ثم قال الله تعالى الم تر الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يدعون الى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون الم تر الاستفهام هنا للتعجب فان هذه الحال يتعجب يتعجب منها كل عاقل وترى يحتمل ان يكون رؤية عين ويحتمل ان يكون رؤية علم والثاني اولى لانه اشمل ولانه يتعلق بالحال والحال تعلم وليست ترى بالعين يعني الم تعلم الى هؤلاء الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يعني اوتوا نصيبا من العلم والذين اتاهم والذي اتاهم النصيب هو الله عز وجل وحذفه للعلم به لان الله تعالى هو الذي يؤتي العلم قال الله تعالى يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد اتى فقد اوتي خيرا كثيرا وقال قال تعالى وعلمناه من لدنا علما فالذي يوتي النصيب من العلم هو الله عز وجل وقوله نصيبا من الكتاب يفيد التقليل او التكثير يحتمل ان يكون المراد اوتوا نصيبا كبيرا من الكتاب بحيث يكون حاملا لهم على الاهتداء ولكنهم والعياذ بالله استكبروا ويحتمل انه ليس عندهم الا علم قليل وانه لو فرض ان عندهم علما كثيرا فان هذا العلم لم ينفعهم فصاروا كالذي اوتي نصيبا قليلا من العلم وقوله يدعون الى كتاب الله هذا محل التعجب يعني انهم مع ما عنده من العلم يدعون الى كتاب الله والداعي لهم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن دعا بدعوته الى يوم القيامة هؤلاء يدعون الى كتاب الله ليحكم بينهم اسناد الحكم هنا يحتمل ان يكون الى الله عز وجل ليحكم الله عنه بينهم بكتابه ويحتمل ان يكون الى الكتاب واسند الحكم اليه لان الحكم صار به وايظاف الشيء الى تبى به كثيرا على كل حال سواء قلنا ان الظمير فيه يحكم يعود الى الله او قلنا انه يعود الى الكتاب هؤلاء يدعون الى كتاب الله ليحكم بينهم ولكنهم لا يقبلون هذا ولهذا قال ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون يتولى فريق منهم لا كلهم لان بعضهم قد هدي بعض هؤلاء الذين اوتوا نصيبا من الكتاب قد هداهم الله وهم كثير لكن تولى فريق منه ومع توليهم فانهم معرضون والعياذ بالله ليس عندهم اقبال لا في الظاهر ولا في الباطن بل هم متولون معرضون وانما قال وهم معرضون وهي جملة حالية من طريق انما قال ذلك لان الانسان قد يتولى لسبب طارئ لكن في قلبه شيء من الاقبال اما هؤلاء فانهم متولون وهم قد امتلأوا اعراظا عن كتاب الله ليحكم بينهم وهنا يقول يتولى فريق منهم وهم معرضون كيف صحت الحال من النكرة طريق ها هل هو ما يبين هيئة الفعال؟ اي نعم او معرفة لا لا ما يبين اي لكن الفاعل لا بد ان يكون معرفة او نكرة فيها سبب نعم لانها موصوفة فريق منهم واذا وصفت النكرة تخصصت فصارت شبيهة بالمعرفة ثم يتولد فيقومهم ذلك بانهم قالوا لن تمسنا النار الا ايام معدودات ذلك المشار اليه التولي والاعراض لانهم خدعوا انفسهم وقالوا لن تمسنا النار اي لن تصيبنا الا اياما معدودات ايام من قلائل لان كل معدود فهو قليل ودليل ذلك قوله تعالى وما نؤخره الا لاجل معدود وقال قل متاع الدنيا قليل فكل شيء معدود فهو قليل لان شيئا يمضي بالعدد واحد اثنين ثلاثة اربعة لابد ان ينتهي هؤلاء يقولون لن تمسنا النار الا اياما معدودات ثم من يخلفهم بعده؟ من يخلفهم فيها يدعون ان الذي يخلفهم النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه وهؤلاء هم اليهود قالوا زعما منهم ودعوة مردودة قالوا انهم يدخلون النار ولكنهم لا يمكثون فيها الا اياما معدودة ثم يخلفهم النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه فيها ابد الابدين وكذبوا في ذلك فهم ستمسهم النار ويبقون فيها ابد الابدين لكن غروا انفسهم وخدعوا عوامهم بهذا القول الكاذب المفترض لانهم قالوا لن تمسنا النار الا اياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون غرهم الغرور والخداع بمعنى واحد متقارب يعني ان هؤلاء خدعوا او انخدعوا في دينهم حيث ظنوا انهم على حق وبعضهم عاند الحق عالما به مفتريا كذابا غرهم في دينهم ما كانوا يفترون اي الذي كانوا يفترونه ومنه قولهم لن تمسنا النار الا اياما معدودات ناخذ الفوائد في المستقبل ولا الان ها؟ نعم فكيف اذا جمعناهم؟ نعم فكيف اذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون اي فكيف تكون حاله كيف تكون حالهم في هذا في هذا الوقت اذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه والاستفهام للتعظيم يعني ما اعظم ما تكون حالهم في تلك اليوم وما اشد حسرتهم اذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه اي جمعناهم لهذا اليوم اي فيه واللام تأتي دائما بمعنى في ويسمونها لام التوقيت ومنها قوله تعالى يا ايها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن اي في قبل عدتهم اي في استقبال عدتهم فاليوم لا ريب فيه اي جمعوا لهذا اليوم اي فيه وهو يوم القيامة وقوله لا ريب فيه اما انه خبر بمعنى النهي بمعنى النهي المعنى لا ترتابوا فيه او انه خبر على حقيقته والمعنى ان الله عز وجل يخبر عن هذا اليوم بانه لا ريب فيه اي لا ريب في وقوعه وهذا اليوم قد دل عليه الكتاب والسنة الكتاب والسنة والعقل اما الكتاب فما اكثر الايات التي فيها اثبات اليوم الاخر وما اكثر الامثال التي يضرب الله يضربها الله عز وجل لاثبات هذا اليوم في باعة الخلائق واما في السنة فكثير ايضا فاتها بات هذا اليوم واما في العقل فلان العقل يدل بالظرورة على ان هذه الخليقة لابد ان يكون لها معاد يحاسب عليه على ما امرت به لانه ليس من المعقول ان ينشأ الله خليقة يأمرها وينهاها ويبعث اليها الرسل وينزل عليها الكتب ويستباح دماء من لم ينقض لهذه الكتب ويتبع هؤلاء الرسل ثم تكون النتيجة ان تموت هذه البشرية ولا تبعث تكون ترابا لو وقع هذا الفعل من اي احد لقيل هذا سفه من اشبه السفه لو ان الانسان صنع ثوبا وخاطب واتقنه ومن احسن ما يكون ثم في النهاية احرقه وتلف ولم يبق له اثر لعد الناس كلهم هذا سفها فكيف بهذه الخليقة التي خلقها الله عز وجل وانزل عليها الكتب وارسل اليها الرسل اباح دماء واموال من لم ينقض لهذه الكتب ويتبعه هؤلاء الرسل ثم تكون النتيجة ان تتلف هذه الخليقة بدون اي معاقبة واي حساب الكتاب والسنة والاجماع والعقل كلها دلت على ثبوت هذا اليوم الذي قال الله فيه فكيف اذا جمعناهم اليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون وفيت يعني اعطيت ومنه قوله موفاه حقه اي اعطاه حقه وافيا وقوله كل نفس كل نفس من البشر ها او من غيرهم من البشر والجن يعني من المكلفين الذين امروا ونهوا هم الذين يوفون اجورهم اما من لا من لم يتوجه اليه امر ولا نهي فانهم يجمعون يوم القيامة ولكن ليس لهم اعمال يجازون عليها فلا يشملهم قوله توفيت كل نفس ما كسبت كيف تكون حال هؤلاء الذين تولوا وهم معرضون تكون اسوأ حال والعياذ بالله لانهم ينظرون الى الناس وقد جوزوا بالثواب العظيم والى انفسهم وقد جوزوا بالعذاب المهين فتكون عليه اعمالهم حسرات عليهم والعياذ بالله يوم القيامة ولا يستفيدون لا من دنياهم ولا من اخراهم وقولك كل نفس ما كسبت يعني من خير او شر بدليل العموم في كلمة ماء ولكن كيف توفى اما الخير فيوفى العامل الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة واما في الشر فيوفى السيئة بمثلها ان لم يعفو الله قد يعفو الله عنه وقد يكون له اعمال صالحة تكفر هذه السيئات فجزاء الله عز وجل وتوفيته للاعمال دائر بين الفضل والعدل بين الفضل في اهل الخير والعدل في اهل السوء اما القسم الثالث وهو الجور والظلم فهذا ممتنع ولهذا قال وهم لا يظلمون لا يظلمون فلا ينقص احد من حسناته ولا يزاد في سيئاته ونحن نعلم ان من اوفى غيره حقه فان فلا يخلو من ثلاث حالات اما ان نوفيه بالفضل او بالعدل او للجواب الا الله عز وجل فانه فان وفاءه دائر بين العدل والفضل واما الجو والظلم فهذا ممتنع انتم عليه كقوله تعالى ولا يظلم ربك احدا وما ربك بظلام للعبيد ومن يامنا الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هظما وفي الحديث القدسي ان الله تعالى قال يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا