تملأه الشوق والغضب هل الباقية من لذات الدنيا شيء لم تل؟ فقال وهو مستو على كرسيه وسرير ملكه بقيت خصلة ان اقعد وحول اصحاب الحديث اي طلاب العلم. فيقول المستبني من ذكرت رحمك الله. يعني فيقول حدثنا فلان. قال حدثنا فلان ويسوق الاحاديث المسندة فانظر الى شدة افتقار هذا الخليفة الى لذة العلم وطلبه تحصيلا وجوعته اليه ومتى عمر القلب بلذة العلم سقطت لذات العادات وذهلت النفس عنها. فالنضر بن شوبير رحمه الله يقول لا يجد المرء لذة العلم حتى يجوع وينسى جوعه بل تستحيل الالام لذة بهذه اللذة. ومحمد بن هارون لمحبرة تجالسني نهاري احب الي من انس الصديق ورزمة كاغد في البيت عندي احب الي عجن الدقيق ولطمة عالم في الخد مني الذ لدي من شرب الرحيق ولا تعجب فما هذه الاحوال الى مس عشق العين. فابن القيم يقول في روضة المحبين. واما عشاق العلم فاعظم شرفا به وعشقا له كل عاشق بمعشوقه وكثير منهم لا يشغله عنه اجمل صورة من البشر فاين هذا الشغف يا طلاب العلم فاين هذا الشغف يا طلاب العلم ممن يقدم حظه ممن يقدم حظه من عرسه على حظه من درسه. ويكون من السمان وانشروا في القمراء احب اليه من الجلوس للعلماء وتقوى عزيمته للتنقل في الفلوات ولا تقوى على السير في نقل المعلومات نشيطا لقوس الطير ويرقد كسلا عن صيد الخير. فما حظ هؤلاء وكثير هم؟ ما حظهم من تعظيم العلم وقلوب مأسورة بمحبة غيره ذكر المصنف وفقه الله المعقد التاسع عشر من معاقد تعظيم العلم وهو شغف القلب بالعلم وغالبته عليه اي محبة العلم حتى يبلغ شغف القلب. وشغف القلب باطنه. ويكون ذلك للمحبة الثاوية فيه. اذا بلغت اصله. فمن مع عقد تعظيم العلم ان يحبه صاحبه محبة عظيمة تنزل نفسها او رحالها في قلبه. ثم ذكر ان المرء يحظى بلذة العلم باحراز ثلاثة امور ذكرها ابن القيم في مفتاح دار السعادة احدها بذل الوسع وهو الطاقة. والجهد فيه وثانيها صدق الطلب وثالثها صحة النية والاخلاص ثم قال ولا تتم هذه الامور الثلاثة الا مع دفع كل ما يشغل عن القلب. ثم ذكر من اخبار في الاوائل الماضين من اناث هذه اللذة والشغف بالعلم ما يخبر عنها حتى في احوال الملوك وذكر خبر ابي جعفر المنصور الخليفة العباسي انه لما ذكر اللذات ذكر انه بقيت خصلة ان اقعد على مصطبة وحولي اصحابها الحديث. اي ان يجلس على مكان مرتفع وقد احاط به اصحاب الحديث ليكتبوا اذا عنه الى اخر ما ذكره في الحكاية ثم ذكر ان هذه الاحوال داعيها هو عشق العلم وغلبته على القلب ثم اشار الى احوال مردودة لبعض المنتسبين الى العلم تدل على ضعف محبتهم له وكان منها قوله ويكون جلوسه الى السمار اي اصحاب الثمر في الليل. وشيوخ القمراء احب اليه من الجلوس الى العلماء وشيوخ القمراء كما قال محمد بن عقبة الشيباني هم شيوخ دهريون اي قد امتدت اعمارهم يجتمعون في ليالي القمر اي في الليالي المقمرة. فيتحدثون بايام الخلفاء ولا يعرف احدهم كيف يتوضأ رواه عنه الرامى رمزي في المحدث الفاصل فيكون عند بعض الناس محبة الجلوس الى هؤلاء الطغاة من العوام الذين يذكرون الاخبار والقصص اكثر تعظيما عنده ومحبة من الجلوس عند وامضاء الوقت في العلم وتجده مع ذلك منتسبا الى اهله. فهذا كاذب الدعوة في محبة العلم وترى هذا ظاهرا في اناس ينفرون من مجالس العلم اذا طالت. ثم تراهم يبقون هزيعا طويلا من الليل وهم حدثونا في امور لا تنفعهم ويتجاذبون اطراف الحديث في شيء كثير الفساد لهم. فهؤلاء قد حرموا لذة العلم. نعم