احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعاقد المنشور حفظ الوقت في النعيم اذا كان العين اشرف مطلوب والعمر يقواك جديد يا دوب فعين العقل حفظ الوقت فيه والخوف من تقضيه بلا فائدة. والسؤال عنه يوم القيامة يحملني واياك على المبالغة في رعايته قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد خاطره ينبغي للانسان ان يعرف شرف زمانه وقدر وقته فلا يضيع منه لحظة في غير عقوبة ويقدم فيه الافضل فالافضل من القول والعمل. ومن هنا عظمت رعاية العلماء للوقت حتى قال محمد بن عبد الباقي البزاز ما ضيعت من عمري في لهو او لعب. وقال ابو الوفاء ابن عقيل رحمه الله الذي صنف كتاب الفنونين في ثمان مئة مجلد. اني لا يحل لي ان عن ساعة من عمري وبلغت بهم الحال ان يقرأ عليهم حال الاكل. فلقد كان احمد بن سليمان البلقاسي المتوفى ثمانية وعشرين سنة يقرأ القراءات في حال اكله خوفا من ضياع وقته في غيرها. فكان اصحابه يقرأون عليه وهو يتناول مأكله واشربه بل كان يقام عليه من في دار الخلاء فكان ابن تيمية الجد اذا دخل الخلاء لقضاء حاجة قال لبعض من حوله يقرأ في هذا الكتاب وارفع صوتك. وتجلت هذه الرعاية الوقت عند القوم رحمهم الله في معالم عدة لم تبلغ عن حضارات الانسانية قاطبة منها كثرة دروسهم فقد كان النووي يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على مشايخه والشوكاني صاحب نيل الاوطار تبلغ دروسه في اليوم والليلة ثلاثة عشر درسا مما يأخذه عن مشايخه ومنها ما يأخذه عنه تلامذته وارضى محمود الالوسي صاحب التفسير عليهم جميعا. فقد كان يدرس في اليوم اربعة وعشرين درسا. ولما اشتغل التفسير والافتاء نقصت الى ثلاثة عشر درسا. ثم رأيت في ترجمة محمد بن ابي بكر في جماعة ان دروسه تبلغ في اليوم والليلة نحو خمسين درسا ومنها كثرة مدروساتهم. فقد درس ابن التبان المدونة نحو الف مرة. وربما وجد في بعض كتب عباس ابن الفارسي بخطه درسته الف مرة وكبر غالب عبد الرحمن المعروف بن عطية واله صاحب التفسير المشهور صحيح البخاري سبعمائة مرة ومنها كثرة مكتوباتهم فاحمد بن عبد المقدسي احد شيوخ العلم من الحنابلة كتب بيده ايقين جللت ووقع مثله بابن الجوزي ومنها كثرة مقروءاته فابن الجوزي الا وهو بعد في الطلب عشرين الف مجلد. ومنها كثرة شيوخهم. فالذين جاوز عدد شيوخهم الالف كثير في هذه الامة. واعجب ما ذكر ان ابا سعد السمعاني بلغ عدد شيوخه سبعة الاف شيخ قالوا النجار في ذيل تاريخ بغداد وهذا شيء لم يبلغه احد ومنها كثرة مسموعاتهم ومقروءاتهم على من التصانيف المطولة والاجزاء الصغيرة. فقد تعد بالالاف المؤلفة كما وقع المذكور وصاحبه ابن عساك في جماعة اخرين. ومنها كثرة مصنفاتهم حتى عدت الف مصنف لجماعة من علماء هذه الامة منهم عبدالملك بن حبيب العالم الاندلس وابو الفرج ابن الجوزي. فاحفظ ايها الطالب وقته. فلقد ابلغ الوزير الصالح بن هبيرة في نصحك بقوله والوقت انفس ما عنيت بحفظه واراه واسهل ما عليك يضيع. ذكر المصنفون وفقه الله المعقد المتمم العشرين. وهو حفظ الوقت في العلم لان العلم اشرف مطلوب والعمر قواك جليد يذوب فلا يمكن احراز العلم الا بحفظ الوقت فيه. ومن هنا عظمت عناية العلماء بالوقف وبلغت بهم الحال ان يقرأ عليهم حال الاكل. بل كان يقرأ عليهم حال الخلاء كالمذكور هنا عن ابن تيمية الجد وغيره فيكون القارئ خارج الكنيف مباعدا له ويقرأ حفظا للوقت على من يريد القراءة عليه ثم ذكر جملة من المعالم التي برز فيها سلف هذه الامة وائمتها في حفظ الوقت حتى صارت اعلاما شهيرة فيهم لا توجد عند غيرهم ككثرة دروسهم او كثرة مصنفاتهم او كثرة مقروءاتهم او كثرة شيوخهم مما لا ينال الا بحفظ الوقت. ثم ختم ببيت شهير للوزير الصالح بن هبيرة انه كان يقول والوقت وانفس ما عنيت بحفظه اي شغلت بحفظه. واراه اسهل ما عليك يضيع. واراه بالظم يعني اظنه والله بالظم يعني اظنه. ويصح ان يكون بالفتح واراه. اي اعلمه. نعم